المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

جملة الغيوب التي قد استأثر الله بها ولم يطلع أحدا - الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية - جـ ٢

[النخجواني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌[سورة النور]

- ‌فاتحة سورة النور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النور

- ‌[سورة الفرقان]

- ‌فاتحة سورة الفرقان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفرقان

- ‌ الآيات

- ‌[سورة الشعراء]

- ‌فاتحة سورة الشعراء

- ‌خاتمة سورة الشعراء

- ‌[سورة النمل]

- ‌فاتحة سورة النمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النمل

- ‌[سورة القصص]

- ‌فاتحة سورة القصص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القصص

- ‌[سورة العنكبوت]

- ‌فاتحة سورة العنكبوت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العنكبوت

- ‌[سورة الروم]

- ‌فاتحة سورة الروم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الروم

- ‌[سورة لقمان]

- ‌فاتحة سورة لقمان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة لقمان

- ‌[سورة السجدة]

- ‌فاتحة سورة السجدة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السجدة

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌فاتحة سورة الأحزاب

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحزاب

- ‌[سورة السبأ]

- ‌فاتحة سورة السبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السبأ

- ‌[سورة فاطر]

- ‌فاتحة سورة الفاطر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفاطر

- ‌[سورة يس]

- ‌فاتحة سورة يس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة يس

- ‌[سورة الصافات]

- ‌فاتحة سورة الصافات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصافات

- ‌[سورة ص]

- ‌فاتحة سورة ص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ص

- ‌[سورة الزمر]

- ‌فاتحة سورة الزمر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزمر

- ‌[سورة المؤمن]

- ‌فاتحة سورة المؤمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المؤمن

- ‌[سورة فصلت]

- ‌فاتحة سورة فصلت

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة فصلت

- ‌[سورة الشورى]

- ‌فاتحة سورة الشورى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشورى

- ‌[سورة الزخرف]

- ‌فاتحة سورة الزخرف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزخرف

- ‌[سورة الدخان]

- ‌فاتحة سورة الدخان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الدخان

- ‌[سورة الجاثية]

- ‌فاتحة سورة الجاثية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجاثية

- ‌[سورة الأحقاف]

- ‌فاتحة سورة الأحقاف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحقاف

- ‌[سورة محمد]

- ‌فاتحة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[سورة الفتح]

- ‌فاتحة سورة الفتح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفتح

- ‌[سورة الحجرات]

- ‌فاتحة سورة الحجرات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحجرات

- ‌[سورة ق]

- ‌فاتحة سورة ق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ق

- ‌[سورة الذاريات]

- ‌فاتحة سورة الذاريات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الذاريات

- ‌[سورة الطور]

- ‌فاتحة سورة الطور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطور

- ‌[سورة النجم]

- ‌فاتحة سورة النجم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة والنجم

- ‌[سورة القمر]

- ‌فاتحة سورة القمر

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة القمر

- ‌[سورة الرحمن]

- ‌فاتحة سورة الرحمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الرحمن

- ‌[سورة الواقعة]

- ‌فاتحة سورة الواقعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الواقعة

- ‌[سورة الحديد]

- ‌فاتحة سورة الحديد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحديد

- ‌[سورة المجادلة]

- ‌فاتحة سورة المجادلة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المجادلة

- ‌[سورة الحشر]

- ‌فاتحة سورة الحشر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحشر

- ‌[سورة الممتحنة]

- ‌فاتحة سورة الممتحنة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الممتحنة

- ‌[سورة الصف]

- ‌فاتحة سورة الصف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصف

- ‌[سورة الجمعة]

- ‌فاتحة سورة الجمعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجمعة

- ‌[سورة المنافقين]

- ‌فاتحة سورة المنافقين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المنافقين

- ‌[سورة التغابن]

- ‌فاتحة سورة التغابن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التغابن

- ‌[سورة الطلاق]

- ‌فاتحة سورة الطلاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطلاق

- ‌[سورة التحريم]

- ‌فاتحة سورة التحريم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التحريم

- ‌[سورة الملك]

- ‌فاتحة سورة الملك

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الملك

- ‌[سورة القلم]

- ‌فاتحة سورة ن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ن

- ‌[سورة الحاقة]

- ‌فاتحة سورة الحاقة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحاقة

- ‌[سورة المعارج]

- ‌فاتحة سورة المعارج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المعارج

- ‌[سورة نوح]

- ‌فاتحة سورة نوح عليه السلام

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة نوح عليه السلام

- ‌[سورة الجن]

- ‌فاتحة سورة الجن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجن

- ‌[سورة المزمل]

- ‌فاتحة سورة المزمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المزمل

- ‌[سورة المدثر]

- ‌فاتحة سورة المدثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المدثر

- ‌[سورة القيامة]

- ‌فاتحة سورة القيامة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القيامة

- ‌[سورة الإنسان]

- ‌فاتحة سورة الإنسان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإنسان

- ‌[سورة المرسلات]

- ‌فاتحة سورة المرسلات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المرسلات

- ‌[سورة النبإ]

- ‌فاتحة سورة النبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النبأ

- ‌[سورة النازعات]

- ‌فاتحة سورة النازعات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النازعات

- ‌[سورة عبس]

- ‌فاتحة سورة عبس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة عبس

- ‌[سورة التكوير]

- ‌فاتحة سورة التكوير

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة التكوير

- ‌[سورة الانفطار]

- ‌فاتحة سورة الانفطار

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانفطار

- ‌[سورة المطففين]

- ‌فاتحة سورة التطفيف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التطفيف

- ‌[سورة الانشقاق]

- ‌فاتحة سورة الانشقاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشقاق

- ‌[سورة البروج]

- ‌فاتحة سورة البروج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البروج

- ‌[سورة الطارق]

- ‌فاتحة سورة الطارق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطارق

- ‌[سورة الأعلى]

- ‌فاتحة سورة الأعلى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأعلى

- ‌[سورة الغاشية]

- ‌فاتحة سورة الغاشية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الغاشية

- ‌[سورة الفجر]

- ‌فاتحة سورة الفجر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفجر

- ‌[سورة البلد]

- ‌فاتحة سورة البلد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البلد

- ‌[سورة الشمس]

- ‌فاتحة سورة الشمس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشمس

- ‌[سورة الليل]

- ‌فاتحة سورة الليل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الليل

- ‌[سورة الضحى]

- ‌فاتحة سورة الضحى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الضحى

- ‌[سورة الانشراح]

- ‌فاتحة سورة الانشراح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشراح

- ‌[سورة التين]

- ‌فاتحة سورة التين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التين

- ‌[سورة العلق]

- ‌فاتحة سورة العلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العلق

- ‌[سورة القدر]

- ‌فاتحة سورة القدر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القدر

- ‌[سورة البينة]

- ‌فاتحة سورة البينة

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة البينة

- ‌[سورة الزلزال]

- ‌فاتحة سورة الزلزال

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزلزال

- ‌[سورة العاديات]

- ‌فاتحة سورة العاديات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العاديات

- ‌[سورة القارعة]

- ‌فاتحة سورة القارعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القارعة

- ‌[سورة التكاثر]

- ‌فاتحة سورة التكاثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التكاثر

- ‌[سورة العصر]

- ‌فاتحة سورة العصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العصر

- ‌[سورة الهمزة]

- ‌فاتحة سورة الهمزة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الهمزة

- ‌[سورة الفيل]

- ‌فاتحة سورة الفيل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفيل

- ‌[سورة قريش]

- ‌فاتحة سورة قريش

- ‌‌‌[الآيات]

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة قريش

- ‌[سورة الماعون]

- ‌فاتحة سورة الماعون

- ‌خاتمة سورة الماعون

- ‌[سورة الكوثر]

- ‌فاتحة سورة الكوثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكوثر

- ‌[سورة الكافرون]

- ‌فاتحة سورة الكافرون

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكافرون

- ‌[سورة النصر]

- ‌فاتحة سورة النصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النصر

- ‌[سورة تبت]

- ‌فاتحة سورة تبت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة تبت

- ‌[سورة الإخلاص]

- ‌فاتحة سورة الإخلاص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإخلاص

- ‌[سورة الفلق]

- ‌فاتحة سورة الفلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفلق

- ‌[سورة الناس]

- ‌فاتحة سورة الناس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الناس

الفصل: جملة الغيوب التي قد استأثر الله بها ولم يطلع أحدا

جملة الغيوب التي قد استأثر الله بها ولم يطلع أحدا عليها. ثم قال سبحانه تهويلا على المنكرين

كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها ويعاينون قيامها يتيقنون حينئذ على سبيل الجزم انهم لَمْ يَلْبَثُوا ولم يمكثوا في دار الدنيا مدة حياتهم فيها إِلَّا عَشِيَّةً اى عشية يوم أَوْ ضُحاها اى ضحى تلك العشية يعنى يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا بالنسبة الى يوم الدين وطولها. نعوذ بك من النار ومما قرب إليها يا غفار

‌خاتمة سورة النازعات

عليك ايها المحمدي المحقق الواقف لقيام الساعة وما يترتب عليها من الثواب والعقاب والجنة والنار ان تبذر وتزرع في محرثك هذا ما ستحصده هناك من بذور الأعمال الصالحة والأخلاق المرضية والأطوار المحمودة المحمدية وسائر السنن والآداب المقبولة المأثورة من النبي المختار ومن عترته الأخيار الاطهار ولا بدلك ان تكون دائما على ذكر كامل من قيامها وأهوالها في عموم أوقاتك وحالاتك وإياك إياك الاغترار بالحياة المستعارة والالتفات الى مزخرفات الدنيا الغدارة المكارة فإنها تمكر بك وتغويك وتضلك عن طريق الحق وترديك فعليك ان لا تتبع لغوائلها ولا تنخدع بمخائلها حتى لا تكون من زمرة الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين. جعلنا الله من زمرة الآمنين الفائزين المستبشرين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون

[سورة عبس]

‌فاتحة سورة عبس

لا يخفى على من تمكن بمقر عز الوحدة وتوطن في السواد الأعظم اللاهوتى ان علامة التمكين والتثبيت ان لا يبقى مع الموحد المحقق شيء من لوازم عالم الناسوت بحيث لا يتكبر على من دونه ولا يتحسر على من فوقه بل لم يبق في عين شهوده سدل الاثنينية ورمد الفوقية والتحتية مطلقا بل قد صار الكل في نظر شهوده على السواء بحيث ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت سيما ترجيح اصحاب الثروة والغفلة وذوى البطر والاستكبار والاستنكار على ارباب الارادة والاعتبار وان فقد منهم الحس الظاهر. ثم لما كان صلى الله عليه وسلم مشغوفا بإيمان رؤساء مكة شرفها الله تعالى وصناديدهم طالبا لدعوتهم وإرشادهم جلس يوما من الأيام معهم على سبيل الملاينة رجاء ان يوفقوا للايمان ويرغبوا الى قبول الدعوة وكان صلى الله عليه وسلم يصاحبهم ويداريهم حتى دخل عليه صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم الأعمى رضى الله عنه ولم يدر من هم عنده صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله علمني بما علمك الله ولم يلتفت صلى الله عليه وسلم واشتغل مع اهل الثروة فناداه بما نادى مرة بعد اخرى حتى غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقطب وجهه فعبس فجرى في نجواه ما جرى من لحوق العار بان يعيب عليه أولئك الصناديد الأشرار بان اتباعه ما هي الا العجزة والعميان والمساكين وكان عليه صلى الله عليه وسلم حتى أوحاه سبحانه معاتبا عليه مؤدبا له فقال متيمنا بِسْمِ اللَّهِ الذي ظهر على قلوب أوليائه بمقتضى سعة رحمته الرَّحْمنِ عليهم بحفظ مرتبتهم الرَّحِيمِ عليهم يوقظهم من غفلتهم قد

[الآيات]

عَبَسَ وجهه من جهة الكراهة عن المسترشد الفقير الضرير وَتَوَلَّى اى اعرض عنه وانصرف وحول صفحة وجهه منه كارها إياه وذلك وقت

أَنْ جاءَهُ المسترشد الْأَعْمى اخرج الكلام سبحانه مع حبيبه

ص: 484

صلى الله عليه وسلم على طريق الغيبة إظهارا لكمال الغيرة والحمية الإلهية عن هذه الغفلة الغير المرضية ثم التفت الى الخطاب لكمال التأديب فقال على سبيل التهويل

وَما يُدْرِيكَ وأى شيء يكشف لك حاله وقلبه لَعَلَّهُ يَزَّكَّى يتزكى ويتطهر عن الآثام ويهتدى الى طريق الإسلام بهدايتك وارشادك هذا الأعمى بخلاف أولئك الجهلة الغفلة الذين قد تحننت نحوهم وأحببت دعوتهم فإنهم لا يهتدون ولا يتطهرون

أَوْ يَذَّكَّرُ اى يتعظ ويتذكر هذا المريد الفقير الضرير من كلامك فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى والعظة ويتوجه هو بسببها نحو المولى

أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى عن الله واعرض عن آياته وعن تذكيرك ودعوتك إياه مستكبرا بماله وثروته وسيادته وكمال نخوته

فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى يعنى تميل وتتعرض بالإقبال اليه وتتحنن بكمال المحبة نحوه

وَما عَلَيْكَ وأى شيء عرض عليك ولحق بك من المكاره الامكانية حتى حجبك وأغفلك أَلَّا يَزَّكَّى اى انه لا يتطهر عن خبائث الآثام وادناس الكفر والعصيان ذلك المعرض المستغنى والمسرف المفسد المستعلى وما سبب اهتمامك حتى يبعثك على الاعراض عن اهل الحق وعدم الالتفات نحوهم مع ان ما عليك الا البلاغ والتبليغ لا الهدى فكيف تحننت نحو اعداء الله

وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ من ارباب الطلب والإخلاص يَسْعى ويسرع بطلب الخير والهداية منك في دين الله

وَالحال انه هُوَ يَخْشى من غضب الله وهو يرجو من ثوابه مؤملا منك الإرشاد ومن الله الهداية والرشد

فَأَنْتَ مع كونك مبعوثا على الهداية والإرشاد الى اصحاب الارادة والقبول عَنْهُ تَلَهَّى تتشاغل وتنصرف كأنك تحقره ولا تبالي بشأنه وإيمانه لرثاثة حاله وفقره. ثم بالغ سبحانه في تأديب حبيبه صلى الله عليه وسلم وأكده حيث قال

كَلَّا ردع اى ارتدع عن فعلتك هذه ايها المبعوث للرسالة العامة ولا تمل الى اصحاب الزيغ والضلال معرضا عن ارباب الهداية والكمال إذ ليس عليك التمييز والاختيار بل ما عليك الا التبليغ والإنذار إِنَّها اى عموم دعواتك وتذكيراتك إياهم بمقتضى الآيات البينات انما هي تَذْكِرَةٌ نازلة عليك من ربك وأنت مأمور بتبليغها الى الناس من لدنه

فَمَنْ شاءَ وأراد سبحانه اتعاظه من عباده ذَكَرَهُ بالقرآن ووعظه به سواء كان فقيرا او غنيا ومن لم يشأ لم يتعظ وكيف لا يوعظ ولم يتعظ به مع انه منزل من عند الله مثبت

فِي صُحُفٍ نازلة على رسل الله مُكَرَّمَةٍ عنده سبحانه

مَرْفُوعَةٍ مقبولة لديه درجة ومكانا ملقاة من عند الله الى رسل الله مُطَهَّرَةٍ عن تخليطات الوهم والخيال منزهة عن تحريفات الشياطين إذ هي نازلة من عند الله الى رسل الله

بِأَيْدِي سَفَرَةٍ اى ملائكة يتوسلون سفراء بين الله ورسله

كِرامٍ أعزة عند الله ذوى كرم وكرامة عظيمة على اهل الايمان بَرَرَةٍ أتقياء مبرورين في أنفسهم بارين على عباد الله ومع هذه الكرامة العظيمة الإلهية والإشفاق البليغ من لدنه سبحانه والرحمة العامة

قُتِلَ الْإِنْسانُ اى لعن وطرد عن ساحة عز القبول ما أَكْفَرَهُ أى أىّ شيء حداه وبعثه الى الكفر والاعراض عن الله المنعم المفضل والانصراف عن طاعته وعبادته مع انه عالم بكمال كرامته سبحانه عليه معترف ببدائع صنعه وصنعته معه ووفور انعامه وإحسانه عليه متذكر في نفسه مستحضر بشئونه وتطوراته السالفة القذرة الخبيثة الواردة عليه سيما

مِنْ أَيِّ شَيْءٍ مسترذل مستنزل خَلَقَهُ وأوجده سبحانه حسب قدرته

مِنْ نُطْفَةٍ مهينة خبيثة خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ اى هيأ آلاته وأعضاءه منها فعدله وسوى هيكله كل ذلك ليعرف مبدأه ومعاده

ثُمَّ السَّبِيلَ الموضح الموصل الى ربه وموجده

ص: 485

الذي هو مبدؤه ومعاده يَسَّرَهُ وسهل عليه وأودع فيه العقل الفطري المنشعب من العقل الكل الذي هو عبارة عن حضرة العلم المحيط الإلهي

ثُمَّ أَماتَهُ عن نشأة الابتلاء والاختبار تخليصا وتقريبا الى ربه فَأَقْبَرَهُ في البرزخ

ثُمَّ إِذا شاءَ وتعلقت مشيئته للأحياء أَنْشَرَهُ من القبر وحشره الى المحشر فحاسبه فجازاه على مقتضى حسابه خيرا كان او شرا فضلا عنه او عدلا

كَلَّا ردع له وويل عليه ما هذا النسيان والكفران لهذه النعم العظام والكرامات الجسام لَمَّا يَقْضِ اى لم يقض ولم يجر من لدن وجوده وظهوره على ما أَمَرَهُ الحق به إذ قلما يخلو افراد الإنسان عن الكفر والكفران والإثم والعدوان الا ان بعضه متدارك متلاف قد جبر بالتوبة والايمان ما كسر بالكفر والكفران وبعضه مغمور في عصيانه ونسيانه وبغيه وطغيانه الى حيث لا يتنبه قط وبالجملة

فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ المجبول على الكفران والنسيان إِلى طَعامِهِ المسوق له من لدنا تفضلا عليه وتكريما لتقويته وتقويم بنيته

أَنَّا من مقام عظيم جودنا كيف صَبَبْنَا الْماءَ وافضناه من جانب السماء صَبًّا ترويحا له وتهيئة لأسباب معاشه

ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ بعد ما صببنا الماء عليها شَقًّا بديعا

فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا من انواع الحبوب التي يقتات بها نوع الإنسان

وَعِنَباً متضمنا لانواع الأدم والمشروبات وَقَضْباً هو نبات يقطع في السنة مرة بعد اخرى مثل النعناع والطرخون والكراث وغيرها مما يعين للأكل

وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا

وَبالجملة حَدائِقَ غُلْباً مملوة بأنواع الأشجار والثمار

وَفاكِهَةً اى ألوان الفواكه وأنواعها وأصنافها وَأَبًّا علفا لمواشيه ومراكبه التي بها يتم ترفهه وتنعمه وبالجملة قد اعطاكم واحسن إليكم سبحانه ما اعطى واحسن من النعم العظام والكرامات الجسام ليكون

مَتاعاً وتمتيعا لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ التي بها يتم ترفهكم وتنعمكم وانما أنعم عليكم سبحانه لتعرفوا المنعم وتواظبوا على شكر نعمه وأنتم ايها المسرفون المفرطون تكفرون للنعم والمنعم جميعا واذكروا

فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ الصيحة المقرعة لصماخكم وأسماعكم فحينئذ شق عليكم الأمر وصعب الهول مع انه لا نصر يومئذ ولا مظاهرة ولا اغاثة حينئذ من احد ولا اعانة بل

يَوْمَ اى يومئذ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ شقيقه وشفيقه

وَمن أُمِّهِ التي يأوى إليها في الوقائع والملمات وَأَبِيهِ الذي يظاهر ويفتخر به

وَصاحِبَتِهِ التي هي أحب اليه من عشائره وَبَنِيهِ الذين هم أعز عليه من عموم أقاربه وسبب التفرة والفرار اشتغال كل منهم بحاله بلا التفات منه الى حال غيره إذ

لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ يشغله عن شئون غيره ويزعجه عن الاهتمام به مع انه لا يكف ولا يكفيه احد منه وكيف لا يكون كذلك إذ

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ مضيئة مشرقة منورة بنور الايمان والعرفان

ضاحِكَةٌ فرحا وسرورا بلقاء الرحمن مُسْتَبْشِرَةٌ بعلو الدرجات والمقامات وبأنواع السعادات والكرامات

وَوُجُوهٌ أخر يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ غبار وكدورة ناشئة من إكدار الكفر والكفران واقذار الآثام والعصيان مظلمة الى حيث

تَرْهَقُها وتغشيها قَتَرَةٌ مذلة وصغار وذلة وخسار موجبة لانواع الهلاك والبوار وبالجملة

أُولئِكَ الأشقياء البعداء عن ساحة عز القبول المكدرون بكدورات الكفر والشرك وانواع الفسوق والفجور هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ الخارجون عن مقتضى الحدود الإلهية وعن نور المعرفة والايمان بمتابعة القوى البهيمية من الشهوية والغضبية إذ كلتاهما مناط عموم الشرور والخسران. أعاذنا الله وعموم عباده من شرهما بمنه وجوده

ص: 486