الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ناهيك عن مسرحيات الكبار التي تعتمد أساساً على محاولة إضحاك الحضور أو إثارتهم، بمشاهد راقصة تعبيرية، دون اهتمام بجوهر العمل المسرحي الهادف.، ثم لنفترض أنك تخطيت - بنجاح تام- هذا الوجه من الإعلام (الفني) ، فإنك لن تستطيع الإفلات حتماً من قبضة الإعلام الفني بوجهه الآخر فتجد نفسك بمواجهة مقابلات مع فنانين، تقص عليك تفصيل سيرة حياتهم، وتعتمد آراءهم في شتى مناحي الحياة الاجتماعية، وكأن أحدهم قد صار قائداً ملهماً فذاً لا ترد آراؤه، تتلقفها الناشئة على أنها من المسلّمات البدهيات، هذا هو الدور الذي يضطلع به الإعلام المعاصر، لقد تخلى عن رسالته السامية في تعريف الأمة بحضارتها وجوانب شخصيتها وتطلعاتها، لينساق فيضطلع بدور تشويه الحقائق الدينية والفكرية، وطمس مفاخر الأمة الإسلامية، والمضي بها نحو الهاوية.
ولتوضيح دور الإعلام في ترويج الفن، فإننا سنتناول علاقة الفن بوسائل الإعلام المختلفة من صحافة ومسرح وإذاعة وتلفاز، وسيبرز لنا بصورة تلقائية الدور اليهودي والغربي في ترويج الفن، ولا يخفى على منصف كونهم المحرك الأساس في معظم وسائل الإعلام المختلفة.
أولاً: دور وسائل الإعلام في ترويج الفن:
أ - الصحافة والفن:
إن من لديه اهتمام بمتابعة العمل الصحفي يمكنه ملاحظة الارتباط الوثيق بين الفن والإعلام الصحفي، حيث أنشئت في بعض الدول مؤسسات صحفية تعنى بشؤون الفن وأخباره لتجعله جزءاً من الحياة اليومية للناس.
ففي أثناء الاحتلال البريطاني لمصر مثلاً، أنشأ النصارى مجلات فنية لا تعبر عن شخصية الأمة، بل إنها تستخفّ بها وتحول مسارها عن سبيل الفضيلة والاستقامة، وكان من رواد هذه الصحافة (روز اليوسف) والدة إحسان عبد القدوس، و (التابعي) الذي كان له اليد الطولى في صحافة الفضائح الأخلاقية في مصر (1) .
كانت هذه نقطة البداية، ثم أخذت الصحافة المحلية بعد ذلك تصدر مجلات متخصصة ترمي من خلالها إلى إحداث ثغرات في سلوك المجتمع المسلم، وذلك بنشر أخبار الفنانين والفنانات بأساليب هابطة، وقد أسهمت فعلاً في الإسفاف بالمستوى الفكري للأمة، عندما جعلت كثيراً من المسلمين يتخذون أهل الفن أبطالاً وعظماء يُقتدى بهم.
ومثال ذلك مجلة «حواء» و «الكواكب» ، وفي لبنان مجلّتَا «الشبكة» و «الموعد» .
وقد تتابع صدور المجلات الفنية بعد ذلك حتى كادت تملأ المكتبات وتغطي الأرصفة، وإليك بعض أسمائها:
«فنون» ، «نجوم الفن» ، «سينما 2000» ، «كل الناس» ، «الجديدة» ، «حواء» ، «نورا» ، «الجميلة» ، «أبعاد فنية» ..... وغيرها عشرات. وكلها تدور حول موضوعات متشابهة تقريباً فهي تدور في فلك الفن، فتنشر صور الفنانين وخصوماتهم واهتماماتهم بسفساف الأمور، وأسعار حفلات النجوم، والألبومات الجديدة لهم، ومقابلات متكررة مملة بموضوعاتها لكن لأسماء مختلفة من الفنانين!
(1) المجتمع، العدد 825.
صفحات فنية:
من اللافت للنظر كثرة الصفحات الفنية في الصحف والمجلات العربية، ففي دراسة تناولت المجلات الكويتية مادة لها، اتضح أن الصحف والمجلات تُفرد 10% من صفحاتها للفن وأخبار الفنانين (وذلك باستثناء الإعلانات الفنية) وهي نسبة كبيرة تكاد تفوق الصفحات الدينية في الصحف والمجلات نفسها، كما أن الملاحق تكاد تكون مخصصة للفن وصور المتبرجات وشبه العاريات، وقد تبين أن نسبة الصفحات الفنية في بعض المجلات كانت كالآتي:
اليقظة 46%
النهضة 33%
مرآة الأمة 31%
صوت الخليج 18%
وما زالت أعداد الصفحات الفنية هذه في تزايد مستمر. هذا هو الواقع الإعلامي الموجّه لأمتنا، ولو قارنّا هذه النسب مع نسب الصفحات الفنية في بعض المجلات السياسية في أمريكا لوجدنا ما يأتي:
مجلة يو إس نيوز 1.3%
مجلة تايم 1.8%
مجلة نيوزويك 1.8%
أي أقل من 2% من عدد صفحات المجلة السياسية، وهي نسبة معقولة جداً إذا ما قورنت بما سبق (1) .
فما الداعي لهذا الاهتمام البالغ بالفن وأهله في صحافة الوطن العربي؟ وما المسوّغ لهذا التوجه الذي لا يعكس شخصية الأمة ولا
(1) المجتمع، العدد 825 بتصرف.