الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَمَّا أَوْجَبَ الْعَمَلَ بِهِ وَجَبَ الْعِلْمُ بِصِدْقِهِ وَصِحَّتِهِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36]، وَقَوْلِهِ {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 169] فَإِنَّهُ أَيْضًا بَعِيدٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا عَنَى تَعَالَى بِذَلِكَ أَنْ لَا تَقُولُوا فِي دِينِ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ إِيجَابَهُ ، وَالْقَوْلُ وَالْحُكْمُ بِهِ عَلَيْكُمْ ، وَلَا تَقُولُوا سَمِعْنَا وَرَأَيْنَا وَشَهِدْنَا ، وَأَنْتُمْ لَمْ تَسْمَعُوا وَتَرَوْا وَتُشَاهِدُوا ، وَقَدْ ثَبَتَ إِيجَابُهُ تَعَالَى عَلَيْنَا الْعَمَلَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَتَحْرِيمِ الْقَطْعِ عَلَى أَنَّهُ صَدَقَ أَوْ كَذَبَ ، فَالْحُكْمُ بِهِ مَعْلُومٌ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ ، وَشَهَادَةٌ بِمَا يَعْلَمُ وَيَقْطَعُ بِهِ ، وَلَوْ كَانَ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى صِدْقِ خَبَرِ الْوَاحِدِ لَدَلَّ عَلَى صِدْقِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ صِدْقِ يَمِينِ الطَّالِبِ لِلْحَقِّ ، وَأَوْجَبَ الْقَطْعَ بِإِيمَانِ الْإِمَامِ وَالْقَاضِي وَالْمُفْتِي ، إِذْ لَزِمَنَا الْمَصِيرُ إِلَى أَحْكَامِهِمْ وَفَتْوَاهُمْ ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَوْلُ فِي الدِّينِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، وَهَذَا عَجْزٌ مِمَّنْ تَعَلَّقَ بِهِ ، فَبَطَلَ مَا قَالُوهُ "
بَابُ ذِكْرِ بَعْضِ الدَّلَائِلِ عَلَى صِحَّةِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَوُجُوبِهِ قَدْ أَفْرَدْنَا لِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ كِتَابًا ، وَنَحْنُ نُشِيرُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، إِذْ كَانَ مُقْتَضِيًا لَهُ. فَمِنْ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ مَا ظَهَرَ وَاشْتَهَرَ عَنِ الصَّحَابَةِ مِنَ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْحِيرِيُّ، أنا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْقِلٍ الْمَيْدَانِيُّ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، ثنا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خَرَشَةَ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ، قَالَ: جَاءَتِ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا ، فَقَالَ لَهَا: مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ ، وَلَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا ، فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ ، فَسَأَلَ النَّاسَ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ:«حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهَا السُّدُسَ» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ؟ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ مِثْلَمَا قَالَ الْمُغِيرَةُ ، فَأَنْفَذَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ جَاءَتِ
⦗ص: 27⦘
الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا ، فَقَالَ: مَالَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ ، وَمَا الْقَضَاءُ الَّذِي بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِهِ إِلَّا لِغَيْرِكِ ، وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ ، وَلَكِنْ هُوَ ذَلِكَ السُّدُسُ ، فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فِيهِ فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا "
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَدِّلِ، أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثنا الْفِرْيَابِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ بَجَالَةَ ، قَالَ:«لَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ مِنَ الْمَجُوسِ الْجِزْيَةَ ، حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ»
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أنا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيَّ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ ابِنْةِ كَعْبٍ أَنَّ الْفُرَيْعَةَ ابِنْةَ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ ، وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا ، جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهَا فِي خُدْرَةَ ، فَإِنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِطَرَفِ الْقَدُومِ لَحِقَهُمْ فَقَتَلُوهُ ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ وَلَا نَفَقَةٍ فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ» قَالَتْ: فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي ، أَوْ أَمَرَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَدُعِيتُ لَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كَيْفَ قُلْتِ؟» قَالَتْ: فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي فَقَالَ: «امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» ، قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَاتَّبَعَهُ وَقَضَى بِهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّاهِدُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَخْتَرِيُّ الْمَادِرَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُنَادِي، ثنا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ
⦗ص: 28⦘
، ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ أَسْمَاءِ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنِي حَدِيثًا نَفَعَنِي اللَّهُ بِمَا شَاءَ مِنْهُ ، وَإِذَا حَدَّثَنِي غَيْرِي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ أَرْضَ حَتَّى يَحْلِفَ لِي أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا مِنْ إِنْسَانٍ يُصِيبُ ذَنْبًا فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِيهِمَا إِلَّا غَفَرَ لَهُ»
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَشِيُّ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ السَّهْمِيُّ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ، قَالَ وَهُوَ عَلَيْنَا أَمِيرٌ: مَنْ أُعْطِيَ بِدِينَارٍ مِائَةَ دِينَارٍ فَلْيَأْخُذْهَا ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ ، لَا زِيَادَةَ فِيهِ ، وَمَا زَادَ فَهُوَ رِبًا» فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ فَسَلْ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنْ ذَلِكَ ، فَانْطَلَقَ فَسَأَلَ أَبَا سَعِيدٍ فَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو سَعِيدٍ فَاسْتَغْفَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ اللَّهَ وَقَالَ: هَذَا رَأْي رَأَيْتُهُ
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ، أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ اللَّيْثِ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، كَانَ يُكْرِي الْمَزَارِعَ فَحُدِّثَ أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يَأْثِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ ، قَالَ نَافِعٌ: فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَأَنَا مَعَهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ رَافِعٌ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ» فَتَرَكَ عَبْدُ اللَّهِ كِرَاءَهَا "
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ هَارُونَ بْنِ الصَّلْتِ الْأَهْوَازِيُّ
⦗ص: 29⦘
، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَطِيرِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ ، نا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ح وَأَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، أنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنا الشَّافِعِيُّ، أنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا وَعَقِلَهَا ـ لَمْ يَقُلِ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَعَقِلَهَا ، وَزَادَ: وَأَدَّاهَا ـ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ، ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهَا قَلْبُ مُسْلِمٍ، إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ ، وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ ، فَإِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ " - لَفْظُ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ
أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكَاتِبِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَلْمٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الْجَوْهَرِيُّ ، (ح) وَأنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْهَمَذَانِيُّ، ثنا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَانَ الطَّرَائِفِيُّ ، قَالَا: ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: " فَلَمَّا نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى اسْتِمَاعِ مَقَالَتِهِ وَحِفْظِهَا وَأَدَائِهَا امْرَأً يُؤَدِّيهَا ، وَالِامْرُؤُ وَاحِدٌ ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ أَنْ يُؤَدَّى عَنْهُ إِلَّا مَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ أُدِّيَ إِلَيْهِ ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُؤَدَّى عَنْهُ حَلَالٌ يُؤْتَى ، وَحَرَامٌ يُجْتَنَبُ ، وَحَدٌّ يُقَامُ ، وَمَالٌ يُؤْخَذُ وَيُعْطَى ، وَنَصِيحَةٌ فِي دَيْنٍ وَدُنْيَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَهْلُ قُبَاءَ أَهْلُ سَابِقَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَفِقْهٍ ، وَقَدْ كَانُوا عَلَى قِبْلَةٍ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ اسْتِقْبَالَهَا ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَدَعُوا فَرْضَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي الْقِبْلَةِ إِلَّا بِمَا تَقُومُ عَلَيْهِمْ بِهِ الْحُجَّةُ ، وَلَمْ يَلْقَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَسْمَعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ ، فَيَكُونُوا مُسْتَقْبِلِينَ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم سَمَاعًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا بِخَبَرِ عَامَّةٍ ، وَانْتَقَلُوا بِخَبَرِ وَاحِدٍ ، إِذْ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ عَنْ فَرْضٍ كَانَ عَلَيْهِمْ فَتَرَكُوهُ إِلَى مَا أَخْبَرَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أُحْدِثَ عَلَيْهِمْ
⦗ص: 30⦘
مِنْ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَلَمْ يَكُونُوا لِيَفْعَلُوهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَبَرِ وَاحِدٍ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ بِأَنَّ الْحُجَّةَ تَثْبُتُ بِمِثْلِهِ ، إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ ، وَلَا لِيُحْدِثُوا أَيْضًا مِثْلَ هَذَا الْعَظِيمِ فِي دِينِهِمْ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ بِأَنَّ لَهُمْ إِحْدَاثَهُ ، وَلَا يَدَعُونَ أَنْ يُخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا صَنَعُوا مِنْهُ ، وَلَوْ كَانَ مَا قَبِلُوا مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ فَرْضٌ مِمَّا لَا يَجُوزُ ، لَقَالَ لَهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ: قَدْ كُنْتُمْ عَلَى قِبْلَةٍ وَلَمْ يَكُنْ لَكُمْ تَرْكُهَا إِلَّا بَعْدَ عِلْمٍ تَقُومُ بِهِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ مِنْ سَمَاعِكُمْ مِنِّي أَوْ خَبَرِ عَامَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ خَبَرِ وَاحِدٍ عَنِي ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ وَالِيًا عَلَى الْحَجِّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ ، وَحَضَرَ الْحَجَّ مِنْ أَهْلِ بُلْدَانٍ مُخْتَلِفِينَ وَشُعُوبٍ مُتَفَرِّقَةٍ ، فَأَقَامَ لَهُمْ مَنَاسِكَهُمْ ، وَأَخْبَرَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا لَهُمْ وَمَا عَلَيْهِمْ ، وَبَعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ فِي مَجْمَعِهِمْ يَوْمَ النَّحْرِ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ بَرَاءَةٌ وَنَبَذَ إِلَى قَوْمٍ عَلَى سَوَاءٍ ، وَجَعَلَ لِقَوْمٍ مَدَدًا وَنَهَاهُمْ عَنْ أُمُورٍ ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ مَعْرُوفَيْنِ عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ بِالْفَضْلِ وَالدِّينِ وَالصِّدْقِ ، وَكَانَ مَنْ جَهِلَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا مِنَ الْحَاجِّ وَجَدَ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ صِدْقِهِمَا وَفَضْلِهِمَا ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَبْعَثَ وَاحِدًا إِلَّا وَاحِدًا حُجَّةٌ قَائِمَةٌ بِخَبَرِهِ عَلَى مَنْ بَعَثَهُ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفَرَّقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عُمَّالًا عَلَى نَوَاحِيَ عَرَفْنَا أَسْمَاءَهُمْ وَالْمَوَاضِعَ الَّتِي فَرَّقَهُمْ عَلَيْهَا ، فَبَعَثَ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ وَالزِّبْرِقَانَ بْنَ بَدْرٍ وَابْنَ نُوَيْرَةَ إِلَى عَشَائِرِهِمْ ، لِعِلْمِهِ بِصِدْقِهِمْ عِنْدَهُمْ. وَقَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ الْبَحْرَيْنِ فَعَرَفُوا مَنْ مَعَهُ ، فَبَعَثَ مَعَهُمُ ابْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، وَبَعَثَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُقَاتِلَ بِمَنْ أَطَاعَهُ مَنْ عَصَاهُ ، وَيُعَلِّمُهُمْ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ ، لِمَعْرِفَتِهِمْ بِمُعَاذٍ وَمَكَانِهِ مِنْهُمْ وَصِدْقِهِ فِيهِمْ ، وَكُلُّ مَنْ وَلَّى فَقَدْ أَمَرَهُ بِأَخْذِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى مَنْ وَلَّاهُ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ عِنْدَنَا فِي أَحَدٍ مِمَّنْ قَدِمَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ وَاحِدٌ ، وَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنَّا مَا لَمْ نَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِنَّهُ عَلَيْنَا ،
⦗ص: 31⦘
وَلَا أَحْسَبُهُ بَعَثَهُمْ مَشْهُورِينَ فِي النَّوَاحِي الَّتِي بَعَثَهُمْ إِلَيْهَا بِالصِّدْقِ ، إِلَّا لِمَا وَصَفْتُ مِنْ أَنْ تَقُومَ الْحُجَّةُ بِمِثْلِهِمْ عَلَى مَنْ بَعَثَهُ إِلَيْهِ "