الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
619 - (12) باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى وحكم الفيء وقوله صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا فهو صدقة
4438 -
(1701)(46) حدَّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ. حَدَّثَنِي أَبِي قَال: غَزَوْنَا فَزَارَةَ وَعَلَينَا أَبُو بَكْرٍ. أَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَينَا. فَلَمَّا كَانَ بَينَنَا وَبَينَ الْمَاءِ سَاعَةٌ
ــ
619 -
(12) باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى وحكم الفيء وقوله صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا فهو صدقة
4438 -
(1701)(46)(حدثنا زهير بن حرب) الحرشي النسائي (حدثنا عمر بن يونس) بن القاسم الحنفي اليمامي (حدثنا عكرمة بن عمار) العجلي اليمامي (حدثني إياس بن سلمة) بن الأكوع الأسلمي المدني (حدثني أبي) سلمة بن الأكوع رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته وهو عين السند قبله حرفًا بحرف (قال) سلمة بن الأكوع: (غزونا) معاشر الصحابة (فزارة) هو اسم أبي قبيلة من غطفان كما في القاموس سميت القبيلة به والذي يذكره أصحاب السير في سبب هذه الغزوة أن زيد بن حارثة رضي الله عنه خرج في تجارة إلى الشام فلما كان بقرب من وادي القرى لقيه ناس من بني فزارة من بني بدر فضربوه وضربوا أصحابه حتى ظنوا أنهم قد قتلوا وأخذوا ما كان معه من مال فرجع زيد إلى المدينة بعد برئه فبعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية إلى بني فزارة وكان ذلك في رمضان سنة ست كما أخرجه الواقدي اهـ من سيرة ابن هشام (و) الأمير (علينا أبو بكر) الصديق رضي الله عنه (أمره) أي أمر أبا بكر (رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا) وهذا صريح في أن أمير السرية كان أبا بكر رضي الله عنه ولكن لم يذكر أصحاب السير إمارته والذي يظهر من رواياتهم أن الأمير كان زيد بن حارثة رضي الله عنه ولذلك سمى الواقدي هذه السرية سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة وسماه ابن هشام في سيرته غزوة زيد بن حارثة إلى بني فزارة ويمكن الجمع بين هذه الروايات وحديث الباب بان أبا بكر كان أمير السرية وكان زيد بن حارثة رائدهم لكونه أعرف بمكان بني فزارة ولما كان هو السبب لبعث هذه السرية سميت السرية باسمه والله سبحانه وتعالى أعلم (فلما كان بيننا وبين الماء ساعة) أي قدر مسافة ساعة يعني الماء الذي يجتمع إليه بنو فزارة وربما يطلق لفظ الماء على
أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فَعَرَّسْنَا. ثُمَّ شَنَّ الْغَارَةَ. فَوَرَدَ الْمَاءَ. فَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ عَلَيهِ، وَسَبَى. وَانْظُرُ إِلَى عُنُقٍ مِنَ النَّاسِ. فِيهِمُ الذرَارِيُّ. فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِي إِلَى الْجَبَلِ. فَرَمَيتُ بِسَهْمٍ بَينَهُمْ وَبَينَ الْجَبَلِ. فَلَمَّا رَأَوُا السَّهْمَ وَقَفُوا. فَجِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ. وَفِيهِمُ امْرَأةٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ. عَلَيهَا قَشْعٌ مِنْ أَدَمٍ. (قَال: الْقَشْعُ النِّطَعُ) مَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا
ــ
القربة الصغيرة أيضًا لأنها كانت تعمر بقرب من ماء (أمرنا أبو بكر) بالتعريس جواب لما (فعرسنا) معطوف على جواب لما والتعريس النزول في آخر الليل للاستراحة وأكثر ما يقال إذا نزلوا ساعة ثم ارتحلوا كما في مقاييس اللغة لابن فارس أي نزلنا للاستراحة (ثم شن) أبو بكر أي صب (الغارة) عليهم من كل جهة أي أمرنا بالإغارة عليهم من كل جهة وجانب والشن في الأصل صب الماء وتفريقه ثم استعير للإغارة يقال: شن الغارة عليهم شنًا أي صبها وبثها وفرقها من كلل وجه وجانب وقوله (فعرسنا) أي نزلنا آخر الليل لنستريح (ثم شن الغارة) أي فرق الخيول المغيرة على العدو وهجم عليهم ديارهم وأوقع بهم الغارة. (فورد) أبو بكر (الماء) لهم ونزل عليهم ليمنعهم من الماء (فقتل) أبو بكر منهم (من قتل عليه) أي على الماء من الرجال (وسبى) منهم من سبى وقد عرفت أن السبي هو أخذ من لا يصلح للقتال عبيدًا وإماء قال سلمة: (و) قد كنت (انظر إلى عنق) بضمتين أي إلى جماعة (من الناس) والعنق بضم العين والنون ربما يطلق مجازًا على جماعة من الناس أو على الرؤساء منهم والكبراء والأشراف وبهما فسر قوله تعالى: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} اهـ تاج العروس (فيهم الذراري) أي النساء والصبيان قال سلمة: (فخشيت أن يسبقوني) أي أن يفوتونني ويصعدوا (إلى الجبل فرميت بسهم) وقع (بينهم وبين الجبل فلما رأوا السهم وقفوا) أي قاموا وتوقفوا عن الصعود إلى الجبل خوفًا من إصابة السهم لهم (فـ) ـأخذتهم و (جئت بهم) إلى القوم حالة كوني (أسوقهم) قدامي (وفيهم) أي وفي العنق الذي أخذتهم (امرأة من بني فزارة) هي أم قرفة واسمها فاطمة بنت ربيعة بن بدر وكانت عجوزًا كبيرًا عند مالك بن حذيفة بن بدر وكانت في بيت شرف من قومها كانت العرب تقول في أمثالهم لو كنت أعز من أم قرفة ما زدت اهـ سيرة ابن هشام (عليها) أي على تلك المرأة (قشع) بفتح القاف وكسرها مع سكون الشين فيهما لغتان مشهورتان وهو الفرو الخلق كما في تاج العروس (من أدم) أي من جلد مدبوغ (قال) الراوي مفسرًا لقوله (القشع النطع) وهو على وزن عنب بساط من الأديم وهو تفسير صحيح أيضًا (معها) أي مع تلك المرأة (ابنة لها) هي أي تلك البنت
من أَحْسَنِ الْعَرَبِ. فَسُقْتُهُمْ حَتَّى أَتَيتُ بِهِمْ أَبَا بَكرٍ. فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا. فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا. فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي السُّوقِ. فَقَال: "يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي المَرْأَةَ". فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! واللهِ! لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي. وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا. ثُمَّ لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن الْغَدِ فِي السُّوقِ. فَقَال لِي: "يَا سَلَمَةُ! هَبْ لِي الْمَرْأَةَ. لِلَّهِ أَبُوكَ" فَقُلْتُ: هِيَ لَكَ. يَا رَسُولَ اللهِ! فَوَاللهِ! مَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا. فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ. فَفَدَى بِهَا نَاسًا مِنَ المُسْلِمِينَ، كَانُوا أُسِرُوا بِمَكَّةَ
ــ
(من أحسن العرب) أي من أجملهم (فسقتهم) أي فسقت أولئك الجماعة قدامي (حتى أتيت) وجئت (بهم أبا بكر فنفلني أبو بكر) أي أعطاني (ابنتها) نفلًا (فقدمنا المدينة وما كشفت لها ثوبًا) أي ما كشفت لتلك البنت عن عورتها للاستمتاع بها يعني ما استمتعت بها وفيه استحباب الكناية من الاستمتاع بالمرأة (فلقيني) أي رآني (رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال) لي: (يا سلمة هب لي المرأة) أي البنت التي نفلك أبو بكر وهي بنت أم قرفة قال سلمة: (فقلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله والله لقد أعجبتني) وأعشقتني ورغبت فيها (وما كشفت لها ثوبًا) أي والحال أني ما استمتعت بها (ثم لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد) من اليوم الأول (في السوق فقال لي هب لي المرأة) التي استوهبتكها (لله أبوك) كلمة مدح تعتاد العرب الثناء بها مثل قولهم لله درك فإن الإضافة إلى العظيم تشريف ولهذا يقال ببيت الله وناقة الله فإذا وجد من الولد ما يحمد قيل لله أبوك حيث أتى بمثلك اهـ نووي وفي الحديث جواز استيهاب الإمام أهل جيشه بعض ما غنموه ليفادى به مسلمًا أو يصرفه في مصالح المسلمين أو يتألف به من تألفه مصلحة كما فعل صلى الله عليه وسلم هنا وفي غنائم حنين قال سلمة: (فقلت) له صلى الله عليه وسلم: (هي) أي تلك المرأة (لك يا رسول الله فوالله ما كشفت لها ثوبًا فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ففدى بها ناسًا من المسلمين كانوا أسروا بمكة) فيه جواز المفاداة وجواز فداء الرجال بالنساء الكافرات وفيه جواز التفريق بين الأم وولدها البالغ ولا خلاف في جوازه اهـ نووي وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث ابن ماجه في الجهاد باب فداء الأسارى رقم [2846]، ثم حديث الباب صريح في أن المرأة قد فدى بها ناسًا من
4439 -
(1702)(47) حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَال: هذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَيُّمَا قَرْيَةٍ أتَيتُمُوهَا، وَأَقَمْتُمْ فِيهَا، فَسَهْمُكُمْ فِيهَا. وَأَيُّمَا قَرْيَةٍ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنَّ خُمُسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ،
ــ
المسلمين ويعارضه ما رواه ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أخذه من سلمة أهداها لخاله حزن ابن أبي وهب فولدت له ولكن قال السهيلي رواية مسلم هذه أصح من رواية ابن إسحاق ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.
4439 -
(1702)(47)(حدثنا أحمد) بن محمد (بن حنبل) الشيباني المروزي (ومحمد بن رافع) القشيري النيسابوري (قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فدكر أحاديث منها وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهذا السند من خماسياته (أيما قرية) من قرى الكفار وبلدة من بلدانهم فأي اسم شرط مرفوع على الابتداء وما زائدة وقرية مضاف إليه وجملة (أتيتموها) أي أخذتموها صلحًا على أن الأرض لكم أو أجلى عنها أهلها صفة لقرية وجملة قوله (وأقمتم فيها) أي نزلتم فيها معطوفة على الجملة التي قبلها وقوله (فسهمكم) أي نصيبكم كائن (فيها) أي في تلك القرية كسهام سائر المسلمين منها جواب الشرط أي لكم فيها مثل ما لسائر المسلمين فتلك القرية لبيت مال المسلمين ترزقون منها كما يرزق منها سائر المسلمين أي فتكون تلك القرية مع ما فيها فيئًا لبيت مال المسلمين فالفيء كل مال حاصل للمسلمين بلا إيجاف خيل ولا ركاب أي بلا محاربة أحد من الكفار فيكون في بيت المال يصرف منه أرزاق الأجناد والقضاة وجميع العمال وسائر مصالح المسلمين كمال المرتد ومال ما لا وارث له فالمعنى أن سهمكم منها يصل إليكم بطريق العطاء الذي يخرج لكم من بيت المال وفيه أن الفيء لا يقسم بين الغانمين ولا يخمس وإنما يكون بيد الإمام يصرفه في مصالح المسلمين كيف شاء والله أعلم (وأيما قرية عصت الله ورسوله) أي خالفتهما وحاربتهما وأي شرطية جوابها قوله (فإن لله خمسها ولرسوله) أي يصرف في مصالح المسلمين كذي القربى
ثُمَّ هِيَ لَكُمْ".
4440 -
(1703)(48) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ، وَأبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، وإسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (وَاللَّفْظُ لابْنِ أبِي شَيبَةَ) (قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الزهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عُمَرَ. قَال: كَانَتْ أمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ. مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيلٍ وَلَا رِكَابٍ
ــ
واليتامى والمساكين (ثم) بعد إخراج خمسها منها (هي) أي باقي تلك القرية غنيمة (لكم) مقسومة بينكم على أن للراجل سهمًا وللفارس ثلاثة أسهم أي فتلك القرية مستحقة للغانمين مقسومة بينهم كذلك أي فالغنيمة هي مال حاصل للمسلمين بإيجاف خيل وركاب يعني عنوة وقهرًا فيخمس كما هو مبسوط في كتب الفروع فالحديث يدل على أن مال الفيء لا يخمس وقال الشافعي: يخمس كمال الغنيمة فالحديث حجة عليها وقوله (عصت الله ورسوله) يعني حاربت المسلمين فغلب عليها المسلمون عنوة فإن أموالها غنيمة تقسم بين الغانمين بعد تخميسها لبيت المال وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [3036]، ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بأثر عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما فقال.
4440 -
(1703)(48)(حدثنا تتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد) بن الزبرقان المكي نزيل بغداد صدوق من (10)(وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم) بن راهويه (واللفظ لابن أبي شيبة قال إسحاق: أخبرنا وقال الآخرون: حدثنا سفيان) بن عيينة (عن عمرو) بن دينار (عن الزهري عن مالك بن أوس) بن الحدثان بفتحات ومثله النصري بنون أبي سعيد المدني مخضرم له رؤية روى عنه في (8) أبواب (عن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته (قال) عمر: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله) صلى الله عليه وسلم أي رجع إليه يعني جعله فيئًا والفيء في اللغة الرجوع ويقال فاء إذا رجع وشرعًا هو مال حصل للمسلمين من الكفار من غير حرب وإنما قيل له فيء لأنه رجع إلى ملك الله تعالى كانت (مما لم يوجف) ولم يسرع (عليه المسلمون بخيل ولا ركاب) أي إبل والجار والمجرور في قوله مما لم يوجف خبر ثان لكان والمراد بإيجاف الخيل مثلًا الاستيلاء على أموالهم قهرًا وأوجف من الإيجاف وهو
فَكَانَت لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً. فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ. وَمَا بَقِيَ يَجْعَلُهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلاحِ. عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللهِ
ــ
الإسراع يقال أوجف فأعجف أي حمل الفرس على الإسراع فهزله بذلك والمعنى لم يجروا في تحصيله خيلًا ولا إبلًا بل حصل بلا قتال والركاب هي الإبل التي يسافر عليها لا واحد لها من لفظها واحده راحلة وكذلك الخيل لا واحد لها من لفظها واحده فرس (فكانت) أموال بني النضير (للنبي صلى الله عليه وسلم حالة كونه (خاصة) أي مخصوصة به صلى الله عليه وسلم يعني كان له الخيار في صرفها في مصالح المسلمين الفقير والغني ويعطي الإمام منه المقاتلة والولاة والحكام وينفق منه في النوائب التي تنوب المسلمين كبناء القناطر وإصلاح المساجد وغير ذلك ولا خمس في شيء منه وبه قال الجمهور وهو الثابت عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما قال الشافعي بل فيه الخمس والخمس مقسوم على الأصناف الذين ذكروا في آية الغنائم من ذوي القربى واليتامى وغيرهم والباقي مفوض إلى رأي الإمام ينفق منه على نفسه وعلى عياله وعلى من رأى وفي البجيرمي على الخطيب [4/ 229] وأما الشافعي فذهب إلى أن الفيء يخمس كما تخمس الغنائم فيصرف خمسه إلى المصارف الخمسة المذكورة في الكتاب وتقسم الأربعة الأخماس بين المقاتلة فما بقي من ذلك صرف إلى مصالح المسلمين من إصلاح الحصون والثغور اهـ. (فكان) النبي صلى الله عليه وسلم (ينفق على أهله نفقة سنة) أي يأخذ منه لأهله نفقة سنة ويعزله لهم ولكنه كان ينفقه قبل انقضاء السنة في وجوه الخير فلا تتم عليه السنة قال القاضي عياض فيه جواز ادخار قوت سنة ولم يكن صلى الله عليه وسلم يدخر لنفسه شيئًا وإنما يدخر لغيره وفيه أن الادخار لا يقدح في التوكل ولا خلاف في جواز ادخار ما يرفع الإنسان من أرضه كذا في الأبي والنووي ثم إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن ينفقن منه على الفقراء حتى لا يبقى في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم إلا شيء يسير ولذلك توفي النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بشعير (وما بقي) من نفقة أهله (يجعله) أي يصرفه (في) ثمن (الكراع) بضم الكاف أي الخيل وكذا كل دابة تصلح للحرب (و) في ثمن (السلاح) أي آلات الحرب من السيف والرماح والقوس (عدة) وأهبة وآلة (في سبيل الله) أي استعدادًا بها للجهاد في سبيل الله تعالى وأصل الكراع مستدق الساق من البقر والغنم وما دون الرسغ من ذوات الحوافر ثم استعملت الكلمة للإبل والفرس تسمية للكل باسم الجزء اهـ تاج العروس
4441 -
(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهذَا الإِسْنَادِ.
4442 -
(00)(00) وحدَّثني عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ. حَدَّثَنَا جُوَيرِيَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزهْرِيِّ؛ أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَوْسٍ حَدَّثَهُ. قَال: أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَجِئْتُهُ حِينَ تَعَالى النَّهَارُ. قَال: فَوَجَدْتُهُ فِي بَيتِهِ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ. مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ
ــ
[5/ 492]، وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجهاد باب المجن [2904]، وفي مواضع كثيرة وأبو داود [2963]، والترمذي [1610]، والنسائي في قسم الفيء ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الأثر فقال.
4441 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن معمر عن الزهري بهذا الإسناد) يعني عن مالك بن أوس عن عمر غرضه بيان متابعة يحيى بن يحيى لقتيبة بن سعيد ومن معه في الرواية عن سفيان ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في هذا الأثر فقال.
4442 -
(00)(00)(وحدثني عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي) بضم الضاد وفتح الباء نسبة إلى بني ضبيعة بن قيس أبو عبد الرحمن البصري ثقة، من (10) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا جويرية) مصغرًا بن أسماء بن عبيد الضبعي البصري صدوق من (7) روى عنه في (9) أبواب (عن مالك) بن أنس الأصبحي المدني (عن الزهري أن مالك بن أوس) بن الحدثان المدني (حدثه) أي حدّث للزهري (قال) مالك بن أوس:(أرسل إلي عمر بن الخطاب) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة مالك بن أنس لعمرو بن دينار قال مالك بن أوس: (فجئته) أي فجئت عمر بن الخطاب (حين تعالى النهار) أي ارتفعت شمسه وفي رواية البخاري في فرض الخمس (حين متع النهار) وهو بمعناه (قال) مالك بن أنس: (فوجدته) أي فوجدت عمر في بيته جالسًا على سرير رمال وحصير حالة كونه (مفضيًا) أي موصلًا وملصقًا وركه (إلى رماله) أي إلى حبال السرير يعني ليس بينه وبين رماله شيء وإنما قال هذا لأن العادة أن يكون فوق الرمال فراش أو غيره والرمال بكسر الراء وضمها ما ينسج من سعف النخل وورقه
مُتَّكِئًا عَلَى وسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ. فَقَال لِي: يَا مَالُ! إِنَّهُ قَدْ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ. وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ. فَخُذهُ فَاقْسِمْهُ بَينَهُمْ. قَال: قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ بِهذَا غَيرِي؟ قَال: خُذْهُ. يَا مَالُ! قَال: فَجَاءَ يَرْفَا. فَقَال: هَلْ لَكَ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! فِي عُثْمَانَ وَعَندِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيرِ وَسَعْدٍ؟ فَقَال عُمَرُ: نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمْ. فَدَخَلُوا
ــ
(متكئًا) أي معتمدًا (على وسادة) أي مخدة (من أدم) أي من جلد مدبوغ (فقال لي) عمر: (يا مال) مرخم مالك بضم اللام على لغة من لا ينتظر المحذوف وبكسرها على لغة من ينتظره (إنه) أي إن الشأن والحال (قد دف أهل بيت من قومك) أي جاؤوا مسرعين إلى المدينة للنجعة لضر نزل بهم وجدب أصابهم والدف من باب خف المشي بسرعة وقيل: الدف السير اليسير كذا في شرح النووي وبهذا الأخير جزم في القاموس وفتح الباري (من قومك) أي من بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن وكأنهم كانوا قد أصابهم جدب في بلادهم فانتجعوا المدينة كذا في فتح الباري [6/ 205]، (وقد أمرت فيهم) أي لأجلهم (برضخ) بفتح الراء وسكون الخاء أي بعطية قليلة غير كثيرة ولا مقدرة (فخده) أي فخذ ذلك الرضخ (فاقسمه) أي فاقسم ذلك الرضخ (بينهم) أي بين أهل تلك الأبيات (قال) مالك بن أوس (قلت) لعمر:(لو أمرت) يا أمير المؤمنين (بهذا) القسم بينهم (غيري) لكان أحسن قال تحرجًا من قبول الأمانة ولم يبين ما جرى له اكتفاة بقرينة الحال والظاهر أنه قبضه لعزم عمر عليه ثاني مرة كذا في الفتح (قال) لي عمر مرة ثانية تأكيدًا على (خذه يا مال) فاقسمه بينهم (قال) مالك بن أوس: (فجاء يرفا) والحال أن بيني وبين عمر تلك المحاورة وهو بفتح الياء وسكون الراء وفتح الفاء بعدها ألف غير مهموزة وقد تهمز ويرفا هذا كان من موالي عمر أدرك الجاهلية ولا تعرف له صحبة وقد حج مع عمر في خلافة أبي بكر وكان حاجب عمر في خلافته عاش إلى خلافة معاوية اهـ فتح الباري [6/ 205] أي فجاء يرفا إلى عمر وأنا في محاورته (فقال): يرفا لعمر هل لك يا أمير المؤمنين رغبة (في) دخول (عثمان) بن عفان (وعبد الرحمن بن عوف والزبير) بن العوام وسعد بن أبي وقاص وزاد في رواية النسائي وعمر بن شبة (وطلحة بن عبيد الله) أي هل لك رغبة في دخول هؤلاء الأكابر عليك فتأذن لهم فيه (فقال عمر: نعم) لي رغبة في دخولهم عليَّ (فأذن) لهم عمر في الدخول عليه (فدخلوا) أي دخل هؤلاء الأكابر على
ثُمَّ جَاءَ فَقَال: هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ؟ قَال: نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمَا. فَقَال عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَينِي وَبَينَ هذَا الْكَاذِبِ الآثِمِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ. فَقَال الْقَوْمُ: أَجَلْ. يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنينَ، فَاقْضِ بَينَهُمْ وَأَرِحْهُمْ. (فَقَال مَالِكُ بْنُ أَوْسِ: يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا قَدَّمُوهُمْ لِذلِكَ)
ــ
عمر (ثم) بعدما دخل هؤلاء (جاء) يرفا إلى عمر (فقال) لعمر: (هل لك) رغبة (في) دخول (عباس) بن المطلب (وعليّ) بن أبي طالب عليك فتأذن لهما (قال) عمر: (نعم) لي رغبة في دخولهما عليَّ (فأذن) عمر (لهما) في الدخول عليه (فـ) ـلما دخلا (قال عباس: يا أمير المومنين اقض بيني وبين هذا الكاذب) في ادعائه أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل هذه الأموال لفاطمة في حياته (الآثم) بكذبه في ذلك (الغادر) بغلبته عليَّ في هذه الأموال (الخائن) لي بمنعه إياي من ميراث ابن أخي وقال جماعة من العلماء: معناه هذا الكاذب إلخ إن لم ينصف فحذف الجواب وبيان هذا كما سيأتي أن عمر دفع صدقته صلى الله عليه وسلم بالمدينة إلى علي وعباس رضي الله عنهما على مقتضى طلبهما فغلبه عليها علي فكانا يتنازعان فيها فكان علي كما ذكره البلاذري يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها في حياته لفاطمة وكان العباس يأبى ذلك ويقول: هي ملك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ورائه فكانا يتخاصمان إلى عمر وأما ما رُوي هنا من قول عباس لعلي وكذا ما رواه البخاري في كتاب الاعتصام من قوله اقض بيني وبين هذا الظالم فهو مما يأبى القلب تصديق صدوره من عم النبي صلى الله عليه وسلم في حق ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره وكذا رواية مسابتهما في مجلس خليفة مثل سيدنا عمر بمحضر من سادة الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين (فقال القوم) الحاضرون من عثمان وعبد الرحمن (أجل) أي نعم كما قال العباس: (يا أمير المؤمنين فاقض بينهم) أي فاقض بينهما فالمراد بالجمع ما فوق الواحد أو للتعظيم أو بالنظر إلى من معهما (وأرحهم) أمر من الإراحة أي اجعلهم في راحة عما هم فيه من التخاصم والمعنى أرح كلًّا منهما من مخاصمة الآخر (فقال مالك بن أوس) بن الحدثان (يخيل) بالبناء للمجهول أي يخيل (إليَّ) ويصور في قلبي أنهم أي أن عليًّا وعباسًا (قد كانوا) أي قد كانا (قدموهم) أي طلبوا من القوم الحاضرين يعني عثمان ومن معه تقدمهم عليهما إلى مجلس عمر (لذلك) أي ليشفعوا لهما عند عمر رضي الله عنه ولفظ أبي داود (خيل إلي
فَقَال عُمَرُ: اتَّئِدَا. أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي بِإِذنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ! أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا نُورَثُ. مَا تَرَكنَا صَدَقَةٌ" قَالُوا: نَعَمْ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ فَقَال: أَنْشُدُكُمَا باللهِ الذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا نُورَثُ. مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ" قَالا: نَعَمْ. فَقَال عُمَرُ: إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِخَاصَّةٍ لَمْ يُخَصِّصْ بِهَا أحَدًا غَيرَهُ. قَال: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الحشر: 7]، (مَا أَدْرِي هَلْ قَرَأَ الآيَةَ الَّتِي قَبْلَهَا أَمْ لَا) قَال: فَقَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَينَكُمْ أَمْوَال بَنِي النَّضِيرِ،
ــ
أنهما قدما أولئك النفر لذلك) والمعنى (يخيل إلي أنهم) أي أظن وأتوهم أن عليًّا وعباسًا ومن كان معهما قدموا هؤلاء لذلك أي رتبوا هذا الحضور لذلك اهـ من بعض الهوامش (فقال) لهما (عمر) رضي الله عنه: (اتئدا) أي اصبرا وأمهلا لي مهلة أتكلم فيها ولا تعجلا عليَّ في الكلام ثم قال: (أنشدكم) خطاب للقوم الحاضرين من عثمان ومن معه أي أسألكم (بالله الذي بإذنه تقوم السماء) بغير عمد (و) تستقر (الأرض) بغير وتد (أتعلمون) أي هل تعلمون (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال): نحن معاشر الأنبياء (لا نورث) بالبناء للمجهول أي لا تقسم تركتنا بين أقاربنا بل (ما تركنا) هـ بعد موتنا (صدقة) مصروفة في مصالح المسلمين (قالوا) أي قال القوم الحاضرون: (نعم) علمنا ذلك يا أمير المؤمنين (ثم أقبل) عمر (على العباس وعليّ فقال) لهما: (أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمان) أي هل تعلمان (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث ما تركناه صدقة قالا: نعم) نعلم ذلك (فقال عمر: (ن الله جل وعز كان خص رسوله صلى الله عليه وسلم في كتابه (بخاصة) من الأموال (لم يخصص) الله تعالى (بها) أي بتلك الخاصة (أحدًا غيره) صلى الله عليه وسلم (قال) تعالى في كتابه: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الحشر: 7] قال مالك بن أوس فوالله (ما أدري هل قرأ) عمر (الآية التي قبلها) أي قبل هذه الآية المذكورة هنا يعني قوله تعالى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيهِ مِنْ خَيلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ (6)} (أم لا) يقرؤها أي لم يقرأها (قال) عمر: (فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينكم) أهل البيت (أموال بني النضير) والمراد بقسمة
فَوَاللهِ! مَا اسْتَأثَرَ عَلَيكُمْ. وَلَا أَخَذَهَا دُونَكُمْ. حَتَّى بَقِيَ هذَا الْمَالُ. فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُ مِنْهُ نَفَقَةَ سَنَةٍ. ثُمَّ يَجعَلُ مَا بَقِيَ أُسْوَةَ الْمَالِ. ثُمَّ قَال:
ــ
أموال بني النضير في هذا الحديث قسمة ذوي القربى من خمس الفيء أو هبته صلى الله عليه وسلم من سهمه إلى أقربائه أو المهاجرين والله أعلم اهـ تكملة وقول عمر: (إن الله كان خص رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصة) قال النووي ذكر القاضي في معنى هذا احتمالين أحدهما: تحليل الغنيمة له ولأمته والثاني: تخصيصه بالفيء إما كله أو بعضه على اختلاف العلماء في ذلك قال: وهذا الثاني أظهر لاستشهاد عمر على هذا بالآية اهـ (فوالله ما استأثر) رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه (عليكم) بهذا المال ولا اختارها عليكم (ولا أخذها) أي أخذ هذه الأموال ولا استبد بها (دونكم) قال في العون والاستئثار الانفراد بالشيء والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم ما فضل نفسه الكريمة عليكم في نصيبه من الفيء اهـ يعني ما استأثر رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه عليكم بأن يخلصها لنفسه وإنما أنفقتها عليكم وفي رواية للبخاري في الفرائض (فكانت خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما احتازها دونكم)(حتى بقي هذا المال) الذي تنازعتما فيه يعني المال الذي وقعت فيه الخصومة بين علي والعباس (فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخد منه) أي من هذا المال الذي وقعت فيه الخصومة بينكما (نفقة سنة) لأهله (ثم يجعل ما بقي) من نفقة أهله (أسوة المال) أي قدوة المال الذي يصرف في مصالح المسلمين وتبعًا له يعني مالًا مشتركًا يصرف في حوائج العامة يفسره ما في رواية معمر الآتية (ثم يجعل ما بقي منه مجعل الله عز وجل وفي العون قوله (ثم يجعل ما بقي أسوة المال) أي يجعل ما بقي من نفقة أهله مساويًا للمال الآخر الذي يصرف لوجه الله تعالى قال في النهاية: قد تكرر ذكر الأسوة والمواساة وهي بكسر الهمزة وضمها القدوة والمواساة المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق وأصله الهمزة فقلبت واوا للتخفيف ومن القلب أن المشركين واسونا على الصلح وعلى الأصل في الصديق آساني بنفسه وماله اهـ ومنه الحديث أسوة الغرماء أي إنهم مساوون ومشاركون في المال الموجود للمفلس ولفظ البخاري (ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله) وهذا أصرح في المراد أي يجعله في السلاح والكراع ومصالح المؤمنين اهـ من العون (ثم قال) عمر للقوم
أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي بِإِذنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ! أَتَعْلَمونَ ذلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. ثُمَّ نَشَدَ عَبَّاسًا وَعَلِيًّا بِمِثلِ مَا نَشَدَ بِهِ الْقَوْمَ: أَتَعْلَمَانِ ذلِكَ؟ قَالا: نَعَمْ. قَال: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال أَبُو بَكرٍ: أَنا وَليُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَجِئتُمَا، تَطلُبُ مِيرَاثَكَ مِن ابْنِ أَخِيكَ، ويطْلُبُ هذَا مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا. فَقَال أَبُو بَكرٍ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا نُورَثُ. مَا تَرَكنَا صَدَقَةٌ" فَرَأَيتُمَاهُ كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا، وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابعٌ لِلْحَقِّ. ثُم تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ. وَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَوَلِيُّ أَبِي بَكرٍ
ــ
الحاضرين عنده: (أنشدكم بالله الذي بإذنه نقوم السماء والأرض أتعلمون ذلك) الذي يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المال من أخذ نفقة سنة لأهله منه ثم جعله ما بقي أسوة المال (قالوا) أي قال القوم: (نعم) نعلم ذلك الذي يفعله الرسول فيه (ثم نشد) عمر وسأل (عباسًا وعليًّا بمثل ما نشد به القوم) فقال لهما: (أتعلمان ذلك) الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم (قالا) أي قال عباس وعلي (نعم) نعلم ذلك (قال) عمر: (فلما توفي) وقبض (رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر) رضي الله عنه: (أنا وليّ) أي متولى أمور (رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفته في شؤونه (فجئتما) أنتما إلى أبي بكر رضي الله عنه حالة كونك يا عباس (تطلب ميراثك) ونصيبك (من) تركة (ابن أخيك) يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم (و) حالة كون (هذا) الجائي معك يريد عليًّا يطلب ميراث امرأته وزوجته (من أبيها) يعني فاطمة رضي الله تعالى عنها (فقال) لكما: (أبو بكر) رضي الله عنه: لا إرث لكما من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قد (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن معاشر الأنبياء (ما نورث) أي لا نورث دينارًا ولا درهمًا ولا غيرهما (ما تركنا) هـ من الأموال (صدقة) المسلمين (فرأيتماه) أي فظننتما أنتما أبا بكر (كاذبًا) فيما يقول (آثمًا) بامتناعه من دفعه إليكما (غادرًا) لكما بأخذه ذلك المال (خائنًا) بإمساكه في يده (والله) أي والحال أن الله سبحانه وتعالى (يعلم إنه) أي إن أبا بكر (لصادق) فيما يقول (بار) أي فاعل للبر برعاية ذلك المال (راشد) أي موافق للرشد في عمله (تابع للحق) في عمله في ذلك المال وغيره (ثم توفي) وقبض (أبو بكر) رضي الله عنه قلت: (وأنا وليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبي بكر) أي
فَرَأَيتُمَانِي كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا. وَاللهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَصَادِقٌ بَارٌ رَاشِدٌ تَابعٌ لِلْحَقِّ. فَوَلِيتُهَا. ثُمَّ جِئْتَنِي أَنْتَ وَهذَا. وَأَنْتُمَا جَمِيعٌ. وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ. فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَينَا. فَقُلْتُ: إِنْ شِئتُمْ دَفَعْتُهَا إِلَيكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيكُمَا عَهْدَ اللهِ أَنْ تَعْمَلا فِيهَا بالَّذِي كَانَ يَعْمَلُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَخَذتُمَاهَا بِذلِكَ. قَال: أَكَذلِكَ؟ قَالا: نَعَمْ. قَال: ثُمَّ جِئتُمَانِي لأَقْضِيَ بَينَكُمَا. وَلَا، وَاللهِ، لَا أَقْضِي بَينَكُمَا بِغَيرِ ذلِكَ. حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ. فَإِنْ عَجَزتُمَا عَنْهَا فَرُدَّاهَا إِلَيَّ
ــ
متولي أمورهما وخليفتهما في أمور الدين والرعية (فرأيتماني) أيضًا كاذبًا آثمًا غادرًا خائنًا والله) أي والحال أن الله سبحانه (يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق فوليتها) أي فتوليت رعاية هذه الأموال التي تطلبان قسمتها (ثم جئتني أنت) يا عباس (وهذا) الرجل يريد عليًّا (وأنتما جميع) أي وكلاكما متفق ليس بينكما خلاف (وأمركما) أي مطلبكما (واحد) وهو دفعي إياها إليكما (فقلتما) لي: (ادفعها) أي ادفع هذه الأموال التي تركها الرسول صلى الله عليه وسلم (إلينا) على سبيل القسمة بيننا (فقلت) لكما (إن شئتم) دفعها إليكم (دفعتها إليكما على) شرط (أن عليكما عهد الله) وميثاقه في (أن تعملا فيها) أي في هذه الأموال (بالذي) أي بالعمل الذي (كان يعملـ) ـه (رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذتماها) عني (بـ) ـشرط (ذلك) أي بشرط أن تعملا فيها مثل ما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أن يصرفا دخلها في نفقة أهله صلى الله عليه وسلم والباقي في مصارف الخير ومصالح المسلمين (قال) لهما عمر: (أكذلك) أخذتماها عني أي هل أخذتماها عني على شرط ذلك (قالا) أي قال عباس وعلي (نعم) أخذناها عنك على شرط ذلك (قال) لهما عمر: (ثم جئتماني) معطوف على قوله فأخذتماها بذلك أي قال عمر فأخذتماها عني بذلك الشرط ثم جئتماني (لأقضي بينكما) بغير ذلك (ولا) أقضي (والله لا أقضي) لا زائدة لتأكيد الأول (بينكما بغير ذلك) الشرط الذي أخذتماها عني عليه (حتى تقوم الساعة) يعني بأن أقسم توليته بينكما بما يوهم أنني قسمت الأرض بينكما تمليكًا (فإن عجزتما عنها) أي عن رعايتها على ذلك الشرط (فردَّاها إليَّ) فأنا كاف لكما عنها قال أبو داود بعد رواية هذا الحديث: أراد عمر أن لا يوقع عليه اسم قسمة فإن القسمة إنما تقع في الملك اهـ وقال في العون: هذا جواب عما استشكل في هذه القصة من أن العباس وعليًّا ترددا إلى الخليفتين وطلبا الميراث مع قوله صلى الله عليه وسلم: لا
4443 -
(00)(00) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ (قَال ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ). أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ. قَال: أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَقَال: إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ. بِنَحْو حَدِيثِ مَالِكٍ. غَيرَ أَنَّ فِيهِ: فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهُ سَنَةً
ــ
نورث ما تركناه فهو صدقة ومع تقرير عمر عليهما أنهما يعلمان ذلك وحاصل الجواب أنهما إنما سألاه أن يقسمه بينهما نصفين لينفرد كل منهما بنظره ما يتولاه فقال عمر: لا أوقع عليه اسم القسم أدعه أي اتركه على ما هو عليه وإنما كره أن يوقع عليه اسم القسم لئلا يظن لذلك مع تطاول الأزمان أنه ميراث وأنهما ورثاه لا سيما وقسمة الميراث بين البنت والعم نصفان فيلتبس ذلك ويظن أنهم ورثوا وتملكوا ذلك اهـ قال الحافظ في الحديث إشكال شديد وهو أن أصل القصة صريح في أن العباس وعليًّا قد علما بأنه صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث فإن كانا سمعاه من النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يطلبانه من أبي بكر وإن كانا إنما سمعاه من أبي بكر أو في زمنه بحيث أفاد عندهما العلم بذلك فكيف يطلبانه من عمر والذي يظهر والله أعلم أنهما اعتقدا أن عموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا نورث مخصوص ببعض ما يخلفه دون بعض وأما مخاصمة علي وعباس بعد ذلك ثانيًا عند عمر فقال إسماعيل القاضي لم يكن في الميراث إنما تنازعا في ولاية الصدقة وفي صرفها كيف تصرف كذا قال لكن في رواية النسائي ما يدل على أنهما أرادا أن يقسم بينهما على سبيل الميراث انتهى كلام الحافظ ملخصًا قال المنذري وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي مطولًا ومختصرًا كما مر ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث مالك بن أوس رضي الله عنه فقال.
4443 -
(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (ومحمد بن رافع) القشيري (وعبد بن حميد) الكسي (قال ابن رافع: حدثنا وقال الآخران: أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: أرسل إفي عمر بن الخطاب) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة معمر لمالك بن أنس (فقال) عمر: (إنه قد حضر أهل أبيات من قومك) الحديث السابق وساق معمر (بنحو حديث مالك غير أن فيه) أي في ذلك النحو الذي رواه معمر لفظة (فكان) صلى الله عليه وسلم (ينفق على أهله منه) أي من ذلك المال (سنة) أي يأخذ منه نفقة سنة
وَرُبَّمَا قَال مَعْمَرٌ: يَحْبِسُ قُوتَ أَهْلِهِ مِنْهُ سَنَةً. ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ مِنْهُ مَجْعَلَ مَالِ اللهِ عز وجل.
4444 -
(1704)(49) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالتْ: إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حِينَ تُوُفيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ. فَيَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالتْ عَائِشَةُ لَهُنَّ: أَلَيسَ قَدْ قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا نُورَثُ. مَا تَرَكنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ"؟
ــ
لأهله ويصرف الباقي في مصالح المسلمين كالكراع والسلاح بدل قول مالك في روايته (فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ منه نفقة سنة)(وربما قال معمر) في روايته: (يحبس) أي يدخر (قوت أهله منه) أي من ذلك المال (سنة) أي كفاية سنة (ثم يجعل ما بقي منه) أي من ذلك المال بعد قوت أهله (مجعل مال الله عز وجل أي في مصرف ما جعل عدة في سبيل الله تعالى من مصالح المسلمين ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال.
4444 -
(1704)(49)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة) رضي الله عنها وهذا السند من خماسياته (أنها) أي أن عائشة (قالت: إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي) وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أودن وقصدن (أن يبعثن) ويرسلن (عثمان بن عفان إلى أبي بكر) رضي الله تعالى عنهما (فيسألنه) أي فيسألن أبا بكر (ميراثهن من النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية أبي داود (ثُمُنَهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى الروايتين واحد لأن ميراث الزوجات الثمن إن كان للميت ولد (قالت عائشة لهن): أي لأزواجه صلى الله عليه وسلم والاستفهام في قوله (أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا فهو صدقة) فكيف تبعثن عثمان إلى أبي بكر لطلب الميراث تقريري داخل على النفي فيكون إثباتًا أي فكيف تبعثن عثمان وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لا نورث وفي رواية أسامة بن زيد عن الزهري عند أبي داود قلت (ألا تتقين الله ألم تسمعن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا نورث ما تركنا فهو صدقة وإنما
4445 -
(1705)(50) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. أخْبَرَنَا حُجَينٌ. حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنْ عُقَيلٍ،
ــ
هذا المال لآل محمد لنائبتهم والنائبة هي ما ينوب الإنسان من الحوادث والمهمات فإذا مت فهو إلى ولي الأمر من بعدي) وقوله (لا نورث) الرواية بفتح الراء ويجوز الكسر لغة وفي حديث عمر عند البخاري في الفرائض أن عمر قال بعد رواية هذا الحديث يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه قال الحافظ في الفتح [12/ 8]، وفي قول عمر يريد نفسه إشارة إلى أن النون في قوله: نورث للمتكلم خاصة لا للجمع وأما ما اشتهر في كتب الأصول وغيرهم بلفظ (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) فقد أنكر جماعة من الأئمة وكذلك بالنسبة لخصوص لفظ نحن لكن أخرجه النسائي من طريق ابن عيينة عن أبي الزناد بلفظ (إنا معاشر الأنبياء لا نورث) وهو كذلك في مسند الحميدي عن ابن عيينة وهو من أتقن أصحاب ابن عيينة فيه وأورده الهيثم بن كليب في مسنده من حديث أبي بكر الصديق باللفظ المذكور وأخرجه الطبراني في الأوسط بنحو اللفظ المذكور وأخرجه الدارقطني في العلل من رواية أم هانئ عن فاطمة عن أبي بكر الصديق بلفظ إن الأنبياء لا يورثون قال ابن بطال وغيره ووجه ذلك والله أعلم أن الله بعثهم مبلغين رسالتهم وأمرهم أن لا يأخذوا على ذلك أجرًا كما قال {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ أَجْرًا} وقال نوح وهود وغيرهما نحو ذلك فكانت الحكمة في أن لا يورثوا لئلا يظن أنهم جمعوا المال لوارثهم قال وقوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيمَانُ دَاوُودَ} حمله أهل العلم بالتأويل على العلم والحكمة وكذا قول زكريا {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي} وقيل الحكمة في كونه لا يورث حسم المادة في تمني الوارث موت المورث من أجل المال وقيل لكون النبي كالأب لأمته فيكون ميراثه للجميع وهذا معنى الصدقة العامة وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الفرائض [6727 و 6730]، وأبو داود في الخراج والفيء [2976 و 2977] وقال المنذري: أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي اهـ ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة المذكور بحديث آخر لها رضي الله عنها فقال.
4445 -
(1705)(50)(حدثني محمد بن رافع) القشيري (أخبرنا حجين) بتقديم الحاء على الجبم مصغرًا ابن المثنى اليمامي قاضي خراسان ثم نزل بغداد ثقة، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا ليث) بن سعد المصري (عن عقيل) مصغرًا ابن خالد
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا أَخبَرَتهُ؛ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَت إِلَى أَبِي بَكرٍ الصِّدِّيقِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَك. وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيبَرَ
ــ
المصري (عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة) رضي الله تعالى عنها وهذا السند من سباعياته (أنها أخبرته) أي أخبرت لعروة (أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق) رضي الله تعالى عنهما ولم أر من ذكر اسم الرسول ولعله علي بن أبي طالب حالة كونها (تسأله) أي تسأل أبا بكر (ميراثها) وهو النصف (من) تركة (رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كون تلك التركة (مما أفاء الله) ورجع (عليه) صلى الله عليه وسلم (بالمدينة) أي من أموال بني النضير كالنخل وكانت قريبة من المدينة (وفدك) بالصرف وعدمه وذكر في معجم البلدان أن فدك قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان أو ثلاثة أفاءها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم سنة سبع صلحًا حين فتح خيبر (وما بقي من خمس خيبر) بعد قسمة أربعة أخماسها بين الغانمين (واعلم) أن صدقات النبي صلى الله عليه وسلم المذكورة في هذه الأحاديث صارت إليه بثلاثة حقوق أحدها ما وهب له وذلك وصية مخيريق اليهودي له عند إسلامه يوم أحد وكانت سبع حوائط في بني النضير وما أعطاه الأنصار من أرضهم وهو ما لا يبلغه الماء والثاني حقه من الفيء من أرض بني النضير حين أجلاهم كانت له خاصة لأنها لم يوجف عليها المسلمون بخيل ولا ركاب وكان يخرجها في نوائب المسلمين وكذلك نصف أرض فدك صالح أهلها بعد فتح خيبر على نصف أرضها وكان خالصًا له وكذلك ثلث أرض وادي القرى أخذه في الصلح حين صالح أهلها اليهود والثالث سهمه من خمس خيبر فكانت هذه كلها ملكًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة لا حق فيها لأحد غيره لكنه صلى الله عليه وسلم كان لا يستأثر بها بل ينفقها على أهله والمسلمين وللمصالح العامة وكل هذه صدقات وقوله (أرسلت إلى أبي بكر) وفي رواية معمر عن الزهري عند البخاري في الفرائض أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما على أنهما أتيا جميعًا. وقوله (مما أفاء الله عليه بالمدينة) يعني من أموال بني النضير وروى أبو داود حديثًا في الخراج والإمارة في باب بني النضير رقم (3004) عن رجل من أصحاب النبي
فَقَال أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ. إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي هذَا الْمَالِ"
ــ
صلى الله عليه وسلم فكان نخل بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة أعطاه الله إياه وخصه بها فقال: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيهِ مِنْ خَيلٍ وَلَا رِكَابٍ} يقول بغير قتال فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها للمهاجرين وقسمها بينهم وقسم منها لرجلين من الأنصار ذوي حاجة لم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما وبقي منها صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي في أيدي بني فاطمة رضي الله عنها وكانت له أيضًا أموال مما أوصى له به المخيريق وكان يهوديًّا من بقايا بني قينقاع نازلًا ببني النضير فأسلم وشهد أحدًا فقتل به رضي الله عنه كما رواه ابن شبة وغيره وحكاه الحافظ في فتح الباري [2036]، قوله (وفدك) بفتح الدال والفاء بلد بينها وبين المدينة ثلاث مراحل وبينها وبين خيبر يومان وحصنها يقال له الشمروخ كذا في معجم ما استعجم للبكري [2/ 1015] وذكر الحموي في معجم البلدان [4/ 240] عن الزجاجي أنها سميت بفدك بن حام بن نوح وهو أول من نزلها وكان من شأنها ما ذكر أصحاب المغازي قاطبة أن أهل فدك كانوا من يهود فلما فتحت خيبر أرسل أهل فدك يطلبون الأمان من النبي صلى الله عليه وسلم على أن يتركوا البلد ويرحلوا فصالحهم النبي صلى الله عليه وسلم على النصف من فدك فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب كذا في سيرة ابن هشام قوله (وما بقي من خمس خيبر) وقد أخرج أبو داود [3010] عن سهل بن أبي حثمة قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر نصفين نصفًا لنوائبه وحاجته ونصفًا للمسلمين قسمها بينهم على ثمانية عشر سهمًا وقال ابن إسحاق وكانت المقاسم على أموال خيبر على الشق ونطاة والكتيبة (كلها أسماء مواضع بخيبر) فكانت الشق ونطاة في سهمان المسلمين وكانت الكتيبة خمس الله وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم ذوي القربى واليتامى والمساكين وطعم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وطعم رجال مشوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل فدك بالصلح اهـ من سيرة ابن هشام مع السهيلي [2/ 246](فقال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وسلم وفي هذه الرواية زيادة وهي قوله (إنما يأكل آل محمد في هذا المال) وهذه الزيادة
وَإِنِّي، وَاللهِ، لَا أُغَيِّرُ شَيئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيهَا، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا، بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَبَى أَبُو بَكرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ شَيئًا. فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذلِكَ. قَال: فَهَجَرَتْهُ. فَلَمْ تُكلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ. وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَشْهُرٍ. فَلَمَّا تُوُفيَت دَفَنَهَا
ــ
موجودة أيضًا في باب مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من صحيح البخاري والمعنى أنهم من جملة من يأكل منه لا أنه لهم بخصوصهم يعني أنهم يعطون منه ما يكفيهم لا على وجه الميراث كما في القسطلاني وهذا صريح في أن أبا بكر لم يمنع شيئًا من حق ذوي القربى فبذل لهم منافع ذلك المال كما كان يبذلها رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أنه امتنع من أن يملكهم إياها بطريق الوراثة لقوله صلى الله عليه وسلم: لا نورث (وإني والله لا أغير شيئًا من صدقة رسول الله عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئًا) يعني من ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم لها وإلا فقد ثبت بالأحاديث الصحيحة أنه كان يعولها وينفق عليها من صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم (فوجدت فاطمة) أي غضبت (على أبي بكر في ذلك) أي في إبائه عن دفع شيء لها من ميراثها وقوله (فوجدت فاطمة) كلام مدرج من الزهري غير مذكور في كثير من الروايات كما يدل عليه قوله (قال) الراوي: (فهجرته) أي هجرت فاطمة أبا بكر (فلم تكلمه حتى توفيت) أي ماتت يعني أنها امتنعت من الكلام معه جملة لا في حق الميراث خاصة كما تأوله بعضهم بذلك لأن القرينة قائمة على خلاف ذلك وكان التهاجر مع كونه منهيًا عنه غير متروك بالكلية فيما بين أهل خير القرون بمقتضى البشرية وهذا أيضًا مدرج من كلام الراوي ليس من كلام عائشة كما يدل عليه لفظ قال في أوله فالظاهر من تتبع الروايات أن قصة الغضب والهجران مدرجة في هذا الحديث من قبل الزهري وقد عرف من عادة الزهري أنه ربما كان أدرج في الحديث شيئًا من رأيه وقال الحافظ في النكت على ابن الصلاح [1/ 829]، وكذا كان الزهري يفسر الأحاديث كثيرًا وربما أسقط أداة التفسير فكان بعض أقرانه ربما يقول له افصل كلامك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وساق الحافظ عدة أمثلة من إدراجات الزهري اهـ من التكملة بتصرف (وعاشت) فاطمة (بعد) وفاة (رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فلما توفيت دفنها
زَوْجُهَا عَلِيٌّ بن أبِي طَالِبٍ لَيلًا. وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكرٍ. وَصَلَّى عَلَيهَا عَلِيٌّ. وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وجْهَةٌ، حَيَاةَ فَاطِمَةَ. فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ. فَالْتَمَسَ مُصَالحَةَ أَبِي بَكرٍ وَمُبَايَعَتَهُ. وَلَمْ يَكُنْ بَايَعَ تِلْكَ الأَشْهُرَ. فَأرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: أَنِ ائتِنَا. وَلَا يَأتِنَا مَعَكَ أَحَدٌ (كَرَاهِيَةَ مَحْضَرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) فَقَال عُمَرُ لأَبِي بَكرٍ: وَاللهِ! لَا تَدْخُل عَلَيهِمْ وَحْدَكَ. فَقَال أَبُو بَكرٍ: وَمَا عَسَاهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي
ــ
زوجها علي بن أبي طالب ليلًا ولم يؤذن) أي لم يعلم (بها) أي بموتها (أبا بكر وصلى عليها علي وكان لعلي من الناس وجهة) أي وجه وإقبال (حياة فاطمة) أي في مدة حياتها وهي تلك الأشهر ولفظ النهاية واللسان (وكان لعلي وجه من الناس حياة فاطمة) أي جاه وعز فقدهما بعدها (فلما توفيت) فاطمة (استنكر علي) أي أنكر (وجوه الناس) إليه وفقد إقبالهم عليه على عادتهم في حياة فاطمة أي لم يعجبه نظرهم إليه (فالتمس) علي أي طلب (مصالحة أبي بكر ومبايعته) معه (ولم يكن) علي (بايع) أبا بكر (تلك الأشهر) التي كانت فيها فاطمة حية (فأرسل) علي (إلى أبي بكر) بـ (ـأن ائتنا) في بيتنا (ولا يأتنا معك أحد كراهية محضر عمر) أي حضور عمر (بن الخطاب) معه إلى بيت علي وهذا من الراوي بيان لوجه إرسال علي الخبر إلى أبي بكر بعدم إتيان أحد معه أي لئلا يحضر معه من يكره حضوره وهو عمر بن الخطاب لما علم من شدته وصدعه بما يظهر به فخاف هو ومن معه ممن تخلف عن البيعة أن ينظر عمر لأبي بكر فيصدر عنه ما يوحش قلوبهم على أبي بكر بعد أن طابت وانشرحت له (فقال عمر لأبي بكر والله لا تدخل عليهم) أي على علي ومن معه (وحدك) خوفًا على أن يغلظوا على أبي بكر في العتاب ويحملهم على الإكثار من ذلك لين عريكة أبي بكر وصبره عن الجواب عن نفسه وربما رأى من كلامهم ما غير قلبه فيترتب على ذلك مفسدة خاصة أو عامة وإذا حضر عمر امتنعوا من ذلك وأما كون عمر حلف أن لا يدخل عليهم أبو بكر وحده فحنثه أبو بكر ودخل وحده ففيه دليل على أن إبرار القسم إنما يؤمر به الإنسان إذا أمكن احتماله بلا مشقة ولا تكون فيه مفسدة وعلى هذا يحمل الحديث بإبرار القسم اهـ نووي. (فقال أبو بكر: وما عساهم) أي وما أشفق عليًّا ومن معه ولا أخافهم (أن يفعلوا بي) شرًّا وضررًا أي وما أظن ذلك منهم وقوله (والله لا تدخل عليهم وحدك) قال القاضي عياض رحمه الله: لا يريد بذلك أنه
إِنِّي، وَاللهِ! لآتِيَنَّهُمْ. فَدَخَلَ عَلَيهِمْ أَبُو بَكرٍ. فَتَشَهَّدَ عَلِيُّ بن أَبِي طَالِبٍ. ثُمَّ قَال: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا، يَا أَبَا بَكرٍ، فَضِيلَتَكَ وَمَا أَعْطَاكَ اللهُ. وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيكَ خَيرًا سَاقَهُ اللهُ إِلَيكَ. وَلكِنكَ استَبْدَدْتَ عَلَينَا بِالأَمْرِ. وَكُنَّا نَحْنُ نَرَى لَنَا حَقًّا لِقَرَابَتِنَا مِن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمْ يَزَل يُكَلِّمُ أَبَا بَكرٍ حَتى فَاضَت عَينَا أَبِي بَكرٍ. فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكرٍ قَال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِليَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي. وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَينِي وَبَينَكُمْ
ــ
خاف عليه أن يغدروه ومعاذ الله أن يظن بهم ذلك ولعله خاف أن يغلظوا له في العتاب ويكون عند أبي بكر جفاء فتتغير لذلك نفسه وقد عرفت أن هذا الكلام كله للزهري (إني والله لآتينهم فدخل عليهم أبو بكر فتشهد علي بن أبي طالب ثم قال) علي: (إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك وما أعطاك الله) تعالى من السابقية إلى الإسلام وما أعطاك من الخلافة ولم ننفس من باب فرح أي لم نحسد (عليك خيرًا ساقه الله إليك) يعني الخلافة (ولكنك استبددت) وانفردت بالاستئثار (علينا بالأمر) أي بأمر الخلافة ولم تشاور معنا معاشر أهل البيت (وكنا نحن) معاشر أهل البيت (نرى لنا حقًّا) في المشاورة معنا (لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال: استبد بالأمر إذا انفرد به من غير مشارك له فيه وفي شعر عمر بن أبي ربيعة (إنما العاجز من لا يستبد) وفي شرح النووي وكان عذر أبي بكر وعمر وسائر الصحابة واضحًا لأنهم رأوا المبادرة بالبيعة من أعظم مصالح المسلمين وخافوا من تأخيرها حصول خلاف ونزاع تترتب عليه مفاسد عظيمة ولهذا أخروا دفن النبي صلى الله عليه وسلم حتى عقدوا البيعة لكونها كانت أهم الأمور كي لا يقع نزاع في مدفنه أو كفنه أو غسله أو الصلاة عليه أو غير ذلك وليس لهم من يفصل الأمور فرأوا تقديم البيعة أهم الأشياء اهـ (فلم يزل) علي (يكلم أبا بكر حتى فاضت) وسالت دمعًا (عينا أبي بكر) أي امتلأتا دمعًا وسال منصبًا (فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أي لأن أصل قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحب الي أن أصل من قرابتي) متعلق بأحب يعني أنا أشد حبًّا لصلة قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلة قرابتي وهذا قاله على سبيل الاعتذار عن منعه سيدتنا فاطمة ما طلبته من تركة النبي صلى الله عليه وسلم (وأما الدي شجر بيني وبينكم) أي اضطرب واختلف واختلط قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى
مِنْ هذِهِ الأَمْوَالِ، فَإِنِّي لَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الحَقِّ. وَلَمْ أَتْرُك أَمْرًا رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُهُ فِيهَا إلا صَنَعْتُهُ. فَقَال عَلِيٌّ لأَبِي بَكرٍ: مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةُ لِلْبَيعَةِ. فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ صَلاةَ الظُّهْرِ. رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ. فَتَشَهَّدَ. وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ الْبَيعَةِ. وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيهِ. ثُمَّ اسْتَغفَرَ. وَتَشَهَّدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ. وَأَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ. وَلَا إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللهُ بِهِ
ــ
يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُمْ} (من هذه الأموال فإني لم آل) أي لم أقصر (فيها عن) امتثال (الحق) وفعله (ولم أترك أمرًا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه) ويفعله (فيها) أي في هذه الأموال (إلا صنعته) وعملته (فقال علي لأبي بكر موعدك) أي وقت وعدنا إياك مبتدأ خبره (العشية) والعشية بفتح العين وكسر الشين وتشديد الياء المفتوحة وكذا العشي بحذف التاء هو من الزوال إلى الغروب يجمع على عشايا وقوله (للبيعة) متعلق بموعدك لما فيه من رائحة المصدر أي وقت وعدك للبيعة العشية أي عشية اليوم (فلما صلى أبو بكر صلاة الظهر رقى) بوزن رضي أي صعد أبو بكر (على المنبر) النبوي (فتشهد) أي أتى بالشهادتين لأنهما سنتان في الخطب (و) قال: أما بعد ثم (ذكر شأن علي) من معرفته فضيلة أبي بكر وسابقتيه وعدم منافسته في خلافته (وتخلفه) أي سبب تخلفه (عن البيعة) أي عن مبايعته أبي بكر من استبدادهم بأمر الخلافة بلا مشورة أحد من أهل قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن لهم فيه حقًّا (و) ذكر (عذره) أي اعتذاره في التخلف (بالذي) أي بالأمر الذي (اعتذر) به (إليه) علي من اعتقادهم أن لهم حقًّا في الأمر لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم استغفر) علي بن أبي طالب رضي الله عنه معطوف على اعتذر ثم بعد فراغ أبي بكر الصديق من خطبته قام علي بن أبي طالب (وتشهد علي بن أبي طالب) أي أتى بالشهادتين (فعظم حق أبي بكر) أي ذكر عظم حقوق أبي بكر عليه وفضيلته على الأمة وسابقيته إلى الإسلام (و) ذكر (أنه) أي أن الشأن والحال (لم يحمله على الدي صنع) من تخلفه عن البيعة أن ينفس (نفاسة) أي أن يحسد حسدًا على أبي بكر في الخلافة (ولا) أن ينكر (إنكارًا للذي فضله الله به) على سائر الأمة من سبقه إلى الإسلام وإلى صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن خروجه من نفسه وماله لله ولرسوله وقوله (ولا إنكارًا) معطوف على نفاسة وكلاهما منصوبان على
وَلكِنَّا كُنَّا نَرَى لَنَا فِي الأَمْرِ نَصِيبًا. فَاسْتُبِدَّ عَلَينَا بِهِ. فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا. فَسُرَّ بِذلِكَ الْمُسْلِمُونَ. وَقَالُوا: أَصَبْتَ. فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا، حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ الْمَعْرُوفَ.
4446 -
(00)(00) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ (قَال ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ). أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ فَاطِمَةَ وَالْعَبَّاسَ أتَيَا أبَا بَكْرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَهُمَا حِينَئِذٍ يَطْلُبَانِ أَرْضَهُ
ــ
المصدرية بعامل محذوف وجوبًا لنيابتهما عنه وذلك المحذوف في موضع الرفع على أنه فاعل ليحمل كما قدرناه في الحل (ولكنا كنا) معاشر أهل البيت (نرى) أي نظن ونعتقد أن (لنا في) هذا (الأمر) أي أمر الخلافة (نصيبًا) أي حظًّا من المشورة فيه (فاستبد) بالبناء للمجهول أي فاستؤثر (علينا) غيرنا (به) أي بهذا الأمر بالمشورة فيه وانفردوا بها عنا (فوجدنا) أي غضبنا بذلك (في أنفسنا) أي في قلوبنا (فسر) بالبناء للمجهول أي فاستبشر (بذلك) الذي قاله في خطبته (المسلمون وقالوا) له: (أصبت) أي وافقت الصواب فيما قلت واعتذرت به (فكان المسلمون إلى علي) بن أبي طالب (قريبًا) أي قريبين إلى محاضرته مقبلين إليه بوجوههم متحدثين معه يعني رضي المسلمون عن علي رضي الله عنه (حين راجع الأمر المعروف) أي رجع وأدى الأمر المعروف وجوبه عليه شرعًا وهو المبايعة للخليفة والمتابعة له ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عائشة هذا فقال.
4446 -
(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (ومحمد بن رافع) القشيري (وعبد بن حميد) الكسي البصري (قال ابن رافع: حدثنا وقال الآخران: أخبرنا عبد الرزاق) بن همام (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري (عن الزهري عن عروة) بن الزبير (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة معمر لعقيل (أن فاطمة) بنت محمد صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها (والعباس) بن عبد المطلب رضي الله عنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتيا أبا بكر) الصديق رضي الله عنه حالة كونهما (يلتمسان) أي يطلبان (ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما) أي والحال أنهما (حينئذٍ) أي حين إذ أتياه (يطلبان أرضه) صلى الله عليه
مِنْ فَدَك وَسَهمَهُ مِنْ خَيبَرَ. فَقَال لَهُمَا أَبُو بَكرٍ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثلِ مَعْنَى حَدِيثِ عُقَيلٍ، عَنِ الزُّهرِيِّ. غَيرَ أَنَّهُ قَال: ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ فَعَظَّمَ مِنْ حَقِّ أَبِي بَكْرٍ. وَذَكَرَ فَضِيلَتَهُ وَسَابِقَتَهُ. ثُمَّ مَضَى إِلَى أَبِي بَكرٍ فَبَايَعَهُ. فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا: أَصَبْتَ وَأَحسَنْتَ. فَكَانَ النَّاسُ قَرِيبًا إِلَى عَلِيٍّ حِينَ قَارَبَ الأَمْرَ الْمَعْرُوفَ.
4447 -
(00)(00) وحدّثنا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا أبِي. ح وَحَدَّثَنَا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ. قَالا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ). حَدَّثنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
ــ
وسلم (من فدك وسهمه) صلى الله عليه وسلم (من خيبر فقال لهما أبو بكر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق) معمر أي ذكر (الحديث) السابق (بمثل معنى حديث عقيل) بن خالد أي بمعنى مماثل لمعنى حديث عقيل (عن الزهري) إلا فيما استثنى بقوله (غير أنه) أي لكن أن معمرًا (قال) في روايته (ثم قام علي فعظم من حق أبي بكر وذكر) أي علي فضيلته أي فضله على سائر الأمة في صحبته (و) ذكر (سابقيته) أي سابقيته إلى الإسلام (ثم مضى) علي أي ذهب (إلى) جهة (أبي بكر فبايعه) على الخلافة (فأقبل الناس) الحاضرون (إلى علي فقالوا) له (أصبت) أي وافقت الصواب في المبايعة (وأحسنت) في الدخول فيها (فكان الناس) بعد ذلك (قريبًا) أي مقاربين (إلى علي) مواصلين له راضين عنه حين قارب الأمر بالمعروف وواصله ودخل فيه وهو المبايعة لأبي بكر على السمع والطاعة ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث عائشة هذا رضي الله تعالى عنهما فقال.
4447 -
(00)(00)(وحدثنا) محمد (بن نمير) الهمداني (حدثنا يعقوب بن إبراهيم) بن سعد الزهري أبو يوسف المدني ثقة، من (9)(حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبي إسحاق المدني ثقة، من (8)(ح وحدثنا زهير بن حرب والحسن بن علي) بن محمد بن علي الهذلي (الحلواني) الخلال المكي ثقة، من (11) (قالا: حدثنا يعقوب وهو ابن إبراهيم) بن سعد الزهري المدني حدثنا أبي إبراهيم بن سعد (عن صالح) بن كيسان الغفاري المدني ثقة، من (4) (عن ابن شهاب
أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيرِ؛ أَن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخبَرَتهُ؛ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَألَت أَبَا بَكرٍ، بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا، مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيهِ. فَقَال لَهَا أَبُو بَكرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا نُورَثُ. مَا تَرَكنَا صَدَقَةٌ".
قَال: وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَشهُرٍ. وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْألُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيبَرَ وَفَدَكٍ. وَصَدَقَتِهِ بِالْمَدِينَةِ. فَأَبَى أَبُو بَكْرِ عَلَيهَا ذلِكَ. وَقَال: "لَسْتُ تَارِكًا شَيئًا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ بِهِ إلَّا عَمِلْتُ بِهِ. إِنِّي أَخْشَى إنْ تَرَكْتُ شَيئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ
ــ
أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته) أي أخبرت لعروة وهذا السند من سباعياته غرضه بيان متابعة صالح بن كيسان لعقيل بن خالد (أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بقسم) أي أن يعطي (لها ميراثها) أي نصيب إرثها (مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو النصف للبنت الفردة حالة كون ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم (مما أفاء الله عليه) من غير إيجاف خيل ولا ركاب (فقال لها أبو بكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة قال) عروة بن الزبير: وهو من كلام ابن شهاب وفي بعض النسخ حذف قال: (وعاشت) فاطمة (بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها) أي سهمها وهو النصف (مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من) خمس (خيبر و) نصف أرض (فدك وصدقته بالمدينة) من نخل بني النضير (فأبى) أي امتنع (أبو بكر عليها) أي على فاطمة (ذلك) أي دفع نصيبها من الأموال المذكورة (وقال) أبو بكر لها: (لست تاركًا شيئًا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به إني أخشى) على نفسي وأخاف (إن تركت شيئًا من أمره) وفعله صلى الله عليه وسلم (أن أزيغ) وأميل عن الحق من الزيغ وهو الميل عن الاستقامة يقال: زاغ يزيغ زيغًا إذا مال عن الحق وجار وهو مفعول أخشى قال عروة
فَأمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ. فَغَلَبَهُ عَلَيهَا عَلِيٌّ. وَأَمَّا خَيبَرُ وَفَدَكُ فَأَمْسَكَهُمَا عُمَرُ وَقَال: هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ. وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الأَمْرَ. قَال: فَهُمَا عَلَى ذلِكَ إِلَى الْيَوْمِ".
(4448)
(176)(51) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ،
ــ
بالسند السابق وهو من كلام الزهري أيضًا (فأما صدقته) صلى الله عليه وسلم التي كانت بالمدينة من أموال بني النضير وحيطان المخيريق (فدفعها عمر إلى علي وعباس) على أن يعملا فيها كما عمل رسول الله فيها (فغلبه) أي فغلب العباس (عليها) أي على توليتها (علي) بن أبي طالب يعني انفرد بتوليتها ولعل العباس رضي الله عنه تنازل عنها لعلي رضي الله عنه وقال عمر بن شبة في تاريخ المدينة [1/ 209]، قال أبو غسان حدثنا عبد الرزاق الصنعاني عن معمر عن ابن شهاب عن مالك بنحوه وقال في آخره فغلبه علي رضي الله عنه وكانت بيد علي ثم كانت بيد الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم حسن بن حسن ثم بيد زيد بن حسن رضوان الله تعالى عليهم أجمعين (وأما خيبر وفدك فأمسكها عمر) بن الخطاب في يده (وقال) عمر:(هما) أي خيبر وفدك صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانتا لحقوقه أي لحوائجه (التي تعروه) وتطرؤ عليه من الحقوق الواجبة والمندوبة يقال: عروته اعتريته وعررته واعتررته إذا أتيته تطلب منه حاجة وذلك كحقوق العيال وقرى الضيف (و) لنوائبه أي ولحوادثه التي تنزل به جمع نائبة وهو كل ما ينوب الإنسان وينزل به من المهمات غير المستمرة كجوائز الوفد وهدايا الملوك قال الخطابي قوله (لحقوقه التي تعروه) أي التي تنزل وتغشاه وتنتابه يقال: عراني ضيف أي نزل بي و (نوائبه) أي حوادثه التي تصيبه اهـ (وأمرهما) أي والأمر في مال خيبر والتصرف فيها مفوض (إلى من ولي الأمر) أي أمر الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم (قال) الزهري حين حدث هذا الحديث اهـ من العون (فهما) أي خيبر وفدك على ذلك أي على تفويضهما إلى من ولي الأمر أن يتصرف فيهما من ولي الأمر (إلى اليوم) أي إلى يومنا هذا ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عائشة الأول بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما فقال.
(4448)
(176)(51)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (قال: قرأت على مالك) بن
عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا. مَا تَرَكْتُ، بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمَؤُونَةِ عَامِلِي، فَهُوَ صَدَقَةٌ"
ــ
أنس (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان الأموي المدني (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تقتسم ورثتي) من الاقتسام من الافتعال ولا نافية ليست ناهية وفي بعض النسخ لا تقتسم وفي بعضها لا تقسم (دينارًا) ولا درهمًا كما في بعض الرواية والتقييد بالدينار من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى نظير قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ (7)} وقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيكَ} (وما تركت بعد نفقة نسائي) وأزواجي أمهات المؤمنين (ومؤنة عاملي) أي نفقة خليفتي (فهو صدقة) على المسلمين يصرف في حوائجهم قال سفيان بن عيينة بعد قوله نفقة نسائي كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في معنى المعتدات إذ كن لا يجوز لهن أن ينكحن فجرت لهن النفقة كذا في شرح السنة للبغوي [14/ 52] وكان الخلفاء بعده ينفقون عليهن من صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله (ومؤنة عاملي) قال الحافظ في الفتح [6/ 209]، واختلف في المراد بقوله:(عاملي) فقيل الخليفة بعده وهذا المعتمد وقيل أراد بذلك العامل في النخل وبه جزم الطبري وابن بطال وقيل: المراد به خادمه وقيل: العامل على الصدقة وقيل: العامل فيها كالأجير وأبعد من قال: المراد بعامله حافر قبره اهـ قال في المصباح: المؤونة الثقل وفيها لغات إحداها: مؤونة على وزن فعولة بفتح الفاء وبهمزة مضمومة والجمع مؤونات على لفظها يقال: مأنت القوم أمانهم بالهمز واللغة الثانية مؤنة بهمزة ساكنة والجمع مؤن مثل غرفة والثالثة: مونة بالواو والجمع مون مثل سورة وسور يقال منها مانه يمونه من باب قال اهـ (وعامله) قيل هو القائم على هذه الصدقات والناظر فيها وقيل: كل عامل للمسلمين من خليفة وغيره لأنه عامل النبي صلى الله عليه وسلم ونائب عنه في أمته كما في النووي وترجم البخاري على هذا الحديث في الوصايا (باب نفقة القيم للوقف) وهو يدل على أنه حمل العامل في الحديث على ناظر الوقف اهـ وقال الحافظ في فرائض الفتح [12/ 8] ومما يسأل عنه تخصيص النفقة بالنساء والمؤونة بالعامل وهل بينهما مغايرة وقد أجاب عنه السبكي
4449 -
(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
4450 -
(00)(00) وحدَّثني ابْنُ أَبِي خَلَفٍ. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا نُورَثُ. ما تَرَكنَا صَدَقَةٌ"
ــ
الكبير بأن المؤونة في اللغة القيام بالكفاية، والإنفاق بذل القوت قال: وهذا يقتضي أن النفقة دون المؤونة والسر في التخصيص المذكور الإشارة إلى أن أزواجه صلى الله عليه وسلم لما اخترن الله ورسوله والدار الآخرة كان لا بد لهن من القوت فاقتصر على ما يدل عليه والعامل لما كان في صورة الأجير فيحتاج إلى ما يكفيه اقتصر على ما يدل عليه اهـ ملخصًا وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الفرائض [6729]، وغيرها وأبو داود في باب الصفايا [2794]، ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.
4449 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر) العدني (المكي حدثنا سفيان) بن عيينة (عن أبي الزناد بهذا الإسناد) يعني عن الأعرج عن أبي هريرة وساق سفيان (نحوه) أي نحو حديث مالك بن أنس غرضه بيان متابعة سفيان لمالك ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.
4450 -
(00)(00)(وحدثني) محمد بن أحمد (بن أبي خلف) السلمي البغدادي ثقة، من (10)(حدثنا زكريا بن عدي) بن الصلت التيمي الكوفي ثقة، من (10)(أخبرنا) عبد الله (بن المبارك) بن واضح الحنظلي المروزي ثقة، من (8) (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من سباعياته غرضه بيان متابعة الزهري لأبي الزناد (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال): إنا نحن (لا نورث ما تركنا) فهو (صدقة) على المسلمين يصرف في مصالحهم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث الأول: حديث سلمة بن الأكوع ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة والثاني: حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة والثالث: حديث عمر ذكره
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات والرابع: حديث عائشة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة والخامس: حديث عائشة الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين والسادس: حديث أبي هريرة الأخير ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين والله سبحانه وتعالى أعلم.
***