الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الِاحْتِجَاجِ بِخَبَرِ مَنْ عُرِفَتْ عَيْنُهُ وَعَدَالَتُهُ ، وَجُهِلَ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ
أَخْبَرَنَا بُشْرَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّومِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا وَكِيعٌ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ حَزْنٍ الْقُشَيْرِيُّ ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيذِ ، فَقَالَتْ: هَذِهِ خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، لَجَارِيَةٍ حَبَشِيَّةٍ ، فَسَلْهَا فَقَالَتْ:«كُنْتُ أَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سِقَاءِ عَشَاءٍ ، فَأُوكِيهِ عِشَاءً ، فَإِذَا أَصْبَحَ شَرِبَ مِنْهُ»
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَالِكِيُّ عَنِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّيِّبِ ، قَالَ:«وَمَنْ جُهِلَ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ ، وَعُرِفَ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًا ، وَجَبَ قَبُولُ خَبَرِهِ ، لِأَنَّ الْجَهْلَ بِاسْمِهِ لَا يُخِلُّ بِالْعِلْمِ بِعَدَالَتِهِ»
بَابٌ فِي الرَّاوِي يَقُولُ: ثَنَا فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ ، هَلْ يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِحَدِيثِهِ ذَلِكَ؟ إِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمَّاهُمَا عَدْلًا ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ ثَابِتٌ ، وَالِاحْتِجَاجَ بِهِ جَائِزٌ ، لِأَنَّهُ قَدْ عَيَّنَهُمَا ، وَتَحْقِيقُ سَمَاعِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَكِلَاهُمَا ثَابِتُ الْعَدَالَةِ
⦗ص: 376⦘
وَمِثَالُ ذَلِكَ
مَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْخُوَارَزْمِيُّ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ النَّيْسَابُورِيُّ بِخُوَارَزْمَ: قَالَ: أَمْلَى عَلَيْنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ، ثنا أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاءُ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ ، أَوْ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ الْجُعْفِيَّ ، دَخَلَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي إِمَارَتِهِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي مَرَرْتُ بِنَفَرٍ يَذْكُرُونَ أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ بِغَيْرِ الَّذِي هُمَا لَهُ أَهْلٌ مِنَ الْإِسْلَامِ ، لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّكَ تُضْمِرُ لَهُمَا عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ ، وَإِنَّهُمْ لَمْ يَجْتَرِئُوا عَلَى ذَلِكَ إِلَّا وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ مُوَافِقٌ لَكَ ، وَذَكَرَ حَدِيثَ خُطْبَةِ عَلِيٍّ وَكَلَامِهِ فِي أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ رضي الله عنهم ، وَقَوْلِهِ فِي آخِرِهِ " أَلَا: وَلَا يَبْلُغُنِي عَنْ أَحَدٍ يُفَضِّلُنِي عَلَيْهِمَا إِلَّا جَلَدْتُهُ حَدَّ الْمُفْتَرِي " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُوشَنْجِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي سُقْنَاهُ وَرَوَيْنَاهُ مِنَ الْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ ، لِأَمَانَةِ حُمَّالِهِ ، وَثِقَةِ رِجَالِهِ ، وَإِتْقَانِ أَثَرَتِهِ ، وَشُهْرَتِهِمْ بِالْعِلْمِ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ أَعْصَارِهِمْ ، إِلَى حَيْثُ بَلَغَ مِنْ نَقْلِهِ إِلَى الْإِمَامِ الْهَادِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه ، حَتَّى كَأَنَّكَ شَاهِدٌ حَوْلَ الْمِنْبَرِ وَعَلِيٌّ فَوْقَهُ ، وَلَيْسَ مِمَّا يَدْخُلُ إِسْنَادَهُ وَهْنٌ وَلَا ضَعْفٌ ، لِقَوْلِ الرَّاوِي عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ أَوْ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، لِمَا لَعَلَّهُ تَوَهَّمَهُ شَكًّا فِيهِ ، وَلَيْسَ مِثْلُ هَذَا بِشَّكٍّ يُوهِنُ الْخَبَرَ ، وَلَا يُضَعَّفُ بِهِ الْأَثَرُ ، لِأَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا ثِقَةٌ مَأْمُونٌ ، وَبِالْعِلْمِ مَشْهُورٌ ، إِنَّمَا لَوْ كَانَ الشَّكُّ فِيهِ أَنْ يَقُولَ: عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ، كَانَ الْوَهَنُ يَدْخُلُهُ ، إِذْ لَا نَعْلَمُ الْغَيْرَ مَنْ هُوَ، فَأَمَّا إِذَا صَرَّحَ الرَّاوِي وَأَفْصَحَ بِالنَّاقِلَيْنِ أَنَّهُ عَنْ أَحَدِهِمَا ، فَلَيْسَ هَذَا بِمَوْضِعِ ارْتِيَابٍ، فَتَفَهَّمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ:«قَدْ مَثَّلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُوشَنْجِيُّ الشَّكَّ الَّذِي يُوهِنُ الْخَبَرَ بِمَا أَغْنَى عَنْ كَلَامِنَا فِيهِ ، وَبِمَثَابَتِهِ ، بَلْ أَشَدُّ وَهْنًا مِنْهُ أَنْ يَكُونَ شَكَّ الرَّاوِي فِي سَمَاعِهِ الْحَدِيثَ مِنْ زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو، وَبِعَيْنِهِمَا، وَأَحَدُهُمَا ثِقَةٌ وَالْآخَرُ ثَابِتُ الْجَرْحِ مِثْلُ»
مَا أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، أنا ابْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَوْحُ بْنُ جَنَاحٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حُسَيْنٍ النَّخَعِيِّ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ عَنْ قَزَعَةَ ، أَوْ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ: أَصَبْنَا سَبْيَ أَوْطَاسٍ وَهُوَ سَبْي حُنَيْنٍ ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَتَمَتَّعَ بِهِنَّ ، وَقَدْ كَانَ بِأَيْدِي النَّاسِ مِنْهُمْ سَبَايَا فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ ، فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ:«اسْتَبْرِئُوهُنَّ بِحَيْضَةٍ» وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا أَشَدَّ وَهْنًا مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي يُعَيَّنُ فِيهِ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ وَهُوَ ثِقَةٌ ، ثُمَّ يُقَالُ: أَوْ غَيْرُهُ ، لِأَنَّ الْغِيَرَ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ لَا يُعْرَفُ: أَهُوَ عَدْلٌ أَمْ لَا ، مَعَ احْتِمَالِ حَالَةِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا سُمِّيَ فِيهِ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا ثِقَةٌ ، وَهُوَ قَزَعَةُ ، وَالْآخَرُ ثَابِتُ الْجَرْحِ وَهُوَ عَطِيَّةُ ، فَقَدِ ارْتَفَعَتِ الْجَهَالَةُ بِعَدَالَتِهِ ، وَثَبَتَ الْعِلْمُ بِجَرْحِهِ ، فَحَالُهُ لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا الْجَرْحَ ، وَهُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِمَّنِ احْتَمَلَ الْجَرْحَ وَغَيْرَهُ