المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

القضاء ومفوضا أمورك كلها اليه سبحانه على وجه التسليم والرضا - الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية - جـ ٢

[النخجواني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌[سورة النور]

- ‌فاتحة سورة النور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النور

- ‌[سورة الفرقان]

- ‌فاتحة سورة الفرقان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفرقان

- ‌ الآيات

- ‌[سورة الشعراء]

- ‌فاتحة سورة الشعراء

- ‌خاتمة سورة الشعراء

- ‌[سورة النمل]

- ‌فاتحة سورة النمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النمل

- ‌[سورة القصص]

- ‌فاتحة سورة القصص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القصص

- ‌[سورة العنكبوت]

- ‌فاتحة سورة العنكبوت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العنكبوت

- ‌[سورة الروم]

- ‌فاتحة سورة الروم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الروم

- ‌[سورة لقمان]

- ‌فاتحة سورة لقمان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة لقمان

- ‌[سورة السجدة]

- ‌فاتحة سورة السجدة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السجدة

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌فاتحة سورة الأحزاب

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحزاب

- ‌[سورة السبأ]

- ‌فاتحة سورة السبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السبأ

- ‌[سورة فاطر]

- ‌فاتحة سورة الفاطر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفاطر

- ‌[سورة يس]

- ‌فاتحة سورة يس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة يس

- ‌[سورة الصافات]

- ‌فاتحة سورة الصافات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصافات

- ‌[سورة ص]

- ‌فاتحة سورة ص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ص

- ‌[سورة الزمر]

- ‌فاتحة سورة الزمر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزمر

- ‌[سورة المؤمن]

- ‌فاتحة سورة المؤمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المؤمن

- ‌[سورة فصلت]

- ‌فاتحة سورة فصلت

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة فصلت

- ‌[سورة الشورى]

- ‌فاتحة سورة الشورى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشورى

- ‌[سورة الزخرف]

- ‌فاتحة سورة الزخرف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزخرف

- ‌[سورة الدخان]

- ‌فاتحة سورة الدخان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الدخان

- ‌[سورة الجاثية]

- ‌فاتحة سورة الجاثية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجاثية

- ‌[سورة الأحقاف]

- ‌فاتحة سورة الأحقاف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحقاف

- ‌[سورة محمد]

- ‌فاتحة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[سورة الفتح]

- ‌فاتحة سورة الفتح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفتح

- ‌[سورة الحجرات]

- ‌فاتحة سورة الحجرات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحجرات

- ‌[سورة ق]

- ‌فاتحة سورة ق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ق

- ‌[سورة الذاريات]

- ‌فاتحة سورة الذاريات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الذاريات

- ‌[سورة الطور]

- ‌فاتحة سورة الطور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطور

- ‌[سورة النجم]

- ‌فاتحة سورة النجم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة والنجم

- ‌[سورة القمر]

- ‌فاتحة سورة القمر

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة القمر

- ‌[سورة الرحمن]

- ‌فاتحة سورة الرحمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الرحمن

- ‌[سورة الواقعة]

- ‌فاتحة سورة الواقعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الواقعة

- ‌[سورة الحديد]

- ‌فاتحة سورة الحديد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحديد

- ‌[سورة المجادلة]

- ‌فاتحة سورة المجادلة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المجادلة

- ‌[سورة الحشر]

- ‌فاتحة سورة الحشر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحشر

- ‌[سورة الممتحنة]

- ‌فاتحة سورة الممتحنة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الممتحنة

- ‌[سورة الصف]

- ‌فاتحة سورة الصف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصف

- ‌[سورة الجمعة]

- ‌فاتحة سورة الجمعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجمعة

- ‌[سورة المنافقين]

- ‌فاتحة سورة المنافقين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المنافقين

- ‌[سورة التغابن]

- ‌فاتحة سورة التغابن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التغابن

- ‌[سورة الطلاق]

- ‌فاتحة سورة الطلاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطلاق

- ‌[سورة التحريم]

- ‌فاتحة سورة التحريم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التحريم

- ‌[سورة الملك]

- ‌فاتحة سورة الملك

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الملك

- ‌[سورة القلم]

- ‌فاتحة سورة ن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ن

- ‌[سورة الحاقة]

- ‌فاتحة سورة الحاقة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحاقة

- ‌[سورة المعارج]

- ‌فاتحة سورة المعارج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المعارج

- ‌[سورة نوح]

- ‌فاتحة سورة نوح عليه السلام

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة نوح عليه السلام

- ‌[سورة الجن]

- ‌فاتحة سورة الجن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجن

- ‌[سورة المزمل]

- ‌فاتحة سورة المزمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المزمل

- ‌[سورة المدثر]

- ‌فاتحة سورة المدثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المدثر

- ‌[سورة القيامة]

- ‌فاتحة سورة القيامة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القيامة

- ‌[سورة الإنسان]

- ‌فاتحة سورة الإنسان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإنسان

- ‌[سورة المرسلات]

- ‌فاتحة سورة المرسلات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المرسلات

- ‌[سورة النبإ]

- ‌فاتحة سورة النبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النبأ

- ‌[سورة النازعات]

- ‌فاتحة سورة النازعات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النازعات

- ‌[سورة عبس]

- ‌فاتحة سورة عبس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة عبس

- ‌[سورة التكوير]

- ‌فاتحة سورة التكوير

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة التكوير

- ‌[سورة الانفطار]

- ‌فاتحة سورة الانفطار

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانفطار

- ‌[سورة المطففين]

- ‌فاتحة سورة التطفيف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التطفيف

- ‌[سورة الانشقاق]

- ‌فاتحة سورة الانشقاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشقاق

- ‌[سورة البروج]

- ‌فاتحة سورة البروج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البروج

- ‌[سورة الطارق]

- ‌فاتحة سورة الطارق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطارق

- ‌[سورة الأعلى]

- ‌فاتحة سورة الأعلى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأعلى

- ‌[سورة الغاشية]

- ‌فاتحة سورة الغاشية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الغاشية

- ‌[سورة الفجر]

- ‌فاتحة سورة الفجر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفجر

- ‌[سورة البلد]

- ‌فاتحة سورة البلد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البلد

- ‌[سورة الشمس]

- ‌فاتحة سورة الشمس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشمس

- ‌[سورة الليل]

- ‌فاتحة سورة الليل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الليل

- ‌[سورة الضحى]

- ‌فاتحة سورة الضحى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الضحى

- ‌[سورة الانشراح]

- ‌فاتحة سورة الانشراح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشراح

- ‌[سورة التين]

- ‌فاتحة سورة التين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التين

- ‌[سورة العلق]

- ‌فاتحة سورة العلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العلق

- ‌[سورة القدر]

- ‌فاتحة سورة القدر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القدر

- ‌[سورة البينة]

- ‌فاتحة سورة البينة

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة البينة

- ‌[سورة الزلزال]

- ‌فاتحة سورة الزلزال

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزلزال

- ‌[سورة العاديات]

- ‌فاتحة سورة العاديات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العاديات

- ‌[سورة القارعة]

- ‌فاتحة سورة القارعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القارعة

- ‌[سورة التكاثر]

- ‌فاتحة سورة التكاثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التكاثر

- ‌[سورة العصر]

- ‌فاتحة سورة العصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العصر

- ‌[سورة الهمزة]

- ‌فاتحة سورة الهمزة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الهمزة

- ‌[سورة الفيل]

- ‌فاتحة سورة الفيل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفيل

- ‌[سورة قريش]

- ‌فاتحة سورة قريش

- ‌‌‌[الآيات]

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة قريش

- ‌[سورة الماعون]

- ‌فاتحة سورة الماعون

- ‌خاتمة سورة الماعون

- ‌[سورة الكوثر]

- ‌فاتحة سورة الكوثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكوثر

- ‌[سورة الكافرون]

- ‌فاتحة سورة الكافرون

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكافرون

- ‌[سورة النصر]

- ‌فاتحة سورة النصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النصر

- ‌[سورة تبت]

- ‌فاتحة سورة تبت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة تبت

- ‌[سورة الإخلاص]

- ‌فاتحة سورة الإخلاص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإخلاص

- ‌[سورة الفلق]

- ‌فاتحة سورة الفلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفلق

- ‌[سورة الناس]

- ‌فاتحة سورة الناس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الناس

الفصل: القضاء ومفوضا أمورك كلها اليه سبحانه على وجه التسليم والرضا

القضاء ومفوضا أمورك كلها اليه سبحانه على وجه التسليم والرضا متوجها بالعزيمة الخالصة نحو المولى حتى تكون مخاطبا بهذا الخطاب المستطاب في كل نفس من أنفاسك التي جرت عليك في عموم افعالك وحالاتك وبالجملة لا تغفل عن الله مطلقا تفز بتشريف أمثال هذه الخطابات العلية والكرامات السنية من الحق. جعلنا الله من زمرة المستيقظين المطمئنين بمنه وجوده

[سورة البلد]

‌فاتحة سورة البلد

لا يخفى على من وصل الى مقام القلب الذي هو عبارة عن البيت الحرام الحقيقي والكعبة المعنوية التي قد دحيت وبسطت من تحتها أراضي مطلق الاستعدادات وعموم القابليات وتوجهت نحوها زوار القوى والآلات من كل فج عميق ومرمى سحيق من بوادي الإمكان واودية الطبائع والأركان ان من وصل اليه وعكف حول بابه وتشرف بطوافه ووقف بين يدي الله ناويا الموت الإرادي محرما عن لوازم الطبيعة ومقتضيات الإمكان من ميقات الطلب والارادة الصادقة مغتسلا بزمزم التوبة والانابة تائبا عن الالتفات الى مطلق السوى والأغيار متجردا عن ثياب الغفلة وجلباب الاغترار ساعيا بين صفاء المحبة ومروة المودة الإلهية بكمال الشوق والذوق متوجها للوقوف الى عرفات اللاهوت متعريا عن عوارض عالم الناسوت ذابحا كبش نفسه تقربا الى الحي الذي لا يموت منخلعا عن جلباب البدن ولوازمه في منا الفناء معاملا مع الله في سوق البقاء طالبا لربح اللقاء حل له ان يقاتل عند الحرم الإلهي جنود الامارة وكفار القوى والآلات المانعة عن الوصول الى كعبة الذات وعن الوقوف عند عرفات الأسماء والصفات الى ان يغلب عليهم ويهلكهم ويصفى البيت العتيق الإلهي الذي هو عبارة عن قلب العارف الكامل عن أصنام مطلق الأحلام وأوثان عموم الأماني والآمال الحاصلة من الخيالات والأوهام لذلك رخص سبحانه لحبيبه صلى الله عليه وسلم القتال في حرم مكة شرفها الله مع ان الحرمة فيها مؤبدة فقال بعد ما تيمن بِسْمِ اللَّهِ الذي اختار لنفسه بيتا صوريا ليكون قبلة لأصحاب الصورة وبيتا معنويا ليكون وجهة لأرباب القلوب الصافية الرَّحْمنِ لعباده حيث يدعوهم الى كعبة المقصود الرَّحِيمِ لهم يوصلهم الى عرفات الوحدة وبيت معمور الوجود

[الآيات]

لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ الذي هو كعبة آمال ارباب الارادة والطلب ألا وهو السواد الأعظم اللاهوتى إذ لا حاجة في ثبوته ووضوحه الى القسم بالنسبة الى ارباب المعرفة واليقين بل اقسم لأصحاب الغفلة والضلال بهذا البلد يعنى مكة شرفها الله التي قد وضعت بيتا حراما لا يحل لاحد ان يفعل فيها شيأ من المحظورات والمباحات سيما القتل والصيد

وَمن جملة خواصك التي قد اصطفيناك وميزناك بها عن سائر الناس يا أكمل الرسل هي انه أَنْتَ حِلٌّ يعنى أنت لجمعك وكمال جامعيتك وحيازة مرتبتك عموم المراتب مستحل للتعرض خاصة القتل والأسر في الحرم بين عموم الناس لمزيد فضيلتك ومنزلتك عند الله وزيادة خصوصيتك بِهذَا الْبَلَدِ الذي حرم على عموم العباد وانما أحل لك ايضا ما أحل في ساعة من نهار لا أزيد منها وبعد تلك الساعة يحرم لك ايضا

وَوالِدٍ اى اقسم ايضا بالوالد الذي هو عبارة عن حقيقة آدم الصفي عليه السلام حسب ثبوته في فضاء عالم اللاهوت وَما وَلَدَ منه في عالم اللاهوت وما ولد منه في عالم الطبيعة بعد هبوطها الى مضيق الناسوت وبالجملة بحق هذه المقسمات العظام

لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ اى أظهرنا نشأة ناسوته مغمورا فِي كَبَدٍ تعب ومشقة كثيرة شاغلة لعموم حواسه ومداركه

ص: 510

بحيث يستوعب ويحيط بجميع القوى والآلات حوائج المعاش وأسبابه فاشتغل عن الله بسبب ذلك وترك امر معاده ايضا بواسطته فأخذ في كسب الأموال وجمع الحطام والآثام المبعدة عن الحكيم العلام فصار من غاية استغراقه بالدنيا قد نسى العقبى وزلت نعله عن طريق المولى لذلك كذب وتولى واستكبر واستولى واستظهر بأمواله وأولاده واستعلى وترقى امره في الغفلة والغرور الى ان طغى على الله وبغى على عباده وظن انه لا يغلب ولا يعلى عليه. كما قال سبحانه مقرعا عليه مسفها له مستفهما

أَيَحْسَبُ الإنسان المجبول على الكفران والنسيان أَنْ لَنْ يَقْدِرَ اى انه لن يستطيع عَلَيْهِ أَحَدٌ فينتقم منه او يأخذه على ما صدر عنه من العتو والعناد ومن كمال بطره وغروره ومفاخرته على بنى نوعه

يَقُولُ على سبيل الرعونة والخيلاء والسمعة والرياء قد أَهْلَكْتُ وأنفقت في سبيل الله مالًا لُبَداً مالا كثيرا ملبدا منضدا مجتمعا متراكما

أَيَحْسَبُ ويعتقد ذلك الأحمق المباهي أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ اى انه لم يعلم الله إنفاقه ونيته فيه واعتقاده عليه وإبطاله بالمن والأذى كيف يتأتى له انكار اطلاعنا عليه وعلى ما صدر عنه

أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ ولم نظهر في جسده حين صورناه حسب حولنا وقوتنا وكمال قدرتنا عَيْنَيْنِ ليبصر بهما عجائب صنعتنا وغرائب حكمتنا

وَايضا ألم نجعل له لِساناً ليعرب ويترجم به عموم ما يدور في خلده وَشَفَتَيْنِ معينين على التكلم والاعراب على وجه الإفصاح والتوضيح

وَبالجملة قد هَدَيْناهُ بإعطاء هذه النعم العظام النَّجْدَيْنِ اى طريقي الخير والشر والهداية والضلالة واختبرناه بهما وابتليناه بانه أى طريق يختار لنفسه بعد ما وفقناه لكليهما ونبهناه عليهما وبعد ما أعطيناه ما أعطيناه وهديناه بما هديناه

فَلَا اقْتَحَمَ وما دخل الإنسان المجبول على الكفران والنسيان الْعَقَبَةَ الكؤدة الوعرة على نفسه الشاقة لها حتى يؤدى شكر ما أعطيناه ثم ابهمها سبحانه تعظيما وتفخيما فقال

وَما أَدْراكَ ايها المغرور بالحياة المستعارة الدنياوية ولوازمها مَا الْعَقَبَةُ الكؤدة في طريق اهل الايمان والعرفان ثم بينها بقوله

فَكُّ رَقَبَةٍ اى العقبة الكؤدة عبارة عن فك الرقبة المملوكة للنفس الامارة عن رقية الأماني والآمال الطوال

أَوْ العقبة الكؤدة إِطْعامٌ لفقراء الله وعجزة عباده فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ اى حاجة شديدة وجوع مفرط

يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ اى له رحم وقرابة الى المطعم

أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ قد اسكنه الفقر واغبره في تراب المذلة والصغار

ثُمَّ بعد ما اقدم على اقتحام العقبة المذكورة قد كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا بالله وأيقنوا ان ما في يدهم لله ومن مال الله وهم منفقون باقدار الله لعيال الله في سبيل الله وَمع ايمانهم بالله واتصافهم بالأعمال الصالحة المؤكدة لإيمانهم قد تَواصَوْا بينهم اى اوصى بعضهم بعضا بِالصَّبْرِ على مشاق التكاليف الإلهية ومتاعب الطاعات المأمور بها لهم وَكذلك تَواصَوْا بينهم بِالْمَرْحَمَةِ والشفقة على عباد الله وتعظيمهم والتحنن نحوهم والإحسان معهم ولو بكلمة طيبة وبالجملة

أُولئِكَ الموصوفون بهذه الكرامة العظمى أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ عند الله اى ذوو اليمن والكرامة وانواع اللطف وأعلى الدرجات والمقامات. ثم قال سبحانه على مقتضى سنته المستمرة في كتابه

وَالَّذِينَ كَفَرُوا وكذبوا بِآياتِنا الدالة على عظمة ذاتنا وكمالات أسمائنا وصفاتنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ اى ذوو الملامة والندامة المأخوذون بشؤم كفرهم ومعاصيهم المجزيون بفواسد ما اقترفوا من الجرائم والآثام لذلك

عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ مطبقة مغلقة مكتوبة محفوفة بحيث لا يمكنهم التنفس فيها أصلا لكونهم

ص: 511