المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لنعم الله في السراء والضراء مقتصدا بين الخوف والرجاء مفوضا - الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية - جـ ٢

[النخجواني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌[سورة النور]

- ‌فاتحة سورة النور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النور

- ‌[سورة الفرقان]

- ‌فاتحة سورة الفرقان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفرقان

- ‌ الآيات

- ‌[سورة الشعراء]

- ‌فاتحة سورة الشعراء

- ‌خاتمة سورة الشعراء

- ‌[سورة النمل]

- ‌فاتحة سورة النمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النمل

- ‌[سورة القصص]

- ‌فاتحة سورة القصص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القصص

- ‌[سورة العنكبوت]

- ‌فاتحة سورة العنكبوت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العنكبوت

- ‌[سورة الروم]

- ‌فاتحة سورة الروم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الروم

- ‌[سورة لقمان]

- ‌فاتحة سورة لقمان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة لقمان

- ‌[سورة السجدة]

- ‌فاتحة سورة السجدة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السجدة

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌فاتحة سورة الأحزاب

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحزاب

- ‌[سورة السبأ]

- ‌فاتحة سورة السبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السبأ

- ‌[سورة فاطر]

- ‌فاتحة سورة الفاطر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفاطر

- ‌[سورة يس]

- ‌فاتحة سورة يس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة يس

- ‌[سورة الصافات]

- ‌فاتحة سورة الصافات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصافات

- ‌[سورة ص]

- ‌فاتحة سورة ص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ص

- ‌[سورة الزمر]

- ‌فاتحة سورة الزمر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزمر

- ‌[سورة المؤمن]

- ‌فاتحة سورة المؤمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المؤمن

- ‌[سورة فصلت]

- ‌فاتحة سورة فصلت

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة فصلت

- ‌[سورة الشورى]

- ‌فاتحة سورة الشورى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشورى

- ‌[سورة الزخرف]

- ‌فاتحة سورة الزخرف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزخرف

- ‌[سورة الدخان]

- ‌فاتحة سورة الدخان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الدخان

- ‌[سورة الجاثية]

- ‌فاتحة سورة الجاثية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجاثية

- ‌[سورة الأحقاف]

- ‌فاتحة سورة الأحقاف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحقاف

- ‌[سورة محمد]

- ‌فاتحة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[سورة الفتح]

- ‌فاتحة سورة الفتح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفتح

- ‌[سورة الحجرات]

- ‌فاتحة سورة الحجرات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحجرات

- ‌[سورة ق]

- ‌فاتحة سورة ق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ق

- ‌[سورة الذاريات]

- ‌فاتحة سورة الذاريات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الذاريات

- ‌[سورة الطور]

- ‌فاتحة سورة الطور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطور

- ‌[سورة النجم]

- ‌فاتحة سورة النجم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة والنجم

- ‌[سورة القمر]

- ‌فاتحة سورة القمر

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة القمر

- ‌[سورة الرحمن]

- ‌فاتحة سورة الرحمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الرحمن

- ‌[سورة الواقعة]

- ‌فاتحة سورة الواقعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الواقعة

- ‌[سورة الحديد]

- ‌فاتحة سورة الحديد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحديد

- ‌[سورة المجادلة]

- ‌فاتحة سورة المجادلة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المجادلة

- ‌[سورة الحشر]

- ‌فاتحة سورة الحشر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحشر

- ‌[سورة الممتحنة]

- ‌فاتحة سورة الممتحنة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الممتحنة

- ‌[سورة الصف]

- ‌فاتحة سورة الصف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصف

- ‌[سورة الجمعة]

- ‌فاتحة سورة الجمعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجمعة

- ‌[سورة المنافقين]

- ‌فاتحة سورة المنافقين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المنافقين

- ‌[سورة التغابن]

- ‌فاتحة سورة التغابن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التغابن

- ‌[سورة الطلاق]

- ‌فاتحة سورة الطلاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطلاق

- ‌[سورة التحريم]

- ‌فاتحة سورة التحريم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التحريم

- ‌[سورة الملك]

- ‌فاتحة سورة الملك

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الملك

- ‌[سورة القلم]

- ‌فاتحة سورة ن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ن

- ‌[سورة الحاقة]

- ‌فاتحة سورة الحاقة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحاقة

- ‌[سورة المعارج]

- ‌فاتحة سورة المعارج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المعارج

- ‌[سورة نوح]

- ‌فاتحة سورة نوح عليه السلام

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة نوح عليه السلام

- ‌[سورة الجن]

- ‌فاتحة سورة الجن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجن

- ‌[سورة المزمل]

- ‌فاتحة سورة المزمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المزمل

- ‌[سورة المدثر]

- ‌فاتحة سورة المدثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المدثر

- ‌[سورة القيامة]

- ‌فاتحة سورة القيامة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القيامة

- ‌[سورة الإنسان]

- ‌فاتحة سورة الإنسان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإنسان

- ‌[سورة المرسلات]

- ‌فاتحة سورة المرسلات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المرسلات

- ‌[سورة النبإ]

- ‌فاتحة سورة النبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النبأ

- ‌[سورة النازعات]

- ‌فاتحة سورة النازعات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النازعات

- ‌[سورة عبس]

- ‌فاتحة سورة عبس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة عبس

- ‌[سورة التكوير]

- ‌فاتحة سورة التكوير

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة التكوير

- ‌[سورة الانفطار]

- ‌فاتحة سورة الانفطار

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانفطار

- ‌[سورة المطففين]

- ‌فاتحة سورة التطفيف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التطفيف

- ‌[سورة الانشقاق]

- ‌فاتحة سورة الانشقاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشقاق

- ‌[سورة البروج]

- ‌فاتحة سورة البروج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البروج

- ‌[سورة الطارق]

- ‌فاتحة سورة الطارق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطارق

- ‌[سورة الأعلى]

- ‌فاتحة سورة الأعلى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأعلى

- ‌[سورة الغاشية]

- ‌فاتحة سورة الغاشية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الغاشية

- ‌[سورة الفجر]

- ‌فاتحة سورة الفجر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفجر

- ‌[سورة البلد]

- ‌فاتحة سورة البلد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البلد

- ‌[سورة الشمس]

- ‌فاتحة سورة الشمس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشمس

- ‌[سورة الليل]

- ‌فاتحة سورة الليل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الليل

- ‌[سورة الضحى]

- ‌فاتحة سورة الضحى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الضحى

- ‌[سورة الانشراح]

- ‌فاتحة سورة الانشراح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشراح

- ‌[سورة التين]

- ‌فاتحة سورة التين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التين

- ‌[سورة العلق]

- ‌فاتحة سورة العلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العلق

- ‌[سورة القدر]

- ‌فاتحة سورة القدر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القدر

- ‌[سورة البينة]

- ‌فاتحة سورة البينة

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة البينة

- ‌[سورة الزلزال]

- ‌فاتحة سورة الزلزال

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزلزال

- ‌[سورة العاديات]

- ‌فاتحة سورة العاديات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العاديات

- ‌[سورة القارعة]

- ‌فاتحة سورة القارعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القارعة

- ‌[سورة التكاثر]

- ‌فاتحة سورة التكاثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التكاثر

- ‌[سورة العصر]

- ‌فاتحة سورة العصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العصر

- ‌[سورة الهمزة]

- ‌فاتحة سورة الهمزة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الهمزة

- ‌[سورة الفيل]

- ‌فاتحة سورة الفيل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفيل

- ‌[سورة قريش]

- ‌فاتحة سورة قريش

- ‌‌‌[الآيات]

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة قريش

- ‌[سورة الماعون]

- ‌فاتحة سورة الماعون

- ‌خاتمة سورة الماعون

- ‌[سورة الكوثر]

- ‌فاتحة سورة الكوثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكوثر

- ‌[سورة الكافرون]

- ‌فاتحة سورة الكافرون

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكافرون

- ‌[سورة النصر]

- ‌فاتحة سورة النصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النصر

- ‌[سورة تبت]

- ‌فاتحة سورة تبت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة تبت

- ‌[سورة الإخلاص]

- ‌فاتحة سورة الإخلاص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإخلاص

- ‌[سورة الفلق]

- ‌فاتحة سورة الفلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفلق

- ‌[سورة الناس]

- ‌فاتحة سورة الناس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الناس

الفصل: لنعم الله في السراء والضراء مقتصدا بين الخوف والرجاء مفوضا

لنعم الله في السراء والضراء مقتصدا بين الخوف والرجاء مفوضا عموم أمورك الى المولى متعطشا في جميع احوالك الى شرف اللقاء وما هذا الا التقوى والوصول الى الجنة المأوى وسدرة المنتهى. رزقنا الله وعموم عباده الوصول إليها والتحقق دونها بمنه وجوده

[سورة الصف]

‌فاتحة سورة الصف

لا يخفى على من تحقق بمرتبة اليقين الحقي وتمكن عليها بعد ترقيه عن اليقين العلمي والعيني وخلص عن مطلق التلوين والتخمين وخاض في لجة بحر الوجود متصفا بأنواع الكشف والشهود وروى عن الحوض المورود ووصل الى المقام المحمود ان جميع ما صدر من أمثال هؤلاء الواصلين من الأعمال والأقوال وعموم المعاملات والأحوال انما هو على مقتضى الاعتدال مائلا عن كلا طرفي الإفراط والتفريط إذ الواصلون انما هو المتخلقون بأخلاق الله المتصفون بأوصافه المعتدلة وأسمائه الغير المتبدلة والمؤمنون المخلصون لا بد وان يكون عموم مقاصدهم منتهيا الى الوصول بالوحدة الحقيقة الحقية والتحقق بالتخلق بعموم الأوصاف الذاتية بل توجه جميع المظاهر وتسبيحهم وتحننهم لأجل هذا المطلب الأعلى والمقصد الأقصى حقيقة ولكن لا يفقهون تسبيحهم الا قليلا لذلك اخبر سبحانه حبيبه صلى الله عليه وسلم بتوجه عموم مظاهره نحوه طوعا ثم نادى المؤمنين بما نادى إرشادا لهم وإصلاحا لحالهم فقال بعد ما تيمن باسمه العزيز بِسْمِ اللَّهِ الذي تجلى على ما تجلى بمقتضى العدالة الرَّحْمنِ عليهم بوضع الميزان الموصل لهم الى دار السلام الرَّحِيمِ يوصلهم الى فضاء الوجوب بعد انخلاعهم عن لوازم الإمكان قد

[الآيات]

سَبَّحَ لِلَّهِ وتوجه نحوه بكمال التقديس والتنزيه عموم ما ظهر فِي السَّماواتِ اى فواعل العلويات وَما ظهر فِي الْأَرْضِ اى قوابل السفليات وَكذا المركبات والممتزجات الكائنة بينهما وكيف لا يتوجه نحوه عموم الموجودات إذ هُوَ الْعَزِيزُ الغالب على مطلق المرادات والمقدورات الْحَكِيمُ المتقن في جميع التقديرات والتدبيرات. ثم لما عاهد المسلمون مع الله عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا لو علمنا أحب الأعمال الى الله لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا فنزل ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله الآية فولوا يوم احد مدبرين منهزمين ولم يوفوا بعهدهم فنزلت

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم الوفاء بالعهود لِمَ تَقُولُونَ وقت المعاهدة والميثاق مع الله ما لا تَفْعَلُونَ ولا توفونه وقت الوفاء واللقاء واعلموا ايها المؤمنون انه قد

كَبُرَ مَقْتاً وعظم جريمة وذنبا عِنْدَ اللَّهِ المنتقم الغيور أَنْ تَقُولُوا وتعاهدوا معه سبحانه ما لا تَفْعَلُونَ في وقته ولا تنجزون المعهود والموعود وكيف لا

إِنَّ اللَّهَ المفضل العليم الحكيم يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ لترويج دينه وإعلاء كلمة توحيده صَفًّا مصطفين متظاهرين متعاونين كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ منضد محكم مضموم بعضها مع بعض بحيث لا فرج فيها ولا شقوق ثم اعلموا ان عدم وفائكم بالعهود لا ينقص شيأ من عظمة الله كما ان وفاءكم بها لا تزيد فيها لكن نقضكم الميثاق يؤذى النبي وإيذاء النبي مستلزم لإيذاء الله وهو يستلزم بغضه سبحانه وأذاه ومقته وغضبه على المؤذى

وَاذكر يا أكمل الرسل للمناقضين قصة تأذى أخيك موسى الكليم صلوات الله عليه من قومه وقت إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ حين رموه بالبغية وعيروه بالادرة يا قَوْمِ ناداهم وأضافهم الى نفسه على مقتضى ملاينة ارباب الرسالة مع أممهم لينزجروا عن سوء الأدب لِمَ تُؤْذُونَنِي بأمثال

ص: 409

هذه المفتريات الباطلة البعيدة بمراحل عن الصدق وَالحال انه قَدْ تَعْلَمُونَ أنتم يقينا بما جئت به من المعجزات الساطعة الدالة على صدقى في دعواي أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ المرسل من عنده بمقتضى وحيه إِلَيْكُمْ لأرشدكم الى سبيل الهداية الموصل الى معرفة الحق وتوحيده ومقتضى علمكم هذا ان لا تؤذوننى فلم تؤذوننى فَلَمَّا زاغُوا ومالوا عن الحق وانصرفوا عن مقتضى الفطرة الاصلية أَزاغَ اللَّهُ المقلب للقلوب قُلُوبَهُمْ وصرفها عن قبول الحق والميل اليه فانحرفوا نحو الباطل فضلوا عن سواء السبيل واستحقوا الويل العظيم والعذاب الأليم وَبالجملة اللَّهِ العليم الحكيم لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ الخارجين عن مقتضى الفطرة الاصلية التي هي التحقق بمقام المعرفة والتوحيد

وَاذكر لهم يا أكمل الرسل ايضا وقت إِذْ قالَ أخوك عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مناديا لقومه يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ قد أرسلني نحوكم لأرشدكم الى طريقه وصراط توحيده ولأكون انا في نفسي مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ المنزل من عنده سبحانه لضبط ظواهر الاحكام والأخلاق المستتبعة لتهذيب الباطن عن مطلق الزيغ والضلال المنافى لصفاء مشرب التوحيد وَمُبَشِّراً ايضا أبشركم بِرَسُولٍ اى ببعثة رسول كامل في الرسالة متمم لمكارم الأخلاق يَأْتِي مِنْ بَعْدِي مظهرا للتوحيد الذاتي خاتما لأمر النبوة والرسالة والتشريع اسْمُهُ أَحْمَدُ سمى به صلى الله عليه وسلم لكون حمده أتم واشمل من حمد سائر الأنبياء والرسل إذ محامدهم لله انما هو بمقتضى توحيد الصفات والأفعال وحمده صلى الله عليه وسلم انما هو بحسب توحيد الذات المستوعب لتوحيد الصفات والأفعال وبعد ما اظهر عيسى صلوات الله عليه وسلامه دعوته طالبوه بالبينة الدالة على صدقه فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ الواضحة والمعجزات الساطعة التي هي اكبر من معجزات موسى عليه السلام ورأوا منه الخوارق التي ما اظهر مثلها من سائر الأنبياء بادروا الى تكذيبه مكابرة وعنادا حيث قالُوا هذا اى عيسى او ما جاء به من المعجزات سِحْرٌ مُبِينٌ ظاهر كونه سحرا او كامل في السحر الى حيث كأنه قد تجسم منه وليس تكذيبهم إياه صلوات الله عليه سيما بعد وضوح البرهان ونسبته الى شيء لا يليق بشأنه الا خروج عن مقتضى الحدود الإلهية الموضوعة لأداء العبودية

وَمَنْ أَظْلَمُ وأشد خروجا عن مقتضى الحدود الإلهية مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الحكيم المتقن في أفعاله الْكَذِبَ ونسب ما أنزله سبحانه من المعجزات الدالة على صدق رسوله المؤيد من عنده بالنفس القدسية المبعوث الى الناس ليرشدهم الى طريق توحيده وَالحال انه هُوَ اى المفترى الظالم يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ المتقدس عن جميع الآثام لو قبله وصدقه وامتثل بما فيه من الأوامر والنواهي وهو من غاية عتوه وعناده في موضع الاجابة ومحل القبول يرده ويكذبه وينسب معجزات الداعي الى السحر والشعبذة مراء وافتراء عدوانا وظلما وَبالجملة اللَّهِ المطلع على ما في استعدادات عباده لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الخارجين عن مقتضى الفطرة الاصلية الإلهية التي قد فطر الناس عليها ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون لذلك يخرجون وبالجملة ليس غرضهم عن هذا الافتراء والتكذيب بعد ثبوت الحجج والبراهين القاطعة الا انهم

يُرِيدُونَ بفتنتهم هذه لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ الواحد الأحد الفرد الصمد المتشعشع نوره من مطالع عموم الكائنات ومشارق جميع الذرات ألا وهو دين الإسلام المنزل على خير الأنام ليبين لهم توحيد الذات بِأَفْواهِهِمْ اى بمجرد قولهم الباطل الرهق الزائل بلا مستند عقل

ص: 410

او نقلي فكيف عن كشفى وشهودي وَاللَّهُ المتعزز برداء العظمة والكبرياء مُتِمُّ نُورِهِ مبالغ في اشاعة شرعه واذاعة دينه واشراقه غايتها وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ظهوره وشيوعه ارغاما لهم وإذلالا وكيف لا يتم سبحانه شيوع نور وحدته الذاتية مع انه

هُوَ سبحانه المدبر الحكيم الَّذِي قد أَرْسَلَ رَسُولَهُ محمدا صلى الله عليه وسلم لمصلحة هذا التتميم والتكميل وأيده بِالْهُدى والقرآن العظيم وَدِينِ الْحَقِّ القويم والملة الحنيفية السمحة البيضاء الموروثة له من جده ابراهيم الخليل الجليل صلوات الله عليهما وعلى اخوانهما من النبيين والصديقين والصالحين وانما أيده لِيُظْهِرَهُ ويغلبه اى الدين القويم المبين لصراط الحق وطريق توحيده الذاتي عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ اى على عموم الملل والأديان الواردة لبيان توحيد الصفات والأفعال وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ظهور توحيد الحق على هذا الوجه لما فيه من قطع عرق الشرك مطلقا عن أصله جليا كان او خفيا. ثم قال سبحانه بعد ما أشار الى ظهور دين الإسلام وإعلاء كلمة التوحيد حثا على المؤمنين وترغيبا لهم الى ترويج الدين القويم الذي هو الصراط المستقيم الموصل الى مرتبة حق اليقين

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ كأنه قيل ما التجارة المنقذة المنجية قال سبحانه لبيانه

تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مع اعداء الله سيما مع أعدى عدوكم الذي هو جنود امارتكم لترويج دينه وإعلاء كلمة توحيده بِأَمْوالِكُمْ اى ببذلها في الخطوب والملمات وَأَنْفُسِكُمْ بالاقتحام على الحروب في المقاتلات ذلِكُمْ الذي ذكر من الايمان والجهاد خَيْرٌ لَكُمْ ونفعه عائد إليكم إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ما هو أصلح لكم وانفع في نشأتكم الاولى والاخرى وان تؤمنوا بالله وتصدقوا رسله وتجاهدوا في سبيله

يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ التي صدرت عنكم قبل ذلكم وَبعد ما غفر سبحانه ذنوبكم يُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ متنزهات العلم والعين والحق تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ اى انهار المعارف والحقائق المترشحة من بحر الحياة التي هي حضرة العلم المحيط الإلهي وَمَساكِنَ طَيِّبَةً من الحالات والمقامات السنية والدرجات العلية فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ التي هي المعرفة واليقين مصونة عن شوب الشك وريب التخمين ذلِكَ الستر والإدخال هو الْفَوْزُ الْعَظِيمُ والفضل الكريم على ارباب المعرفة واليقين من الله العزيز العليم

وَلكم ايضا ايها المعتبرون المجاهدون في ترويج دين الحق عنده سبحانه نعمة أُخْرى من النعم التي تُحِبُّونَها أنتم ألا وهي نَصْرٌ نازل مِنَ اللَّهِ العزيز الحكيم عليكم بحيث يغلبكم على عموم أعدائكم وَفَتْحٌ قَرِيبٌ في العاجل وَبالجملة بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ المجاهدين يا أكمل الرسل بأنواع البشارة الدنيوية والاخروية. ثم قال سبحانه

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم نصرة دين الله وتقوية رسوله كُونُوا بأموالكم وانفسكم أَنْصارَ اللَّهِ وأنصار رسول الله وقولوا في مقابلة النبي عليه السلام كما قال الحواريون في مقابلة عيسى عليه السلام وحكاه الله عنهم بقوله كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مختبرا إخلاصهم واختصاصهم ومحبتهم ونهاية مرتبتهم في اليقين ودرجتهم في أعلى عليين مَنْ أَنْصارِي وأعواني في توجهي إِلَى اللَّهِ والى انتشار توحيده بين اظلاله المستمدين من اظلال أوصافه وأسمائه وبعد ما سمعوا قالَ الْحَوارِيُّونَ من كمال انكشافهم بالله وبتوحيده ومن تحققهم في مقام الشهود وتمكنهم فيه نَحْنُ الفانون في الله الباقون ببقائه المستغرقون بمطالعة لقائه أَنْصارَ اللَّهِ واحباؤه إذ لا مرجع لنا سواه ولا مقصد الا إياه والحواريون

ص: 411