المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌611 - (4) باب أحكام اللقطة والضوال والاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربها - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب: الأقضية

- ‌608 - (1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد والحكم بالظاهر واللحن بالحجة

- ‌609 - (2) باب الحكم على الغائب والاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌610 - (3) باب لا يقضي الفاضي وهو على حال يشوش فكره ورد المحدثات ومن خير الشهود واختلاف المجتهدين وإصلاح الحاكم بين الخصمين

- ‌ أبواب اللقطة

- ‌611 - (4) باب أحكام اللقطة والضوال والاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربها

- ‌612 - (5) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه والأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌613 - (6) باب الأمر بالمواساة بفضول الأموال واستحباب خلط الأزواد إذا قلت

- ‌ كتاب: الجهاد والسير

- ‌(614) (7) باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة وتأمير الإمام الأمراء على البعوث والوصية لهم

- ‌615 - (8) باب الأمر بالتيسير وتحريم الغدر

- ‌616 - (9) باب جواز الخداع في الحرب وكراهة تمني لقاء العدو واستحباب دعاء النصر عند لقاء العدو

- ‌617 - (10) باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب وجواز قتلهن في البيات وجواز قطع أشجارهم وتحريقها

- ‌618 - (11) باب تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة وحكم الأنفال واستحقاق القاتل السلب

- ‌619 - (12) باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى وحكم الفيء وقوله صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا فهو صدقة

- ‌620 - (13) باب بيان كيفية قسم الغنيمة بين الحاضرين والإمداد بالملائكة وجواز ربط الأسير والمن عليه

- ‌621 - (14) باب إجلاء اليهود من الحجاز وإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب وجواز قتل من نقض العهد وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل

- ‌مسألة القيام للقادم

- ‌622 - (15) باب المبادرة بالغزو وتقديم أهم الأمرين ورد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم وجواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب

- ‌623 - (16) باب كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام وكتابه إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله عز وجل

- ‌624 - (17) باب في غزوة حنين وغزوة الطائف وغزوة بدر

- ‌625 - (18) باب فتح مكة وإزالة الأصنام من حول الكعبة وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يقتل قرشي صبرًا بعد الفتح

- ‌626 - (19) باب صلح الحديبية والوفاء بالعهد

- ‌627 - (20) باب غزوة الأحزاب وغزوة أحد واشتداد غضب الله على من قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌628 - (21) باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين وصبره على ذلك ودعائهم للتوحيد

- ‌629 - (22) باب قتل أبي جهل وقتل كعب بن الأشرف وغزوة خيبر وغزوة الأحزاب

- ‌630 - (23) باب غزوة ذي قرد وصلح الحديبية وقوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ} الآية

- ‌631 - (24) باب غزوة النساء مع الرجال والرضخ للنساء الغازيات والنهي عن قتل صبيان أهل الحرب

- ‌632 - (25) باب عدد غزوات النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وغزوة ذات الرقاع وكراهة الاستعانة بالكافر في الغزو

- ‌ كتاب الإمارة

- ‌633 - (26) باب اشتراط نسب قريش في الخلافة وجواز ترك الاستخلاف

الفصل: ‌611 - (4) باب أحكام اللقطة والضوال والاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربها

‌611 - (4) باب أحكام اللقطة والضوال والاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربها

4363 -

(1667)(13) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ؛ أنَّهُ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسْأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ؟

ــ

611 -

(4) باب أحكام اللقطة والضوال والاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربها

4363 -

(1667)(13)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى التميمي قال: قرأت على مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) اسمه فروخ التيمي أبي عثمان المدني وهو المعروف بربيعة الرأي وكان يلقب بالرأي لأنه كان ينظر فيه ويقي ويهاب التحديث وكانوا يتقونه لموضع الرأي ثقة فقيه مشهور من (5) روى عنه في (8) أبواب (عن يزيد مولى المنبعث) بضم الميم وسكون النون وفتح الموحدة وكسر المهملة بعدها مثلثة المدني قوله (مولى المنبعث) لم يذكر نسب يزيد غير هذه الإضافة والمنبعث الَّذي أضيف إليه ولاؤه صحابي كان يسمى المضطجع فغيره النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنبعث كما في أسد الغابة وغيره روى عن زيد بن خالد الجهني في الأحكام وأبي هريرة ويروي عنه (ع) وربيعة الرأي ويحيى بن سعيد الأنصاري وثقه ابن حيان وقال في التقريب صدوق من الثالثة (عن زيد بن خالد الجهني) المدني رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلَّا يحيى بن يحيى (أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وزعم ابن بشكوال اسمه بلال المؤذن رضي الله عنه وتعقبه الحافظ واستظهر الحافظ في الفتح أن اسمه سويد الجهني قال الحافظ: وهو أولى ما يفسر به هذا المبهم وتعقبه العيني في العمدة بأنه لا يتعين كونه هو السائل في حديث زيد بن خالد (فسأله) أي فسأل الرجل النبي صلى الله عليه وسلم (عن اللقطة) أي عن حكمها من أخذها أو تركها قال النووي: وهو بفتح القاف على اللغة المشهورة وبإسكانها في لغة مع ضم اللام فيهما اهـ ويقال لها لقاط ولقاطة بضم اللام في الكل وهو المال الضائع الملقوط من لقط الشيء من باب قتل والتقطه إذا أخذه من الأرض ومنهم من يقول: اللقطة بفتح القاف اسم للاقط قياسًا على نظائرها من أسماء الفاعلين كهمزة ولمزة وأما اسم المال الملقوط فبسكون القاف وميل الفيومي إلى القول بفتحها.

ص: 50

فَقَال: "اعْرفْ عِفَاصَهَا وَوكاءَهَا. ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً

ــ

وعد السكون من لحن العوام فإنه قال: إن الأصل لقاطة بضم اللام فأرادوا تخفيفها لكثرة دورانها على الألسنة فحذفوا الهاء مرة وقالوا: لقاط والألف أخرى فقالوا: لقطة اهـ وهي أمانة إن أخذها ليردها إلى صاحبها وأشهد وعرف إلى أن علم أن صاحبها لا يطلبها ثم تصدق بها فإن جاء صاحبها نفذه أو ضمن الملتقط ولا يدفع الملتقط اللقطة إلى مدعيها بلا بينة فإن بين علامتها حل الدفع كما في كتب الفروع (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اعرف) أولًا (عفاصها) أي وعائها والعفاص بكسر العين هو الوعاء الَّذي يكون فيه النفقة جلدًا كان أو خرقة أو غير ذلك قال الحافظ في الفتح: وقيل له العفاص من العفص وهو الثني لأن الوعاء يثنى على ما فيه والعفاص أيضًا الجلد الَّذي يكون على رأس القارورة وأما الَّذي يدخل فم القارورة من جلد أو غيره فهو الصمام بكسر الصاد المهملة قلت فحيث ذكر العفاص مع الوعاء فالمراد به الثاني وحيث لم يذكر العفاص مع الوعاء فالمراد به الأول اهـ من الفتح [5/ 81].

(ووكاءها) وهو الخيط الَّذي يشد به رأس الكيس والجراب والقربة ونحو ذلك أي اعرف عفاصها ووكائها لتعلم صدق واصفها من كذبه ولئلا تختلط بماله وتشتبه والمراد أن ذلك يكون علامة لما التقطه فمن جاء يتعرفها أو يطلبها بتلك الصفة دفعت إليه كذا في جامع الأصول لابن الأثير وقال الحافظ: والغرض معرفة الآلات التي تحفظ اللقطة ويلتحق بما ذكر معرفة الجنس والصفة والقدر والكيل فيما يكال والوزن فيما يوزن والذرع فيما يذرع وقال جماعة من الشافعية يستحب تقييدها بالكتابة خوف النسيان (ثم عرفها سنة) بالتكرير وقتًا بعد وقت وبهذا استدل جمهور الفقهاء على أن مدة تعريف اللقطة سنة وفي هذه المسألة مذاهب الأول: مدة التعريف سنة في كل شيء خسيس ونفيس وهو مذهب أحمد بن حنبل ورواية الطحاوي عن أبي حنيفة وبه قال الشعبي وسعيدُ بن المسيب وهو رواية عن الشافعي ومالك راجع له المغني لابن قدامة الثاني إذا كانت اللقطة شيئًا حقيرًا أو خسيسًا لا يجب تعريف سنة بل يعرف زمنًا يظن أن فاقده يعرض عنه غالبًا فدانق الفضة يعرف في الحال ودانق الذهب يومًا أو يومين أو ثلاثة وأما الشيء الخطير فيجب تعريفه سنة كاملة وليس هناك في التفريق بين الحقير والخطير معيار مضبوط بل كل ما يغلب على ظن الملتقط أن فاقده لا يكثر أسفه عليه ولا يطول طلبه غالبًا يعتبر حقيرًا وقدره بعضهم بدرهم وبعضهم بدينار وهذا المذهب هو الأصح عند

ص: 51

فَإنْ جَاءَ صْاحِبُهَا، وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا"

ــ

الشافعية كما في مغني المحتاج [2/ 414] وهو قول أكثر الفقهاء من المالكية كما يظهر من مواهب الجليل للحطاب [6/ 73].

والثالث: إن كانت اللقطة ما دون الخمسين درهمًا يعرفها ثلاثة أيام إلى سبعة أيام وهو قول أبي أيوب الهاشمي كما في المغني لابن قدامة [6/ 320] والرابع: إن كانت اللقطة أقل من عشرة دراهم عرفها أيامًا وإن كانت عشرة فصاعدًا عرفها حولًا وهو المشهور من مذهب الحنفية كما في الهداية وهو قول الثوري وإسحاق والحسن بن صالح ثم اختلفوا في تحديد الأيام التي يعرف فيها عند كون اللقطة أقل من عشرة دراهم فقال الحسن بن صالح يعرفها ثلاثة أيام وقال الثوري في الدرهم يعرف أربعة أيام وقال إسحاق ما دون الدينار يعرفه جمعة أو نحوها كما في المغني لابن قدامة ورُوي عن أبي حنيفة إن كانت ثلاثة دراهم فصاعدًا يعني إلى العشرة يعرفها عشرة أيام وإن كانت درهمًا فصاعدًا يعني إلى ثلاثة يعرفها ثلاثة أيام وإن كانت دانقًا فصاعدًا يعني إلى درهم يعرفها يومًا صبيان كانت دون الدانق ينظر يمنة ويسرة ثم يضعه في كف فقير كما في فتح القدير لابن الهمام [5/ 350 و 351] واختار صاحب الهداية عدم التقدير فيما دون عشرة دراهم بل يعرفه حسب ما يرى.

والخامس إن كانت اللقطة مائتين فصاعدًا عرفها حولًا وإن كانت أقل من مائتين إلى عشرة عرفها شهرًا وإن كانت أقل من عشرة يعرفها على حسب ما يرى وهو رواية عن أبي حنيفة ذكرها ابن الهمام في فتح القدير [6/ 350]، والسادس ليس لتعريف اللقطة مدة مقدرة شرعًا في حال من الأحوال وإنما يعرفها بقدر ما يغلب على ظنه أن صاحبها لا يطلبها بعد ذلك فتختلف المدة باختلاف الأشياء وقيمتها فربما يعرف الشيء يومًا أو يومين وربما يعرفه أكثر من سنة إذا كان الشيء له قيمة عظيمة وهو الَّذي اختاره شمس الأئمة السرخسي من الحنفية وهو القول المؤيد بالدلائل راجع مبسوط السرخسي [11/ 3] اهـ من التكملة.

(فإن جاء صاحبها) أي صاحب اللقطة وعرف فهو أحق بها فأدها إليه وجواب الشرط محذوف لعلمه من السياق (ولا) أي وإن لم يجئ صاحبها ويعرف (فشأنك بها) بالنصب على المفعولية تقديره فالزم شأنك بها واستمتع أي تصرف فيها بما شئت من أكل

ص: 52

قَال: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَال: "لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ"

ــ

وشرب وبيع وهدية وغير ذلك بعد قصد تملكها وقال ابن الأثير في النهاية: ويجوز رفعه والخبر محذوف تقديره أي فتصرفك بما شئت مباح أو جائز على أن لا ينقطع حق صاحبها عنها متى جاء وبهذا استدل الشافعية والحنابلة على أن الملتقط إذا لم يجد صاحبها بعد التعريف ملك اللقطة وحل له الانتفاع بها سواء كان غنيًّا أو فقيرًا فإن جاء صاحبها بعد التملك وجب أن يردها إليه إن كانت باقية أو بدلها إن كانت مستهلكة وهو قول إسحاق وابن المنذر والشعبي والنخعي وطاوس وعكرمة ورُوي ذلك عن عمر. وابن مسعود وعائشة وعلي وابن عباس رضي الله عنهم كما في المغني لابن قدامة [6/ 326] وقال أبو حنيفة رحمه الله: إنما يجوز الانتفاع للملتقط إذا كان فقيرًا وأما الغني فيتصدق به فإن جاءه صاحبها بعد ذلك خيره بين أجر الصدقة والغرم فإن غرم بها انتقل أجر الصدقة إلى الملتقط وهو مذهب الثوري والحسن بن صالح ورواية عن أحمد كما في المغني وأما الإمام مالك فقد رويت عنه روايتان كالمذهبين والمذكور في كتبهم أن الملتقط بعد التعريف بين خيارات ثلاثة إما أن يمسكها لصاحبها أمانة وإما أن يتصدق بها وإما أن يتملكها وعلى تقدير التصدق والتملك يضمن لصاحبها إن أتاه بعد ذلك راجع التاج والإكليل للمواق ومواهب الجليل للحطاب [6/ 74].

(قال) الرجل السائل (فضالة الغنم) أي ضائعتها ما حكمها يا رسول الله فحذف ذلك للعلم به وقال العلماء الضالة لا تقع إلَّا على الحيوان وما سواه يقال له لقطة ويقال للضوال أيضًا الهوامي والهوافي بالميم والفاء والهوامل كذا في فتح الباري [5/ 82] قال الفيومي الأصل في الضلال الغيبة ومنه قيل للحيوان الضائع ضالة بالهاء الذكر والأنثى والجمع ضوال مثل دابة ودواب ويقال لغير الحيوان ضائع ولقطة اهـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب السائل: هي (لك) إن أخذتها (أو لأخيك) ممن التقطها إن تركتها (أو للذئب) يأكلها إن لم تلتقطها أنت ولا أخوك وهذا ندب إلى أخذ ضالة الغنم صيانة لها عن الضياع أي لك أخذها وإن لم تأخذها أنت يأخذها غيرك أو يأخذها الذئب قال النووي ثم إذا أخذها وعرفها سنة وأكلها ثم جاء صاحبها لزمته غرامتها عندنا وعند أبي حنيفة اهـ.

قال الحافظ في الفتح قوله (أو لأخيك أو للذئب) فيه إشارة إلى جواز أخذها كأنه قال هي ضيعة لعدم الاستقلال معرضة للهلاك مترددة بين أن تأخذها أنت أو أخوك

ص: 53

قَال: فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ قَال: "مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا. تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ. حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا".

قَال يَحْيَى: أَحْسِبُ قَرَأَتُ: عِفَاصَهَا.

4365 -

(00)(00) وحدَّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ (قَال ابْنُ حُجْرٍ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حدَّثنَا إِسْمَاعِيلُ)(وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ)

ــ

والمراد به ما هو أعم من صاحبها أو من ملتقط آخر والمراد بالذئب جنس ما يأكل الشاة من السباع كالضبع والثعلب والنمر وفيه حث له على أخذها لأنه إذا علم أنَّه إن لم يأخذها بقيت للذئب كان ذلك أدْعى إلى أخذها وسيأتي في رواية إسماعيل بن جعفر قال: خذها فإنما هي لك

الخ وهو صريح في الأمر بالأخذ ففيه دليل على رد إحدى الروايتين عن أحمد في قوله يترك التقاط الشاة كذا في فتح الباري (قال) الرجل السائل: (فضالة الإبل) أي ضائعتها ما حكمها (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوابه: (ما لك) علقة بها لأنها ليست مالك (و) ما (لها) حاجة إليك لأنها مستغنية عنك هذا منع له من أخذها لقلة احتياجها إلى الصيانة لأنها تقوى على منع نفسها من المهالك ففي كرشها رطوبة تغنيها أيامًا عن الشرب وهذا معنى قوله لأنه (معها سقاؤها) أي قربتها تحمل فيها الماء (و) معها (حذاؤها) أي خفها (ترد الماء وتأكل الشجر) فهي مستغنية عنك وعن غيرك (حتَّى يلقاها ربها) أي حتَّى يجدها فيأخذها وحتى غاية المحذوف أي فدعها تأكل وتشرب حتَّى يأتيها مالكها كما يظهر من رواية البخاري في كتاب العلم وفي رواية حتَّى يأتيها ربها يعني أنها تقوى على ورود الماء وتشرب في اليوم الواحد ما يملأ كرشها ويكفيها الأيام وتقوى بأخفافها على السير وقطع المفاوز وورود الماء والشجر (قال يحيى: أحسب) وأظن (أني قرأت) لفظة (عفاصها) على مالك لا لفظة وعائها كما في بعض الروايات وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [2437 و 2428 و 2429]، وأبو داود [1704]، والترمذي [1372]، والنسائي في الكبرى [5814 - 5816]، ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث زيد بن خالد رضي الله عنه فقال.

4365 -

(00)(00)(وحدثنا يحيى بن أيوب) المقابري أبو زكريا البغدادي (وقتيبة) بن سعيد الثقفي البلخي (و) علي (بن حجر) السعدي المروزي (قال ابن حجر: أخبرنا وقال الآخران: حَدَّثَنَا إسماعيل وهو ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي مولاهم أبو

ص: 54

عَنْ رَبِيعَةَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَن يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَن زَيدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ؛ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللُّقَطَةِ؟ فَقَال:"عَرِّفْهَا سَنَةً. ثُمَّ اعرِفْ وكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا. ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا. فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيهِ" فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَال: خُذهَا. فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ. قَال: يَا رَسُولَ اللهِ، فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ قَال:

ــ

إسحاق المدني ثقة، من (8) (عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) المدني (عن يزيد مولى المنبعث) وهو اسم مولى يزيد صحابي واسمه الأول المضطجع فحوله النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنبعث (عن زيد بن خالد الجهني) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد إما بغدادي أو بلخي أو مروزي غرضه بيان متابعة إسماعيل بن جعفر لمالك بن أنس (أن رجلًا) قد سبق ما فيه (سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) حكم (اللقطة) هي ما ضاع من غير الحيوان بسقوط أو غفلة عنه بدليل ذكر الضالة كما مر بيان الفرق بينهما (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذها إن شئت فإذا أخذتها فـ (ـعرفها سنة) كاملة والتعريف أن ينشدها أي أن يطلب صاحبها في الموضع الَّذي وجدها فيه وفي الأسواق وأبواب المساجد ومواضع اجتماع الناس فيقول من ضاع منه شيء من ضاع منه حيوان من ضاع منه دراهم أو نحو ذلك ويكرر ذلك بحسب العادة (ثم) ليست للتراخي في الزمان بل معناها دم على معرفة هذه الأمور التي عرفتها حين أخذتها أو للتراخي في الرتبة أو في الكلام تقديم وتأخير والتقدير (اعرف وكاءها) أي الخيط الَّذي ربطت به (وعفاصها) أي وعاءها ثم عرفها سنة (ثم) بعد تعريفها تملكها بقصد الضمان إذا وجد صاحبها ثم (استنفق بها) أي أنفقها على نفسك وعلى عيالك فالسين والتاء زائدتان وهذا الأمر للإباحة اهـ ابن الملك.

(فإن جاء ربها) أي صاحب اللقطة (فأدها) أي فادفع اللقطة (إليه) أي إلى صاحبها إن كانت باقية أو بدلها إن كانت مستهلكة (فقال) الرجل السائل: (يا رسول الله فضالة الغنم) ما حكمها (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خذها) الأمر فيه للندب (فإنما هي لك) إن أخذتها (أو لأخيك) إن أخذها (أو للذئب) إن لم يأخذها (قال) الرجل السائل: (يا رسول الله فضالة الإبل) ما حكمها (قال) الراوي زيد بن خالد:

ص: 55

فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ (أَو احْمَرَّ وَجْهُهُ) ثُمَّ قَال: "مَا لكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقاؤُهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا"

ــ

(فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه) لشدة غضبه (أو) قال الراوي (حتى احمر وجهه) صلى الله عليه وسلم والشك من يزيد مولى المنبعث فيما قاله زيد بن خالد والوجنتان تثنية وجنة والوجنة بفتح الواو وضمها وكسرها وفيها لغة رابعة أجنة بضم الهمزة وهي اللحم المرتفع من الخدين ويقال رجل موجن وواجن أي عظيم الوجنة وجمعها وجنات ويجيء فيها اللغات المعروفة في جمع قصعة وحجرة وكسرة اهـ نووي كره رسول الله صلى الله عليه وسلم السؤال عن أخذها مع عدم ظهور الحاجة إليه ومال الغير لا يباح أخذه إلا لحاجة اهـ هامش واختلف العلماء في وجه غضب النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحافظ في الفتح [1/ 187]، إما لأنه نهى قبل ذلك عن التقاطها وإما لأنَّ السائل قصر في فهمه فقاس ما يتعين التقاطه على ما لا يتعين اهـ وقال الخطابي إنما كان غضبه استقصارًا لعلم السائل وسوء فهمه إذ لم يراع المعنى المشار إليه ولم ينتبه له فقاس الشيء على غير نظيره فإن اللقطة إنما هي اسم للشيء الذي يسقط من صاحبه ولا يدرى أين موضعه وليس كذلك الإبل فإنها مخالفة للقطة اسمًا وصفة فإنها غير عادمة أسباب القدرة على العود إلى صاحبها لقوة سيرها وكون الحذاء والسقاء معها لأنها ترد الماء ربعًا وخمسًا وتمتنع من الذئاب وغيرها من صغار السباع ومن التردي وغير ذلك بخلاف الغنم فإنها بالعكس فجعل سبيل الغنم سبيل اللقطة اهـ (قلت) ويحتمل أن يكون الغضب على كثرة السؤال في المسائل المفروضة التي لم تقع بعد فكأنه صلى الله عليه وسلم أنكر ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم (ثمَّ قال) له (ما لك ولها) أي: أي حاجة لك في أخذها (معها حذاؤها) بكسر الحاء أي خفها (وسقاؤها) أي جوفها وقيل عنقها وأشار بذلك إلى استغنائها عن الحفظ لها بما ركب في طباعها من الجلادة على العطش وتناول المأكول بغير تعب لطول عنقها فلا تخاف من السباع ولا تحتاج إلى ملتقط وقوله (حتى يلقاها ربها) غاية لمحذوف تقديره دعها واتركها (حتى يلقاها ربها) فيأخذها وفي رواية سليمان بن بلال عند البخاري فذرها حتى يلقاها ربها وفيه دليل صريح لمذهب الأئمة الحجازيين في أن الأفضل في البعير والبقر والفرس أن لا يأخذها بل يتركها حتى يلقاها ربها وقال الحنفية: الالتقاط اليوم أفضل لفساد أحوال الناس.

ص: 56

4366 -

(. .)(. .) وحدّثني أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَغَيرُهُمْ؛ أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ حَدَّثَهُمْ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ. غَيرَ أَنَّهُ زَادَ: قَال: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَعَهُ. فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ؟ قَال: وَقَال عَمْروٌ فِي الْحَدِيثِ: "فَإِذَا لَمْ يَأْتِ لَهَا طَالِبٌ فَاسْتَنْفِقْهَا".

4367 -

(. .)(. .) وحدّثني أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ

ــ

وقال السرخسي رحمه الله في حديث الباب ذلك كان إذ ذاك لغلبة أهل الصلاح والأمانة لا تصل إليها يد خائنة فإذا تركها وجدها وأما في زماننا فلا يأمن من وصول يد خائنة إليها بعده ففي أخذها إحياؤها وحفظها على صاحبها فهو أولى حكاه ابن الهمام في فتح القدير [5/ 354] ثمَّ ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه فقال.

4366 -

(. .)(. .)(وحدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو المصري (أخبرنا عبد الله بن وهب) المصري (أخبرني سفيان) بن سعيد (الثوري) الكوفي (ومالك بن أنس) الأصبحي المدني (وعمرو بن الحارث) بن يعقوب الأنصاري المصري ثقة، من (7) (وغيرهم) كسليمان بن بلال (أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن حدثهم) أي حدث لهؤلاء المذكورين من سفيان ومالك وعمرو بن الحارث (بهذا الإسناد) يعني عن يزيد عن زيد بن خالد غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة عبد الله بن وهب ليحيى بن يحيى في الرواية عن مالك بن أنس وساق عبد الله بن وهب (مثل حديث) يحيى بن يحيى عن (مالك غير أنَّه) أي لكن أن عبد الله بن وهب (زاد) على يحيى بن يحيى لفظة (قال) زيد بن خالد (أتى رجل) من المسلمين (رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال زيد بن خالد:(وأنا) أي والحال أني (معه) صلى الله عليه وسلم (فسأله) أي فسأل ذلك الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن) حكم (اللقطة قال) عبد الله بن وهب: (وقال) لنا شيخنا (عمرو) بن الحارث (في) رواية هذا (الحديث) لفظة (فإذا لم يأت لها) أي لم يوجد لتلك اللقطة (طالب فاستنفقها) على نفسك أي أنفقها عليها وهذا أمر إباحة له ثمَّ ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في هذا الحديث فقال.

4367 -

(. .)(. .)(وحدثني أحمد بن عثمان بن حكيم) بن دينار (الأودي) بفتح

ص: 57

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. حَدَّثَنِي سُلَيمَانُ (وَهُوَ ابْنُ بِلالٍ) عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ. قَال: سَمِعْتُ زَيدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ. غَيرَ أَنَّهُ قَال: فَاحْمَارَّ وَجْهُهُ وَجَبِينُهُ. وَغَضِبَ، وَزَادَ (بَعْدَ قَوْلِهِ: ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً) "فَإِنْ لَمْ يَجِئْ صَاحِبُهَا كَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ".

4368 -

(. .)(. .) حدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ (يَعْنِي ابْنَ بِلالٍ) عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ زَيدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

ــ

الهمزة وسكون الواو نسبة إلى أود بن صعب بن سعد العشيرة من مذحج أبو عبد الله الكوفي ثقة، من (11) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا خالد بن مخلد) البجلي أبو الهيثم الكوفي القطواني صدوق من (10)(حدثني سليمان وهو ابن بلال) التيمي مولاهم أبو محمَّد المدني ثقة، من (8) (عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث قال: سمعت زيد بن خالد الجهني يقول: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة سليمان بن بلال لإسماعيل بن جعفر (فذكر) سليمان بن بلال (نحو حديث إسماعيل بن جعفر غير أنه) أي لكن أن سليمان بن بلال (قال) في روايته: (فاحمارَّ وجهه) أي اشتدت حمرة وجهه صلى الله عليه وسلم (و) حمرة (جبينه) أي جانب جبهته (وغضب وزاد) سليمان (بعد قوله) صلى الله عليه وسلم (ثمَّ عرفها سنة فإن لم يجئ صاحبها) ولم يظهر (كانت) تلك اللقطة (وديعة) أي أمانة (عندك) أيها اللاقط معناه تكون أمانة عندك بعد السنة ما لم تتملكها فإن تلفت بغير تفريط فلا ضمان عليك وليس معناه منعه من تملكها بل له تملكها والمراد أنَّه لا ينقطع حق صاحبها بالكلية وقد نقل القاضي وغيره إجماع المسلمين على أنَّه إذا جاء صاحبها بعد التملك ضمنها المتملك اهـ نووي بتصرف ثمَّ ذكر المؤلف المتابعة رابعًا في هذا الحديث فقال.

4368 -

(. .)(. .)(حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب) التميمي الحارثي القعنبي المدني البصري ثقة، من (9) (حدثنا سليمان يعني ابن بلال) التيمي المدني (عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني (عن يزيد مولى المنبعث أنَّه سمع زيد بن خالد الجهني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول): وهذا السند من خماسياته غرضه بيان

ص: 58

سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللُّقَطَةِ، الذَّهَبِ أَو الْوَرِقِ؟ فَقَال:"اعْرِفْ وكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً. فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ فَاسْتَنْفِقْهَا. وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ. فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إِلَيهِ" وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ؟ فَقَال: مَا لكَ وَلَهَا؟ دَعْهَا. فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا. تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ

ــ

متابعة يحيى بن سعيد لربيعة بن أبي عبد الرحمن (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة) وقوله: (الذهب أو الورق) بدل عن اللقطة بدل تفصيل من مجمل (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لسائله: (اعرف) أولًا (وكاءها) أي خيطها الذي ربطت به (وعفاصها) أي وعائها (ثمَّ عرفها سنة) في مواضع التقاطها وعلى أبواب المساجد (فإن لم تعرف) صاحبها بعد التعريف (فاستنفقها) أي فأنفقها واصرفها في حوائجك بعد تملكها (ولتكن) تلك اللقطة (وديعة) أي أمانة (عندك) إن لم تتملكها قال القرطبي قوله (ولتكن وديعة عندك) بعد قوله (استنفقها) معناه ولتكن في ضمانك على حكم الوديعة يعني إذا أنفقها المودع عنده فإنَّه يضمنها وإلا فإذا أنفقها لم تبق عينها فكيف تبقى وديعة إلا على ما ذكرناه والله أعلم اهـ من المفهم.

ويحتمل أن يراد به أن اللقطة تكون وديعة عند الملتقط بعد ما أنفقها فإن قلت كونها وديعة يدل على بقاء عينها وإنفاقها يكون بذهابها فكيف يجتمعان (قلت) بأن هنا تجوزًا فالمراد بكونها وديعة أن لا ينقطع حق صاحبها فيرد عينها إليه إن كانت باقية وإلا فقيمتها وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم (فإن جاء طالبها يومًا من الدهر فأدها إليه) ويحتمل أن يراد أنها وديعة قبل الإنفاق فيكون الواو بمعنى (أو) يعني استنفقها بعد أن تملكها فإن لم تتملكها تبقى عندك على حكم الأمانة ولا يضمنها إن تلفت بغير تفريط منك اهـ من المبارق (فإن جاء طالبها يومًا من الدهر فأدها إليه) ندبًا إن صدقته وإلا فلا يدفعها إلا ببينة فإن أقام بينة وجب دفعها إليه (وسأله عن ضالة الإبل فقال) له (مالك) أي: أي حاجة لك إليها لأنها حق الناس (و) أي حاجة (لها) إليك (دعها) أي اتركها ولا تأخذها (فـ) ـإنها مستغنية عنك لـ (ـأن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر) وحذاء الإبل أخفافها أصل الحذاء ما يحتذي به الإنسان من نعال أو غيرها (وسقاءها) والسقاء ما يشرب به فيعني أن الإبل لا تحتاج إلى شيء مما يحتاج إليه غيرها من المواشي فإنها تمشي حيث شاءت وتأكل من الأشجار وترد على الأنهار اهـ مفهم وقوله

ص: 59

حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا" وَسَأَلَهُ عَنِ الشَّاةِ؟ فَقَال: "خُذْهَا. فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ".

4369 -

(. .)(. .) وحدّثني إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلالٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ. عَنْ زَيدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ؛ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ؟ زَادَ رَبِيعَةُ: فَغَضِبَ حَتَّى

ــ

(حتى يجدها ربها) أي مالكها غاية لقوله دعها كما مر (وسأله عن) ضالة (الشاة فقال: خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب) أي لا بد لها من حال من هذه الأحوال الثلاثة و (أو) هذه للتقسيم والتنويع ويفيد هذا أنَّه إذا كانت في موضع يخاف عليها فيه الهلاك جاز لملتقطها أكلها ولا ضمان عليه إذ قد سوى بينه وبين الذئب والذئب لا ضمان عليه فالملتقط عليه وهو مذهب مالك وأصحابه وقد ضمنه الشافعي وأبو حنيفة تمسكًا ببقاء ملك ربها عليها اهـ مفهم وشارك المؤلف في هذه الرواية البخاري [3436]، وأبو داود [1706]، والترمذي [1373]، والنسائيُّ في الكبرى [5811]، وابن ماجه [2507]، ثمَّ ذكر المؤلف المتابعة خامسًا في حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه فقال.

4369 -

(. .)(. .)(وحدثني إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التميمي النيسابوري (أخبرنا حبَّان) بفتح المهملة والموحدة المشددة (بن هلال) بكسر الهاء الباهلي أبو حبيب البصري ثقة، من (9) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا حماد بن سلمة) بن دينار الربعي مولاهم أبو سلمة البصري ثقة، من (8) روى عنه في (16) بابا (حدثني يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني (وربيعة الرأي) لقب بالرأي لأنه كان ينظر في الحديث ويفتي وكان يهاب التحديث وقال عبد العزيز بن أبي سلمة: يا أهل العراق تقولون ربيعة الرأي والله ما رأيت أحدًا أحفظ للسنة منه وكان مفتي المدينة وأستاذ الإمام مالك رحمهما الله تعالى كما مر أول الباب (بن أبي عبد الرحمن) اسمه فروخ كما مر فيه (عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة حماد بن سلمة لسليمان بن بلال ومالك بن أنس وإسماعيل بن جعفر (أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضالة الإبل) قال حماد: (زاد ربيعة) في روايته على يحيى بن سعيد لفظة (فغضب) رسول الله صلى الله عليه وسلم (حتى

ص: 60

احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِنَحْو حَدِيثِهِمْ. وَزَادَ "فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ عِفَاصَهَا، وَعَدَدَهَا وَوكَاءَهَا، فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ، وَإِلا، فَهِيَ لَكَ".

4370 -

(. .)(. .) وحدّثني أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرو بْنِ سَرْحٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ. قَال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللُّقَطَةِ؟ فَقَال: "عَرِّفْهَا سَنَةً. فَإِنْ لَمْ تُعْتَرَفْ. فَاعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوكَاءَهَا. ثُمَّ كُلْهَا

ــ

احمرت وجنتاه واقتص) حماد (الحديث بنحو حديثهم) أي بنحو حديث مالك وإسماعيل بن جعفر وسليمان بن بلال (وزاد) حماد في روايته عليهم لفظة (فإن جاء صاحبها فعرف) ذلك الصاحب (عفاصها وعددها ووكاءها فأعطها إياه) أي لصاحبها (وإلا) أي وإن لم يعرف ما ذكر (فهي لك) أي باقية لك فتنتفع بها بعد تملكها بقصد ضمانها له إذا ظهر والله أعلم.

ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديث زيد بن خالد رضي الله عنه فقال:

4370 -

(. .)(. .)(وحدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح) الأموي المصري (أخبرنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (حدثني الضحاك بن عثمان) بن عبد الله بن خالد بن حزام الأسدي الحزامي أبو عثمان المدني وثقه ابن معين وأبو داود وابن سعد وقال في التقريب صدوق يهم من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن أبي النضر) سالم بن أبي أمية التيمي مولاهم مولى عمر بن عبيد الله التيمي المدني ثقة ثبت من (5) روى عنه في (9) أبواب (عن بسر بن سعيد) مولى ابن الحضرمي المدني الزاهد العابد ثقة، من (2) مات سنة (100) مائة (عن زيد بن خالد الجهني) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان مصريان غرضه بيان متابعة بسر بن سعيد ليزيد مولى المنبعث (قال) زيد بن خالد (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لسائله: خذها و (عرفها سنة) في مواضع التقاطها مثلًا قال ابن الأثير في النهاية يقال عرف فلان الضالة أي ذكرها وطلب من يعرفها (فإن لم تعترف) بالبناء للمجهول أي فإن لم يوجد لها من يعرفها بوصفها (فاعرف عفاصها ووكاءها) أي لتميزها عن مالك إذا خلطتها به كما هو المراد بالإذن في الأكل بقوله (ثمَّ كلها) أي انتفع بها بعد تملكها بأكل ونحوه وقد جاء التصريح بجواز

ص: 61

فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَأَدِّهَا إِلَيهِ".

4371 -

(. .)(. .) وَحَدَّثَنِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ. حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَقَال فِي الْحَدِيثِ:"فَإِنِ اعْتُرِفَتْ فَأَدِّهَا. وَإِلَّا فَاعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوكَاءَهَا وَعَدَدَهَا".

4372 -

(1668)(14) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيلٍ. قَال: سَمِعْتُ

ــ

الخلط في سنن ابن ماجه بالأمر الإباحي الذي تراه قريبًا (فإن جاء صاحبها) يومًا من الدهر (فأدها إليه) أي فأد بدلها إليه ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله المتابعة سابعًا في حديث زيد بن خالد رضي الله عنه فقال.

4371 -

(. .)(. .)(وحدثنيه) أي حدثني الحديث المذكور يعني حديث زيد بن خالد (إسحاق بن منصور) الكوسج (أخبرنا أبو بكر الحنفي) الصغير عبد الكبير بن عبد المجيد بن عبيد الله البصري ثقة، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا الضحاك بن عثمان) الأسدي المدني (بهذا الإسناد) يعني عن أبي النضر عن بسر عن زيد بن خالد غرضه بيان متابعة أبي بكر الحنفي لعبد الله بن وهب (و) لكن (قال) أبو بكر الحنفي (في) رواية هذا (الحديث) لفظة (فإن اعترفت) اللقطة أي عرفها صاحبها بتلك العلامات (فأدها) إليه (وإلا) أي وإن لم تعترف (فاعرف) أيها اللاقط (عفاصها ووكاءها وعددها) وانتفع بها بقصد ضمانها إذا وجد صاحبها وفي سنن ابن ماجه (فإن اعترفت وإلا فاخلطها بمالك).

ثمَّ استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أبي بن كعب رضي الله عنه فقال.

4372 -

(1668)(14)(وحدثنا محمَّد بن بشار حدثنا محمَّد بن جعفر حدثنا شعبة ح وحدثني أبو بكر) محمَّد بن أحمد (بن نافع) العبدي البصري (واللفظ) الآتي (له) أي لأبي بكر قال أبو بكر: (حدثنا غندر) محمَّد بن جعفر (حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل) الحضرمي أبي يحيى الكوفي ثقة، من (4) روى عنه في (12) بابا (قال) سلمة: (سمعت

ص: 62

سُوَيدَ بْنَ غَفَلَةَ قَال: خَرَجْتُ أَنَا وَزَيدُ بْنُ صُوحَانَ وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ غَازِينَ. فَوَجَدْتُ سَوْطًا فَأَخَذْتهُ. فَقَالا لِي: دَعْهُ. فَقُلْتُ: لَا. وَلكِنِّي أُعَرِّفُهُ. فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ وَإِلَّا اتْتَمْتَعْتُ بِهِ. قَال:

ــ

سويد بن غفلة) بن عوسجة الجعفي أبا أمية الكوفي ثقة مخضرم من (2) روى عنه في (4) أبواب وكان من كبار المخضرمين كان لدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الصحيح أنَّه لم يره صلى الله عليه وسلم وإنما قدم المدينة حين كان الصحابة نفضوا أيديهم من التراب بعد دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام بالمدينة وروى عن الخلفاء الثلاثة الأُول ثمَّ شهد الفتوح ونزل الكوفة ومات بها وقد جاوز المائة والثلاثين من عمره وكان موصوفًا بالزهد والتواضع وكان يؤم قومه قائمًا وهو ابن مائة وعشرين سنة كذا في الإصابة [2/ 117](قال) سويد: (خرجت أنا وزيد بن صوحان) بضم الصاد اختلف في صحبته فأنكرها ابن عبد البر وأثبتها الرشاطي وغيره فروى عن أبي عبيدة أن له وفادة وصحبة وقد أخرج أبو يعلى وابن منده عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سره أن ينظر إلى من يبقيه بعض أعضائه إلى الجنة فلينظر إلى زيد بن صوحان) ذكره الحافظ في الإصابة [1/ 566] ولم يتكلم في إسناده بشيء ثمَّ قطعت يد زيد رضي الله عنه في القادسية ثمَّ استشهد سائر بدنه في وقعة الجمل حيث كان مع علي رضي الله عنه (وسلمان بن ربيعة) مختلف في صحبته أيضًا قال أبو حاتم له صحبة يكنى أبا عبد الله وقال أبو عمر ذكره العقيلي في الصحابة وهو عندي كما قال أبو حاتم وأنكر ابن منده صحبته ويقال له سلمان الخيل لخبرته بها وذكر ابن حبَّان أنَّه أول من استقضي على الكوفة وكان يلي الخيول أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه كذا في الإصابة [2/ 59 و 60]. أي خرجنا من المدينة (غازين) أي حالة كوننا مريدين الغزو والجهاد ولم أقف على اسم تلك الغزوة (فوجدت سوطًا) ساقطًا من صاحبه زاد أحمد من طريق سفيان عن سلمة حتى إذا كنا بالعذيب وهو مصغرًا اسم موضع كما في فتح الباري [5/ 92] أي حتى إذا كنا بالعذيب وجدت سوطًا (فأخذته فقالا) أي قال (لي) زيد وسلمان: (دعه) أي اترك هذا السوط ولا تأخذه (فقلت) لهما: (لا) اتركه (ولكني) آخذه و (أعرفه) من التعريف (فإن جاء صاحبه) وظهر أؤديه له (إلا) أي وإن لم يظهر صاحبه (استمتعت) أي انتفعت (به) أي بهذا السوط بعد تملكه بقصد ضمانه لصاحبه إذا ظهر (قال) سويد بن

ص: 63

فَأَبَيتُ عَلَيهِمَا. فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ غَزَاتِنَا قُضِيَ لِي أَنِّي حَجَجْتُ. فَأَتَيتُ الْمَدِينَةَ. فَلَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ. فَأَخْبَرْتُهُ بِشَأْنِ السَّوْطِ وَبِقَوْلِهِمَا. فَقَال: إِنِّي وَجَدْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَتَيتُ بِهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "عَرِّفْهَا حَوْلًا" قَال: فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا. ثُمَّ أَتَيتُهُ فَقَال: "عَرِّفْهَا حَوْلًا" فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا. ثُمَّ أَتَيتُهُ فَقَال: "عَرِّفْهَا حَوْلًا" فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا. فَقَال: "احْفَظْ عَدَدَهَا وَوعَاءَهَا وَوكَاءَهَا. فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا" فَاسْتَمْتَعْتُ بِهَا.

فَلَقِيتُهُ بَعْدَ ذلِكَ

ــ

غفلة: (فأبيت) أي فامتنعت (عليهما) ما أمراني به من الترك بالإصرار على الأخذ قال سويد: (فلما رجعنا من غزاتنا) تلك (قضي لي) أي قدر لي (أني حججت فأتيت المدينة فلقيت أبي بن كعب) بن قيس الأنصاري المدني رضي الله عنه (فأخبرته) أي فأخبرت أبيًا (بشأن) التقاط (السوط وبقولهما) أي وبقول زيد وسلمان لي دعه لا تأخذه (فقال) لي أبي: (إني وجدت صرة) أي كيسًا (فيها مالة دينار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت بها) أي بتلك الصرة (رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عرفها حولًا) أي عامًا كاملًا وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان كوفيان وواحد مدني (قال) أبي: (فعرفتها) أي عرفت تلك الصرة (فلم أجد من يعرفها ثمَّ أتيته) صلى الله عليه وسلم ثانيًا فأخبرته بشأني وشأنها (فقال) لي: (عرفها حولًا فعرفتها فلم أجد من يعرفها ثمَّ أتيته) صلى الله عليه وسلم ثالثًا فأخبرته بشأني وشأنها (فقال) لي: (عرفها حولًا فعرفتها فلم أجد من يعرفها) ثمَّ أتيته رابعًا فأخبرته بشأني وشأنها (فقال) لي في الرابعة: احفظ عددها أي عدد ما في الصرة من الدنانير (ووعاءها) من جلد أو خرقة (ووكاءها) أي خيطها الذي ربطت به (فإن جاء صاحبها) فأدها إليه وجوبًا أو ندبًا (وإلا) أي وإن لم يجئ صاحبها (فاستمتع) أي فانتفع (بها) بقصد ضمانها إذا جاء صاحبها وهذا أمر إباحة قال أبي: (فاستمتعت بها) أي انتفعت بتلك الدنانير قال شعبة بن الحجاج: (فلقيته) أي فلقيت سلمة بن كهيل الذي روى لي هذا الحديث (بعد ذلك) أي بعد ما روى لي هذا الحديث أولًا بعشر سنين

ص: 64

بِمَكَّةَ فَقَال: لَا أَدْرِي بِثَلاثَةِ أَحْوَالٍ أَوْ حَوْلٍ وَاحِدٍ

ــ

(بمكة) فقلت له: هل قال لك سويد بن غفلة عندما حدثك هذا الحديث عرفها أبي ثلاثة أعوام أو بعام واحد (فقال) لي سلمة: (لا أدري) ولا أعلم هل قال لي سويد بن غفلة عرفها أبي (بثلاثة أحوال أو) عرفها بـ (حول واحد) يعني في الاستظهار وكأن شعبة شك في عدم الاستظهار هل هو في سنة واحدة فلقيه بعد ذلك بعشر سنين فسأله فأخبره أنَّه كان عامًا فزال شكه والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.

قوله (فلا أدري) هذا شك من الراوي والشك يوجب سقوط المشكوك فيه وهو الثلاثة فوجب العمل بالجزم وهو رواية العام الواحد قال القسطلاني وفي شرح النوويّ عن القاضي قد أجمع العلماء على الاكتفاء بتعريف سنة ولم يشترط أحد تعريف ثلاثة أعوام إلا ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولعله لم يثبت عنه وفي كون المدة سنة تفصيل عند الفقهاء بين قلة ما يلتقطه وكثرته كما بين في الفروع اهـ من بعض الهوامش.

قال القرطبي استدلال أبي بن كعب بحديث المائة دينار حيث سئل عن التقاط السوط يدل على أن مذهبه التسوية بين قليل اللقطة وكثيرها في وجوب التعريف بها سنة وأنه يستظهر بعد ذلك بحولين وهذا لم يقل به أحد في الشيء اليسير وقدمنا أنَّه لم يأخذ أحد من العلماء بتعريف ثلاثة أعوام إلا شيء رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه والجمهور على أن التعريف فيما له بال سنة لأنَّ صاحبها إن كان حاضرًا تنبه لها وتذكرها وظهر طلبه لها في هذه السنة وإن كان غائبًا أمكن عوده وطلبها في هذه السنة أو يسمع خبره فيها فإذا لم يأت بعد السنة فالظاهر الغالب أنَّه هلك وأن هذا المال ضائع فواجده أولى به لما تقدم في الشيء الكثير فأما في الشيء اليسير فيمكن أن يكون صاحبه تركه استسهالًا واستخفافًا وأنه غير محتاج إليه وهذا في التمرة والكسرة واضح فلا يحتاج إلى تعريف وألحق بعض أصحابنا أقل من الدرهم بذلك وأبعد أبو حنيفة فقال: لا تعريف في أقل من ثمانية دراهم وأبعد من هذا قول إسحاق إن الدينار لا يحتاج إلى تعريف تمسكًا بحديث علي رضي الله عنه وقد قدمنا أنَّه لا حجة فيه.

وأما أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بزيادة التعريف على سنة بسنة أو سنتين على اختلاف الرواية فذلك مبالغة واحتياط على جهة الاستحباب كما تقدم لا سيما مع

ص: 65

4373 -

(. .)(. .) وحدّثني عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيلٍ. أَوْ أَخْبَرَ الْقَوْمَ وَأَنَا فِيهِمْ. قَال: سَمِعْتُ سُوَيدَ بْنَ غَفَلَةَ قَال: خَرَجْتُ مَعَ زَيدِ بْنِ صُوحَانَ وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ. فَوَجَدْتُ سَوْطًا، وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ. إِلَى قَوْلِهِ: فَاسْتَمْتَعْتُ بِهَا. قَال شُعْبَةُ: فَسَمِعْتُهُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ يَقُولُ: عَرَّفَهَا عَامًا وَاحِدًا.

4374 -

(. .)(. .) وحدّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. جَمِيعًا

ــ

استغناء الملتقط عن الانتفاع بها قالوا وكذلك كان أبي رضي الله عنه مستغنيًا عنها اهـ من المفهم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [5/ 126 و 127]، والبخاري [2426 و 2437]، وأبو داود [1701]، والترمذي [1374]، وابن ماجه [2506]، ثمَّ ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي رضي الله عنه فقال.

4373 -

(. .)(. .)(وحدثني عبد الرحمن بن بشر) بن الحكم بن حبيب بن مهران (العبدي) أبو محمَّد النبسابوري ثقة، من (10) روى عنه في (13) بابا (حدثنا بهز) بن أسد العمي أبو الأسود البصري ثقة، من (9) (حدثنا شعبة حدثنا سلمة بن كهيل) قال بهز:(أو) قال شعبة: (أخبر) سلمة (القوم وأنا) أي والحال أني (فيهم) أي في القوم الذين أخبرهم سلمة بن كهيل (قال) سلمة: (سمعت سويد بن غفلة قال: خرجت) في بعض الغزوات (مع زيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة فوجدت سوطًا) وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة بهز لمحمد بن جعفر (واقتص) أي بهز وذكر (الحديث) السابق (بمثله) أي بمثل حديث محمَّد بن جعفر (إلى قوله) أي إلى قول أبي بن كعب (فاستمتعت بها) يعني إلى آخر الحديث (قال شعبة: فسمعته) أي سمعت سلمة بن كهيل (بعد عشر سنين) حالة كونه (يقول: عرفها) أبي (عامًا واحدًا) والله أعلم بالصواب.

ثمَّ ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه فقال.

4374 -

(. .)(. .)(وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي (عن الأعمش ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع ح وحدثنا) محمَّد بن عبد الله (بن نمير حدثنا أبي) عبد الله (جميعًا) أي كل من وكيع وعبد الله بن

ص: 66

عَنْ سُفْيَانَ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ (يَعْنِي ابْنَ عَمْروٍ) عَنْ زَيدِ بْنِ أَبِي أُنَيسَةَ. ح وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. كُلُّ هؤُلاءِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيلٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ شُعْبَةَ. وَفِي حَدِيثِهِمْ جَمِيعًا: ثَلاثَةَ أَحْوَالٍ. إِلَّا حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ فَإِنَّ فِي حَدِيثِهِ؛ عَامَينِ أَوْ ثَلاثَةً. وَفِي حَدِيثِ سُفْيَانَ وَزَيدِ بْنِ أَبِي أُنَيسَةَ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ "فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا وَوعَائِهَا وَوكَائِهَا. فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ". وَزَادَ سُفْيَانُ فِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ "وَإِلَّا فَهِيَ كَسَبِيلِ مَالِكَ".

وَ

ــ

نمير (عن سفيان) الثوري (ح وحدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي صدوق من (10) روى عنه في (16) بابا (حدثنا عبد الله بن جعفر) بن غيلان الأموي مولاهم أبو عبد الرحمن (الرقي) ثقة، من (10) له فرد حديث في (خ) ولكنه تغير في آخره فلم يفحش اختلاطه (حدثنا عبيد الله يعني ابن عمرو) بن أبي الوليد الأسدي مولاهم أبو وهب الجزري الرقي ثقة، من (7)(عن زيد بن أبي أنيسة) اسمه زيد أيضًا الغنوي الجزري ثقة، من (6)(ح وحدثني عبد الرحمن بن بشر) بن الحكم العبدي النيسابوري ثقة، من (10)(حدثنا بهز) بن أسد العمي البصري ثقة، من (9)(حدثنا حماد بن سلمة) بن دينار الربعي المصري ثقة، من (8) (كل هؤلاء) الأربعة المذكورين من الأعمش وسفيان الثوري وزيد بن أبي أنيسة وحماد بن سلمة رووا (عن سلمة بن كهيل بهذا الإسناد) يعني عن سويد بن غفلة عن أبي بن كعب غرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الأربعة لشعبة بن الحجاج (و) لكن (في حديثهم) أي في حديث هؤلاء الأربعة (جميعًا) عرفها أبي بن كعب أي عرف الصرة (ثلاثة أحوال) جمع حول أي ثلاثة أعوام (إلا حماد بن سلمة فإن في حديثه) عرفها (عامين) أي سنتين (أو) قال الراوي:(ثلاثة) من الأعوام بالشك من الراوي (وفي حديث سفيان) الثوري (وزيد بن أبي أنيسة وحماد بن سلمة) لفظة (فإن جاء) ك يا أبي (أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكلائها فأعطها) أي فأعط تلك اللقطة أو الصرة (إياه) أي ذلك المخبر (وزاد سفيان في رواية وكيع) أي فيما روى عنه وكيع لفظة (وإلا) أي وإن لم يخبرك أحد عن أوصافها فلا تعطها إياه (فهي) أي فتلك اللقطة أي سبيلها وحكمها (كسبيل مالك) أي كحكمه في الانتفاع بها والتصرف فيها بعد تملكها بقصد ضمانها لصاحبها إن ظهر (و) زاد سفيان

ص: 67

فِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيرٍ: "وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا"

ــ

(في رواية ابن نمير) أي فيما روى عنه عبد الله بن نمير لفظة (وإلا) أي وإن لم يخبرك أحد بأوصافها (فاستمتع بها) أي فانتفع بها بعد تملكها بالقصد المذكور وهذا بيان لمحل المخالفة بينهم وبين شعبة والله سبحانه وتعالى أعلم وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان الأول: حديث زيد بن خالد ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه سبع متابعات والثاني: حديث أبي بن كعب ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين.

***

ص: 68