المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ان طريان هذه الخصال المذمومة انما نشأ من متابعة الهوى - الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية - جـ ٢

[النخجواني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌[سورة النور]

- ‌فاتحة سورة النور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النور

- ‌[سورة الفرقان]

- ‌فاتحة سورة الفرقان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفرقان

- ‌ الآيات

- ‌[سورة الشعراء]

- ‌فاتحة سورة الشعراء

- ‌خاتمة سورة الشعراء

- ‌[سورة النمل]

- ‌فاتحة سورة النمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النمل

- ‌[سورة القصص]

- ‌فاتحة سورة القصص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القصص

- ‌[سورة العنكبوت]

- ‌فاتحة سورة العنكبوت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العنكبوت

- ‌[سورة الروم]

- ‌فاتحة سورة الروم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الروم

- ‌[سورة لقمان]

- ‌فاتحة سورة لقمان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة لقمان

- ‌[سورة السجدة]

- ‌فاتحة سورة السجدة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السجدة

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌فاتحة سورة الأحزاب

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحزاب

- ‌[سورة السبأ]

- ‌فاتحة سورة السبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السبأ

- ‌[سورة فاطر]

- ‌فاتحة سورة الفاطر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفاطر

- ‌[سورة يس]

- ‌فاتحة سورة يس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة يس

- ‌[سورة الصافات]

- ‌فاتحة سورة الصافات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصافات

- ‌[سورة ص]

- ‌فاتحة سورة ص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ص

- ‌[سورة الزمر]

- ‌فاتحة سورة الزمر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزمر

- ‌[سورة المؤمن]

- ‌فاتحة سورة المؤمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المؤمن

- ‌[سورة فصلت]

- ‌فاتحة سورة فصلت

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة فصلت

- ‌[سورة الشورى]

- ‌فاتحة سورة الشورى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشورى

- ‌[سورة الزخرف]

- ‌فاتحة سورة الزخرف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزخرف

- ‌[سورة الدخان]

- ‌فاتحة سورة الدخان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الدخان

- ‌[سورة الجاثية]

- ‌فاتحة سورة الجاثية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجاثية

- ‌[سورة الأحقاف]

- ‌فاتحة سورة الأحقاف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحقاف

- ‌[سورة محمد]

- ‌فاتحة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[سورة الفتح]

- ‌فاتحة سورة الفتح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفتح

- ‌[سورة الحجرات]

- ‌فاتحة سورة الحجرات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحجرات

- ‌[سورة ق]

- ‌فاتحة سورة ق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ق

- ‌[سورة الذاريات]

- ‌فاتحة سورة الذاريات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الذاريات

- ‌[سورة الطور]

- ‌فاتحة سورة الطور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطور

- ‌[سورة النجم]

- ‌فاتحة سورة النجم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة والنجم

- ‌[سورة القمر]

- ‌فاتحة سورة القمر

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة القمر

- ‌[سورة الرحمن]

- ‌فاتحة سورة الرحمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الرحمن

- ‌[سورة الواقعة]

- ‌فاتحة سورة الواقعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الواقعة

- ‌[سورة الحديد]

- ‌فاتحة سورة الحديد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحديد

- ‌[سورة المجادلة]

- ‌فاتحة سورة المجادلة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المجادلة

- ‌[سورة الحشر]

- ‌فاتحة سورة الحشر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحشر

- ‌[سورة الممتحنة]

- ‌فاتحة سورة الممتحنة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الممتحنة

- ‌[سورة الصف]

- ‌فاتحة سورة الصف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصف

- ‌[سورة الجمعة]

- ‌فاتحة سورة الجمعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجمعة

- ‌[سورة المنافقين]

- ‌فاتحة سورة المنافقين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المنافقين

- ‌[سورة التغابن]

- ‌فاتحة سورة التغابن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التغابن

- ‌[سورة الطلاق]

- ‌فاتحة سورة الطلاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطلاق

- ‌[سورة التحريم]

- ‌فاتحة سورة التحريم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التحريم

- ‌[سورة الملك]

- ‌فاتحة سورة الملك

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الملك

- ‌[سورة القلم]

- ‌فاتحة سورة ن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ن

- ‌[سورة الحاقة]

- ‌فاتحة سورة الحاقة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحاقة

- ‌[سورة المعارج]

- ‌فاتحة سورة المعارج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المعارج

- ‌[سورة نوح]

- ‌فاتحة سورة نوح عليه السلام

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة نوح عليه السلام

- ‌[سورة الجن]

- ‌فاتحة سورة الجن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجن

- ‌[سورة المزمل]

- ‌فاتحة سورة المزمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المزمل

- ‌[سورة المدثر]

- ‌فاتحة سورة المدثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المدثر

- ‌[سورة القيامة]

- ‌فاتحة سورة القيامة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القيامة

- ‌[سورة الإنسان]

- ‌فاتحة سورة الإنسان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإنسان

- ‌[سورة المرسلات]

- ‌فاتحة سورة المرسلات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المرسلات

- ‌[سورة النبإ]

- ‌فاتحة سورة النبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النبأ

- ‌[سورة النازعات]

- ‌فاتحة سورة النازعات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النازعات

- ‌[سورة عبس]

- ‌فاتحة سورة عبس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة عبس

- ‌[سورة التكوير]

- ‌فاتحة سورة التكوير

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة التكوير

- ‌[سورة الانفطار]

- ‌فاتحة سورة الانفطار

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانفطار

- ‌[سورة المطففين]

- ‌فاتحة سورة التطفيف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التطفيف

- ‌[سورة الانشقاق]

- ‌فاتحة سورة الانشقاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشقاق

- ‌[سورة البروج]

- ‌فاتحة سورة البروج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البروج

- ‌[سورة الطارق]

- ‌فاتحة سورة الطارق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطارق

- ‌[سورة الأعلى]

- ‌فاتحة سورة الأعلى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأعلى

- ‌[سورة الغاشية]

- ‌فاتحة سورة الغاشية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الغاشية

- ‌[سورة الفجر]

- ‌فاتحة سورة الفجر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفجر

- ‌[سورة البلد]

- ‌فاتحة سورة البلد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البلد

- ‌[سورة الشمس]

- ‌فاتحة سورة الشمس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشمس

- ‌[سورة الليل]

- ‌فاتحة سورة الليل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الليل

- ‌[سورة الضحى]

- ‌فاتحة سورة الضحى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الضحى

- ‌[سورة الانشراح]

- ‌فاتحة سورة الانشراح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشراح

- ‌[سورة التين]

- ‌فاتحة سورة التين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التين

- ‌[سورة العلق]

- ‌فاتحة سورة العلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العلق

- ‌[سورة القدر]

- ‌فاتحة سورة القدر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القدر

- ‌[سورة البينة]

- ‌فاتحة سورة البينة

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة البينة

- ‌[سورة الزلزال]

- ‌فاتحة سورة الزلزال

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزلزال

- ‌[سورة العاديات]

- ‌فاتحة سورة العاديات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العاديات

- ‌[سورة القارعة]

- ‌فاتحة سورة القارعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القارعة

- ‌[سورة التكاثر]

- ‌فاتحة سورة التكاثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التكاثر

- ‌[سورة العصر]

- ‌فاتحة سورة العصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العصر

- ‌[سورة الهمزة]

- ‌فاتحة سورة الهمزة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الهمزة

- ‌[سورة الفيل]

- ‌فاتحة سورة الفيل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفيل

- ‌[سورة قريش]

- ‌فاتحة سورة قريش

- ‌‌‌[الآيات]

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة قريش

- ‌[سورة الماعون]

- ‌فاتحة سورة الماعون

- ‌خاتمة سورة الماعون

- ‌[سورة الكوثر]

- ‌فاتحة سورة الكوثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكوثر

- ‌[سورة الكافرون]

- ‌فاتحة سورة الكافرون

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكافرون

- ‌[سورة النصر]

- ‌فاتحة سورة النصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النصر

- ‌[سورة تبت]

- ‌فاتحة سورة تبت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة تبت

- ‌[سورة الإخلاص]

- ‌فاتحة سورة الإخلاص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإخلاص

- ‌[سورة الفلق]

- ‌فاتحة سورة الفلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفلق

- ‌[سورة الناس]

- ‌فاتحة سورة الناس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الناس

الفصل: ان طريان هذه الخصال المذمومة انما نشأ من متابعة الهوى

ان طريان هذه الخصال المذمومة انما نشأ من متابعة الهوى والركون الى مزخرفات الدنيا ومن جملتها البخس والتطفيف في المكاييل والموازين الموضوعة لحفظ الاعتدال ومراعات الاتصاف والانتصاف بين المسلمين من عدل عنها مفرطا فقد استحق الويل الأبدي والهلاك السرمدي كما قال سبحانه متيمنا بِسْمِ اللَّهِ المستوي على صراط العدالة والتقويم الرَّحْمنِ لعموم عباده بوضع القسطاس القويم الرَّحِيمِ لخواصهم يهديهم الى صراط مستقيم

[الآيات]

وَيْلٌ عظيم وعذاب اليم لِلْمُطَفِّفِينَ

الَّذِينَ ينقصون المكيال والميزان ويبخسون حقوق الناس سماهم سبحانه مطففين لأنهم يسرقون من الحقوق طفيفا اى قليلا حقيرا على وجه الدنائة والخساسة وهو من اخس الأفعال الذميمة وأدناها واخبثها. وفي الحديث صلوات الله وسلامه على قائله خمس بخمس ما نقض العهد قوم الا سلط الله عليهم عدوهم وما حكموا بغير ما انزل الله إلا فشا فيهم الفقر وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت ولا طففوا الكيل الا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ولا منعوا الزكاة الا حبس عنهم القطر والمطففون هم الذين إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ اى أخذوا منهم لأنفسهم يَسْتَوْفُونَ الكيل ويزيدون على المكيال قليلا قليلا ترجيحا لأنفسهم عليهم

وَإِذا كالُوهُمْ اى للناس أَوْ وَزَنُوهُمْ لأجلهم يُخْسِرُونَ ينقصون منه قليلا قليلا ترجيحا لغبطتهم عليهم مع ان وضع الكيل والوزن انما هو للتسوية والتعديل. ثم قال سبحانه على سبيل التعجب والتشنيع

أَلا يَظُنُّ ولا يزعم ولا يشك أُولئِكَ المسرفون المفرطون بارتكاب هذه الخصلة الذميمة مع ان المناسب لهم ان يجزموا ويستيقنوا أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ

لِيَوْمٍ عَظِيمٍ لعظم ما فيه من الشدائد والأهوال وانواع الافزاع والأحزان سيما على اهل العصيان والفساد إذ هم يومئذ يفتضحون على رؤس الاشهاد

يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ بأجمعهم لأجل العرض لِرَبِّ الْعالَمِينَ ليحكم عليهم سبحانه بمقتضى السؤال والحساب اما بالجنة او بالنار. ثم قال سبحانه

كَلَّا ردعا للمطففين بفجورهم وخروجهم عن مقتضى الحدود الإلهية الموضوعة فيما بينهم بالقسط والعدالة يعنى كيف يخرجون عن مقتضاها إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ اى ما ثبت فيه من تفاصيل أعمالهم وأفعالهم وأخلاقهم وأطوارهم المذمومة كلها مضبوطة فيه محكوم عليهم من قبل الحق حينئذ بمقتضى ما ثبت في كتبهم وصحائف أعمالهم انهم لَفِي سِجِّينٍ اى مقرهم في الدرك الأسفل من النار ثم أبهمه سبحانه تهويلا وتفخيما فقال

وَما أَدْراكَ ايها المسرف المفرط ما سِجِّينٌ ما لم تقع فيه ولم تذق من عذابه ونكاله وبالجملة كتاب الفجار

كِتابٌ وأى كتاب كتاب مَرْقُومٌ محرر مسطور بين الرقوم والرسوم يعرفه من نظر اليه ان لا خير فيه ولا نفع في ضمنه بل انما هو في بادى الرأى مشعر بأنواع العذاب والعقاب وبالجملة

وَيْلٌ عظيم يَوْمَئِذٍ اى يوم اعطى ذلك الكتاب لِلْمُكَذِّبِينَ له في النشأة الاولى وبواسطة تكذيبهم وانكارهم به يرتكبون من الجرائم والمعاصي ما لا يعد ولا يحصى وبالجملة هؤلاء المسرفون المفرطون

الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ والجزاء وبجميع الأمور الاخروية من السؤال والحساب وإعطاء الكتب وسائر المعتقدات الاخروية

وَبالجملة ما يُكَذِّبُ بِهِ سيما بعد نزول الآيات القاطعة والبراهين الساطعة الدالة على وقوع يوم القيامة والطامة الكبرى الموعودة من قبل الحق بالحق على اهل الحق إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ متجاوز عن الحد في الإفراط والغلو منكر لكمال قدرة الله واحاطة علمه حتى أنكر القدرة على الإعادة مع ان الإبداء الابداعى

ص: 492

مقدور قدرته الغالبة ايضا أَثِيمٍ متبالغ في الغفلة بارتكاب الشهوات المعمية لعيون بصائره عن ادراك آثار القدرة الغالبة الإلهية الفائتة للحصر والإحصاء مع ان كل واحدة من تلك الآثار دليل مستقل على إمكان الإعادة عند المتأمل المنصف الا ان المنكر مكابر لمقتضى عقله وما اجرأه واغريه على الإنكار والإصرار الا شياطين الأوهام والخيالات الموروثة له من ألف الطبيعة ورسوخ العادات المبنية على التقليدات الراسخة المتقررة في قلوب اصحاب الغفلة والضلال لذلك

إِذا تُتْلى وتقرأ عَلَيْهِ آياتُنا الدالة على كمال قدرتنا واختيارنا واستقلالنا في عموم المرادات والتصرفات الواقعة في ملكنا وملكوتنا قالَ من فرط جهله ونهاية غفلته واعراضه عن الحق واهله ما هي الا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اى أكاذيبهم المسطورة في دواوينهم المختلقة المختلفة. ثم قال سبحانه

كَلَّا ردعا من هذا الافتراء والمراء على سبيل الإنكار والاستهزاء يعنى ما هذه الآيات البينات من المفتريات الباطلة كما زعمها أولئك البغاة الطغاة الهالكون في تيه البغي والطغيان وبيداء الغي والعدوان بَلْ رانَ يعنى بل قد ظهر وحدث في نفوسهم رين الغفلة وصدأ الجهل والضلال وازداد وغلب حتى علا واحاطه عَلى قُلُوبِهِمْ فكثفها وكدرها الى حيث اظلمها وسوّدها ولم يبق فيها لمعة من بياض نور الايمان وما ذلك الا بسبب ما كانُوا يَكْسِبُونَ من المعاصي والشهوات المذهبة لجودة الفطرة الاصلية والفطنة الجبلية التي فطروا عليها في اصل الخلقة. ثم قال سبحانه

كَلَّا ردعا لهم عن ارتكاب اقتراف الرين المصدئ بقلوبهم كيف يكسبونه مع انهم قد جبلوا على فطرة الايمان والتوحيد إِنَّهُمْ أولئك المفسدين المسرفين عَنْ رَبِّهِمْ الذي رباهم لمصلحة المعرفة والايمان يَوْمَئِذٍ اى يوم اقتراف المعاصي الرائنة لَمَحْجُوبُونَ عن الله وعن ظهور نوره اللامع في صفائح الأنفس والآفاق مع انه لا سترة له سبحانه ولا حجاب في حال من الأحوال الا ان خفافيش بقعة الإمكان لا يرون شمس ذاته اللامعة بواسطة غيوم هوياتهم الباطلة وتعيناتهم العاطلة

ثُمَّ إِنَّهُمْ بعد ما حجبوا من الله وحرموا عن مطالعة وجهه الكريم لَصالُوا الْجَحِيمِ اى داخلوها وخالدون فيها ابدا

ثُمَّ يُقالُ لهم تعييرا عليهم وتشديدا لعذابهم من قبل الحق حينئذ هذَا العذاب هو العذاب الَّذِي قد كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ في سالف الزمان مصرين على تكذيبه وإنكاره بل مستهزئين به متهكمين. ثم كرر سبحانه لفظة

كَلَّا ردعا لهم بعد ردع تقريعا وتأكيدا وليكون توطئة وتمهيدا لتعقيب وعيدهم بوعد المؤمنين مع ان في هذا التعقيب زيادة زجر وتقريع عليهم لما اقترفوا من الآثام والعصيان المؤدية لهم الى دار الندامة والحرمان فقال إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ اى ما كتب فيه عموم آثارهم الصالحة الصادرة عنهم ايمانا واحتسابا ثقة بالله وخوفا من غضبه محفوظ فيه جميع ما ذكر محكوم عليهم بمقتضى ما فيه انهم لَفِي عِلِّيِّينَ اى هم متمكنون في أعلى درجات الجنان وارفع غرفها ثم أبهمه سبحانه تعظيما وتفخيما فقال

وَما أَدْراكَ ايها البار المبرور ما عِلِّيُّونَ وما شأنه الرفيع ومكانة البديع وما فيه من اللذات الروحانية التي من لم يذقها لم يعرفها. رزقنا الله الوصول إليها والحصول دونها وبالجملة

كِتابٌ للأبرار كتاب مَرْقُومٌ بين الرقوم والرسوم بحيث

يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ اى ارباب العناية والتوفيق فيعلمون من عنوانه ان ما فيه خير كله بمجرد رؤيتهم وشهودهم في بادى النظر وبالجملة

إِنَّ الْأَبْرارَ البارين على الله المبرورين بين الناس لَفِي

ص: 493

نَعِيمٍ

مقيم متكئين

عَلَى الْأَرائِكِ المصورة من صالحات أعمالهم وصفاء عقائدهم وأخلاقهم يَنْظُرُونَ الى ما يسرهم ويفرحهم من الصور الحسنة والمتنزهات البهية البديعة بحيث

تَعْرِفُ أنت ايها الرائي فِي وُجُوهِهِمْ في بادى الرأى نَضْرَةَ النَّعِيمِ بهجة التنعم وبريق الرضاء والتسليم ومع ذلك

يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ خمر من خمور المحبة والولاء مَخْتُومٍ مطبوع عليه حفظا له عن غيرهم بحيث لا يشمون روائحه أصلا

خِتامُهُ مِسْكٌ اى روائحه الواصلة إليهم منه قبل كشفهم عنه كالمسك بلا كراهة وبشاعة كخمور الدنيا وَفِي ذلِكَ اى في رحيق التحقيق وكأس المحبة والتصديق فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ اى فليرغب الرغبون لنفاسته وسرعة سوغانه وانحداره وكمال لذته وذوقه

وَمِزاجُهُ اى ما يمزج به ويخلط من ماء المعارف منتشأ مِنْ تَسْنِيمٍ اى من مقام عال هو ينبوع بحر الوجود الذي هو عين الوحدة الذاتية الإلهية فكان

عَيْناً وأى عين عينا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ اى يشرب عنه بمائها وفراتها من تقرب نحو الحق باليقين الحقي فإنهم يشربون من عين الوحدة بلا مزج وخلط. أذقنا حلاوة نعيمك وبرد يقينك وشربة تسنيمك يا خير الرازقين

إِنَّ المشركين المسرفين الَّذِينَ أَجْرَمُوا بالجرائم العظام الموجبة لانواع الانتقام من جملتها انهم قد كانُوا مِنَ المخلصين الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ويستهزؤن بفقراء المؤمنين

وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ

متهكمين يَتَغامَزُونَ

اى يغمز بعضهم بعضا ويشيرون بأعينهم كبرا عليهم وخيلاء

وَإِذَا انْقَلَبُوا ورجعوا إِلى أَهْلِهِمُ وأماكنهم دخلوا مع إخوانهم انْقَلَبُوا وصاروا فَكِهِينَ متلذذين متهكمين بما رأوا من شيم المؤمنين من صلواتهم وخشوعهم فيها وضراعتهم واستكانتهم وتواضعهم مع إخوانهم

وَهم من شدة شكيمتهم وغيظهم إِذا رَأَوْهُمْ اى المؤمنين قالُوا مستهزئين إِنَّ هؤُلاءِ السفلة المستحسنين أفعالهم لَضالُّونَ منحرفون عن مقتضى الرشد والهداية بمتابعة هذا المجنون يعنون الرسول صلى الله عليه وسلم

وَهم يقولون هكذا من كمال ضلالهم في أنفسهم بل من شدة حسدهم عليهم مع انهم ما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ اى على المؤمنين حافِظِينَ يحفظون عليهم أعمالهم ويشهدون بهدايتهم او ضلالهم بل الأمر بالعكس

فَالْيَوْمَ اى اليوم الموعود المعهود الذي هو يوم القيامة الَّذِينَ آمَنُوا بالله وصدقوا بالآخرة وبجميع الأمور الموعودة فيها مِنَ الْكُفَّارِ المصرين على العناد والإنكار يَضْحَكُونَ اى يضحك المؤمنون يومئذ من حال الكافرين على عكس ما كانوا عليه في النشأة الاولى إذ يرونهم أذلاء صاغرين مغلولين معذبين في نار القطيعة بأنواع الحسرة وهم اى المؤمنون حينئذ متكؤن

عَلَى الْأَرائِكِ المعدة لهم جزاء ما يتكلون على الله ويتكؤن الى فضله وإحسانه مواظبين على أداء المأمورات وترك المنكرات صابرين على متاعب الطاعات ومشاق التكاليف القالعة لعرق مطلق المستلذات الجسمانية والمشتهيات النفسانية يَنْظُرُونَ حينئذ بنور الايمان وصفاء اليقين والعرفان الى وخامة عاقبة اصحاب الكفر والكفران ويشكرون لنعمة الايمان والإحسان

هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ وأثيبوا بما عملوا ثوابا والحال انهم قد جوزوا يومئذ بأسوء الجزاء بسبب ما كانُوا يَفْعَلُونَ من الاستهانة والاستهزاء بالمؤمنين ومن ضحكهم بأعمالهم وتغامزهم فيما بينهم بعيونهم تهكما عليهم. جعلنا الله من زمرة من بصرهم سبحانه بعيوب أنفسهم وأعماهم من عيوب غيرهم بمنه وجوده

ص: 494