المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌626 - (19) باب صلح الحديبية والوفاء بالعهد - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب: الأقضية

- ‌608 - (1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد والحكم بالظاهر واللحن بالحجة

- ‌609 - (2) باب الحكم على الغائب والاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌610 - (3) باب لا يقضي الفاضي وهو على حال يشوش فكره ورد المحدثات ومن خير الشهود واختلاف المجتهدين وإصلاح الحاكم بين الخصمين

- ‌ أبواب اللقطة

- ‌611 - (4) باب أحكام اللقطة والضوال والاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربها

- ‌612 - (5) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه والأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌613 - (6) باب الأمر بالمواساة بفضول الأموال واستحباب خلط الأزواد إذا قلت

- ‌ كتاب: الجهاد والسير

- ‌(614) (7) باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة وتأمير الإمام الأمراء على البعوث والوصية لهم

- ‌615 - (8) باب الأمر بالتيسير وتحريم الغدر

- ‌616 - (9) باب جواز الخداع في الحرب وكراهة تمني لقاء العدو واستحباب دعاء النصر عند لقاء العدو

- ‌617 - (10) باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب وجواز قتلهن في البيات وجواز قطع أشجارهم وتحريقها

- ‌618 - (11) باب تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة وحكم الأنفال واستحقاق القاتل السلب

- ‌619 - (12) باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى وحكم الفيء وقوله صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا فهو صدقة

- ‌620 - (13) باب بيان كيفية قسم الغنيمة بين الحاضرين والإمداد بالملائكة وجواز ربط الأسير والمن عليه

- ‌621 - (14) باب إجلاء اليهود من الحجاز وإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب وجواز قتل من نقض العهد وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل

- ‌مسألة القيام للقادم

- ‌622 - (15) باب المبادرة بالغزو وتقديم أهم الأمرين ورد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم وجواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب

- ‌623 - (16) باب كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام وكتابه إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله عز وجل

- ‌624 - (17) باب في غزوة حنين وغزوة الطائف وغزوة بدر

- ‌625 - (18) باب فتح مكة وإزالة الأصنام من حول الكعبة وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يقتل قرشي صبرًا بعد الفتح

- ‌626 - (19) باب صلح الحديبية والوفاء بالعهد

- ‌627 - (20) باب غزوة الأحزاب وغزوة أحد واشتداد غضب الله على من قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌628 - (21) باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين وصبره على ذلك ودعائهم للتوحيد

- ‌629 - (22) باب قتل أبي جهل وقتل كعب بن الأشرف وغزوة خيبر وغزوة الأحزاب

- ‌630 - (23) باب غزوة ذي قرد وصلح الحديبية وقوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ} الآية

- ‌631 - (24) باب غزوة النساء مع الرجال والرضخ للنساء الغازيات والنهي عن قتل صبيان أهل الحرب

- ‌632 - (25) باب عدد غزوات النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وغزوة ذات الرقاع وكراهة الاستعانة بالكافر في الغزو

- ‌ كتاب الإمارة

- ‌633 - (26) باب اشتراط نسب قريش في الخلافة وجواز ترك الاستخلاف

الفصل: ‌626 - (19) باب صلح الحديبية والوفاء بالعهد

‌626 - (19) باب صلح الحديبية والوفاء بالعهد

4495 -

(1730)(75) حدّثني عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. قَال: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الصُّلْحَ بَينَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَينَ الْمُشْرِكِينَ، يَوْمَ الْحُدَيبِيَةِ. فَكَتَبَ:"هذَا مَا كَاتَبَ عَلَيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ"

ــ

626 -

(19) باب صلح الحديبية والوفاء بالعهد

والحديبية بضم الحاء وفتح الدال وإسكان الياء الأولى وكسر الباء وأما الياء الثانية فاختلفوا فيها فمنهم من شددها ومنهم من خففها وصحح الشافعي التشديد وقيل: كلاهما صحيح أهل المدينة يشددونها وأهل العراق يخففونها وهي قرية متوسطة ليست بالكبيرة سميت باسم بئر هناك عند مسجد الشجرة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها بينها وبين مكة مرحلة وبعض الحديبية من الحل وبعضها من الحرم وهي أبعد أرض الحل من البيت كذا في معجم البلدان للحموي [6/ 229] ويعرف هذا الموضع اليوم بالشميسي ويقع في الطريق القديم ما بين جدة ومكة وقصة غزوة الحديبية معروفة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج مع أصحابه يريد العمرة فمنعه الكفار من دخول مكة فاستعد الصحابة للقتال حتى وقع هذا الصلح.

4495 -

(1730)(75)(حدثني عبيد الله بن معاذ العنبري) البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي إسحاق) السبيعي الكوفي عمرو بن عبد الله ثقة، من (3) (قال: سمعت البراء بن عازب) رضي الله عنه (يقول: كتب علي بن أبي طالب الصلح) على وضع القتال (بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين يوم الحديبية) وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان كوفيان (فكتب) علي رضي الله عنه كتاب عقد الصلح بلفظ (هذا) المكتوب (ما) أي شيء (كاتب) أي صالح (عليه محمد رسول الله) وكاتب مفاعلة من الكتاب بمعنى الحكم وفي الرواية الآتية (هذا ما قاضى عليه محمد) قال العلماء: معنى قاضى هنا فاصل وأمضى أمره ومنه قضى القاضي أي فصل الحكم وأمضاه ولذلك سميت تلك السنة عام المقاضاة وعمرة القضية وعمرة القضاء كله من هذا وغلطوا من قال: إنها سميت عمرة القضاء لقضاء العمرة التي صد عنها لأنه لا يجب قضاء المصدود عنها إذا

ص: 284

فَقَالُوا: لَا تَكْتُبْ: رَسُولُ اللهِ. فَلَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ لَمْ نُقَاتِلْكَ. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: "امْحُهُ" فَقَال: مَا أَنَا بِالَّذِي أَمْحَاهُ. فَمَحَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ. قَال: وَكَانَ فِيمَا اشْتَرَطُوا. أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ فَيُقِيمُوا بِهَا ثَلاثًا. وَلَا

ــ

تحلل بالإحصار كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في ذلك العام.

وفي هذا الحديث دليل على أنه يجوز أن يكتب في أول الوثائق وكتب الأملاك والصداق والعتق والوصية ونحوها هذا ما اشترى فلان أو هذا ما أصدق فلان أو وقف أو أعتق ونحوه هذا هو الصواب الذي عليه الجمهور من العلماء وعليه عمل المسلمين في جميع الأزمان وجميع البلدان من غير إنكار قال القاضي عياض وفيه دليل على أنه يكتفى في ذلك بالاسم المشهور من غير زيادة خلافًا لمن قال لا بد من أربعة المذكور وأبيه وجده ونسبه وفيه أن للإمام أن يعقد الصلح على ما رآه مصلحة للمسلمين وإن كان لا يظهر ذلك لبعض الناس في بادئ الرأي وفيه احتمال المفسدة اليسيرة لدفع أعظم منها أو لتحصيل مصلحة أعظم منها إذا لم يمكن ذلك ألا بذلك اهـ نووي (فقالوا) أي فقال المشركون أي بعضهم كسهيل بن عمرو لعلي (لا تكتب) لفظة (رسول الله فلو نعلم أنك) محمد (رسول الله لم نقاتلك) ولم نمنعك عن البيت كما هو رواية البخاري (فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: امحه) أي امح رسم رسول الله وامسحه (فقال) علي: (ما أنا بالذي أمحاه) قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ وهي لغة في أمحوه يقال محاه يمحوه ويمحاه كلتاهما لغتان صحيحتان كما في تاج العروس.

قال الحافظ في الفتح [7/ 503](كأن عليًّا فهم أن أمره له بذلك ليس متحتمًا فلذلك امتنع من امتثاله) ووقع في رواية للنسائي عن علي رضي الله عنه (فقال سهيل بن عمرو: لو علمنا أنه رسول الله ما قاتلناه امحها فقلت هو والله رسول الله رغم أنفك لا والله لا أمحها) وبهذا يظهر أن أول من أمره بالمحو سهيل فأجابه بذلك ولعل النبي صلى الله عليه وسلم أشار عليه بعد ذلك بالمحو فأعاد جوابه اهـ وفي رواية البخاري فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: فأرنيه قال فأراه إياه (فمحاه النبي صلى الله عليه وسلم بيده) الشريفة بعد إراءة مكانه بأمره صلى الله عليه وسلم (قال) البراء: (وكان فيما اشترطوا) عليهم (أن يدخلوا مكة) في العام المقبل (فيقيموا بها ثلاثًا) من الليالي مع أيامه (ولا

ص: 285

يَدْخُلُهَا بِسِلاحٍ، إِلَّا جُلُبَّانَ السِّلاحِ.

قلْتُ لأَبِي إِسْحَاقَ: وَمَا جُلُبَّانُ السِّلاحَ؟ قَال: الْقِرَابُ وَمَا فِيهِ.

4496 -

(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ. قَال: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: لَمَّا صَالحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الْحُدَيبِيَةِ، كَتَبَ عَلِيٌّ كِتَابًا

ــ

يدخلها بسلاح إلا جلبان السلاح) وفي الرواية الآتية إلا بجلبان السلاح بضم الجيم وتشديد الباء الموحدة كذا رواه الأكثرون وصوبه ابن قتيبة وغيره وضبطه بعضهم بإسكان اللام وتخفيف الباء كذا ذكره الهروي وصوبه هو وثابت ولم يذكر ثابت سواه وهو ألطف من الجراب يكون من الأدم يوضع فيه السيف مغمدا ويطرح فيه الراكب سوطه وأداته ويعلقه على الرحل والمعنى وكان فيما شرطوا عليهم أن لا يدخلوا مكة ألا وسيوفهم مغمدة قال العلماء: وإنما شرطوا هذا لوجهين أحدهما أن لا يظهر منهم دخول الغالبين القاهرين والثاني إن عرض فتنة أو نحوها يكون في الاستعداد بالسلاح صعوبة كذا في شرح النووي.

قال شعبة: (قلت لأبي إسحاق وما) معنى (جلبان السلاح قال) أبو إسحاق في تفسيره الجلبان (القراب وما فيه) قال في النهاية القراب شبه الجراب يطرح فيه الراكب سيفه بغمده وسوطه وقد يطرح فيه زاده من تمر وغيره وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في مواضع منها في الجزية في باب المصالحة على ثلاثة أيام [3184]، وأبو داود في المناسك باب المحرم يحمل السلاح [1832] وأحمد في مسنده [4/ 289 و 281 و 302]، ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه فقال.

4496 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة محمد بن جعفر لمعاذ بن معاذ أي سمعت البراء حالة كونه (يقول لما صالح) وهادن (رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الحديبية) أي مع المشركين الذين اجتمعوا معه في الحديبية (كتب علي) بن أبي طالب (كتابًا) أي كتاب

ص: 286

بَينَهُمْ. قَال: فَكَتَبَ: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ"، ثُمَّ ذَكَرَ بِنَحْو حَدِيثِ مُعَاذٍ. غَيرَ أَنَّهُ لَمْ يَذكُرْ فِي الْحَدِيثِ:"هذَا مَا كَاتَبَ عَلَيهِ".

4497 -

(00)(00) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَأحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ الْمِصِّيصِيُّ. جَمِيعًا عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ (وَاللَّفْظُ لإِسْحَاقَ). أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. أخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ. قَال: لَمَّا أحْصِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْبَيتِ، صَالحَهُ أهْلُ مَكَّةَ عَلَى أنْ يَدْخُلَهَا فَيُقِيمَ بِهَا ثَلاثًا

ــ

المصالحة (بينهم) أي بين المشركين وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) البراء: (فكتب) علي بن أبي طالب في كتاب المصالحة لفظة (محمد رسول الله ثم ذكر) محمد بن جعفر (بنحو حديث معاذ) بن معاذ أي بقريبه في اللفظ والمعنى (غير أنه) أي لكن أن محمد بن جعفر و (لم يذكر في الحديث) جملة (هذا ما كاتب عليه) ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث البراء رضي الله عنه فقال.

4497 -

(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) المروزي (وأحمد بن جناب) بن المغيرة (المصيصي) بكسر الميم والصاد الأولى المشددة نسبة إلى مدينة على ساحل البحر صدوق من (10)(جميعًا عن عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي ثقة، من (8) (واللفظ لإسحاق) بن إبراهيم قال إسحاق:(أخبرنا عيسى بن يونس أخبرنا زكرياء) بن أبي زائدة خالد بن ميمون الهمداني الأعمى أبو يحيى الكوفي ثقة، من (6) (عن أبي إسحاق عن البراء) بن عازب رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة زكرياء بن أبي زائدة لشعبة (قال) البراء:(لما أحصر) ومنع (النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الوصول (عند البيت) زادها الله شرفًا قال النووي هكذا هو في جميع نسخ بلادنا (عند البيت) وكذا نقله القاضي عن رواية جميع الرواة سوى ابن الحذاء فإن في روايته (عن البيت) وهو الوجه الصحيح ولكن الكلام على حلنا صحيح والإحصار في الحج هو المنع من طريق البيت (صالحه) أي صالح النبي صلى الله عليه وسلم وهادنه (أهل مكة) من المشركين (على أن) يرجع إلى المدينة في هذا العام و (يدخلها) في العام المقبل (فيقيم بها) أي في مكة (ثلاثًا) من الليالي بلا زيادة قال العلماء: سبب هذا التقدير أن المهاجر من مكة لا يجوز أن يقيم بها أكثر من ثلاثة أيام وهذا أصل في أن الثلاثة ليس لها حكم الإقامة وأما ما فوقها فله حكم الإقامة وقد رتب الفقهاء على هذا قصر الصلاة فيمن

ص: 287

وَلَا يَدْخُلَهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلاحِ. السَّيفِ وَقِرَابِهِ. وَلَا يَخرُجَ بِأَحَدٍ مَعَهُ مِنْ أَهْلِهَا. وَلَا يَمْنَعَ أَحَدًا يَمْكُثُ بِهَا مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ. قَال لِعَلِيٍّ: "اكتُبِ الشرْطَ بَينَنَا. بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. هذَا مَا قَاضَى عَلَيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ" فَقَال لَهُ الْمُشرِكُونَ: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ تَابَعْنَاكَ. وَلكِنِ اكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ. فَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَمْحَاهَا. فَقَال عَلِيٌّ: لَا. وَاللهِ! لَا أَمْحَاهَا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَرِنِي مَكَانَهَا" فَأَرَاهُ مَكَانَهَا. فَمَحَاهَا. وَكَتَبَ "ابْنُ عَبْدِ اللهِ"

ــ

نوى إقامة في بلد في طريقه وقاسوا على هذا الأصل مسائل كثيرة اهـ نووي (و) صالحوه أيضًا على أن (لا يدخلها إلا بجلبان السلاح السيف وقرابه) يعني أوعية السلاح بما فيها ولفظ النهاية (إلا بجلبان السلاح السيف والقوس ونحوه) يريد ما يحتاج في إظهاره والقتال به إلى معاناة لا كالرماح لأنها مظهرة يمكن تعجيل الأذى بها وإنما اشترطوا ذلك ليكون علمًا وأمارة للسلم إذ كان دخولهم صلحًا لا عنوة اهـ من النهاية.

(و) على أن (لا يخرج باحد معه من أهلها) أي من أهل مكة من مستضعفي المسلمين الذين عجزوا عن الهجرة (و) على أن (لا يمنع أحدًا) أراد أن (يمكث بها ممن كان معه) صلى الله عليه وسلم وجاؤوا معه من المدينة (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (لعلي) بن أبي طالب رضي الله عنه: (اكتب الشرط) الذي شرطوه (بيننا) مبتدئًا بـ (ـبسم الله الرحمن الرحيم هذا) المكتوب (ما قاضى) وصالح (عليه محمد رسول الله فقال له) صلى الله عليه وسلم: (المشركون لو نعلم أنك رسول الله تابعناك ولكن اكتب) هذا ما قاضى عليه (محمد بن عبد الله فأمر) صلى الله عليه وسلم (عليًّا) بن أبي طالب (أن يمحاها) أي أن يمسح كتابة رسول الله والأفصح أن يمحوها كما مر فيه (فقال علي لا) أمحوها (والله لا أمحاها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: (أرني) أي أبصرني (مكانها) أي مكان كتابة رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأراه) صلى الله عليه وسلم علي (مكانها فمحاها) أي مسح كتابة رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم وإباء علي من مسحها لما رآه من أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم ليس متحتمًا (وكتب) علي بن أبي طالب بأمره صلى الله عليه وسلم فمعنى كتب أي أمر عليًّا بكتابة هذا ما قاضى عليه محمد (بن عبد الله) فالظاهر من السياق أن المحو كان منه صلى الله عليه وسلم والكتب من علي بأمره وقيل الظاهر من لفظ كتب أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب وهو الظاهر

ص: 288

فَأَقَامَ بِهَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ. فَلَمَّا أَنْ كَانَ

ــ

من رواية إسرائيل عند البخاري في المغازي ولفظها فأخذ رسول الله الكتاب وليس يحسن يكتب فكتب هذا ما قاضى إلخ وقد تمسك بهذا الظاهر أبو الوليد الباجي فادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب بيده بعد أن لم يكن يحسن يكتب فشنع عليه علماء الأندلس في زمانه ورموه بالزندقة وأن الذي قاله مخالف القرآن فجمعهم الأمير فاستظهر الباجي عليهم بما لديه من المعرفة وقال للأمير هذا لا ينافي القرآن بل يؤخذ من مفهوم القرآن لأنه قيد النفي بما قبل ورود القرآن فقال: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} وبعد أن تحققت أميته وتقررت بذلك معجزته وأمن الارتياب في ذلك لا مانع من أن يعرف الكتابة بعد ذلك من غير تعليم فتكون معجزة أخرى وذكر ابن دحية أن جماعة من العلماء وافقوا الباجي في ذلك منهم شيخه أبو ذر الهروي وأبو الفتح النيسابوري وآخرون من علماء أفريقية وغيرهم.

واحتج بعضهم لذلك بما أخرجه ابن أبي شيبة وعمر بن شبة من طريق مجاهد عن عون بن عبد الله قال ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كتب وقرأ قال مجاهد فذكرته للشعبي فقال صدق قد سمعت من يذكر ذلك قال عياض وردت آثار تدل على معرفة حروف الخط وحسن تصويرها كقوله لكاتبه ضع القلم على أذنك فإنه أذكر لك وقوله لمعاوية ألق الدواة وحرف القلم وأقم الباء وفرق السين ولا تعور الميم وقوله لا تمد بسم الله قال: وهذا وإن لم يثبت أنه كتب فلا يبعد أن يرزق علم وضع الكتابة فإنه أوتي علم كل شيء وأجاب الجمهور بضعف هذه الأحاديث وعن قصة الحديبية في الباب بأن القصة واحدة والكاتب فيها علي وقد صرح في حديث المسور أن الذي كتب علي وأن نسبة الكتابة إليه صلى الله عليه وسلم في حديث الباب وفي حديث البخاري في المغازي نسبة مجازية بمعنى أنه أمر بالكتابة ومثل هذه النسبة كثير كقول الراوي كتب إلى قيصر وإلى كسرى مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يباشر الكتابة وإنما أمر بذلك قال الجمهور وهذا التأويل أولى لموافقته ما ورد في القرآن من تلقيبه صلى الله عليه وسلم أميًّا وقوله صلى الله عليه وسلم: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ومال الحافظ إلى حمل حديث الباب على الظاهر وذلك بأنه صلى الله عليه وسلم على كونه أميًّا كتب في ذلك الوقت بخصوصه معجزة له صلى الله عليه وسلم راجع فتح الباري [7/ 503](فأقام بها) أي بمكة بعدما دخلها في العام المقبل عند عمرة القضاء (ثلاثة أيام فلما أن كان

ص: 289

اليَوْمُ الثَّالِثِ قَالُوا لِعَلِيٍّ: هذَا آخِرُ يَوْمٍ مِنْ شَرْطِ صَاحِبِكَ. فَأمُرْهُ فَلْيَخرُجْ، فَأَخْبَرَهُ بِذلِكَ. فَقَال:"نَعَمْ" فَخَرَجَ.

وَقَال ابْنُ جَنَابٍ فِي رِوَايَتِهِ: (مَكَانَ تَابَعْنَاكَ) بَايَعْنَاكَ.

4498 -

(1731)(76) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَفَّانُ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ قُرَيشًا صَالحُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. فِيهِمْ سُهَيلُ بْنُ عَمْرٍو. فَقَال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ:"اكتُب بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ". قَال سُهَيلٌ: أَمَّا بِاسْمِ اللهِ، فَمَا نَدْرِي مَا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. وَلكِنِ اكتُبْ مَا نَعْرِفُ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. فَقَال: "اكتُب مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ" قَالُوا:

ــ

اليوم الثالث قالوا لعلي هذا) اليوم الثالث (آخر يوم من شرط صاحبك فأمره) بالخروج (فليخرج) منا (فأخبره) صلى الله عليه وسلم (بذلك) الذي قالوه (فقال) صلى الله عليه وسلم: (نعم) نخرج منهم (وقال ابن جناب في روايته مكان تابعناك بايعناك) من البيعة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث البراء بحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما فقال.

4498 -

(1731)(76)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا عفان) بن مسلم بن عبد الله الأنصاري البصري ثقة من كبار (10)(حدثنا حماد بن سلمة) بن دينار الربعي البصري ثقة، من (8)(عن ثابت) بن أسلم البناني البصري ثقة، من (4) (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون ألا أبا بكر بن أبي شيبة (أن قريشًا) أي أن كفارهم (صالحوا) وهادنوا (النبي صلى الله عليه وسلم على ترك القتال (فيهم) أي والحال أن في قريش (سهيل بن عمرو فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي) بن أبي طالب:(اكتب) أول شيء (بسم الله الرحمن الرحيم قال سهيل) بن عمرو: (أما باسم الله فـ) ـنحن ندريه و (ما ندري) ولا نعلم (ما بسم الله الرحمن الرحيم) بتمامها أي ما ندري الرحمن (ولكن اكتب ما نعرفـ) ـه بيننا أي ما كان معروفًا عندنا الذي هو (باسمك اللهم فقال) النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: (اكتب من محمد رسول الله قالوا) أي قال كفار قريش من سهيل بن عمرو

ص: 290

لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ لاتَّبَعْنَاكَ. وَلكِنِ اكتُبِ اسْمَكَ وَاسْمَ أَبِيكَ. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "اكتُب مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبدِ اللهِ" فَاشتَرَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيكُمْ. وَمَنْ جَاءَكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَينَا. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! أَنَكتُبُ هذَا؟ قَال: "نَعْم. إِنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إِلَيهِمْ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ. وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ، سَيَجعَلُ اللهُ لَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا"

ــ

ومن معه (لو علمنا أنك رسول الله لاتبعناك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: (اكتب من محمد بن عبد الله فاشترطوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن من جاء منكم) إلينا (لم نرده عليكم ومن جاءكم منا رددتموه علينا فقالوا): أي فقال المسلمون للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله أنكتب) أي هل نكتب لهم (هذا) الشرط الذي هو رد من جاءنا منهم وعدم ردهم من جاءهم منا والاستفهام للتعجب كأنهم استبعدوا من النبي صلى الله عليه وسلم قبول هذا الشرط منهم (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (نعم) نكتب لهم هذا الشرط (إنه من ذهب) أي وإنما نوافقهم على هذا الشرط لأنه من ذهب (منا إليهم) بارتداده عن الإسلام (فـ) ـقد (أبعده الله) تعالى وطرده من رحمته بارتداده (و) أما (من جاءنا منهم) بإسلامه فـ (سيجعل الله له فرجًا) وانكشافًا من إذايتهم (ومخرجًا) أي سبيل خروج من بلدتهم بالفتح أو بالهجرة وقوله سابقًا (أما باسم الله) إلخ أي ندريه وأما البسملة التي تذكرها بتمامها فما ندريها فإنهم لم يكونوا يعرفون الرحمن كما قال تعالى: {قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ} أو ما كانوا يعرفون الله تعالى بهذا الاسم وفي الكشاف كانوا يقولون ما نعرف الرحمن إلا الذي باليمامة يعنون مسيلمة الكذاب وكان يقال له رحمان اليمامة اهـ وهذا نوع من تعنتهم في كفرهم قال شاعرهم:

سموت بالمجد يا ابن الأكرمين أبًا

وأنت غيث الورى لا زلت رحمانًا

وقد هجاه بعض المسلمين بقوله:

خبثت بالشر يا ابن الأخبثين أبًا

وأنت شر الورى لا زلت شيطانًا

قوله في أول هذا الحديث (أما بسم الله فما ندري) قال النووي: قال العلماء وافقهم النبي صلى الله عليه وسلم في ترك كتابة بسم الله الرحمن الرحيم وأنه كتب باسمك اللهم وكذا وافقهم في محمد بن عبد الله وترك كتابة رسول الله وكذا وافقهم في رد من جاء منهم إلينا دون من ذهب منا إليهم وإنما وافقهم في هذه الأمور للمصلحة

ص: 291

4499 -

(1732)(77) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيرٍ. ح

ــ

المهمة الحاصلة بالصلح مع أنه لا مفسدة في هذه الأمور أما البسملة و (باسمك اللهم) فمعناهما واحد وكذا قوله محمد بن عبد الله هو أيضًا رسول الله وليس في ترك وصف الله سبحانه وتعالى في هذا الموضع بالرحمن الرحيم ما ينفي ذلك ولا في ترك وصفه صلى الله عليه وسلم أيضًا هنا بالرسالة ما ينفيها فلا مفسدة فيما طلبوه وإنما كانت المفسدة تكون لو طلبوا أن يكتب ما لا يحل من تعظيم آلهتهم ونحو ذلك وأما شرط رد من جاء منهم ومنع من ذهب إليهم فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة فيهم في هذا الحديث بقوله من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاء منهم سيجعل الله فرجًا ومخرجًا ثم كان كما قال صلى الله عليه وسلم فجعل الله للذين جاؤونا منهم وردهم إليهم فرجًا ومخرجًا وهذا من المعجزات ولله الحمد.

قال العلماء: والمصلحة المترتبة على إتمام هذا الصلح ما ظهر من ثمراته الباهرة وفوائده المتظاهرة التي كانت عاقبتها فتح مكة وإسلام أهلها كلها ودخول الناس في دين الله أفواجًا وذلك أنهم قبل الصلح لم يكونوا يختلطون بالمسلمين ولا تتظاهر عندهم أمور النبي صلى الله عليه وسلم كما هي ولا يحلون بمن يعلمهم بها مفصلة فلما حصل صلح الحديبية اختلطوا بالمسلمين وجاؤوا إلى المدينة وذهب المسلمون إلى مكة وحلوا بأهلهم وأصدقائهم وغيرهم ممن يستنصحونه وسمعوا منه أحوال النبي صلى الله عليه وسلم مفصلة بجزئياتها ومعجزاته الظاهرة وأعلام نبوته المتظاهرة وحسن سيرته وجميل طريقته وعاينوا بأنفسهم كثيرًا من ذلك فمالت نفوسهم إلى الإيمان حتى بادر خلق منهم إلى الإسلام قبل فتح مكة وازداد الآخرون ميلًا إلى الإسلام فلما كان يوم الفتح أسلموا كلهم لما كان قد تمهد لهم من الميل وكانت العرب من غير قريش في البوادي ينتظرون بإسلامهم إسلام قريش فلما أسلمت قريش أسلمت العرب في البوادي قال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)} اهـ منه وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى ثم استشهد المؤلف رحمه الله ثانيًا لحديث البراء بحديث سهل بن حنيف رضي الله عنه فقال.

4499 -

(1732)(77) (حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير ح

ص: 292

وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ (وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ). حَدَّثَنَا أبِي. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ. حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ. قَال: قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيفٍ يَوْمَ صِفِّينَ فَقَال: أَيُّهَا النَّاسُ! اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ

ــ

وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير وتقاربا في اللفظ حدثنا أبي) عبد الله (حدثنا عبد العزيز بن سياه) بكسر المهملة بعدها تحتية خفيفة ثم ألف ثم هاء في الوقف والدرج على وزني مياه وشياه مصروف مع كونه أعجميًّا فكأنه ليس علمًا عندهم الأسدي الكوفي روى عن حبيب بن أبي ثابت في الجهاد والشعبي ويروي عنه (خ م ت س ق) وعبد الله بن نمير ويحيى بن آدم وأبو نعيم وثقه أبو داود وقال في التقريب صدوق من السابعة (حدثنا حبيب بن أبي ثابت) قيس ويقال هند بن دينار الأسدي الكوفي ثقة، من (3) روى عنه في (15) بابا (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي ثقة مخضرم من (2) (قال) أبو وائل:(قام سهل بن حنيف) الأنصاري الأوسي المدني رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته (يوم) وقعة (صفين) بكسر الصاد المهملة والفاء المشددة غير منصرف للعلمية والعجمة يعرب إعراب الجمع كسنين وإعراب المفرد كحين اسم موضع على الفرات وقع فيه الحرب بين علي ومعاوية وقال في القاموس وصفين كسجين موضع قرب الرقة بشاطئ الفرات كانت به الوقعة الكبيرة بين علي ومعاوية غرة صفر سنة (37) سبع وثلاثين فمن ثم توقى الناس السفر في صفر اهـ منه وفي إعرابه لغات إعراب جمع المذكر السالم وإعراب غسلين وإعراب ما لا ينصرف للعلمية والتأنيث كما في تاج العروس اهـ (فقال) سهل: وقد كانوا يتهمونه بالتقصير في القتال يوم صفين (أيها الناس اتهموا أنفسكم) يعني في إصراركم على الاستمرار في القتال وفي الرواية الآتية (اتهموا رأيكم) وفي رواية ثالثة (اتهموا رأيكم على دينكم) يعني لا تعملوا في أمر الدين بالرأي المجرد وقال الكرماني: إن سهلًا كان يتهم بالتقصير في القتال فقال: اتهموا رأيكم فإني لا أقصر فيها وما كنت مقصرًا وقت الحاجة كما في الحديبية راجع شرح الكرماني على البخاري [25/ 55] وكان من أصحاب علي قال مقالته هذه حين ظهر منهم كراهة التحكيم فأعلمهم بما جرى يوم الحديبية تصبيرًا لهم على الصلح كما في الشرح يعني اتهموا رأيكم في هذا القتال يعظ الفريقين فإنما تقاتلون إخوانكم باجتهاد اجتهدتموه وذلك القول منه حين استحر القتال بين علي ومعاوية رضي الله تعالى عنهما جاءت الدعوة من

ص: 293

لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيبِيَةِ. وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا. وَذلِكَ فِي الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ بَينَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَينَ الْمُشرِكِينَ. فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟ قَال: "بَلَى" قَال: أَلَيسَ قَتْلانا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَال: "بَلَى لا قَال: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ

ــ

قبل معاوية بالتحكيم فمال علي رضي الله عنه إلى قبولها وأنكرتها الخوارج وأصروا على الاستمرار في القتال فقال سهل بن حنيف لتصبير الناس على الصلح والتحكيم والله (لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم) صد المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ (ـالحديبية) عن الوصول إلى مكة (ولو نرى قتالًا) أي ولو نرى المصلحة في القتال (لقاتلنا) يعني أن توقفنا عن القتال لم يكن سبب الجبن والفرار عن القتال فإننا لو رأينا المصلحة في القتال لقاتلنا وإنما توقفنا عن القتال من أجل مصلحة الأمة أي ولو نرى القتال مصلحة لقاتلنا ولكن توقفنا عنه لعدم المصلحة فيه (وذلك) أي توقفنا عن القتال (في الصلح) أي بسبب الصلح (الذي كان) وحصل (بين رسول الله وبين المشركين فـ) ـلما صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم كفار قريش على أمور لا تعجب المسلمين (جاء عمر بن الخطاب) رضي الله عنه من منزله (فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ألسنا على حق وهم) أي قريش (على باطل) فـ (ـقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بلى) أي ليس الأمر عدم كوننا على حق وكونهم على باطل بل نحن على الحق وهم على الباطل لأن بلى يجاب بها النفي ونفي النفي إثبات (قال) عمر: (أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بلى) قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار (قال) عمر: (ففيم) أي فبأي سبب (نعطي) بضم النون وكسر الطاء على صيغة المعلوم أي فبأي سبب نعطي المشركين (الدنية) بفتح الدال وكسر النون أي نقبل منهم النقيصة والخصلة الرذيلة (في ديننا) مما ذكر في الصلح وفي بعض النسخ (نعطى) بضم النون وفتح الطاء على صيغة المجهول والاستفهام للإنكار أي لا نعطي الدنية ولا نقبلها منهم (ونرجع) إلى المدينة معطوف على نعطي وجملة قوله (ولما يحكم الله) حال من فاعل نرجع أي فلأي سبب نقبل منهم الدنية ونرجع إلى

ص: 294

بَينَنَا وَبَينَهُمْ؟ فَقَال: "يَا ابْنَ الخَطَّاب، إِنِّي رَسُولُ اللهِ. وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللهُ أَبَدًا" قَال: فَانْطَلَقَ عُمَرُ فَلَمْ يَصْبِرْ مُتَغَيِّظًا، فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ فَقَال: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟ قَال: بَلَى. قَال: أَلَيسَ قَتْلانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتلاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَال: بَلَى. قَال: فَعَلامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بَينَنَا وَبَينَهُمْ؟ فَقَال: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللهُ أَبَدًا. قَال: فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْفَتحِ. فَأَرْسَلَ

ــ

المدينة والحال أن الله سبحانه وتعالى لم يحكم (بيننا وبينهم) بإحقاق الحق وإبطال الباطل أي ونرجع حتى يحكم الله بيننا وبينهم قال النووي: قال العلماء لم يكن سؤال عمر رضي الله عنه وكلامه المذكور شكًّا بل طلبًا لكشف ما يخفى وحثًا على إذلال الكفار وظهور الإسلام كما عرف من خلقه رضي الله عنه وقوته في نصر الدين إذلال المبطلين (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يابن الخطاب إني رسول الله) حقًّا وإنما أفعل هذا بوحي من الله ولست أفعله برأي مني (ولن يضيعني الله) أي لن يجعلني الله سبحانه وضيعًا معطلًا عن نصره بل ينصرني (أبدًا قال) سهل بن حنيف (فانطلق عمر) أي ذهب من عند النبي صلى الله عليه وسلم (ولم يصبر) أي على هذه الرذيلة التي شرطت في المصالحة وقوله (متغيظًا) حال من عمر أي ذهب عمر من عند النبي صلى الله عليه وسلم حالة كونه ممتلئ الغيظ والغضب من هذا الصلح (فأتى) عمر معطوف على انطلق أي أتى عمر (أبا بكر) عقب انطلاقه من عند النبي صلى الله عليه وسلم (فقال) لأبي بكر (يا أبا بكر ألسنا على حق وهم) أي المشركون (على باطل قال) له أبو بكر (بلى) أي نعم نحن على حق وهم على باطل (قال) عمر لأبي بكر: (أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال) أبو بكر: (بلى قال) عمر لأبي بكر: (فعلام) أي فعلى أي سبب (نعطي الدنية) والنقيصة (في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم فقال) أبو بكر: (يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدًا) فوافق كلام أبي بكر رضي الله عنه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وقع له مثل ذلك بمناسبات متعددة أخرى وهو من الدلائل الظاهرة على عظيم فضله وبارع علمه وزيادة عرفانه ورسوخه في كل ذلك وعلى كونه صديقًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) الرواي سهل بن حنيف: (فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح) يعني سورة الفتح (فأرسل)

ص: 295

إِلَى عُمَرَ فَاقْرَأَهُ إِيَّاهُ. فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! أَوَفَتحٌ هُوَ؟ قَال: "نَعَمْ" فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ.

4500 -

(00)(00) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَال: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيفٍ يَقُولُ بِصِفِّينَ: أَيُّهَا النَّاسُ! اتَّهِمُوا رَأيَكُمْ. وَاللهِ، لَقَدْ رَأَيتُنِي يَوْمَ أبِي جَنْدَلٍ

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم (إلى عمر فاقرأه) أي فأقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر (إياه) أي الفتح يعني سورة الفتح (فقال) عمر: (يا رسول الله أو فتح هو) الهمزة للاستفهام التقريري داخلة على المبتدأ الذي هو الضمير بعده والخبر محذوف وفتح معطوف على ذلك المحذوف والتقدير أهو أي أهذا الصلح نصر وفتح أم هو ذل وإهانة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم) أي هذا الصلح الواقع بيننا وبين المشركين فتح ونصر لنا إن شاء الله تعالى (فطابت نفسه) أي انشرح صدر عمر لهذا الصلح واتسعت نفسه وفرح به ورضيه (ورجع) إلى منزله وخيمته مسرورًا وسمى النبي صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية فتحًا حين قال في جواب سؤال عمر نعم لما اشتمل عليه من الفوائد الجمة التي مر ذكرها ولأنه تمكن به المسلمون في زمن الهدنة من فتح خيبر ودعوة الكفار إلى الإسلام وإرسال كتب الدعوة إلى خارج جزيرة العرب وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجهاد باب إثم من عاهد ثم غدر [3181 و 3182]، وفي غيره من المواضع الكثيرة ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث سهل بن حنيف رضي الله عنه فقال.

4500 -

(00)(00)(حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء) الهمداني الكوفي (ومحمد بن عبد الله بن نمير قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق) بن سلمة أبي وائل قال شقيق: (سمعت سهل بن حنيف) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة الأعمش لحبيب بن أبي ثابت أي سمعته (يقول بصفين أيها الناس اتهموا رأيكم) الذي يشجعكم على المقاتلة فإن التحكيم خير من الاستمرار في المقاتلة (والله لقد رأيتني) أي لقد رأيت نفسي (يوم) رد (أبي جندل) إلى كفار قريش بفتح الجيم وسكون النون العاص بن سهيل بن عمرو القرشي حين جاء إلى النبي صلى الله عليه

ص: 296

وَلَوْ أَنِّي أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَرَدَدْتُهُ. وَاللهِ! مَا وَضَعْنَا سُيُوفَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا إِلَى أَمْرٍ قَطٌّ، إِلَّا أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ. إِلَّا أَمْرَكُمْ هذَا.

لَمْ يَذكُرِ ابْنُ نُمَيرٍ: إِلَى أَمْرٍ قَطٌّ

ــ

وسلم يوم الحديبية من مكة مسلمًا وهو يجر قيوده وكان قد عذب في الله فقال أبوه سهيل بن عمرو: يا محمد أول ما أقاضيك عليه رد هذا إلينا فرد عليه أبا جندل وكان رده عليهم أشق على المسلمين من سائر ما جرى عليهم في الصلح (ولو أني أستطيع) أي ولو ثبتت لي الاستطاعة على (أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلحه يوم الحديبية (لرددته) ولبطلته ولقاتلت قريشًا قتالًا لا مزيد عليه فأعلم الناس سهل بن حنيف بأنه صلى الله عليه وسلم كان قد تثبت يوم الحديبية في القتال إبقاء على المسلمين وصونًا للدماء هذا وهو بمرصاد الوحي وعلى يقين الحق نصًّا بغير اجتهاد ولا ظن فكيف لا يتثبت هؤلاء في قتال الفتنة ومظنة المحنة وعدم القطع واليقين (والله ما وضعنا) معاشر الصحابة (سيوفنا على عواتقنا) في الله أي على مواضع تقليدنا السيف وهو ما بين المنكب والعنق، جمع عاتق قاصدين (إلى أمر) من الأمور (قط) أي في زمن من الأزمنة الماضية (إلا أسهلن) أي إلا أسهلت سيوفنا وأوصلت (بنا) بسهولة (إلى أمر نعرفه) في الشرع (إلا أمركم هذا) يعني القتال الواقع بينهم وبين أهل الشام اهـ نووي (ولم يذكر) محمد (بن نمير) في روايته لفظة (إلى أمر قط) قوله (لقد رأيتني يوم أبي جندل) أشار إلى القصة المعروفة لأبي جندل رضي الله عنه وكان من السابقين إلى الإسلام وكان ممن أقبل إلى بدر مع المشركين فانحاز إلى المسلمين ثم أسر بعد ذلك وعذب ليرجع عن دينه فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية فر عن المشركين وجاءه يرسف في قيوده فقال يا معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلمًا ألا ترون إلى ما لقيت يعني من العذاب الشديد وكان مجيئه قبل الفراغ من كتابة الصلح فسأل النبي صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو أن يجيز إبقاءه فامتنع سهيل حتى قال: فوالله لا أصالحك على شيء أبدًا فأخذه سهيل بن عمرو ورجع به إلى مكة ثم لحق أبو جندل أبا بصير حتى فرج الله عنهم وقصة ذلك مفصلة في كتب المغازي راجع الإصابة.

قوله (أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في تسليم أبي جندل إلى

ص: 297

4501 -

(00)(00) وحدّثناه عُثْمَانُ بْنُ أبِي شَيبَةَ وَإِسْحَاقُ. جَمِيعًا عَنْ جَرِيرٍ. ح وَحَدَّثَنِي أبُو سَعِيدٍ الأشَجُّ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. كِلاهُمَا عَنِ الأعْمَشِ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَفي حَدِيثهِمَا: إِلَى أمْرٍ يُفْظِعُنَا.

4502 -

(00)(00) وَحدّثني إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ. حَدَّثَنَا أبُو أسَامَةَ، عَنْ مَالِكٍ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ أبِي حَصِينٍ، عَنْ أبِي وَائِلٍ. قَال: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيفٍ بِصِفِّينَ يَقُولُ: اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ

ــ

المشركين وقوله: (ما وضعنا سيوفنا على عواتقنا) وضع السيوف على العواتق كناية عن الاستعداد للحرب والمراد أننا كلما تأهبنا للقتال بوضع سيوفنا على عواتقنا أفضت هذه السيوف إلى أمر سهل نعرفه خيرًا غير هذا الأمر أي الذي نحن فيه الآن من هذه المقاتلة التي وقعت فيها فإنها لا تسهل بنا اهـ من الكرماني على البخاري [25/ 155] ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في هذا الحديث فقال.

4501 -

(00)(00)(وحدثناه عثمان بن أبي شيبة وإسحاق) بن إبراهيم الحنظلي (جميعًا) أي كلاهما رويا (عن جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي (ح وحدثني أبو سعيد الأشج) الكندي عبد الله بن سعيد بن حصين الكوفي (حدثنا وكيع) بن الجراح كلاهما) أي كل من جرير ووكيع رويا (عن الأعمش) غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعتهما لأبي معاوية (بهذا الإسناد) يعني عن شقيق عن سهل (و) لكن (في حديثهما) أي في حديث جرير ووكيع لفظة (إلى أمر يفظعنا) بزيادة يفظعنا أي يوقعنا في أمر فظيع شديد علينا اهـ نهاية ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث سهل بن حنيف رضي الله عنه فقال.

4502 -

(00)(00)(وحدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري) الطبري أبو إسحاق البغدادي (حدثنا أبو أسامة عن مالك بن مغول) البجلي الكوفي، ثقة، من (7)(عن أبي حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد (عثمان بن عاصم) بن حصين الأسدي الكوفي ثقة، من (4) (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (قال سمعت سهل بن حنيف) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة أبي حصين للأعمش وحبيب بن أبي ثابت أي سمعته (بصفين بقول: اتهموا رأيكم على) تشتت (دينكم) ووحدتكم وتفرق شملكم

ص: 298

فَلَقَدْ رَأَيتُنِي يَوْمَ أَبِي جَندَلٍ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. مَا فَتَحْنَا مِنْهُ فِي خُصْمٍ، إِلَّا انْفَجَرَ عَلَينَا مِنْهُ خُصْمٌ.

4503 -

(1733)(78) وحدّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ. حَدَّثنَا سَعِيدُ بْنُ أبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ؛

ــ

واجتماعكم (فـ) ـوالله (لقد رأيتني) أي رأيت نفسي (يوم) رد (أبي جندل) إلى قريش وهو يوم الحديبية وقوله (ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني تسليم أبي جندل إلى المشركين جملة شرطية جوابها محذوف تقديره ولو استطعت وقدرت على رد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لرددته وقوله (ما فتحنا منه في خصم) هكذا وقع هذا الحديث في جميع نسخ مسلم والصواب ما سددنا والضمير في منه عائد إلى رأيكم والخصم بضم الخاء وسكون الصاد الطرف من كل شيء وهذه الفقرة إلى آخرها متعلقة بقوله في الرواية السابقة إلا أمركم كما يتضح من رواية البخاري في المغازي ولفظها (ما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لأمر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه قبل هذا الأمر ما نسد منها خصمًا إلا تفجر علينا خصم ما ندري كيف نأتي له) والمراد هنا ما سددنا وأصلحنا من رأيكم هذا وغلقنا بابه في خصم أي في طرف من طرفيه (إلا انفجر) وانفتح (علينا منه) أي من رأيكم هذا (خصم) أي طرف آخر بالفساد والمعنى أننا كنا نقاتل في الزمن الماضي فيؤول الأمر إلى يسرٍ وسهولة وخير للمسلمين أما قتالنا هذا في صفين فالأمور فيه معقدة للغاية كلما نحل مشكلة تظهر لنا مشكلة أخرى وذلك لكون القتال فيما بين المسلمين والصحيح ما ذكر في رواية البخاري ما نسد منها خصمًا وبه يستقيم المعنى ويتقابل السد بالانفجار ونسب القاضي عياض الغلطة إلى أحد الرواة وقال ابن الأثير في جامع الأصول [8/ 331] وأراد بقوله (ما نسد خصمًا ألا انفجر علينا منه خصم آخر) الإخبار عن انتشار الأمر وأنه لا يتهيأ إصلاحه وتلافيه لأنه بخلاف ما كانوا عليه من الاتفاق اهـ ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث البراء بحديث آخر لأنس رضي الله عنه فقال.

4503 -

(1733)(78)(وحدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صُهْبان الأزدي البصري الجهضمي (حدثنا خالد بن الحارث) بن عبيد الهجيمي البصري ثقة، من (8)(حدثنا سعيد بن أبي عروبة) مهران اليشكري البصري ثقة، من (6)(عن قتادة) بن دعامة

ص: 299

أَنَّ أَنس بْنَ مَالِكٍ حَدّثَهُمْ قَال: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَوْزًا عَظِيمًا} [الفتح: 1 - 5] مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيبِيَةِ وَهُمْ يُخَالِطُهُمُ الْحُزْنُ وَالْكَآبَةُ. وَقَدْ نَحَرَ الْهَدْيَ بِالْحُدَيبِيَةِ. فَقَال: "لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا".

4504 -

(00)(00) وحدّثنا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيمِيُّ. حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ. قَال: سَمِعْتُ أَبِي. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ. قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثنَا أَبُو دَاوُدَ

ــ

(أن أنس بن مالك حدثهم) وهذا السند من خماسياته (قال) أنس: (لما نزلت) سورة {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ} إلى قوله {فَوْزًا عَظِيمًا} [الفتح الآيات / 1 - 5](مرجعه) صلى الله عليه وسلم منصوب على الظرفية الزمانية متعلق بنزلت وقت رجوعه صلى الله عليه وسلم (من الحديبية وهم) أي والحال أن الأصحاب رضي الله تعالى عنهم (يخالطهم) أي يخالط قلوبهم (الحزن والكآبة) لصدهم عن المسجد الحرام ومنعهم من إتمام العمرة ولما وقع عليه الصلح من شروط ظاهرها ضعف المسلمين (وقد نحر) صلى الله عليه وسلم وأصحابه (الهدي بالحديبية) أي هدي التحلل بالإحصار والفاء في قوله (فقال): زائدة في جواب لما أي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله (لقد أنزلت عليَّ آية هي أحب إليَّ من الدنيا) وما فيها (جميعًا) قال الأبي إما باعتبار كونها قرآنًا فآية واحدة خير من الدنيا وما فيها والأظهر أنه يريد لما اشتملت عليه من الفتح الذي نزل الإعلام به وأصحابه في حال شدة قلت وتضمنت الآية أيضًا المغفرة العامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإتمام نعمة الله عليه ونصره نصرًا عزيزًا وكل ذلك فيه بشارة موجبة للفرج وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في المغازي [4172]، والترمذي في التفسير [3263]، ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال.

4504 -

(00)(00)(وحدثنا عاصم بن النضر) بن المنتشر الأحول (التيمي) أبو عمرو البصري صدوق من (10)(حدثنا معتمر) بن سليمان التيمي البصري ثقة، من (9) (قال: سمعت أبي) سليمان بن طرخان التيمي البصري ثقة، من (4) (حدثنا قتادة) بن دعامة (قال: سمعت أنس بن مالك) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة سليمان بن طرخان لسعيد بن أبي عروبة (ح وحدثنا ابن المثنى حدثنا أبو داود)

ص: 300

حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنَا شَيبَانُ. جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ.

4505 -

(1734)(79) وحدّثنا أبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيعٍ. حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيلِ. حَدَّثَنَا حُذَيفَةُ بْنُ الْيَمَانِ. قَال: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي، حُسَيلٌ،

ــ

الطيالسي سليمان بن داود البصري (حدثنا همام) بن يحيى بن دينار الأزدي العوذي البصري ثقة، من (7)(ح وحدثنا عبد بن حميد) الكسي (حدثنا يونس بن محمد) بن مسلم البغدادي أبو محمد المؤدب الحافظ ثقة، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا شيبان) بن عبد الرحمن التميمي النحوي البصري ثم الكوفي ثم البغدادي ثقة، من (7)(جميعًا) أي كل من همام وشيبان (عن قتادة عن أنس نحو حديث ابن أبي عروبة) غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعة همام وشيبان لسعيد بن أبي عروبة ثم استدل المؤلف رحمه الله على الجزء الأخير من الترجمة بحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فقال.

4505 -

(1734)(79)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن الوليد) بن عبد الله (بن جميع) مصغرًا الزهري المكي ثم الكوفي وقد ينسب إلى جده روى عن أبي الطفيل في الجهاد والنفاق وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعكرمة ومجاهد وغيرهم ويروي عنه (م د ت س) وأبو أسامة وأبو أحمد الزبيري الكوفي ووكيع ويحيى القطان وحفص بن غياث وغيرهم وثقه ابن معين والعجلي وقال أبو زرعة وأحمد وأبو داود لا بأس به وقال في التقريب صدوق يهم من الخامسة (حدثنا أبو الطفيل) عامر بن واثلة بن عبد الله الليثي المكي مختلف في صحبته روى عنه في (10) أبواب (حدثنا حذيفة بن اليمان) واسم اليمان حسيل مصغرًا ويقال حسل بكسر فسكون صحابي أبو عبد الله العبسي بموحدة الكوفي حليف الأنصار الصحابي بن الصحابي من السابقين صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنافقين كما في أسد الغابة رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) حذيفة: (ما منعني أن أشهد بدرًا) أي غزوة بدر (ألا أني خرجت) من المدينة إلى بدر (أنا وأبي حسيل) مصغرًا بالرفع على أنه بدل من أبي أو عطف بيان له وهو اسم والد حذيفة واليمان لقبه سماه به قومه لأنه كان أصاب دمًا في قومه ففر إلى المدينة فحالف بني عبد الأشهل بطن من الأنصار فسموه بذلك لمحالفته

ص: 301

قَال: فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيشٍ. قَالُوا: إِنَّكُمْ ترِيدُونَ مُحَمَّدًا؟ فَقُلْنَا: مَا نُرِيدهُ ُ. مَا نُرِيدُ إِلَّا الْمَدِينَةَ. فَأَخَذُوا مِنا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَننْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَا نُقَاتِلُ مَعَهُ. فَأَتَينَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخبَرْنَاهُ الخَبَرَ. فَقَال: "انْصَرِفَا. نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللهَ عَلَيهِمْ"

ــ

اليمانية قال الأبي: يعني باليمانية الأنصار لأنهم ليسوا من معد وتقدم أن العرب عربان يمنية ومعدية والمعدية ما كان من ذرية إسماعيل واليمنية ما كان من غيرهم وقيل نسب حذيفة إلى اليمان لكون اليمان جده الأعلى كذا في الأبي وما قيل إن والد حذيفة هذا كان مسلمًا واستشهد يوم أحد بأيدي المسلمين خطأ وقصته مفصلة في صحيح البخاري (قال) حذيفة: (فأخدنا) أي أمسكنا (كفار قريش) فـ (ـقالوا) لنا: (إنكم تريدون محمدًا فقلنا) لهم: (ما نريده) أي ما نريد محمدًا بل (ما نريد إلا المدينة) قال القاضي عياض فيه جواز الكذب والتعريض للخائف للضرورة وقد تقدمت هذه المسألة بتفاصيلها في باب جواز الخداع في الحرب اهـ (فأخذوا منا عهد الله) على ذلك (وميثاقه) تعالى وهو العهد المؤكد باليمين على أننا (لننصرفن) ونرجعن (إلى المدينة ولا نقاتل معه) أي مع محمد (فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه) صلى الله عليه وسلم (الخبر) الذي جرى بيننا وبين كفار قريش من العهد والميثاق (فقال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انصرفا) وارجعا إلى المدينة (نفي لهم بعهدهم) الذي جعلوه عليكم أي نتمم لهم عهدهم ولا ننقض وفي نسخة ففيا لهم بعهدهم بصيغة التثنية من الأمر بالوفاء وقوله نفي هو مضارع من الوفاء أيضًا (ونستعين الله عليهم) أي على قتالهم قال النووي قوله (نفي لهم بعهدهم) هذا ليس للإيجاب فإنه لا يجب الوفاء بترك الجهاد مع الإمام أو نائبه ولكن أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يشيع من أصحابه نقض العهد وإن كان لا يلزمهم ذلك لأن المشيع عليهم لا يذكر تأويلًا قال الأبي: واختلف العلماء في الأسير يعاهد أن لا يهرب فقال الشافعي والكوفيون لا يلزمه الوفاء وقال مالك يلزمه وقال ابن القاسم وابن المواز إن أكرهه على أن يحلف لم يلزمه لأنه مكره وقال بعض الفقهاء: لا فرق بين الحلف والعهد وخروجه من بلد الكفر واجب اهـ.

وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم من أصحاب الأمهات وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب خمسة أحاديث الأول: حديث البراء بن عازب ذكره للاستدلال به

ص: 302

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين والثاني: حديث أنس الأول ذكره للاستشهاد والثالث: حديث سهل بن حنيف ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه ثلاث متابعات والرابع: حديث أنس الثاني ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه متابعة واحدة والخامس: حديث حذيفة بن اليمان ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 303