المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إسراعهم في تلك الحالة نحو الداعي يشبه إسراعهم نحو الصنم - الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية - جـ ٢

[النخجواني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌[سورة النور]

- ‌فاتحة سورة النور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النور

- ‌[سورة الفرقان]

- ‌فاتحة سورة الفرقان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفرقان

- ‌ الآيات

- ‌[سورة الشعراء]

- ‌فاتحة سورة الشعراء

- ‌خاتمة سورة الشعراء

- ‌[سورة النمل]

- ‌فاتحة سورة النمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النمل

- ‌[سورة القصص]

- ‌فاتحة سورة القصص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القصص

- ‌[سورة العنكبوت]

- ‌فاتحة سورة العنكبوت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العنكبوت

- ‌[سورة الروم]

- ‌فاتحة سورة الروم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الروم

- ‌[سورة لقمان]

- ‌فاتحة سورة لقمان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة لقمان

- ‌[سورة السجدة]

- ‌فاتحة سورة السجدة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السجدة

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌فاتحة سورة الأحزاب

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحزاب

- ‌[سورة السبأ]

- ‌فاتحة سورة السبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السبأ

- ‌[سورة فاطر]

- ‌فاتحة سورة الفاطر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفاطر

- ‌[سورة يس]

- ‌فاتحة سورة يس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة يس

- ‌[سورة الصافات]

- ‌فاتحة سورة الصافات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصافات

- ‌[سورة ص]

- ‌فاتحة سورة ص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ص

- ‌[سورة الزمر]

- ‌فاتحة سورة الزمر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزمر

- ‌[سورة المؤمن]

- ‌فاتحة سورة المؤمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المؤمن

- ‌[سورة فصلت]

- ‌فاتحة سورة فصلت

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة فصلت

- ‌[سورة الشورى]

- ‌فاتحة سورة الشورى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشورى

- ‌[سورة الزخرف]

- ‌فاتحة سورة الزخرف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزخرف

- ‌[سورة الدخان]

- ‌فاتحة سورة الدخان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الدخان

- ‌[سورة الجاثية]

- ‌فاتحة سورة الجاثية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجاثية

- ‌[سورة الأحقاف]

- ‌فاتحة سورة الأحقاف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحقاف

- ‌[سورة محمد]

- ‌فاتحة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[سورة الفتح]

- ‌فاتحة سورة الفتح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفتح

- ‌[سورة الحجرات]

- ‌فاتحة سورة الحجرات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحجرات

- ‌[سورة ق]

- ‌فاتحة سورة ق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ق

- ‌[سورة الذاريات]

- ‌فاتحة سورة الذاريات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الذاريات

- ‌[سورة الطور]

- ‌فاتحة سورة الطور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطور

- ‌[سورة النجم]

- ‌فاتحة سورة النجم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة والنجم

- ‌[سورة القمر]

- ‌فاتحة سورة القمر

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة القمر

- ‌[سورة الرحمن]

- ‌فاتحة سورة الرحمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الرحمن

- ‌[سورة الواقعة]

- ‌فاتحة سورة الواقعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الواقعة

- ‌[سورة الحديد]

- ‌فاتحة سورة الحديد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحديد

- ‌[سورة المجادلة]

- ‌فاتحة سورة المجادلة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المجادلة

- ‌[سورة الحشر]

- ‌فاتحة سورة الحشر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحشر

- ‌[سورة الممتحنة]

- ‌فاتحة سورة الممتحنة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الممتحنة

- ‌[سورة الصف]

- ‌فاتحة سورة الصف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصف

- ‌[سورة الجمعة]

- ‌فاتحة سورة الجمعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجمعة

- ‌[سورة المنافقين]

- ‌فاتحة سورة المنافقين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المنافقين

- ‌[سورة التغابن]

- ‌فاتحة سورة التغابن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التغابن

- ‌[سورة الطلاق]

- ‌فاتحة سورة الطلاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطلاق

- ‌[سورة التحريم]

- ‌فاتحة سورة التحريم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التحريم

- ‌[سورة الملك]

- ‌فاتحة سورة الملك

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الملك

- ‌[سورة القلم]

- ‌فاتحة سورة ن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ن

- ‌[سورة الحاقة]

- ‌فاتحة سورة الحاقة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحاقة

- ‌[سورة المعارج]

- ‌فاتحة سورة المعارج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المعارج

- ‌[سورة نوح]

- ‌فاتحة سورة نوح عليه السلام

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة نوح عليه السلام

- ‌[سورة الجن]

- ‌فاتحة سورة الجن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجن

- ‌[سورة المزمل]

- ‌فاتحة سورة المزمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المزمل

- ‌[سورة المدثر]

- ‌فاتحة سورة المدثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المدثر

- ‌[سورة القيامة]

- ‌فاتحة سورة القيامة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القيامة

- ‌[سورة الإنسان]

- ‌فاتحة سورة الإنسان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإنسان

- ‌[سورة المرسلات]

- ‌فاتحة سورة المرسلات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المرسلات

- ‌[سورة النبإ]

- ‌فاتحة سورة النبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النبأ

- ‌[سورة النازعات]

- ‌فاتحة سورة النازعات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النازعات

- ‌[سورة عبس]

- ‌فاتحة سورة عبس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة عبس

- ‌[سورة التكوير]

- ‌فاتحة سورة التكوير

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة التكوير

- ‌[سورة الانفطار]

- ‌فاتحة سورة الانفطار

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانفطار

- ‌[سورة المطففين]

- ‌فاتحة سورة التطفيف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التطفيف

- ‌[سورة الانشقاق]

- ‌فاتحة سورة الانشقاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشقاق

- ‌[سورة البروج]

- ‌فاتحة سورة البروج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البروج

- ‌[سورة الطارق]

- ‌فاتحة سورة الطارق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطارق

- ‌[سورة الأعلى]

- ‌فاتحة سورة الأعلى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأعلى

- ‌[سورة الغاشية]

- ‌فاتحة سورة الغاشية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الغاشية

- ‌[سورة الفجر]

- ‌فاتحة سورة الفجر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفجر

- ‌[سورة البلد]

- ‌فاتحة سورة البلد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البلد

- ‌[سورة الشمس]

- ‌فاتحة سورة الشمس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشمس

- ‌[سورة الليل]

- ‌فاتحة سورة الليل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الليل

- ‌[سورة الضحى]

- ‌فاتحة سورة الضحى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الضحى

- ‌[سورة الانشراح]

- ‌فاتحة سورة الانشراح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشراح

- ‌[سورة التين]

- ‌فاتحة سورة التين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التين

- ‌[سورة العلق]

- ‌فاتحة سورة العلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العلق

- ‌[سورة القدر]

- ‌فاتحة سورة القدر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القدر

- ‌[سورة البينة]

- ‌فاتحة سورة البينة

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة البينة

- ‌[سورة الزلزال]

- ‌فاتحة سورة الزلزال

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزلزال

- ‌[سورة العاديات]

- ‌فاتحة سورة العاديات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العاديات

- ‌[سورة القارعة]

- ‌فاتحة سورة القارعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القارعة

- ‌[سورة التكاثر]

- ‌فاتحة سورة التكاثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التكاثر

- ‌[سورة العصر]

- ‌فاتحة سورة العصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العصر

- ‌[سورة الهمزة]

- ‌فاتحة سورة الهمزة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الهمزة

- ‌[سورة الفيل]

- ‌فاتحة سورة الفيل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفيل

- ‌[سورة قريش]

- ‌فاتحة سورة قريش

- ‌‌‌[الآيات]

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة قريش

- ‌[سورة الماعون]

- ‌فاتحة سورة الماعون

- ‌خاتمة سورة الماعون

- ‌[سورة الكوثر]

- ‌فاتحة سورة الكوثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكوثر

- ‌[سورة الكافرون]

- ‌فاتحة سورة الكافرون

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكافرون

- ‌[سورة النصر]

- ‌فاتحة سورة النصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النصر

- ‌[سورة تبت]

- ‌فاتحة سورة تبت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة تبت

- ‌[سورة الإخلاص]

- ‌فاتحة سورة الإخلاص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإخلاص

- ‌[سورة الفلق]

- ‌فاتحة سورة الفلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفلق

- ‌[سورة الناس]

- ‌فاتحة سورة الناس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الناس

الفصل: إسراعهم في تلك الحالة نحو الداعي يشبه إسراعهم نحو الصنم

إسراعهم في تلك الحالة نحو الداعي يشبه إسراعهم نحو الصنم المنصوب للعبادات ورفع الدرجات كما هو عادتهم طول عمرهم في الدنيا فيكونون حينئذ

خاشِعَةً ذليلة خاسرة خاسئة أَبْصارُهُمْ بحيث لا يمكنهم ان ينظروا اليه إذ تَرْهَقُهُمْ وتغشيهم حينئذ ذِلَّةٌ عظيمة بدل ما يذلون داعي الله حين دعوته إياهم في النشأة الاولى وبالجملة ذلِكَ الْيَوْمُ العظيم الهائل هو اليوم الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ به في نشأة الاختبار فلم يصدقوا به حينئذ ولم يؤمنوا له الى ان يعاينوه ويلاقوه. جعلنا الله من زمرة المصدقين بيوم الدين

‌خاتمة سورة المعارج

عليك ايها الموحد المحمدي ان تعتقد بل تعاين وتشاهد ان كنت من اولى الأبصار وذوى القدر والاعتبار ان النشأة الاخرى هي دار القرار والخلود بل العالم الموجود حقيقة انما هي تلك النشأة الاخروية والنشأة الاولى انما هي اظلال لا وجود لها وعكوس لا ثبوت لها وإضافات لا حقيقة لها ولا ثبات وتعينات لا تحقق لها ولا قرار فعليك ان لا تستقر عليها الا كالعابر ولا تعيش فيها الا كالمسافر اما تدرى يا أخي ان جميع ما عليها ظل زائل وعموم لذاتها وشهواتها سراب بلا طائل الام تتشبث بها وبما فيها ايها المغرور وعلام تستلذ بمزخرفاتها وملاهيها ايها المبهوت فإنك عن قريب ستموت وما تدخر وتجمع فيها سيضيع ويفوت فعليك ان تستعد لأخراك في أولاك وتتزود لعقباك من دنياك وبالجملة فعليك ان تموت عن مزخرفات هذه الدار بالإرادة والاختيار قبل هجوم الموت على وجه الاضطرار فاعلم ان ما هذه الحياة الدنيا الا متاع وان الآخرة هي دار القرار

[سورة نوح]

‌فاتحة سورة نوح عليه السلام

لا يخفى على من انكشف بسرائر ظهور مرتبتي النبوة والرسالة من ارباب الولاية المقتبسين من مشكاة النبوة ان مقتضى النبوة والرسالة انما هي الدعوة الى دين الإسلام الموصل الى دار السلام المستلزم للقرب والوصول الى كنف جوار الله العليم العلام فلا بد لمن تصدر بها بتكليف الحق إياه واختياره لها ان يبالغ في تبليغها ويجتهد في إظهارها سيما بعد تأييد الحق وتقويته بالمعجزات القاطعة والبراهين الساطعة متحملا على عموم المتاعب والمشاق وانواع الأذيات الواقعة في إظهارها وترويجها كما اخبر سبحانه عن نجيه نوح عليه السلام مع قومه كيف تحمل عنهم الأذى وصبر الى ان ظفر عليهم وانتصر حيث قال سبحانه بعد التيمن بِسْمِ اللَّهِ الذي تجلى على أنبيائه ورسله بعموم أسمائه وصفاته ليستخلفهم عن ذاته الرَّحْمنِ على عموم مظاهره بإظهار مرتبة الخلافة والنيابة بينهم الرَّحِيمِ لهم يوصلهم بإرشاد الأنبياء والرسل وهدايتهم إياهم الى زلال توحيده

[الآيات]

إِنَّا من مقام عظيم جودنا قد أَرْسَلْنا أخاك يا أكمل الرسل نُوحاً صلوات الله عليه وسلامه إِلى قَوْمِهِ حين انحرفوا عن جادة العدالة والقسط الإلهي ووصيناه له أَنْ أَنْذِرْ اى خوف وحذر قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ مؤلم في غاية الإيلام من قبلنا ألا وهو عذاب يوم الطوفان وبعد نزول الوحى عليه

قالَ يا قَوْمِ أضافهم الى نفسه وناداهم ليقبلوا اليه ويهتدوا بهدايته وإرشاده إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ ظاهر الإنذار والتخويف باذن العليم الحكيم حيث اوحى لي ربي وأرسلني إليكم

أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ الواحد الأحد الفرد الصمد

ص: 446

الحق الحقيق بالالوهية والربوبية القادر المقتدر على انواع الانعام والانتقام وَاتَّقُوهُ بالاجتناب عن ارتكاب محارمه ومنهياته وَأَطِيعُونِ فيما بلغت لكم من أوامر الله ونواهيه وامتثلوا بها واعملوا بمقتضاها

يَغْفِرْ لَكُمْ سبحانه مِنْ ذُنُوبِكُمْ كلها ان استغفرتم منه سبحانه وتبتم اليه مخلصين نادمين وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أقصى أَجَلٍ مُسَمًّى مقدر عنده سبحانه معين لديه بشرط ان تتصفوا بالإيمان والعمل الصالح إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ المقدر لآجال عباده على مقتضى حكمته المتقنة البالغة إِذا جاءَ على الوجه المقدر المقرر عنده لا يُؤَخَّرُ عن وقته ولا يقدم عليه لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ وتعتقدون حكمة الحكيم وكمال قدرته ومشيته لعلمتم يقينا ان الأجل المقدر من عنده لا يبدل ولا يتغير وبعد ما قد بالغ نوح عليه السلام في دعوتهم وإرشادهم فلم يهتدوا بل ما زادوا الا إصرارا وإضرارا وعتوا واستكبارا وبعد ما تمادى ضررهم واضرارهم إياه

قالَ نوح عليه السلام مناجيا الى ربه على وجه التضرع والابتهال بعد ما بالغوا في الإنكار والاستكبار رَبِّ يا من رباني على الرشد والهداية إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي حسب وحيك وإلهامك على لَيْلًا وَنَهاراً اى في عموم الأزمان والأحيان بلا مطل ونسيان

فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إياهم على الايمان إِلَّا فِراراً عن الانقياد والإطاعة وإصرارا على الكفر والطغيان

وَإِنِّي قد صرت زمانا طويلا ومدة ممتدة كُلَّما دَعَوْتُهُمْ على قصد منى ان يقبلوا منى دعوتي لِتَغْفِرَ لَهُمْ أنت يا ربي بمقتضى عفوك وسعة رحمتك عموم ذنوبهم وزلاتهم قد جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ وقت دعوتي إياهم فِي آذانِهِمْ اى هم سدوا مسامع قبولهم عن استماع دعوتي فكيف عن ان يجيبوا ويؤمنوا وَمع ذلك لم يقتصروا على مجرد السد بل اسْتَغْشَوْا اى قد غطوا ولفوا على رؤسهم ثِيابَهُمْ لئلا يروا صورتي ولا يسمعوا قولي ودعوتي من شدة كراهتهم لها ولسماعها ونهاية شكيمتهم وغيظهم على وَبالجملة هم قد أَصَرُّوا على ما هم عليه كانوا وَقد اسْتَكْبَرُوا على اسْتِكْباراً عظيما الى حيث شتموني شتما فظيعا وضربونى ضربا مؤلما فجيعا

ثُمَّ بعد ما جرى على منهم ما جرى من الزجر والشتم وانواع الطعن والقدح إِنِّي بمقتضى وحيك وأمرك إياي وحكمك على يا ربي قد كنت دَعَوْتُهُمْ جِهاراً على رؤس الملأ وعند الاشهاد

ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وصرحت بدعوتهم في الملأ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ ايضا بالدعوة في الخلوات إِسْراراً على سبيل الكناية والرمز والإشارات وبالجملة قد دعوتهم مرة بعد مرة وكرة بعد كرة في المحافل والخلوات وبالصرائح والكنايات

فَقُلْتُ لهم في دعوتي إياهم اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ الذي رباكم على فطرة الايمان وأظهركم قابلا لفيضان اليقين والعرفان وتوبوا اليه عن عموم ما صدر من الكفر والعصيان والكفران والطغيان إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يغفر لكم ذنوبكم ويعفو عن زلاتكم. وقد روى انهم بالغوا في الإصرار والإنكار الى حيث حبس الله عليهم القطر واعقم أرحام نسائهم أربعين سنة فقال نوح عليه السلام استغفروا ربكم انه كان غفارا يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً بحكم الله وامره عليها بعد ما حبسها عليه زمانا طويلا بشؤم شرككم وكفركم

وَيُمْدِدْكُمْ سبحانه بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ بعد ما منعها عنكم سبحانه بكفركم وشرككم وَبعد ما انزل عليكم من السماء مدرارا يَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وبساتين متنزهات وَيَجْعَلْ لَكُمْ ايضا في خلالها أَنْهاراً جاريات بمياه العلوم اللدنية وبالجملة

ما لَكُمْ وأى شيء عرض عليكم قد أغفلكم عن الله حيث لا تَرْجُونَ ولا تأملون لِلَّهِ

ص: 447

المستحق لانواع العبودية والتعظيم وَقاراً توقيرا وتبجيلا لائقا لجلاله وجماله وحسن فعاله معكم

وَالحال انه سبحانه قَدْ خَلَقَكُمْ أوجدكم وأظهركم أَطْواراً مختلفة مترقية في الكمال حيث قدر خلقكم أولا من جمادات العناصر ثم ركبكم الى ان صرتم من اغذية الإنسان ثم صيركم اخلاطا ثم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما ولحوما ثم انشأكم خلقا عجيبا قابلا للخلافة والنيابة ثم بعد ذلك يوصلكم في النشأة الاخرى الى ما يوصلكم وبالجملة فبأى آلاء ربكم تكذبون ايها المكذبون المنكرون مع انه قد وسع عليكم من زوائد النعم وموائد الكرم ما لا مزيد عليه من كمال قدرته ومتانة حكمته

أَلَمْ تَرَوْا ايها الراؤن المعتبرون المجبولون على فطرة الفكرة والعبرة كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ بقدرته الكاملة سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً مطبقات بعضها في جوف بعض الى حيث ينتهى الكل الى كرة واحدة قد وقعت مظهرا للوحدة الذاتية الإلهية وان كانت كل ذرة من ذرائر الكائنات مستقلة في مظهرية الوحدة الذاتية

وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ اى في خلال السموات نُوراً مقتبسا من شمس الذات وَبالجملة قد جَعَلَ الشَّمْسَ المشرقة المنيرة سِراجاً واضحا وهاجا ودليلا لائحا على شروق شمس الذات الإلهية ولمعانها على مظاهر عموم الذرات المنعكسة منها وعلى انقهار الكل وانطوائها فيها بحسب الظهور والبطون

وَبالجملة اللَّهُ المتعزز برداء العظمة والكبرياء قد أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ اليابسة نَباتاً اى أنبتكم من الأرض إنباتا إبداعيا وصيركم أنواعا وأصنافا أولا من النبات ورباكم الى ان صرتم ثانيا حيوانا ثم إنسانا قابلا للمعرفة والايمان ثم كلفكم بما كلفكم من التكاليف الشاقة لترتقوا من رتبة البشرية الى مرتبة الخلافة والنيابة الإلهية وتفوزوا بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر

ثُمَّ بعد حلول الأجل المقدر يُعِيدُكُمْ فِيها اى في الأرض مقبورين وَيُخْرِجُكُمْ بعد ذلك منها الى المحشر إِخْراجاً عاديا في النشأة الاخرى لتنقيد ما كلفكم الحق عليه في النشأة الاولى من الأعمال والأخلاق ولترتيب الجزاء عليه تتميما للحكمة المتقنة البالغة وتكميلا لها

وَبالجملة اذكروا آلاء الله المترادفة عليكم واشكروا لها إذ اللَّهُ القادر المقتدر الحكيم المدبر قد جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً ممهدة تتقلبون عليها وتترددون فيها

لِتَسْلُكُوا وتتخذوا مِنْها حيث شئتم سُبُلًا فِجاجاً اى طرقا واسعة متسعة فبأى آلاء ربكم ونعمائه تنكرون وتكذبون ايها المكافرون المكذبون وبالجملة كلما قد بالغ نوح عليه السلام في إرشادهم ودعوتهم فهم ايضا قد بالغوا في العناد والإصرار وبعد الاضطرار

قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي في عموم ما بلغت لهم وامرتهم به وبالجملة قد انصرفوا عنى واعرضوا عن دعوتي واستهزءوا بي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً اى اتبعوا سادتهم ورؤساءهم المعروفين المشهورين بينهم بكثرة الأموال والأولاد الموجبة للثروة والوجاهة عند الناس وان كان أموالهم وأولادهم لم يزدهم الا خسارا وبوارا في النشأة الاخرى

وَبالجملة قد مَكَرُوا لهم اى لضعفاء الناس أولئك الرؤساء الماكرون مَكْراً كُبَّاراً قد بلغ غاية كبره ونهاية شدته في التلبيس والتغرير وذلك احتيالهم على الناس الى حيث لم يقبلوا دعوة نوح عليه السلام مع كونه مؤيدا بأنواع المعجزات بل سفهوه متمسخرين به

وَقالُوا اى قال رؤساؤهم لضعفائهم وعوامهم في نصحهم وتذكيرهم إياهم لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ اى عبادتها أصلا سيما بقول هذا السفيه الطريد المختبط المختل الرأى والعقل وَلا تَذَرُنَّ ولا تتركن

ص: 448