الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ ذِكْرِ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَبُولِ الْمَرَاسِيلِ وَإِيجَابِ الْعَمَلِ بِهَا وَالرَّدِ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ مَنِ احْتَجَّ بِصِحَّةِ الْمَرَاسِيلِ: لَوْ كَانَ حُكْمُ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْقَطِعِ مُخْتَلِفًا لَبَيَّنَهُ عُلَمَاءُ السَّلَفِ ، وَلَأَلْزَمُوا أَنْفُسَهُمُ التَّحَفُّظَ مِنْ رِوَايَةِ كُلِّ مُرْسَلٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَنُّوا ذَلِكَ لِأَتْبَاعِهِمْ
، بَلْ كَانَ الْمُنْقَطِعُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ أَبْيَنَ حُجَّةً وَأَظْهَرَ قُوَّةً مِنَ الْمُتَّصِلِ؛ لِأَنَّ مَنْ وَصَلَ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْإِسْنَادِ ، إِذَا كَانَ لِمَا سَمِعَ مُؤَدِّيًا ، وَإِلَى الْأُمَّةِ مَا حَمَلَ مُسَلِّمًا ، وَإِذَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، كَانَ لِلشَّهَادَةِ قَاطِعًا ، وَلِصِدْقِ مَنْ رَوَاهُ لَهُ ضَامِنًا ، وَلَا يُظَنُّ بِثِقَةٍ عَدْلٍ أَنْ يَقُولَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا لِتَلَقِّيهِ خَبَرًا مُتَوَاطِئًا ، وَهَذَا الْكَلَامُ غَيْرُ صَحِيحٍ ، فَأَمَّا قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ حُكْمُ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْقَطِعِ مُخْتَلِفًا لَبَيَّنَهُ عُلَمَاءُ السَّلَفِ ، وَلَأَلْزَمُوا أَنْفُسَهُمُ التَّحَفُّظَ مِنْ رِوَايَةِ كُلِّ مُرْسَلٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَبَيَّنُوا ذَلِكَ لِأَتْبَاعِهِمْ ، فَإِنَّا نَقُولُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَيَّنُوا اخْتِلَافَ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْقَطِعِ ، هَذَا ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ لِإِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ
مَا أَخْبَرَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، أنا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ ، قَالَ:" جَلَسَ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ إِلَى الزُّهْرِيِّ ، فَجَعَلَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ شِهَابٍ: مَا لَكَ؟ قَاتَلَكَ اللَّهُ تُحَدِّثُ بِأَحَادِيثَ لَيْسَ لَهَا أَزِمَّةٌ ، وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِ ابْنِ شِهَابٍ شَبِيهٌ بِهَذَا الْمَعْنَى "
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ شُعْبَةَ الْبَصْرِيُّ، ثنا مُعْتَمِرٌ ، عَنْ كَهْمَسٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ:" لَوْ لَقِيتُ هَذَا ، يَعْنِي الْحَسَنَ لَنَهَيْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَلَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، إِلَّا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ "
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عُثْمَانُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا جَرِيرٌ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، قَالَ:«لَا تُحَدِّثْنِي عَنِ الْحَسَنِ ، وَلَا عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ بِشَيْءٍ ، فَإِنَّهُمَا لَا يُبَالِيَانِ عَمَّنْ أَخَذَا الْحَدِيثَ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ النَّيْسَابُورِيُّ الْأَعْرَجُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، أنا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْمُعَدَّلُ ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ شَاذَانَ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ صَخْرٍ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيَّ ، يَقُولُ:" سَأَلْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ قُلْتُ: الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى «مَنْ صَلَّى عَنْ أَبَوَيْهِ» فَقَالَ: مَنْ رَوَاهُ؟ قُلْتُ: شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ فَقَالَ: ثِقَةٌ ، عَمَّنْ؟ قُلْتُ: عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ فَقَالَ: ثِقَةٌ ، عَمَّنْ؟ فَقُلْتُ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ مَا بَيْنَ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَفَازَةٌ تَنْقَطِعُ فِيهَا أَعْنَاقُ الْإِبِلِ "
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ الْوَاسِطِيُّ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْفَرَجِ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيَّ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ ، يَقُولُ:«طَلَبُ الْإِسْنَادِ الْمُتَّصِلِ مِنَ الدِّينِ» وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَخْتَارُ الْأَحَادِيثَ الْمَوْقُوفَاتِ عَنِ الصَّحَابَةِ عَلَى الْمُرْسَلَاتِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كَذَلِكَ
حُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى ، أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: " قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: حَدِيثٌ مُرْسَلٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرِجَالٍ ثُبُتٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ حَدِيثٌ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ
⦗ص: 393⦘
وَالتَّابِعِينَ مُتَّصِلٌ بِرِجَالٍ ثُبُتٍ؟ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: عَنِ الصَّحَابَةِ أَعْجَبُ إِلَيَّ "
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، ثنا أَبُو عُبَيْدَةَ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى ابْنِ أَخِي هَنَّادٍ قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ الْقَاضِي ، قَالَ: حَدَّثَ ابْنُ السَّمَّاكِ وَسَأَلَهُ إِنْسَانٌ عَنْ إِسْنَادِ حَدِيثٍ فَقَالَ: «هَذَا مِنَ الْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا»
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْهَمَذَانِيُّ، ثنا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدَانَ، ثنا هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: " حَمَلَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَوْمًا عَلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَصَعِدَ فَوْقَ غُرْفَةٍ لَهُ، فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ: تُرِيدُ أَنْ يَتَفَرَّقُوا عَنْكَ حَدِّثْهُمْ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا ، يَأْمُرُنِي أَنْ أَصْعَدَ فَوْقَ الْبَيْتِ بِغَيْرِ دَرَجَةٍ " قَالَ صَالِحٌ: يَعْنِي أَنَّ الْحَدِيثَ بِلَا إِسْنَادٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ ، وَأَنَّ الْإِسْنَادَ دَرَجُ الْمُتُونِ ، بِهِ يُوصَلُ إِلَيْهَا "
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الدِّينَوَرِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي، ثنا الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ الْمُقْرِئَ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَعْدَانَ ، يَقُولُ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: «مَثَلُ الَّذِي يَطْلُبُ أَمْرَ دِينِهِ بِلَا إِسْنَادٍ كَمَثَلِ الَّذِي يَرْتَقِي السَّطْحَ بِلَا سُلَّمٍ»
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو عِيسَى أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا جَدِّي ، قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ عَنْ إِسْنَادِ حَدِيثٍ سَقَطَ عَلَيَّ ، فَقَالَ تَدْرِي مَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْحَدَّادُ؟ قَالَ:«الْإِسْنَادُ مِثْلُ الدَّرَجِ وَمِثْلُ الْمَرَاقِي ، فَإِذَا زَلَّتْ رِجْلُكَ عَنِ الْمَرْقَاةِ سَقَطْتَ ، وَالرَّأْي مِثْلُ الْمَرْجِ»
أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الْأَزْهَرِيُّ، أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّورِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ ، ثنا أَبُو الْمُوَجِّهِ ، ح وَأَخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْهَمَذَانِيُّ، ثنا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيُّ، أنا أَبُو الْمُوَجِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْمُوَجِّهِ، أنا عَبْدَانُ ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: " الْإِسْنَادُ عِنْدِي مِنَ الدِّينِ ، لَوْلَا الْإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ ، وَلَكِنْ إِذَا قِيلَ لَهُ: مَنْ حَدَّثَكَ بَقِيَ "
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثنا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْجَعْفَرِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَسْلَمَ ، قَالَ:" مَا كُنَّا نَتَّهِمُ أَنَّ أَحَدًا يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَعَمِّدًا ، حَتَّى جَاءَنَا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ فَحَدَّثُوا عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ كَانُوا عِنْدَهُمْ بِأَحَادِيثَ لَا نَعْرِفُهَا ، فَالْتَقَيْتُ أَنَا وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَعْرِفَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ هُوَ ، وَعَمَّنْ أَخَذْنَاهُ، فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا أَبَا سَلَمَةَ ، فَكُنْتُ لَا أَقْبَلُ حَدِيثًا حَتَّى يُسْنَدَ لِي ، وَتَحَفَّظَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ الْحَدِيثَ مِنْ أَيَّامِئِذٍ ، فَجِئْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ فِي السُّوَيْقَةِ ، فَقَالَ: يَا ابْنَ سَلَمَةَ بْنِ أَسْلَمَ، أَمَا بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ تَقُولُ حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ؟ قُلْتُ: بَلَى ، خَلَّطَ عَلَيْنَا شِيعَتُكُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ ، وَجَاءُونَا بِأَحَادِيثَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَحَدَّثْتُهُ بَعْضَ مَا حَفِظْتُ فَعَجِبَ لَهُ وَقَالَ: أَصَبْتَ يَا ابْنَ أَخِي ، فَزَادَنِي فِي ذَلِكَ رَغَبًا "
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ
⦗ص: 395⦘
، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ بَشِيرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي ، أَبِي ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ قَيْسٍ ، يَقُولُ:«يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الصَّيْرَفِيِّ الَّذِي يَنْقُدُ الدَّرَاهِمَ ، فَإِنَّ الدَّرَاهِمَ فِيهَا الزَّيْفُ وَالنَّبَهْرَجُ ، وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ» وَأَمَّا كَتْبُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ الْمَرَاسِيلَ وَالرِّوَايَةُ لَهَا ، فَإِنَّهُ عَلَى ضُرُوبٍ: أَحَدُهَا لِاسْتِعْمَالِ مَا تَضَمَّنَتْ مِنَ الْأَحْكَامِ عِنْدَ مَنْ رَأَى قَبُولَهَا وَوُجُوبَ الْعَمَلِ بِهَا ، مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُسْنَدَاتِ فِي الصِّحَّةِ وَالثَّبَاتِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهَا عَلَى مَعْنَى الْمَعْرِفَةِ لِعِلَلِ الْمُسْنَدَاتِ بِهَا ، لِأَنَّ فِي الرُّوَاةِ مَنْ يُسْنِدُ حَدِيثًا يُرْسِلُهُ غَيْرُهُ ، وَيَكُونُ الَّذِي أَرْسَلَهُ أَحْفَظَ وَأَضْبَطَ فَيُجْعَلُ الْحُكْمُ لَهُ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مِثْلَ هَذَا فِيمَا
حُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ، أَخْبَرَنِي الْمَيْمُونِيُّ ، قَالَ:" تَعَجَّبَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِمَّنْ يَكْتُبُ الْإِسْنَادَ وَيَدَعُ الْمُنْقَطِعَ ، ثُمَّ قَالَ: وَرُبَّمَا كَانَ الْمُنْقَطِعُ أَقْوَى إِسْنَادًا ، أَوْ أَكْثَرَ ، قُلْتُ: بَيِّنْهُ لِي كَيْفَ؟ قَالَ: يَكْتُبُ الْإِسْنَادَ مُتَّصِلًا وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَيَكُونُ الْمُنْقَطِعُ أَقْوَى إِسْنَادًا مِنْهُ وَهُوَ يَرْفَعُهُ ثُمَّ يُسْنِدُهُ ، وَقَدْ كَتَبَهُ هُوَ عَلَى أَنَّهُ مُتَّصِلٌ ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَا يَكْتُبُ إِلَّا مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، مَعْنَاهُ لَوْ كَتَبَ الْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا عُرِفَ الْمُتَّصِلُ مِنَ الْمُنْقَطِعِ يَعْنِي ضَعْفَ ذَا ، وَقُوَّةَ ذَا "
وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهَا مُسْنَدَةً ، وَيَرْوِيهَا مُرْسَلَةً ، عَلَى مَعْنَى الْمُذَاكَرَةِ وَالتَّنْبِيهِ ، لِيَطْلُبَ إِسْنَادَهَا الْمُتَّصِلَ ، وَيَسْأَلَ عَنْهُ ، وَرُبَّمَا أَرْسَلُوهَا اخْتِصَارًا وَتَقْرِيبًا عَلَى الْمُتَعَلِّمِ ، لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا ، كَمَا يَفْعَلُ الْفُقَهَاءُ الْآنَ فِي تَدْرِيسِهِمْ ، فَإِذَا أُرِيدَ الِاسْتِعْمَالُ احْتِيجَ إِلَى بَيَانِ الْإِسْنَادِ ، أَلَا تَرَى إِلَى عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ لَمَّا أَنْكَرَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ ، وَأَرْسَلَ لَهُ خَبَرَ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ جِبْرِيلَ بِهِ اسْتَثْبَتَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِحَاجَتِهِ إِلَى اسْتِعْمَالِ الْخَبَرِ ، وَقَالَ لَهُ: اعْلَمْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ ، فَأَبَانَ لَهُ إِسْنَادَهُ لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ عُذْرَهُ ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ عُرْوَةَ عُمَرَ بِالْخَبَرِ عَلَى سَبِيلِ الْمُذَاكَرَةِ وَالتَّنْبِيهِ ، لِيَسْأَلَ عُمَرُ عَنْهُ ، فَلَمَّا احْتِيجَ إِلَى اسْتِعْمَالِهِ اسْتَثْبَتَهُ عُمَرُ فِيهِ فَأَسْنَدَهُ لَهُ
أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْحِطْرَانِيُّ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ عَمْرُو بْنُ هِشَامِ بْنِ عَمْرٍو الْبَلَدِيُّ بِبَلَدَا، نا أَبُو مُحَمَّدٍ بَكْرُ بْنُ سَهْلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْقُرَشِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ ، ح وَأَخْبَرَنا بُشْرَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّومِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ بَدْرٍ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أنا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا ، وَهُوَ بِالْكُوفَةِ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةِ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا وَهُوَ بِالْكُوفَةِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ؟ أَلَيْسَ قَدْ عَلِمْتَ " أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدُ بْنُ بَدْرٍ هَذِهِ الدَّفْعَةَ الْأَخِيرَةَ ، وَاتَّفَقَا فِيمَا بَعْدُ ، ثُمَّ قَالَ: بِهَذَا أُمِرْتَ، فَقَالَ عُمَرُ لِعُرْوَةَ: اعْلَمْ مَا تُحَدِّثُ يَا عُرْوَةُ ، أَوَ أَنَّ جَبْرَئِيلَ هُوَ أَقَامَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقْتَ الصَّلَاةِ؟ قَالَ عُرْوَةُ: كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ عُرْوَةُ: وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حَجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ»
⦗ص: 397⦘
وَقَوْلُ الْمُخَالِفِ: إِنَّ الْمُنْقَطِعَ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ أَبْيَنُ حُجَّةً وَأَظْهَرُ قُوَّةً مِنَ الْمُتَّصِلِ ، دَعْوَى بَاطِلَةٌ ، لِأَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي صِحَّةِ الِاحْتِجَاجِ بِالْمَسَانِيدِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرَاسِيلِ، وَلَوْ كَانَ الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ الْمُخَالِفُ صَحِيحًا ، لَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْقِصَّةُ بِالْعَكْسِ فِي ذَلِكَ ، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْأَثَرِ فِي أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ وَأَرْضَاهَا ، وَإِلَيْهِمُ الْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ ، وَقَوْلُهُمْ هُوَ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَكُلٌّ قَالَ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِهِ ، وَذَكَرَ مَا هُوَ الْأَوْلَى عِنْدَهُ ، وَنَصَّ عَلَى الْمُسْنَدِ دُونَ الْمُرْسَلِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَنَافِيهِمَا وَاخْتِلَافِ الْأَمْرِ فِيهِمَا