المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

خيراته واستقلاله في عموم تصرفاته الواقعة في مظاهره ومصنوعاته فقال - الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية - جـ ٢

[النخجواني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌[سورة النور]

- ‌فاتحة سورة النور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النور

- ‌[سورة الفرقان]

- ‌فاتحة سورة الفرقان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفرقان

- ‌ الآيات

- ‌[سورة الشعراء]

- ‌فاتحة سورة الشعراء

- ‌خاتمة سورة الشعراء

- ‌[سورة النمل]

- ‌فاتحة سورة النمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النمل

- ‌[سورة القصص]

- ‌فاتحة سورة القصص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القصص

- ‌[سورة العنكبوت]

- ‌فاتحة سورة العنكبوت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العنكبوت

- ‌[سورة الروم]

- ‌فاتحة سورة الروم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الروم

- ‌[سورة لقمان]

- ‌فاتحة سورة لقمان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة لقمان

- ‌[سورة السجدة]

- ‌فاتحة سورة السجدة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السجدة

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌فاتحة سورة الأحزاب

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحزاب

- ‌[سورة السبأ]

- ‌فاتحة سورة السبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السبأ

- ‌[سورة فاطر]

- ‌فاتحة سورة الفاطر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفاطر

- ‌[سورة يس]

- ‌فاتحة سورة يس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة يس

- ‌[سورة الصافات]

- ‌فاتحة سورة الصافات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصافات

- ‌[سورة ص]

- ‌فاتحة سورة ص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ص

- ‌[سورة الزمر]

- ‌فاتحة سورة الزمر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزمر

- ‌[سورة المؤمن]

- ‌فاتحة سورة المؤمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المؤمن

- ‌[سورة فصلت]

- ‌فاتحة سورة فصلت

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة فصلت

- ‌[سورة الشورى]

- ‌فاتحة سورة الشورى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشورى

- ‌[سورة الزخرف]

- ‌فاتحة سورة الزخرف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزخرف

- ‌[سورة الدخان]

- ‌فاتحة سورة الدخان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الدخان

- ‌[سورة الجاثية]

- ‌فاتحة سورة الجاثية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجاثية

- ‌[سورة الأحقاف]

- ‌فاتحة سورة الأحقاف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحقاف

- ‌[سورة محمد]

- ‌فاتحة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[سورة الفتح]

- ‌فاتحة سورة الفتح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفتح

- ‌[سورة الحجرات]

- ‌فاتحة سورة الحجرات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحجرات

- ‌[سورة ق]

- ‌فاتحة سورة ق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ق

- ‌[سورة الذاريات]

- ‌فاتحة سورة الذاريات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الذاريات

- ‌[سورة الطور]

- ‌فاتحة سورة الطور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطور

- ‌[سورة النجم]

- ‌فاتحة سورة النجم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة والنجم

- ‌[سورة القمر]

- ‌فاتحة سورة القمر

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة القمر

- ‌[سورة الرحمن]

- ‌فاتحة سورة الرحمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الرحمن

- ‌[سورة الواقعة]

- ‌فاتحة سورة الواقعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الواقعة

- ‌[سورة الحديد]

- ‌فاتحة سورة الحديد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحديد

- ‌[سورة المجادلة]

- ‌فاتحة سورة المجادلة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المجادلة

- ‌[سورة الحشر]

- ‌فاتحة سورة الحشر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحشر

- ‌[سورة الممتحنة]

- ‌فاتحة سورة الممتحنة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الممتحنة

- ‌[سورة الصف]

- ‌فاتحة سورة الصف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصف

- ‌[سورة الجمعة]

- ‌فاتحة سورة الجمعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجمعة

- ‌[سورة المنافقين]

- ‌فاتحة سورة المنافقين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المنافقين

- ‌[سورة التغابن]

- ‌فاتحة سورة التغابن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التغابن

- ‌[سورة الطلاق]

- ‌فاتحة سورة الطلاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطلاق

- ‌[سورة التحريم]

- ‌فاتحة سورة التحريم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التحريم

- ‌[سورة الملك]

- ‌فاتحة سورة الملك

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الملك

- ‌[سورة القلم]

- ‌فاتحة سورة ن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ن

- ‌[سورة الحاقة]

- ‌فاتحة سورة الحاقة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحاقة

- ‌[سورة المعارج]

- ‌فاتحة سورة المعارج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المعارج

- ‌[سورة نوح]

- ‌فاتحة سورة نوح عليه السلام

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة نوح عليه السلام

- ‌[سورة الجن]

- ‌فاتحة سورة الجن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجن

- ‌[سورة المزمل]

- ‌فاتحة سورة المزمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المزمل

- ‌[سورة المدثر]

- ‌فاتحة سورة المدثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المدثر

- ‌[سورة القيامة]

- ‌فاتحة سورة القيامة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القيامة

- ‌[سورة الإنسان]

- ‌فاتحة سورة الإنسان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإنسان

- ‌[سورة المرسلات]

- ‌فاتحة سورة المرسلات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المرسلات

- ‌[سورة النبإ]

- ‌فاتحة سورة النبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النبأ

- ‌[سورة النازعات]

- ‌فاتحة سورة النازعات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النازعات

- ‌[سورة عبس]

- ‌فاتحة سورة عبس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة عبس

- ‌[سورة التكوير]

- ‌فاتحة سورة التكوير

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة التكوير

- ‌[سورة الانفطار]

- ‌فاتحة سورة الانفطار

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانفطار

- ‌[سورة المطففين]

- ‌فاتحة سورة التطفيف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التطفيف

- ‌[سورة الانشقاق]

- ‌فاتحة سورة الانشقاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشقاق

- ‌[سورة البروج]

- ‌فاتحة سورة البروج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البروج

- ‌[سورة الطارق]

- ‌فاتحة سورة الطارق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطارق

- ‌[سورة الأعلى]

- ‌فاتحة سورة الأعلى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأعلى

- ‌[سورة الغاشية]

- ‌فاتحة سورة الغاشية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الغاشية

- ‌[سورة الفجر]

- ‌فاتحة سورة الفجر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفجر

- ‌[سورة البلد]

- ‌فاتحة سورة البلد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البلد

- ‌[سورة الشمس]

- ‌فاتحة سورة الشمس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشمس

- ‌[سورة الليل]

- ‌فاتحة سورة الليل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الليل

- ‌[سورة الضحى]

- ‌فاتحة سورة الضحى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الضحى

- ‌[سورة الانشراح]

- ‌فاتحة سورة الانشراح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشراح

- ‌[سورة التين]

- ‌فاتحة سورة التين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التين

- ‌[سورة العلق]

- ‌فاتحة سورة العلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العلق

- ‌[سورة القدر]

- ‌فاتحة سورة القدر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القدر

- ‌[سورة البينة]

- ‌فاتحة سورة البينة

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة البينة

- ‌[سورة الزلزال]

- ‌فاتحة سورة الزلزال

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزلزال

- ‌[سورة العاديات]

- ‌فاتحة سورة العاديات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العاديات

- ‌[سورة القارعة]

- ‌فاتحة سورة القارعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القارعة

- ‌[سورة التكاثر]

- ‌فاتحة سورة التكاثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التكاثر

- ‌[سورة العصر]

- ‌فاتحة سورة العصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العصر

- ‌[سورة الهمزة]

- ‌فاتحة سورة الهمزة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الهمزة

- ‌[سورة الفيل]

- ‌فاتحة سورة الفيل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفيل

- ‌[سورة قريش]

- ‌فاتحة سورة قريش

- ‌‌‌[الآيات]

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة قريش

- ‌[سورة الماعون]

- ‌فاتحة سورة الماعون

- ‌خاتمة سورة الماعون

- ‌[سورة الكوثر]

- ‌فاتحة سورة الكوثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكوثر

- ‌[سورة الكافرون]

- ‌فاتحة سورة الكافرون

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكافرون

- ‌[سورة النصر]

- ‌فاتحة سورة النصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النصر

- ‌[سورة تبت]

- ‌فاتحة سورة تبت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة تبت

- ‌[سورة الإخلاص]

- ‌فاتحة سورة الإخلاص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإخلاص

- ‌[سورة الفلق]

- ‌فاتحة سورة الفلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفلق

- ‌[سورة الناس]

- ‌فاتحة سورة الناس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الناس

الفصل: خيراته واستقلاله في عموم تصرفاته الواقعة في مظاهره ومصنوعاته فقال

خيراته واستقلاله في عموم تصرفاته الواقعة في مظاهره ومصنوعاته فقال بعد التيمن بِسْمِ اللَّهِ الذي ظهر على ما ظهر وبطن بعموم أسمائه وصفاته التي لا تعد ولا تحصى الرَّحْمنِ لعموم مظاهره بالرزق الأوفى الرَّحِيمِ لخواصهم يوصلهم الى جنة المأوى وسدرة المنتهى

[الآيات]

تَبارَكَ تعاظم وتعالى من كثرة الخيرات والبركات الملك الكامل الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وبقبضة قدرته جميع التدابير والتصاريف الجارية في ملكه وملكوته على وجوه الصور والتقادير وكيف لا وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من متفرعات جود وجوده قَدِيرٌ بالقدرة الشاملة والارادة الكاملة الخالق الموجد

الَّذِي خَلَقَ وقدر الْمَوْتَ وَالْحَياةَ حسب قهره ولطفه وجلاله وجماله وادارهما بينكم ايها المكلفون لِيَبْلُوَكُمْ ويختبركم أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وأصوبه وأصلحه وأخلصه واعلموا انكم ان لم تحسنوا العمل ولم تصلحوه بعد ما أمركم سبحانه بالإخلاص والإصلاح فينتقم عنكم بمقتضى قهره وغيرته وكيف لا وَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب القادر المقتدر على وجوه الانتقام لمن خرج عن ربقة عبوديته الْغَفُورُ المقتدر على وجوه الانعام للمحسنين المخلصين المصلحين وكيف لا وهو

الَّذِي خَلَقَ أوجد واظهر سَبْعَ سَماواتٍ على عدد الصفات السبع الذاتية وجعلها طِباقاً متطابقة بعضها فوق بعض وبعضها جوف بعض وجعل تطبيقها ونظمها على وجه احكم ونظام ابلغ وأبدع بحيث ما تَرى ايها المعتبر الرائي فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ المستوي على عروش الأكوان مِنْ تَفاوُتٍ ينبئ عن عدم رعاية الحكمة والمصلحة فيه بل كله على مقتضى الحكمة المتقنة البالغة فان شككت ايها المعتبر الرائي فيه لقصور نظرك عن احاطة ما فيه من الحكم والمصالح في بادى الرأى فَارْجِعِ الْبَصَرَ وكرر النظر ثم بعد ذلك هَلْ تَرى وتجد فيه مِنْ فُطُورٍ خلل وشقوق وقعت فيه لا بمقتضى الحكمة والاحكام

ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ ان شئت وشككت كَرَّتَيْنِ مرتين او مرارا كثيرة الى حيث يَنْقَلِبْ ويرجع إِلَيْكَ الْبَصَرُ اى بصرك خائبا خاسرا خاسِئاً بعيدا عن المطلوب الذي هو رؤية الفطور وَهُوَ اى نظرك حين رجوعه إليك حَسِيرٌ كئيب كليل من طول المعاودة وكثرة المراجعة بلا فائدة تترتب عليه وعائدة تفوز بها من ادراك الفطور والقصور

وَمن كمال قدرتنا ومتانة حكمتنا لَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا اى السماء القريبة من الدنيا او المرئية منها بِمَصابِيحَ اى بكواكب كثيرة مضيئة منيرة في الليل كالسرج هي سبب رؤيتها والا فلا ترى وَمن جملة اختباراتنا الواقعة بين عبادنا انا قد جَعَلْناها اى تلك المصابيح رُجُوماً اى اسباب ظنون وجهالات لِلشَّياطِينِ ألا وهم المنجمون المرجفون الذين يرجمون بالغيب متمسكين بها وبحركاتها وأوضاعها وَبعد ما أضللناهم بها في الدنيا أَعْتَدْنا لَهُمْ في الآخرة عَذابَ السَّعِيرِ اى النار المسعرة جزاء ما اجترءوا على الله بدعوى الاطلاع على المغيبات مع انه من الخصائص الإلهية وما ذلك الا من كفرهم بالله وباستقلاله وتوحده في مطلق التصرفات الواقعة في ملكه وملكوته

وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وادعوا معه الشركة في أخص أوصافه وهو علم الغيب عَذابُ جَهَنَّمَ البعد والخذلان والطرد والحرمان وَبالجملة بِئْسَ الْمَصِيرُ مصير اهل الكفر ومأواهم ومن شدة اهوال جهنم وافزاعها انهم

إِذا أُلْقُوا فِيها اى قصد الزبانية القاءهم فيها بالعنف والزجر المفرط بعد ما أمرهم سبحانه بإلقائهم زجرا قد سَمِعُوا لَها اى لجهنم حينئذ شَهِيقاً صوتا هائلا مهولا على وجه التغيظ والغلظة كصوت الحمار وَالحال انه

ص: 430

هِيَ اى جهنم حينئذ تَفُورُ وتغلى غليان المرجل غيظا وغضبا لأعداء الله ومن شدة غضبها وسخطها

تَكادُ وتقرب تَمَيَّزُ وتفترق اجزاؤها مِنَ الْغَيْظِ المفرط كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ اى جماعة وفرقة من المنافقين المجتمعين على ديدنة قبيحة وخصلة ذميمة خارجة عن مقتضى الحدود الإلهية سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها سؤال توبيخ وتقريع أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ يخوفكم عن هذا العذاب الهائل مع ان سنة الله قد جرت على ان لا يدخل عباده فيها الا بعد الإنذار والتخويف

قالُوا حينئذ متحسرين بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فانذرنا عنها على ابلغ الوجوه فَكَذَّبْنا النذير وأفرطنا في تكذيبه الى حيث قد نفينا الإنزال والإرسال مطلقا بل قد كفرنا وأنكرنا للحق ولجميع ما جاء به النبي النذير من عنده ونسبنا دعوته ودعواه الى السفه والضلال وَبالجملة قد قُلْنا له حين دعوته وادعائه نزول الكتاب ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ اى ما أنتم ايها المدعون للرسالة إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ عظيم لإضلال أعظم من ضلالكم

وَبعد ما قد حكوا للخزنة أولئك الضالون ما حكوا قالُوا من غاية سفههم وحسرتهم على سبيل التمني لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ كلام الرسل المؤيدين بالمعجزات الظاهرة أَوْ نَعْقِلُ نتأمل ونتفكر في حججهم الساطعة ودلائلهم القاطعة ما كُنَّا الآن فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ اى في عدادهم ومن جملتهم وبالجملة

فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ وندموا وما ينفعهم الاعتراف والندم لمضى وقته بل فَسُحْقاً طردا وتبعيدا عن ساحة عز القبول وعن سعة رحمة الحق وكنف لطفه ومغفرته لِأَصْحابِ السَّعِيرِ اى لمطلق من دخل بشؤم كفره وإنكاره فيها. ثم اردف سبحانه حال الكفرة بحال المؤمنين تنشيطا للسامع وحثا على التثبت في الايمان فقال

إِنَّ المؤمنين الَّذِينَ يَخْشَوْنَ ويخافون رَبَّهُمْ اى عذابه بِالْغَيْبِ اى حال كونهم في النشأة الاولى غائبين غير معاينين له لَهُمْ عند ربهم مَغْفِرَةٌ ستر ومحو لذنوبهم الصادرة عنهم بمقتضى بشريتهم جزاء لإيمانهم بالله وخشيتهم عن عذابه وَأَجْرٌ كَبِيرٌ تصغر دونه الدنيا وما فيها تفضلا عليهم وامتنانا ألا وهو رضاء الله منهم ورضوان من الله اكبر من الآخرة وما فيها فكيف عن الدنيا. ثم لما قال بعض المشركين لبعضهم على سبيل التهكم والاستهزاء أسروا قولكم كي لا يسمعه رب محمد نزلت

وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ ايها المشركون أَوِ اجْهَرُوا بِهِ وهما سيان بالنسبة الى علمه المحيط وكيف لا وإِنَّهُ سبحانه عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ اى بما في الضمائر قبل ان يعبر عنه ويقصد بتعبيره بل هو عليم بما في استعداداتكم وقابلياتكم من المكنون في عالم الأسماء والصفات قبل ظهوركم في عالم الأشباح

أَلا يَعْلَمُ العليم الحكيم مَنْ خَلَقَ وقدر بمقتضى علمه المحيط وقدرته الشاملة وارادته الكاملة وَكيف لا وهُوَ اللَّطِيفُ الواصل آثار علمه الى خفيات الأشياء واسرارها الْخَبِيرُ المحيط خبرته بظواهر المظاهر وبواطنها وبالجملة

هُوَ سبحانه القادر المقتدر الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ايها المكلفون بمقتضى سعة رحمته وجوده الْأَرْضَ ذَلُولًا لينة سهلة قابلة للسلوك عليها فَامْشُوا فِي مَناكِبِها جبالها او جوانبها حيث شئتم وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ رغدا واسعا متى أردتم واشكروا المنعم المتفضل ولا تكفروا به وبنعمه وَاعلموا انه إِلَيْهِ لا الى غيره من الوسائل والأسباب العادية النُّشُورُ اى نشور الكل ورجوعه إذ لا مرجع لكم سواه ولا مقصد الا اليه فيسألكم عما أنعم عليكم ويحاسبكم عليه وكيف لا تشكرون نعمه ولا تواظبون على أداء حقوق كرمه

أَأَمِنْتُمْ ايها المكلفون المسرفون

ص: 431

مَنْ فِي السَّماءِ اى من هو مستعل على سماء الأسماء ان يظهر ويغضب عليكم حسب اسمه المنتقم سيما على من لم يشكر منكم لنعمائه المتوالية وآلائه المتتالية من أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ ويطويكم بها ويغيبكم فيها كما فعل بقارون فَإِذا هِيَ اى الأرض حينئذ تَمُورُ تفتطر وتتحرك وتتزلزل غيظا عليكم

أَمْ أَمِنْتُمْ من عذاب مَنْ فِي السَّماءِ ومن أَنْ يُرْسِلَ ويمطر عَلَيْكُمْ حاصِباً حجارة وحصباء من قبل السماء فيهلككم بها كما فعل بقوم لوط فَسَتَعْلَمُونَ حينئذ ايها المسرفون المفرطون في كفران النعم ونسيان حقوق الكرم كَيْفَ نَذِيرِ وإنذاري عليكم وان كذبوك يا أكمل الرسل وبالغوا في تكذيبك وإنكارك لا تبال بهم وبتكذيبهم بل انتظر وترقب الى ما سيئول أمرهم اليه

وَبالجملة لَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مضوا مِنْ قَبْلِهِمْ من الكفرة المكذبين لرسلهم أمثالهم مبالغين في تكذيبهم فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ وإنكاري إياهم وانتقامي منهم فسيلحق ايضا بهؤلاء الضالين المكذبين لك بأضعاف ما لحقهم

أَينكرون قدرتنا على الانتقام منهم وإهلاكهم وَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ باسطات أجنحتهن في الجو عند الطيران وَبعد ما أردن السرعة يَقْبِضْنَ ويضممن أجنحتهن الى جنوبهن استظهارا بها على سرعة الحركة مع ان ميلهن بالطبع الى السفل لثقلهن ما يُمْسِكُهُنَّ في الجو على خلاف الطبع إِلَّا الرَّحْمنُ المستعان الشامل برحمته العامة على كل شيء دخل في حيطة قدرته وارادته وبالجملة إِنَّهُ سبحانه بِكُلِّ شَيْءٍ دخل في حيطة الوجود بَصِيرٌ يدبر امره على وجه يليق به وينبغي له بمقتضى سعة رحمته وجوده. ثم قال سبحانه مستفهما منهم على سبيل الإنكار والتقريع

أَمَّنْ هذَا الناصر الظهير الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ وعونتكم يَنْصُرُكُمْ ويعينكم حين بطش الله بكم ايها المسرفون مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ المستوعب بالرحمة العامة على عموم الأكوان مع انه لا شيء في الوجود سواه وبالجملة إِنِ الْكافِرُونَ اى ما هم إِلَّا فِي غُرُورٍ باطل وزور ظاهر لا وثوق لهم ولا اعتماد

أَمَّنْ هذَا الرازق المتكفل لأرزاقكم الَّذِي يَرْزُقُكُمْ ويسوق إليكم دائما ما يسد رمقكم إِنْ أَمْسَكَ سبحانه رِزْقَهُ عنكم يعنى ألكم رازق كذلك تتمسكون به وتتقون عليه سواه سبحانه أصلا كلا وحاشا ليس لكم الا هذا بَلْ لَجُّوا اى قد تمادوا وأصروا على اللجاج وصاروا دائما فِي عُتُوٍّ لدد وعناد وَنُفُورٍ عن الحق وقبوله تعنتا واستكبارا. ثم قال سبحانه مستفهما على سبيل التوبيخ

أَتعتقدون الآثار الظاهرة في الأقطار من الوسائل والأسباب العادية ولم تنسبوها الى المؤثر المسبب المختار وسلكتم في هذا الطريق بأنواع الإنكار والإصرار فَمَنْ اى فهل من يَمْشِي مُكِبًّا ساقطا عَلى وَجْهِهِ لوعورة طريقه وظلمة سبيله أَهْدى الى مقصده وارشد الى مطلبه أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا مستقيما سالما عن التزلزل والسقوط راكبا عَلى متن صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وطريق واضح بلا عثور وقصور قد مثل بهما سبحانه للمشرك المتشبث بالعقل المنعزل عن الرشد والهداية وللمؤمن المستمسك بالعروة الوثقى التي هي الشرع القويم الموصل الى توحيد الحق

قُلْ يا أكمل الرسل لمن أنكر وحدة الحق واستقلاله في مطلق التصرفات الواقعة في عالم الكون والفساد هُوَ سبحانه القادر المقتدر الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وأظهركم من كتم العدم إنشاء إبداعيا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ لتسمعوا به المواعظ والآثار والاخبار الصادرة عن اولى العزائم الصحيحة المجتازين نحو فضاء اللاهوت بانخلاعهم عن كسوة الناسوت مطلقا وَالْأَبْصارَ لتنظروا بها في ملكوت

ص: 432

السموات والأرض فتعبروا منها الى مبدعها العليم الحكيم وَالْأَفْئِدَةَ لتتفطنوا بها الى عجائب حكمته وبدائع قدرته كي تنكشفوا بوحدته وتتشرفوا بوصلته لكن قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ اى الشاكرون الصارفون هذه النعم العظام الى ما خلقت لأجله قليلون في غاية القلة

قُلْ يا أكمل الرسل لمن أنكر قدرتنا على الحشر والنشر والحساب والجزاء وعلى جميع الأمور الواقعة في النشأة الاخرى هُوَ سبحانه العزيز الغالب ذو القدرة والاختيار الَّذِي ذَرَأَكُمْ اى بثكم وبسطكم بمقتضى قدرته فِي الْأَرْضِ التي هي محل الكون والفساد وكلفكم بالإيمان والأعمال واختبركم بالأوامر والنواهي وَكما أبدعكم أولا بامتداد اظلاله ورشّ انواره على مرآة العدم اعادكم ايضا بقبض اظلاله وانواره الى ذاته فثبت انكم إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ للجزاء فيجازيكم بمقتضى ما اقترفتم من المأمورات الإلهية

وَيَقُولُونَ من كمال استبعادهم مَتى هذَا الْوَعْدُ الموعود الذي قد وعدتم بالجزاء والحساب والثواب والعقاب فيه أخبرونا عن وقوعه في أى زمان وآن إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يعنون النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين

قُلْ يا أكمل الرسل بعد ما ألحوا عليك والجأوك الى التعيين إِنَّمَا الْعِلْمُ المتعلق بتعيين وقته عِنْدَ اللَّهِ لا يطلع عليه احد من خلقه وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ بمقتضى الوعيد الإلهي مُبِينٌ مظهر مبلغ ما يوحى الى من عنده سبحانه على وجهه لا طريق لعلمي بوقوع الموعود سوى الوحى ولم يوح الى في تعيينه فأتكلم عنه فعليكم ان لا تستعجلوا وقوعه وبعد ما تحقق قرب وقوعه وحل وقته

فَلَمَّا رَأَوْهُ اى العذاب الموعود في الآخرة زُلْفَةً قريبا منهم سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا اى اسودت وقبحت من شدة الكآبة والحزن المفرط وَقِيلَ لهم حينئذ من قبل الحق هذَا العذاب هو العذاب الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ تتطلبون وتستعجلون وقوعه مراء واستهزاء على وجه التهكم فالآن يلحقكم ما تنكرون منه فيما مضى

قُلْ يا أكمل الرسل لمشركي مكة بعد ما تطيروا بحياتك وتمنوا بموتك وموت من معك من المؤمنين ليتخلصوا منكم ومن شروركم على زعمهم أَرَأَيْتُمْ أخبروني إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ العليم الحكيم حسب قهره وجلاله وَأهلك ايضا مَنْ مَعِيَ من المؤمنين أَوْ رَحِمَنا سبحانه بان أخر آجالنا بمقتضى لطفه وجماله ونحن مؤمنون مخلصون له مقرون بوحدته وبانه الفاعل على الإطلاق بكمال الاختيار والاستحقاق يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فَمَنْ يُجِيرُ وينقذ الْكافِرِينَ المنكرين الله وارادته واختياره وألوهيته وربوبيته مطلقا مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ نازل عليهم من لدنه سبحانه بشؤم ما اقترفوا من الكفر والعصيان وانواع الفسوق والطغيان

قُلْ يا أكمل الرسل بعد ما قد تمادى نزاعهم وتطاول جدالهم ولم تنفعهم الدعوة والتبليغ كلاما خاليا عن وصمة الجدال والمراء منبعثا عن محض الحكمة والمصلحة هُوَ الرَّحْمنُ المستعان المستوي على عروش عموم الأكوان بكمال الاستيلاء والاستحقاق قد آمَنَّا بِهِ مخلصين مستوثقين بحبل كرمه وجوده وَعَلَيْهِ لا على غيره من الوسائل والأسباب العادية تَوَكَّلْنا وفوضنا أمورنا كلها اليه بالعزيمة الصادقة الخالصة واتخذناه وكيلا واعتقدناه حسيبا وكفيلا فَسَتَعْلَمُونَ ايها المفسدون المسرفون مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أنحن أم أنتم

قُلْ يا أكمل الرسل للمنكرين بوجود الصانع الحكيم على سبيل التبكيت والإلزام أَرَأَيْتُمْ أخبروني ايها المسرفون المكابرون إِنْ أَصْبَحَ وصار ماؤُكُمْ غَوْراً غائرا عميقا الى حيث لا يصل اليه السجال والدلاء بحبال طوال وحيل فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ

ص: 433