الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعدُ، أخي الكريم! فإن كلمة الفن متى أُطلقت فإنها تشمل موضوعات شتى، إذ يدخل تحت هذا اللفظ الفنونُ بأنواعها كافّة؛ الفنُّ الأدبي، والفنُّ التشكيلي، والفنُّ المعماري، والفنُّ الغنائي، والفنُّ التمثيلي، وغيرُ ذلك من الفنون المتنوعة، وكلٌّ منها فنٌّ قائم بذاته، وإن كان مشتركاً مع غيره في بعض النواحي الإبداعية، ولئلا يتشعب بنا الحديث كثيراً، فإننا سنجعل دراستنا المسمّاة:((الفن)) مقتصرة على جانبٍ واحد من جوانبه، ألا وهو الفنُّ التمثيلي، سواء ما يعرض منه على منصات المسرح، أو على عاكسات دُور السينما أو في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، كالمذياع (الرادّ أو الراديو) ، والتلفاز، أو ما يقدَّم للأطفال في قالب عروض كرتونية، ومع اقتصارنا على ذلك، فقد نستطرد أحياناً فنتعرض لبعض أنواع الفن الأخرى، وذلك على سبيل المداخلة لا البحث، مع اعتقادنا باستحقاق دراسة تلك الفنون بأكملها دراسة وافية.
ولا شك بأن أهمية هذا الموضوع تنبع من كونه ملامساً لحياتنا اليومية على قدر كبير، لا محيد عنه ولا مناص، فمع إطلالة خيوط الفجر الأولى وإشراقته الندية تهرع جحافل وسائل الإعلام لتمارس نشاطها المحموم، فتغزو عالمَ الإنسان وتقتحم عليه عزلته الذاتية، التي فرضها على نفسه بالنوم، وذلك لتروّج لديه بضاعتها من الأفلام
والمسلسلات والتمثيليات، ولكي تستحوذ على عقول أطفالنا وقلوبهم، بما تقدمه لهم من برامجَ مرغِّبةٍ منوَّعة.
فالفن التمثيلي إذاً يمارس دوراً مهمًا خطيراً في تغيير قناعات المشاهدين واهتماماتهم، العامة والخاصة، لذا فهو متهم من وجهة نظرنا بقضايا عدة، متهم ابتداءً بتقصيره الذريع في القيام بالواجب المَنوط به تجاه الأمة، دينِها وفكرِ شبابها.. وبالمقابل فهو متهم بفتح كل أبوابه، وإطلاق كل أبواقه، وتسخير كل إمكاناته للترويج للفكر الغربي بدلاً من التصدي له، وهو متهم كذلك بصرف همم الشباب وتحويل اهتماماتهم المفترضة - كالالتفاف حول العقيدة، والانتصار للدين، والاندفاع نحو خدمة الأمة - تحويلها إلى الاهتمام بالمظاهر الدنيوية، والانغماس في الشهوات البدنية، والانبهار بالأضواء، والتمسك بالقشور وسفساف الأمور، حتى غدا الشاب وهو في مقتبل عمره يتطلع إلى إحراز البطولة، أو إبراز الذات، أو تحقيق النجاح، لا من خلال الأعمال الإيجابية البنّاءة وإنما من خلال تنفيذ مواقف تافهة أو مغامرات متهوِّرةٍ أملاها عليه مشهد سينمائي أو تمثيلية أو مسرحية.
ومن هنا كانت لنا وَقفات تأمل، مع هذا الفن التمثيلي على وجه خاص، نتلمس من خلالها آثاره وأضراره الاجتماعية، مع إلحاق الحكم عليه، وبيان موقف الإسلام منه، لبعض أهل العلم الأجلاّء، جزاهم الله خيراً.
وقد تم تقسيم موضوعات الكتاب إلى ثمانية فصول، هي:
الفصل الأول: الفنُّ التمثيلي: المفهوم والنشأة.
الفصل الثاني: الفنُُّ التمثيلي وأثره في الناشئة.
الفصل الثالث: الفنُُّ التمثيلي والمرأة.
الفصل الرابع: الفنُُُُُُّ التمثيلي وترسيخ المفاهيم.
الفصل الخامس: دور الإعلام في ترويج الفنّ.
الفصل السادس: صور من حياة أهل الفنّ.
الفصل السابع: توبة واعتراف وندم.
الخاتمة: التي ضمَّنْتها بعضَ التوصيات.
الملحق: وفيه نخبة مختارة من فتاوى العلماء.
هذا، وقد تم - بحمد الله - عزو النصوص إلى مصادرها التي استقيتها منها، كما دعّمت البحث بالنقل عن بعض صحف ومجلاتٍ مهتمة بشؤون أهل الفن، تنقل أخبارهم وأقوالهم، (من فمك أُدينك) ، وذلك حرصاً مني على الإنصاف والموضوعية، سائلاً الله عز وجل أن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم، وأن يرزقنا وإياكم الاستقامة على الحق، إنه سميع مجيب، وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
د. خالد بن عبد الرحمن الجريسي.