المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌خاتمة سورة المدثر عليك ايها المريد المتحقق بسر سريان الوحدة الذاتية - الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية - جـ ٢

[النخجواني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌[سورة النور]

- ‌فاتحة سورة النور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النور

- ‌[سورة الفرقان]

- ‌فاتحة سورة الفرقان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفرقان

- ‌ الآيات

- ‌[سورة الشعراء]

- ‌فاتحة سورة الشعراء

- ‌خاتمة سورة الشعراء

- ‌[سورة النمل]

- ‌فاتحة سورة النمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النمل

- ‌[سورة القصص]

- ‌فاتحة سورة القصص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القصص

- ‌[سورة العنكبوت]

- ‌فاتحة سورة العنكبوت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العنكبوت

- ‌[سورة الروم]

- ‌فاتحة سورة الروم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الروم

- ‌[سورة لقمان]

- ‌فاتحة سورة لقمان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة لقمان

- ‌[سورة السجدة]

- ‌فاتحة سورة السجدة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السجدة

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌فاتحة سورة الأحزاب

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحزاب

- ‌[سورة السبأ]

- ‌فاتحة سورة السبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السبأ

- ‌[سورة فاطر]

- ‌فاتحة سورة الفاطر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفاطر

- ‌[سورة يس]

- ‌فاتحة سورة يس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة يس

- ‌[سورة الصافات]

- ‌فاتحة سورة الصافات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصافات

- ‌[سورة ص]

- ‌فاتحة سورة ص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ص

- ‌[سورة الزمر]

- ‌فاتحة سورة الزمر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزمر

- ‌[سورة المؤمن]

- ‌فاتحة سورة المؤمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المؤمن

- ‌[سورة فصلت]

- ‌فاتحة سورة فصلت

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة فصلت

- ‌[سورة الشورى]

- ‌فاتحة سورة الشورى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشورى

- ‌[سورة الزخرف]

- ‌فاتحة سورة الزخرف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزخرف

- ‌[سورة الدخان]

- ‌فاتحة سورة الدخان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الدخان

- ‌[سورة الجاثية]

- ‌فاتحة سورة الجاثية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجاثية

- ‌[سورة الأحقاف]

- ‌فاتحة سورة الأحقاف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحقاف

- ‌[سورة محمد]

- ‌فاتحة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[سورة الفتح]

- ‌فاتحة سورة الفتح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفتح

- ‌[سورة الحجرات]

- ‌فاتحة سورة الحجرات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحجرات

- ‌[سورة ق]

- ‌فاتحة سورة ق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ق

- ‌[سورة الذاريات]

- ‌فاتحة سورة الذاريات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الذاريات

- ‌[سورة الطور]

- ‌فاتحة سورة الطور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطور

- ‌[سورة النجم]

- ‌فاتحة سورة النجم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة والنجم

- ‌[سورة القمر]

- ‌فاتحة سورة القمر

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة القمر

- ‌[سورة الرحمن]

- ‌فاتحة سورة الرحمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الرحمن

- ‌[سورة الواقعة]

- ‌فاتحة سورة الواقعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الواقعة

- ‌[سورة الحديد]

- ‌فاتحة سورة الحديد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحديد

- ‌[سورة المجادلة]

- ‌فاتحة سورة المجادلة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المجادلة

- ‌[سورة الحشر]

- ‌فاتحة سورة الحشر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحشر

- ‌[سورة الممتحنة]

- ‌فاتحة سورة الممتحنة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الممتحنة

- ‌[سورة الصف]

- ‌فاتحة سورة الصف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصف

- ‌[سورة الجمعة]

- ‌فاتحة سورة الجمعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجمعة

- ‌[سورة المنافقين]

- ‌فاتحة سورة المنافقين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المنافقين

- ‌[سورة التغابن]

- ‌فاتحة سورة التغابن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التغابن

- ‌[سورة الطلاق]

- ‌فاتحة سورة الطلاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطلاق

- ‌[سورة التحريم]

- ‌فاتحة سورة التحريم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التحريم

- ‌[سورة الملك]

- ‌فاتحة سورة الملك

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الملك

- ‌[سورة القلم]

- ‌فاتحة سورة ن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ن

- ‌[سورة الحاقة]

- ‌فاتحة سورة الحاقة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحاقة

- ‌[سورة المعارج]

- ‌فاتحة سورة المعارج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المعارج

- ‌[سورة نوح]

- ‌فاتحة سورة نوح عليه السلام

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة نوح عليه السلام

- ‌[سورة الجن]

- ‌فاتحة سورة الجن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجن

- ‌[سورة المزمل]

- ‌فاتحة سورة المزمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المزمل

- ‌[سورة المدثر]

- ‌فاتحة سورة المدثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المدثر

- ‌[سورة القيامة]

- ‌فاتحة سورة القيامة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القيامة

- ‌[سورة الإنسان]

- ‌فاتحة سورة الإنسان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإنسان

- ‌[سورة المرسلات]

- ‌فاتحة سورة المرسلات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المرسلات

- ‌[سورة النبإ]

- ‌فاتحة سورة النبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النبأ

- ‌[سورة النازعات]

- ‌فاتحة سورة النازعات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النازعات

- ‌[سورة عبس]

- ‌فاتحة سورة عبس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة عبس

- ‌[سورة التكوير]

- ‌فاتحة سورة التكوير

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة التكوير

- ‌[سورة الانفطار]

- ‌فاتحة سورة الانفطار

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانفطار

- ‌[سورة المطففين]

- ‌فاتحة سورة التطفيف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التطفيف

- ‌[سورة الانشقاق]

- ‌فاتحة سورة الانشقاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشقاق

- ‌[سورة البروج]

- ‌فاتحة سورة البروج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البروج

- ‌[سورة الطارق]

- ‌فاتحة سورة الطارق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطارق

- ‌[سورة الأعلى]

- ‌فاتحة سورة الأعلى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأعلى

- ‌[سورة الغاشية]

- ‌فاتحة سورة الغاشية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الغاشية

- ‌[سورة الفجر]

- ‌فاتحة سورة الفجر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفجر

- ‌[سورة البلد]

- ‌فاتحة سورة البلد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البلد

- ‌[سورة الشمس]

- ‌فاتحة سورة الشمس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشمس

- ‌[سورة الليل]

- ‌فاتحة سورة الليل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الليل

- ‌[سورة الضحى]

- ‌فاتحة سورة الضحى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الضحى

- ‌[سورة الانشراح]

- ‌فاتحة سورة الانشراح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشراح

- ‌[سورة التين]

- ‌فاتحة سورة التين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التين

- ‌[سورة العلق]

- ‌فاتحة سورة العلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العلق

- ‌[سورة القدر]

- ‌فاتحة سورة القدر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القدر

- ‌[سورة البينة]

- ‌فاتحة سورة البينة

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة البينة

- ‌[سورة الزلزال]

- ‌فاتحة سورة الزلزال

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزلزال

- ‌[سورة العاديات]

- ‌فاتحة سورة العاديات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العاديات

- ‌[سورة القارعة]

- ‌فاتحة سورة القارعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القارعة

- ‌[سورة التكاثر]

- ‌فاتحة سورة التكاثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التكاثر

- ‌[سورة العصر]

- ‌فاتحة سورة العصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العصر

- ‌[سورة الهمزة]

- ‌فاتحة سورة الهمزة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الهمزة

- ‌[سورة الفيل]

- ‌فاتحة سورة الفيل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفيل

- ‌[سورة قريش]

- ‌فاتحة سورة قريش

- ‌‌‌[الآيات]

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة قريش

- ‌[سورة الماعون]

- ‌فاتحة سورة الماعون

- ‌خاتمة سورة الماعون

- ‌[سورة الكوثر]

- ‌فاتحة سورة الكوثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكوثر

- ‌[سورة الكافرون]

- ‌فاتحة سورة الكافرون

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكافرون

- ‌[سورة النصر]

- ‌فاتحة سورة النصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النصر

- ‌[سورة تبت]

- ‌فاتحة سورة تبت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة تبت

- ‌[سورة الإخلاص]

- ‌فاتحة سورة الإخلاص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإخلاص

- ‌[سورة الفلق]

- ‌فاتحة سورة الفلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفلق

- ‌[سورة الناس]

- ‌فاتحة سورة الناس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الناس

الفصل: ‌ ‌خاتمة سورة المدثر عليك ايها المريد المتحقق بسر سريان الوحدة الذاتية

‌خاتمة سورة المدثر

عليك ايها المريد المتحقق بسر سريان الوحدة الذاتية الإلهية السارية في عموم المظاهر والمجالى في الوجود وفي جميع الآثار الظاهرة في الأنفس والآفاق ان تذعن وتعرف ان عموم الأفعال الجارية في عالم الغيب والشهادة انما هي مستندة اليه سبحانه صادرة منه اصالة على وفق الارادة والاختيار وانما أظهرها سبحانه في مظاهر أسمائه وملابس صفاته إظهارا لكمال قدرته ومتانة حكمته واحاطة علمه وارادته وعجائب صنعه وصنعته فلك ان تعتقدها على الوجه المذكور وتجزم بها علما الى ان يصير علمك عينا وعينك حقا وبيانا وليس وراء الله مرمى ومنتهى. وفقنا بما تحبه منا وترضى به عنا يا مولانا

[سورة القيامة]

‌فاتحة سورة القيامة

لا يخفى على من تحقق في مقر التوحيد وتمكن على مقام التجريد والتفريد ان عموم المظاهر والمجالى منقهرة تحت سلطنة الوحدة الذاتية فانية فيها مضمحلة دونها وان التعينات المحسوسة والهويات الغير الموجودة انما هي من اظلال أسمائه وعكوس أوصافه الذاتية المتفرعة على شئونه وتطوراته القبضية والبسطية المترتبة على التجليات الجمالية والجلالية وبعد ما انكشف الأمر على هذا المنوال ثبت ان الكل برزوا لله الواحد القهار الكبير المتعال. ثم لما أراد سبحانه ان ينبه عباده على ظهور هذه الحالة وبروز هذه الواقعة الموعودة في النشأة الاخرى أشار سبحانه الى وقوعها وقيامها على وجه المبالغة والتأكيد بطريق مخصوص من طرق المبالغة والتوكيد واردفها بالإشارة الى النفس اللوامة المعينة على تصديقها وتهيئة ما يناسبها من الأخلاق والأعمال ايضا على طرزها من المبالغة والتأكيد فقال سبحانه بعد التيمن بِسْمِ اللَّهِ الذي استغنى عن عموم مظاهره ومصنوعاته بمقتضى ذاته الرَّحْمنِ عليها في النشأة الاولى حيث أظهرها حسب آثار أسمائه وصفاته الرَّحِيمِ عليها في النشأة الاخرى حيث قهر الكل في وحدة ذاته وأفناها في هويته الذاتية

[الآيات]

لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ اى بوقوع الطامة الكبرى وتحققها وقيامها إذ هي من غاية ظهورها وجلائها غنية ان يؤكد امر وقوعها وقيامها بالقسم عند العارف المحقق المتحقق بمقام التوحيد واليقين

وَلا أُقْسِمُ ايضا بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ اى وكذا لا حاجة الى القسم بظهور النفس اللوامة في عالم الكون والفساد إذ كل نفس من النفوس الكائنة الزكية المؤيدة بالتأييد الإلهي تعلم ان العالم ما هو إلا سراب باطل وعكس زائل عاطل لا قرار له ولا مدار لما فيه وتلوم دائما نفسها عليها الا انها لا تتنبه على سلطنة سلطان الوحدة الذاتية ولا تتفطن بسريانها واستيلائها على عموم ما ظهر وبطن وغاب وشهد حتى تصير لوامته مطمئنة ومطمئنته راضية وراضيته مرضية ومرضيته فقيرة وفقيرته فانية وفانيته باقية ببقاء الله وليس وراء الله مرمى ومنتهى. أدركنا بلطفك يا خفى الألطاف. ثم التفت سبحانه نحو حقيقة الإنسان المجبول على فطرة التوحيد والعرفان حسب حصة لاهوته ووبخه بما وبخه تشنيعا عليه وتقريعا فقال

أَيَحْسَبُ ويظن الْإِنْسانُ المجبول على الكفران والنسيان حسب حصة ناسوته أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ يعنى انا لن نقدر مع كمال قدرتنا على ابدائه وابداعه على إعادته وجمع عظامه مرة بعد اخرى وكرة بعد اولى في يوم البعث والجزاء

ص: 464

وعند قيام الطامة الكبرى

بَلى نحن نقدر على إعادته وجمع عظامه وتسوية جميع أعضائه على الوجه الذي كان عليه من قبل بل نحن كما كنا في النشأة الاولى نكون قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ اى سلاماه ورؤس أصابعه في النشأة الاخرى خص البنان بالذكر لان جمع اجزائها أصعب من أجزاء سائر الجسد لاشتمالها على دقائق العظام ورقائق العروق والاعصاب والغضاريف والرباطات المعينة على القبض والبسط والأخذ والبطش ولصعوبة الاطلاع على اجزائها قد عجز الأطباء عن تشريحها وبالجملة انا نقدر على جمعها مع صعوبتها فكيف بجمع غيرها

بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ المركب من الجهل والنسيان بظنه الباطل وحسبانه الزاهق الزائل لِيَفْجُرَ أَمامَهُ اى يدوم ويمضى دائما على الفجور والفسوق والخروج عن مقتضى الحدود الإلهية فيما يستقبله من الزمان كما كان عليها فيما مضى لذلك

يَسْئَلُ سؤال انكار واستبعاد أَيَّانَ متى يقوم واى آن يقع يَوْمُ الْقِيامَةِ اى يوم تبلى السرائر وتكشف الستائر فيها بين لي ايها المدعى وقت وقوعه حتى اكف وامنع نفسي عن الفجور وأتوب عنها ثقة ويقينا وانما قال ما قال على سبيل الاستهزاء والتهكم وكيف يستهزئ ويصر على الإنكار ذلك المستهزئ المسرف المصر

فَإِذا بَرِقَ وتحير الْبَصَرُ اى حاسة عالم الناسوت وجاسوس عالم الطبيعة والهيولى حين ظهور طلائع عالم اللاهوت وبروز مقدماته واماراته فزعا وهولا ودهشا مما يرى من العجائب والغرائب الموعودة التي كان ينكر ويكذب بها في دار الدنيا وبقعة الإمكان وعرصة الزمان والمكان

وَمع ذلك خَسَفَ الْقَمَرُ اى قد ذهب ضوء الوجود الإضافي المستعار وانمحى نوره واشرف على الأفول في أفق العدم

وَجُمِعَ الشَّمْسُ اى ظهر نور الوجود المطلق المستغنى عن عموم المظاهر والمجالى وَالْقَمَرُ اى اندرج ضوء الوجود المستعار الإضافي المنعكس من الشمس الحقيقية فيها واندمج وصار كما كان بحيث لم يبق كون ولون ولا بين ولا بون وبعد رجوع الكل إليها وانطماسها فيها وانقهارها دونها

يَقُولُ الْإِنْسانُ المنعزل عن اليقين والعرفان يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ والملجأ حتى افرّ اليه والجأ نحوه

كَلَّا وحاشا ان يكون له حينئذ ملجأ ومفر في الوجود حتى يطلبه ويصل اليه إذ لا وَزَرَ اى لا حصن ولا حرز ولا مخلص ولا ملجأ يومئذ بل في عموم الأوقات والأزمان عند العارف غير الحق إذ لا شيء في الوجود سواه فثبت انه

إِلى رَبِّكَ

يا أكمل الرسل والى كنف حفظه وجواره يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ

اى لا مفر ولا مقر يومئذ لعموم العباد الا عنده سبحانه إذ لا مرجع لهم سواه وبعد رجوع الكل اليه سبحانه وحضوره عنده يُنَبَّؤُا

ويخبر الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ

من الأعمال الصالحة وأتى بها

وَ

بما أَخَّرَ

منها ولم يأت بها وتركها بل قد أتى بأضدادها على التفصيل بلا فوت شيء منها

بَلِ

لا حاجة حينئذ الى الأنباء والاخبار عما صدر عنه وجرى عليه إذ الْإِنْسانُ

له حينئذ عَلى نَفْسِهِ

وبما صدر عنه من الأعمال الصالحة والطالحة بَصِيرَةٌ

كاملة وبينة واضحة موضحة إذ يشهد له او عليه جوارحه وأركانه التي قد اقترف بها ما اقترف من الحسنات والسيئات وَلَوْ أَلْقى

حينئذ مَعاذِيرَهُ

اى جميع ما يعتذر به من الاعذار الكاذبة لم يسمع مع حضور الشهود العدول التي هي أعضاءه وجوارحه بل يعامل معه بمقتضى ما يحاسب عليه ان خيرا فخير وان شرا فشر. ثم لما استعجل رسول الله صلى الله عليه وسلم بادر بالتقاط الوحى من في جبرائيل عليه السلام الى حيث سبق عليه بالتلفظ خوفا من ان ينفلت منه شيء نهى سبحانه حبيبه صلى الله عليه وسلم عن

ص: 465

ذلك الاستعجال تأديبا له وإرشادا فقال

لا تُحَرِّكْ

يا أكمل الرسل بِهِ

اى بالقرآن لِسانَكَ

حين التقاطك من حامل الوحى قبل ان يتم وحيه وإلقاءه لك لِتَعْجَلَ بِهِ

اى لتأخذ منه على عجلة خوفا من انفلات شيء منه عنك وبالجملة لا تعجل يا أكمل الرسل ولا تخف من الانفلات

إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ

في خاطرك وضميرك

وَايضا علينا بعد جمعنا قُرْآنَهُ

وقراءته على لسانك على وجهه بلا فوت شيء من اجزائه وبالجملة لا تتعب نفسك بالعجلة ولا تستعجل بالالتقاط قبل التمام وبعد ما سمعت يا أكمل الرسل فاجر عليه واذكر

فَإِذا قَرَأْناهُ

اى القرآن حين الوحى عليك بلسان حامله فَاتَّبِعْ

أنت قُرْآنَهُ

وتذكر قراءته ثم تتبع تلاوته وكرر حتى ينتقش في صحيفة خاطرك ويترسخ في ذهنك ثم اجر على لسانك مرارا كذلك

ثُمَّ ان بق لك شك وتردد في فحواه ومعناه وفي ما هو مقراه ومرماه إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ اى تبينه وتوضيحه لك وازالة ترددك وإشكالك عنه. ثم قال سبحانه

كَلَّا ردعا لرسوله صلى الله عليه وسلم وكفا لعموم عباده عن العجلة في جميع الأمور مبالغة وتأكيدا إذ الإنسان مجبول على العجلة مطبوع عليها لذلك قد بالغ سبحانه في النهى عنه واردف بهذا النهى حب العاجل على الآجل فقال على سبيل الإضراب

بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ

وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ يعنى ان بنى آدم كلهم مجبولون على العجلة لذلك يحبون ويختارون اللذة العاجلة الدنياوية مع سرعة انقضائها وزوالها على اللذة الآجلة الاخروية مع بقائها ودوامها وعدم انقضائها أصلا ويتركون الأعمال المقتضية لها لذلك

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ اى يوم قيام الساعة ناضِرَةٌ طرية بهية مشرقة يتلالأ منها أنوار اليقين والعرفان وآثار الأعمال الصالحة والأخلاق المرضية ألا وهي وجوه ارباب العناية الموفقين على صلاح الدارين وفلاح النشأتين لذلك حينئذ

إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ وبمطالعة لقائه مشرفة مسرورة

وَوُجُوهٌ أخر يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ عبوسة كلوحة متغيرة مسودة بحيث

تَظُنُّ بل يجزم كل من نظر إليها أَنْ يُفْعَلَ بِها ويعرض عليها فاقِرَةٌ داهية شديدة ومصيبة عظيمة تكسر فقار ظهرها من هولها وشدتها كَلَّا اى كيف تحبون وتختارون اللذة الفانية العاجلة على الباقية الآجلة ايها المشركون المفرطون المسرفون اما تتذكرون

إِذا بَلَغَتِ النفس التَّراقِيَ اى اعالى الصدر قريب المخرج وعزمت على التوديع والخروج

وَقِيلَ

حينئذ في حقه اى قالت الملائكة الموكلون على الموت والاماتة مستفهمين فيما بينهم على سبيل المشورة مَنْ

هو راقٍ

منا قابض روحه ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب

وَحينئذ ظَنَّ بل قد جزم المحتضر أَنَّهُ الْفِراقُ والافتراق من الدنيا وما فيها من عموم اللذات والشهوات المحبوبة فيها

وَبعد ما جزم بفراق الأحبة الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ اى التوت ساقه بساقه من كمال ضجرته وأسفه فلا يقدر على حركتها وتحريكها وبالجملة

إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ اى السوق اليه ورجوعه نحوه وحكمه عنده وحسابه عليه وبالجملة إذا سئل الإنسان حينئذ عما امر له ونهى عنه في النشأة الاولى كيف يحسب مع انه

فَلا صَدَّقَ على من امر بتصديقه ولا قبل منه ما هو صلاحه في دينه وَلا صَلَّى وما مال الى الله في الأوقات المكتوبة المقدرة المعينة للتوجه والرجوع نحوه سبحانه

وَلكِنْ قد عكس الأمر إذ كَذَّبَ على من امر بتصديقه وَتَوَلَّى اى اعرض وانصرف عن الطاعات والعبادات المأمور بها مطلقا

ثُمَّ بعد انصرافه واعراضه عن المرشد الداعي ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ويتبختر فرحانا مسرورا مباهيا بفعله مفتخرا بشأنه

ص: 466