الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة المعارج]
فاتحة سورة المعارج
لا يخفى على من انكشف له الحجب وارتفع عن بصر بصيرته السدل والاغشية المانعة عن الاطلاع والشهود لوجه الحق الكريم ان المراقي والمعارج من حضيض الإمكان الذي هو عبارة عن مضيق عالم الناسوت نحو ذروة الوجوب الذي هو عبارة عن فضاء عالم اللاهوت اكثر من ان تعدو تحصى لكن المنجذبين نحو الحق من ارباب المحبة والولاء هم الذين قد شملت لهم العناية الازلية وأدركتهم الكرامة السرمدية بحيث رفعت عنهم الاغطية والحجب الظلمانية البشرية وطويت دونهم مطلق المسافات الى ان صار سيرهم من عالم مضيق الناسوت نحو فضاء اللاهوت سيرا كشفيا وعروجهم نحوه عروجا معنويا وتحققهم دونه انما هو بالفناء والموت الإرادي عن لوازم الهوية الصورية وبالانسلاخ والانخلاع عن مقتضيات القوى البشرية فمن كان شأنه هذا وحاله هكذا فلا يكال مدارج ترقيه بمكيال الزمان والآن وما يتركب منهما ويتفرع عليهما من مطلق المقادير التي يقدر بها عموم التقادير واما المحجوبون المقيدون بسلاسل الزمان وأغلال المكان المعذبون بنيران الإمكان ولوازم نشأة الناسوت فلا مخلص لهم عن مقتضيات الطبائع والأركان وعن لوازم بقعة الإمكان ولواحق عرصة الأكوان كما اخبر سبحانه حبيبه صلى الله عليه وسلم حيث قال بعد التيمن والتبرك بِسْمِ اللَّهِ الذي كشف ذاته لأرباب المحبة والولاء بعد رفع الحجب والغطاء الرَّحْمنِ عليهم يوفقهم للصعود نحو عالم الأوصاف والأسماء الرَّحِيمِ لهم يوصلهم الى مرتبة البقاء بعد الفناء
[الآيات]
سَأَلَ سائِلٌ من اصحاب الفطنة والاعتبار بِعَذابٍ اى عن كيفية عذاب واقِعٍ
لِلْكافِرينَ او المعنى جرى على سبيل السيل والطغيان وادي الإمكان مملوا بعذاب اى بأنواع من العذاب الهائل واقع للكافرين الساترين بطبائعهم الكثيفة وهوياتهم الباطلة السخيفة شمس الحق الظاهرة في الأنفس والآفاق بمقتضى الاستقلال والاستحقاق الى حيث لَيْسَ لَهُ دافِعٌ يرده ويدفعه عنهم
مِنَ اللَّهِ اى من قبله وجهته لتعلق مشيته المحكمة ومضاء قضائه المبرم على وقوعه لاعدائه ذِي الْمَعارِجِ والدرجات العلية والمقامات السنية من القرب والكرامة لأوليائه
تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ اى حوامل آثار الأسماء والصفات الإلهية من مجردات العالم السفلى وَالرُّوحُ الفائض من لدنه سبحانه على هياكل الهويات من ماديات عالم الطبيعة والأركان القابلة لآثار العلويات من الأسماء والصفات المسميات بالأعيان الثابتة إِلَيْهِ اى الى الذات البحت الخالص عن مطلق القيود والإضافات بعد ما جذبهم الحق وأدركتهم العناية الإلهية مترقين من درجة الى درجة فِي يَوْمٍ وشأن لا كأيام الدنيا وشئونها وان قسته الى ايام الدنيا وأضفته الى المسافة الدنية الدنياوية كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ من سنى الدنيا الا انهم يقطعونها بعد ورود الجذبة الإلهية والخطفة الغالبة الغيبية اللاهوتية كالبرق الخاطف في اقصر من لمحة وطرفة وبعد ما انكشف لك الأمر
فَاصْبِرْ يا أكمل الرسل على اذيات الأعداء واستهزائهم صَبْراً جَمِيلًا بحيث لا يشوبه قلق واضطراب وضجرة وسآمة واستعجال للانتقام وترقب بالعذاب على وجه الهتك فانه سيصيبهم العذاب الموعود عن قريب
إِنَّهُمْ بمقتضى انكارهم وإصرارهم يَرَوْنَهُ اى نزول العذاب بَعِيداً في غاية البعد الى حيث يعتقدونه محالا خارجا عن الإمكان
وَنَراهُ قَرِيباً من لمح البصر بل هو اقرب