الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْقَوْلِ فِي حُكْمِ الْخَبَرِ يَرْوِيهِ الْمُحَدِّثُ تَارَةً زَائِدًا وَأُخْرَى نَاقِصًا إِذَا كَانَ الْمُحَدِّثُ قَدْ رَوَى خَبَرًا فَحُفِظَ عَنْهُ ثُمَّ أَعَادَ رِوَايَتَهُ عَلَى النُّقْصَانِ مِنَ الرِّوَايَةَ الْمُتَقَدِّمَةِ وَحَذَفَ بَعْضَ مَتْنِهِ، فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى رِوَايَتِهِ الْأُولَى وَالْعَمَلَ بِمَا تَقْتَضِيهِ أَلْزَمُ وَأَوْلَى
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ الْحَرْبِيُّ، أنا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُقْرِئُ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، ثنا عَاصِمٌ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، قَالَ:«قُلْتُ لَهُ إِنَّكَ تُحَدِّثُنَا بِالْحَدِيثِ فَرُبَّمَا حَدَّثْتَنَاهُ كَذَلِكَ وَرُبَّمَا نَقَصْتَهُ قَالَ عَلَيْكَ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ» وَإِنْ كَانَ لَمَّا أَعَادَ رِوَايَتَهُ زَادَ فِي مَتْنِهِ وَذَكَرَ مَا لَمْ يُورِدُهُ فِي الدَّفْعَةِ الْأُولَى فَالْحُكْمُ يَتَعَلَّقُ بِالرِّوَايَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ دُونَ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْعِلَّةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا أَنَّ الزِّيَادَةَ مَقْبُولَةٌ مِنَ الْعَدْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَعَمَّدَ اخْتِصَارَ الْحَدِيثِ وَالْحَذْفَ مِنْهُ لَمَّا رَوَاهُ نَاقِصًا وَأَوْرَدَهُ فِي الدَّفْعَةِ الْأُخْرَى بِكَمَالِهِ ، فَلَا تَكُونُ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مُكَذِّبَةً لِلْأُخْرَى ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ مَرْفُوعًا تَارَةً وَمَوْقُوفًا أُخْرَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ ضَعْفًا فِيهِ
بَابُ الْقَوْلِ فِي حُكْمِ خَبَرِ الْعَدْلِ إِذَا انْفَرَدَ بِرِوَايَةِ زِيَادَةٍ فِيهِ لَمْ يَرْوِهَا غَيْرُهُ قَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ: زِيَادَةُ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ ، إِذَا انْفَرَدَ بِهَا
وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ زِيَادَةٍ يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ شَرْعِيُّ أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ ، وَبَيْنَ زِيَادَةٍ تُوجِبُ نُقْصَانًا مِنْ أَحْكَامٍ تَثْبُتُ بِخَبَرٍ لَيْسَتْ فِيهِ تِلْكَ الزِّيَادَةُ ، وَبَيْنَ زِيَادَةٍ تُوجِبُ تَغْيِيرَ الْحُكْمِ الثَّابِتِ ، أَوْ زِيَادَةٍ لَا تُوجِبُ ذَلِكَ ، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الزِّيَادَةُ فِي خَبَرٍ رَوَاهُ رَاوِيهِ مَرَّةً نَاقِصًا ، ثُمَّ رَوَاهُ بَعْدُ وَفِيهِ تِلْكَ الزِّيَادَةُ ، أَوْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ قَدْ رَوَاهَا غَيْرُهُ وَلَمْ يَرْوِهَا هُوَ ، وَقَالَ فَرِيقٌ مِمَّنْ قَبِلَ زِيَادَةَ الْعَدْلِ الَّذِي يَنْفَرِدُ بِهَا: إِنَّمَا يَجِبُ قَبُولُهَا إِذَا أَفَادَتْ حُكْمًا يَتَعَلَّقُ بِهَا ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حُكْمٌ فَلَا ، وَقَالَ آخَرُونَ: يَجِبُ قَبُولُ الزِّيَادَةِ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى ، وَحُكِيَ عَنْ فِرْقَةٍ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا قَالَتْ: تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ إِذَا كَانَتْ مِنْ جِهَةِ غَيْرِ الرَّاوِي ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي رَوَى النَّاقِصَ ، ثُمَّ رَوَى الزِّيَادَةَ بَعْدُ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ ، وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ: زِيَادَةُ الثِّقَةِ إِذَا انْفَرَدَ بِهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ ، مَا لَمْ يَرْوِهَا مَعَهُ الْحُفَّاظُ ، وَتَرْكُ الْحُفَّاظِ لِنَقْلِهَا وَذَهَابُهُمْ عَنْ مَعْرِفَتِهَا يُوهِنُهَا وَيُضْعِفُ أَمْرَهَا وَيَكُونُ مُعَارِضًا لَهَا ، وَالَّذِي نَخْتَارُهُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْوَارِدَةَ مَقْبُولَةٌ عَلَى كُلِّ الْوُجُوهِ ، وَمَعْمُولٌ بِهَا إِذَا كَانَ رَاوِيهَا عَدْلًا حَافِظًا وَمُتْقِنًا ضَابِطًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أُمُورٌ، أَحَدُهَا: اتِّفَاقُ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَوِ انْفَرَدَ الثِّقَةُ بِنَقْلِ حَدِيثٍ لَمْ يَنْقُلْهُ غَيْرُهُ ، لَوَجَبَ قَبُولُهُ ، وَلَمْ يَكُنْ تَرْكُ الرُّوَاةِ لِنَقْلِهِ إِنْ كَانُوا عَرَفُوهُ وَذَهَابُهُمْ عَنِ الْعِلْمِ بِهِ مُعَارِضًا لَهُ ، وَلَا قَادِحًا فِي عَدَالَةِ رَاوِيهِ ، وَلَا مُبْطِلًا لَهُ ، فَكَذَلِكَ سَبِيلُ الِانْفِرَادِ بِالزِّيَادَةِ ، فَإِنْ قِيلَ: مَا أَنْكَرْتَ أَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَنَّهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ سَمَاعُ الْوَاحِدِ لِلْحَدِيثِ مِنَ الرَّاوِي وَحْدَهُ ، وَانْفِرَادُهُ بِهِ ، وَيَمْتَنِعُ فِي الْعَادَةِ سَمَاعُ الْجَمَاعَةِ لِحَدِيثٍ وَاحِدٍ وَذَهَابُ زِيَادَةٍ فِيهِ عَلَيْهِمْ وَنِسْيَانِهَا إِلَّا الْوَاحِدَ ، بَلْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْغَلَطِ وَالسَّهْوِ مِنْهُمْ ، فَافْتَرَقَ الْأَمْرَانِ؟ قُلْتُ: هَذَا بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ غَيْرِ مُمْتَنِعَةٍ ،
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي حَدَّثَ بِالْحَدِيثِ فِي وَقْتَيْنِ ، وَكَانَتِ الزِّيَادَةُ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْوَقْتِ الْآخَرِ ، وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ قَدْ كَرَّرَ الرَّاوِي الْحَدِيثَ فَرَوَاهُ أَوَّلًا بِالزِّيَادَةِ ، وَسَمِعَهُ الْوَاحِدُ ، ثُمَّ أَعَادَهُ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ اقْتِصَارًا عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَتَمَّهُ مِنْ قَبْلُ ، وَضَبَطَهُ عَنْهُ مَنْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِخَبَرِهِ ، إِذَا رَوَاهُ عَنْهُ ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ ، وَرُبَّمَا كَانَ الرَّاوِي قَدْ سَهَا عَنْ ذِكْرِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ ، لَمَّا كَرَّرَ الْحَدِيثَ وَتَرَكَهَا غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ لِحَذْفِهَا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْتَدَأَ بِذِكْرِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ ، وَفِي أَوَّلِهِ الزِّيَادَةُ ، ثُمَّ دَخَلَ دَاخِلٌ فَأَدْرَكَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ وَلَمْ يَسْمَعِ الزِّيَادَةَ ، فَنَقَلَ مَا سَمِعَهُ ، وَيَكُونُ السَّامِعُ الْأَوَّلُ قَدْ وَعَاهُ بِتَمَامِهِ ، وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ هَذَا فِي خَبَرٍ جَرَى الْكَلَامُ فِيهِ بَيْنَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَبَيْنَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ
أَخْبَرَناهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّاهِدُ بِالْبَصْرَةِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَادِرَائِيُّ، ثنا جُنَيْدُ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، ثنا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ:" سَمِعَ الزُّبَيْرُ ، رَجُلًا يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا فَرَغَ الرَّجُلُ مِنْ حَدِيثِهِ ، قَالَ لَهُ الزُّبَيْرُ: هَلْ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ: صَدَقْتَ ، وَلَكِنَّكَ كُنْتَ يَوْمَئِذٍ غَائِبًا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَجِئْتَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ ، فَحَسِبْتَ أَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ نَفْسِهِ، هَذَا وَشَبَهُهُ يَمْنَعُنَا مِنَ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّهْيَ عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَخْلَدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمُعَدِّلُ ، وَأَبُو الْفَتْحِ هِلَالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ ـ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: حَدَّثَنَا ، وَقَالَ هِلَالٌ: ـ أنا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ الْقَطَّانُ، ثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ ، ح وَأَخْبَرَنا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ
⦗ص: 427⦘
الْهَاشِمِيُّ، ثنا أَبُو عَلِيِّ ابْنُ عَمْرٍو اللُّؤْلُؤِيُّ، ثنا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ ـ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وثنا مُسَدَّدٌ، ثنا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ الْمَعْنِيَّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَا وَاللَّهِ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْهُ ، إِنَّمَا أَتَاهُ رَجُلَانِ ـ قَالَ مُسَدَّدٌ ـ مِنَ الْأَنْصَارِ ، ثُمَّ اتَّفَقَا: قَدِ اقْتَتَلَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنْ كَانَ هَذَا شَأْنَكُمْ فَلَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ» زَادَ مُسَدَّدٌ فَسَمِعَ قَوْلَهُ لَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ - وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ " وَيَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَ مِنَ الرَّاوِي الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ فَيَنْسَى اثْنَانِ مِنْهُمَا الزِّيَادَةَ وَيَحْفَظُهَا الْوَاحِدُ وَيَرْوِيهَا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَحْضُرَ الْجَمَاعَةُ سَمَاعَ الْحَدِيثِ فَيَتَطَاوَلُ حَتَّى يَغْشَى النَّوْمُ بَعْضَهُمْ أَوْ يَشْغَلَهُ خَاطِرُ نَفْسٍ وَفِكْرُ قَلْبٍ فِي أَمْرٍ آخَرَ فَيَقْتَطِعُهُ عَمَّا سَمِعَهُ غَيْرُهُ وَرُبَّمَا عَرَضَ لِبَعْضِ سَامِعِي الْحَدِيثِ أَمْرٌ يُوجِبُ الْقِيَامَ وَيَضْطَرُّهُ إِلَى تَرْكِ اسْتِتْمَامِ الْحَدِيثِ ، وَإِذَا كَانَ مَا ذَكَرْنَاهُ جَائِزًا فَسَدَ مَا قَالَهُ الْمُخَالِفُ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ الْإِمَامُ بِأَصْبَهَانَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ ثنا سُلَيْمَانُ: وَثَنا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ أَبِي صَخْرَةَ الْمُحَارِبِيِّ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيِّ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، قَالَ: أَتَى نَفَرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ:«اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ» ، فَقَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا ، فَرُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَجَاءَ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ:«اقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ» ، قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ بِبَدْءِ الْخَلْقِ وَالْعَرْشِ ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ رَاحِلَتَكَ فَقُمْتُ ، فَلَيْتَنِي لَمْ أَقُمْ " وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ ، أَنَّ الثِّقَةَ الْعَدْلَ يَقُولُ: سَمِعْتُ وَحَفِظْتُ مَا لَمْ يَسْمَعِ الْبَاقُونَ ، وَهُمْ يَقُولُونَ: مَا سَمِعْنَا وَلَا حَفِظْنَا ، وَلَيْسَ ذَلِكَ تَكْذِيبًا لَهُ ،
⦗ص: 428⦘
وَإِنَّمَا إِخْبَارٌ عَنْ عَدَمِ عِلْمِهِمْ بِمَا عَلِمَهُ ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ عِلْمَهُ بِهِ ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى وَجَبَ قَبُولُ الْخَبَرِ إِذَا انْفَرَدَ بِهِ دُونَهُمْ وَلِأَجْلِهِ أَيْضًا قُبِلَتِ الزِّيَادَةُ فِي الشَّهَادَةِ إِذَا شَهِدُوا جَمِيعًا بِثُبُوتِ الْحَقِّ وَشَهِدَ بَعْضُهُمْ بِزِيَادَةِ حَقٍّ آخَرَ وَبِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَلَمْ يَشْهَدِ الْآخَرُونَ ". فَأَمَّا عِلَّةُ مَنِ اعْتَلَّ فِي تَرْكِ قَبُولِهَا بِبُعْدِ ذَهَابِهَا عَنِ الْجَمَاعَةِ وَحِفْظِ الْوَاحِدِ لَهَا فَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَهَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَجَوَازَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ، وَأَمَّا مَنْ فَصَلَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مُوجِبَةً لِحُكْمٍ أَوْ غَيْرَ مُوجِبَةٍ لَهُ فَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهُ إِذَا وَجَبَ قَبُولُهَا مَعَ إِيجَابِهَا حُكْمًا زَائِدًا فَبِأَنْ تُقْبَلَ إِذَا لَمْ تُوجِبْ زِيَادَةَ حُكْمٍ أَوْلَى لِأَنَّ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْحُكْمُ أَشَدُّ فِي هَذَا الْبَابِ