الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْقَوْلِ فِي الْعَدَدِ الْمَقْبُولِ تَعْدِيلُهُمْ لِمَنْ عَدَّلُوهُ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ فِي تَعْدِيلِ الْمُحَدِّثِ وَالشَّاهِدِ أَقَلُّ مِنَ اثْنَيْنِ ، وَرَدُّوا ذَلِكَ إِلَى الشَّهَادَةِ عَلَى حُقُوقِ الْآدَمَيِّينَ ، وَأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِأَقَلَّ مِنَ اثْنَيْنِ ، وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: يَكْفِي فِي تَعْدِيلِ الْمُحَدِّثِ الْمُزَكِّي الْوَاحِدُ
، وَلَا يَكْفِي فِي تَعْدِيلِ الشَّاهِدِ عَلَى الْحُقُوقِ إِلَّا اثْنَانِ ، وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: يَكْفِي فِي تَعْدِيلِ الْمُحَدِّثِ وَالشَّاهِدِ تَزْكِيَةُ الْوَاحِدِ ، إِذَا كَانَ الْمُزَكِّي بِصِفَةِ مَنْ يَجِبُ قَبُولُ تَزْكِيَتِهِ ". وَالَّذِي نَسْتَحِبُّهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ يُزَكِّي الْمُحَدِّثَ اثْنَيْنِ ، لِلِاحْتِيَاطِ ، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى تَزْكِيَةِ وَاحِدٍ أَجْزَأَ ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَبِلَ فِي تَزْكِيَةِ سِنِينٍ أَبِي جَمِيلَةَ قَوْلَ عَرِّيفِهِ وَهُوَ وَاحِدٌ
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ إِمْلَاءً، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، هُوَ الصَّفَّارُ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعْتُ سُنَيْنًا أَبَا جَمِيلَةَ ، يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: وَجَدْتُ مَنْبُوذًا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَذَكَرَهُ عَرِّيفِي لِعُمَرَ ، فَأَرْسَلَ فَدَعَانِي ، وَالْعَرِّيفُ عِنْدَهُ ، فَلَمَّا رَآنِي مُقْبِلًا ، قَالَ:«عَسَى الْغُوَيْرُ بُؤْسًا» ، قَالَ الْعَرِّيفُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّهُ لَيْسَ بِمُتَّهَمٍ ، قَالَ: عَلَامَ أَخَذْتَ هَذَا؟ قَالَ: وَجَدْتُ نَفْسًا مُضَيَّعَةً ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَأْجُرَنِي اللَّهُ فِيهَا. قَالَ: هُوَ حُرٌّ ، وَوَلَاؤُهُ لَكَ ، وَعَلَيْنَا رَضَاعُهُ ". وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، فَوَجَبَ لِذَلِكَ أَنْ يُقْبَلَ فِي تَعْدِيلِهِ وَاحِدٌ ، وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَا بِهِ ثَبَتَتْ صِفَةُ مَنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ آكَدَ مِمَّا يُثْبِتُ وُجُوبَ قَبُولِ الْخَبَرِ وَالْعَمَلِ بِهِ ، وَهَذَا بَعِيدٌ ، لِأَنَّ الِاتِّفَاقَ قَدْ حَصَلَ عَلَى أَنَّ مَا بِهِ تَثْبُتُ الصِّفَةُ الَّتِي بِثُبُوتِهَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ ، أَخْفَضُ وَأَنْقَصُ فِي الرُّتْبَةِ مِنَ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْحُكْمُ ، وَلِهَذَا وَجَبَ ثُبُوتُ الْإِحْصَانِ ، الَّذِي بِثُبُوتِهِ يَجِبُ الرَّجْمُ ، بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ الرَّجْمُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ، فَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْحُكْمُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى مِمَّا تَثْبُتُ بِهِ الصِّفَةُ الَّتِي عِنْدَ ثُبُوتِهَا يَجِبُ الْحُكْمُ ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا بِهِ ثَبُتَتْ عَدَالَةُ الْمُحَدِّثِ أَنْقَصَ مِمَّا بِهِ ثَبُتَ الْحُكْمُ بِخَبَرِهِ ، وَالْحُكْمُ فِي الشَّرْعِيَّاتِ يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، فَيَجِبُ أَنْ تَثْبُتَ تَزْكِيَتُهُ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ ، وَلَوْ أَمْكَنَ ثُبُوتُهَا بِأَقَلَّ مِنْ تَزْكِيَةِ وَاحِدٍ لَوَجَبَ أَنْ يُقَالَ بِذَلِكَ ، لِكَيْ يَكُونَ مَا بِهِ تَثْبُتُ صِفَةُ الْمُخْبِرِ أَخْفَضَ مِمَّا بِهِ يَثْبُتُ الْحُكْمُ ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ