المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الإنسان لينكشف له ذاته سبحانه وكمالات أسمائه وصفاته الرَّحْمنِ عليه - الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية - جـ ٢

[النخجواني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌[سورة النور]

- ‌فاتحة سورة النور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النور

- ‌[سورة الفرقان]

- ‌فاتحة سورة الفرقان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفرقان

- ‌ الآيات

- ‌[سورة الشعراء]

- ‌فاتحة سورة الشعراء

- ‌خاتمة سورة الشعراء

- ‌[سورة النمل]

- ‌فاتحة سورة النمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النمل

- ‌[سورة القصص]

- ‌فاتحة سورة القصص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القصص

- ‌[سورة العنكبوت]

- ‌فاتحة سورة العنكبوت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العنكبوت

- ‌[سورة الروم]

- ‌فاتحة سورة الروم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الروم

- ‌[سورة لقمان]

- ‌فاتحة سورة لقمان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة لقمان

- ‌[سورة السجدة]

- ‌فاتحة سورة السجدة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السجدة

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌فاتحة سورة الأحزاب

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحزاب

- ‌[سورة السبأ]

- ‌فاتحة سورة السبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السبأ

- ‌[سورة فاطر]

- ‌فاتحة سورة الفاطر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفاطر

- ‌[سورة يس]

- ‌فاتحة سورة يس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة يس

- ‌[سورة الصافات]

- ‌فاتحة سورة الصافات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصافات

- ‌[سورة ص]

- ‌فاتحة سورة ص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ص

- ‌[سورة الزمر]

- ‌فاتحة سورة الزمر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزمر

- ‌[سورة المؤمن]

- ‌فاتحة سورة المؤمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المؤمن

- ‌[سورة فصلت]

- ‌فاتحة سورة فصلت

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة فصلت

- ‌[سورة الشورى]

- ‌فاتحة سورة الشورى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشورى

- ‌[سورة الزخرف]

- ‌فاتحة سورة الزخرف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزخرف

- ‌[سورة الدخان]

- ‌فاتحة سورة الدخان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الدخان

- ‌[سورة الجاثية]

- ‌فاتحة سورة الجاثية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجاثية

- ‌[سورة الأحقاف]

- ‌فاتحة سورة الأحقاف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحقاف

- ‌[سورة محمد]

- ‌فاتحة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[سورة الفتح]

- ‌فاتحة سورة الفتح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفتح

- ‌[سورة الحجرات]

- ‌فاتحة سورة الحجرات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحجرات

- ‌[سورة ق]

- ‌فاتحة سورة ق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ق

- ‌[سورة الذاريات]

- ‌فاتحة سورة الذاريات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الذاريات

- ‌[سورة الطور]

- ‌فاتحة سورة الطور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطور

- ‌[سورة النجم]

- ‌فاتحة سورة النجم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة والنجم

- ‌[سورة القمر]

- ‌فاتحة سورة القمر

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة القمر

- ‌[سورة الرحمن]

- ‌فاتحة سورة الرحمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الرحمن

- ‌[سورة الواقعة]

- ‌فاتحة سورة الواقعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الواقعة

- ‌[سورة الحديد]

- ‌فاتحة سورة الحديد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحديد

- ‌[سورة المجادلة]

- ‌فاتحة سورة المجادلة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المجادلة

- ‌[سورة الحشر]

- ‌فاتحة سورة الحشر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحشر

- ‌[سورة الممتحنة]

- ‌فاتحة سورة الممتحنة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الممتحنة

- ‌[سورة الصف]

- ‌فاتحة سورة الصف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصف

- ‌[سورة الجمعة]

- ‌فاتحة سورة الجمعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجمعة

- ‌[سورة المنافقين]

- ‌فاتحة سورة المنافقين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المنافقين

- ‌[سورة التغابن]

- ‌فاتحة سورة التغابن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التغابن

- ‌[سورة الطلاق]

- ‌فاتحة سورة الطلاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطلاق

- ‌[سورة التحريم]

- ‌فاتحة سورة التحريم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التحريم

- ‌[سورة الملك]

- ‌فاتحة سورة الملك

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الملك

- ‌[سورة القلم]

- ‌فاتحة سورة ن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ن

- ‌[سورة الحاقة]

- ‌فاتحة سورة الحاقة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحاقة

- ‌[سورة المعارج]

- ‌فاتحة سورة المعارج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المعارج

- ‌[سورة نوح]

- ‌فاتحة سورة نوح عليه السلام

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة نوح عليه السلام

- ‌[سورة الجن]

- ‌فاتحة سورة الجن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجن

- ‌[سورة المزمل]

- ‌فاتحة سورة المزمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المزمل

- ‌[سورة المدثر]

- ‌فاتحة سورة المدثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المدثر

- ‌[سورة القيامة]

- ‌فاتحة سورة القيامة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القيامة

- ‌[سورة الإنسان]

- ‌فاتحة سورة الإنسان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإنسان

- ‌[سورة المرسلات]

- ‌فاتحة سورة المرسلات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المرسلات

- ‌[سورة النبإ]

- ‌فاتحة سورة النبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النبأ

- ‌[سورة النازعات]

- ‌فاتحة سورة النازعات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النازعات

- ‌[سورة عبس]

- ‌فاتحة سورة عبس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة عبس

- ‌[سورة التكوير]

- ‌فاتحة سورة التكوير

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة التكوير

- ‌[سورة الانفطار]

- ‌فاتحة سورة الانفطار

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانفطار

- ‌[سورة المطففين]

- ‌فاتحة سورة التطفيف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التطفيف

- ‌[سورة الانشقاق]

- ‌فاتحة سورة الانشقاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشقاق

- ‌[سورة البروج]

- ‌فاتحة سورة البروج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البروج

- ‌[سورة الطارق]

- ‌فاتحة سورة الطارق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطارق

- ‌[سورة الأعلى]

- ‌فاتحة سورة الأعلى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأعلى

- ‌[سورة الغاشية]

- ‌فاتحة سورة الغاشية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الغاشية

- ‌[سورة الفجر]

- ‌فاتحة سورة الفجر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفجر

- ‌[سورة البلد]

- ‌فاتحة سورة البلد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البلد

- ‌[سورة الشمس]

- ‌فاتحة سورة الشمس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشمس

- ‌[سورة الليل]

- ‌فاتحة سورة الليل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الليل

- ‌[سورة الضحى]

- ‌فاتحة سورة الضحى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الضحى

- ‌[سورة الانشراح]

- ‌فاتحة سورة الانشراح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشراح

- ‌[سورة التين]

- ‌فاتحة سورة التين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التين

- ‌[سورة العلق]

- ‌فاتحة سورة العلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العلق

- ‌[سورة القدر]

- ‌فاتحة سورة القدر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القدر

- ‌[سورة البينة]

- ‌فاتحة سورة البينة

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة البينة

- ‌[سورة الزلزال]

- ‌فاتحة سورة الزلزال

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزلزال

- ‌[سورة العاديات]

- ‌فاتحة سورة العاديات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العاديات

- ‌[سورة القارعة]

- ‌فاتحة سورة القارعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القارعة

- ‌[سورة التكاثر]

- ‌فاتحة سورة التكاثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التكاثر

- ‌[سورة العصر]

- ‌فاتحة سورة العصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العصر

- ‌[سورة الهمزة]

- ‌فاتحة سورة الهمزة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الهمزة

- ‌[سورة الفيل]

- ‌فاتحة سورة الفيل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفيل

- ‌[سورة قريش]

- ‌فاتحة سورة قريش

- ‌‌‌[الآيات]

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة قريش

- ‌[سورة الماعون]

- ‌فاتحة سورة الماعون

- ‌خاتمة سورة الماعون

- ‌[سورة الكوثر]

- ‌فاتحة سورة الكوثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكوثر

- ‌[سورة الكافرون]

- ‌فاتحة سورة الكافرون

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكافرون

- ‌[سورة النصر]

- ‌فاتحة سورة النصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النصر

- ‌[سورة تبت]

- ‌فاتحة سورة تبت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة تبت

- ‌[سورة الإخلاص]

- ‌فاتحة سورة الإخلاص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإخلاص

- ‌[سورة الفلق]

- ‌فاتحة سورة الفلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفلق

- ‌[سورة الناس]

- ‌فاتحة سورة الناس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الناس

الفصل: الإنسان لينكشف له ذاته سبحانه وكمالات أسمائه وصفاته الرَّحْمنِ عليه

الإنسان لينكشف له ذاته سبحانه وكمالات أسمائه وصفاته الرَّحْمنِ عليه بترجمان اللسان والبيان المعرب عما في قلبه ليرشد غيره بما هو عنده ويسترشد به ما ليس عنده الرَّحِيمِ المنزل عليه القرآن المبين له طريق التوحيد والعرفان

[الآيات]

الرَّحْمنُ اى الذات المحيطة بعموم الرحمة الواسعة المتسعة بمقتضى سعة رحمته ووفور لطفه ورأفته قد

عَلَّمَ الْقُرْآنَ لنوع الإنسان حيث نزله على حبيبه صلى الله عليه وسلم ليكون مبينا لهم سبيل الكشف والعيان ومنهج التوحيد والعرفان مع انه سبحانه ما

خَلَقَ الْإِنْسانَ الا لأجل هذا الشأن البديع البرهان وايضا لهذه الحكمة العلية والمصلحة السنية بعينها قد

عَلَّمَهُ الْبَيانَ اى التنطق والتكلم بلغات شتى وعبارات لا تحصى ليستفيد من منطوقات الألفاظ ما هو معناها ويتفطن منها الى ما هو مغزاها ومرماها وغاية قصواها ألا وهي المعارف والحقائق والحكم والأسرار الإلهية المودعة المكنونة في مطاوى المصاحف المشتملة على الكلمات المركبة من الحروف الحاصلة من مقاطع الأصوات المتكونة من النفسات الصورية التي هي من لوازم الحيوانية الحقيقية المترتبة على النفسات الرحمانية والنفثات اللاهوتية للوجود المطلق حسب تجليات الذات الإلهية وعلى مقتضى الأسماء والصفات الكامنة فيها المتجلية عليها بمقتضى شئون الكمالات المتجددة الغير المتكررة الى ما لا يتناهى ازلا وابدا ليظهر الإنسان من سر الظهور والبطون والغيب والشهادة الواردة على الوحدة الذاتية الإلهية ولهذه الحكمة والمصلحة ايضا قد ظهر في العلويات

الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ اى يجريان ويدوران بحساب مقدر من عنده سبحانه معلوم في حضرة علمه مكتوب في لوح قضائه ليكونا دليلين شاهدين على ظهور مرتبتي النبوة والولاية المتفرعة على العدالة الذاتية الإلهية

وَايضا قد ظهر في السفليات لتلك المصلحة السنية النَّجْمُ اى النبات الذي لا ساق له وَالشَّجَرُ وهو الذي له ساق يَسْجُدانِ يخضعان ويتذللان له سبحانه دائما من كمال الإطاعة والانقياد

وَبالجملة السَّماءَ اى عالم الأسباب والأقدار رَفَعَها في أعلى المكان والمكانة وَوَضَعَ فيها الْمِيزانَ المعتدل المنبئ عن القسطاس المستقيم الإلهي الواقع بين الأسماء والصفات الذاتية وبين المقادير والآجال المقدرة لجريها ورتبها على دوراتها وانقلاباتها الواقعة فيها على وفق الحكمة المترتبة على العدالة الإلهية وانما رتبها على مقتضى الحكمة والعدالة كذلك

أَلَّا تَطْغَوْا اى ان لا تعتدوا ولا تتجاوزوا ايها المجبولون لمصلحة التكليف والعرفان عن مقتضى الوضع الإلهي المترتب على الحكمة البالغة المتقنة فِي الْمِيزانِ الموضوع بمقتضاها في الأرض ألا وهي الشرع الشريف المصطفى

وَبعد ما سمعتم حال العلويات والسفليات وما فيهما من الموازين المعتدلة الموضوعة بالوضع الإلهي أَقِيمُوا ايها المكلفون فيما بينكم الْوَزْنَ الموضوع بالوضع الإلهي واعتدلوه بِالْقِسْطِ والإنصاف وَلا تُخْسِرُوا ولا تنقصوا الْمِيزانَ إذ هو موضوع على العدل السوى

وَاعلموا ان الْأَرْضَ انما وَضَعَها ومهدها سبحانه لِلْأَنامِ ليعتدلوا عليها ويستقيموا في عموم أخلاقهم وأطوارهم فيها حتى يستعدوا لان يفيض عليهم طلائع سلطان الكشف والشهود فيفوزوا بمقر التوحيد ويتمكنوا في مقعد صدق التفريد والتجريد لذلك أعدلهم تفضلا عليهم وتكريما

فِيها اى في الأرض فاكِهَةٌ كثيرة يتفكهون بها من انواع الفواكه الصورية والمعنوية تقويما لأمزجتهم وتقوية لها وَلا سيما النَّخْلُ التي هي ذاتُ الْأَكْمامِ والاوعية المشتملة على التفكه والتقوت وسائر الأغراض الحاصلة منها

وَالْحَبُّ

ص: 374

(5)

اى وكذا أعدلهم سبحانه فيها جنس الحبوب التي تقوت بها نوع الإنسان ذُو الْعَصْفِ اى التبن والقشور إذ هو محفوظ فيها مربى معها الى ان يستوي وينضج فيتقوت به الإنسان ويعصفه المواشي وَكذا اظهر لهم فيها بمقتضى جوده سبحانه الرَّيْحانُ اى جنس الرياحين المشمومة المقوية لدماغ الإنسان المصفية عن الروائح الخبيثة والنفحات الكريهة. ثم لما عد سبحانه نبذا من نعمه الشاملة على عموم البرايا خاطب المكلفين منهم على سبيل الامتنان وهما الثقلان المجبولان على فطرة التوحيد واستعداد الايمان والعرفان فقال

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما ونعماء موجدكما ومربيكما تُكَذِّبانِ ايها المغموران في نعمه المستغرقان في بحار جوده وكرمه وكيف يسع لكما الكفران لنعم الله والطغيان عليه سبحانه مع انه سبحانه قد

خَلَقَ الْإِنْسانَ مصورا بصورة الرحمن قد خلقه أولا مع غاية كرامته ونجابته مِنْ صَلْصالٍ طين يابس له صلصلة وصوت كَالْفَخَّارِ اى كالخزف المتخذ من التراب الموقد بالنار ومع دناءة منشائه وخباثة مادته قد رفعه الحق ورباه الى حيث جعله خليفة لذاته نائبا عنه ومرآة مجلوة قابلة لفيضان كمالات أسمائه وصفاته

وَخَلَقَ الْجَانَّ اى الجن وقدر وجوده أولا مِنْ مارِجٍ دخان صاف حاصل مِنْ نارٍ موقدة ملتهبة مشتعلة على وجه الحركة والاضطراب ومع رداءة مادتها وكثافتها جعله شبها بالملإ الأعلى متصلا بهم في كمال اللطافة والصفاء بحيث لا يرى أشباحهم أمثالهم وإذا كان شأن الحق معكما هكذا

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وتنكران ايها الثقلان وكيف يليق بشأنه سبحانه الإنكار والتكذيب مع انه سبحانه

رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ اى مشرقى الظهور والبروز من عماء العالم اللاهوتى نحو فضاء الأسماء والصفات الإلهي المسمى بالغيب الإضافي والأعيان الثابتة ثم منها الى عالم الشهادة في السير الهابط وَكذا رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ اى مغربي الخفاء والبطون عن عالم الناسوت الى برزخ الأعيان الثابتة ثم عنها الى عالم اللاهوت في السير الصاعد إذ يتوارد دائما على شمس الحقيقة الذاتية باعتبار تجلياتها حسب أسمائها وصفاتها شروق وافول وطلوع وغروب وبالجملة

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ايها المظهران الكاملان المجبولان على فطرة الشعور والعرفان ومن أين يتأتى لكما التكذيب في شأنه سبحانه إذ هو بمقتضى قدرته قد

مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ اى أرسل واطلق بحرى الوجود والعدم بحيث يَلْتَقِيانِ يتمازجان ويختلطان على وجه لا يتمايزان عند المحجوب الفاقد عين الكشف والشهود ويبقى

بَيْنَهُما عناية منه سبحانه وفضلا بَرْزَخٌ هو الإنسان الكامل المتميز المتكيف بكيفية انبساط بحر الوجود العذب على بحر العدم المالح وامتداده عليه وانطباق سطوحهما بحيث لا يتمايزان في بادى الرأى سيما عند المحجوب الفاقد عين العبرة وبصر البصيرة ثم جعل سبحانه برزخ الإنسان الكامل بمقتضى الحكمة المتقنة المعتدلة على وجه لا يَبْغِيانِ اى لا يبغى ولا يغلب كل من بحرى الوجود والعدم على صاحبه في مرتبته ونشأته حتى يتكمل حكمة الظهور والبطون والجلاء والخفأ والألوهية والعبودية وسائر المتقابلات المترتبة على الشئون الإلهية المتفرعة على الأسماء الذاتية

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ايها المكلفان المعتبران وكيف لا تعتبران ولا تشكران نعمه مع انه

يَخْرُجُ حسب عنايته الازلية مِنْهُمَا اى من البحرين المذكورين اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ اى يخرج لكما ايها الثقلان المجبولان على فطرة العرفان من امتزاج البحرين المذكورين لآلى المعارف والحقائق ومرجان الشهود والإيقان

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ايها الممنونان المغموران المستغرقان في موائد كرمه وجوده

وَلَهُ سبحانه تفضلا

ص: 375

على عباده وامتنانا لهم الْجَوارِ اى سفن الملل والأديان المنزلة من عنده سبحانه على عموم الرسل والأنبياء ليرشدوا بها أممهم الى طريق التوحيد والعرفان الْمُنْشَآتُ المصنوعات المستحدثات فِي الْبَحْرِ اى بحر الوجود كَالْأَعْلامِ اى كالرواسى العظام التي يعلم ويشاربها للتائهين في بيداء الوجود الضالين في صحراء الجحود الى جادة اليقين والعرفان

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ايها المكلفان وبالجملة

كُلُّ مَنْ عَلَيْها اى على ارض القوابل والهيولى من التعينات المستتبعة لانواع الإضافات الحاصلة من موجات بحر الوجود وتجلياته بمقتضى الكرم والجود انما هو فانٍ لا وجود ولا تحقق لها في ذواتها أصلا سوى انها قد انبسط عليها اظلال الأسماء والصفات الإلهية

وَبعد فناء نقوش الأمواج والاظلال بأسرها يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ يا أكمل الرسل بمقتضى صرافة وحدته مستغنيا في ذاته عن عموم مظاهره ومخلوقاته إذ هو سبحانه ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ في حد ذاته لا يشارك في وجوده ولا ينازع في سلطانه فمآل الكل اليه كما ان مبدأه منه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وإذا كان شأنه سبحانه هذا وهكذا

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ايها الاظلال والعكوس الهلكى وبالجملة

يَسْئَلُهُ ويستمد منه في كل زمان وآن ويستظل تحت ظل وجوده وجوده كل مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من فواعل المظاهر وقوابلها إذ كُلَّ يَوْمٍ وآن هُوَ سبحانه فِي شَأْنٍ لا يسبقه شأن ولا يلحقه شأن مثله فكل من المظاهر الإلهية في كل آن وطرفة في نزع صورة ولبس اخرى حسب شئون الحق وسرعة نفوذ قضائه

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ايها المجبولان على فطرة الدراية والشعور. ثم لما عد سبحانه على عموم المكلفين نبذا من نعمه العظام على سبيل التنبيه والامتنان أراد أن يشير إليهم وينبه عليهم بالقيام على أداء حقوقها ومواظبة شكرها لئلا ينفعلوا من الله ولا يستحيوا عند العرض والحساب في يوم الحشر والجزاء فقال

سَنَفْرُغُ لَكُمْ اى نتجرد ونخلو لحساب أعمالكم وتنفيذ جزائكم عليها بمقتضيها أَيُّهَ الثَّقَلانِ المثقلان بشكر نعمتنا وأداء حقوق كرمنا ومتى سألنا كما عن اعمالكما

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وتنكران مع انا ما خفى علينا شيء من أعمالكم مطلقا لا من كفركم وكفرانكم ولا من شكركم وايمانكم. ثم قال سبحانه مناديا لهم على وجه التوبيخ والتهديد

يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ المجبولين على فطرة التكليف المثمرة لثمرة المعرفة واليقين عليكم ان تنقادوا وتطيعوا بعموم ما كلفتم به بمقتضى الحكمة البالغة والا إِنِ اسْتَطَعْتُمْ وقدرتم أَنْ تَنْفُذُوا وتخرجوا فارين عن مقتضيات قهرنا وغضبنا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى من جهات العلويات والسفليات وانحائهما فَانْفُذُوا واخرجوا مع انكم لا تَنْفُذُونَ ولا تقدرون على الخروج ان وقع إِلَّا بِسُلْطانٍ منا اى بقدرة وأقدار موهوبة لكم من قبل ربكم إذ لا يصدر منكم مطلق الأفعال والحركات الا باقداره وتمكينه سبحانه

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وكيف تنفذون وتفرون من حيطة قهره وجلاله إذ

يُرْسَلُ عَلَيْكُما في النشأة الاخرى جزاء لأعمالكم شُواظٌ لهب مشتعل مِنْ نارٍ موقدة مسعرة وَنُحاسٌ اى دخان مظلم حاصل منهما وبالجملة فَلا تَنْتَصِرانِ وتمتنعان عنهما بحولكما وقوتكما الا بعناية ناشئة من الله وفضل يدرككم من لدنه

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فعليكم ان تشكروا آلاء الله وتواظبوا على أداء حقوق نعمائه قبل حلول يوم الجزاء

فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ واندكت الأرض من خشية الله ورهبته فَكانَتْ السماء من الغضب الإلهي وَرْدَةً حمراء

ص: 376

مذابة كَالدِّهانِ اى تذوب كالدهن المذاب من شدة الخشية الإلهية فلا يمكنكم حينئذ التدارك والتلافي

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ حيث يخبركم بالتهيئة والتدارك قبل حلول الساعة بل

فَيَوْمَئِذٍ اى حين انشقاق السماء في يوم الجزاء لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ لا يسئل حينئذ لا عن ذنب الانس ولا عن ذنب الجان ولا يلتفت الى أعمالهما وافعالهما مطلقا بل يبعثون من قبورهم حيارى ويساقون نحو المحشر سكارى تائهين للحساب والجزاء فاعتنى سبحانه بشأنكم ونبهكم على اعداد الزاد لذلك اليوم قبل حلوله

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وكيف لا تعتدون ولا تتزودون ليومكم هذا إذ

يُعْرَفُ ويعلم يومئذ الْمُجْرِمُونَ المهملون لأمر الزاد المتصفون بالجرائم المستلزمة للانتقام بِسِيماهُمْ إذ يظهر حينئذ آثار الحزن والكآبة على وجوههم فَيُؤْخَذُ بعد الخطاب والعتاب على الحساب بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ اى تشد أعناقهم مع أرجلهم بالسلاسل ثم يطرحون في النار بأنواع الهوان والصغار فيخبركم ربكم ايها المكلفون ويعلمكم طريق الخلاص عنها قبل حلول أوانها

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فيقال لهم حين القائهم إليها مشدودين مهانين زجرا لهم وتوبيخا

هذِهِ النار التي أنتم تصلون فيها الآن جَهَنَّمُ الموعودة المعدة الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ وقت اخبار الله إياهم على ألسنة رسله وكتبه فالآن

يَطُوفُونَ ويترددون بَيْنَها اى بين النار وَبَيْنَ حَمِيمٍ ماء حار آنٍ متناه في الحرارة بحيث يغلب إحراقه وحرارته على النار المسعرة فأراد سبحانه انقاذكم منها فيما مضى بإرسال الرسل وإنزال الكتب

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ايها المجبولان على الكفران والنسيان. ثم قال سبحانه على مقتضى سنته المستمرة في كتابه من تعقيب الوعيد بالوعد

وَلِمَنْ خافَ من كلا الفريقين من مكلفى الجن والانس في النشأة الاولى مَقامَ رَبِّهِ اى خاف عن قيامه بين يدي ربه في النشأة الاخرى للعرض والجزاء واشتغل في هذه النشأة لاعداد ذلك اليوم وهيأ أسبابه من اكتساب الحسنات واجتناب السيئات من الأخلاق والاعتقادات وصوالح الأعمال والعبادات وسائر الطاعات المقبولة يومئذ عند الله على مقتضى ما أمرهم الحق ونهاهم عنه بإرسال الرسل وإنزال الكتب جَنَّتانِ معدتان لكل خائف عند ربه جنة جسمانية يتلذذ فيها بدل ما ترك من اللذات الدنياوية وشهواتها الفانية اتقاء عن الله وجنة روحانية عناية من الله وفضلا مما لا عين رأت ولا اذن سمعت الحديث وبالجملة

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ والجنتان المذكورتان

ذَواتا أَفْنانٍ انواع واصناف من الأثمار البهية والفواكه الشهية وانواع الحدائق من الحقائق والمعارف المثمرة للحالات العلية والمقامات السنية فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ

فِيهِما اى في تينك الجنتين عَيْنانِ منتشئتان ومترشحتان من بحر الحيات الإلهية متفرعتان على أسمائه وأوصافه الجمالية والجلالية تَجْرِيانِ بين يدي الخائف الملتجئ الى الله على مقتضى تجلياته الحبية

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ

فِيهِما اى في تينك الجنتين مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ صنفان من المعارف والحقائق على مقتضى تربية ماء العينين المذكورتين

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ايها المسخران تحت لطفه وقهره وجلاله وجماله ثم انهم اى اهل الجنتين يتنعمون بما ذكر من النعم العظام حال كونهم

مُتَّكِئِينَ متمكنين راسخين عَلى فُرُشٍ من الاعتقادات الراسخة بَطائِنُها اى وجوهها التي تلى قلوبهم وأرواحهم مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وهو الغليظ الصلب من الديباج بحيث لا تخلخل فيها ولا فرج فيها ألا وهو المثال لليقين الحقي الذي

ص: 377

لا يطرأ عليه التردد والتذبذب مطلقا وَبالجملة جَنَى الْجَنَّتَيْنِ اى ما أخذ منهما والتلذذ والتنعم بثمارهما دانٍ قريب إذ لا ترقب ولا انتظار في اليقين الحقي بل هو اقرب الى العارف المحقق من نفسه بعد ما وصل اليه وحصل دونه

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ

فِيهِنَّ اى في الجنان المعدة لأرباب العناية والامتنان مخدرات المعارف والحقائق الواردة على قلوبهم حسب استعداداتهم المتفاوتة قاصِراتُ الطَّرْفِ اى كل منهن منحصرة الطرف مقصورة النظر على كل من ترد عليه بحيث لا تتعدى الى غيره لاختلاف قابلياتهم حسب الفطرة الاصلية بمقتضى اختلاف تجليات الحق وشئونه بحيث لَمْ يَطْمِثْهُنَّ ولم يتلذذ معهن إِنْسٌ قَبْلَهُمْ ولا بعدهم وَلا جَانٌّ كذلك إذ مراتب الشهود بمقتضى تجليات الوجود وتطوراته فكما لا تكرر ولا اتحاد بين اثنين في التجليات الإلهية كذلك في مراتب ارباب الشهود القابلين لها المستعدين إليها

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ

كَأَنَّهُنَّ اى تلك المعارف والحالات من كمال الصفاء والنزاهة والجلاء الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ الساران لأرباب النظر والعيان

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وبالجملة

هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ في الأعمال والأحوال وعموم الشيم والأخلاق إِلَّا الْإِحْسانُ من الله والرضوان منه سبحانه على سبيل التفضل والامتنان

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وهاتان الجنتان المذكورتان مع ما فيهما من المقامات العلية والدرجات السنية للخائفين من الله ومن سطوة قهره وجلاله في عموم أحوالهم وأطوارهم المفوضين المتوكلين عليه سبحانه في مطلق شئونهم وتقلباتهم الراجين منه سبحانه رضاه عنهم بمقتضى لطفه وجماله

وَمِنْ دُونِهِما اى من دون الجنتين المذكورتين أدون منهما وانزل رتبة جَنَّتانِ أخريان ايضا المعدتان للأبرار المحسنين بالأخلاق والأعمال المتشبثين بأذيال الأماني والآمال حسب الحوائج والأغراض

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فهاتان الجنتان وان لم تكونا مثل تينك الجنتين المذكورتين في الأثمار والأشجار والمعارف والأسرار الا انهما

مُدْهامَّتانِ خضراوان نضارتان بمياه الأعمال الصالحة والأخلاق الحميدة الصادرة من الأبرار الأخيار المحسنين المتمسكين بشعائر الشرع ومعالم الدين المستبين

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ

هِما

اى في هاتين الجنتين المعدتين للأبراريْنانِ

منتشئتان من الاعتقاد الصادق والايمان الكامل ضَّاخَتانِ

فوارتان منتهيتان الى بحر الحكمة المتقنة الإلهية

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ

فِيهِما ايضا فاكِهَةٌ كثيرة يتفكه بها أهلهما وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ عطفهما على الفاكهة من قبيل عطف الخاص على العام لمجرد الاعتناء والاهتمام

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ

فِيهِنَّ اى في جنات هؤلاء الأبرار ايضا خَيْراتٌ اى ازواج خيرات مصورة من مثوبات الأعمال والطاعات حِسانٌ اى لا قبح معهن بوجه من الوجوه

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ومثوبات اعمال الأبرار وأخلاقهم وما يترتب عليها وان لم تكن في الصفاء واللطافة كمخدرات الخائفين الا انهم

حُورٌ حسنة الوجوه مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ اى مقصور كل منهن على كل من اتى بالأعمال الصالحة والأخلاق المرضية بحيث لا يتعدى الى الغير إذ كل نفس رهينة بما كسبت خيرا كان او شرا

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ايها الممنونان المكلفان وهؤلاء ايضا

لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ إذ كل منهن مقصورة منحصرة على اعمال كل منهم بلا شركة

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ايها المعتبران المستبصران. ثم انهم اى الأبرار يتنعمون بما أعد لهم من النعم العظام

مُتَّكِئِينَ متقررين عَلى رَفْرَفٍ وسائد وبسط خُضْرٍ مخضرة بمياه ايمانهم الخالص

ص: 378