المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والهوى وإياك إياك ان تتلطخ بقاذورات الدنيا ومزخرفاتها الملهية عن - الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية - جـ ٢

[النخجواني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌[سورة النور]

- ‌فاتحة سورة النور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النور

- ‌[سورة الفرقان]

- ‌فاتحة سورة الفرقان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفرقان

- ‌ الآيات

- ‌[سورة الشعراء]

- ‌فاتحة سورة الشعراء

- ‌خاتمة سورة الشعراء

- ‌[سورة النمل]

- ‌فاتحة سورة النمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النمل

- ‌[سورة القصص]

- ‌فاتحة سورة القصص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القصص

- ‌[سورة العنكبوت]

- ‌فاتحة سورة العنكبوت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العنكبوت

- ‌[سورة الروم]

- ‌فاتحة سورة الروم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الروم

- ‌[سورة لقمان]

- ‌فاتحة سورة لقمان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة لقمان

- ‌[سورة السجدة]

- ‌فاتحة سورة السجدة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السجدة

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌فاتحة سورة الأحزاب

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحزاب

- ‌[سورة السبأ]

- ‌فاتحة سورة السبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السبأ

- ‌[سورة فاطر]

- ‌فاتحة سورة الفاطر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفاطر

- ‌[سورة يس]

- ‌فاتحة سورة يس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة يس

- ‌[سورة الصافات]

- ‌فاتحة سورة الصافات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصافات

- ‌[سورة ص]

- ‌فاتحة سورة ص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ص

- ‌[سورة الزمر]

- ‌فاتحة سورة الزمر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزمر

- ‌[سورة المؤمن]

- ‌فاتحة سورة المؤمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المؤمن

- ‌[سورة فصلت]

- ‌فاتحة سورة فصلت

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة فصلت

- ‌[سورة الشورى]

- ‌فاتحة سورة الشورى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشورى

- ‌[سورة الزخرف]

- ‌فاتحة سورة الزخرف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزخرف

- ‌[سورة الدخان]

- ‌فاتحة سورة الدخان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الدخان

- ‌[سورة الجاثية]

- ‌فاتحة سورة الجاثية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجاثية

- ‌[سورة الأحقاف]

- ‌فاتحة سورة الأحقاف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحقاف

- ‌[سورة محمد]

- ‌فاتحة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[سورة الفتح]

- ‌فاتحة سورة الفتح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفتح

- ‌[سورة الحجرات]

- ‌فاتحة سورة الحجرات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحجرات

- ‌[سورة ق]

- ‌فاتحة سورة ق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ق

- ‌[سورة الذاريات]

- ‌فاتحة سورة الذاريات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الذاريات

- ‌[سورة الطور]

- ‌فاتحة سورة الطور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطور

- ‌[سورة النجم]

- ‌فاتحة سورة النجم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة والنجم

- ‌[سورة القمر]

- ‌فاتحة سورة القمر

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة القمر

- ‌[سورة الرحمن]

- ‌فاتحة سورة الرحمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الرحمن

- ‌[سورة الواقعة]

- ‌فاتحة سورة الواقعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الواقعة

- ‌[سورة الحديد]

- ‌فاتحة سورة الحديد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحديد

- ‌[سورة المجادلة]

- ‌فاتحة سورة المجادلة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المجادلة

- ‌[سورة الحشر]

- ‌فاتحة سورة الحشر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحشر

- ‌[سورة الممتحنة]

- ‌فاتحة سورة الممتحنة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الممتحنة

- ‌[سورة الصف]

- ‌فاتحة سورة الصف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصف

- ‌[سورة الجمعة]

- ‌فاتحة سورة الجمعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجمعة

- ‌[سورة المنافقين]

- ‌فاتحة سورة المنافقين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المنافقين

- ‌[سورة التغابن]

- ‌فاتحة سورة التغابن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التغابن

- ‌[سورة الطلاق]

- ‌فاتحة سورة الطلاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطلاق

- ‌[سورة التحريم]

- ‌فاتحة سورة التحريم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التحريم

- ‌[سورة الملك]

- ‌فاتحة سورة الملك

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الملك

- ‌[سورة القلم]

- ‌فاتحة سورة ن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ن

- ‌[سورة الحاقة]

- ‌فاتحة سورة الحاقة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحاقة

- ‌[سورة المعارج]

- ‌فاتحة سورة المعارج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المعارج

- ‌[سورة نوح]

- ‌فاتحة سورة نوح عليه السلام

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة نوح عليه السلام

- ‌[سورة الجن]

- ‌فاتحة سورة الجن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجن

- ‌[سورة المزمل]

- ‌فاتحة سورة المزمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المزمل

- ‌[سورة المدثر]

- ‌فاتحة سورة المدثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المدثر

- ‌[سورة القيامة]

- ‌فاتحة سورة القيامة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القيامة

- ‌[سورة الإنسان]

- ‌فاتحة سورة الإنسان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإنسان

- ‌[سورة المرسلات]

- ‌فاتحة سورة المرسلات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المرسلات

- ‌[سورة النبإ]

- ‌فاتحة سورة النبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النبأ

- ‌[سورة النازعات]

- ‌فاتحة سورة النازعات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النازعات

- ‌[سورة عبس]

- ‌فاتحة سورة عبس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة عبس

- ‌[سورة التكوير]

- ‌فاتحة سورة التكوير

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة التكوير

- ‌[سورة الانفطار]

- ‌فاتحة سورة الانفطار

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانفطار

- ‌[سورة المطففين]

- ‌فاتحة سورة التطفيف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التطفيف

- ‌[سورة الانشقاق]

- ‌فاتحة سورة الانشقاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشقاق

- ‌[سورة البروج]

- ‌فاتحة سورة البروج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البروج

- ‌[سورة الطارق]

- ‌فاتحة سورة الطارق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطارق

- ‌[سورة الأعلى]

- ‌فاتحة سورة الأعلى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأعلى

- ‌[سورة الغاشية]

- ‌فاتحة سورة الغاشية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الغاشية

- ‌[سورة الفجر]

- ‌فاتحة سورة الفجر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفجر

- ‌[سورة البلد]

- ‌فاتحة سورة البلد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البلد

- ‌[سورة الشمس]

- ‌فاتحة سورة الشمس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشمس

- ‌[سورة الليل]

- ‌فاتحة سورة الليل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الليل

- ‌[سورة الضحى]

- ‌فاتحة سورة الضحى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الضحى

- ‌[سورة الانشراح]

- ‌فاتحة سورة الانشراح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشراح

- ‌[سورة التين]

- ‌فاتحة سورة التين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التين

- ‌[سورة العلق]

- ‌فاتحة سورة العلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العلق

- ‌[سورة القدر]

- ‌فاتحة سورة القدر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القدر

- ‌[سورة البينة]

- ‌فاتحة سورة البينة

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة البينة

- ‌[سورة الزلزال]

- ‌فاتحة سورة الزلزال

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزلزال

- ‌[سورة العاديات]

- ‌فاتحة سورة العاديات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العاديات

- ‌[سورة القارعة]

- ‌فاتحة سورة القارعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القارعة

- ‌[سورة التكاثر]

- ‌فاتحة سورة التكاثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التكاثر

- ‌[سورة العصر]

- ‌فاتحة سورة العصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العصر

- ‌[سورة الهمزة]

- ‌فاتحة سورة الهمزة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الهمزة

- ‌[سورة الفيل]

- ‌فاتحة سورة الفيل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفيل

- ‌[سورة قريش]

- ‌فاتحة سورة قريش

- ‌‌‌[الآيات]

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة قريش

- ‌[سورة الماعون]

- ‌فاتحة سورة الماعون

- ‌خاتمة سورة الماعون

- ‌[سورة الكوثر]

- ‌فاتحة سورة الكوثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكوثر

- ‌[سورة الكافرون]

- ‌فاتحة سورة الكافرون

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكافرون

- ‌[سورة النصر]

- ‌فاتحة سورة النصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النصر

- ‌[سورة تبت]

- ‌فاتحة سورة تبت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة تبت

- ‌[سورة الإخلاص]

- ‌فاتحة سورة الإخلاص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإخلاص

- ‌[سورة الفلق]

- ‌فاتحة سورة الفلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفلق

- ‌[سورة الناس]

- ‌فاتحة سورة الناس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الناس

الفصل: والهوى وإياك إياك ان تتلطخ بقاذورات الدنيا ومزخرفاتها الملهية عن

والهوى وإياك إياك ان تتلطخ بقاذورات الدنيا ومزخرفاتها الملهية عن اللذات الاخروية المستتبعة للسلاسل والأغلال الامكانية المبعدة عن الوصول الى فضاء الوجوب وصفاء الوحدة الذاتية التي عبر عنها لسان الشرع بالنعيم الموعود والحوض المورود والمقام المحمود. جعلنا الله ممن وصل اليه وتمكن دونه بمنه وجوده

[سورة الحشر]

‌فاتحة سورة الحشر

لا يخفى على من تحقق بحيطة الحق وشموله على عموم ما ظهر وبطن في الآفاق والأنفس علما وعينا غيبا وشهادة دنيا وعقبا ان عموم المظاهر والمجالى متوجهة الى المبدأ الحقيقي منجذبة نحوه طوعا عابدة إياه رغبة ساجدة له على وجه الخضوع والخشوع والانكسار التام والتذلل المفرط منزهة مسبحة له عن شوب النقص وسمة الحدوث والزوال كما أخبر به سبحانه حبيبه صلى الله عليه وسلم تنبيها وتأييدا لأمره ليكون هو ومن تبعه من المؤمنين على ذكر من ربهم الذي رباهم على فطرة الدراية والشعور بمطلق المراتب الواقعة في الوجود الإلهي ومظاهر وحدته الذاتية المتجلية حسب الشئون والتطورات الغير المتناهية المترتبة على الأسماء والصفات الذاتية الغير المحصورة فقال بعد ما تيمن بِسْمِ اللَّهِ الذي ظهر على عموم ما ظهر وبطن بالحكمة المتقنة العلية الرَّحْمنِ لعموم مظاهره بإضافة الوجود المتجلى على الصور البديعة الرَّحِيمِ لهم بالإعادة والإرجاع الى الفطرة الاصلية والمبدأ الحقيقي

[الآيات]

سَبَّحَ لِلَّهِ ونزهه تنزيها لائقا بجنابه سبحانه مظاهر ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ طوعا ورغبة وَكيف لا هُوَ الْعَزِيزُ بذاته المتعزز برداء العظمة والكبرياء والمجد والبهاء الْحَكِيمُ المتقن في أفعاله المدبر لمصالح عباده كيف يشاء بالإرادة والاختيار وبالجملة

هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ بمقتضى عزته وحكمته المفسدين المسرفين الَّذِينَ كَفَرُوا بالله وبرسوله ألا وهو اجلاء بنى النضير واضرابهم مع انهم مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ المألوفة وأوطانهم المأنوسة زجرا وتذليلا لهم واقعا عليهم لِأَوَّلِ الْحَشْرِ اى في أول حشرهم واجلائهم الطاري عليهم بظهور دين الإسلام وغلبة المسلمين إذ اجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى النضير أولا من المدينة الى الشأم ثم اجلى بقية الكفرة عمر رضى الله عنه في خلافته انظروا كيف أخرجهم بكمال قدرته وعزته مع انكم ما ظَنَنْتُمْ وزعمتم ايها المؤمنون أَنْ يَخْرُجُوا اى خروجهم وجلاءهم لشدتهم وشوكتهم واستحكام أماكنهم وقلاعهم وَهم ايضا قد ظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ اى ظنهم لأنفسهم ان حصونهم تمنعهم مِنْ بأس اللَّهِ المنتقم الغيور وبطشه وان اشتد لكن لم ينفعهم الحصون والقلاع حين حلول العذاب ونزوله بل فَأَتاهُمُ اللَّهُ بالقهر الهائل من لدنه مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا اى من صوب وجهة لم يتوقعوها وَذلك انه قَذَفَ والقى سبحانه فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ الشديد والخوف العظيم من غير قتال وبسبب ذلك الرعب الهائل أخذوا يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ ضنا على المسلمين وإخراج ما فيها من الامتعة وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ ايضا فإنهم كانوا يخربون بيوتهم إذلالا لهم وتوسيعا لمضمار الحرب والقتال وبالجملة فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ واتعظوا مما جرى على هؤلاء الغواة الطغاة يثقون بحصونهم ويشيدونها ليتحصنوا بها من بأس الله ثم لما اضطروا أخذوا يخربون بأيديهم ما يعتمدون عليه ويستحفظون به وذلك من كمال قدرة الله ومتانة حكمه

ص: 399

وحكمته

وَبالجملة لَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ المصلح لأمور دنياهم وافترض عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ ولم يخرجهم من أوطانهم أذلاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا بالقتل والأسر وانواع الإذلال والصغار كما جرى على الكفرة المتمكنين في أماكنهم بعدهم وَمع ذلك الإصلاح والكرامة لَهُمْ في الدنيا لهم فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ بواسطة إصرارهم على الكفر وانكارهم على الإسلام

ذلِكَ الإذلال والصغار لهم في الدنيا والآخرة بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم قد شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ بمخالفة أمرهما والخروج عن حكمهما وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ المنعم المتفضل يعاقبه البتة فَإِنَّ اللَّهَ المنتقم الغيور شَدِيدُ الْعِقابِ صعب الانتقام اليم العذاب على عصاة عباده ارادة واختيارا. ثم لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى بنى النضير حين نقضوا العهد الذي عهدوا مع الله ورسوله تحصنوا بحصونهم وامتنعوا عن الإسلام فأمر صلى الله عليه وسلم بقطع نخلهم وحرق بساتينهم قالوا يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد في الأرض فما بال قطع النخل وحرقها فسمع المؤمنون منهم ذلك القول واوجسوا في نفوسهم الكراهة وعدم اللياقة فنزلت

ما قَطَعْتُمْ ايها المؤمنون مِنْ لِينَةٍ اى بعض نخلة من النخلات أَوْ تَرَكْتُمُوها بلا قطع شيء منها قائِمَةً عَلى أُصُولِها على ما كانت فَبِإِذْنِ اللَّهِ العليم الحكيم اى القطع والترك كلاهما بأمر الله وحكمه وَانما أمركم بالقطع والحرق لِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ اى يرديهم ويذلهم بما يغيظهم ويضيق صدرهم

وَاعلموا ايها المؤمنون ان ما أَفاءَ اللَّهُ اى رد الله وأعطاه عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ اى من يهود بنى النضير من الأموال والعقار فهو لرسول الله خاصة خالصة له ان يفعل به حيث شاء بلا حق لكم فيها ليس مثل سائر الغنائم فَما أَوْجَفْتُمْ وما أجريتم عَلَيْهِ اى على تحصيله وجمعه لا مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ نجائب الإبل إذ هم قد مشوا الى بنى النضير رجالا لا فرسانا وقد كانت المسافة ميلين من المدينة ومع ذلك لا يقاتلون معهم مقاتلتهم مع سائر الكفرة وَلكِنَّ اللَّهَ المنتقم الغيور يُسَلِّطُ رُسُلَهُ أحيانا عَلى مَنْ يَشاءُ من المستوجبين الطرد والمقت بلا وسائل القتال والحرب بل يقذف الرعب ويلحق الخوف في قلوبهم وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة الموجبة للهزيمة لا عن شيء وَاللَّهُ القادر المقتدر عَلى كُلِّ شَيْءٍ موجب لقهر أعدائه ونصر أوليائه قَدِيرٌ سواء وافق العادة أولا وبالجملة

ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ اموال أَهْلِ الْقُرى الهالكة بالغلبة والاستيلاء بلا مقاتلة وحرب فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ سهم وَلِذِي الْقُرْبى من بنى هاشم وبنى المطلب سهم وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ سهام وانما قسم سبحانه مال الفيء بنفسه كَيْ لا يَكُونَ الفيء الذي حقه ان يصل الى الفقراء دُولَةً متداولة بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ ورؤسائكم كما هو عادة الجاهلية الاولى وَبعد ما قسم سبحانه في كتابه لزمكم ان تأخذوا ما آتاكُمُ واعطاكم الرَّسُولُ المستخلف منه سبحانه فَخُذُوهُ بلا مراء ومجادلة معه وَما نَهاكُمْ عَنْهُ باذن الله فَانْتَهُوا ايضا عنه بلا مكابرة وإصرار وَبالجملة اتَّقُوا اللَّهَ عن مخالفة امره وامر رسوله النائب عنه واحذروا عن بطشه وانتقامه إِنَّ اللَّهَ القادر المقتدر على وجوه الانعام والانتقام شَدِيدُ الْعِقابِ على من خرج عن ربقة عبوديته ومقتضى ألوهيته. ثم بين سبحانه مصارف الفيء بعد إخراج سهم الله ورسوله وقدم منهم فقراء المهاجرين اهتماما بشأنهم فقال

لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ اى أخرجهم المشركون ونهبوا أموالهم

ص: 400

وسبوا أولادهم والحال انهم في مصائبهم هذه يَبْتَغُونَ ويطلبون فَضْلًا تفضلا وإحسانا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً من لدنه سبحانه لكمال تمكنهم ورسوخهم في مقام الرضا والتسليم وَمع ذلك يَنْصُرُونَ اللَّهَ بترويج دينه وإعلاء كلمة توحيده وَرَسُولَهُ بالمعاونة والمظاهرة وبذل المال والنفس في تقوية دينه أُولئِكَ السعداء المقبولون عند الله الباذلون مهجهم في طريق الحق وصراطه المستقيم ونصرة رسوله الكريم هُمُ الصَّادِقُونَ المقصورون على الصدق والإخلاص ظاهرا وباطنا

وَبعد أولئك لفقراء الأنصار وهم الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ اى قد توطنوا وتمكنوا في المدنية ورسخوا على الايمان والإسلام بالعزيمة الصادقة الخالصة مِنْ قَبْلِهِمْ اى قبل هجرة المهاجرين إليها ومع رسوخهم وتمكنهم في الايمان يُحِبُّونَ محبة خالصة مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ من المؤمنين وَمن كمال محبتهم وإخلاصهم لإخوانهم المهاجرين لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ ووجدانهم حاجَةً باعثة لهم الى ان يحسدوا مِمَّا أُوتُوا واعطوا اى المهاجرون من سهام الفيء وسائر الغنائم والصدقات وَذلك من كمال محبتهم ومودتهم بالنسبة إليهم بل يُؤْثِرُونَ اى هم يختارون ويقدمون المهاجرين عَلى أَنْفُسِهِمْ حتى ان من كان له امرأتان نزل عن واحدة وزوجها من أحدهم وبالجملة يختارون ويقدمون المهاجرين على أنفسهم في أعز ما آثروا لنفوسهم وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ اى حاجة شديدة ومحبة بليغة بالنسبة الى ذلك الشيء وما هو الا من فرط محبتهم وإخلاصهم بالنسبة الى إخوانهم المهاجرين وَبالجملة مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ ويخالفها حتى يمنعها عن مقتضاها الذي هو حب المال فأنفق المال في سبيل الله طلبا لمرضاة الله ورعاية بجانب أخيه المسلم فَأُولئِكَ السعداء المنفقون المحافظون على آداب الأخوة والمروءة هُمُ الْمُفْلِحُونَ المقصورون على الفوز العظيم من عنده سبحانه عاجلا وآجلا في العاجل بالذكر الجميل وفي الآجل بالجزاء الجزيل

وَبعد فقراء الأنصار أنفقوا للفقراء التابعين لهم وهم الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ مهاجرين عن بقعة الإمكان أمثالهم نحو فضاء الوجوب مقتفين اثر أولئك الكرام مريدين لهم بإحسان مذكرين لهم بغفران حيث يَقُولُونَ في مناجاتهم مع ربهم في خلواتهم وأعقاب صلواتهم رَبَّنَا يا من ربانا على فطرة الإسلام اغْفِرْ لَنا ذنوبنا التي صدرت عنا وَكذا لِإِخْوانِنَا في الدين سيما الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وسلوك طريق العرفان وَبالجملة لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا وقلوبهم يا مولانا غِلًّا حقدا وحسدا لِلَّذِينَ آمَنُوا مطلقا لا للسابقين ولا للاحقين رَبَّنَا يا من ربانا على الإخلاص والتوفيق تقبل منا مناجاتنا واقض لنا حاجاتنا إِنَّكَ رَؤُفٌ عطوف على عموم عبادك سيما المخلصين منهم رَحِيمٌ تقبل منهم توبتهم وتغفر زلتهم ان استغفروا نحوك نادمين عما صدر عنهم. ثم قال سبحانه على سبيل التوبيخ والتقريع

أَلَمْ تَرَ ايها الرائي إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا مع المؤمنين حيث يَقُولُونَ في خلواتهم لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وقد كان بينهم صداقة الشرك واخوة الكفر وموالاة البغض مع الرسول ومع المؤمنين لا تخالطوا مع هؤلاء المدعين يعنون المؤمنين وانا معكم والله لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ من دياركم عنوة لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ البتة وَلا نُطِيعُ ولا نتبع فِيكُمْ اى في قتالكم وحرابكم أَحَداً أَبَداً سيما مع هؤلاء الأعادي وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ ونعاوننكم البتة بلا خلف منا وَاللَّهُ المطلع على عموم أفعالهم وأقوالهم ونياتهم فيها يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ في قولهم

ص: 401

وعهدهم هذا مع إخوانهم حيث قال سبحانه مقسما والله

لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ البتة وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ جزما ووقع ذلك مثل ما قال سبحانه فان ابن ابى وأصحابه عهدوا مع بنى النضير على هذا ثم اخلفوهم وهم قد اخرجوا من ديارهم وهؤلاء لم يخرجوا وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ بالفرض والتقدير ويقاتلوا معكم ايها المؤمنون من جانب عدوكم والله لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ وقت كركم عليهم ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ بعد ذلك لشدة خوفكم ورعبكم في قلوبهم وبالجملة

لَأَنْتُمْ ايها المؤمنون أَشَدُّ رَهْبَةً مرهوبية مرعوبية راسخة فِي صُدُورِهِمْ متمكنة في نفوسهم ناشئة من قبلكم والحال ان تلك الرهبة الشديدة الحاصلة منكم ناشئة مِنَ اللَّهِ إذ هو سبحانه قد قذفها في صدورهم من جانبكم وأقدركم عليهم وهم من خباثة كفرهم ونفاقهم لا يتفطنون بها ذلِكَ اى عدم تفطنهم بمنشأها ومبدأها بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ ولا يعلمون عظمة الله وحق قدره حتى يخشون منه حق خشيته وبالجملة لا تبالوا ايها المؤمنون بوداد المنافقين مع اليهود واتفاقهم معهم إذ

لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً مجتمعين متفقين إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ محصورة ممهدة بالدروب والخنادق أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ يستحصنون به وذلك من فرط رعبتهم وشدة رهبتهم من المؤمنين والا بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ اى حين حارب بعضهم بعضا او مع غير المؤمنين قتالهم شديد وحرابهم عظيم وإذا حاربوا مع المؤمنين تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً مجتمعين ظاهرا في بادى النظر وَلكن قُلُوبُهُمْ شَتَّى متفرقة مختلفة حقيقة لافتراق عقائدهم واختلاف مقاصدهم ذلِكَ الافتراق والاختلاف بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ ولا يفهمون ما هو صلاحهم في الدارين وفلاحهم في النشأتين

كَمَثَلِ الَّذِينَ اى مثلهم كمثل اليهود الذين مضوا مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً بزمانهم قد ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ في الدنيا من انواع الهوان والخسار وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ في الآخرة التي هي دار البوار بل مثلهم في وخامة العاقبة وقبح المآل

كَمَثَلِ الشَّيْطانِ اى مثل المنافقين في إغراء اليهود على قتال المؤمنين كمثل الشيطان وقت إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اى كل فرد من افراد الكفرة اكْفُرْ حتى أعينك على عموم مقاصدك ومرامك وأنصرك على عموم اعاديك فَلَمَّا كَفَرَ الإنسان والعياذ بالله بتغريره قالَ له الشيطان بعد ما كفر إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ لا أعينك على شيء لأنك قد كفرت بالله وصرت عدو الله إِنِّي أَخافُ اللَّهَ القادر المقتدر القاهر الغيور ان ينتقم منى بسبب معاونتك ومظاهرتك لكونه رَبَّ الْعالَمِينَ فلا يجرى التصرف في ملكه بلا اذن منه سبحانه وبعد ما كفر الإنسان بتغرير الشيطان وتلبيسه

فَكانَ عاقِبَتَهُما اى صار عاقبة الشيطان والإنسان الذي قد كفر بتغريره أَنَّهُما فِي النَّارِ تابعا ومتبوعا لا زمانا دون زمان بل كانا خالِدَيْنِ فِيها مستمرين ابدا مخلدين وَذلِكَ اى الخلود في النار جَزاءُ الظَّالِمِينَ الخارجين عن ربقة الرقية الإلهية وعروة عبوديته بتلبيس الشيطان وتغريره

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم التقوى عن محارم الله والاجتناب عن منهياته اتَّقُوا اللَّهَ المنتقم الغيور واحذروا عن بطشه وقهره وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ اى كل نفس من النفوس المجبولة على فطرة الدراية والشعور على وجه العبرة والاستبصار ما قَدَّمَتْ وما ادخرت لِغَدٍ اى ليوم القيامة وما تزودت للطامة الكبرى والدفعة العظمى بعد ما كلفت بأنواع التكاليف وأمرت من لدن حكيم عليم باعداد زاد المعاد على سبيل المبالغة والتأكيد وَبالجملة اتَّقُوا اللَّهَ واحذروا عن مخالفة امره وحكمه إِنَّ اللَّهَ المطلع على عموم ما في ضمائر عباده

ص: 402

خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ من خير وشر ونفع وضر يجازيكم على مقتضى خبرته وَبالجملة

لا تَكُونُوا ايها المؤمنون ك الغافلين الذين نَسُوا اللَّهَ اى ذكره المستلزم المقتضى للايمان والمحبة والعرفان فَأَنْساهُمْ سبحانه أَنْفُسَهُمْ اى ذكرها المستلزم لمعرفة الحق إذ من عرف نفسه فقد عرف ربه وكذا من نسيها نسيه وبالجملة أُولئِكَ البعداء المطرودون عن ساحة عز الحضور هُمُ الْفاسِقُونَ المقصورون على الخروج عن مقتضى الحدود الإلهية ولوازم العبودية الجاهلون بقدر الألوهية مطلقا واعلموا ايها المكلفون انه

لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ منكم وملازموها وهم الذين اقترفوا طول اعمارهم لسيئات الأعمال وذمائم الأخلاق والأوصاف والأطوار مما يستحقون بها دخول النار وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ وهم الذين اتصفوا بمحاسن الأعمال والأحوال ومحامد الأخلاق والأطوار المنتجة لهم انواع المعارف والحقائق والمكاشفات والمشاهدات الفائضة عليهم حسب استنشاقهم من نسائم عالم اللاهوت واسترواحهم بفوائح حضرة الرحموت وبالجملة أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ المفلحون المقصورون بالدرجات العلية والمقامات السنية مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم وبخ سبحانه نوع الإنسان المجبول على فطرة الايمان والعرفان وقرعهم بغفلتهم عن القرآن المرشد لهم الى طريق التوحيد والعرفان بقوله

لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ المنزل عليكم ايها التائهون في تيه الغفلة والنسيان عَلى جَبَلٍ من الجبال العظام والله لَرَأَيْتَهُ اى الجبل ايها المعتبر الرائي خاشِعاً خاضعا مُتَصَدِّعاً متشققا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ القادر الغيور يعنى قد تأثر من الوعيدات القرآنية والإنذارات الشديدة الواقعة فيه على المكلفين مع عدم قابليته للتأثر وأنتم ايها الهلكى الحمقى التائهون الهالكون في تيه الجهل والضلال وبيداء الوهم والخيال مع كمال قابليتكم واستعدادكم للتأثر لا تتأثرون من وعيداته البليغة وانذاراته الشديدة ثم قال سبحانه على سبيل التنبيه والتذكير وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ الناسين مرتبة العبودية من كمال البطر والغفلة لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ويتفطنون منها الى فطرتهم الاصلية المجبولة على التذلل والخشوع والانكسار والخضوع فيشتغلون بما جبلوا لأجله من العبودية والإتيان بالطاعات والعبادات اللائقة لمرتبة الألوهية والربوبية وكيف لا تتذللون له سبحانه ايها الحمقى الهالكون مع انه سبحانه

هُوَ اللَّهُ اى الموجود الحق الحقيق الَّذِي لا إِلهَ ولا موجود في الوجود إِلَّا هُوَ الواحد الأحد الفرد الصمد المستقل بالالوهية والربوبية عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ على التفصيل الواقع في الواقع بحيث لا يعزب عن حيطة علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ومع ذلك هُوَ الرَّحْمنُ على عموم الأكوان بافاضة الوجود عليهم وتربيتهم وتدبير مصالحهم في النشأة الاولى الرَّحِيمُ على خواصهم يوصلهم الى فضاء وحدته وسعة جنته ورحمته في النشأة الاخرى وكيف لا

وهُوَ اللَّهُ المستقل بالالوهية والربوبية في ذاته المتوحد بالقيومية المتفرد بالديمومية الفرد الوحدانى الَّذِي لا إِلهَ يعبد بالحق ويرجع اليه في الخطوب والملمات إِلَّا هُوَ باستقلاله واستحقاقه وصمديته وقيوميته في ملكه وملكوته حسب مقتضيات أسمائه وصفاته إذ هو الْمَلِكُ المتفرد بالحكمة والاستيلاء التام والسلطنة الغالبة والبسطة القاهرة الْقُدُّوسُ البالغ في النزاهة الى أقصى الغاية والنهاية السَّلامُ السليم السالم عن مطلق النقائص ولوازم الاستكمال التي هي من لواحق الإمكان الْمُؤْمِنُ ذو الأمن والامان على عموم الأعيان والأكوان الْمُهَيْمِنُ المراقب المحافظ على مقتضيات استعدادات عموم البرايا بكمال

ص: 403