الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البوكيمون قمة الخرافة:
(البوكيمون) عرض لمسلسل كرتوني أُنتج في اليابان، وهو مخصص للأطفال، وقد انتشر بشكل مذهل في الآونة الأخيرة، في أنحاء شتى من العالم، وهو يُعرض مدبلجاً إلى اللغة العربية الفصحى (وهذا إنصافاً قد يُعدّ من إيجابياته) في عالمنا العربي، وقد غزا عقول أطفالنا وقلوبهم، حتى أمسى مالئ دنياهم، وشاغل أفئدتهم، وحديث ساعتهم، ومن ثم صارت صور أبطاله تباع وتشترى بمبالغ ليست متوقعة، فصار الأطفال يقامرون بهذه البطاقات فيما بينهم. حتى لقد استفتى الناس العلماء في حكمه، فقضت الفتاوى بتحريمه لما له من الأضرار المحققة على عقائد أطفالنا، وتعويدهم المقامرة.
ف
ما قصة "البوكيمون
"؟!
هي مجسّمات كرتونية لحيوانات متخيَّلة، غريبة الشكل، ومختلفة الأحجام، ومتنوعة القدرات لها قوى خارقة، يعيش بعضها في الغابات، وبعضها الآخر في الكهوف، وبعضها في الأنهار، وهناك ما يقارب مئة وخمسين (150) نوعاً منها، تدور أحداث قصصها في أرض مجهولة يعيش فيها الإنسان والبوكيمون، يقوم فيها البطل "آش" بتدريب بيكاتشو البوكيمون البطل المستحوذ الأول على عقول الصغار وقلوبهم. وقد اخترع هذه الكائنات الكرتونية شاب ياباني يبلغ من العمر 34 سنة، استطاع بمساعدة صديقين له الترويج لهذه الشخصية الكرتونية بعدما عكف ست سنوات من أجل إخراجها من حيّز الأفكار إلى حيز الواقع!!
المشغول لا يُشغل:
إن اقتحام البوكيمون بهذه السرعة الهائلة للسوق الإعلامية العربية
أمر متوقع، لا غرابة فيه، وذلك لكونها شبه فارغة من أي منتج قيم قد يستحوذ على مشاعر الطفل، ويحوز إعجابه، وذلك بغض النظر عن جودته أو رداءته، أو عن قيمته التربوية، سواء أكانت بنّاءة أم هدامة، فالسوق الإعلامية العربية أفقر ما تكون في مجال الرسوم المتحركة، والكوب الفارغ يُملأ ولو بالهواء، ولا أنكر أبداً أن هناك بعض المحاولات الجادّة في هذا المجال التي تحاول إظهار محاسن البيئة العربية وتمثُّل القيم الإسلامية؛ من أمثال "الفاتح"، و "عين جالوت" و"رحلة الخلود" ونحوها، إلاّ أنها تظل شبيهة بخطوات طفل يحبو في أشهره الأولى وهو ينافس عدّاءً قد حاز قصب السَّبْق مراراً وتكراراً.
وانطلاقاً من هذا المفهوم فإننا ندعو لقيام محاولات أكثر جدية وإتقاناً، تكون مبنية على أسس علمية وتربوية في هذا المجال، كما ندعو رجال الأعمال العرب والمستثمرين إلى خوض غمار هذه التجربة، حيث إن السوق العربية - من وجهة نظرنا- يمكنها استيعاب هذه المنتجات ذات الطابع العربي والإسلامي المتأصل. وقد علمتنا تجربة (مستر ديزني) أن النجاح لا يكمن في اختراع الشخصية الكرتونية وحسب، بل في غزوها لعالم الطفل؛ فتصل إلى ملابسه وألعابه، وكراريسه وأدواته المكتبية وأطباق طعامه وأكواب شرابه، حتى الحلويات المخصصة له، وعالمه الخاص بأكمله.
وهذا يشجع هؤلاء المستثمرين على القيام بصناعات ملحقة بهذا المنتج الكرتوني، قد تدرّ عليهم أرباحاً طائلة، ويكون سبيلاً ناجعاً لنشر القيم الطيبة والسلوك الحميد لدى أطفالنا. إن تحول الصناعة الكرتونية واستدارة دفتها من الوجهة الأمريكية إلى اليابانية يحدونا-
وبقوة- إلى الاعتقاد بأن عالم ديزني يمكن أن يُقْهَر بشيء من الإتقان، والعزيمة على منافسته. فما المانع من الاستفادة من هاتين التجربتين الرائدتين في هذا المجال؟! أما القول بأن يُمنع الأطفال من متابعة الرسوم المتحركة، فقد يولّد ذلك لديهم رغبة جامحة لتلك المتابعة "فكل ممنوع مرغوب"، فضلاً عن أنه يصعب ذلك، فقد غزا التلفاز كثيراً من الدُّور، فاستحكم في عقول ساكنيها، وسلب عليهم ألبابهم، وقد ملأت صور أبطال الرسوم كل الأسواق والمطاعم وألواح الإعلان، ونحن نتساءل هنا: ألا يمكن إيجاد بديل مثير لأطفالنا، يكون أكثر لصوقاً بتاريخنا ومعتقداتنا وبيئتنا العربية والإسلامية المحافظة؟! وليكن الغزو أخيراً غزواً عربيّاً إسلامياً أصيلاً لعقول صغارنا وقلوبهم.
إنه من المستغرب حقاً أن نطالب الناس بمنع أولادهم من أمور قارب شيوعها شيوع الماء والهواء؟! إنهم إن منعوهم منها فسيتحيّنون الفرص المناسبة لها، فالتلفاز قد انتشر انتشار النار في الهشيم، وأكياس الشيبس المملوءة بكروت البوكيمون قد امتلأ بها كثير من المحالّ التجارية والمطاعم العالمية التي تروج بضاعتها عبر أبطال الكرتون، فلا يجد الأهل بُدّاً - والحال كذلك - من إرضاء أطفالهم، بل إن الواقع يشهد بأن الأولاد هم الذين يقسرون أهلهم قسرًا على اللحاق بعالمهم، وإرضاء توجهاتهم.
وحيال وضع كهذا، كان لابدّ من السعي والمثابرة لإيجاد البدائل؛ فبدلاً من أن يصبح البوكيمون - وأمثاله مما قد يستجدّ - هو المستحوذ الأول والرئيس على عقول أطفالنا وحياتهم، فمن الممكن بشيءٍ من المجهود إيجاد بديل آخر فيه إثارة؛ يكون أكثر