الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأصلح بحالكم وأعظم نفعا وأبقى فائدة مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ إذ لا نفع لهما عند اهل الحق وان فرض فهو متاه زائل عن قريب بخلاف الكرامة الاخروية فإنها تدوم ابدا وَان عللوا انفضاضهم وخروجهم بتحصيل الرزق الصوري قل لهم يا أكمل الرسل اللَّهِ المظهر لكم من كتم العدم المدبر المربى لأشباحكم بما ليس في وسعكم خَيْرُ الرَّازِقِينَ يرزقكم من حيث لا تحسبون ان توكلتم عليه مخلصين وفوضتم أموركم كلها اليه سبحانه واثقين بكرمه العميم وجوده العظيم
خاتمة سورة الجمعة
عليك ايها الموحد الخائض في لجج بحر الوجود المتحقق بمقام الكشف والشهود مكنك الله في مقر عز الوحدة وجنبك عن الزيغ والضلال ان تتوكل على الله وتتخذه وكيلا وتفوض أمورك كلها اليه وتجعله حسيبا وكفيلا فعليك ان لا تشتغل في آن وشأن ولا تغفل عنه في حين من الأحيان سيما في امر الرزق الصوري المقدر من عند الله المدبر الحكيم لكل من دخل في حيطة الوجود وظهر على صورة الموجود فانه يصل على من يصل حسب ارادة الله ومشيته وإياك إياك ان تطلبه وتعتقده بالتجارة او السؤال بل لك ان تستعمل آلاتك الموهوبة لك من الله العليم الحكيم الى ما قد جبلت لأجله لتكون من زمرة الشاكرين المتوكلين وبالجملة الرزق على الله ولا تكن من القانطين واعبد ربك واشكره على آلائه ونعمائه حتى يأتيك اليقين وكن في عموم احوالك من الشاكرين المتوكلين
[سورة المنافقين]
فاتحة سورة المنافقين
لا يخفى على من وصل الى مرتبة حق اليقين وتمكن في مقعد الصدق مع الموقنين الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين ان الكذب والافتراء والجدال والمراء الواقع بين اصحاب الضلال والآراء الفاسدة الحادثة في عالم الكون والفساد انما هو من عدم الوصول الى كعبة الوجود وقبلة الواجد والموجود ومن عدم التمكن والتحقق والرسوخ التام في مقام الرضاء والتسليم الحاصل من كمال المعرفة واليقين والا فلا يصدر من ارباب الوصول واليقين أمثال هذه الجرائم المنبئة عن النفاق والشقاق المستلزم للجهل والغفلة عن الله الظاهر المتجلى في الأنفس والآفاق بكمال الاستقلال والاستحقاق ولهذا اخبر سبحانه حبيبه صلى الله عليه وسلم بما اخبر من اخبار اهل النفاق ونبهه على ما نبه عليه من ضلالهم فقال بعد ما تيمن بِسْمِ اللَّهِ الذي قد أحاط علمه بما لا يتناهى من المعلومات الرَّحْمنِ على عموم عباده بأمر المعروف ونهى المنكرات الرَّحِيمِ لهم يهديهم الى سبيل السلامة وطريق النجاة
[الآيات]
إِذا جاءَكَ يا أكمل الرسل الْمُنافِقُونَ على وجه الملاينة والخداع تغريرا لك ولمن تبعك من المؤمنين حيث قالُوا مبالغين في اظهار الايمان مؤكدين نَشْهَدُ نقر ونعترف عن محض الوداد وصميم الفؤاد إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ قد أرسلك الحق على الحق بالحق لتبيين الحق وَبعد ما قد أكدوا شهادتهم بأنواع التواكيد بالغوا ايضا في التأكيد لتشييد تغريرهم وتزويرهم حيث قالوا اللَّهِ المطلع على عموم السرائر والخفايا يَعْلَمُ ويشهد إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَبالجملة هم وان بالغوا في شهادتهم الكاذبة على سبيل التلبيس والتزوير اللَّهِ المطلع على ما في ضمائرهم من النفاق والشقاق
يَشْهَدُ حتما إِنَّ الْمُنافِقِينَ المصرين على ما هم عليه من الكفر والإنكار لَكاذِبُونَ في شهادتهم المزورة الصادرة منهم على وجه المبالغة والتأكيد وبالجملة
اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ المغلظة الحاصلة من شهادتهم المؤكدة بها جُنَّةً وجعلوها وقاية لأموالهم وأنفسهم فَصَدُّوا وصرفوا غزاة المسلمين بسبب ذلك الحلف الكاذب عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الذي هو قتالهم واسرهم ونهبهم وبالجملة إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من الصد والنفاق والإصرار على الشقاق
ذلِكَ اى اجتراؤهم على تلك الشهادة على وجه المراء والنفاق وإصرارهم على الكفر والشقاق بِأَنَّهُمْ آمَنُوا اى بسبب انهم آمنوا أولا بالله ورسوله وأقروا بألسنتهم بما ليس في قلوبهم على وجه النفاق صونا لأموالهم ودمائهم ثُمَّ كَفَرُوا بعد ما أمنوا من مكر المؤمنين فَطُبِعَ الكفر حينئذ عَلى قُلُوبِهِمْ ورسخ فيها واستحكم وبعد الطبع والتمرن فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ ولا يفهمون حقية الايمان ولذته وصحته ولا باطلية الكفر وفساده
وَبالجملة هم من غاية غفلتهم عن الله ونهاية عرائهم وخلوهم عن نور الايمان إِذا رَأَيْتَهُمْ يا أكمل الرسل تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ اى سمنها وضخامتها وَإِنْ يَقُولُوا ايضا كلاما تَسْمَعْ أنت لِقَوْلِهِمْ لفصاحتهم وحلاوة نظمهم الا انهم لخلوهم عن العلم اللدني والرشد الجبلي والصفاء الفطري الذاتي الذي هي عبارة عن نقود ارباب المحبة والولاء كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ يابسة فاقدة للقابلية الفطرية مُسَنَّدَةٌ على جواهر الجهل والبلادة ومع ذلك يَحْسَبُونَ يظنون ويترقبون من شدة شكيمتهم وغيظهم على المؤمنين كُلَّ صَيْحَةٍ واقعة عَلَيْهِمْ مسموعة لهم هُمُ الْعَدُوُّ يصيح عليهم ليهلكهم وبعد ما صار بغضهم مع المؤمنين ووهمهم ومخافتهم من العدو بهذه الحيثية فَاحْذَرْهُمْ يا أكمل الرسل واترك مصاحبتهم واحترز من غيلتهم وطغيانهم إذ الخائن الخائف ربما يصول بلا سبب وداع عليه وقل في شأنهم دعاء عليهم قاتَلَهُمُ اللَّهُ المنتقم الغيور أَنَّى يُؤْفَكُونَ وكيف يصرفون ومن اين ينحرفون عن الحق الصريح الى الباطل الغير الصحيح مع انه لا ضرورة تلجئهم اليه
وَمن شدة بغضهم وضغينتهم مع المؤمنين المخلصين إِذا قِيلَ لَهُمْ امحاضا للنصح تَعالَوْا هلموا ايها المسرفون المفرطون الى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ ويطلب المغفرة لكم من العفو الغفور لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وعطفوا أعناقهم عن القبول معتذرين باعذار كاذبة مخافة وصونا وَرَأَيْتَهُمْ ايها الرائي حينئذ في وجوههم التي هي عنوان بواطنهم وقلوبهم آثار الكفر والعناد ظاهرة لذلك يَصُدُّونَ ويعرضون عن المؤمنين مسرعين معتذرين وَهُمْ في أنفسهم مُسْتَكْبِرُونَ عن القبول والاعتذار وبالجملة
سَواءٌ عَلَيْهِمْ يا أكمل الرسل أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ من الله المنتقم الغيور أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ العليم الحكيم المتقن في عموم الأفعال ابدا إِنَّ اللَّهَ المطلع على ما في استعدادات عباده لا يَهْدِي ولا يرشد الى جادة توحيده الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ منهم الخارجين عن مقتضى الحدود الاسلامية وكيف يهديهم ويغفر لهم سبحانه مع انهم
هُمُ القوم المسرفون الَّذِينَ يَقُولُونَ للأنصار من نهاية عداوتهم وبغضهم مع الرسول والمؤمنين لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ يعنون فقراء المهاجرين حَتَّى يَنْفَضُّوا وينتشروا بعد ما اضطروا من حوله وَلم يعلموا هؤلاء الغفلة الضالون والجهلة الهالكون في تيه الجهل والعناد ان لِلَّهِ وفي قبضة قدرته وتحت ضبطه وملكته خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى الكنوز المكنونة المطوية في ضمن العلويات