الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيعة وغيبة مهديهم:
في ظل الغيبة التي دانت بها الشيعة، وعاشت في حكمها منذ أكثر من ألف ومائة سنة أوقف شيوخ الشيعة - بحكم نيابتهم عن المنتظر - العمل بجملة من أحكام الدين، كما استحدثوا عقائد وأحكامًا لم يأذن بها الله سبحانه. لقد أوقف الشيعة بسبب الغيبة للمنتظر إقامة صلاة الجمعة، كما منعوا إقامة إمام للمسلمين وقالوا:"الجمعة والحكومة لإمام المسلمين"(1) . والإمام هو هذا المنتظر.
ولهذا فإن معظم الشيعة إلى اليوم لا يصلون الجمعة (2)، حتى قال بعض المتأخرين:"إن الشيعة من زمان الأئمة كانوا تاركين للجمعة"(3) .
كما أن الشيعة لا ترى بيعة شرعية إلا للقائم المنتظر، ولذلك فإنهم يجددون البيعة له كل يوم، ففي دعاء لهم يسمونه "دعاء العهد" وفيه:"اللهم إني أجدد له في صبيحة يومي هذا، وما عشت من أيامي عهدًا أو عقدًا أو بيعة له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول أبدًا"(4) .
(1) مفتاح الكرامة/ كتاب الصلاة: 2/69
(2)
يقول كاظم الكفائي - وهو من شيوخهم المعاصرين -: "في العراق الآن: الشيعة لا يصلون الجمعة إلا الشيخ الخالصي في المسجد الصفوي في الصحن الكاظمي (كتب هذا القول بخطه للدكتور علي السالوس، ونشره الأخير في كتابه فقه الشيعة ص264) ، وفي الكويت لا يقيم الجمعة إلا الشيخ إبراهيم جمال الدين مرجع الإخباريين هناك"(انظر: السالوس فقه الشيعة ص203) .
وحينما سأل بعض أفراد الشيعة كبير شيوخهم وهو محسن الحكيم عن دليلهم في شرطية وجوب الإمام لصلاة الجمعة، كان جوابه بأن لا يسأل هذا السؤال، كما أن بعض شيوخهم يقول بوجوب صلاة الجمعة ولا يقيمها (انظر: محمد عبد الرضا الأسدي/ نص الكتاب ومتواتر الأخبار عن وجوب الجمعة في جميع الأعصار: ص24/27، 28)
(3)
البهباني في تعليقه على المدارك، كما نقل ذلك عنه شيخهم الخالصي في كتابه الجمعة: ص131
(4)
عباس القمي/ مفتاح الجنان: ص538
وفي دعاء يومي آخر للغائب المنتظر يتضمن الإقرار له بالبيعة فيقول: "اللهم هذه بيعة له في عنقي إلى يوم القيامة"(1) .
قال المجلسي: ".. ويصفق بيده اليمنى على اليسرى كتصفيق البيعة"(2) .
كذلك منع الشيعة الجهاد مع ولي أمر المسلمين، لأنه لا جهاد إلا مع الإمام، فقد جاء في الكافي وغيره عن أبي عبد الله قال:"القتال مع غير الإمام المفترض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير"(3) .
والإمام المفترض الطاعة على المسلمين منذ سنة 260هـإلى اليوم هو منتظرهم الغائب في السرداب. وما قبل سنة 260هـهم بقية الأئمة الاثني عشر، فالجهاد مع أبي بكر وعمر وعثمان وبقية خلفاء المسلمين إلى اليوم هو حرام كحرمة الميتة والدم.
وجنود الإسلام الذين يرابطون على الثغور، ويجاهدون في سبيل الله، ولا يريدون علوًا في الأرض ولا فسادًا والذين فتحوا بلاد الفرس وغيرها! ما هم في اعتقاد الشيعة إلا قتلة، الويل لهم، يتعجلون مصيرهم. روى شيخهم الطوسي في التهذيب:".. عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك ما تقول في هؤلاء الذين يقتلون في هذه الثغور؟ قال: فقال: الويل يتعجلون قتلة في الدنيا، وقتلة في الآخرة، والله ما الشهيد إلا شيعتنا ولو ماتوا على فرشهم"(4) .
فأنت ترى أن الشيعة ترى أن جهاد المسلمين على مرور التاريخ جهاد باطل لا أجر فيه ولا ثواب، حتى يصفون المجاهدين المسلمين "بالقتلة" ويجردونهم من
(1) عباس القمي/ مفتاح الجنان: ص538
(2)
بحار الأنوار: 102/111، وانظر: مفتاح الجنان: ص538-539
(3)
فروع الكافي: 1/334، تهذيب الأحكام: 2/45، وسائل الشيعة: 11/32
(4)
التهذيب: 2/42، وسائل الشيعة: 11/21
الأسماء التي شرفهم الله بها "كالمجاهد" و"الشهيد".
فهل يشك عاقل متجرد من الهوى والتعصب أن واضع هذا المبدأ عدو موتور، وزنديق حاقد.. يتربص بالأمة الدوائر ويبغي فيها الفشل، ولا يريد لها أن تبقى مجاهدة في سبيل الله، رافعة راية الله، ليحتفظ بدينه ودياره، وقد بلغ به التآمر لإشاعة هذا المبدأ أن نسبه لجعفر الصادق وغيره من أهل البيت حتى يجد الرواج بين الأتباع الجهلة من جانب، وحتى يسيء لأهل بيت رسول الله من جانب آخر.
كذلك صرح الشيعة أيضًا بمنع إقامة حدود الله سبحانه في دولة الإسلام بسبب غيبة إمامهم، لأن أمر الحدود موكول - كما يقولون - إلى الإمام المنصوص عليه، ولم ينص الله سبحانه - بزعمهم - إلا على اثني عشر إمامًا آخرهم قد غاب منذ منتصف القرن الثالث تقريبًا ولابد من انتظار عودته، حتى يقيم الحدود، إلا أنه بحكم التفويض الذي أجراه لشيوخ الشيعة بعد قرابة سبعين سنة من غيبته يحق للشيخ الشيعي فقط من دون سائر قضاة المسلمين أن يتولى إقامة الحدود، وإذا لم يوجد في قطر من أقطار الإسلام أحد من شيوخهم فلا يجوز إقامة الحدود، لأنه لا يتولاها إلا المنتظر أو نائبه من مراجع الشيعة وآياتهم.
روى شيخهم ابن بابويه وغيره: ".. عن حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام: من يقيم الحدود: السلطان أو القاضي؟ فقال: إقامة الحدود من إليه الحكم"(1) . - كذا -.
وقال المفيد: "فأما إقامة الحدود فهو إلى سلطان الإسلام المنصوب من قبل الله، وهم أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام، ومن نصبوه لذلك من الأمراء والحكام، وقد فوضوا النظر فيه إلى فقهاء شيعتهم مع الإمكان"(2) .
وتحذر
(1) ابن بابويه/ من لا يحضره الفقيه: 4/51، تهذيب الأحكام: 10/155، وسائل الشيعة: 18/338
(2)
المقنعة: ص130، وسائل الشيعة: 18/338
روايات الشيعة من الرجوع إلى محاكم المسلمين وقضاتهم حتى تقول: "من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى طاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتًا، وإن كان حقه ثابتًا، لأنه أخذه بحكم الطاغوت"(1) .
هذه جملة من شرائع الإسلام حرمتها الشيعة بسبب غيبة مهديهم، وأوقفت العمل بها حتى خروجه من غيبته.
كما أنهم شرعوا لأنفسهم أحكامًا في فترة اختفاء هذا المنتظر لم يأذن بها الله سبحانه، ومن ذلك: مسألة التقية والتي هي في الإسلام رخصة عارضة عند الضرورة جعلوها فرضًا لازمًا ودائمًا في فترة الغيبة لا يجوز الخروج عنها حتى يعود المنتظر الذي لن يعود أبدًا، لأنه لم يولد كما يؤكد ذلك المؤرخون، وأهل العلم بالأنساب، وفرق كثيرة من الشيعة نفسها، ومن ترك التقية قبل عودة المنتظر كان كمن ترك الصلاة (2) .
كذلك جعلوا الاستشهاد في سبيل الله يحصل بمجرد اعتناق التشيع، وانتظار عودة الغائب، لا في الجهاد في سبيل الله، فالشيعي شهيد ولو مات على فراشه.
قال إمامهم: "إذا مات منكم ميت قبل أن يخرج قائمنا كان شهيدًا، ومن أدرك قائمنا فقتل معه، كان له أجر شهيدين.."(3) .
وعقد شيخهم البحراني في المعالم الزلفى بابًا بعنوان: "الباب 59 في أن شيعة آل محمد شهداء وإن ماتوا على فرشهم"(4) . وأورد فيه جملة من أخبارهم.
(1) فروع الكافي: 7/412، التهذيب: 6/218، وسائل الشيعة: 18/4
(2)
انظر: فصل التقية
(3)
بحار الأنوار: 52/123، وهو مروي في أمالي الطوسي (انظر: المصدر السابق: 52/122-123)
(4)
المعالم الزلفى في بيان أحوال النشأة الأولى والأخرى: ص101
ثم زادت مبالغاتهم - كالعادة - إلى أكثر من هذا القدر حتى روى ابن بابويه بسنده إلى علي بن الحسين قال: "من ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا أعطاه الله عز وجل أجر ألف شهيد من شهداء بدر وأحد"(1) .
ومن أحكامهم فرضية البيعة للغائب المنتظر، حتى شرع عندهم تجديد البيعة مرات وكرات عبر الأدعية في الزيارات لمشاهد الأئمة - كما مر -، لأن "من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من الله جل وعز ظاهرًا (2) . عادلاً أصبح ضالاً تائهًا، وإن مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق"(3) .
أما المبدأ الأكبر الذي اخترعوه في ظل الغيبة فهو مبدأ نيابة الفقيه الشيعي عن الغائب المنتظر.
وقد استحل الفقيه الشيعي باسم النيابة أمورًا كثيرة.
واختلف شيوخ الشيعة في حدود النيابة بين مقل ومستكثر، حتى بلغت النيابة الحد الأقصى لوظائف الإمام الغائب وهو رئاسة الدولة، والاستفتاء على تشكيل الحكومة في دولة "الآيات" الحاضرة، وهم الذين لا يؤمنون إلا بالإمام المنصوص عليه.. ولخطورة عقيدة النيابة، ولأنها - في اعتقادي - تمثل الخروج المقنع للمهدي، على يد مجموعة كبيرة من شيوخهم كل يزعم أحقيته في النيابة سنخصها بالحديث التالي.
(1) إكمال الدين: ص315، بحار الأنوار: 52/125
(2)
هذه الكلمة تؤكد أن إمامهم المختفي ليس بإمام، لأنه ليس بظاهر
(3)
أصول الكافي: 1/375