المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[سورة ق]   ‌ ‌فاتحة سورة ق لا يخفى على من تنور قلبه بأنوار - الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية - جـ ٢

[النخجواني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌[سورة النور]

- ‌فاتحة سورة النور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النور

- ‌[سورة الفرقان]

- ‌فاتحة سورة الفرقان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفرقان

- ‌ الآيات

- ‌[سورة الشعراء]

- ‌فاتحة سورة الشعراء

- ‌خاتمة سورة الشعراء

- ‌[سورة النمل]

- ‌فاتحة سورة النمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النمل

- ‌[سورة القصص]

- ‌فاتحة سورة القصص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القصص

- ‌[سورة العنكبوت]

- ‌فاتحة سورة العنكبوت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العنكبوت

- ‌[سورة الروم]

- ‌فاتحة سورة الروم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الروم

- ‌[سورة لقمان]

- ‌فاتحة سورة لقمان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة لقمان

- ‌[سورة السجدة]

- ‌فاتحة سورة السجدة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السجدة

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌فاتحة سورة الأحزاب

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحزاب

- ‌[سورة السبأ]

- ‌فاتحة سورة السبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السبأ

- ‌[سورة فاطر]

- ‌فاتحة سورة الفاطر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفاطر

- ‌[سورة يس]

- ‌فاتحة سورة يس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة يس

- ‌[سورة الصافات]

- ‌فاتحة سورة الصافات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصافات

- ‌[سورة ص]

- ‌فاتحة سورة ص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ص

- ‌[سورة الزمر]

- ‌فاتحة سورة الزمر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزمر

- ‌[سورة المؤمن]

- ‌فاتحة سورة المؤمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المؤمن

- ‌[سورة فصلت]

- ‌فاتحة سورة فصلت

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة فصلت

- ‌[سورة الشورى]

- ‌فاتحة سورة الشورى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشورى

- ‌[سورة الزخرف]

- ‌فاتحة سورة الزخرف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزخرف

- ‌[سورة الدخان]

- ‌فاتحة سورة الدخان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الدخان

- ‌[سورة الجاثية]

- ‌فاتحة سورة الجاثية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجاثية

- ‌[سورة الأحقاف]

- ‌فاتحة سورة الأحقاف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحقاف

- ‌[سورة محمد]

- ‌فاتحة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[سورة الفتح]

- ‌فاتحة سورة الفتح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفتح

- ‌[سورة الحجرات]

- ‌فاتحة سورة الحجرات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحجرات

- ‌[سورة ق]

- ‌فاتحة سورة ق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ق

- ‌[سورة الذاريات]

- ‌فاتحة سورة الذاريات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الذاريات

- ‌[سورة الطور]

- ‌فاتحة سورة الطور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطور

- ‌[سورة النجم]

- ‌فاتحة سورة النجم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة والنجم

- ‌[سورة القمر]

- ‌فاتحة سورة القمر

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة القمر

- ‌[سورة الرحمن]

- ‌فاتحة سورة الرحمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الرحمن

- ‌[سورة الواقعة]

- ‌فاتحة سورة الواقعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الواقعة

- ‌[سورة الحديد]

- ‌فاتحة سورة الحديد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحديد

- ‌[سورة المجادلة]

- ‌فاتحة سورة المجادلة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المجادلة

- ‌[سورة الحشر]

- ‌فاتحة سورة الحشر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحشر

- ‌[سورة الممتحنة]

- ‌فاتحة سورة الممتحنة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الممتحنة

- ‌[سورة الصف]

- ‌فاتحة سورة الصف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصف

- ‌[سورة الجمعة]

- ‌فاتحة سورة الجمعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجمعة

- ‌[سورة المنافقين]

- ‌فاتحة سورة المنافقين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المنافقين

- ‌[سورة التغابن]

- ‌فاتحة سورة التغابن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التغابن

- ‌[سورة الطلاق]

- ‌فاتحة سورة الطلاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطلاق

- ‌[سورة التحريم]

- ‌فاتحة سورة التحريم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التحريم

- ‌[سورة الملك]

- ‌فاتحة سورة الملك

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الملك

- ‌[سورة القلم]

- ‌فاتحة سورة ن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ن

- ‌[سورة الحاقة]

- ‌فاتحة سورة الحاقة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحاقة

- ‌[سورة المعارج]

- ‌فاتحة سورة المعارج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المعارج

- ‌[سورة نوح]

- ‌فاتحة سورة نوح عليه السلام

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة نوح عليه السلام

- ‌[سورة الجن]

- ‌فاتحة سورة الجن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجن

- ‌[سورة المزمل]

- ‌فاتحة سورة المزمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المزمل

- ‌[سورة المدثر]

- ‌فاتحة سورة المدثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المدثر

- ‌[سورة القيامة]

- ‌فاتحة سورة القيامة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القيامة

- ‌[سورة الإنسان]

- ‌فاتحة سورة الإنسان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإنسان

- ‌[سورة المرسلات]

- ‌فاتحة سورة المرسلات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المرسلات

- ‌[سورة النبإ]

- ‌فاتحة سورة النبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النبأ

- ‌[سورة النازعات]

- ‌فاتحة سورة النازعات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النازعات

- ‌[سورة عبس]

- ‌فاتحة سورة عبس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة عبس

- ‌[سورة التكوير]

- ‌فاتحة سورة التكوير

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة التكوير

- ‌[سورة الانفطار]

- ‌فاتحة سورة الانفطار

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانفطار

- ‌[سورة المطففين]

- ‌فاتحة سورة التطفيف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التطفيف

- ‌[سورة الانشقاق]

- ‌فاتحة سورة الانشقاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشقاق

- ‌[سورة البروج]

- ‌فاتحة سورة البروج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البروج

- ‌[سورة الطارق]

- ‌فاتحة سورة الطارق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطارق

- ‌[سورة الأعلى]

- ‌فاتحة سورة الأعلى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأعلى

- ‌[سورة الغاشية]

- ‌فاتحة سورة الغاشية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الغاشية

- ‌[سورة الفجر]

- ‌فاتحة سورة الفجر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفجر

- ‌[سورة البلد]

- ‌فاتحة سورة البلد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البلد

- ‌[سورة الشمس]

- ‌فاتحة سورة الشمس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشمس

- ‌[سورة الليل]

- ‌فاتحة سورة الليل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الليل

- ‌[سورة الضحى]

- ‌فاتحة سورة الضحى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الضحى

- ‌[سورة الانشراح]

- ‌فاتحة سورة الانشراح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشراح

- ‌[سورة التين]

- ‌فاتحة سورة التين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التين

- ‌[سورة العلق]

- ‌فاتحة سورة العلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العلق

- ‌[سورة القدر]

- ‌فاتحة سورة القدر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القدر

- ‌[سورة البينة]

- ‌فاتحة سورة البينة

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة البينة

- ‌[سورة الزلزال]

- ‌فاتحة سورة الزلزال

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزلزال

- ‌[سورة العاديات]

- ‌فاتحة سورة العاديات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العاديات

- ‌[سورة القارعة]

- ‌فاتحة سورة القارعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القارعة

- ‌[سورة التكاثر]

- ‌فاتحة سورة التكاثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التكاثر

- ‌[سورة العصر]

- ‌فاتحة سورة العصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العصر

- ‌[سورة الهمزة]

- ‌فاتحة سورة الهمزة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الهمزة

- ‌[سورة الفيل]

- ‌فاتحة سورة الفيل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفيل

- ‌[سورة قريش]

- ‌فاتحة سورة قريش

- ‌‌‌[الآيات]

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة قريش

- ‌[سورة الماعون]

- ‌فاتحة سورة الماعون

- ‌خاتمة سورة الماعون

- ‌[سورة الكوثر]

- ‌فاتحة سورة الكوثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكوثر

- ‌[سورة الكافرون]

- ‌فاتحة سورة الكافرون

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكافرون

- ‌[سورة النصر]

- ‌فاتحة سورة النصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النصر

- ‌[سورة تبت]

- ‌فاتحة سورة تبت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة تبت

- ‌[سورة الإخلاص]

- ‌فاتحة سورة الإخلاص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإخلاص

- ‌[سورة الفلق]

- ‌فاتحة سورة الفلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفلق

- ‌[سورة الناس]

- ‌فاتحة سورة الناس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الناس

الفصل: ‌ ‌[سورة ق]   ‌ ‌فاتحة سورة ق لا يخفى على من تنور قلبه بأنوار

[سورة ق]

‌فاتحة سورة ق

لا يخفى على من تنور قلبه بأنوار الوحدة الذاتية المتشعشعة من مشكاة النبوة والولاية المترتبتين على نشأة الإنسان المصور بصورة الرحمن إذ أكمل المظاهر وأوليها لقبول التجليات الإلهية وأحراها لرتبة الخلافة والنيابة عنه سبحانه وأليقها للتخلق بأخلاق الحق هو الإنسان الكامل القابل لانعكاس اشعة شمس الذات الاحدية المستهلك دونها عموم الكثرات والإضافات فظهر ان لا مظهر اجمع من الإنسان وأكمل منه واشرف هذا النوع وأكمله وأتمه علما وعينا كشفا وشهودا هو نبينا صلوات الله وسلامه عليه فمن تعجب عن رسالته وخلافته صلى الله عليه وسلم عتوا وأنكر إرشاده وهدايته لبنى نوعه عنادا وإنزال الله الوحى اليه مكابرة فقد ضل وغوى ولم يهتد الى ما هو الرشد والهدى لذلك انزل سبحانه على حبيبه صلى الله عليه وسلم ما انزل وخاطبه بما خاطب واقسم بما اقسم تأكيدا ومبالغة لإثبات هدايته وإرشاده صلى الله عليه وسلم وكمال لياقته لخلافة الحق ونيابته فقال بعد ما تيمن بِسْمِ اللَّهِ المرسل للرسل المنزل للكتب لتبيين طريق توحيده الرَّحْمنِ بعموم عباده يدعوهم الى دار السلام الرَّحِيمِ لخواصهم يوصلهم الى أعلى المقامات بأنواع الانعام والإكرام

[الآيات]

ق ايها الإنسان الكامل القابل لخلعة الخلافة والنيابة الإلهية القيم القائم لتبليغ الوحى والإلهام المنزل عليه من عنده سبحانه على عموم الأنام القائد لهم الى توحيد الملك العلام القدوس السلام ذي القدرة والقوة الكاملة الشاملة على عموم الانعام والانتقام وَحق الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ العظيم المنزل من المجيد العظيم انك يا أكمل الرسل لمرسل الى كافة الخلق من الحق على الحق لتبيين طريق الحق وتوحيده. ولما لم يجد المنكرون الجاحدون لعلو شأنك فيك يا أكمل الرسل شيأ وشينا يبعثهم ويدعوهم الى إنكارك وتكذيبك صريحا اضطروا الى العناد والمكابرة

بَلْ عَجِبُوا على سبيل الاستبعاد والاستنكار أولئك الحمقى الجاهلون الجاحدون أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ اى بان بعث إليهم رسول من جنسهم وبنى نوعهم ينذرهم عن اهوال يوم القيامة وافزاعها مع انهم منكرون للحشر وإرسال البشر جميعا فَقالَ الْكافِرُونَ المستكبرون بعد ما سمعوا منك الدعوة والإنذار من شدة انكارهم واستبعادهم هذا اى إرسال البشر الى البشر والإنذار من الحشر المحال كل منهما شَيْءٌ عَجِيبٌ وامر بديع ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ثم فصلوا ما اجملوا على سبيل التعجب والإنكار فقالوا فيما بينهم مستفهمين مستبعدين

أَإِذا مِتْنا اى أنرجع ونعود احياء كما كنا إذا متنا وَكُنَّا تُراباً وهباء منبثا ذلِكَ العود والرجوع رَجْعٌ بَعِيدٌ عن الوقوع وقبول العقول. ثم قال سبحانه ردا عليهم وردعا لهم كيف تستبعدون وتنكرون عنا قدرتنا على بعث الموتى واعادتهم احياء كما كانوا مع انا

قَدْ عَلِمْنا على وجه التفصيل والتحقيق ما تَنْقُصُ تأكل الْأَرْضُ مِنْهُمْ اى من اجزائهم وعظامهم واوصالهم وكيف لا نعلم وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ حاصر لتفصيل عموم الأشياء حافظ لها ألا وهو حضرة علمنا الحضوري ولوح قضائنا المحفوظ المصون عن عدم الضبط والشذوذ

بَلْ هم من غاية عمههم وسكرتهم ونهاية غيهم وغفلتهم كَذَّبُوا بِالْحَقِّ المطابق للواقع المؤيد بالبرهان الساطع والدليل القاطع وهو نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لَمَّا جاءَهُمْ وحين بعث إليهم من الحق بالحق على الحق لتبيينه وتمييزه عن الباطل لذلك أنكروا

ص: 345

البعث الذي جاء صلى الله عليه وسلم لتبيينه وللانذار بما فيه من انواع العقبات والعقوبات وبالجملة فَهُمْ بمقتضى أحلامهم السخيفة مغمورون فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ مضطرب مخلوط حيث يلتبس عليهم حقيته صلى الله عليه وسلم وحقية عموم ما جاء به لذلك يترددون في شأنه ويقولون تارة انه شاعر وتارة انه ساحر وتارة كاهن وتارة مجنون مخبط يتكلم بكلام المجانين الى غير ذلك من المفتريات الباطلة

أَفَلَمْ يَنْظُرُوا ولم يتفكروا ولم يتفطنوا حين أنكروا البعث والحشر إِلَى السَّماءِ المطبقة المعلقة فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها ورفعناها بلا اعمدة وأساطين وَكيف زَيَّنَّاها بالكواكب المتفاوتة في الإضاءة والتنوير وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ نتو وفتوق بل قد خلقناها ملساء متوازية السطوح متلاصقة الطباق

وَلم ينظروا ايضا الى الْأَرْضَ ولم يتدبروا فيها كيف مَدَدْناها ومهدناها بكمال قدرتنا وحكمتنا وَأَلْقَيْنا فِيها وعليها رَواسِيَ جبالا ثوابت شامخات وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ صنف من انواع النباتات بَهِيجٍ حسن كريم تبهج عيون الناظرين وتسر قلوبهم وبالجملة ما خلقنا عموم ما خلقنا من العجائب والغرائب الا لتكون

تَبْصِرَةً وَذِكْرى اى عظة وعبرة دالة على كمال قدرتنا ومتانة حكمنا وحكمتنا لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ رجاع إلينا متوجه نحونا بكمال التبتل والتفويض ليتذكر بها ويتفطن منها على كمال اقتدارنا واختيارنا في خلق عموم مرادتنا ومقدوراتنا ومن جملتها حشر الأموات وبعثهم من قبورهم احياء

وَكيف يسع لأولئك الحمقى الهالكين في تيه العناد والجحود انكار قدرتنا على البعث والإعادة مع انا قد نَزَّلْنا مِنَ جانب السَّماءِ ماءً مُبارَكاً كثير الخير والبركة فَأَنْبَتْنا بِهِ بعد انزاله وتنزيله على الأرض اليابسة الميتة جَنَّاتٍ اى حدائق ذات بهجة وبهاء ونزاهة وصفاء وَلا سيما حَبَّ الْحَصِيدِ من البر والشعير وسائر الحبوب المحصورة للتقوت والتعيش

وَقد أنبتنا به خصوصا النَّخْلَ وجعلناها باسِقاتٍ طوالا متحملات لَها طَلْعٌ ثمر ذو عنقود نَضِيدٌ منضود منضد بعضه فوق بعض من غاية كثرته وكثافته وانما انبتناها لتكون

رِزْقاً لِلْعِبادِ يرزقون بها ويواظبون على شكر منعمها ومبدعها وَبالجملة قد أَحْيَيْنا بِهِ اى بالماء المنزل من جانب السماء بَلْدَةً مَيْتاً يابسة جدبة لا كلأ فيها ولا ماء كَذلِكَ الْخُرُوجُ اى خروجهم من قبورهم احياء بقدرتنا مثل ذلك فمن اين ينكرون وأنى يستبعدون أولئك الحمقى الجاهلون الجاحدون بقدرة العليم الحكيم وليس هذا التكذيب والإنكار ببدع من هؤلاء المكذبين المنكرين يا أكمل الرسل بل قد

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ مثل تكذيبهم وانكارهم قَوْمُ نُوحٍ أخاك نوحا صلى الله عليه وسلم حين بعث إليهم وانذرهم ونهاهم عماهم عليه من الكفر والجحود والخروج عن مقتضى الحدود وَكذلك كذبت أَصْحابُ الرَّسِّ وهو بئر كانوا يسكنون حوله أخاك حنظلة بن صفوان عليه السلام وَكذا قد كذبت ثَمُودُ أخاك صالحا عليه السلام فعقروا الناقة المقترحة

وَعادٌ أخاك هودا عليه السلام وَقد كذب فِرْعَوْنُ وملاؤه أخاك موسى الكليم وَإِخْوانُ لُوطٍ أخاك لوطا عليه السلام سماهم إخوانه لأنهم اصهاره

وَكذبت ايضا أَصْحابُ الْأَيْكَةِ أخاك شعيبا عليه السلام وَكذبت قَوْمُ تُبَّعٍ وهو تبع الحميرى واسمه اسعد ابو كريب علماءهم وأئمتهم المصلحين لمفاسدهم وبالجملة كُلٌّ منهم قد كَذَّبَ الرُّسُلَ المبعوثين إليهم لهدايتهم وإرشادهم فَحَقَّ اى قد حل ولحق عليهم وَعِيدِ الموعود لهم بتكذيبهم وإصرارهم

ص: 346

فهلكوا واستوصلوا فكذا هؤلاء المكذبون المسرفون سيهلكون ويستأصلون عن قريب فاصبر يا أكمل الرسل على أذاهم ولا تستعجل لهم فسيرون ما يوعدون. ثم قال سبحانه على سبيل الإنكار والاستبعاد على المنكرين المستبعدين بالحشر والبعث

أَفَعَيِينا اى أينكرون قدرتنا على الإعادة ويظنون انا قد صرنا عاجزين بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ اى الإبداء الابداعى عن الخلق الثاني الأعادي ويزعمون ان قدرتنا تضعف وتفتر عند الخلق الاول بل تنتهي دونه ولم يعلموا ان قدرتنا بل عموم اوصافنا وأسمائنا لا تتصف بالانتهاء والفتور ولا بالانقضاء والقصور حتى يفهموا ويتفطنوا ان تعلق قدرتنا لكل مقدور من المقدورات في كل آن من الآنات على شأن الشئون الكمالية بحيث لم يمض مثله ولا يأتى شبهه بَلْ لهم ان يتفطنوا بمقتضى الفطرة الاصلية ان هُمْ في أنفسهم وفي حدود ذواتهم دائما مستمرا فِي لَبْسٍ وخلعة مِنْ توارد خَلْقٍ جَدِيدٍ منا وإيجاد متجدد من لدنا في كل زمان وآن حسب قدرتنا واختيارنا

وَبالجملة لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وقدرنا وجوده واستعداده في حضرة علمنا وأثبتناه في لوح قضائنا وأظهرناه من كتم العدم وَنحن نَعْلَمُ منه حينئذ ما تُوَسْوِسُ وتحدث بِهِ نَفْسُهُ وتخطر بباله الآن من أمثال هذه الأوهام والخيالات الباطلة المترتبة على حصة ناسوته المقيدة بسلاسل الرسوم وأغلال العادات الموروثة له من العقل الفضول الممتزج بالوهم الجهول وَكيف لا نعلم منه هواجس نفسه إذ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ اى وريده وهو مثل في القرب المفرط كما قال الموت ادنى لي من الوريد واضافة الحبل اليه للبيان وبالجملة نحن اقرب اليه من الوريدين وهما العرقان المنبثان من مقدم الرأس المتنازلان من طرفي العنق المتلاصقان عند القفا المنتهيان الى آخر البدن وهما قوام البدن وعليهما مداره إذ هما أقوى دعائم هيكل الإنسان وبالجملة نحن بحسب روحنا المنفوخ فيه من عالم اللاهوت اقرب اليه من ناسوته لا على توهم المسافة وعلى سبيل التركب والاتحاد والحلول والامتزاج بل على وجه الظلية والانعكاس ومع غاية قرب الحق اليه وكمال احاطته إياه وكل عليه الحفظة من الملائكة ليراقبوا أحواله ويحافظوا عليه إلزاما للحجة عليه لدى الحاجة يوم القيامة اذكر يا أكمل الرسل وقت

إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ الموكلان عليه عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ اى قاعد كل من الموكلين عن يمينه وشماله مترقبين على عموم أحواله واعماله وأقواله بحيث

ما يَلْفِظُ ولا يتلفظ مِنْ قَوْلٍ يتفوه به ويرميه من فيه إِلَّا لَدَيْهِ وعنده رَقِيبٌ حفيظ عليه عَتِيدٌ مهيأ معد حاضر عنده غير مغيب عنه يرقبه ويحفظه على وجه لا يفوت عنه شيء من ملتقطاته مطلقا خيرا كان او شرا

وَهما يحفظانه ويرقبان عليه الى حين جاءَتْ وحضرت سَكْرَةُ الْمَوْتِ شدته وغمرته بِالْحَقِّ والحقيقة وحضرت علاماته وانكشفت عليه أهواله واماراته قيل له حينئذ من قبل الحق ذلِكَ اى الموت الذي ينزل عليك الآن ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ هو الموت الذي قد كنت أنت تميل وتفر عنه فيما مضى

وَبعد ما ذاق الإنسان مرارة العذاب وقت سكرات الموت فتكون تذكرة أنموذجا عنده من العذاب الموعود في يوم القيامة نُفِخَ فِي الصُّورِ للبعث والحشر فإذا هو قائم هائم حائر ينظر حيران سكران قيل له من قبل الحق على سبيل التهويل ألست تنظر وتتحير يا حائر الهائم ذلِكَ اليوم الذي أنت فيه الآن يَوْمُ الْوَعِيدِ الموعود لك في دار الدنيا وأنت حينئذ لم تؤمن به ولم تخف من أهواله حتى وقعت فيه وذقت من عذابه وقت موتك وخروجك من الدنيا

وَبعد ما بعث الأموات من أجداثهم

ص: 347

وحشروا للجزاء جاءَتْ وحضرت كُلُّ نَفْسٍ من النفوس الطيبة والخبيثة مَعَها سائِقٌ موكل يسوقها الى المحشر للعرض والجزاء وَشَهِيدٌ من حفظة أعمالها وأحوالها يشهد لها او عليها وبعد ما حضر الكل بين يدي الله قيل لكل منهم من قبل الحق على وجه الخطاب والعقاب

لَقَدْ كُنْتَ ايها المغرور فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا اليوم وانكار عظيم من وقوعه كذلك كذبت بالرسل وكنت استهزأت من الهداة الثقاة واستكبرت عليهم فَكَشَفْنا اليوم عَنْكَ غِطاءَكَ الذي هو سبب غفلتك وإنكارك وعلة تعاميك واستكبارك من الآيات والنذر ألا وهو تفكرك المحسوسات العادية وإنكارك على الأمور الغيبية الخارجة عن حيازة حواسك وقواك فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ يعنى قد صار بصرك بعد انكشافك بهذا اليوم حادا حديدا نافذا الا انه لا ينفعك الآن حدة بصرك وانكشافك بعد ما انقرضت نشأة الاختبار والاعتبار

وَقالَ له حينئذ قَرِينُهُ من الحفظة المراقب عليه في النشأة الاولى هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ اى هذا الذي سمعت الآن من الخطاب والعتاب هو الذي حفظته لك عندي وكتبته في صحيفة عملك قبل وقوعك فيه في النشأة الاولى وبعد ما جرى بين كل من العصاة وبين قرينهم ما جرى قد امر من قبل الحق للسائق والشهيد امرا وجوبيا حتما

أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ واطرحا فيها كُلَّ كَفَّارٍ مبالغ في الكفر والإنكار عَنِيدٍ متبالغ متناه في العناد والاستكبار

مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مبالغ في المنع عن الانفاق المأمور به مُعْتَدٍ متجاوز عن الحق مائل نحو الباطل مُرِيبٍ موقع لعباد الله في الشك والشبهة في دينه القويم وصراطه المستقيم الذي أنزله سبحانه الى رسوله المتصف بالخلق العظيم وهذا المسرف المفرط هو

الَّذِي جَعَلَ اى أخذ واثبت مَعَ اللَّهِ الواحد الأحد الفرد المنزه عن الشرك مطلقا إِلهاً آخَرَ واعتقده موجدا مثله شريكا معه في عموم أفعاله وآثاره وبالجملة فَأَلْقِياهُ ايها الموكلان هذا الطاغي الباغي المتناهي في التعدي والعدوان فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ بدل ما تجاوز عن التوحيد الإلهي وأصر على التشريك والتعديد في حقه سبحانه. وبعد ما أراد الموكلان ان يبطشاه ويجراه نحو النار أخذ يصرخ وينسب شركه وضلاله الى الشيطان المضل المغوى وهو حاضر عنده سامع قوله وبعد ما سمع الشيطان منه ما سمع

قالَ له قَرِينُهُ اى الشيطان متضرعا الى الله مناجيا معه رَبَّنا يا من ربانا لاختبار اخلاص عبادك في أعمالهم ما أَطْغَيْتُهُ وما أضللته انا وَلكِنْ كانَ في نفسه فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ بمراحل عن الهداية والرشد حسب اهويته وأمانيه الفاسدة وآماله الطويلة الكاسدة وبعد ما اختصم الكافر وقرينه عند الله

قالَ الله سبحانه لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ ولا تنازعوا عندي إذ لا نفع لكم الآن في الخصومة والنزاع وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ في كتبي وعلى ألسنة رسلي بِالْوَعِيدِ الهائل والعذاب الشديد على اهل الشرك والطغيان والكفر والكفران فالحكم على ما جرى بلا تبديل وتغيير إذ

ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ والحكم لَدَيَّ بل ما هو المقدر في علمي كائن على ما ثبت وكان بمقتضى العدالة والقسط الحقيقي وَبالجملة ما أَنَا في حال من الأحوال وشأن من الشئون بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ اى ليس من شأنى الظلم والتعدي على عبيدي بل هم يظلمون أنفسهم فيستحقون العقوبة على قدر عصيانهم. اذكر يا أكمل الرسل للعصاة والكفرة المشركين المصرين على العناد والإنكار

يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ المعدة لجزائهم سؤال تخييل وتصوير حين طرحت عليها أفواج الكفرة والعصاة هَلِ امْتَلَأْتِ يا جهنم وَتَقُولُ

ص: 348

جهنم من شدة تلهبه وتسعره بإنطاق الله إياها هَلْ مِنْ مَزِيدٍ على المطروح حتى يطرح. ثم يطرح ما بقي من أهلها الى ان امتلأت انجازا لما وعد لها الحق بقوله لا ملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين

وَاذكر ايضا يا أكمل الرسل للمؤمنين المطيعين يوم أُزْلِفَتِ وقربت الْجَنَّةُ الموعودة لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ بل بحيث يرون منازلهم فيها من غاية قربها قبل دخولهم ويتمنون الوصول فيقال لهم حينئذ

هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ رجاع نحو الحق في عموم ملماته تواب الى الله من عموم زلاته ومطلق فرطاته في نشأة الاختبار حَفِيظٍ لتوبته على وجه الندم والإخلاص بلا توهم عود ورجوع إليها أصلا وبالجملة

مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ واجتنب عن عموم محارمه ومنهياته خائفا من سخطه راجيا من سعة رحمته حال كونه في نشأة الاعتبار والاختبار قبل انكشاف السرائر والأستار وحلول النشأة الاخرى ورضى بالتكالف الإلهية ووطن نفسه لامتثال عموم الأوامر والنواهي وبمطلق الاحكام الجارية على ألسنة الرسل والكتب وَمع ذلك قد جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ الى الله مقبل نحوه طوعا ورغبة مخلص في طاعة الله واطاعة رسوله قيل لهم حينئذ من قبل الحق على وجه التبشير

ادْخُلُوها اى الجنة المعدة لأرباب التقوى بِسَلامٍ حال كونكم سالمين آمنين من العذاب لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون ذلِكَ اليوم الذي أنتم فيه الآن يَوْمُ الْخُلُودِ في الجنة الموعودة لأرباب العناية والشهود. جعلنا الله من زمرتهم بمنه وجوده وبالجملة

لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها من اللذات الحسية والعقلية المحاطة بمداركهم وآلاتهم بل وَلَدَيْنا مَزِيدٌ على ما يسألون وما يأملون بحسب استعداداتهم مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ثم قال سبحانه تهديدا على من اعرض عن دينه ونبيه

وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ اى قبل قومكم يا أكمل الرسل مِنْ قَرْنٍ اى اهله يعنى أقواما كثيرة وامما شتى قد أهلكنا قبلهم مع انه هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً قوة وقدرة واكثر أموالا واولادا كعاد وثمود وفرعون وغيرهم فَنَقَّبُوا اى انصرفوا وانقلبوا وساروا فِي الْبِلادِ متمنين هَلْ يجدون مِنْ مَحِيصٍ مهرب ومخلص من بطش الله وحلول عذابه عليهم فلم يجدوا بعد ما استحقوا الأخذ والتعذيب والإهلاك وبالآخرة هلكوا واستؤصلوا حتما فكذا هؤلاء المسرفون المعاندون سيهلكون كما هلكوا وبالجملة

إِنَّ فِي ذلِكَ القرآن العظيم الذي نزل عليك يا أكمل الرسل لَذِكْرى اى عظة وتذكيرا وعبرة وتنبيهما لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ يتفطن من تقلبات الأحوال وتطوراتها الى شئون الحق وتجلياته الجمالية والجلالية حسب اقتضاء الذات بالإرادة والاختيار وكمالات الأسماء والصفات الذاتية أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ اى يكون من ارباب الارادة الصادقة الخالصة عن شوائب السمعة ورعونات الرياء بحيث القى سمعه الى استماع كلمة الحق من اهله وَهُوَ حينئذ شَهِيدٌ حاضر القلب فارغ الهم حديد الفطنة صحيح الارادة خالص العزيمة مترقب لان ينكشف له ما انكشف لأرباب القلوب فيكون منهم. ثم لما قالت اليهود ان الله خلق العالم في ستة ايام من الأسبوع وبعد ما عيى من الخلق والإيجاد استلقى على العرش في يوم السبت للاستراحة رد الله عليهم فقال

وَلَقَدْ خَلَقْنَا وأظهرنا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما من الكوائن الممتزجة منهما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ على عدد الأقطار والجهات وَمع ذلك ما مَسَّنا وما عرض علينا وما لحق بنا مِنْ لُغُوبٍ وصب وتعب وعياء وفتور كما زعم هؤلاء المسرفون المفرطون إذ ذاتنا المتعالية متنزهة عن طريان أمثال هذه

ص: 349