الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حينا كثيرا قال ابن عباس رضى الله عنهما شجرتان معروفتان يقال لأحدهما المرخ وللآخر العفار فمن أراد منهما النار قطع منهما غصنتين مثل السواكين وهما خضراوان يقطر منهما ماء فيسحق المرخ على العفار فيخرج منهما النار باذن الله تعالى ولهذا قال الحكماء لكل شجر نار الا العناب. ثم أشار سبحانه ايضا الى كمال قدرته واختياره فقال
أَينكر المنكرون قدرتنا على البعث وحشر الموتى وَلَيْسَ القادر المقتدر الَّذِي خَلَقَ أوجد واظهر السَّماواتِ اى العلويات وما فيها وَالْأَرْضَ اى السفليات وما عليها بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ويعيدهم احياء كما كانوا بَلى من قدر على خلق السموات العلى والأرضين السفلى قادر على بعث الموتى وحشرهم في النشأة الاخرى بالطريق الاولى وَكيف لا هُوَ الْخَلَّاقُ المبالغ في تكثير الخلق والإيجاد ابداعا وإبداء واعادة الْعَلِيمُ بعموم المعلومات والمقدورات ازلا وابدا على التفصيل بحيث لا يخرج عن حيطة حضوره ذرة من ذرائر ما كان ويكون بل الكل عنده ممتاز محفوظ وبالجملة لا تستبعدوا ايها الجاهلون بالله وبعلمه وقدرته وسائر أوصافه الكاملة وأسمائه العامة الشاملة أمثال هذا بل بالنسبة اليه سبحانه سهل يسير وكيف لا يسهل عليه سبحانه أمثال هذا
إِنَّما أَمْرُهُ وشأنه انه إِذا أَرادَ شَيْئاً اى تعلق ارادته بتكوين شيء من معلوماته ومقدوراته أَنْ يَقُولَ لَهُ بعد ما تعلق عليه ارادته كُنْ المؤدى لأمره وحكمه فَيَكُونُ المأمور المحكوم على الفور بلا تراخ ومهلة والتعقيب انما ينشأ من العبارة والا فلا تأخير ولا تعقيب في سرعة نفوذ قضائه سبحانه وبالجملة إياك إياك ومحتملات الألفاظ ومنطوقات العبارات فإنها بمعزل عن ادراك كيفية امر الله وشأن حكمه ومضاء قضائه على وجهه ومتى سمعت ما سمعت من كمال قدرة الله ومتانة حكمه وحيطة علمه وقدرته وشمول ارادته واستقلال اختياره
فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وله التصرف بالاستحقاق والاستقلال في ملكه وملكوته يعنى تنزه وتقدس ذات من في يده وقبضة قدرته مقاليد الملك ومفاتيح الملكوت من ان يعجز عن اعادة الأموات احياء سيما بعد ما ابدأهم من العدم كذلك ولم يكونوا حينئذ شيأ مذكورا تعالى شأنه عما يقول الظالمون في حقه علوا كبيرا وَكيف لا يقدر سبحانه على البعث والأحياء إذ إِلَيْهِ لا الى غيره إذ لا غير معه في الوجود ولا اله سواه موجود مشهود تُرْجَعُونَ رجوع الأمواج الى الماء والأضواء الى الذكاء سبحان من لا يجرى في ملكه الا ما يشاء
خاتمة سورة يس
عليك ايها السالك المتدبر المتأمل في كيفية رجوع الكائنات الى الوحدة الذاتية وارتباط عموم المظاهر والمصنوعات الى المبدأ الحقيقي والمنشأ الأصلي أزال الله عن بصر بصيرتك سبل الحول واعانك على رفع الحجب وكشف العلل ان تصفى باطنك عن الميل الى الغير والسوى مطلقا بحيث يصير باطنك مملوا بمحبة الله فتترسخ تلك المحبة فيه وتتمرن الى ان قد خفى عليك جميع خواطرك وهواجس نفسك سواها ثم تسرى من باطنك الى ظاهرك فتشغلك عن عموم مشتهياتك ومستلذاتك ومقتضيات جوارحك وقواك وبالجملة يمتلئ بها ظاهرك وباطنك فحينئذ لم يبق لك التفات الى الغير مطلقا فصرت حيرانا مدهوشا مستغرقا بمطالعة وجه الله الكريم وبعد ما صرت كذلك قد جذبك الحق عنك نفسك وستر عليك رمسك الى ان قد غبت فيه وفنيت