الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سرية هذا المبدأ:
وكانت مسألة الإمامة بمفهوم الشيعة تعني أن هناك خلية سرية وضعت لأتباعها هذا المبدأ لتعمل على تقويض أركان الخلافة الإسلامية.. ولذلك فإنها ما إن كشفت هذا الوجه في عهد الخلافة الراشدة.. حتى وقف منها أمير المؤمنين عليّ موقفًا حازمًا وصارمًا.. فتعقب ابن سبأ ونفاه إلى المدائن، ونفى ما حاول إشاعته من أفكار في المجتمع الإسلامي.. كما تعترف بذلك كتب الشيعة نفسها (1) .
فعادت هذه الخلية تدعو لهذا المبدأ في سرية تامة، وكانت تقول في عصر علي الرضا كما يظهر من إسناد النص إليه، تقول:"ولاية الله أسرها إلى جبرائيل، وأسرها جبرائيل إلى محمد، وأسرها محمد إلى عليّ، وأسرها علي إلى من شاء الله، ثم أنتم تذيعون ذلك، من الذي أمسك حرفًا سمعه؟ "(2) .
قال أبو جعفر رضي الله عنه: "في حكمة آل داود ينبغي للمسلم أن يكون مالكًا لنفسه مقبلاً على شأنه عارفًا بأهل زمانه، فاتقوا الله، ولا تذيعوا حديثنا"(3) .
فهذا النص يشير إلى أن الولاية من الأسرار في أصل التنزيل الإلهي ويحذر من إظهار الحديث عنها.. أي إنه في العهد الإسلامي الزاهر المتقدم لا صوت مسموعًا للولاية وشأنها.. ويعلل شارح الكافي ذلك بقوله: "لما كانت التقية شديدة في عصرهم عليهم السلام أمروا شيعتهم بكتمان أسرارهم وإمامتهم وأحاديثهم وأحكامهم المختصة بمذهبهم..". (4) .
(1) انظر: القمي/ المقالات والفرق: ص20، النوبختي/ فرق الشيعة: ص22-23، وفي رجال الكشي: ص107: أن عليًا قتله
(2)
أي لم يوجد أحد أمسك كلامًا سمعه (المازندراني/ شرح جامع: 9/123)
(3)
أصول الكافي: 2/224
(4)
المازندراني/ شرح جامع: 9/118
وعند حديث الكليني الذي يقول: ".. ولا تبثّوا سرّنا، ولا تذيعوا أمرنا"(1) . قال شارح الكافي: "وهو أمر الإمامة والخلافة.."(2) . وقال عند حديث آخر يسندونه لجعفر ويقول: "المذيع حديثنا كالجاحد له"(3) . قال: "واعلم أنّه عليه السلام كان خائفًا من أعداء الدّين على نفسه المقدّسة وعلى شيعته، وكان في تقية شديدة منهم فلذلك نهى عن إذاعة خبر دالّ على إمامته أو إمامة آبائه"(4) .
وكان هناك ميثاق دائم بينهم على الكتمان، قالوا:"إنّ أمرنا مستور مقنّع بالميثاق (5) . فمن هتك علينا أذلّه الله"(6) .
وتحدد بعض نصوصهم بدء إذاعة أمر الولاية بأنه كان على يد طائفة الكيسانية فتقول: "ما زال سرنا مكتومًا حتى صار في يد ولد كيسان (7) . فتحدثوا به في الطريق وقرى السواد"(8) .
وهذه الخلية التي وضعت الخطوط الأساسية لأمر الولاية على وفق المنهج السبئي لا تنسى أن توصي أتباعها بأن يتستروا بالاتجاه الشيعي المعتدل لنشر فكرتهم بين الناس، فقد جاء في أصول الكافي:"كفوا ألسنتكم والزموا بيوتكم فإنه لا يصيبكم أمر تخصون به أبدًا، ولا تزال الزيدية لكم وقاء أبدًا"(9) .
(1) أصول الكافي: 2/222
(2)
المازندراني/ شرح جامع: 9/119
(3)
أصول الكافي: 2/224
(4)
شرح جامع: 10/26
(5)
علّق مُصحّح الكافي عند هذا فقال: "أي بالعهد الذي أخذه الله ورسوله على الأئمّة عليهم السلام أن يكتموه من غير أهله"(أصول الكافي: 2/227، هامش رقم (1)
(6)
أصول الكافي: 2/227
(7)
كيسان: لقب المختار بن أبي عبيد المنسوب إليه الكيسانية. (شرح جامع: 9/121-122)
(8)
أصول الكافي: 2/223
(9)
أصول الكافي: 2/225