الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والهوى وإياك إياك ان تتلطخ بقاذورات الدنيا ومزخرفاتها الملهية عن اللذات الاخروية المستتبعة للسلاسل والأغلال الامكانية المبعدة عن الوصول الى فضاء الوجوب وصفاء الوحدة الذاتية التي عبر عنها لسان الشرع بالنعيم الموعود والحوض المورود والمقام المحمود. جعلنا الله ممن وصل اليه وتمكن دونه بمنه وجوده
[سورة الحشر]
فاتحة سورة الحشر
لا يخفى على من تحقق بحيطة الحق وشموله على عموم ما ظهر وبطن في الآفاق والأنفس علما وعينا غيبا وشهادة دنيا وعقبا ان عموم المظاهر والمجالى متوجهة الى المبدأ الحقيقي منجذبة نحوه طوعا عابدة إياه رغبة ساجدة له على وجه الخضوع والخشوع والانكسار التام والتذلل المفرط منزهة مسبحة له عن شوب النقص وسمة الحدوث والزوال كما أخبر به سبحانه حبيبه صلى الله عليه وسلم تنبيها وتأييدا لأمره ليكون هو ومن تبعه من المؤمنين على ذكر من ربهم الذي رباهم على فطرة الدراية والشعور بمطلق المراتب الواقعة في الوجود الإلهي ومظاهر وحدته الذاتية المتجلية حسب الشئون والتطورات الغير المتناهية المترتبة على الأسماء والصفات الذاتية الغير المحصورة فقال بعد ما تيمن بِسْمِ اللَّهِ الذي ظهر على عموم ما ظهر وبطن بالحكمة المتقنة العلية الرَّحْمنِ لعموم مظاهره بإضافة الوجود المتجلى على الصور البديعة الرَّحِيمِ لهم بالإعادة والإرجاع الى الفطرة الاصلية والمبدأ الحقيقي
[الآيات]
سَبَّحَ لِلَّهِ ونزهه تنزيها لائقا بجنابه سبحانه مظاهر ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ طوعا ورغبة وَكيف لا هُوَ الْعَزِيزُ بذاته المتعزز برداء العظمة والكبرياء والمجد والبهاء الْحَكِيمُ المتقن في أفعاله المدبر لمصالح عباده كيف يشاء بالإرادة والاختيار وبالجملة
هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ بمقتضى عزته وحكمته المفسدين المسرفين الَّذِينَ كَفَرُوا بالله وبرسوله ألا وهو اجلاء بنى النضير واضرابهم مع انهم مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ المألوفة وأوطانهم المأنوسة زجرا وتذليلا لهم واقعا عليهم لِأَوَّلِ الْحَشْرِ اى في أول حشرهم واجلائهم الطاري عليهم بظهور دين الإسلام وغلبة المسلمين إذ اجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى النضير أولا من المدينة الى الشأم ثم اجلى بقية الكفرة عمر رضى الله عنه في خلافته انظروا كيف أخرجهم بكمال قدرته وعزته مع انكم ما ظَنَنْتُمْ وزعمتم ايها المؤمنون أَنْ يَخْرُجُوا اى خروجهم وجلاءهم لشدتهم وشوكتهم واستحكام أماكنهم وقلاعهم وَهم ايضا قد ظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ اى ظنهم لأنفسهم ان حصونهم تمنعهم مِنْ بأس اللَّهِ المنتقم الغيور وبطشه وان اشتد لكن لم ينفعهم الحصون والقلاع حين حلول العذاب ونزوله بل فَأَتاهُمُ اللَّهُ بالقهر الهائل من لدنه مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا اى من صوب وجهة لم يتوقعوها وَذلك انه قَذَفَ والقى سبحانه فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ الشديد والخوف العظيم من غير قتال وبسبب ذلك الرعب الهائل أخذوا يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ ضنا على المسلمين وإخراج ما فيها من الامتعة وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ ايضا فإنهم كانوا يخربون بيوتهم إذلالا لهم وتوسيعا لمضمار الحرب والقتال وبالجملة فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ واتعظوا مما جرى على هؤلاء الغواة الطغاة يثقون بحصونهم ويشيدونها ليتحصنوا بها من بأس الله ثم لما اضطروا أخذوا يخربون بأيديهم ما يعتمدون عليه ويستحفظون به وذلك من كمال قدرة الله ومتانة حكمه