المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌616 - (9) باب جواز الخداع في الحرب وكراهة تمني لقاء العدو واستحباب دعاء النصر عند لقاء العدو - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب: الأقضية

- ‌608 - (1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد والحكم بالظاهر واللحن بالحجة

- ‌609 - (2) باب الحكم على الغائب والاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌610 - (3) باب لا يقضي الفاضي وهو على حال يشوش فكره ورد المحدثات ومن خير الشهود واختلاف المجتهدين وإصلاح الحاكم بين الخصمين

- ‌ أبواب اللقطة

- ‌611 - (4) باب أحكام اللقطة والضوال والاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربها

- ‌612 - (5) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه والأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌613 - (6) باب الأمر بالمواساة بفضول الأموال واستحباب خلط الأزواد إذا قلت

- ‌ كتاب: الجهاد والسير

- ‌(614) (7) باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة وتأمير الإمام الأمراء على البعوث والوصية لهم

- ‌615 - (8) باب الأمر بالتيسير وتحريم الغدر

- ‌616 - (9) باب جواز الخداع في الحرب وكراهة تمني لقاء العدو واستحباب دعاء النصر عند لقاء العدو

- ‌617 - (10) باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب وجواز قتلهن في البيات وجواز قطع أشجارهم وتحريقها

- ‌618 - (11) باب تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة وحكم الأنفال واستحقاق القاتل السلب

- ‌619 - (12) باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى وحكم الفيء وقوله صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا فهو صدقة

- ‌620 - (13) باب بيان كيفية قسم الغنيمة بين الحاضرين والإمداد بالملائكة وجواز ربط الأسير والمن عليه

- ‌621 - (14) باب إجلاء اليهود من الحجاز وإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب وجواز قتل من نقض العهد وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل

- ‌مسألة القيام للقادم

- ‌622 - (15) باب المبادرة بالغزو وتقديم أهم الأمرين ورد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم وجواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب

- ‌623 - (16) باب كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام وكتابه إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله عز وجل

- ‌624 - (17) باب في غزوة حنين وغزوة الطائف وغزوة بدر

- ‌625 - (18) باب فتح مكة وإزالة الأصنام من حول الكعبة وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يقتل قرشي صبرًا بعد الفتح

- ‌626 - (19) باب صلح الحديبية والوفاء بالعهد

- ‌627 - (20) باب غزوة الأحزاب وغزوة أحد واشتداد غضب الله على من قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌628 - (21) باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين وصبره على ذلك ودعائهم للتوحيد

- ‌629 - (22) باب قتل أبي جهل وقتل كعب بن الأشرف وغزوة خيبر وغزوة الأحزاب

- ‌630 - (23) باب غزوة ذي قرد وصلح الحديبية وقوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ} الآية

- ‌631 - (24) باب غزوة النساء مع الرجال والرضخ للنساء الغازيات والنهي عن قتل صبيان أهل الحرب

- ‌632 - (25) باب عدد غزوات النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وغزوة ذات الرقاع وكراهة الاستعانة بالكافر في الغزو

- ‌ كتاب الإمارة

- ‌633 - (26) باب اشتراط نسب قريش في الخلافة وجواز ترك الاستخلاف

الفصل: ‌616 - (9) باب جواز الخداع في الحرب وكراهة تمني لقاء العدو واستحباب دعاء النصر عند لقاء العدو

‌616 - (9) باب جواز الخداع في الحرب وكراهة تمني لقاء العدو واستحباب دعاء النصر عند لقاء العدو

4404 -

(1685)(31) وحدَّثنا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لِعَلِيٍّ وَزُهَيرٍ)(قَال عَلِيٌّ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) قَال: سَمِعَ عَمْرٌو جَابِرًا يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْحَرْبُ خُدْعَةٌ"

ــ

616 -

(9) باب جواز الخداع في الحرب وكراهة تمني لقاء العدو واستحباب دعاء النصر عند لقاء العدو

4404 -

(1685)(31)(وحدثنا علي بن حجر السعدي) المروزي (وعمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (وزهير بن حرب) بن شداد (واللفظ) الآتي (لعلي) بن حجر (وزهير قال علي: أخبرنا وقال الآخران: حدثنا سفيان) بن عيينة (قال) سفيان: (سمع عمرو) بن دينار (جابرًا) بن عبد الله الأنصاري المدني رضي الله عنهما وهذا السند من رباعياته (يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحرب خدعة) بفتح الخاء وسكون الدال وهي أفصح اللغات الجارية فيها وأصحها وهي لفظة النبي صلى الله عليه وسلم قالها في غزوة الخندق حين بعث نعيم بن مسعود يخذّل بين قريش وغطفان واليهود قاله الواقدي وتكون بالتورية وبالكمين وبخلف الوعد وذلك من المستثنى الجائز المخصوص من المحرم اهـ قسطلاني والمعنى على هذه اللغة أن الحرب ينقضى أمرها بخدعة واحدة من الخداع أي إن المقاتل إذا خدع مرة واحدة لم تكن لها إقالة.

وجملة ما فيها من اللغات خمس الأولى: (خَدْعة) بفتح الخاء سكون الدال وهي أفصحها وأصحها وهي مرة من الخدع كما ذكرناها وفسرناها آنفًا والثانية: (خُدْعة) بضم الخاء وسكون الدال وهي اسم من الخداع والثالثة: (خُدَعة) بضم الخاء وفتح الدال وهي مبالغة من الخداع مثل همزة ولمزة وضحكة للذي يكثر الضحك والمعنى عليها أن الحرب تكثر من الخداع فتخدع الرجال وتمنيهم ولا تفي لهم وهذه خلاصة ما حكاه ابن الأثير في جامع الأصول والرابعة: (خَدَعة) بفتح الخاء والدال كلتيهما حكاها المنذري وقال: هو جمع خادع أي أن أهل الحرب خدعة يخدعون خصومهم والخامسة: (خِدْعة) بكسر الخاء وسكون الدال حكاها مكي ومحمد بن عبد الواحد ولعلها اسم هيئة من

ص: 111

4405 -

(1686)(32) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ سَهْمٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْحَرْبُ خُدْعَةٌ"

ــ

الخداع كأنه قال: الحرب هيئة مخصوصة من الخداع وهاتان الأخيرتان ذكرهما الحافظ في فتح الباري [6/ 158]، وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري رقم [3030] وأبو داود [2636]، والترمذي [1739]، وبهذا الحديث استدل الفقهاء على جواز الكذب في الحرب حملًا للحديث على المعنى الثاني وحملًا للخدعة على معنى الكذب والمسألة قد اختلف فيها الفقهاء قديمًا اهـ من التكملة بتصرف (واعلم) أن الكذب جائز في بعض الأحوال عند الشافعية أما الحنفية فلا أراهم يجوزونه صراحة في موضع نعم وسعوا بالكنايات والمعاريض وأمثالهما وقال النووي: الظاهر إباحة حقيقة الكذب في الأمور الثلاثة لكن التعريض أولى واستدل المبيحون للكذب الصريح في الحرب بما أخرجه الترمذي في البر والصلة من حديث أسماء بنت يزيد مرفوعًا (لا يحل الكذب إلا في ثلاث تحدث الرجل مع امرأته ليرضيها والكذب في الحرب وفي الإصلاح بين الناس) واستدلوا أيضًا بقصة قتل كعب بن الأشرف فإن محمد بن مسلمة رضي الله عنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذهابه إلى كعب اليهودي في التحيل على قتله بالكذب فقال: ائذن لي أن أقول: فأجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعلت كما أخرجه البخاري في باب الفتك من أهل الحرب من كتاب الجهاد اهـ.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جابر بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.

4405 -

(1686)(32)(وحدثنا محمد بن عبد الرحمن) بن حكيم (بن سهم) الفزاري أبو إسحاق الأنطاكي ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (أخبرنا عبد الله بن المبارك) بن واضح الحنظلي مولاهم أبو عبد الرحمن المروزي ثقة، من (8) روى عنه في (10) أبواب (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري (عن همام بن منبه) بن كامل اليماني الصنعاني ثقة، من (4) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحرب خدعة) تقدم بسط ما فيه من الكلام.

ص: 112

4406 -

(1687)(33) حدَّثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ (وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ الْحِزَامِيُّ)، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ. فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا"

ــ

ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.

4406 -

(1687)(33)(حدثنا الحسن بن علي) بن محمد بن علي الهذلي أبو علي الخلال (الحلواني) المكي ثقة، من (11)(وعبد بن حميد) بن نصر الكسي البصري ثقة، من (11) (قالا: حدثنا أبو عامر العقدي) بفتحتين عبد الملك بن عمرو القيسي البصري ثقة، من (9)(عن المغيرة وهو ابن عبد الرحمن) بن عبد الله بن خالد بن حزام (الحزامي) بكسر الحاء وبالزاي المخففة نسبة إلى الجد المذكور ثقة، من (7)(عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان الأموي المدني ثقة، من (5)(عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز الهاشمي المدني ثقة، من (3) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموهم فاصبروا) بحذف إحدى التاءين أصله لا تتمنوا كما في الرواية الآتية مضارع مجزوم من تمنى الخماسي قال النووي: إنما نهى عن تمني لقاء العدو لما فيه من صورة الإعجاب والاتكال على النفس والوثوق بالقوة وهو نوع بغي وقد ضمن الله تعالى لمن بغي عليه أن ينصره ولأنه يتضمن قلة الاهتمام بالعدو واحتقاره وهذا يخالف الاحتياط والحزم وتأوله بعضهم على النهي عن التمني في صورة خاصة وهي إذا شك في المصلحة فيه وحصول ضرر وإلا فالقتال كله فضيلة وطاعة والصحيح الأول ولهذا تممه صلى الله عليه وسلم بقوله صلى الله عليه وسلم: (واسألوا الله العافية) وقد كثرت الأحاديث في الأمر بسؤال العافية وهي من الألفاظ العامة المتناولة لدفع جميع المكروهات في البدن والباطن في الدين والدنيا والآخرة والله سبحانه وتعالى أعلم.

ثم هذا لا يعارض فضيلة الشهادة لأن حاصله أن يؤول أمره إلى الشهادة المقبولة عند الله تعالى بأي طريق كان وإنه مطلوب مرغوب فيه شرعًا بخلاف تمني لقاء العدو لأن الإنسان لا يدري إلى ما يؤول أمره بعد اللقاء أيثبت أم يفر أيقاتل حسبة أو رياء أو يلتزم

ص: 113

4407 -

(1688)(34) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ كِتَابِ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ مِنْ أصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى. فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيدِ اللهِ، حِينَ سَارَ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ. يُخْبِرُهُ

ــ

بأحكام الشريعة في القتال أم لا يلتزم فلذلك نهى عنه والله سبحانه أعلم.

واستدل بهذا الحديث على منع طلب المبارزة وهو رأي الحسن البصري وكان علي يقول: لا تدع إلى المبارزة فإذا دعيت فأجب تنصر كذا في فتح الباري [6/ 157] ولكن الاستدلال بهذا الحديث على المنع من المبارزة فيه نظر لأن الحديث إنما ورد في التمني قبل أن يقع اللقاء فأما بعدما وقع فقد أمر المسلمون بالصبر والثبات وربما يكون من جملة الثبات أن يبارز المسلم الكفار إذا كان أنكى فيهم فلا يتعلق النهي بذلك وقد ثبت المبارزة والإقدام في غير ما رواية عن جمع من الصحابة اهـ إعلاء السنن [12/ 23 و 24]، وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [3026].

4407 -

(1688)(34)(وحدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري ثقة، من (11)(حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا) عبد الملك (بن جريج أخبرني موسى بن عقبة) بن أبي عياش بالتحتانية الأسدي المدني ثقة، من (5)(عن أبي النضر) سالم بن أبي أمية مولاهم مولى عمر بن عبيد الله التيمي وكاتبه المدني ثقة، من (5)(عن كتاب رجل من أسلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له عبد الله بن أبي أوفى) علقمة بن خالد الأسلمي أبي إبراهيم الكوفي الصحابي بن الصحابي رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته (فكتب) عبد الله بن أبي أوفى (إلى عمر بن عبيد الله) بن معمر التيمي الكوفي وكان أميرًا على حرب الخوارج ذكره ابن أبي حاتم وذكر له روايته عن بعض التابعين ولم يذكر له جرحًا كذا في الفتح (حين سار) وذهب عمر بن عبيد الله (إلى الحرورية) لقتالها وهي بفتح الحاء وضم الراء الأولى وهم طائفة من الخوارج نسبوا إلى حروراء بالمد والقصر وهو موضع قريب من الكوفة وسميت الخوارج حرورية لأنهم نزلوا حروراء وتعاقدوا فيها على قتال أهل العدل وسموا خوارج لخروجهم عن طريق الجماعة كما مر البحث عنهم في كتاب الزكاة أي كتب عبد الله بن أبي أوفى إلى عمر بن عبيد الله أمير جيش أهل العدل حالة كون ابن أبي أوفى (يخبره) أي يخبر لعمر بن

ص: 114

أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ، فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ، يَنْتَظِرُ حَتَّى إِذَا مَالتِ الشَّمْسُ قَامَ فِيهِمْ فَقَال:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ! لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ. فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا. وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ". ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَال: "اللَّهُمَّ! مُنْزِلَ الْكِتَابِ. وَمُجْرِيَ السَّحَابِ. وَهَازِمَ الأَحْزَابِ

ــ

عبيد الله حديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض أيامه) وغزواته (التي) غزا فيها و (لقي فيها العدو ينتظر) أي يتأخر عن تقابلهم بالقتال إذ لم يقاتلهم في أول النهار كما في رواية البخاري (حتى إذا مالت) وزالت (الشمس) عن كبد السماء (قام) خطيبًا (فيهم) أي في جماعة المسلمين (فقال) في خطبته: (يا أيها الناس) ويا أيها المؤمنون رحمه الله (لا تتمنوا) ولا تودوا (لقاء العدو) قال ابن بطال حكمة النهي أن المرء لا يعلم ما يؤول إليه الأمر وهو نظير سؤال العافية من الفتن اهـ (واسألوا) الله تعالى (العافية) أي السلامة من ضررهم قال النووي: وهي من الألفاظ العامة المتناولة لدفع جميع المكروهات في البدن والباطن في الدين والدنيا والآخرة (فإذا لقيتموهم فاصبروا) أي اصبروا ولا تظهروا التألم من شيء يحصل لكم فالصبر في القتال هو كظم ما يؤلم من غير إظهار شكوىً ولا جزع وهو الصبر الجميل وهذا حث على الصبر في القتال وهو آكد أركانه وقد جمع الله سبحانه آداب القتال في قوله سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)} الآيات (واعلموا) أيها المؤمنون (أن الجنة) أي ثواب الله والسبب الموصل إلى الجنة (تحت ظلال السيوف) أي عند الضرب بالسيوف في سبيل الله ومشي المجاهدين في سبيل الله فاحضروا فيه بصدق واثبتوا اهـ نووي قال الخطابي: معنى ظلال السيوف الدنو من القرن حتى يعلوه بظل سيفه ولا يولي عنه ولا ينفر منه وكل ما دنا منك فقد أظلك وقال في النهاية: هو كناية عن الدنو من الضراب في الجهاد حتى يعلوه السيف ويصير ظله عليه وقال النووي: معناه أن الجهاد وحضور معركة الكفار طريق إلى الجنة وسبب لدخولها (ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم أي استمر قائمًا وهذا من زيادته على غيره فلا حاجة إليها (وقال: اللهم منزل الكتاب) أي جنسه أو القرآن (ومجري السحاب) في السماء (وهازم الأحزاب) أي أصناف الكفار السابقة من قوم نوح وثمود وعاد وغيرهم سريع لحساب يوم القيامة

ص: 115

اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيهِمْ".

4408 -

(1689)(35) حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى. قَال: دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الأَحْزَابِ فَقَال: "اللَّهُمَّ! مُنْزِلَ الْكِتَابِ. سَرِيعَ الْحِسَابِ. اهْزِمِ الأَحْزَابَ. اللَّهُمَّ! اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ"

ــ

(اهزمهم) أي اهزم هؤلاء الكفار وأزعجهم وحركهم بالشدائد قال أهل اللغة الزلزال والزلزلة الشدائد التي تحرك الناس (وانصرنا عليهم) أي أظهر الغلبة لنا عليهم قال الحافظ: أشار بهذا الدعاء إلى وجوه النصر عليهم فبالكتاب إلى قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيدِيكُمْ} وبمجري السحاب إلى القدرة الظاهرة في تسخير السحاب حيث يحرك الريح بمشيئة الله تعالى وحيث يستمر في مكانه مع هبوب الريح وحيث تمطر تارة وأخرى لا تمطر فأشار بحركته إلى إعانة المجاهدين في حركتهم في القتال وبوقوفه إلى إمساك أيدي الكفار عنهم وبإنزال المطر إلى غنيمة ما معهم وأشار بهازم الأحزاب إلى التوسل بالنعمة السابقة وإلى تجريد التوكل واعتقاده أن الله هو المنفرد بالفعل كذا في فتح الباري [6/ 157]، وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [3025 و 2818 و 2833 و 2965 و 7237]، وأبو داود [2631]، ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث آخر لابن أبي أوفى رضي الله عنه فقال.

4408 -

(1689)(35)(حدثنا سعيد بن منصور) بن شعبة أبو عثمان الخراساني نزيل مكة ثقة، من (10)(حدثنا خالد بن عبد الله) بن عبد الرحمن المزني أبو الهيثم الواسطي الطحان ثقة، من (8)(عن إسماعيل بن أبي خالد) سعيد البجلي الأحمسي أبي عبد الله الكوفي ثقة، من (4) (عن عبد الله بن أبي أوفى) الأسلمي الكوفي رضي الله عنه وهذا السند من رباعياته (قال) ابن أبي أوفى:(دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأحزاب) أي على الكفار الذين تحزبوا وتجمعوا وتواطؤوا على استئصال المسلمين في غزوة الخندق (فقال) في دعائه: (اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم) أي أزعجهم (وزلزلهم) أي حركهم حركة شديدة واجعل أمرهم مضطربًا حتى لا يكونوا متواطئين على حرب المسلمين وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث

ص: 116

4409 -

(00)(00) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ. قَال: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى يَقُولُ: دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ خَالِدٍ. غَيرَ أَنَّهُ قَال: "هَازِمَ الأَحْزَابِ" وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَة: "اللَّهُمَّ".

4410 -

(00)(00) وحدّثناه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَينَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَزَادَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ "مُجْرِيَ السَّحَابِ".

4411 -

(1690)(36) وحدّثني حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ. حَدَّثنَا حَمَّادٌ،

ــ

البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه اهـ تحفة الأشراف ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال.

4409 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع بن الجراح عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت ابن أبي أوفى يقول): وهذا السند من رباعياته غرضه بسوقه بيان متابعة وكيع لخالد بن عبد الله وفيه فائدة تصريح سماع إسماعيل لابن أبي أوفى (دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق وكيع (بمثل حديث خالد) بن عبد الله (غير أنه) أي غير أن وكيعًا (قال هازم الأحزاب ولم يذكر) وكيع (قوله: اللهم) أي لفظة اللهم ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في هذا الحديث فقال.

4410 -

(00)(00)(وحدثناه إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (جميعًا عن ابن عيينة عن إسماعيل) بن أبي خالد (بهذا الإسناد) يعني عن ابن أبي أوفى وهذا الإسناد من رباعياته أيضًا غرضه بيان متابعة ابن عيينة لخالد بن عبد الله (و) لكن (زاد ابن أبي عمر في روايته) لفظة (مجري السحاب) ثم استشهد المؤلف لحديث ابن أبي أوفى بحديث أنس رضي الله عنه فقال.

4411 -

(1690)(36)(وحدثني حجاج) بن يوسف بن حجاج الثقفي البغدادي المعروف بـ (ـابن الشاعر) ثقة، من (11)(حدثنا عبد الصمد) بن عبد الوارث بن سعيد العنبري البصري صدوق من (9)(حدثنا حماد) بن سلمة بن دينار الربعي البصري ثقة،

ص: 117

عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَس؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ:"اللَّهُمَّ! إِنَّكَ إِنْ تَشَأْ، لَا تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ"

ــ

من (8)(عن ثابت) بن أسلم بن موسى البناني البصري ثقة، من (4) (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول) في دعائه على المشركين (يوم) غزوة (أحد: اللهم إنك إن تشأ) تغليب المشركين على المسلمين (لا تعبد) بعد اليوم (في الأرض) قاله يوم أحد كما ذكر المؤلف ووقع عند البخاري في المغازي من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام أيضًا في يوم بدر وهو المشهور في كتب السير والمغازي ولا معارضة بينهما لأنه قاله في اليومين قال الحافظ في الفتح [7/ 289] وإنما قال ذلك لأنه علم أنه خاتم النبيين فلو هلك هو ومن معه حينئذٍ لم يبعث أحد ممن يدعو إلى الإيمان ولاستمر المشركون يعبدون غير الله تعالى فالمعنى أنه تعالى لا يعبد في الأرض بهذه الشريعة وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث الأول: حديث جابر ذكره للاستدلال على الجزء الأول من الترجمة والثاني: حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستشهاد لما قبله والثالث: حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة والرابع: حديث عبد الله بن أبي أوفى ذكره للاستشهاد لما قبله وللاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة والخامس: حديث عبد الله بن أبي أوفى الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة والسادس: حديث أنس ذكره للاستشهاد به لما قبله والله سبحانه وتعالى أعلم.

* * *

ص: 118