الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي الْمُحَدِّثِ يَرْوِي حَدِيثًا عَنِ الرَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا مَجْرُوحٌ هَلْ يَجُوزُ لِلطَّالِبِ أَنْ يُسْقِطَ اسْمَ الْمَجْرُوحِ وَيَقْتَصِرَ عَلَى حَمْلِ الْحَدِيثِ عَنِ الثِّقَةِ وَحْدَهُ؟ مِثَالُ ذَلِكَ
مَا أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ أَوَّلَ يَوْمِ ضَحَّى ، وَهِيَ وَاحِدَةٌ ، وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَبَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ» وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الْحَدِيثُ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، وَابْنِ لَهِيعَةَ ، أَوْ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، وَابْنِ لَهِيعَةَ فَإِنَّ
⦗ص: 378⦘
ابْنَ لَهِيعَةَ مَجْرُوحٌ ، وَمَنْ عَدَاهُ كُلُّهُمْ ثِقَةٌ ، وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلطَّالِبِ أَنْ يُسْقِطَ الْمَجْرُوحَ ، وَيَجْعَلَ الْحَدِيثَ عَنِ الثِّقَةِ وَحْدَهُ ، خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي حَدِيثِ الْمَجْرُوحِ مَا لَيْسَ فِي حَدِيثِ الثِّقَةِ ، وَرُبَّمَا كَانَ الرَّاوِي قَدْ أَدْخَلَ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ فِي الْآخَرِ وَحَمَلَهُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ مِثْلِ هَذَا فِي الْحَدِيثِ يُرْوَى عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، وَأَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ أَنَسٍ فَقَالَ فِيهِ نَحْوًا مِمَّا ذَكَرْنَا
قَرَأْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْبَرْمَكِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ، أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، قِيلَ لَهُ:" فَإِذَا كَانَ الْحَدِيثُ عَنْ ثَابِتٍ ، وَأَبَانَ عَنْ أَنَسٍ ، يَجُوزُ أَنْ أُسَمِّيَ ثَابِتًا وَأَتْرُكَ أَبَانًا؟ قَالَ: لَا ، لَعَلَّ فِي حَدِيثِ أَبَانَ شَيْئًا لَيْسَ فِي حَدِيثِ ثَابِتٍ ، وَقَالَ: إِنْ كَانَ هَكَذَا فَأُحِبُّ أَنْ يُسَمِّيَهُمَا " وَكَانَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي مِثْلِ هَذَا رُبَّمَا يُسْقِطُ الْمَجْرُوحَ مِنَ الْإِسْنَادِ وَيَذْكُرُ الثِّقَةَ ، ثُمَّ يَقُولُ: وَآخَرُ كِنَايَةً عَنِ الْمَجْرُوحِ ، وَهَذَا الْقَوْلُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ ، لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ ذِكْرُ الْآخَرِ لِأَجْلِ مَا اعْتَلَلْنَا بِهِ ، فَإِنَّ خَبَرَ الْمَجْهُولِ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ ، وَإِثْبَاتُ ذِكْرِهِ وَإِسْقَاطُهُ سَوَاءٌ ، إِذْ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ ، وَإِنْ كَانَ عَوَّلَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ هُوَ بِهِ ، فَلِمَاذَا ذَكَرَهُ بِالْكِنَايَةِ عَنْهُ ، وَلَيْسَ بِمَحَلِّ الْأَمَانَةِ عِنْدَهُ ، وَلَا أَحْسَبُ إِلَّا اسْتَجَازَ إِسْقَاطَ ذِكْرِهِ وَالِاقْتِصَارَ عَلَى الثِّقَةِ ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ اتِّفَاقُ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ ، وَاحْتَاطَ مَعَ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْكِنَايَةِ عَنْهُ مَعَ الثِّقَةِ تَوَرُّعًا ، وَإِنْ كَانَ لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَيْهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ