المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌خاتمة سورة الجن عليك ايها المحقق المنكشف باحاطة العلم الإلهي ولوح - الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية - جـ ٢

[النخجواني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌[سورة النور]

- ‌فاتحة سورة النور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النور

- ‌[سورة الفرقان]

- ‌فاتحة سورة الفرقان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفرقان

- ‌ الآيات

- ‌[سورة الشعراء]

- ‌فاتحة سورة الشعراء

- ‌خاتمة سورة الشعراء

- ‌[سورة النمل]

- ‌فاتحة سورة النمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النمل

- ‌[سورة القصص]

- ‌فاتحة سورة القصص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القصص

- ‌[سورة العنكبوت]

- ‌فاتحة سورة العنكبوت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العنكبوت

- ‌[سورة الروم]

- ‌فاتحة سورة الروم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الروم

- ‌[سورة لقمان]

- ‌فاتحة سورة لقمان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة لقمان

- ‌[سورة السجدة]

- ‌فاتحة سورة السجدة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السجدة

- ‌[سورة الأحزاب]

- ‌فاتحة سورة الأحزاب

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحزاب

- ‌[سورة السبأ]

- ‌فاتحة سورة السبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة السبأ

- ‌[سورة فاطر]

- ‌فاتحة سورة الفاطر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفاطر

- ‌[سورة يس]

- ‌فاتحة سورة يس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة يس

- ‌[سورة الصافات]

- ‌فاتحة سورة الصافات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصافات

- ‌[سورة ص]

- ‌فاتحة سورة ص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ص

- ‌[سورة الزمر]

- ‌فاتحة سورة الزمر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزمر

- ‌[سورة المؤمن]

- ‌فاتحة سورة المؤمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المؤمن

- ‌[سورة فصلت]

- ‌فاتحة سورة فصلت

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة فصلت

- ‌[سورة الشورى]

- ‌فاتحة سورة الشورى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشورى

- ‌[سورة الزخرف]

- ‌فاتحة سورة الزخرف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزخرف

- ‌[سورة الدخان]

- ‌فاتحة سورة الدخان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الدخان

- ‌[سورة الجاثية]

- ‌فاتحة سورة الجاثية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجاثية

- ‌[سورة الأحقاف]

- ‌فاتحة سورة الأحقاف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأحقاف

- ‌[سورة محمد]

- ‌فاتحة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌[سورة الفتح]

- ‌فاتحة سورة الفتح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفتح

- ‌[سورة الحجرات]

- ‌فاتحة سورة الحجرات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحجرات

- ‌[سورة ق]

- ‌فاتحة سورة ق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ق

- ‌[سورة الذاريات]

- ‌فاتحة سورة الذاريات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الذاريات

- ‌[سورة الطور]

- ‌فاتحة سورة الطور

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطور

- ‌[سورة النجم]

- ‌فاتحة سورة النجم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة والنجم

- ‌[سورة القمر]

- ‌فاتحة سورة القمر

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة القمر

- ‌[سورة الرحمن]

- ‌فاتحة سورة الرحمن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الرحمن

- ‌[سورة الواقعة]

- ‌فاتحة سورة الواقعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الواقعة

- ‌[سورة الحديد]

- ‌فاتحة سورة الحديد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحديد

- ‌[سورة المجادلة]

- ‌فاتحة سورة المجادلة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المجادلة

- ‌[سورة الحشر]

- ‌فاتحة سورة الحشر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحشر

- ‌[سورة الممتحنة]

- ‌فاتحة سورة الممتحنة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الممتحنة

- ‌[سورة الصف]

- ‌فاتحة سورة الصف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الصف

- ‌[سورة الجمعة]

- ‌فاتحة سورة الجمعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجمعة

- ‌[سورة المنافقين]

- ‌فاتحة سورة المنافقين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المنافقين

- ‌[سورة التغابن]

- ‌فاتحة سورة التغابن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التغابن

- ‌[سورة الطلاق]

- ‌فاتحة سورة الطلاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطلاق

- ‌[سورة التحريم]

- ‌فاتحة سورة التحريم

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التحريم

- ‌[سورة الملك]

- ‌فاتحة سورة الملك

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الملك

- ‌[سورة القلم]

- ‌فاتحة سورة ن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة ن

- ‌[سورة الحاقة]

- ‌فاتحة سورة الحاقة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الحاقة

- ‌[سورة المعارج]

- ‌فاتحة سورة المعارج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المعارج

- ‌[سورة نوح]

- ‌فاتحة سورة نوح عليه السلام

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة نوح عليه السلام

- ‌[سورة الجن]

- ‌فاتحة سورة الجن

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الجن

- ‌[سورة المزمل]

- ‌فاتحة سورة المزمل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المزمل

- ‌[سورة المدثر]

- ‌فاتحة سورة المدثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المدثر

- ‌[سورة القيامة]

- ‌فاتحة سورة القيامة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القيامة

- ‌[سورة الإنسان]

- ‌فاتحة سورة الإنسان

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإنسان

- ‌[سورة المرسلات]

- ‌فاتحة سورة المرسلات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة المرسلات

- ‌[سورة النبإ]

- ‌فاتحة سورة النبأ

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النبأ

- ‌[سورة النازعات]

- ‌فاتحة سورة النازعات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النازعات

- ‌[سورة عبس]

- ‌فاتحة سورة عبس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة عبس

- ‌[سورة التكوير]

- ‌فاتحة سورة التكوير

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة التكوير

- ‌[سورة الانفطار]

- ‌فاتحة سورة الانفطار

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانفطار

- ‌[سورة المطففين]

- ‌فاتحة سورة التطفيف

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التطفيف

- ‌[سورة الانشقاق]

- ‌فاتحة سورة الانشقاق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشقاق

- ‌[سورة البروج]

- ‌فاتحة سورة البروج

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البروج

- ‌[سورة الطارق]

- ‌فاتحة سورة الطارق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الطارق

- ‌[سورة الأعلى]

- ‌فاتحة سورة الأعلى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الأعلى

- ‌[سورة الغاشية]

- ‌فاتحة سورة الغاشية

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الغاشية

- ‌[سورة الفجر]

- ‌فاتحة سورة الفجر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفجر

- ‌[سورة البلد]

- ‌فاتحة سورة البلد

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة البلد

- ‌[سورة الشمس]

- ‌فاتحة سورة الشمس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الشمس

- ‌[سورة الليل]

- ‌فاتحة سورة الليل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الليل

- ‌[سورة الضحى]

- ‌فاتحة سورة الضحى

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الضحى

- ‌[سورة الانشراح]

- ‌فاتحة سورة الانشراح

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الانشراح

- ‌[سورة التين]

- ‌فاتحة سورة التين

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التين

- ‌[سورة العلق]

- ‌فاتحة سورة العلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العلق

- ‌[سورة القدر]

- ‌فاتحة سورة القدر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القدر

- ‌[سورة البينة]

- ‌فاتحة سورة البينة

- ‌ الآيات

- ‌خاتمة سورة البينة

- ‌[سورة الزلزال]

- ‌فاتحة سورة الزلزال

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الزلزال

- ‌[سورة العاديات]

- ‌فاتحة سورة العاديات

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العاديات

- ‌[سورة القارعة]

- ‌فاتحة سورة القارعة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة القارعة

- ‌[سورة التكاثر]

- ‌فاتحة سورة التكاثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة التكاثر

- ‌[سورة العصر]

- ‌فاتحة سورة العصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة العصر

- ‌[سورة الهمزة]

- ‌فاتحة سورة الهمزة

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الهمزة

- ‌[سورة الفيل]

- ‌فاتحة سورة الفيل

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفيل

- ‌[سورة قريش]

- ‌فاتحة سورة قريش

- ‌‌‌[الآيات]

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة قريش

- ‌[سورة الماعون]

- ‌فاتحة سورة الماعون

- ‌خاتمة سورة الماعون

- ‌[سورة الكوثر]

- ‌فاتحة سورة الكوثر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكوثر

- ‌[سورة الكافرون]

- ‌فاتحة سورة الكافرون

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الكافرون

- ‌[سورة النصر]

- ‌فاتحة سورة النصر

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة النصر

- ‌[سورة تبت]

- ‌فاتحة سورة تبت

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة تبت

- ‌[سورة الإخلاص]

- ‌فاتحة سورة الإخلاص

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الإخلاص

- ‌[سورة الفلق]

- ‌فاتحة سورة الفلق

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الفلق

- ‌[سورة الناس]

- ‌فاتحة سورة الناس

- ‌[الآيات]

- ‌خاتمة سورة الناس

الفصل: ‌ ‌خاتمة سورة الجن عليك ايها المحقق المنكشف باحاطة العلم الإلهي ولوح

‌خاتمة سورة الجن

عليك ايها المحقق المنكشف باحاطة العلم الإلهي ولوح قضائه وقلم تصويره وتخطيطه ان تعتقد وتذعن ان عموم ما جرى في ملكه وملكوته انما هو بمقتضى امره ووحيه ونفوذ قضائه ومضاء حكمه على حسب الحضور بحيث يجتمع ويتحدد عند حضوره الأزل والأبد والاولى والاخرى والغيب والشهادة إذ لا انقضاء دونه ولا انصرام عنده ولا تجدد لديه ولا انخرام بالنسبة الى علمه وحضوره بل الكل بالنسبة الى قدرته وارادته سواء بلا تفاوت وتخالف جعلنا الله من المنكشفين بحضور الحق وشهوده مع كل شيء ودونه بمنه وجوده

[سورة المزمل]

‌فاتحة سورة المزمل

لا يخفى على ذوى الألباب والآداب من المتحملين لأمانة التوحيد الإلهي ان من تمكن على تلك المرتبة العلية وتقرر في تلك المكانة السنية لا بد ان لا يشغله شيء سواها ولا يلهيه امل دونها سيما المتحملين معها أعباء الرسالة واردية النبوة المشتملة على دعوة عموم المكلفين الى سبيل الوحدة الذاتية وإرشادهم نحوها بالتصبر على اذياتهم وتحمل المتاعب والمشاق في تبليغ الدعوة إليهم وتكميلهم فلا بد للنبي ان يبذل كمال وسعه وطاقته في اجراء احكام الشرع وإعلاء كلمة التوحيد بلا تكاسل وتغافل عنه لمحة وطرفة كما نبه سبحانه على حبيبه صلى الله عليه وسلم مناديا له على وجه الخطاب المنبئ عن العتاب بعد التبرك بِسْمِ اللَّهِ المتجلى بعموم كمالاته على من اختاره لرسالته واصطفاه لخلافته الرَّحْمنِ لعموم عباده بإرسال الرسل عليهم ووضع الشرع والدين القويم فيما بينهم الرَّحِيمِ لخواصهم يوصلهم الى سرائر التكاليف الواقعة في طريق التوحيد واليقين

[الآيات]

يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ اى المتزمل المتغطى والمتلفف بثوبه وقطيفته نائما او مرتعدا عما دهشه من بدء الوحى شأن النبوة والرسالة ما هو هذا ايها المختار شأن النبوة والرسالة

قُمِ اللَّيْلَ وداوم على التهجد فيه إِلَّا قَلِيلًا منه للاستراحة والنوم تقوية وتقويما لمركب بدنك وتنشيطا لجوارحك وآلاتك على العبادة يعنى

نِصْفَهُ اى قم نصف الليل أَوِ انْقُصْ مِنْهُ اى من النصف قَلِيلًا ليقرب الثلث

أَوْ زِدْ عَلَيْهِ اى على النصف حتى يقرب الثلثين وانما خير صلى الله عليه وسلم بين هذه الثلاثة لأنه فرض أولا قيام الليل كله ثم لما تحرجوا ومرضوا او شق الأمر عليهم ارحمهم الله فخيرهم في هذه الأوقات المذكورة بناء على تفاوت امزجة الناس في عروض الكلال بالسهر وبعد ما قمت في خلاله تهجد فيه ليكون نافلة لك وَرَتِّلِ في تهجداتك الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا اى بين حروفه وقدرها في مخارجها حيث لا يشتبه على السامع العارف بأساليب الكلام ومنطوقات الألفاظ معانيها وبالجملة اقرأها على تؤدة تامة وطمأنينة كاملة بعزيمة خالصة وارادة صادقة الى حيث تتأثر من ألفاظ القرآن فطرتك وفطنتك التي هي خلاصة وجودك وزبدة أركانك وأس طبيعتك إذ بها توسلك ووصولك الى مقصد التوحيد واليقين وبالجملة

إِنَّا من مقام عظيم جودنا سَنُلْقِي عَلَيْكَ يا أكمل الرسل قَوْلًا جزلا سهلا خفيفا على اللسان نظم ألفاظه وكلماته ثَقِيلًا عظيما على القلب رموزه وإشاراته والاتصاف بما فيه والامتثال لمقتضيات أوامره ونواهيه والاطلاع على سرائر الاحكام الموردة فيه والاحاطة بقوادمه وخوافيه وبالجملة

ص: 454

من تأمل فيه على وجه التدبر والتدرب فقد غرق في تيار بحاره الزخار وتخصيص الأمر بالليل وترتيل القرآن فيه حيث

إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ اى القراءة التي تنشأ من النفس في جوف الليل حين خلو القلب عن جميع الاشغال والملاهي هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً تأثيرا ووقعا في القلب وتنبيها وتنبها له وان كانت أثقل للنفس واتعب للبدن وَأَقْوَمُ قِيلًا اى اعدل الأقوال بالنسبة الى القلب وارسخها فيه وأقواها أثرا وانتباها بخلاف ما في النهار

إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ الذي هو وقت الاشغال وأوان الانتقال وزمان الالتفات نحو المهمات ومحل انواع الملمات والواقعات لذلك عرض لك فيه سَبْحاً طَوِيلًا تقلبا وتصرفا ممتدا شاغلا لأوقاتك مشوشا لعموم حالاتك وبالجملة الفراغ الذي يحصل بالليل لا يحصل في النهار فعليك ان تجتهد في التهجد وتقرأ القرآن فيه سيما عند الفجر لان قرآن الفجر كان شهودا

وَبالجملة اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ودم على تسبيحه وتقديسه دائما في عموم أوقاتك وحالاتك على وجه لا تشغلنك عن ذكره مهماتك وَتَبَتَّلْ اى تجرد وانقطع عن عموم المهام إِلَيْهِ سبحانه تَبْتِيلًا بليغا وتجريدا كاملا بحيث لا يخطر ببالك الالتفات لحالك فكيف لحال غيرك وكيف لا تنقطع اليه ولا تتجرد نحوه مع انه هو سبحانه

رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اى مربى جنس المشارق والمغارب التي هي ذرائر الكائنات باعتبار ظهور شمس الحق منها وشروقها عليها وباعتبار بطونها وخفاءها فيها إذ لا إِلهَ ولا موجود في الوجود إِلَّا هُوَ ولا شيء في الشهود سواه فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا سيما بعد ما لم يوجد في الوجود سواه أصيلا

وَبعد ما اتخذته وكيلا وجعلته حسيبا وكفيلا اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ اى المشركون المسرفون من الخرافات والجزافات التي لا تليق بشأنك وَان شق عليك الصبر والتحمل اهْجُرْهُمْ وانصرف عنهم هَجْراً جَمِيلًا بحيث تكون أنت حين الانصراف عنهم بشاشا بساما بلا التفات منك الى هذياناتهم الباطلة وبلا مبالاة بهم وبكلامهم وتوكل على الله وفوض امر الانتقام منهم اليه فانه يكفيك مؤنة شرورهم واستهزائهم. ثم قال سبحانه على سبيل التسلية لحبيبه صلى الله عليه وسلم

وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ يعنى لا تلتفت يا أكمل الرسل الى ما قد بالغوا به في قدحك وطعنك بل دعني معهم وفوض امر الانتقام منهم الى فانى انتقم عنهم من قبلك وادفع أذاهم عنك وأغلبك عليهم وان كانوا أُولِي النَّعْمَةِ وذوى الثروة والسيادة واصحاب الترفه والوجاهة يريد صناديد قريش خذلهم الله وَبالجملة لا تستعجل في الانتقام منهم بل مَهِّلْهُمْ امهالا قَلِيلًا او زمانا قليلا ولا تقنط عن مكرنا إياهم

إِنَّ لَدَيْنا من المعد لهم أنواعا من العذاب أَنْكالًا ضيقا ثقالا لتثاقلهم وعدم تحملهم وتصبرهم بمتاعب التكاليف الإلهية ومشاق الطاعات والعبادات المأمور بها من قبله سبحانه وَجَحِيماً عظيما بدل ما يتلذذون بنيران الشهوات ويظلمون الناس بأنواع الغضب والطغيان

وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ ينشب بالحلق ولا يسمن ولا يغنى من جوع بدل ما يأكلون من السحت والرشى والرباء واموال اليتامى ظلما وعدوانا وَعَذاباً أَلِيماً لا عذاب أشد ايلاما منه وهو حرمانهم عن لقاء الله وخذلانهم عن ما فات عنهم من التحقق والوصول بكنف حفظه وجواره اذكر لهم يا أكمل الرسل وان لم يصدقوا يَوْمَ تَرْجُفُ تضطرب وتتزلزل الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ من شدة الحركة والاضطراب قد اندكت وتناثرت فصارت كَثِيباً رملا مجتمعا مَهِيلًا منثورا تذروه الرياح حيث شاءت كسائر الرمال الآن في البواري والبوادي وكيف لا نأخذ المشركين المجرمين

ص: 455

بظلمهم يومئذ ولا نعذبهم بأنواع العذاب

إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ يا اهل مكة بعد ما انحرفتم عن جادة العدالة على مقتضى سنتنا القديمة في الأمم السالفة رَسُولًا ناشئا منكم يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم شاهِداً يشهد عَلَيْكُمْ يوم القيامة بالاجابة والامتناع بعد ما أمرنا له وأوحينا اليه ان يدعوكم الى الايمان ويأمركم بالطاعات والإحسان كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ الطاغي الباغي رَسُولًا يعنى موسى الكليم عليه السلام ليدعوه الى الايمان ويأمره بلوازمه وبعد ما دعاه وامره بما امر به الحق وبالغ في دعوته

فَعَصى وتكبر فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ وعتا عليه واستكبر عن دعوته فَأَخَذْناهُ اى فرعون وقومه أَخْذاً وَبِيلًا ثقيلا شديدا الى حيث قد اغرقناه وجنوده في اليم وأورثنا ارضه ودياره وأمواله لموسى ومن معه هذا أخذنا إياهم في النشأة الاولى وفي الاخرى بأضعافها وآلافها فأنتم ايضا يا اهل مكة مثل فرعون عصيتم رسولكم الذي أرسل إليكم يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم فنأخذكم مثل ما أخذنا آل فرعون في الدنيا حيث نجعلكم صاغرين مهانين وفي الآخرة مسجونين معذبين بعذاب أليم مخلدين في النار ابد الآبدين. ثم قال سبحانه على سبيل التوبيخ والتقريع تهويلا عليهم وتعريضا

فَكَيْفَ تَتَّقُونَ وتحفظون انفسكم عن عذاب الله ايها المنهمكون في انواع الغفلات والجهالات مع انكم إِنْ كَفَرْتُمْ وبقيتم على الكفر الى ان متم عليه مع انكم ستستقبلون يَوْماً وأى يوم يوما يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً من غاية طوله وشدة أهواله واحزانه هذا على سبيل التمثيل والتشبيه بحسب متفاهم العرف والا فلا يكتنه طول ذلك اليوم وهوله وشدته سيما بالوصف والبيان ومن جملة العلامات الدالة على شدة أهواله واحزانه انه

السَّماءُ المشيدة المحكمة مُنْفَطِرٌ بِهِ اى متشققة متضعضعة منخرمة بحلول ذلك اليوم ووقوعه بمقتضى قهر الله وجلاله وكيف لا يكون كذلك مع انه قد وعد الله القادر المقتدر على عموم ما دخل في حيطة حضرة علمه وارادته بوقوعه ولا شك انه قد كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا دائما وامره مقضيا ابدا وحكمه مبرما ازلا وقضاؤه نافذا ماضيا سرمدا وبالجملة

إِنَّ هذِهِ المقالات الدالة على انجاز وعد الله انما هي تَذْكِرَةٌ وعظة للمتعظين المتذكرين من ارباب العناية والتوفيق فَمَنْ شاءَ ان يتعظ بها اتَّخَذَ وأخذ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا بعد ما وفقه الحق وأعانه عليه بالخروج عن لوازم الإمكان وهداه للعروج الى معارج الوجوب مترقيا من درجة الى درجة ومقام الى مقام الى ان وصل الى مبدأ طريق الفناء ثم ترقى منه ايضا من حالة الى حالة الى ان فنى عن الفناء ايضا ثم بعد ذلك صار ما صار وليس وراء الله مرمى ومنتهى وبعد ما امر سبحانه بقيام الليل على الوجه المذكور قد حثه عليه ورغبه اليه على وجه المبالغة والتأكيد بان علله سبحانه بعلمه إياه على أى وجه وقع فقال مخاطبا

إِنَّ رَبَّكَ يا أكمل الرسل يَعْلَمُ بعلمه الحضوري أَنَّكَ تَقُومُ الى التهجد في زمان أَدْنى واقل مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وأعلى واكثر من نصفه تارة وَتارة اخرى تقوم ادنى من نِصْفَهُ وَتارة اخرى تقوم ادنى من ثُلُثَهُ واكثر من ربعه وهذا ادنى تاراتك واعلها ما هو ادنى من ثلثى الليل إذ هي اقرب الى قيام الكل الذي قد فرض أولا ثم الثانية ثم الثالثة وَطائِفَةٌ يعنى يعلم سبحانه ايضا قيام طائفة مِنْ المؤمنين الَّذِينَ يقومون مَعَكَ ويوافقون لك في تهجدك وقيامك في خلال الليل يعنى سبحانه محيط بهذه الأوقات الثلاثة الواقعة منك ومنهم بخلاف علمكم بها فانه لا يقدر بتعينها على وجهها وَبالجملة اللَّهُ العليم الحكيم الذي يُقَدِّرُ بمقتضى حضرة علمه وارادته اللَّيْلَ وَالنَّهارَ

ص: 456

على وجه التجدد والتتابع والاختلاف طولا وقصرا وإيلاج بعض أجزاء كل منهما في الآخر وإخراجه منه وضبط اجزائهما وساعاتهما وآناتهما انما هي بعلمه لا يعلم غيره من المظاهر والمصنوعات وبالجملة هو سبحانه عَلِمَ بعلمه المحيط منكم ومن استعداداتكم إِنَّ اى انه لَنْ تُحْصُوهُ يعنى ليس في وسعكم وطاقتكم تقدير الأوقات وضبط الأحيان والساعات وإحصاء الآنات الواقعة في الليل والنهار وقيامكم في جميع الليل او بعضه على وجه التعيين والتخصيص وبعد ما ظهر عنده سبحانه عدم وسعكم وطاقتكم فَتابَ عَلَيْكُمْ اى خفف سبحانه عما ألزمكم وأزال عنكم تعبكم بالرخصة في ترك القيام المقدر المعين على الوجوه المذكورة إذ لا يسعكم ضبطها وبعد ما رخصكم سبحانه وخفف عنكم تفضلا عليكم وامتنانا قوموا في خلال الليل مقدار ما ييسر الله لكم ويوفقكم عليه ولو مقدار حلبة غنم على ما ورد في الحديث صلوات الله على قائله فَاقْرَؤُا اى صلوا تهجدكم بقراءة ما تَيَسَّرَ لكم مِنَ الْقُرْآنِ المقرون بصلاتكم قيل كان التهجد واجبا على التخيير المذكور ثم رخص بترك التقدير والتعيين ثم نسخ هذا ايضا بالصلاة الخمس المفروضة المقدرة في الأوقات الخمسة وانما نسخه إذ عَلِمَ سبحانه بمقتضى حضرة علمه وحكمته إِنَّ اى انه سَيَكُونُ بعض مِنْكُمْ مَرْضى من السهر المفرط إذ الأبدان متفاوتة في تحمل المتاعب والمشاق سيما ترك النوم المعد للاسترخاء واستراحة البدن في الليل وَايضا قوم آخَرُونَ منكم يَضْرِبُونَ ويسافرون فِي الْأَرْضِ سفرا مباحا حيث يَبْتَغُونَ ويطلبون بسفرهم مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ومن سعة جوده وكرمه مزيد رزق صورى او معنوي او طلب علم رسمي او حقيقى او صلة رحم او زيارة صديق الى غير ذلك من الاسفار المشروعة المباحة فيتحرجون بقيام الليل والتهجد فيه وَآخَرُونَ ايضا يُقاتِلُونَ لأعداء الله فِي سَبِيلِ اللَّهِ ترويجا لدينه وإعلاء لكلمة توحيده فإنهم لو تهجدوا لضعفوا البتة فشق عليهم حينئذ امر القتال وبعد ما أزال سبحانه عنكم حرجكم وتعبكم حسب حكمته المتقنة البالغة فعليكم ان لا تتركوا التهجد رأسا ولا تنسوه جملة بل قوموا في خلال الليل للتهجد ان استطعتم فَاقْرَؤُا في صلاته ما تَيَسَّرَ لكم مِنْهُ اى من القرآن وَبالجملة أَقِيمُوا الصَّلاةَ المفروضة وواظبوا على قيامها وأدائها حق المواظبة في الأوقات المخصوصة وراعوا أركانها وأبعاضها وهيآتها على وجوهها وبالجملة أدوها على وجه يرضى عنكم مولاكم ولا تهاونوا عنها ولا تقصروا فيها واعلموا ايها المؤمنون ان الفارق بين الايمان والكفر والهداية والضلال انما هي الصلاة التي هي أقوى اعمدة الدين وأقومها وَايضا آتُوا الزَّكاةَ المفروضة عليكم على سبيل الوجوب تزكية لأنفسكم عن الشح والإمساك وأموالكم عن الفضلات وتمرينا لأنفسكم على الانفاق وفعل الخيرات وَبعد أداء الواجب من الزكاة أَقْرِضُوا اللَّهَ القادر المقتدر على وجوه الإنعامات بإعطاء فواضل أموالكم على سبيل الصدقات للفقراء والمساكين واصرفوها على بناء المساجد والرباطات وغير ذلك من الخيرات والمبرات المتعلقة بمصالح المؤمنين المسلمين من المنافع الحاصلة بالمال قَرْضاً حَسَناً بلا شوب المن والأذى والسمعة والرياء والعجب وانواع الهوى والأهواء وَاعلموا ايها المؤمنون ان ما تُقَدِّمُوا وتؤخروا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ موجب لأجر مستلزم لثواب سواء كان ماليا او بدنيا قبل حلول الأجل وهجوم الموت تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ المتفضل المنعم هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وأكرم محلا وأعز درجة ومنزلا

ص: 457