الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالهروب النفسي أو الجسدي، أو بالانحراف الاجتماعي أو الخلقي، وهذا بفعل تأثُّره بتعميم الفن لتلك الممارسات أو الإيحاء بها، ومن هنا ندرك خطورة بعض المعالجات الفنية غير المتخصصة تربوياً، والتي تزيد الطين بلّة، وتصب الزيت فوق النار، فتزداد بها الهوة بين القيمين على التربية والتعليم من أهل ومربين من جهة، وبين المتلقين المتمردين على أي ضابط سلوكي والمعادين لأي توجه علمي، وكأنما هناك صراع فطري بينهم!! هذا وإن رأينا بعض الإيجابيات التربوية في بعض المسلسلات لكنها سرعان ما تمرّ مرّ السحاب، ليمكث في ذاكرة الناس - والطلاب بخاصة - كل ما هو سيّئ، فالفن يعد دروساً لا يمكن مخالفتها، تُلقّن للشباب، وهذا ما يؤثر سلباً على العملية التربوية ومن ثَمّ على التقدم الحضاري للأمة.
ب- الجريمة والعنف:
إن من أخطر الأفلام تلك التي تعرض للعنف وللجريمة، والتي يظهر فيها كيفية التخطيط للجريمة، وكيف يحمي المجرمون أنفسهم، وكيف يدافع عنهم محامون يبرئونهم بحفنة من المال، مرتكبين جرماً أكبر في حق المجتمع والقيم.
وقد يُعرض كل هذا بقصد التحذير منه، ولكن الحقيقة المرّة أن هذه الأفلام والمسلسلات تقدم في الواقع دروساً عملية مشاهدة ليتم تطبيقها فيما بعد، من قِبَل ضعاف النفوس، وقد يكون ما يُعرض هو من واقع بعض المحاكمات غير النزيهة، وصورة حية لبعض ما يكون في المجتمع، إلا أن عرض ذلك قد يؤدي إلى إشاعة الجريمة والعنف وتوسيع دائرة التعريف بهما، الأمر الذي لا تحمد عقباه.
ومثال ذلك حادثة اغتصاب فتاة المعادي في القاهرة، فمنذ أن
بدأ ذيوع نبأ هذه الحادثة أعلن أكثر من مخرج سينمائي عن عزمهم على تقديم أفلام تتناول هذا الحادث الغريب، وقد طلع علينا - حتى الآن - خمسة أفلام تصوّر ما حدث، منها فيلما (المغتصبون) و (الاغتصاب)، حيث يقول مخرج هذا الفيلم الأخير:"إن سبب انتشار هذه النوعية من الأفلام هو كثرة حوادث الاغتصاب في الفترة الأخيرة، فمن لم يستطعْ عملها بنفسه سَعِد بمشاهدتها في فيلم سينمائي"!! (1) .
وهذا المخرج يغالط الواقع، فانتشار مثل هذه الأفلام يسبب كثرة الجرائم، فهي التي تهيئ الجو النفسي لمثل هذه الجرائم، وهذا ما أوضحته الدراسات الجادة المتخصصة، فقد أظهرت إحدى الإحصائيات التي قامت بها باحثة في المركز القومي للبحوث الجنائية في مصر أن 98.1% من الذين قاموا بجرائم اغتصاب كانوا تحت تأثير الأفلام الجنسية والمخدرات (2) .
ولا أدّل على هذه الحقيقة من كلمات صادقة للتائبة شادية إذ تقول: "يؤسفني أن أقول إن كثيراً من أفلامنا تتعمد إشاعة العنف والإثارة بدعوى مقاومتها.."(3) .
كما أرجع لواء في الشرطة المصرية أسباب ارتكاب الجرائم بأشكالها كافة إلى أفلام الفيديو والتلفزيون التي تدخل البلاد بمنأى عن أي رقابة، وهذه الأفلام تعرض مشاهد مخلّة بالآداب وتعرض لتفاصيل ارتكاب الجريمة فتغرس في نفوس المنحرفين
(1) مجلة أكتوبر، العدد 7-8.
(2)
المسلمون، العدد 164.
(3)
المسلمون، العدد 195.