الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كفر، لأنه من المعلوم من الدين بالضرورة أن الإيمان بالله ورسوله أهم من مسألة الإمامة (1) .
وإذا كانت الإمامة بهذه المثابة التي يزعمون، فأبعد الناس عنها الرافضة الذين يرون أن كل راية ترفع قبل قيام "المعدوم" والذي يسمونه المنتظر هي راية جاهلية (2) ، ويكفرون بما وراءه من الخلفاء ما عدا خلافة علي والحسن.
كما أن مجرد المعرفة للأئمة لا يحصل بها نيل درجة الكرامة، لأن هذا لا يحصل بمجرد معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم إذا لم يطع أمره ويتبع قوله (3) .
المسألة الثالثة: القول بالإرجاء
هذا وإذا كان الإيمان عندهم هو الإقرار بالأئمة الاثني عشر، فقد أصبح معرفة الأئمة عندهم كافية في الإيمان ودخول الجنان، فأخذوا بمذهب المرجئة (4) . رأسًا. ولهذا عقد صاحب الكافي بابًا بعنوان:"باب أن الإيمان لا يضر معه سيئة، والكفر لا ينفع معه حسنة"(5)، وذكر فيه ستة أحاديث منها قول أبي عبد الله:"الإيمان لا يضر معه عمل، وكذلك الكفر لا ينفع معه عمل"(6) . والإيمان حسب مصطلحهم هو حب الأئمة أو معرفتهم.
(1) انظر: منهاج السنة: 1/20
(2)
انظر: الغيبة للنعماني، باب في أن كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت، ص7
(3)
انظر: منهاج السنة: 1/31
(4)
المرجئة: هم الذي يؤخرون العمل عن الإيمان، ويجعلون الإيمان هو مجرد المعرفة بالله سبحانه، ومنهم من يقول: إنه لا يدخل النار أحد من أهل القبلة مهما ارتكب من المعاصي.
انظر عن المرجئة: مقالات الإسلاميين: 1/213-234، الملل والنحل: 1/139-146، الفرق بين الفرق ص202-207، التنبيه والرد ص43، التبصير في الدين ص59، البدء والتاريخ: 5/144، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص107، الخطط للمقريزي: 2/349-350
(5)
أصول الكافي: 2/463
(6)
أصول الكافي: 2/464
وحين قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن أكثر الشيعة يعتقدون أن حب علي حسنة لا يضر معها سيئة"(1) .
رد عليه بعض شيوخهم وآياتهم في هذا العصر فقال: "ما نسبه إلى كثير من الشيعة من القول بأن حب علي حسنة ليس يضر معه سيئة، فإنه بهتان منه، فإنهم جميعًا متفقون على ذلك، فتخصيصه الكثير منهم بهذه العقيدة ليس له وجه سوى الكذب"(2) .
قال شيخ الإسلام: "وإذا كانت السيئات لا تضر مع حب علي، فلا حاجة إلى الإمام المعصوم الذي هو لطف في التكليف، فإنه إذا لم يوجد إنما توجد سيئات ومعاص، فإذا كان حب علي كافيًا فسواء وجد الإمام أو لم يوجد"(3) . فصارت مسألة إمامة المعصوم المبنية على قاعدة اللطف منقوضة بمسألة المحبة المجردة، وكل قول عندهم لابد أن يهدم قولاً آخر وهكذا الشأن في كل دين ليس من عند الله سبحانه.
ولعلهم يفارقون المرجئة من حيث إن المرجئة تقول: الإيمان هو المعرفة بالله، وهم يقولون: الإيمان معرفة الإمام أو حبه.
وأخبارهم في هذا الباب كثيرة في عشرات من الأحاديث، فقد جاء عندهم "وهل الدين إلا الحب" (4) . وذكر المجلسي (154) رواية في باب بعنوان:"باب ثواب حبهم وولايتهم وأنهم أمان من النار"(5)، كما جاء في عنوان آخر:"أن ولايته (يعني عليًا) عليه السلام حصن من عذاب الجبار، وأنه لو اجتمع الناس على حبه ما خلق الله النار"(6) ، وجاء في أحاديثهم "لا يدخل الجنة إلا من أحبه
(1) منهاج السنة: 1/31
(2)
محمد مهدي الكاظمي/ منهاج الشريعة في الرد على ابن تيمية: 1/98
(3)
منهاج السنة: 1/31
(4)
تفسير العياشي: 1/167، بحار الأنوار: 27/95
(5)
بحار الأنوار: 27/73-144
(6)
بحار الأنوار: 39/32
من الأولين والآخرين، ولا يدخل النار إلا من أبغضه من الأولين والآخرين" (1) .
وعلى هذا التقدير سقط الإيمان بالله ورسوله، وجميع العقائد الدينية، وجميع التكليفات والأحكام الشرعية، ولم يبق في شريعة الإسلام غير حب علي، وهذه المفتريات قد أضلت كثيرًا ممن يحب الإباحة ويتبع الشهوات (2) .
وهذه الروايات يلزم منها أن القرآن لم ينزل لهداية الخلق، بل لضلالتهم؛ إذ لم يذكر فيه حب علي وبغضه مع أنه هو أصل دخول الجنة أو دخول النار.
قال السويدي: "وإذا كان حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم غير كاف في النجاة والخلاص من العذاب بلا إيمان وعمل صالح فكيف يكون حب علي كافيًا، وهذا مخالف لقوله سبحانه:{مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} (3) . وقوله: {وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (4) .؟ بل مخالف لأصولهم ورواياتهم، أما المخالفة للأصول، فلأنه إذا ارتكب رافضي الكبائر ولم يعاقبه الله على ذلك يلزم ترك الواجب على الله تعالى عندهم.
وأما المخالفة للروايات فلأن عليًا والسجاد والأئمة الآخرين قد روي عنهم في أدعيتهم الواردة عندهم بطرق صحيحة البكاء والاستعاذة من عذاب الله تعالى، وإذا كان مثل هؤلاء الأئمة الكرام خاشعين خائفين من عذاب الله فكيف يصح لغيرهم أن يغتر بمحبتهم ويتكل عليهم في ترك العمل (5) .؟ ". وانظر في قولهم:"إنه لا يدخل النار إلا من أبغضه من الأولين والآخرين" تجد أنه يدل صراحة على أنه لا يدخل النار مثل فرعون وهامان وقارون وسائر رؤساء الكفر وأتباعهم من الأمم الماضية لأنهم لم يبغضوا عليًا، بل لم يعرفوه، فانظر كيف أدى بهم الغلو.
ولا شك أن هذه مقالة لا يتكلف في ردها، لأنه معلوم بطلانها من الإسلام
(1) علل الشرائع: ص162
(2)
نقض عقائد الشيعة للسويدي، الورقة: 34 (مخطوط)
(3)
النساء، آية: 123
(4)
الزلزلة، آية: 8
(5)
نقض عقائد الشيعة، الورقة: 34، 35