الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2- تكفيرهم أهل البيت:
هذه الرّوايات التي تحكم بالرّدة على ذلك المجتمع المثالي الفريد، ولا تستثني منهم جميعًا إلا سبعة في أكثر تقديراتها، لا تذكر من ضمن هؤلاء السّبعة أحدًا من أهل بيت رسول الله باستثناء بعض روايات عندهم جاء فيها استثناء علي فقط، وهي رواية الفضيل بن يسار عن أبي جعفر قال: صار الناس كلهم أهل جاهلية إلا أربعة: علي، والمقداد، وسلمان، وأبو ذر. فقلت: فعمار؟ فقال: إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شيء فهؤلاء الثلاثة (1) .
فالحكم بالرّدّة في هذه النّصوص شامل للصّحابة وأهل البيت النّبويّ من زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته، مع أن واضعها يزعم التشيع لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل هذا إلا دليل واضح على أن التشيع إنما هو ستار لتنفيد أغراض خبيثة ضد الإسلام وأهله، وأن واضعي هذه الروايات أعداء للصحابة وللقرابة؟
ولا يستعبد - كما سبق - أن تلك الأسماء التي تستثنى هي «أسماء مستعارة» للزنادقة الذين يشكلون الخلية الأولى "للرفض"، ولا يعني بهم الصحابة، وإلا لماذا لم يذكر أحد معهم من أهل البيت؟ ولماذا هؤلاء الصحابة الذين يستثنون ما ظهر منهم منابذة ومناوأة للخليفتين الراشدين بل ظهر منهم الحب والمؤازرة؟!
لقد حكموا بالردة في نصوصهم التي مر ذكرها، على الحسن والحسين وآل عقيل وآل جعفر، وآل العباس، وزوجات رسول الله أمهات المؤمنين.
بل إن الشيعة خصت بالطعن والتكفير جملة من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كعم النبي العباس، حتى قالوا بأنه نزل فيه قوله سبحانه:{وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} (2) .
وكابنه عبد الله بن عباس
(1) تفسير العياشي: 1/199، البرهان: 1/319، تفسير الصافي: 1/389
(2)
رجال الكشي: ص53، والآية (72) من سورة الإسراء
حبر الأمة وترجمان القرآن، فقد جاء في الكافي ما يتضمن تكفيره، وأنه جاهل سخيف العقل (1) . وفي رجال الكشي:"اللهم العن ابني فلان واعم أبصارهما، كما عميت قلوبهما.. واجعل عمى أبصارهم دليلاً على عمى قلوبهما"(2) .
وعلق على هذا شيخهم حسن المصطفوي فقال: "هما عبد الله بن عباس وعبيد الله بن عباس"(3) .
وبنات النبي صلى الله عليه وسلم يشملهن سخط الشيعة وحنقهم، فلا يذكرن فيمن استثنى من التكفير، بل ونفى بعضهم أن يكن بنات للنبي صلى الله عليه وسلم ما عدا فاطمة (4) . - فهل يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقول فيه وفي بناته هذا القول؟!
وقد نص صاحب الكافي في رواياته على أن كل من لم يؤمن بالاثني عشر فهو كافر، وإن كان علويًا فاطميًا (5) ، وهذا يشمل في الحقيقة التكفير لجيل الصحابة ومن بعدهم بما فيهم الآل والأصحاب؛ لأنهم لم يعرفوا فكرة "الاثني عشر" التي لم توجد إلا بعد سنة (260هـ) .
كما باءوا بتفكير أمهات المؤمنين أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إذ لم يستثنوا واحدة منهن في نصوصهم.. ولكنهم يخصون منهن عائشة (6) . وحفصة (7) .رضي الله عنهن جميعًا - بالذم واللعن والتكفير.
وقد عقد شيخهم المجلسي بابًا بعنوان "باب أحوال عائشة وحفصة" ذكر فيه (17) رواية (8) ، وأحال في بقية
(1) أصول الكافي: 1/247
(2)
رجال الكشي: ص53
(3)
رجال الكشي: ص53 (الهامش)
(4)
انظر: جعفر النجفي/ كشف الغطاء: ص5، حسن الأمين/ دائرة المعارف الإسلامية، الشيعة: 1/27
(5)
انظر: الكافي، باب من ادعى الإمامة وليس لها بأهل، ومن جحد الأئمة أو بعضهم، ومن أثبت الإمامة لمن ليس لها بأهل: 1/372-374
(6)
انظر: أصول الكافي: 1/300، رجال الكشي: ص57-60، بحار الأنوار: 53/90
(7)
انظر: بحار الأنوار: 22/246
(8)
بحار الأنوار: 22/227-247
الروايات إلى أبواب أخرى (1) ، وقد آذوا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل بيته أبلغ الإيذاء.
حتى اتهموا في أخبارهم من برأها الله من سبع سماوات؛ عائشة الصديقة بنت الصديق بالفاحشة، فقد جاء في أصل أصول التفاسير عندهم (تفسير القمي) هذا القذف الشنيع (2) المتضمن تكذيب القرآن العظيم، قال ابن كثير في تفسير سورة النور: "أجمع أهل العلم رحمهم الله قاطبة على أن من سبها ورماها بما
(1) حيث قال: "قد مر بعض أحوال عائشة في باب تزويج خديجة، وفي باب أحوال أولاده صلى الله عليه وسلم في قصص مارية وأنها قذفتها فنزلت فيها آيات الإفك (انظر كيف يقلبون الحقائق) وسيأتي أكثر أحوالها في قصة الجمل"(بحار الأنوار: 22/245)
(2)
ونص ذلك: "قال علي بن إبراهيم في قوله: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا} التّحريم، آية:11
…
ثم ضرب الله فيهما (يعني عائشة وحفصة زوجتي رسول الله مثلاً فقال: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا}
…
التّحريم، آية10
…
قال: والله ما عنى بقوله {فَخَانَتَاهُمَا} إلا الفاحشة، وليقيمنّ الحدّ على فلانة فيما أتت في طريق البصرة، وكان فلان يحبّها، فلمّا أرادت أن تخرج إلى البصرة قال لها فلان: لا يحلّ لك أن تخرجين - كذا - من غير محرم فزوّجت نفسها من فلان..
هذا نصّ القمّي كما نقله عنه المجلسي في بحار الأنوار: 22/240، أمّا تفسير القمّي فقد جاء فيه النّصّ، إلا أنّ المصحّح حذف اسم البصرة الذي ورد مرّتين ووضع مكانه نقط (انظر: تفسير القمّي 2/377) .
والنص فيه عدم التصريح بالأسماء، فقوله:"ليقيمن الحد" من الذي يقيم؟ وقوله: "فلان، وفلانة" من هما؟ لكن شيخ الشيعة المجلسي كشف هذه التّقية وحلّ رموزها وذلك لأنه يعيش في ظل الدولة الصفوية فقال: قوله: وليقيمنّ الحدّ أي القائم عليه السلام في الرّجعة كما سيأتي (وقد نقلت ذلك عن المجلسي في فصل الغيبة، وصرّح بالاسم وأنّها عائشة أمّ المؤمنين، إلا أنه قال بأنه بسبب ما قالته في مارية، فلم يجرؤ أن يصرح مع ذكر الاسم بما صرح به هنا من القذف الصريح) والمراد بفلان طلحة (بحار الأنوار: 22/241) .
هذا النص كما ترى قد جاء في تفسير القمي الذي يوثقه شيوخهم المعاصرون، ولم يتعقبه المصحح والمعلق على تفسير القمي بشيء، فهو عار يلف السابقين والمعاصرين من شيوخهم، إلا أن المعلق على البحار عقب على النص المذكور بالدفاع عن شيخهم القمي لا الدفاع عن عائشة أم المؤمنين، وأم المؤمنين لا تحتاج إلى شهادة أحد بعد شهادة الله لها.. ولكن نذكر ذلك لبيان عظيم جرمهم.
رماها به بعد هذا الذي ذكر في الآية فإنه كافر، لأنه معاند للقرآن" (1) .
وقال القرطبي: "فكل من سبها مما برأها الله منه مكذب لله، ومن كذب الله فهو كافر"(2) .
هذا وظاهرة التكفير عند الشيعة لا تخص جيل الصحابة، وإن كان الصحابة ينالهم النصيب الأوفى من السب والتكفير باعتبار أنهم حملة الشريعة، ونقلة الكتاب والسنة، والمبلغون عن رسول الله دين الله، ولذلك صار "الطعن فيهم طعن في الدين"(3) . وكان هذا هو هدف الزنادقة من وراء الحملة الضارية عليهم، ولكن سلسلة التكفير عند الشيعة مستمرة.
فكما قالت كتب الشيعة: إن الناس ارتدوا بعد وفاة الرسول إلا ثلاثة، قالت أيضًا:"ارتد الناس بعد قتل الحسين إلا ثلاثة: أبو خالد الكابلي، ويحيى أم الطويل، وجبير بن مطعم"(4) .
فأنت ترى أن هذا النص لا يستثني أحدًا من أهل البيت ولا الحسن بن علي الذي تعده الاثنا عشرية إمامها، ويبدو أنها لا تستثنيه لأنها عليه ساخطة لقيامه بمصالحة معاوية حتى خاطبه بعض الشيعة بقوله:"يا مذل المؤمنين"(5) ، ووثب عليه أهل عسكره فانتهبوا فسطاطه، وأخذوا متاعه، وطعنه ابن بشير الأسدي في خاصرته فردوه جريحًا إلى المدائن (6) .
(1) تفسير ابن كثير: 3/289-290، وانظر: الصارم المسلول لابن تيمية ص571
(2)
تفسير القرطبي: 12/206
(3)
ابن تيمية/ منهاج السنة: 1/5
(4)
رجال الكشي: ص123، أصول الكافي: 2/380
(5)
انظر: رجال الكشي: ص111
(6)
انظر: المصدر السابق: ص113