الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
623 - (16) باب كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام وكتابه إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله عز وجل
4473 -
(1720)(65) حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِي وَابْنُ أَبِي عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ (وَاللفْظُ لابْنِ رَافِعٍ)(قَال ابْنُ رَافِعٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرزَّاقِ) أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِي، عَنْ عُبَيدِ الله بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أن أبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ، مِنْ فِيهِ إِلَي فِيهِ. قَال: انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ التِي كَانَتْ بَينِي وَبَينَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: فَبَينَا أَنَا
ــ
623 -
(16) باب كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام وكتابه إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله عز وجل
4473 -
(1720)(65)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) المروزي (و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (ومحمد بن رافع) القشيري النيسابوري (وعبد بن حميد) الكسي البصري (واللفظ لابن رافع قال ابن رافع وابن أبي عمر حدثنا وقال الآخران: أخبرنا عبد الرزاق) بن همام (أخبرنا معمر) بن راشد (عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بن مسعود الهذلي المدني (عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما (أن أبا سفيان) صخر بن حرب القرشي الأموي أبا معاوية أمير المؤمنين رضي الله عنه (أخبره) أي أخبر لابن عباس حالة كون أبي سفيان مشافهًا ومخاطبًا (من فيه) أي من فمه خطابًا واصلًا (إلى فيه) أي إلى فم ابن عباس يعني أن أبا سفيان أخبر لابن عباس بلا واسطة وهذا السند من سباعياته ومن لطائفه أن فيه رواية صحابي عن صحابي ورواية تابعي عن تابعي وفيه المقارنة والتحديث والأخبار والعنعنة والأنأنة.
(قال) أبو سفيان: (انطلقت) أي ذهبت إلى جهة الشام للتجارة وكان معه رهط من قريش وكانوا ثلاثين رجلًا كما عند الحاكم اهـ إرشاد وكلهم كانوا كفارًا (في المدة) والهدنة (التي بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني مدة صلح الحديبية على وضع الحرب عشر سنين وكان أبو سفيان إذ ذاك من الصناديد الذين عقدوا الصلح وكانت الحديبية في أواخر سنة ست من الهجرة (قال) أبو سفيان: (فبينا أنا) مع رهط من
بِالشأمِ، إِذْ جِيءَ بِكِتَابِ مِن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِلَي هِرَقلَ. يَعنِي عَظِيمَ الرومِ. قَال: وَكَانَ دَحيَةُ الكَلْبِى جَاءَ بِهِ. فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصرَى. فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصرَى إِلَى هِرَقْلَ. فَقَال هِرَقلُ: هَل ههُنَا أحَد مِنْ قَوْمِ هذَا الرجُلِ الذِي يَزْعُمُ أنهُ نَبِيٌّ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَال: فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيشٍ. فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقلَ. فَأجْلَسَنَا بَينَ يَدَيهِ. فَقَال: أيُّكُم أقْرَبُ نَسَبًا مِن هذَا الرجُلِ الذِي يَزعُمُ أَنهُ نَبِيٌّ؟
ــ
قريش حاضر (بالشام إذ جيء بكتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل) يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الكتاب إلى الإسلام وكان هرقل إذ ذاك في إيلياء يعني بيت المقدس كما في البخاري بكسر الهاء وفتح الراء وسكون القاف على المشهور وحكى جماعة إسكان الراء وكسر القاف كخندف منهم الجوهري وهو اسم علم لملك الروم لقبه قيصر ملك إحدى وثلاثين سنة وفي ملكه توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو أول من ضرب الدينار وأحدث البيعة كذا في عمدة القاري [1/ 93]، قال ابن عباس أو من دونه (يعني) أبو سفيان بهرقل (عظيم الروم) أي ملك الروم (قال) أبو سفيان:(وكان دحية) بكسر الدال أو فتحها لغتان مشهورتان اختلف في الراجحة منهما وادعى ابن السكيت بالكسر لا غير وأبو حاتم السجستاني أنه بالفتح لا غير بن خليفة (الكلبي جاء به) أي بالكتاب من عند النبي صلى الله عليه وسلم (فدفعه) أي فدفع دحية الكتاب (إلى عظيم بصرى) أي إلى سيدها وأميرها ورئيسها وبصرى بضم الباء هي مدينة حوران ذات قلعة وأعمال قريبة من طرف البرية التي بين الشام والحجاز (فدفعه) أي فدفع ذلك الكتاب (عظيم بصرى) أي أميرها (إلى هرقل) ملك الروم (فقال هرقل) لجلسائه: (هل ها هنا) أي هل في هذه الناحية (أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم) ويقول (أنه نبي) مرسل من الله تعالى هل يوجد ها هنا أي في الشام أحد من قبيلته (قالوا) أي قال جلساؤه له (نعم) يوجد ها هنا نفر من جماعته (فدُعيت) أنا أي طلبت إلى مجلسه (في نفر) أي مع نفر وجماعة (من قريش) كانوا معي نحو ثلاثين رجلًا كلما مر آنفًا (فدخلنا) أي دخلت أنا وأولئك القرشيون (على هرقل) ملك الروم وهو بإيلياء وفي البخاري في الجهاد أن هرقل لما كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء شكرًا لله فأجلسنا بين يديه أي قدامه أي أمر خدمه بإجلاسنا بين يديه (فقال) لنا هرقل: (أيكم) أي أيها المحضرون قدامي (أقرب نسبًا من هذا الرجل الدي يزعم أنه نبي) قال
فَقَال أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنا. فَأجلَسُونِي بَينَ يَدَيهِ. وَأَجلَسُوا أَصْحَابِي خَلفِي. ثُم دَعَا بِتَرجُمَانِهِ فَقَال لَهُ: قُل لَهُمْ: إِني سَائِلٌ هذَا عَنِ الرجُلِ الذِي يَزعُمُ أَنهُ نَبِي. فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ. قَال: فَقَال أَبُو سُفْيَانَ: وَايمُ الله! لَولا مَخَافَةُ أَن يُؤثَرَ عَلَى الْكَذِبُ لَكَذَبْتُ. ثُم قَال لِتَرْجُمَانِهِ: سَلْهُ. كَيفَ حَسَبُهُ فِيكُم؟
ــ
العلماء إنما سأل عن قريب النسب لأنه أعلم بحاله وأبعد من أن يكذب في نسبه وغيره (فقال أبو سفيان فقلت) لهرقل: (أنا) أقربهم إليه نسبًا (فأجلسوني) أي أجلسني خدمه (بين يديه) قريبًا وأجلسوا أصحابي أي رفقتي من قريش (خلفي) أي من ورائي قال بعض العلماء: إنما فعل ذلك ليكون عليهم أهون في تكذيبه إن كذب لأن مقابلته بالكذب في وجهه صعبة بخلاف ما إذا لم يستقبله (ثم دعا) هرقل (بترجمانه) بفتح التاء وضم الجيم وهو الأرجح عند النووي ويجوز فتح التاء والجيم فيما حكاه الجوهري وقيل بضمهما والتاء فيه أصلية وأنكروا على الجوهري جعلها زائدة وهو المعبر عن لغة بلغة أخرى.
(فقال) هرقل (له) أي لترجمانه (قل لهم) أي لهؤلاء الذين أجلسوا وراءه (إني سائل هذا) الرجل الذي يزعم أنه أقرب منه نسبًا يعني أبا سفيان (عن الرجل الذي يزعم أنه نبي) يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإن كذبني) هذا المسؤول أي أخبرني بالكذب فيما سألته عنه يعني إن كذب في جواب أحد أسئلتي (فكذبوه) بكسر الذال المشددة أي أظهروا لي كذبه في جوابي (قال) ابن عباس (فقال أبو سفيان وايم الله) أي اسم الله قسمي تقدم البحث عنه بما لا مزيد عليه في الأيمان (لولا مخافة أن يوثر علي الكذب) أي لولا مخافة أن ينقل عني الكذب أي لولا مخافته موجودة (لكذبت) عليه أي لأخبرت في حقه الكذب قال الحافظ في الفتح [1/ 35] وفيه دليل على أنهم يستقبحون الكذب إما بالأخذ عن الشرع السابق أو بالعرف وفي قوله أن يؤثر دون أن يكذب دليل على أنه كان واثقًا منهم بعدم التكذيب إن لو كذب لاشتراكهم معه في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم لكنه ترك ذلك استحياء وأنفة من أن يتحدثوا بذلك بعد أن يرجعوا فيصير عند سامعي ذلك كذابًا وفي رواية ابن إسحاق التصريح بذلك ولفظه فوالله لو قد كذبت ما ردوا علي ولكني كنت امرأَ سيدًا أتكرم عن الكذب وعلمت أن أيسر ما في ذلك إن أنا كذبته أن يحفظوا ذلك عني ثم يتحدثوا به فلم أكذبه (ثم قال) هرقل (لترجمانه سله) أي سل هذا الرجل المسؤول يعني أبا سفيان (كيف حسبه) أي شرفه الثابت له ولآبائه (فيكم)
قَال: قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ. قَال: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ؟ قُلْتُ: لَا. قَال: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَال؟ قُلْتُ: لَا. قَال: وَمَنْ يَتَّبِعُهُ؟ أَشْرَافُ الناسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قَال: قُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَال: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ قَال قُلْتُ: لَا. بَلْ يَزِيدُونَ. قَال: هَلْ يَرْتَد أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ، بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، سَخطَةً لَهُ؟ قَال قُلْتُ: لَا. قَال: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَال: فَكَيفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِياهُ؟ قَال قُلْتُ: تَكُونُ الْحَرْبُ بَينَنَا وَبَينَهُ سِجَالًا
ــ
ورواية البخاري في أول صحيحه (كيف نسبه فيكم أي ما حال نسبه أهو من أشرافكم أم لا قلت هو فينا ذو نسب)(قال) أبو سفيان: (قلت) له: (هو فينا ذوحسب) عظيم والحسب مفاخر الشخص من آبائه أي هو ذو نسب عظيم (قال) لي هرقل: (فهل كان من آبائه ملك) بكسر اللام صفة مشبهة (قلت: لا قال) هرقل: (فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال) من أنه نبي (قلت لا) نتهمه بالكذب (قال) هرقل: (ومن يتبعه أ (أشراف) بتقدير همزة الاستفهام (الناس) أي كبارهم وأهل الإحسان كذا في عمدة القاري [1/ 99] وقال في الفتح: المراد بالأشراف هنا أهل النخوة والتكبر منهم لا كل شريف حتى لا يرد مثل أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وأمثالهما ممن أسلم قبل هذا السؤال أي هل أشراف الناس يتبعونه (أم ضعفاؤهم قال) أبو سفيان: (قلت) له: (بل ضعفاؤهم) يتبعونه قلت هذا بالنظر إلى الغالب وإلا فقد سبق إلى اتباعه أكابر أشراف زمنه كالصديق والفاروق وحمزة وغيرهم وهم أيضًا كانوا أهل النخوة والغنى (قال) هرقل: (أيزيدون) أي هل يزيد أتباعه يومًا فيومًا (أم ينقصون قال) أبو سفيان: (قلت لا) ينقصون (بل يزيدون) ويكثرون (قال) هرقل: (هل يرتد) ويرجع أحد منهم أي من أتباعه (عن دينه بعد أن يدخل فيه) أي في دينه (سخطة له) أي كراهية لدينه بالنصب على المفعولية لأجله أو على الحال أي ساخطًا (وقوله سخطة) بالتاء بفتح السين وأما السخط بغير تاء فيجوز في سينها الضم والفتح غير أن الضم تسكن معه الخاء والفتح تفتح معه ومعناه الكراهية وعدم الرضا به (قال) أبو سفيان: (قلت) له: (لا) يرتدون عن دينه (قال) هرقل: (فهل قاتلتموه) وقاتلكم (قلت نعم) قاتلناه وقاتلنا (قال) هرقل: (فكيف كان قتالكم إياه) هل الغلبة له أم لكم (قال) أبو سفيان: (قلت) له: (تكون الحرب بيننا وبينه سجالًا) بكسر السين وفتح الجيم أي نوبًا نوبة لنا ونوبة له فيغلبون علينا مرة ونغلب
يُصِيبُ مِنا وَنُصِيبُ مِنْهُ. قَال: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ: لَا. وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدة لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا.
قَال: فَوَاللهِ! مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيئًا غَيرَ هذِهِ.
قَال: فَهَلْ قَال هذَا الْقَوْلَ أَحَدْ قَبْلَهُ؟ قَال: قُلْتُ: لَا. قَال
ــ
عليهم أخرى قال ابن منظور في لسان العرب [13/ 346] السجل بفتح السين الدلو الملأى وأسجله سجلًا أو سجلين وقالوا: الحروب سجال أي سجل منها هؤلاء وآخر على هؤلاء والمساجلة مأخوذة من السجل وفي حديث أبي سفيان الحرب بيننا سجال معناه أن ندال عليه مرة ويدال علينا أخرى وأصله أن المستقيين بسجلين من البئر يكون لكل واحد منهما سجل أي دلو ملأى ماءً اهـ وأشار أبو سفيان بذلك إلى ما وقع بينهم في غزوة بدر وغزوة أحد وقد صرح بذلك أبو سفيان يوم أحد بقوله (يوم بيوم والحرب سجال) ووقع في مرسل عروة (قال أبو سفيان: غلبنا مرة يوم بدر وأنا غائب ثم غزوتهم في بيوتهم ببقر البطون وجدع الآذان) وأشار بذلك إلى يوم أحد كذا في فتح الباري [1/ 36](يصيب) أي يقتل (منا) مرة كيوم بدر (ونصيب) أي نقتل (منه) مرة أخرى (قال) هرقل: (فهل يغدر) وينقض العهد إذا عاهدتم معه قال أبو سفيان: (قلت) له: (لا) يغدر العهد (و) لكن (نحن منه في مدة) العهد بيننا وبينه يعني مدة صلح الحديبية (لا ندري) ولا نعلم (ما هو صانع فيها) أي في عهد تلك المدة هل يغدر فيه أم لا يريد أنه غير جازم في ذلك (قال) أبو سفيان: (فوالله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئًا) من تنقبص رسول الله صلى الله عليه وسلم (غير هذه) الكلمة يعني قوله لا ندري ما هو صانع فيها والمعنى ما سألني سؤالًا أستطيع أن أجيب عنه بشيء من تنقيص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في هذا السؤال فإني استطعت في جوابه أن أقول فيه شيئًا وذلك لأن التنقيص أمر نسبي فإن من يقطع بعدم غدره أرفع رتبة ممن يجوز وقوع ذلك منه في الجملة وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معروفًا عندهم بأنه لا يغدر ولما كان أمر المستقبل مغيبًا أمن أبو سفيان أن ينسب في ذلك إلى الكذب ولهذا أورده بالتردد ولكن هرقل لم يعرج على هذا القدر منه وقد صرح ابن إسحاق في روايته عن الزهري بذلك حيث قال لي قال: فوالله ما التفت إليها مني ذكرها الحافظ في الفتح [1/ 36](قال) هرقل لأبي سفيان (فهل قال هذا القول) الذي يقوله من أنه نبي (أحد) منكم (قبله قال قلت لا قال)
لِتَرجُمَانِهِ: قُل لَهُ: إِني سَألتُكَ عَن حَسَبِهِ فَزَعَمتَ أَنهُ فِيكُم ذو حَسَبٍ. وَكَذلِكَ الرسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا. وَسَألتُكَ: هَل كَانَ فِي آبَائهِ مَلِك؟ فَزَعَمتَ أَن لَا. فَقُلْتُ: لَو كَانَ مِن آبَائهِ مَلِك قُلتُ: رَجُل يَطلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ. وَسَأَلتُكَ عَن أَتبَاعِهِ، أَضُعَفَاؤُهُم أَم أَشْرَافُهُم؟ فَقُلْتَ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُم. وَهُم أَتبَاعُ الرسُلِ. وَسَألْتُكَ: هَلْ كُنتُمْ تَتَّهِمْونَهُ بِالْكَذِبِ قَبلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَال؟ فَزَعَمْتَ أَن لَا. فَقَد عَرَفْتُ أَنهُ لَم يَكُنْ لِيَدع الْكَذِبَ عَلَى الناسِ ثُم يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى الله
ــ
هرقل (لترجمانه قل له) أي لأبي سفيان (إني سألتك عن حسبه فزعمت أنه فيكم ذو حسب) عظيم (وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها) أي في أفضل أنسابهم وأشرفها قيل الحكمة في ذلك أنه أبعد من انتحاله الباطل وأقرب إلى انقياد الناس له اهـ نووي قال الحافظ والظاهر أن إخبار هرقل بذلك بالجزم كان عن العلم المقرر عنده في الكتب السالفة وقال القاضي عياض فيه دليل على أن ذوي الأحساب أولى بالتقدم في أمور المسلمين ومهماتهم الدينية والدنيوية ولذلك جعلت الخلافة على قول دهماء المسلمين وصحيح الأخبار في قريش لأن ذوي الأحساب أحوط على عدم تدنيس أحسابهم بما لا يليق اهـ من الأبي [5/ 100 و 101](وسألتك هل كان في آبائه ملك فزعمت أن لا) ملك فيهم (فقلت) في نفسي (لو كان من أبائه ملك قلت) هو (رجل يطلب ملك آبائه وسألتك عن أتباعه أضعفاؤهم) أي هل هم ضعفاء الناس (أم أشرافهم فقلت بل) هم (ضعفاؤهم وهم أتباع الرسل) أي لكون الأشراف يأنفون من تقدم مثلهم عليهم والضعفاء لا يأنفون فيسرعون إلى الانقياد واتباع الحق والمعنى أن أتباع الرسل في الغالب أهل الاستكانة لا أهل الاستكبار الذين أصروا على الشقاق بغيًا وحسدًا كأبي جهل وأشياعه (وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال) من دعوى النبوة (فزعمت أن لا) نتهم (فقد عرفت) من جوابك هذا (أنه) أي أن ذلك الرجل (لم يكن ليدع) بكسر اللام لأنها لام الجحود وفائدتها تأكيد نفي ما قبلها (الكذب على الناس) فيه قلب أي ليدع الناس ويتركهم على الكذب (ثم يذهب) بالنصب عطفًا على يدع وقوله: (فيكذب على الله) بالنصب أيضًا عطفًا على يذهب والمعنى فقد عرفت أنه لم يكن مريدًا ترك الناس على الكذب ثم ذهابه فكذبه على الله وإنما قلنا اللام لام الجحود لثبوت الصدق في ضابطها عليه كما قال بعضهم في ضبطها:
وَسَألتُكَ: هَل يَرتَدُّ أَحَدٌ مِنهُم عَن دِينِهِ بَعدَ أَن يَدخُلَهُ سَخطَةً لَهُ؟ فَزَعَمتَ أَن لا. وَكَذلِكَ الإيمَانُ إِذَا خَالطَ بَشَاشَةَ القُلُوبِ. وَسَألتُكَ: هَل يَزِيدُونَ أَوْ يَنقُصُونَ؟ فَزَعَمتَ أَنهُم يَزِيدُونَ. وَكَذلِكَ الإِيمَانُ حَتى يَتِمَّ. وَسَألتُكَ: هَل قَاتَلتُمُوهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنكُمْ قَدْ قَاتَلْتُمُوهُ. فَتَكُونُ الْحَربُ بَينَكُم وَبَينَهُ سِجَالًا. يَنَالُ مِنكُم وَتَنَالُونَ مِنْهُ. وَكَذلِكَ الرسُلُ تُبتَلَى ثُم تَكُونُ لَهُمُ العَاقِبَةُ. وَسَألتُكَ: هَل يَغْدِرُ؟ فَزَعَمتَ أَنهُ لَا يَغْدِرُ. وَكَذلِكَ الرسُلُ لَا تَغْدِرُ. وَسَألتُكَ:
ــ
وكل لام بعد ما كانا
…
أو لم يكن فبالجحود بانا
(وسألتك هل يرتد) ويرجع (أحد منهم) أي من أتباعه (عن دينه بعد أن يدخله) أي بعد أن يدخل فيه كما هو لفظ البخاري فالضمير فيه منصوب على التشبيه بالمفعول به نظير قولهم دخلت الشام لأن دخل لازم (سخطه) وكراهية (له فزعمت أن لا) يرتد عنه (وكذلك الإيمان إذا خالطه بشاشة القلوب) أي انشراح الصدور وأصلها اللطف بالإنسان عند قومه وإظهار السرور برؤيته يقال بش به وتبشبش اهـ نووي وقال الأبي كذا روي بنصب بشاشة مضافًا إلى القلوب يعني إذا خالط الإيمان انشراح الصدر لم يرده شيء وروي (وإذا خالط بشاشة القلوب) برفع بشاشة على كونه فاعلًا للمخالطة مضافًا إلى الضمير العائد إلى الإيمان ونصب القلوب ورجح القاضي هذه الرواية وقال: أصل البشاشة اللطف بالرجل وتأنيسه يقال: بش به وبشبش كذا في شرح الأبي وقال ابن الأعرابي هو فرح الصدر بالتصديق وقال ابن دريد بشه إذا ضحك إليه ولقيه لقاء جميلًا كذا في عمدة القاري.
(وسألتك هل يزيدون أو ينقصون فزعمت أنهم يزيدون وكذلك الإيمان) فإنه لا يزال في زيادة (حتى يتم) أمره بالصلاة والزكاة والصيام ونحوها ولذلك نزل في آخر سنيه {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الآية (وسألتك هل قاتلتموه) وقاتلكم كما في رواية البخاري (فزعمت أنكم قد قاتلتموه فتكون الحرب بينكم وبينه سجالًا) أي نوبًا (ينال) أي يقتل (منكم وتنالون منه وكذلك الرسل تبتلى) أي تختبر بالغلبة عليهم ليعلم صبرهم قال النووي: معناه يبتليهم الله بذلك ليعظم أجرهم بكثرة صبرهم وبذلهم وسعهم في طاعة الله تعالى (ثم تكون لهم العاقبة) المحمودة أي الغلبة (وسألتك هل يغدر) وينقض العهد (فزعمت أنه لا يغدر وكذلك الرسل لا تغدر) أي لا تنقض العهد إذا عاهدوا (وسألتك
هَلْ قَال هذَا القَوْلَ أَحَد قَبْلَهُ؟ فَزَعَمتَ أَن لَا. فَقُلتُ: لَو قَال هذَا الْقَوْلَ أَحَد قَبلَهُ، قُلْتُ: رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ. قَال: ثُم قَال: بِمَ يَأْمُرُكُم؟ قُلْتُ: يَأمُرُنَا بِالصلاةِ وَالزكَاةِ وَالصلَةِ وَالْعَفَافِ. قَال: إِن يَكُنْ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا، فَإِنهُ نَبِيٌّ. وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنهُ خَارجٌ. وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّهُ مِنْكمْ وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَني أَخْلُصُ إِلَيهِ، لأَحبَبْتُ لِقَاءَهُ
ــ
هل قال هذا القول أحد) منكم (قبله فزعمت أن لا) أحد: (فقلت لو قال هذا القول أحد قبله قلت) هو (رجل ائتم) واقتدى (بقول قيل قبله قال) أبو سفيان: (ثم قال) هرقل: (بم يأمركم) أي بأي شيء يأمركم وما استفهامية حذفت ألفها فرقًا بينها وبين ما الموصولة نظير {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} قال أبو سفيان: (قلت) له: (يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة) أي بصلة الأرحام وصلة كل ما أمر الله به أن يوصل وذلك بالبر والإكرام وحسن المراعاة اهـ نووي والعفاف أي بالكف عن المحارم وخوارم المروءة قال صاحب المحكم العفة الكف عما لا يحل ولا يحمد (قال) هرقل: (إن يكن ما تقول فيه) من الأوصاف (حقًّا) أي صدقًا (فإنه نبي) حقًّا قال العيني في العمدة [1/ 114] قيل هذه الأشياء التي سألها هرقل ليست بقاطعة على النبوة وإنما القاطع المعجزة الخارقة للعادة فكيف قال وكنت أعلم أنه خارج بالتأكيدات والجزم وأجيب بأنه كان عنده علم بكونها علامات هذا النبي صلى الله عليه وسلم كان ذلك كله نعتًا للنبي عليه السلام مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل وقوله (فإنه نبي) هل تعتبر هذه الجملة من هرقل تصديقًا منه للنبي صلى الله عليه وسلم وإيمانًا به ويحكم بكونه مؤمنًا اختلفت فيه آراء العلماء فمنهم من حكم بكونه مؤمنًا لأنه صدق النبي صلى الله عليه وسلم وأقر بذلك غير أنه لم يعمل بمقتضاه خوفًا من قومه وقال آخرون: لا يحكم بإيمانه لأنه قال في آخر هذه القصة (إني قلت مقالتي آنفًا أختبر بها شدتكم على دينكم) كما هو مصرح في رواية البخاري ومما يقال إن هرقل أثر ملكه على الإيمان وتمادى على الضلال وإنه حارب المسلمين في غزوة مؤتة سنة ثمان بعد هذه القصة والله أعلم بحقيقة الأمر اهـ منه. (وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظنه) أي أظن كونه (منكم) يا معشر قريش (ولو أني أعلم أني أخلص) وأصل (إليه لأحببت لقاءه) ورؤيته قال النووي هكذا هو في مسلم ووقع في البخاري (لتجشمت لقاءه) وهو أصح وأوضح في المعنى ومعناه لتكلفت الوصول إليه وارتكبت المشقة في ذلك ولكن أخاف أن أقتطع
وَلَو كُنتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيهِ. وَلَيَبْلُغَن مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمي.
قَال: ثُم دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَهُ. فَإِذَا فِيهِ "بِسْمِ الله الرحْمنِ الرحِيمِ. مِنْ مُحَمد رَسُولِ الله إِلَى هِرَقلَ عَظِيمِ الرومِ
ــ
دونه ولا عذر له في هذا لأنه قد عرف صدق النبي صلى الله عليه وسلم وإنما شح في الملك ورغب في الرياسة فآثرها على الإسلام وقد جاء ذلك مصرحًا به في صحيح البخاري ولو أراد الله هدايته لوفقه كما وفق النجاشي وما زالت عنه الرياسة ونسأل الله توفيقه اهـ ولكن لو تفطن هرقل لقوله صلى الله عليه وسلم في الكتاب الذي أرسل إليه (أسلم تسلم) وحمل الجزاء على عمومه في الدنيا والآخرة لسلم لو أسلم من كل ما يخافه ولكن التوفيق بيد الله تعالى كذا في فتح الباري (ولو كنت عنده) أي عند الرجل الذي وصفته لي (لغسلت عن قدميه) وفي رواية عبد الله بن شداد عن أبي سفيان لو علمت أنه هو لمشيت إليه حتى أقبل رأسه وأغسل قدميه وفي اقتصاره على ذكر غسل القدمين إشارة منه إلى أنه لا يطلب منه إذا وصل إليه سالمًا لا ولاية ولا منصبًا وإنما يطلب منه ما تحصل به البركة كذا في فتح الباري (وليبلغن ملكه ما تحت قدمي) هاتين كما في رواية البخاري يعني بيت المقدس وكنى بذلك لأنه موضع استقراره أو أراد الشام كله لأن دار مملكته كانت حمص كذا في الفتح (قال) أبو سفيان كما هو مصرح في رواية البخاري (ثم دعا) هرقل (بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي من وكل ذلك إليه أو من يأتي به اهـ من الإرشاد وزاد في رواية شعيب عن الزهري الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى فدفعه إلى هرقل (فقرأه) أي أمر هرقل بقراءته وفي رواية البخاري (فقرئ) بالبناء للمجهول (فإذا فيه) أي في ذلك الكتاب أي ففي الوقت الذي قرئ فيه لفظ (بسم الله الرحمن الرحيم) فإذا فجائية والفاء عاطفة على ما قبلها قال العيني في العمدة [1/ 116 و 117] فيه تصدير الكتاب ببسم الله الرحمن الرحيم وإن كان المبعوث إليه كافرًا وفيه دليل لمن قال بجواز معاملة الكفار بالدراهم المنقوشة فيها اسم الله تعالى للضرورة وإن كان عن مالك الكراهة لأن ما في هذا الكتاب أكثر مما في هذا المنقوش من ذكر الله تعالى (من محمد رسول الله) قال العيني وفيه أن السنة في المكاتبات أن يبدأ بنفسه فيقول من فلان إلى فلان والحكمة في تقديم الكاتب اسمه أن المكتوب إليه يعرف اسم الكاتب في أول نظرة ولولا ذلك لوقع في التشويش (إلى هرقل عظيم) أهل (الروم)
سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَع الهدَى. أَما بَعدُ. فَإني أَدعُوكَ بِدِعَايَةِ الإسلامِ. أَسلم تَسلم. وَأَسلِمْ يُؤْتكَ الله أَجرَكَ مَرتَينِ. وَإِن تَوَلَّيتَ فإن عَلَيكَ إثمَ الأَرِيسِيينَ
ــ
ورئيسهم وملكهم فيه أن المكتوب إليه يخاطب بملاطفة وتعظيم يليق بمرتبته المعروفة بين الناس ولو كان كافرًا أو فاسقًا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخاطبه بمجرد اسمه بل وصفه بكونه عظيم الروم وذكر العلماء أنه صلى الله عليه وسلم لم يصفه بقوله ملك الروم لما فيه من تسليم الملك والسلطنة له ولم يكن ذلك مقصودًا والله سبحانه وتعالى أعلم.
(سلام على من اتبع الهدى) قال العيني في العمدة [1/ 117] فيه حجة لمن منع أن يبتدأ الكافر بالسلام وهو مذهب الشافعي وأكثر العلماء وأجازه جماعة مطلقًا وجماعة للاستيلاف أو الحاجة وقد جاء النهي عنه في الأحاديث الصحيحة وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام الحديث وقال البخاري وغيره ولا يسلم على المبتدع ولا على من اقترف ذنبًا كبيرًا أو لم يتب منه (أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام) بكسر الدال مصدر بمعنى الدعوة أي بدعوة الإسلام وهي كلمة الشهادة التي يدعى إليها أهل الملل الكافرة وفي الرواية الآتية (بداعية الإسلام) وهي مصدر بمعنى الدعوة كالعافية وهي بمعنى الرواية الأولى (أسلم) بكسر اللام أمر من الإسلام أي ادخل في الإسلام (تسلم) بفتح اللام مضارع من السلامة مجزوم بالطلب السابق وهذا كلام في غاية الإيجاز والبلاغة وجمع المعاني مع ما فيه من بديع التجنيس وشموله لسلامته من خزي الدنيا بالحرب والسبي والقتل وأخذ الديار والأموال ومن عذاب الآخرة (أسلم) بكسر اللام أمر من الإسلام كلام مستأنف جوابه (يؤتك الله أجرك مرتين) أي من جهة إيمانه بنبيه ثم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أو من جهة أن إسلامه سبب لإسلام أتباعه (وإن توليت) أي أعرضت عن الإسلام (فإن عليك) مع إثمك (إثم الأريسيين) بفتح الهمزة وتشديد الياء بعد السين جمع أريسي أي إثم الأكارين وهم الفلاحون والزراعون ونسبه بهؤلاء على جميع الرعايا لأنهم الأغلب وأسرع انقيادًا فإذا أسلم أسلموا وإذا امتنع امتنعوا اهـ من الإرشاد باختصار وفي الرواية الآتية (اليريسيين) بالياء بدل الهمزة واختلفوا في المراد به على أقوال الأول أنهم الأكارون والفلاحون وكنى به عن رعاياه لأنهم أكارون في الغالب والمراد أنك لو امتنعت من الإسلام امتنع معك رعاياك من أجلك فيكون عليك إثم امتناعهم وهذا القول هو الراجح عند أكثر الشراح لأنه وقع في رواية ابن إسحاق عن الزهري (عليك إثم
ــ
الأكارين) وكذا رواه الطبراني والبيهقي في دلائل النبوة وزاد البرقاني في روايته يعني الحراثين وفي رواية المديني من طريق مرسلة فإن عليك إثم الفلاحين كذا في عمدة القاري [1/ 103] والثاني المراد منهم الخدم والخول يعني بصده إياهم عن الدين قاله أبو عبيدة كما في العمدة [1/ 101] والثالث أنهم أتباع عبد الله بن أريس من النصارى الملقبون بالأريسية والرابع أنهم الملوك والرؤساء الذين يقودون الناس إلى المذاهب الفاسدة فعلى هذا يكون المراد عليك إثم من تكبر عن الحق من الملوك والرؤساء قال الحافظ في الفتح [1/ 39] ولا يعارض بقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَي} لأن وزر الآثم لا يتحمله غيره ولكن الفاعل المتسبب والمتلبس بالسيئات يتحمل من جهتين جهة فعله وجهة تسببه اهـ و {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ} بواو العطف على أدعوك أي أدعوك بداعية الإسلام وأدعوك بقول الله تعالى يا أهل الكتاب {تَعَالوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَينَنَا وَبَينَكُمْ} قال الحافظ قوله {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ} إلخ هكذا وقع بإثبات الواو وذكر القاضي عياض أن الواو ساقطة من رواية الأصيلي وأبي ذر وعلى ثبوتها فهي داخلة على مقدر معطوف على قوله أدعوك والتقدير أدعوك بدعاية الإسلام وأقول لك ولأتباعك امتثالًا لقول الله تعالى {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ} ويحتمل أن تكون من كلام أبي سفيان لأنه لم يحفظ جميع ألفاظ الكتاب فالواو من كلامه لا من نفس الكتاب وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب ذلك قبل نزول الآية فوافق لفظه لفظها لما نزلت والسبب في هذا أن هذه الآية نزلت في قصة وفد نجران وكانت قصتهم سنة الوفود سنة تسع وقصة أبي سفيان كانت قبل ذلك سنة ست وسيأتي ذلك واضحًا في المغازي وقيل: بل نزلت سابقة في أوائل الهجرة وإليه يومئ كلام ابن إسحاق وقيل نزلت في اليهود وجوز بعضهم نزولها مرتين وهو بعيد اهـ منه.
وتلك الكلمة هي {أَلَّا نَعْبُدَ إلا اللَّهَ} أي توحيده في العبادة والإخلاص له فيها {وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيئًا} أي ولا نجعل غيره شريكًا له في استحقاق العبادة {وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ} فلا نقول عزير ابن الله ولا نطيع الأحبار فيما أحدثوه من التحريم والتحليل {فَإِنْ تَوَلَّوْا} وأعرضوا عن التوحيد {فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} أي لزمتكم الحجة فاعترفوا بأنا مسلمون دونكم أو اعترفوا بأنكم كافرون بما نطقت به الكتب
[آل عمران: 64]. فَلَما فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغَطُ. وَأَمَرَ بِنَا فَأخْرِجْنَا. قَال: فَقُلْتُ لأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ. إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأصْفَرِ.
قَال: فَمَا زِلْتُ مُوقنًا بِأَمْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنهُ سَيَظْهَرُ،
ــ
وتطابقت عليه الرسل قال أبو سفيان كما هو مصرح به في رواية البخاري (فلما فرغ) هرقل (من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات) أي أصوات الذين (عنده) وحوله من عظماء الروم (وكثر اللغط) أي الأصوات المختلطة والصياح والشغب. وقيل: اللغط هو كلام فيه جلبة واختلاط ولا يتبين (وأمر) هرقل (بنا) أي بإخراجنا من مجلسه (فأخرجنا) منه بالبناء للمجهول (قال) أبو سفيان (فقلت لأصحابي) ورفقتي القرشيين (حين خرجنا) من مجلسه والله (لقد أمر) وعظم (أمر ابن أبي كبشة) أي شأنه يريد به النبي صلى الله عليه وسلم وقوله لقد أمر بفتح الهمزة وكسر الميم من باب فرح أمر ابن أبي كبشة أراد به النبي صلى الله عليه وسلم لأن أبا كبشة أحد أجداده وعادة العرب إذا انتقصت نسبت إلى جد غامض وقد ذكر الحافظ في الفتح [1/ 40] عدة توجيهات لهذه النسبة وذكر أن ابن حبيب ذكر جماعة من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم من قبل أبيه ومن قبل أمه كل واحد منهم يكنى أبا كبشة وقيل هو أبوه من الرضاعة واسمه الحارث بن عبد العزى قاله أبو الفتح الأزدي وابن مأكولا وذكر يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن أبيه عن رجال من قومه أنه أسلم وكانت له بنت تسمى كبشة يكنى بها وقال ابن قتيبة هو رجل من خزاعة خالف قريشًا في عبادة الأوثان فعبد الشعرى فنسبوه إليه للاشتراك في مطلق المخالفة وكذا قاله الزبير قال واسمه وجز بن عامر بن غالب كذا في الفتح.
ثم علل عظم أمره بقوله (أنه) أي إن ابن أبي كبشة يعني النبي صلى الله عليه وسلم (ليخافه ملك بني الأصفر) وبنو الأصفر هم الروم ويقال: إن جدهم روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام تزوج بنت ملك الحبشة فجاء لون ولده بين البياض والسواد فقيل له الأصفر وقيل إنما لقب به لأن جدته سارة زوج إبراهيم عليه السلام حلته بالذهب كذا في فتح الباري.
(قال) أبو سفيان: (فما زلت موقنًا) أي مصدقًا (بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بشأنه ودينه وقوله (أنه سيظهر) بفتح الهمزة في تأويل مصدر مجرور على البدلية
حَتَّى أَدْخَلَ الله عَلَى الإِسْلامَ.
4474 -
(00)(00) وحدثناه حَسَنٌ الْحُلْوَانِي وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. قَالا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ). حَدَّثنَا أبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ: وَكَانَ قَيصَرُ لَما كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ. شُكْرًا لِمَا أَبْلاهُ اللهُ. وَقَال فِي الْحَدِيثِ: "مِنْ مُحَمدِ عَبدِ الله وَرَسُولهِ". وَقَال: "إِثْمَ الْيَرِيسِيينَ". وَقَال:
ــ
من المجرور قبله أي موقنًا بظهوره (حتى أدخل الله علي الإسلام) أي أدخل في قلبي نور الإسلام والإيمان وأنا كاره للإسلام كما في رواية البخاري وكان ذلك يوم فتح مكة وقد حسن إسلامه وطاب به قلبه بعد ذلك رضي الله عنه وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع عديدة منها في بدء الوحي [7]، وفي الإيمان [51]، وفي الجهاد [2804]، وأبو داود في الأدب [5136]، والترمذي في الاستئذان [2717]، ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سفيان رضي الله عنه فقال.
4474 -
(00)(00)(وحدثناه حسن) بن علي (الحُلْوَانِي) الخلال المكي ثقة، من (11) (وعبد بن حميد) الكسي (قالا: حدثنا يعقوب وهو ابن إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد (عن صالح) بن كيسان الغفاري المدني (عن ابن شهاب بهذا الإسناد) يعني عن عبيد الله عن ابن عباس عن أبي سفيان وهذا السند من ثمانياته غرضه بيان متابعة صالح لمعمر بن راشد (و) لكن (زاد) صالح (في الحديث) لفظة (وكان قيصر) وهو لقب لكل من ملك الروم وكان اسمه هرقل كما مر (لما كشف الله) عز وجل (عنه جنود فارس) وردهم عن ملكه (مشى من حمص) التي هي مملكته وعاصمتها وحمص ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث المعنوي (إلى إيلياء) متعلق بمشى أي مشى إلى بيت المقدس وفيه ثلاث لغات أشهرها بكسر الهمزة واللام وإسكان الياء بينهما وبالمد وثانيها كذلك إلا أنها بالقصر والثالثة إلياء بحذف الياء الأولى وإسكان اللام وبالمد (شكرًا لما أبلاه الله) أي شكرًا على ما أبلاه وأنعمه به من دفع جنود فارس عنه ويستعمل الإبلاء في الخير والشر قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيرِ فِتْنَةً} اهـ نووي. (وقال) صالح أيضًا (في الحديث) أي في روايته (من محمد بن عبد الله ورسوله وقال) صالح أيضًا (إثم اليريسيين) بالياء بدل الهمزة في أوله (وقال) صالح أيضًا
"بِدَاعِيَةِ الإسلامِ".
4475 -
(1721)(66) حدثني يُوسُفُ بْنُ حَمادٍ الْمَعْنِي حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَي، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنَسٍ؛ أن نَبِي اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى كِسْرَى، وإلى قَيصَرَ، وإلَى النَّجَاشِي، وإلَى كُل جَبارٍ،
ــ
(بداعية الإسلام) بدل دعاية في رواية معمر وهذا بيان لمحل المخالفة بين الراويين وقوله وقال في الحديث إلى آخره ساقط من نسخ النووي وبعض المتون وقوله (لما كشف الله عنه جنود فارس) أي هزمهم عنه بمقتضى إخباره سبحانه المسلمين في سورة الروم من كتابه العزيز تسلية للمسلمين عن شماتة المشركين حين غلبت فارس الروم بقولهم للمسلمين أنتم والنصارى أهل الكتاب ونحن وفارس أميون وقد ظهر إخواننا على إخوانكم ولنظهرن نحن عليكم وبعد بضع سنين غلبت الروم فارس وكان ذلك في صلح الحديبية على ما ذكره المحققون من أهل التفسير والتاريخ ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال.
4475 -
(1721)(66)(حدثني يوسف بن حماد المعني) بفتح الميم وسكون العين المهملة ثم نون وياء مشددة نسبة إلى معن بن زائدة أحد أجداده أبو يعقوب البصري ثقة، من (10) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي البصري ثقة، من (8) روى عنه في (11) بابا (عن سعيد) بن أبي عروبة مهران اليشكري البصري ثقة، من (6) روى عنه في (7) أبواب (عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري ثقة، من (4) (عن أنس) بن مالك الأنصاري البصري رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى) بفتح الكاف وكسرها لقب لكل من ملك الفرس وقيصر لكل من ملك الروم والنجاشي لقب لكل من ملك الحبشة وخاقان لكل من ملك الشرك وفرعون لكل من ملك القبط والعزيز لكل من ملك مصر وتبع لكل من ملك حمير (وإلى قيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار) من الجبابرة والجبار كل من يجبر الناس على ما يريد وينفذه قال الأبي: هو من العام المخصوص لأن من المعلوم أن من تقاصى وبعد لم يكتب إليه وإنما الكتاب إلى الثلاثة المذكورين وإلى المقوقس صاحب الإسكندرية وإلى المنذر بن ساوى العبدي
يَدْعُوهُم إِلَى الله تَعَالى. وَلَيسَ بِالنجَاشِي الذِي صَلي عَلَيهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
4476 -
(00)(00) وحدّثناه مُحَمدُ بْنُ عَبْدِ الله الرزي
ــ
صاحب هجر وإلى جعفر وأخيه عبد ابني الجلندي الأسديين ملكي عمان وإلى هودة بن علي صاحب اليمامة الحنفي وإلى الحارث بن أبي شمر الغساني عامل قيصر على غوطة دمشق وقيل إنما كتب إلى جلبة بن أبيهم وكان جبلة ولي الأمر لقيصر بعد الحارث وكتب أيضًا إلى الحارث بن عبد كلال الحميري ملك اليمن ولا خلاف بين أهل السير أن ملوك حمير أسلموا وبعثوا بإسلامهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اهـ من الأبي أي كتب إليهم حالة كونه (يدعوهم إلى) توحيد (الله تعالى) قال سعيد بن أبي عروبة كما يفهم من السند الأخير في هذا الحديث (وليس) النجاشي الذي كتب إليه (بالنجاشي الدي) أسلم و (صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم فإنه قد أسلم وأحسن إلى المسلمين الذين هاجروا إلى أرضه ورد طلب قريش تسليمه إياهم إليهم واسمه أصحمة بن أبجر واسمه بالعربية عطية والنجاشي بفتح الجيم وتخفيف الياء لقبه وخطأ ثعلب من شددها كما في الإصابة [1/ 117] ولكن ذكر الأبي عن الواقدي وغيره من أهل السير أنه النجاشي الذي صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في رجب سنة تسع منصرفه من تبوك وأنه كتب جوابًا لكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحمة النجاشي سلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته فأشهد أنك رسول الله صدوقًا وقد بايعتك) والله سبحانه وتعالى أعلم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي أخرجه في الاستئذان باب في مكاتبة المشركين رقم [2716]، ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال.
4476 -
(00)(00) وحدثناه محمد بن عبد الله الرزي) بضم الراء وتشديد الزاي المكسورة نسبة إلى الرز وهو الأرز ويقال له الأرزي أيضًا وهو منسوب إلى طبخ الأرز أبو جعفر البصري ثم البغدادي روى عن عبد الوهاب بن عطاء في الجهاد واللباس والفضائل وغيرها وخالد بن الحارث في ذكر الحوض والدعاء وعبد الوهاب الثقفي في آخر الكتاب ويروي عنه (م د) وأبو يعلى والحسن بن سفيان وثقه عبد الله بن أحمد ويعقوب بن شيبة وذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب ثقة يهم من العاشرة مات سنة (331) إحدى وثلاثين ومائتين.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهابِ بن عَطَاء، عَنْ سَعِيد، عَنْ قَتَادَةَ. حَدَّثَنَا أنسُ بن مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ. وَلَمْ يَقُلْ: وَلَيسَ بِالنَّجَاشِي الذِي صَلَّى عَلَيهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
4477 -
(00)(00) وَحَدثَنِيهِ نَصْرُ بْنُ عَلِي الْجَهْضَمِي. أخْبَرَنِي أَبِي. حَدثَنِي خَالِدُ بْنُ قَيسٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ. وَلَمْ يَذْكُرْ: وَلَيسَ بِالنَّجَاشِي الذِي
ــ
(حدثنا عبد الوهاب بن عطاء) العجلي أبو نصر الخفاف البصري نزيل بغداد روى عن سعيد بن أبي عروبة في الجهاد واللباس والطب والفضائل وصفة النار وعذاب القبر وعن حميد وسليمان التيمي وابن عوف ويروي عنه (م عم) ومحمد بن عبد الله بن الرزي وعمرو بن زرارة ويحيى وإسحاق الكوسج وخلق وقال في التقريب صدوق ربما أخطأ أنكروا عليه حديثًا في فضل العباس يقال: دلسه عن ثور من التاسعة مات سنة أربع ويقال سنة ست ومائتين (204)(عن سعيد) بن أبي عروبة البصري (عن قتادة حدثنا أنس بن مالك) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته أيضًا رجاله كلهم بصريون وفي هذا السند تصريح قتادة بالسماع من أنس فزال ما يخاف من تدليسه لو اقتصر على الطريق الأول غرضه بسوقه بيان متابعة عبد الوهاب لعبد الأعلى (عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق عبد الوهاب بمثله أي بمثل حديث عبد الأعلى (و) لكن (لم يقل) عبد الوهاب لفظة (وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال.
4477 -
(00)(00)(وحدثنيه نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صُهبان الأزدي البصري (الجهضمي) نسبة إلى الجهاضمة محلة بالبصرة ثقة ثبت من (10) روى عنه في (11) بابا (أخبرني أبي) علي بن نصر الجهضمي البصري الكبير ثقة من (9) روى عنه في (11) بابا (حدثني خالد بن قيس) بن رباح الأزدي الحداني بضم المهملة الأولى وتشديد الثانية البصري روى عن قتادة في الجهاد واللباس وعطاء ويروي عنه (م دس ق) ونصر بن علي وأخوه نوح بن قيس ومسلم بن إبراهيم وثقه ابن معين وقال في التقريب صدوق يغرب من السابعة وذكره ابن حبان في الثقات (عن قتادة عن أنس وهذا السند أيضًا من خماسياته ورجاله بصريون غرضه بيان متابعة خالد بن قيس لسعيد بن أبي عروبة (و) لكن (لم يذكر) خالد بن قيس لفظة (وليس بالنجاشي الدي
صَلَّى عَلَيهِ النبِي صلى الله عليه وسلم
ــ
صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وفي هذا الحديث جواز المكاتبة إلى الكفار ودعاؤهم إلى الإسلام والعمل بالكتاب وبخبر الواحد اهـ نووي وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان الأول: حديث أبي سفيان ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والثاني: حديث أنس ذكر للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين.
***