الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْكَلَامِ فِي الْعَدَالَةِ وَأَحْكَامِهَا
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَشِيُّ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، ثنا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خَلِيٍّ الْحِمْصِيُّ بِحِمْصٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، رضي الله عنه يَقُولُ:" إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يَأْخُذُونَ بِالْوَحْي فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ ، اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ ، وَإِنْ قَالَ: إِنَّ سَرِيرَتِي حَسَنَةٌ "
أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَهْوَازِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْعَسْكَرِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ الطَّائِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ عَامَلَ النَّاسَ فَلَمْ يَظْلِمْهُمْ ، وَحَدَّثَهُمْ فَلَمْ يَكْذِبْهُمْ ، وَوَعَدَهُمْ فَلَمْ يُخْلِفْهُمْ ، فَهُوَ مَنْ كَمُلَتْ مُرُوءَتُهُ ، وَظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ ، وَوَجَبَتْ أُخُوَّتُهُ ، وَحُرِّمَتْ غَيْبَتُهُ»
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّاهِدُ بِالْبَصْرَةِ، ثنا أَبُو رَوْقٍ الْهِزَّانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ شِبْلٍ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ (ح) ، وَأَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ بِنَيْسَابُورَ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ، ثنا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ:«الْعَدْلُ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ لَمْ يُظَنَّ بِهِ رِيبَةٌ» ، وَفِي حَدِيثِ حَاجِبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: «الْعَدْلُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ»
أَخْبَرَنَا عُيَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَرْذَعِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ ، ثنا جَدِّي، ثنا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ
⦗ص: 79⦘
الْجَوْهَرِيُّ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ:«الْعَدْلُ فِي الشَّهَادَةِ الَّذِي لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ»
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، أنا أَبُو الْفَضْلِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّكَّرِيُّ، ثنا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ الْكَسِّيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الْعَدْلِ ، فَقَالَ:«مَنْ كَانَ فِيهِ خَمْسُ خِصَالٍ ، يَشْهَدُ الْجَمَاعَةَ ، وَلَا يَشْرَبُ هَذَا الشَّرَابَ ، وَلَا تَكُونُ فِي دِينِهِ خَرِبَةٌ ، وَلَا يَكْذِبُ ، وَلَا يَكُونُ فِي عَقْلِهِ شَيْءٌ»
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمُجَهِّزُ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ ، بِهَا، ثنا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ سَلْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الضَّحَّاكِ، ثنا أَبُو الْأَصْبَغِ مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعِةٍ، ثنا مَهْدِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: «لَيْسَ مِنْ شَرِيفٍ وَلَا عَالِمٍ وَلَا ذِي سُلْطَانٍ إِلَّا وَفِيهِ عَيْبٌ ، لَا بُدَّ ، وَلَكِنْ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَا تُذْكَرُ عُيُوبُهُ ، مَنْ كَانَ فَضْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ نَقْصِهِ وُهِبَ نَقْصُهُ لِفَضْلِهِ»
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَرْذَعِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْغَزِّيُّ ، بِغَزَّةِ الشَّامِ ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبُوَيْطِيَّ يَقُولُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أُعْطِيَ طَاعَةَ اللَّهِ حَتَّى لَمْ يَخْلِطْهَا بِمَعْصِيَةٍ إِلَّا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عليه السلام ، وَلَا عَصَى اللَّهَ فَلَمْ يَخْلِطْ بِطَاعَةٍ ، فَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ الطَّاعَةَ فَهُوَ الْمُعَدَّلُ ، وَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ الْمَعْصِيَةَ فَهُوَ الْمُجَرَّحُ»
أَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّورِيُّ لِنَفْسِهِ:
[البحر الخفيف]
فِيَّ جِدٌّ وَفِيَّ هَزْلٌ إِذَا شِئْتُ
…
وَجِدِّي أَضْعَافُ أَضْعَافِ هَزْلِي
عَابَ قَوْمٌ عَلَيَّ هَذَا وَلَجُّوا
…
فِي عِتَابِي وَأَكْثَرُوا فِيهِ عَذْلِي
قُلْتُ: مَهْلًا لَا تُفْرِطُوا فِي مَلَامِي
…
وَاحْكُمُوا لِي فِيكُمْ بِغَالِبِ فِعْلِي
أَنَا رَاضٍ بِحُكْمِكُمْ إِنْ عَدَلْتُمْ
…
رُبَّ حُكْمٍ يَمْضِي عَلَى غَيْرِ عَدْلِ
فَإِذَا كَانَ غَالِبُ الْأَمْرِ مِنْ فِعْلِي
…
سِدَادًا تُنْسَى نَوَادِرُ جَهْلِي
فَأَنَا الْعَدْلُ غَيْرَ شَكٍّ لَدَى الْأَقْوَامِ
…
يَقْضِي بِذَاكَ لِي كُلُّ عَدْلِ
وَبِهَذَا أَفْتَى فَقِيهٌ جَلِيلٌ
…
سَيِّدٌ مَاجِدٌ عَظِيمُ الْمَحَلِّ
نَجْلُ إِدْرِيسَ مَعْدِنُ الْعِلْمِ وَالْ
…
حِلْمِ حَلِيفُ الْعَلْيَاءِ أَكْرَمُ نَجْلِ
وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَبْدُ اللَّهِ
…
ذُو الْفَضْلِ وَالْمَكَانِ الْأَجَلِّ
وَهْوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ بَعْدُ
…
وَمَنْ ذَا يُرْبِي عَلَيْهِ بِفَضْلِ
رَحْمَةُ اللَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِمْ
…
أَبَدًا مَا اسْتَهَلَّ صَوْبٌ بِهَطْلِ
حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَالِكِيُّ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّيِّبِ ، قَالَ: وَالْعَدَالَةُ الْمَطْلُوبَةُ فِي صِفَةِ الشَّاهِدِ وَالْمُخْبِرِ هِيَ الْعَدَالَةُ الرَّاجِعَةُ إِلَى اسْتِقَامَةِ دِينِهِ ، وَسَلَامَةِ مَذْهَبِهِ ، وَسَلَامَتِهِ مِنَ الْفِسْقِ وَمَا يُجْرَى مُجْرَاهُ ، مِمَّا اتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ مُبْطِلٌ لِلْعَدَالَةِ مِنْ أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ وَالْقُلُوبِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا ، وَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ فِي جَمِيعِ صِفَاتِ الْعَدَالَةِ: إِنَّهَا اتِّبَاعُ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالِانْتِهَاءُ عَنِ ارْتِكَابِ مَا نَهَى عَنْهُ مِمَّا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ ، وَقَدْ عُلِمَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ الْمُكَلَّفُ مِنَ الْبَشَرِ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، وَمِنْ تَرْكِ بَعْضِ مَا أُمِرَ بِهِ ، حَتَّى يَخْرُجَ لِلَّهِ مِنْ كُلِّ مَا وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ ، فَيَجِبُ لِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْعَدْلَ هُوَ مَنْ عُرِفَ بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ وَلُزُومِ مَا أُمِرَ بِهِ ، وَتَوَقِّي مَا نُهِيَ عَنْهُ ، وَتَجَنُّبِ الْفَوَاحِشِ الْمُسْقِطَةِ ، وَتَحَرِّي الْحَقِّ وَالْوَاجِبِ فِي أَفْعَالِهِ وَمُعَامَلَتِهِ ، وَالتَّوَقِّي فِي لَفْظِهِ مَا يَثْلِمُ الدِّينَ وَالْمُرُوءَةَ ، فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ فَهُوَ الْمَوْصُوفُ بِأَنَّهُ عَدْلٌ فِي دِينِهِ ، وَمَعْرُوفٌ بِالصِّدْقِ فِي حَدِيثِهِ ، وَلَيْسَ يَكْفِيهِ فِي ذَلِكَ اجْتِنَابُ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ الَّتِي يُسَمَّى فَاعِلُهَا فَاسِقًا ، حَتَّى يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ مُتَوَقِّيًا لِمَا يَقُولُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ كَبِيرٌ ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا ، نَحْوَ الْكَذِبِ الَّذِي لَا يُقْطَعُ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرٌ ، وَنَحْوَ التَّطْفِيفِ بِحَبَّةٍ وَسِرْقَةِ بَاذِنْجَانَةٍ وَغِشِّ الْمُسْلِمِينَ بِمَا لَا يُقْطَعُ عِنْدَهُمْ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرٌ مِنَ الذُّنُوبِ ، لِأَجْلِ أَنَّ الْقَاذُورَاتِ وَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ عَلَى أَنَّهَا كَبَائِرُ يُسْتَحَقُّ بِهَا الْعِقَابُ ، فَقَدِ اتُّفِقَ عَلَى أَنَّ فَاعِلَهَا غَيْرُ مَقْبُولِ الْخَبَرِ وَالشَّهَادَةِ ، إِمَّا لِأَنَّهَا مُتَّهِمَةٌ لِصَاحِبِهَا وَمُسْقِطَةٌ لَهُ وَمَانِعَةٌ مِنْ ثِقَتِهِ وَأَمَانَتِهِ ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ ، فَإِنَّ الْعَادَةَ مَوْضُوعَةٌ عَلَى أَنَّ مَنِ احْتَمَلَتْ أَمَانَتُهُ سَرِقَةَ بَصَلَةٍ وَتَطْفِيفَ حَبَّةٍ ، احْتَمَلَتِ الْكَذِبَ وَأَخْذَ الرُّشَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَوَضْعَ الْكَذِبِ فِي الْحَدِيثِ وَالِاكْتِسَابَ بِهِ ، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الذُّنُوبُ فِي إِسْقَاطِهَا لِلْخَبَرِ وَالشَّهَادَةِ بِمَثَابَةِ مَا اتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ فِسْقٌ يُسْتَحَقُّ بِهِ الْعِقَابُ ، وَجَمِيعُ مَا أَضْرَبْنَا عَنْ ذِكْرِهِ مِمَّا لَا يَقْطَعُ قَوْمٌ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرٌ ، وَقَدِ اتُّفِقَ عَلَى وُجُوبِ رَدِّ خَبَرِ فَاعِلِهِ وَشَهَادَتِهِ ، فَهَذِهِ سَبِيلُهُ فِي أَنَّهُ يَجِبُ كَوْنُ الشَّاهِدِ وَالْمُخْبِرِ سَلِيمًا مِنْهُ ، وَالْوَاجِبُ عِنْدَنَا أَنْ لَا يَرُدَّ الْخَبَرُ وَلَا الشَّهَادَةُ إِلَّا بِعِصْيَانٍ قَدِ اتُّفِقَ عَلَى رَدِّ الْخَبَرِ وَالشَّهَادَةِ بِهِ ، وَمَا يَغْلِبُ بِهِ ظَنُّ الْحَاكِمِ وَالْعَالِمِ أَنَّ مُقْتَرِفَهُ غَيْرُ عَدْلٍ وَلَا مَأْمُونٍ عَلَيْهِ الْكَذِبُ فِي الشَّهَادَةِ ، وَالْخَبَرِ وَلَوْ عَمِلَ الْعُلَمَاءُ وَالْحُكَّامُ عَلَى أَنْ لَا يَقْبَلُوا خَبَرًا وَلَا شَهَادَةً إِلَّا مِنْ مُسْلِمٍ بَرِيءٍ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ لَمْ يُمْكِنْ قَبُولُ شَهَادَةِ أَحَدٍ وَلَا خَبَرِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَخْبَرَ بِوُقُوعِ الذُّنُوبِ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَلَوْ لَمْ يَرُدَّ خَبَرُ صَاحِبِ ذَلِكَ وَشَهَادَتُهُ بِحَالٍ لَوَجَبَ أَنْ يُقْبَلَ خَبَرُ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ وَشَهَادَتُهُمَا وَذَلِكَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ فِي جِمَاعِ صِفَةِ الْعَدْلِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ "
بَابُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْعَدَالَةَ هِيَ إِظْهَارُ الْإِسْلَامِ وَعَدَمُ الْفِسْقِ الظَّاهِرِ الطَّرِيقُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْعَدْلِ الْمَعْلُومِ عَدَالَتُهُ مَعَ إِسْلَامِهِ ، وَحُصُولِ أَمَانَتِهِ وَنَزَاهَتِهِ وَاسْتِقَامَةِ طَرَائِقِهِ ، لَا سَبِيلَ إِلَيْهَا إِلَّا بِاخْتِبَارِ الْأَحْوَالِ ، وَتَتَبُّعِ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَحْصُلُ
⦗ص: 82⦘
مَعَهَا الْعِلْمُ مِنْ نَاحِيَةِ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِالْعَدَالَةِ. وَزَعَمَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنَّ الْعَدَالَةَ هِيَ إِظْهَارُ الْإِسْلَامِ وَسَلَامَةُ الْمُسْلِمِ مِنْ فِسْقٍ ظَاهِرٍ ، فَمَتَى كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا
وَاحْتَجُّوا بِمَا أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْهَاشِمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ اللُّؤْلُؤِيُّ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، ثنا الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي ثَوْرٍ ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ ح ، وَثَنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا الْحُسَيْنُ يَعْنِي الْجُعْفِيَّ ، عَنْ زَائِدَةَ الْمَعْنِيِّ ، عَنْ سِمَاكٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلَالَ ـ قَالَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ يَعْنِي رَمَضَانَ ـ فَقَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ؟ قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ:«أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟» قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ:«يَا بِلَالُ ، أَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا» قَالُوا: فَقَبِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَبَرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْتَبِرَ عَدَالَتَهُ بِشَيْءٍ سِوَى ظَاهِرِ إِسْلَامِهِ ، فَيُقَالُ لَهُمْ: إِنَّ كَوْنَهُ أَعْرَابِيًّا لَا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِهِ عَدْلًا ، وَلَا مِنْ تَقَدُّمِ مَعْرِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَدَالَتِهِ ، أَوْ إِخْبَارِ قَوْمٍ لَهُ بِذَلِكَ مِنْ حَالِهِ ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ الْوَحْي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِتَصْدِيقِهِ ، وَفِي الْجُمْلَةِ فَمَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اقْتَصَرَ فِي قَبُولِ خَبَرِهِ عَلَى ظَاهِرِ إِسْلَامِهِ فَحَسْبُ ". عَلَى أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ قَالَ: إِنَّمَا قَبِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَبَرَهُ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِهِ سَاعَةَ إِسْلَامِهِ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ طَاهِرًا مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، بِمَثَابَةِ مَنْ عُلِمَ عَدَالَتُهُ فَإِسْلَامُهُ عَدَالَةٌ لَهُ ، وَلَوْ تَطَاوَلَتْ بِهِ الْأَيَّامُ لَمْ يُعْلَمْ بَقَاؤُهُ عَلَى طَهَارَتِهِ الَّتِي هِيَ عَدَالَةٌ لَهُ. وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ الصَّحَابَةَ عَمِلُوا بِأَخْبَارِ النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَمَنْ تَحَمَّلَ الْحَدِيثَ طِفْلًا وَأَدَّاهُ بَالِغًا. وَاعْتَمَدُوا فِي الْعَمَلِ بِالْأَخْبَارِ عَلَى ظَاهِرِ الْإِسْلَامِ ، فَيُقَالُ لَهُمْ: هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ ، وَلَا نَعْلَمُ الصَّحَابَةَ قَبِلُوا خَبَرَ أَحَدٍ إِلَّا بَعْدَ اخْتِبَارِ حَالِهِ وَالْعِلْمِ بِسَدَادِهِ وَاسْتِقَامَةِ مَذَاهِبِهِ وَصَلَاحِ طَرَائِقِهِ ، وَهَذِهِ صِفَةُ جَمِيعِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِنَّ مِنَ النِّسْوَةِ اللَّاتِي رَوَيْنَ عَنْهُ وَكُلِّ مُتَحَمِّلٍ لِلْحَدِيثِ عَنْهُ ،
⦗ص: 83⦘
صَبِيًّا ثُمَّ رَوَاهُ كَبِيرًا ، وَكُلِّ عَبْدٍ قُبِلَ خَبَرُهُ فِي أَحْكَامِ الدِّينِ ، يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه رَدَّ خَبَرَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي إِسْقَاطِ نَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا ، لَمَّا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا ، مَعَ ظُهُورِ إِسْلَامِهَا وَاسْتِقَامَةِ طَرِيقَتِهَا
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ اللُّؤْلُؤِيُّ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ، ثنا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ: كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ مَعَ الْأَسْوَدِ فَقَالَ: أَتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ: «مَا كُنَّا لِنَدَعَ كِتَابَ رَبِّنَا ، وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ ، لَا تَدْرِي أَحَفِظَتْ أَمْ لَا» وَهَكَذَا اشْتُهِرَ الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ مَا: حَدَّثَنِي أَحَدٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا اسْتَحْلَفْتُهُ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُهُ الْمُسْلِمُونَ وَيَسْتَحْلِفُهُمْ ، مَعَ ظُهُورِ إِسْلَامِهِمْ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَحْلِفُ فَاسِقًا وَيَقْبَلُ خَبَرَهُ ، بَلْ لَعَلَّهُ مَا كَانَ يَقْبَلُ خَبَرَ كَثِيرٍ مِمَّنْ يَسْتَحْلِفُهُمْ ، مَعَ ظُهُورِ إِسْلَامِهِمْ وَبَذْلِهِمْ لَهُ الْيَمِينَ ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ رُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ رُدُّوا أَخْبَارًا رُوِيَتْ لَهُمْ وَرُوَاتُهَا ظَاهِرُهُمُ الْإِسْلَامُ ، فَلَمْ يُطْعَنْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ ، وَلَا خُولِفُوا فِيهِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَذْهَبٌ لِجَمِيعِهِمْ ، إِذْ لَوْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى خِلَافِهِ لَوَجَبَ بِمُسْتَقَرِّ الْعَادَةِ نَقْلُ قَوْلِهِ إِلَيْنَا ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي عَدَالَةِ الشُّهُودِ عَلَى مَا يَقْتَضِي الْحُدُودَ إِظْهَارُ الْإِسْلَامِ ، دُونَ تَأَمُّلِ أَحْوَالِ الشُّهُودِ وَاخْتِبَارِهَا ، وَهَذَا يُوجِبُ اخْتِبَارَ حَالِ الْمُخْبِرِ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَحَالِ الشُّهُودِ بِجَمِيعِ الْحُقُوقِ ، بَلْ قَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: إِنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِظْهَارُ فِي الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَةِ الْمُخْبِرِ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ فِي عَدَالَةِ الشَّاهِدِ ، فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْعَدَالَةَ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى ظُهُورِ الْإِسْلَامِ ، يَحْصُلُ بِتَتَبُّعِ الْأَفْعَالِ وَاخْتِبَارِ الْأَحْوَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ أَبُو الْفَضْلِ الصَّيْرَفِيُّ وَحَمْدَانُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ حَمْدَانَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّحَّانُ ، قَالَا: أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ، ثنا شَيْبَانُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ ، قَالَ: شَهِدَ رَجُلٌ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِشَهَادَةٍ ، فَقَالَ لَهُ:" لَسْتُ أَعْرِفُكَ ، وَلَا يَضُرُّكَ أَلَّا أَعْرِفَكَ ، ائْتِ بِمَنْ يَعْرِفُكَ ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أنا أَعْرِفُهُ ، قَالَ: فَبِأَيِّ شَيْءٍ تَعْرِفُهُ؟ قَالَ: بِالْعَدَالَةِ وَالْفَضْلِ ، قَالَ: فَهُوَ جَارُكَ الْأَدْنَى الَّذِي تَعْرِفُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ وَمُدْخَلَهُ وَمُخْرَجَهُ؟ قَالَ: لَا ، قَالَ: فَمُعَامِلُكَ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ اللَّذَيْنِ بِهِمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الْوَرَعِ؟ قَالَ: لَا ، قَالَ: فَرَفِيقُكَ فِي السَّفَرِ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ؟ قَالَ: لَا ، قَالَ: لَسْتَ تَعْرِفُهُ ، ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ: ائْتِ بِمَنْ يَعْرِفُكَ "
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الطَّنَاجِيرِيُّ، ثنا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الْوَاعِظُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغَلِّسِ، ثنا أَبُو هَمَّامٍ، ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا مَصَادُ بْنُ عُقْبَةَ الْبَصْرِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَلِيسٌ لِقَتَادَةَ ، قَالَ: أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ:" هَلْ صَحِبْتَهُ فِي سَفَرٍ قَطُّ؟ قَالَ: لَا ، قَالَ: هَلِ ائْتَمَنْتَهُ عَلَى أَمَانَةٍ قَطُّ؟ قَالَ: لَا ، قَالَ: هَلْ كَانَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ مُدَارَاةٌ فِي حَقٍّ؟ قَالَ: لَا ، قَالَ: اسْكُتْ ، فَلَا أَرَى لَكَ بِهِ عِلْمًا ، أَظُنُّكَ وَاللَّهِ رَأَيْتَهُ فِي الْمَسْجِدِ يَخْفِضُ رَأْسَهُ وَيَرْفَعُهُ "
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ ، قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَخِيتٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَرَّاقُ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ عَفَّانَ ، يَقُولُ: قَالَ لِي أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: «مَا رَأَيْتُ الصَّالِحَ يَكْذِبُ فِي شَيْءٍ أَكْثَرَ مِنَ الْحَدِيثِ»
بَابُ ذِكْرِ لَفْظِ الْمُعَدِّلِ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ الْعَدَالَةُ لِمَنْ عَدَّلَهُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي لَفْظِ الْمُعَدِّلِ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ الْعَدَالَةُ لِمَنْ عَدَّلَهُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمَقْبُولُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: هُوَ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ لِي وَعَلَيَّ ، وَقَالَ آخَرُونَ: يَكْفِي أَنْ يَقُولَ: هُوَ عَدْلٌ رِضًا
⦗ص: 85⦘
. وَقَالَ غَيْرُهُمْ: يَجِبُ أَنْ يَقُولَ: هُوَ عَدْلٌ مَقْبُولٌ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ: هُوَ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِرَاقِ: إِذَا قَالَ: لَا أَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا ، كَانَ ذَلِكَ تَعْدِيلًا
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَدِّلُ، أنا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ سَلَّامٍ السَّوَّاقُ، ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، (ح) وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَفَّانُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ، قَالَ: " أَقْطَعَنِي: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَرْضَ كَذَا وَكَذَا ، فَذَهَبَ الزُّبَيْرُ إِلَى آلِ عُمَرَ فَاشْتَرَى نَصِيبَهُ مِنْهُمْ ، فَأَتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَقَالَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَهُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَرْضَ كَذَا وَكَذَا ، وَإِنِّي اشْتَرَيْتُ نَصِيبَ آلِ عُمَرَ ، فَقَالَ عُثْمَانُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ جَائِزُ الشَّهَادَةِ لَهُ وَعَلَيْهِ «وَلَفْظُ الْحَدِيثِ لِابْنِ حَنْبَلٍ وَهُوَ أَتَمُّ»
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَشِيُّ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، أنا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ كُرَيْبٍ ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ:«أَنْتَ عِنْدَنَا الْعَدْلُ الرِّضَا ، فَمَاذَا سَمِعْتَ؟» وَهَذَا الْقَوْلُ كَافٍ فِي التَّزْكِيَةِ ، لِأَنَّ الْوَصْفَ بِالْعَدَالَةِ جَامِعٌ لِلْخِلَالِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا فِي بَابِ صِفَةِ الْعَدَالَةِ ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ رِضًا تَأْكِيدٌ ، وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّهُ مِنَ الْعُدُولِ الَّذِينَ يُرْضَوْنَ لِلشَّهَادَةِ ، لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا سَالِمًا مِنَ الْفِسْقِ ، وَلَا يُرْتَضَى لِلشَّهَادَةِ ، لِأَجْلِ غَفْلَةٍ فِيهِ وَضَعْفٍ ، وَكَثْرَةِ سَهْو ، وَقِلَّةِ عِلْمٍ بِمَا يَشْهَدُ بِهِ ، وَمَا يَجِبُ أَنْ يَتَحَمَّلَهُ ، وَذَلِكَ أَجْمَعُ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ ، غَيْرُ قَادِحٍ فِي أَمَانَتِهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيُّ الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي أَبِي، أنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَدْلُ الرِّضَا الْأَمِينُ ، عَلَى مَا تُغَيِّبُ عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ "
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ غَيْلَانَ، أنا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مِسْعَرٌ، ثنا حَبِيبٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي ثَابِتٍ ، " أَنَّ عُمَرَ ، سَأَلَ عَنْ رَجُلٍ ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا ، قَالَ: حَسْبُكَ " وَهَذَا الْقَوْلُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْعَدَالَةَ هِيَ ظَاهِرُ الْإِسْلَامِ مَعَ عَدَمِ الْفِسْقِ ، فَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ لِي وَعَلَيَّ ، فَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الطَّيِّبِ فِيمَا حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَالِكِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا مَرْضِيًّا ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ قَبُولُ قَوْلِهِ وَشَهَادَتِهِ لِمُزَكِّيهِ ، إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مِنَ النَّسَبِ وَالْخِلْطَةِ وَلَطِيفِ الصَّدَاقَةِ مَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ ، وَكَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ عَدُوًّا لَهُ ، قَالَ: وَالَّذِي يَجِبُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُعَدِّلُ مِنَ اللَّفْظِ فِي التَّعْدِيلِ مَا يُبَيِّنُ بِهِ كَوْنُهُ عَدْلًا مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ ، فَأَيُّ قَوْلٍ أَتَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ يَأْتِي عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ: إِنَّهُ عَدْلٌ رِضًا ، أَوْ عَدْلٌ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ ، قُبِلَ وَأَجْزَأَتْ تَزْكِيَتُهُ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأُمَّةِ إِجْمَاعٌ ثَابِتٌ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ عَلَى مُرَاعَاةِ لَفْظٍ مَخْصُوصٍ فِي التَّعْدِيلِ لَا بُدَّ مِنْهُ ، وَلَا يَقَعُ إِلَّا بِهِ ، هَذَا مُوجَبُ الْقِيَاسِ وَالْمَطْلُوبُ فِي التَّعْدِيلِ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَقَدْ أَسْلَفْنَا مِنَ الْقَوْلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ فِي أَلْفَاظِ تَعْدِيلِ الْمُحَدِّثِينَ وَتَنْزِيلِهَا مَا لَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى إِعَادَتِهِ
بَابٌ فِي أَنَّ الْمُحَدِّثَ الْمَشْهُورَ بِالْعَدَالَةِ وَالثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَزْكِيَةِ الْمُعَدِّلِ مِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَشُعْبَةَ بْنَ الْحَجَّاجِ وَأَبَا عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيَّ وَاللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ وَحَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى
⦗ص: 87⦘
بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ وَوَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ وَعَفَّانَ بْنَ مُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَعَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ وَيَحْيَى بْنَ مَعِينٍ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ فِي نَبَاهَةِ الذِّكْرِ وَاسْتِقَامَةِ الْأَمْرِ وَالِاشْتِهَارِ بِالصِّدْقِ وَالْبَصِيرَةِ وَالْفَهْمِ ، لَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَتِهِمْ ، وَإِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ مَنْ كَانَ فِي عِدَادِ الْمَجْهُولِينَ ، أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ عَلَى الطَّالِبِينَ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، ثنا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، " وَسُئِلَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ ، فَقَالَ: مِثْلُ إِسْحَاقَ يُسْأَلُ عَنْهُ إِسْحَاقُ عِنْدَنَا إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ "
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمُّوَيْهِ الْهَمَذَانِيُّ بِهَا، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيرَازِيُّ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَحْمَدَ الْمُسْتَمْلِي يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ طَرْخَانَ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَقِيلٍ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ حَمْدَانَ بْنَ سَهْلٍ ، يَقُولُ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنِ الْكِتَابَةِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ وَالسَّمَاعِ ، مِنْهُ ، فَقَالَ:«مِثْلِي يُسْأَلُ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ؟ أَبُو عُبَيْدٍ يُسْأَلُ عَنِ النَّاسِ» حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَالِكِيُّ ، أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّيِّبِ قَالَ: وَالشَّاهِدُ وَالْمُخْبِرُ إِنَّمَا يَحْتَاجَانِ إِلَى التَّزْكِيَةِ مَتَى لَمْ يَكُونَا مَشْهُورِي الْعَدَالَةِ وَالرِّضَا ، وَكَانَ أَمْرُهُمَا مُشْكِلًا مُلْتَبِسًا وَمُجَوَّزًا فِيهِ الْعَدَالَةُ وَغَيْرُهَا ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْعِلْمَ بِظُهُورِ سَتْرِهِمَا وَاشْتِهَارِ عَدَالَتِهِمَا أَقْوَى فِي النُّفُوسِ مِنْ تَعْدِيلِ وَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ يَجُوزُ عَلَيْهِمَا الْكَذِبُ وَالْمُحَابَاةُ فِي تَعْدِيلِهِ ، وَأَغْرَاضٌ دَاعِيَةٌ لَهُمَا إِلَى وَصْفِهِ بِغَيْرِ صِفَتِهِ ، وَبِالرُّجُوعِ إِلَى النُّفُوسِ يُعْلَمُ أَنَّ ظُهُورَ ذَلِكَ مِنْ حَالِهِ أَقْوَى فِي النَّفْسِ مِنْ تَزْكِيَةِ الْمُعَدِّلِ لَهُمَا ، فَصَحَّ بِذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ نِهَايَةَ حَالِ تَزْكِيَةِ الْعَدْلِ أَنْ يَبْلُغَ مَبْلَغَ ظُهُورِ سَتْرِهِ ، وَهِيَ لَا تَبْلُغُ ذَلِكَ أَبَدًا ، فَإِذَا ظَهَرَ ذَلِكَ فَمَا الْحَاجَةُ إِلَى التَّعْدِيلِ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ ، فِي كِتَابِهِ إِلَيْنَا، أنا أَبُو الْمَيْمُونِ الْبَجَلِيُّ، ثنا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو، وَقَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ
⦗ص: 88⦘
الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: «لَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ إِلَّا مِمَّنْ شُهِدَ لَهُ بِالطَّلَبِ» : قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فَسَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُولُ: «إِلَّا جَلِيسَ الْعَالِمِ فَإِنَّ ذَلِكَ طَلَبُهُ» قَالَ الْخَطِيبُ: أَرَادَ أَبُو مُسْهِرٍ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنَّ مَنْ عُرِفَتْ مُجَالَسَتُهُ لِلْعُلَمَاءِ وَأَخْذُهُ عَنْهُمْ ، أَغْنَى ظُهُورُ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ حَالِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ