المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ب- سيرة القائم المنتظر: - أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية - عرض ونقد - - جـ ٢

[ناصر القفاري]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثاني: عقيدتهم في أصول الدين

- ‌الفصل الأول: عقيدتهم في توحيد الألوهية

- ‌المبحث الأول: نصوص التوحيد جعلوها في ولاية الأئمة

- ‌المبحث الثاني: الولاية أصل قبول الأعمال عندهم

- ‌المبحث الثالث: اعتقادهم أن الأئمة هم الواسطة بين الله والخلق

- ‌المسألة الأولى: قولهم: لا هداية للناس إلا بالأئمة

- ‌المسألة الثانية: قولهم: لا يقبل الدعاء إلا بأسماء الأئمة

- ‌المسألة الرابعة: قولهم: إن الحج إلى المشاهد أعظم من الحج إلى بيت الله

- ‌زيارة كربلاء يوم عرفة أفضل من سائر الأيام:

- ‌زيارة قبر الحسين أفضل الأعمال:

- ‌زوار الحسين تأتيهم الملائكة ويناجيهم الله:

- ‌مناسك المشاهد:

- ‌الجانب النقدي (لمسألة المشاهد عند الشيعة) :

- ‌المبحث الرابع: قولهم: إن الإمام يُحرّم ما يشاء ويُحلّ ما يشاء

- ‌المبحث الخامس: قولهم: إن تراب قبر الحسين شفاء من كل داء

- ‌المبحث السادس: دعاؤهم بالطلاسم والرموز واستغاثتهم بالمجهول

- ‌المبحث السابع: استخارتهم بما يشبه أزلام الجاهلية

- ‌الفصل الثاني: عقيدتهم في توحيد الربوبية

- ‌المبحث الأول: قولهم: إن الرب هو الإمام

- ‌المبحث الثاني: قولهم بأن الدنيا والآخرة كلها للإمام يتصرف بها كيف يشاء

- ‌المبحث الثالث: إسناد الحوادث الكونية إلى الأئمة

- ‌المبحث الرابع: الجزء الإلهي الذي حل في الأئمة

- ‌المبحث الخامس: قولهم بتأثير الأيام والليالي بالنفع والضر

- ‌الفصل الثالث: عقيدتهم في أسماء الله وصفاته

- ‌المبحث الأوّل: الغلو في الإثبات (التّجسيم)

- ‌المبحث الثاني: التعطيل عندهم

- ‌1- المسألة الأولى: قولهم بأن القرآن مخلوق:

- ‌2- مسألة الرؤية:

- ‌الفصل الرابع: اعتقادهم في الإيمان وأركانه

- ‌المبحث الأول: قولهم في الإيمان والوعد والوعيد

- ‌المسألة الأولى: مفهوم الإيمان عندهم:

- ‌المسألة الثانية: الشهادة الثالثة

- ‌المسألة الثالثة: القول بالإرجاء

- ‌المسألة الرابعة: قولهم في الوعد

- ‌المسألة الخامسة: قولهم في الوعيد

- ‌المبحث الثاني: قولهم في أركان الإيمان

- ‌الإيمان بالملائكة:

- ‌الإيمان بالكتب:

- ‌المسألة الأولى: دعواهم تنزل كتب إلهية على الأئمة

- ‌أ- "مصحف فاطمة

- ‌ب- كتاب أنزل على الرسول قبل أن يأتيه الموت

- ‌ج- "لوح فاطمة

- ‌د- دعواهم نزول اثنتي عشرة صحيفة من السماء تتضمن صفات الأئمة:

- ‌نقد هذه المقالة:

- ‌المسألة الثانية: دعواهم بأن جميع الكتب السماوية عند الأئمة

- ‌الإيمان بالرسل:

- ‌تفضيلهم الأئمة على الأنبياء والرسل:

- ‌معجزات الإمام:

- ‌الإيمان باليوم الآخر:

- ‌الإيمان بالقدر:

- ‌الباب الثالث: أصولهم ومعتقداتهم (الأخرى) التي تفردوا بها

- ‌الفصل الأول: الإمامة

- ‌منزلة الإمامة عندهم:

- ‌سرية هذا المبدأ:

- ‌حصر الأئمة بعدد معين:

- ‌استدلالهم على مسألة الإمامة:

- ‌الاستدلال بالأمور المعلومة والمتفق عليها في مسألة النص:

- ‌حكم من أنكر إمامة أحد الاثنى عشر:

- ‌1- الصحابة رضوان الله عليهم:

- ‌2- تكفيرهم أهل البيت:

- ‌3- تكفيرهم خلفاء المسلمين وحكوماتهم:

- ‌4- الحكم على الأمصار الإسلامية بأنها دار كفر:

- ‌5- قضاة المسلمين:

- ‌6- أئمة المسلمين وعلماؤهم:

- ‌7- الفرق الإسلامية:

- ‌8- الأمة كلها:

- ‌النقد:

- ‌الفصل الثاني: عصمة الإمام

- ‌نشأة هذه العقيدة وتطورها

- ‌استدلالهم على عصمة أئمتهم

- ‌نقد عام لمبدأ "عصمة الأئمة

- ‌الفصل الثالث: التقية

- ‌تعريفها:

- ‌استدلالهم على التقية:

- ‌الفصل الرابع: المهدية والغيبة

- ‌المهدية والغيبة عند فرق الشيعة:

- ‌نشأة فكرة الغيبة عند الشيعة الاثني عشرية وتطورها

- ‌الخطوط العامة لقصة المهدية عند الاثني عشرية

- ‌الاستدلال على وقوع الغيبة

- ‌دفاعهم عن طول أمد الغيبة:

- ‌المهدي بعد عودته المزعومة

- ‌أ- شريعة مهديهم المنتظر:

- ‌ب- سيرة القائم المنتظر:

- ‌ج- جند القائم:

- ‌الشيعة وغيبة مهديهم:

- ‌النيابة عن المنتظر:

- ‌نقد عقيدة الغيبة والمهدية عند الاثني عشرية:

- ‌الفصل الخامس: الرجعة

- ‌استدلالهم على الرجعة:

- ‌نقد مقالة الرجعة:

- ‌الفصل السادس: الظهور

- ‌الفصل السابع: البداء

- ‌استدلالهم على البداء:

- ‌روايات في كتب الاثني عشرية تنقض عقيدة البداء:

- ‌الفصل الثامن: الطينة

الفصل: ‌ب- سيرة القائم المنتظر:

‌ب- سيرة القائم المنتظر:

أما سيرته فتحمل سمات من شريعته الجديدة، حيث يتولى مضايقة المسلمين في مقدساتهم ومساجدهم، فيقوم بعملية هدم وتخريب في الحرمين الشريفين، حيث تنص أخبارهم "أن القائم يهدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أساسه، ويرد البيت إلى موضعه وإقامته على أساسه"(1) .

كذلك يتجه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ويبدأ - كما تقول أخبارهم - "بكسر الحائط الذي على القبر.. ثم يخرجهما (يعني صاحبي رسول الله) غضين رطبين فيلعنهما ويتبرأ منهما ويصلبهما ثم ينزلهما ويحرّقهما ثم يذريهما في الريح"(2) . وفي رواية أخرى "أول ما يبدأ به القائم.. يخرج هذين رطبين غضين فيحرّقهما ويذريهما في الريح، ويكسر المسجد"(3) .

ونسبوا إلى الله - سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون - أنه قال لنبيه - حينما أسرى به -: "وهذا القائم

هو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، فيخرج اللات والعزى (يعنون خليفتي رسول الله) طريين فيحرقهما" (4) .

وتشير بعض رواياتهم إلى أن هذا العمل يثير المسلمين، حيث تقول:".. ثم يحدث حدثًا فإذا فعل ذلك قالت قريش: اخرجوا بنا إلى هذا الطاغية، فوالله لو كان محمديًا ما فعل، ولو كان علويًا ما فعل، ولو كان فاطميًا ما فعل.."(5) .

(1) الطوسي/ الغيبة ص282، بحار الأنوار: 52/338

(2)

بحار الأنوار: 52/386

(3)

بحار الأنوار: 52/386

(4)

ابن بابويه/ عيون أخبار الرضا: 1/58، بحار الأنوار: 52/379

(5)

تفسير العياشي: 2/58، بحار الأنوار: 52/342

ص: 875

قال شيخهم وفخرهم (1) . المجلسي: "لعل المراد بإحداث الحدث إحراق الشيخين الملعونين فلذا يسمونه عليه السلام بالطاغية"(2) .

ولا يخفى أن هذه "الوعود" بصنائع المنتظر التي تطفح بها رواياتهم إنما تنم عن دخائل نفوسهم وما تكنه صدورهم من مناوأة لدين الإسلام وسعي في الكيد له حتى يتمنوا أن تتاح لهم فرصة لهدم الحرمين، ونبش القبرين الطاهرين، وحينما يحسون بعجزهم عن تحقيق ذلك لقوة الدولة الإسلامية آنذاك يعزون أنفسهم ويعللونها، ويشفون غيظ قلوبهم على الإسلام ورواده الذين فتحوا ديارهم، وأزالوا ملكهم، ونشروا الإسلام بينهم.. بهذه الأحلام والآمال.. فهي تكشف في الحقيقة ماذا يتمنون تحقيقه لو واتتهم فرصة الحكم والتسلط.

ولذلك فإن المعاصرين منهم يتمنون فتح مكة والمدينة، كما جاء على ألسنة آياتهم، ليحققوا أحلامهم التي أفصحت عنها أخبارهم - كما سيأتي (3) .- ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

ولم يكتف منتظرهم بهذا؛ بل إنه يقوم بقتل عام شامل للجنس العربي واستئصال وجوده، ولذلك فإن أخبارهم تعد العرب بملحمة على يد غائبهم - إذا رجع - لا تبقي ولا تذر على رجل أو امرأة ولا صغير ولا كبير بل تأخذهم جميعًا فلا تغادر منهم أحدًا. فيروي النعماني:".. عن الحارث بن المغيرة وذريح المحاربي قالا: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح"(4) .

وكأن روايتهم هذه لا تفرق بين من يتشيع وغيره: لكن تؤكد أخبارهم أنه لن يتشيع أحد من العرب للقائم، ولهذا تحذر منهم فتقول: "اتق العرب فإن

(1) لأن من ألقابه عندهم "فخر الأمة" كما تجد ذلك في صدور كتبه

(2)

بحار الأنوار: 52/346

(3)

في باب الشيعة المعاصرين وصلتهم بأسلافهم

(4)

الغيبة للنعماني: ص155، بحار الأنوار: 52/349

ص: 876

لهم خبر سوء أما إنه لم يخرج مع القائم منهم واحد" (1) .

ولكن في الشيعة من العرب كثير غير أن أخبارهم تقول بأنهم سيمحصون فلا يبقى منهم إلا النزر اليسير (2) .

وتقول رواياتهم بأن القائم "يبهرج سبعين قبيلة من قبائل العرب"(3) .

ويخصون قبيلة رسول الله صلى الله عليه وسلم: قريش التي منها صفوة أصحابه بالذكر التفصيلي لعمليات القتل التي يجريها عليها القائم، ففي الإرشاد للمفيد "عن عبد الله بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قام القائم من آل محمد عليه السلام أقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم، ثم أقام خمسمائة فضرب أعناقهم، ثم خمسمائة أخرى حتى يفعل ذلك ست مرات. قلت: ويبلغ عدد هؤلاء هذا؟ قال: نعم منهم ومن مواليهم" (4) .

ولا يخفى أن تخصيص العرب بالقتل يدل على تغلغل الاتجاه الشعوبي لدى واضعي هذه الروايات.. وهي تبين مدى العداوة للجنس العربي لدى مؤسسي "الرفض" والرغبة في التشفي منهم بقتلهم، وذلك - في حقيقة الأمر - لا يعود لجنسيتهم بل للدين الذي يحملونه.

ولا تنسى رواياتهم أن تخص البيت النبوي الطاهر ببائقة من بوائق منتظرهم حيث يزعمون أن أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعث من قبرها قبل يوم القيامة (5) ، وذلك لأنها ارتكبت - كما يفترون - حدًا في

(1) الغيبة للطوسي: ص284، بحار الأنوار: 52/333

(2)

انظر: الغيبة للنعماني: ص137، بحار الأنوار: 52/114

(3)

بهرج الدماء: أهدرها، وفي الطبعة الأخرى للبحار يهرج، ومعنى الهرج: الفتنة والاختلاط والقتل (انظر: بحار الأنوار: 52/333، هامش1)

(4)

الإرشاد: ص411، بحار الأنوار: 52/338

(5)

وذلك حسب عقيدتهم في الرجعة التي سنتحدث عنها بعد هذا المبحث إن شاء الله

ص: 877

عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن رسول الله لم يقم عليها الحد - كما يزعمون -.

وهو الذي يقول: "وأيم الله لو أن فاطمة ابنة محمد سرقت لقطعت يدها"(1) ، وقد أخذته الرحمة بها، مع أن الله سبحانه يقول:{وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (2) . فلم يقم عليها الحد ولكن قائمهم يتولى تنفيذ ما عجز أفضل الخليقة عن تنفيذه وذلك في عصر الرجعة المزعوم (3) . - كما يفترون -.

وهذا يعني أن القائم أكمل من خاتم النبيين، وأقدر على تحقيق دين الله ممن أرسل قدوة للعالمين.

(1) جزء من حديث رواه البخاري، كتاب الأنبياء: 4/151، كتاب فضائل الأصحاب، باب ذكر أسامة بن زيد: 4/214، كتاب الحدود، باب كراهية الشفاعة في الحد: 8/16، ومسلم، كتاب الحدود، باب قطع يد السارق: 2/1315 (1688) ، وأبو داود، كتاب الحدود، باب في الحد يشفع فيه: 4/537 (4373) ، والترمذي، كتاب الحدود، باب ما جاء في كراهية أن يشفع في الحدود: 4/37-38 (1430) ، والنسائي، كتاب قطع السارق، باب ذكر المخزومية التي سرقت 8/72، وابن ماجه، كتاب الحدود، باب الشفاعة والحدود: 2/851 (2547) والدارمي، كتاب الحدود، باب الشفاعة في الحدود دون السلطان: 1/569، وغيرهم

(2)

النور، آية: 2

(3)

ونص الأسطورة (المنسوبة لأبي جعفر) يقول: أما لو قام قائمنا لقد ردّت إليه الحميراء (تصغير حمراء وهو لقب لعائشة رضي الله عنها حتى يجلدها الحد، وحتى ينتقم لابنة محمد فاطمة عليها السلام منها.

قلت: جعلت فداك ولم يجلدها الحدّ؟ قال: لفريتها على أم إبراهيم صلى الله عليه وسلم.

قلت: فكيف أخره الله للقائم عليه السلام؟ فقال له: إن الله تبارك وتعالى بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمة، وبعث القائم عليه السلام نقمة (علل الشرائع: ص579-580، بحار الأنوار: 52/314، 315) . ثم علق على ذلك شيخهم المعاصر بنص يبين الفرية المزعومة وأن عائشة قالت - كما يفترون -:"إن إبراهيم ليس منك وإنه ابن فلان القبطي" وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كلف عليًا برجمها ولكن عليًا اكتشف براءتها. (بحار الأنوار: 52/315 - الهامش -)

ص: 878

وهو ما صرحت به أخبارهم حيث روى شيخهم ابن بابويه: ".. عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (1) .

فقال: والله ما نزل تأويلها بعد ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم عليه السلام.." (2) . أي أن القائم سيحقق ما عجز عنه الأنبياء.

وهذا ما صرح به بعض شيوخهم الكبار عندهم (3) . - في هذا العصر - واستنكره العالم الإسلامي - كما سيأتي - (4) .

ذلك أنهم يزعمون أن ما عند القائم أضعاف ما عند الأنبياء من العلم، حتى جاء في بحار الأنوار وغيره "عن أبان عن أبي عبد الله قال: العلم سبعة وعشرون حرفًا فجميع ما جاءت به الرسل حرفان، فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين، فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين حرفًا فبثها في الناس، وضم إليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين حرفًا" (5) .

وعملية الاجتياح الدموي الرهيب التي تحلم بها الشيعة الاثنا عشرية على يد مهديهم تكاد تتناول كل الفئات والأجناس البشرية باستثناء طائفتهم، حيث يخرج قائمهم "موتورًا غضبان أسفًا.. يجرد السيف على عاتقه"(6) . ويبدأ القتل، فيحصد أهل السنة الذين تلقبهم أخبار الشيعة - أحيانًا - بالمرجئة (7) . حتى قال

(1) التوبة، آية: 33

(2)

إكمال الدين: ص628، بحار الأنوار: 52/324

(3)

وهو "الخميني"

(4)

في باب: الشيعة المعاصرون وصلتهم بأسلافهم

(5)

بحار الأنوار: 52/336، وهي مروية في الخرائج للراوندي كما أشار إلى ذلك المجلسي (نفس الموضع من المصدر السابق)

(6)

بحار الأنوار: 52/361

(7)

قال شيخهم الطريحي: "وسماهم مرجئة لأنهم زعموا أن الله تعالى أخر نصب الإمام، ليكون نصبه باختيار الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم"(مجمع البحرين: 1/177-178، وانظر: مرآة العقول: 4/371)

ص: 879

إمامهم: "ويح هذه المرجئة، إلى من يلجؤون غدًا إذا قام قائمنا"(1) . ولم يستثن من ذلك إلا من تاب، أي دخل بمذهبهم فقال:"من تاب تاب الله عليه، ومن أسر نفاقًا فلا يبعد الله غيره، ومن أظهر شيئًا أحرق الله دمه. ثم قال: يذبحهم والذي نفسي بيده كما يذبح القصاب شاته - وأومأ بيده إلى حلقه -"(2) .

وتسميهم أحيانًا بالنواصب وتقول: "فإذا قام القائم عرضوا كل ناصب عليه فإن أقر بالإسلام وهي الولاية وإلا ضربت عنقه أو أقر بالجزية فأداها كما يؤدي أهل الذمة"(3) .

لكن بعض رواياتهم تقول بأن الجزية لا تقبل منهم كما تقبل من أهل الذمة، فقد سئل إمامهم عن وضع أهل الذمة في دولة القائم فقال:"يسالمهم كما سالمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤدون الجزية عن يد وهم صاغرون"(4) . أما غيرهم من المخالفين للرافضة فقال فيه: "ما لمن خالفنا في دولتنا من نصيب، إن الله قد أحل لنا دماءهم عند قيام قائمنا"(5) . حتى إن قائمنا يتتبع الشيعة الزيدية غير الغلاة، فيقتلهم. تقول أخبارهم: "إذا قام القائم عليه السلام سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر آلاف أنفس - كذا - يدعون البترية (6) . عليهم السلاح فيقولون له: ارجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة فيضع

(1) الغيبة للنعماني: ص190، بحار الأنوار: 52/357

(2)

بحار الأنوار: 52/357، الغيبة للنعماني: ص190-191

(3)

تفسير فرات: ص100، بحار الأنوار: 52/373، وقوله:"أو أقر بالجزية"، يناقض رواياتهم التي تقول بأنه لا يقبل الجزية كما سبق ذكر بعضها في بيان "شرعته"

(4)

بحار الأنوار: 52/376

(5)

بحار النوار: 52/376

(6)

البترية: هم أصحاب الحسن بن صالح بن حي، وأصحاب كثير النوى، وكان كثير يلقب بالأبتر، وقد يسمون "الصالحية" نسبة للحسن بن صالح، ومن مذهبهم - كما يقول الأشعري - أنهم ينكرون رجعة الأموات قبل يوم القيامة، ولا يرون لعلي إمامة إلا حين بويع، وهي فرقة من الزيدية. (انظر: مقالات الإسلاميين: 1/144، الملل والنحل: 1/161، الخطط: 2/352)

ص: 880

فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم" (1) . بل إنه يقتل من لا ذنب له. تقول رواياتهم: "إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين بفعل آبائها" (2) . وهكذا فإن قائمهم "ليس شأنه إلا القتل لا يستبقي أحدًا" (3) . "ولا يستتيب أحدًا" (4) .

وتصور بعض رواياتهم مبلغ ما يصل إليه من سفك دماء الناس (من غير طائفته) حتى تقول: "لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم ألا يروه مما يقتل من الناس.. حتى يقول كثير من الناس: ليس هذا من آل محمد، لو كان من آل محمد لرحم"(5) .

وهذا قول يدين القائم بالخروج عن سنن الرحمة والعدل التي عرف بها أهل البيت. بل إنه خرج عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهذا ما يصرحون به؛ فقد سئل الباقر - على حد زعمهم - أيسير القائم بسيرة محمد؟ فقال:"هيهات! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار في أمته باللين وكان يتألف الناس، والقائم أمر أن يسير بالقتل وألا يستتيب أحدًا، فويل لمن ناوأه"(6) .

فالشيعة تزعم أنه أمر بسيرة تخالف سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أجمع المسلمون أن كل ما خالف سيرته صلى الله عليه وسلم؟ فهو ليس من الإسلام، فهل بعث برسالة غير رسالة الإسلام؟!

وكيف يؤمر بخلاف سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فهل هو نبي أوحي إليه من جديد؟ ولا نبي بعد خاتم الأنبياء، ولا وحي بعد وفاته، وكل من ادعى خلاف

(1) الإرشاد: ص411-412، بحار الأنوار: 52/338)

(2)

علل الشرائع: ص229، عيون أخبار الرضا: 1/273، بحار الأنوار: 52/313

(3)

بحار الأنوار: 52/231

(4)

بحار الأنوار: 52/349، وفي لفظ:"ولا يستنيب أحدًا" أي يتولى ذلك بنفسه (انظر: نفس الموضع من المصدر السابق)

(5)

الغيبة للنعماني: ص154، بحار الأنوار: 52/354

(6)

الغيبة للنعماني: ص153، بحار الأنوار: 52/353

ص: 881

ذلك فهو مفتر دجال؛ لمعارضته للنصوص القطعية وإجماع الأمة على ختم الوحي والنبوة بوفاة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.

ولكن هذه الروايات تصور ما في قلوب واضعيها من حقد على الناس ولاسيما أمة الإسلام التي تخالفهم في نهجهم، وأنهم يتمنون يومًا قريبًا آتيًا يحققون فيه هذه "الأحلام" التي تكشف حقيقتها هذه الروايات ويترجمها واقع الشيعة في العهد الصفوي وفي دولة الآيات القائمة، وفي منظماتهم في لبنان - كما سيأتي - (1) .

ومعلوم أن أمير المؤمنين عليًا الذي يزعمون التشيع له لم يكفر مخالفيه، ولم يقاتل إلا من بغى عليه، فقائمهم الذي يفعل هذه الأفاعيل ومن تبعه في نهجه، ليس من شيعة علي، وقد اعترفوا في رواياتهم أن قائمهم لا يأخذ بسيرة علي، فقد سئل الصادق - كما يزعمون - "أيسير القائم بخلاف سيرة علي؟ فقال: نعم، وذاك أن عليًا سار بالمن والكف لعلمه أن شيعته سيظهر عليهم من بعده، أما القائم فيسير بالسيف والسبي، لأنه يعلم أن شيعته لن يظهر عليهم من بعده أبدًا" (2) .

وقال صادقهم يخاطب بعض الشيعة: "كيف أنت إذا رأيت أصحاب القائم قد ضربوا فساطيطهم في مسجد الكوفة، ثم أخرج المثال الجديد، على العرب شديد.

قال (الراوي) : قلت: جعلت فداك ما هو؟ قال: الذّبح، قال: قلت بأي شيء يسير فيهم؛ بما سار علي بن أبي طالب في أهل السواد؟ قال: لا، إن عليًا سار بما في الجفر الأبيض، وهو الكف، وهو يعلم أنه سيظهر على شيعته من بعده، وأن القائم يسير بما في الجفر الأحمر وهو الذبح، وهو يعلم أنه لا يظهر على شيعته" (3) .

وهكذا "يقوم المزعوم بأمر جديد، وكتاب جديد، وسنة جديدة، وقضاء

(1) في باب أثر الشيعة في العالم الإسلامي

(2)

الغيبة للنعماني: ص153، بحار الأنوار: 52/353

(3)

بحار الأنوار: 52/318، وهذه الرواية في بصائر الدرجات كما أشار إلى ذلك المجلسي (نفس الموضع من المصدر السابق)

ص: 882

جديد" (1) .

وهذا كاف في إيضاح أن ما تحلم به الشيعة ليس له أصل في كتاب الله وسنة نبيه، بل هي بدعة جديدة يخرج بها قائمهم.

وبينما الناس في عصر القائم يعيشون بين الدماء والأشلاء، وفي خوف ورعب من قائم الشيعة الذي كان بعثه نقمة عليهم، كما أن بعث محمد صلى الله عليه وسلم رحمة (2) ، فإن عسكر القائم وأصحابه يعيشون في حياة أخرى حافلة بألوان النعيم وأنواع المسرات، فهو يأمرهم في ميسرهم ألا يحملوا "طعامًا ولا شرابًا ولا علفًا، فيقول أصحابه: إنه يريد أن يقتلنا يقتل دوابنا من الجوع والعطش (3) . فيسير ويسيرون معه؛ فأول منزل ينزله يضرب الحجر فينبع منه طعام وشراب وعلف فيأكلون ويشربون ودوابهم حتى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة"(4) ، وهكذا "لا ينزل منزلاً إلا انبعث منه عيون، فمن كان جائعًا شبع ومن كان ظمآن روي"(5) ، وإنه إذا قام اجتمعت إليه أموال الدنيا من بطن الأرض وظهرها، فيعطي أصحابه ما لم يعطه أحد كان قبله، ويتضاعف الرزق على يديه فيرزق في الشهر رزقين ويعطي في السنة عطاءين (6) ، حتى إن أحدًا من الشيعة لا يجد لديناره ودرهمه موضعًا يصرفه فيه (7) .

وهذه روايات تصور التطلعات والأماني التي كانت تفيض بها قلوب الشيعة

(1) بحار الأنوار: 52/231

(2)

روى الكليني في الكافي: "إن الله بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمة ويبعث القائم نقمة". (بحار الأنوار: 52/376، حيث عزاه إلى الكافي، كتاب الروضة: ص233)

(3)

وهذا يدل على شكهم في أمر القائم فكيف يكونون من أصحابه؟!

(4)

الغيبة للنعماني: ص158

(5)

الغيبة للنعماني: ص158

(6)

الغيبة للنعماني: ص158

(7)

الغيبة للنعماني: ص76

ص: 883

انتظارًا لهذا الغد المأمول، ويصور النزعة المادية التي يشتركون فيها مع اليهود! وهو حلم النظام الشيوعي في العالم حسب رأي ماركس.

أما عن جند القائم وأصحابه الذين يشاركونه في مجازره، ويرفلون في نعيمه ويتبوءون جنته فهذا ما سيتبين في الفقرة التالية.

ص: 884