الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس: الظهور
أي ظهور الأئمة بعد موتهم لبعض الناس ثم عودتهم لقبورهم، وهذه العقيدة غير رجعة الأئمة، وقد بوب لها المجلسي بعنوان "باب أنهم يظهرون بعد موتهم، ويظهر منهم الغرائب"(1) . فالأئمة يظهرون بعد موتهم، ويراهم بعض الناس، وهذا الظهور غير مرتبط بوقت معين كالرجعة بل هو خاضع لإرادة الأئمة، حتى نسبوا لأمير المؤمنين أنه قال:"يموت من مات منا وليس بميت". وتذكر أساطيرهم أن أبا الحسن الرضا كان يقابل أباه بعد موته، ويتلقى وصاياه وأقواله (2) .
ويزعم بعض الشيعة أنه دخل على أبي عبد الله فقال له (أي أبو عبد الله) : تشتهي أن ترى أبا جعفر (بعد موته) ؟ قال: "قلت: نعم، قال: قم فادخل البيت، فدخلت فإذا هو أبو جعفر"(3)، ويزعم آخر بأنه دخل على أبي الحسن فقال له: أتحب أن ترى أبا عبد الله؟ يقول: فقلت: وددت والله، فقال: قم وادخل ذلك البيت، فدخلت البيت فإذا أبو عبد الله عليه السلام قاعد (4) .
"وقال أبو عبد الله - كما يفترون -: أتى قوم من الشيعة الحسن بن علي عليه السلام بعد قتل أمير المؤمنين عليه السلام فسألوه فقال: تعرفون أمير المؤمنين إذا رأيتموه؟ قالوا: نعم، قال: فارفعوا الستر، فعرفوه (5) . فإذا هم بأمير المؤمنين عليه
(1) بحار الأنوار: 27/303-304، بصائر الدرجات: ص78
(2)
بحار الأنوار: 27/303، بصائر الدرجات: ص78
(3)
بحار الأنوار: 27/303، بصائر الدرجات: ص78
(4)
بحار الأنوار: 27/303، بصائر الدرجات: ص78
(5)
كذا في الأصل، وقد تكون "فرفعوه"
السلام لا ينكرونه" (1) . بل وتمتد عقيدتهم هذه لتدعي أيضًا أن الأموات من الأولين يظهرون لهم، جاء في بصائر الدرجات ".. عن عثمان بن عيسى عمّن أخبره!! عن عباية الأسدي قال: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام وعنده رجل رث الهيئة، وأمير المؤمنين عليه السلام مقبل عليه يكلمه، فلما قام الرجل قلت: أي أمير المؤمنين، من هذا الذي أشغلك عنا؟ قال: هذا وصي موسى عليه السلام" (2) .
وتزعم رواياتهم أن عليًا كان يذهب إلى مقبرة اليهود وأنه خاطب أهل القبور "فأجابوه من جوف القبور: لبيك لبيك مطاع، فقال: كيف ترون العذاب؟ فقالوا: بعصياننا لك كهارون، فنحن ومن عصاك في العذاب.."(3) .
كما تدعي رواياتهم بأن رسول الله ظهر بعد موته ليأمر أبا بكر بطاعة علي (4) . وأن أبا بكر وعمر يظهران للأئمة في كل موسم حتى يرمونهما بالحجارة أثناء رم الجمار (5)، ولهذا قام محمد الباقر - كما يفترون عليه - برمي خمسة أحجار في غير موضع الجمار ولما قيل له في ذلك قال:"إذا كان كل موسم أخرجا الفاسقين الغاصبين (6) ، ثم يفرق بينهما ههنا لا يراهما إلا إمام عدل، فرميت الأول اثنتين والآخر ثلاثة، لأن الآخر أخبث من الأول"(7) .
هذه بعض أخبارهم في هذه "المقالة". وقد ذكر المجلسي بأنه "أورد أكثر أخبار هذا الباب في باب البرزخ، وباب كفر الثلاثة، وباب كفر معاوية، وأبواب معجزات أمير المؤمنين وسائل الأئمة عليهم السلام"(8) . فأخبارهم في شأن هذه
(1) بحار الأنوار: 27/303، بصائر الدرجات: ص78
(2)
بصائر الدرجات: ص81، بحار الأنوار: 27/305
(3)
كنز الفوائد: ص82، بحار الأنوار: 27/306
(4)
انظر: بحار الأنوار: 27/ 304، بصائر الدرجات: ص78
(5)
انظر: بحار الأنوار: 27/305-306، بصائر الدرجات: ص82
(6)
هكذا في المصدر المنقول عنه، وفي نسخة أخرى - كما أشار في الهامش - أخرجا الفاسقان الغاصبان. (انظر: بحار الأنوار: 27/305، تعليقه رقم (6)
(7)
بحار الأنوار: 27/305-306، بصائر الدرجات: ص82
(8)
بحار الأنوار: 27/307
الخرافة متكاثرة، وقد ذكر المجلسي أن هذا الظهور قد يكون في أجسادهم الأصلية، ثم قال:"والإيمام الإجمالي في تلك الأمور كاف للمتدين المسلم لما ورد عنهم، ورد علم تفاصيلها إليهم صلوات الله عليهم"(1) .
نقد هذه المقالة:
هذه المقالة لم أر من تعرض لها من ضمن معتقدات الشيعة.. مع أنها من مقالاتهم التي استفاضت أخبارها عندهم، وهي مقالة يكفي عرضها لبيان فسادها، فهي لا تتفق بأي حال مع النقل الصحيح ولا مع العقل الصريح ولا الفطر السليمة، وهي تقدح في المذهب الشيعي، وتلحقه في المذاهب الخرافية التي تعشعش في أذهان جملة من البشر. وهي مقالة من ضمن مقالات عديدة في هذا المذهب، تعتبر من البراهين على بطلانه، مثلها في ذلك مثل عقيدة الغيبة والرجعة والبداء.. إلخ.
وكثرة أخبارهم عندهم دليل واقعي حاسم على استفاضة الكذب عندهم، وأنه لا عبرة ولا صحة لرواياتهم ولو كثرت ما دامت تكثر في تأييد المقالات الخرافية التي يكذبها الواقع، والتي لو حدث شيء منها لاستفاض نقله بين المسلمين، ولم تنفرد بنقله شرذمة من الروافض.
ورجعة الأموات قبل يوم القيامة باطلة بالنقل وإجماع المسلمين - كما سلف - وهذه الخرافات تعتبر من فضائحهم وعوراتهم التي هي قائمة في مذهبهم، ولعلها من حكمة الباري سبحانه؛ إذ ما من قوم أرادوا أن ينسبوا لله دينًا ما أنزله إلا وفضحهم على رؤوس الشهاد، كما أثبتت ذلك الوقائع والأيام.
(1) بحار الأنوار: 27/307