الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْقَوْلِ فِي الْعِبَارَةِ بِالرِّوَايَةِ عَمَّا سَمِعَ مِنَ الْمُحَدِّثِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَالِكِيُّ ، أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّيِّبِ ، قَالَ:" اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قَارِئِ الْحَدِيثِ عَلَى الشَّيْخِ ، إِذَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ ، أَوْ سَكَتَ عَنْهُ سُكُوتًا يَقُومُ مَقَامَ إِقْرَارِهِ بِهِ ، هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: سَمِعْتُ فُلَانًا يُحَدِّثُ بِكَذَا ، أَوْ «حَدَّثَنِي» فُلَانٌ بِكَذَا ، أَمْ لَا يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ لَهُ بِغَيْرِ تَقْيِيدٍ ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: سَمِعْتُ فُلَانًا ، وَلَا «حَدَّثَنِي» وَلَا «أَخْبَرَنِي» ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ، لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ سَمِعْتُ يُفِيدُ أَنَّ الْمُحَدِّثَ نَطَقَ بِهِ ، وَأَنَّ الْقَائِلَ سَمِعْتُهُ يَحْكِي لَفْظَهُ ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ ، وَإِخْبَارٌ بِالْكَذِبِ ، وَكَذَلِكَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ ذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّهُ نَطَقَ وَتَحَدَّثَ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ ، وَذَلِكَ مَا لَا أَصْلَ لَهُ ، وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ عِنْدَنَا جَوَازُ ذَلِكَ لِمَنْ عُلِمَ حَالُهُ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ إِيهَامَ سَمَاعِ لَفْظِ الْمُحَدِّثِ وَإِخْبَارِهِ وَحَدِيثِهِ مِنْ لَفْظِهِ ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَعْمِلُ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ قُرِئَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَسْمَعُ ، وَأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ سُكُوتَ مُقِرٍّ بِهِ ، إِذَا كَانَ ثِقَةً عَدْلًا لَا يَقْصِدُ التَّمْوِيهَ وَالْإِلْبَاسَ ، فَأَمَّا إِذَا عُرِفَ بِقَصْدِ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ حَدِيثُهُ وَلَمْ يَسُغْ لَهُ ذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجِبُ أَنْ يَقُولَ قَارِئُ الْحَدِيثِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ عَمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ؟ قِيلَ: يَجِبُ أَنْ يَقُولَ: حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا قِرَاءَةً عَلَيْهِ ، لِيَرْفَعَ بِذَلِكَ الْإِيهَامَ لِسَمَاعِهِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ " وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَ الْقَاضِي وُجُوبَهُ هُوَ مَذْهَبُ خَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ ، وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: يَكْفِي الرَّاوِيَ أَنْ يَقُولَ فِيمَا سَمِعَهُ قِرَاءَةً «أَخْبَرَنَا» وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَقُولَ: قِرَاءَةً ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ: الْبَيَانُ أَوْلَى ، فَإِنْ كَانَ سَمِعَ بِقِرَاءَتِهِ يَقُولُ: قَرَأْتُ ، وَإِنْ كَانَ سَمِعَ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ يَقُولُ: قُرِئَ وَأَنَا أَسْمَعُ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ «حَدَّثَنَا» وَلَا «أَخْبَرَنَا» ، وَأَجَازَ قَوْمٌ قَوْلَ ذَلِكَ ، وَأَنْ يَقُولَ أَيْضًا: سَمِعْتُ وَنَحْنُ نَذْكُرُ أَسْمَاءَ مَنْ حُفِظَ عَنْهُمُ الرِّوَايَاتُ فِي ذَلِكَ بِسِيَاقِهَا عَلَى اخْتِلَافِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى