الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
612 - (5) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه والأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها
4375 -
(1669)(15) حدّثني أَبُو الطَّاهِرِ وَيُونسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى. قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْروُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيمِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ
ــ
612 -
(5) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه والأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها
4375 -
(1669)(15)(حدثني أبو الطاهر ويونس بن عبد الأعلى) بن ميسرة بن حفص الصدفي أبو موسى المصري ثقة، من (10) (قالا: أخبرنا عبد الله بن وهب) المصري (أخبرني عمرو بن الحارث) بن يعقوب الأنصاري المصري ثقة، من (7)(عن بكير بن عبد الله بن الأشج) المخزومي المصري ثقة، من (5) (عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب) بن أبي بلتعة اللخمي أبي محمَّد المدني روى عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي في الأحكام ويروي عنه (م عم) وبكير بن الأشج وعروة بن الزبير وهشام بن عروة ويحيى بن سعيد الأنصاري وآخرون قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث وقال العجلي: مدني تابعي ثقة وقال الدارقطني والنسائي ثقة وذكره ابن حبَّان في الثقات وقال في التقريب ثقة من الثالثة مات سنة (104) أربع ومائة (عن عبد الرحمن بن عثمان) بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب التيمي المكي ابن أخي طلحة بن عبيد الله الصحابي المشهور رضي الله عنه أسلم يوم الفتح وقيل: أسلم في الحديبية وأول مشاهده عمرة القضاء وشهد اليرموك مع أبي عبيدة بن الجراح قتل مع ابن الزبير بمكة سنة (73) ودفن بالحرورة فلما وسع المسجد دخل قبره في المسجد الحرام كذا في الإصابة [2403] وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مصريون وواحد مكي وواحد مدني (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن) التقاط (لقطة الحاج) للتملك وأما التقاطها للحفظ فقط فلا منع فيه اهـ نووي زاد أبو داود قال ابن وهب يعني في لقطة الحاج يتركها حتى يجد صاحبها قال المنذري في تلخيصه لأبي داود وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا تحل لقطتها إلا لمنشد) والصحيح أنَّه إذا وجد لقطة في الحرم لم يجز له أن يأخذها
4376 -
(1670)(16) وحدّثني أَبُو الطَّاهِرِ وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى. قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ. قَال: أَخْبَرَنِي عَمْروُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ أَبِي سَالِمٍ الْجَيشَانِيِّ،
ــ
إلا للحفظ على صاحبها وليعرفها أبدًا بخلاف لقطة سائر البلاد فإنَّه يجوز التقاطها للتملك والذي ذكره المنذري هو الصحيح من مذهب الشافعية كما صرح به النووي في المنهاج وقال الخطيب الشربيني تحته وفي رواية البخاري (لا تحل لقطته إلا لمنشد) قال الشافعي: أي إلا لمعرف ففرق بينها وبين غيرها وأخبر أنها لا تحل إلا للتعريف ولم يوقت في التعريف بسنة كغيرها فدل على أنَّه التعريف على الدوام وإلا فلا فائدة في التخصيص والمعنى فيه أن حرم مكة شرفها الله تعالى مثابة للناس يعودون إليه المرة بعد الأخرى فربما يعود مالكها لأجلها أو يبعث في طلبها فكأنه جعل ماله به محفوظًا عليها كما غلظت الدية اهـ مغني المحتاج والجمهور على أن لقطة الحل والحرم سواء يقول ابن قدامة في المغني [6/ 332] وظاهر كلام أحمد والخرقي أن لقطة الحل والحرم سواء وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وعائشة وابن المسيب ومذهب مالك وأبي حنيفة وروي عن أحمد رواية أخرى أنَّه لا يجوز التقاط لقطته للتملك وهو إنما يجوز لحفظها على صاحبها فإن التقطها عرفها أبدًا حتى يأتي صاحبها وهو قول عبد الرحمن بن مهدي وأبي عبيد وعن الشافعي كالمذهبين وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 499]، وأبو داود [1719]، والنسائيُّ في الكبرى [5805]، ثمَّ استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عبد الرحمن بن عثمان بحديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما فقال.
4376 -
(1670)(16)(وحدثني أبو الطاهر) الأموي المصري (ويونس بن عبد الأعلى) الصدفي المصري (حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث) الأنصاري المصري (عن بكر بن سوادة) الجذامي المصري ثقة من الثالثة روى عنه في (4) أبواب (عن أبي سالم الجيشاني) نسبة إلى جيشان اسم قبيلة باليمن سفيان بن هانئ المصري روى عن زيد بن خالد الجهني في الأحكام وأبي ذر في الجهاد ويروي عنه (م د س) وبكر بن سوادة وابنه سالم بن أبي سالم قال العجلي: تابعي مصري ثقة مخضرم ذكره ابن منده في الصحابة وقال: قد اختلف في صحبته وذكره ابن حبَّان في الثقات وقال ابن يونس: مات في إمرة عبد العزيز بن مروان على مصر في الإسكندرية بعد الثمانين
عَنْ زَيدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَال:"مَنْ آوَى ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌ، مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا".
4377 -
(1671)(17) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِك بْنِ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإذْنِهِ
ــ
(عن زيد بن خالد الجهني) المدني رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم مصريون إلا زيد بن خالد فإنَّه مدني (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: من آوى) أي من أخذ وضم (ضالة) أي بهيمة ضلت وغابت عن مالكها إلى مواشيه أي أخذها للتملك (فهو) أي ذلك الآخذ (ضال) أي مخطئ عن طريق الحق آثم وهذا بيان للحكم الأخروي ويؤيده ما في سنن ابن ماجه من قوله صلى الله عليه وسلم (ضالة المسلم حرق النار) وهو بالتحريك لهبها وهذا الوعيد لمن أخذها ليمتلكها كما يشعر به قيد (ما لم يعرفها) قال ابن الملك ومعنى التعريف التشهير وطلب صاحبها وأدناه أن يشهد عند الأخذ ويقول: آخذها لأرد قال الحلواني: فإن فعل ذلك ولم يعرفها بعد كفى اهـ ومن قال إنه بيان للحكم الدنيوي قال في تفسير ضال ضامن أي إن هلكت عنده عبر به عن الضمان للمشاكلة ومن التقط من غير تعريف فقد كان مضرًا بصاحبها ومتعرضًا للضمان وكل ضلال عن سنن الصواب مؤد إلى الهوان ولفظ ابن ماجه لا يؤوي الضالة إلا الضال اهـ من بعض الهوامش ولا يخفى ما في قوله (من آوى ضالة فهو ضال) من الجناس التام قال القرطبي قوله: (من آوى ضالة فهو ضال) إلخ أنها إذا كانت مما يعرف فلم يعرفها كان ذلك دليلًا على أنَّه قصد الخيانة فيها وأنه إنما أخذها لنفسه لا ليحفظها على صاحبها وقد قلنا إن من أخذها وجب عليه أن يأخذها بنية حفظها على مالكها وأداء الأمانة فيها وإلا فهو ضال عن طريق الحق فيها خائن آثم اهـ وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات الخمس ثمَّ استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله عنه فقال.
4377 -
(1671)(17)(حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال: قرأت على مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما وهذا السند من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه) والماشية تقع على الإبل
أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ؟ إِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ. فَلَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ"
ــ
والبقر والغنم ولكنه في الغنم يقع أكثر قاله في النهاية وإنما خص اللبن بالذكر لتساهل الناس فيه (أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته) بفتح الميم وضم الراء وقد تفتح أي أن تفتح غرفته وموضعه العالي الذي يخزن فيه طعامه ومتاعه قال ابن الملك: الاستفهام فيه للإنكار يعني لا يحب أحد ذلك (فتكسر خزانته فينتقل طعامه) أي يؤخذ طعامه وهو بالبناء للمجهول من الانتقال أي فيحول طعامه من مكان إلى آخر وقد وقع في بعض النسخ (فينتثل) بالثاء بدل القاف وهو من النثل وهو النثر مرة واحدة بسرعة وقيل: الاستخراج وهو أخص من النقل أي: ينثر ويستخرج (إنما تخزن) من باب نصر أي إنما تجمع وتحفظ (لهم ضروع مواشيهم) بالرفع على الفاعلية وقوله (أطعمتهم) بالنصب على المفعولية أي ألبانهم التي هي طعامهم وقوتهم والضروع جمع ضرع والضرع للبهائم كالثدي للمرأة (فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه) وفي تشبيه الضرع بالمشربة وهي الغرفة إشارة إلى أن حرز الضرع مستوثق في الشرع جدًّا لأنه شبهه بالغرفة التي يصعب صعودها وربما تكون مقفلة بحيث لا يظفر بما فيها إلا بالكسر فينبغي أن لا تحلب الماشية إلا بإذنه. وفي القرطبي والمشربة سقيفة يختزن فيها الطعام وقيل هي كالغرفة وفيه من الفقه استعمال القياس وإباحة خزن الطعام واحتكاره إلى وقت الحاجة خلافًا لغلاة المتزهدة القائلة لا يجوز الادخار مطلقًا (وينتقل طعامه) معناه يؤخذ وينقل إلى موضع آخر وهو معنى (ينتثل) في الرواية الأخرى إلا أن النثر بمرة واحدة يقال: نثل ما في كنانته أي صبها.
وقوله (لا يحلبن أحد ماشية أحد) إلخ إنما نهى عن ذلك لأنَّ أصل الأملاك بقاؤها على ملك ملاكها وتحريمها على غيرهم كما قال صلى الله عليه وسلم: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) وكما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم إنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه إلى غير ذلك وهذا أصل ضروري معلوم من الشرائع كلها وإنما خص اللبن بالذكر لتساهل الناس في تناوله كما مر آنفًا ولا فرق بين اللبن والثمرة وغيرها في ذلك غير أن العلماء قد اختلفوا فيهما فذهب الجمهور إلى أنَّه لا يحل شيء من لبن الماشية ولا من
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التمر إلا إذا علم طيب نفس صاحبه بالأصل المذكور بهذا الحديث وذهب بعض المحدثين إلى أن ذلك يحل وإن لم يعلم حال صاحبه لأنَّ ذلك حق جعله الشرع له تمسكًا بما رواه أبو داود عن الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه فإن أذن له وإلا فليحلب وليشرب لا يحمل رواه أبو داود [2619]، وذكره الترمذي عن يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من دخل حائطًا فليأكل ولا يتخذ خبنة رواه الترمذي [1287]، وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سليم وذكر من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلق فقال: من أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه وقال فيه حديث حسن (قلت) ولا حجة في شيء من هذه الأحاديث لأوجه: أحدها: أن التمسك بالقاعدة المعلومة أولى وثانيها: أن حديث النهي أصح سندًا فهو أرجح وثالثها: أن ذلك محمول على ما إذا علم طيب نفوس أرباب الأموال بالعادة أو بغيرها ورابعها: أن ذلك محمول على أوقات المجاعة والضرورة كما كان ذلك في أول الإِسلام والله تعالى أعلم.
(فرع) لو اضطر فلم يجد ميتة وجب عليه إحياء رمقه من مال الغير وهل يلزمه قيمة ما أكل أم لا قولان في المذهب والجمهور على وجوبها عليه إذا أمكنه ذلك فإن وجد ميتة وطعامًا للغير فإن أمن على نفسه من القطع والضرر أكل ويغرم قيمته وقيل: لا يغرم وإن لم يأمن على نفسه أكل الميتة قاله مالك غير أنَّه قد جرت عادة بعض الناس بالمسامحة في أكل بعض الثمر كما اتفق في بعض بلادنا وفي شرب بعض لبن الماشية كما كان ذلك في أهل الحجاز فيكون استمرار العادة بذلك وترك النكير فيه دليل على إباحة ذلك ولذلك شرب النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه من لبن غنم الراعي في طريق الهجرة ويمكن أن تحمل الأحاديث المتقدمة على العادة الجارية عندهم في اللبن والثمرة اهـ من المفهم.
ومنهم من جمع بين أحاديث الإذن وأحاديث النهي بوجوه من الجمع فمنها حمل الإذن على ما إذا علم طيب نفس صاحبه والنهي على ما إذا لم يعلم ومنها تخصيص الإذن بابن السبيل دون غيره أو بالمضطر أو بحال المجاعة مطلقًا وحكى ابن بطال عن
4378 -
(. .)(. .) وحدّثناه قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. جَمِيعًا عَنِ اللَّيثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنِي أَبِي. كِلاهُمَا عَنْ عُبَيدِ اللهِ. ح وَحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ وَأَبُو كَامِلٍ. قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. ح وَحدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ). جَمِيعًا عَنْ أَيُّوبَ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ. وَابْنُ
ــ
بعض شيوخه أن حديث الإذن كان في زمنه صلى الله عليه وسلم وحديث النهي أشار به إلى ما سيكون بعده من التشاح وترك المواساة ومنهم من حمل حديث النهي على ما إذا كان المالك أحوج من المار اهـ من فتح الباري.
وظاهر تشبيه ضرع الماشية بالخزانة يقتضي أن من حلب ماشية أحد في خفية وكان قيمة ما حلب نصابًا قطع كما يقطع من أخذه من خزانته فيكون ضرع الماشية حرزًا وقد قال به بعض العلماء فأما مالك فلم يقل به إلا إذا كانت الغنم في حرز وفيه من الفقه تسمية اللبن طعامًا فمن حلف أن لا يأكل طعامًا فشرب لبنًا حنث إلا أن يكون له نية في نوع من الأطعمة اهـ من المفهم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [2435]، وأبو داود [2623]، وابن ماجه [2302]، ثمَّ ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال.
4378 -
(. .)(. .)(وحدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح جميعًا عن الليث بن سعد ح وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر) القرشي الكوفي (ح وحدثنا) محمَّد (بن نمير حدثني أبي) عبد الله (كلاهما) أي كل من علي بن مسهر وعبد الله بن نمير رويا (عن عبيد الله) بن عمر بن حفص العمري (ح وحدثني أبو الربيع) الزهراني سليمان بن داود البصري (وأبو كامل) فضيل بن حسين الجحدري البصري (قالا: حدثنا حماد) بن زيد بن درهم الأزدي البصري (ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل يعني ابن علية جميعًا) أي كل من حماد وإسماعيل (عن أيوب) السختياني (ح وحدثنا) محمَّد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا سفيان) بن عيينة عن إسماعيل بن أمية بن عمرو بن العاص بن أمية الأموي المكي ثقة، من (6)(ح وحدثنا محمَّد بن رافع) القشيري (حدثنا عبد الرزاق عن معمر) بن راشد (عن أيوب) السختياني. وقوله (وابن
جُرَيجٍ عَنْ مُوسَى. كُلُّ هؤُلاءِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ. غَيرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِمْ جَمِيعًا "فَيُنْتَثَلَ" إِلَّا اللَّيثَ بْنَ سَعْدٍ فَإِنَّ فِي حَدِيثِهِ "فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ" كَرِوَايَةِ مَالِكٍ.
4379 -
(1672)(18) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي شُرَيحٍ الْعَدَويِّ؛ أَنَّهُ قَال: سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْ عَينَايَ حِينَ تَكَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ،
ــ
جريج) بالجر معطوف على معمر والتقدير حدثنا محمَّد بن رافع حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج (عن موسى) بن عقبة بن أبي عياش الأسدي المدني ثقة، من (5) روى عنه في (5) أبواب (كل هؤلاء) الخمسة المذكورين من الليث في السند الأول ومن عبيد الله ومن أيوب وإسماعيل بن أمية وموسى بن عقبة (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم) وساقوا (نحو حديث مالك) بن أنس وغرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الخمسة لمالك بن أنس وهذه الأسانيد الأول منها أعني سند الليث من رباعياته والثلاثة بعده من خماسياته والأخيران من سداسياته (غير) أي لكن (أن في حديثهم) أي في حديث هؤلاء الخمسة (جميعًا) لفظة (فينتثل) أي فينتثر طعامه كله ويرمى كما مر تفسيره (إلا الليث بن سعد فإن في حديثه) وروايته لفظة (فينتقل طعامه كرواية مالك) والله أعلم ثمَّ استدل المؤلف على الجزء الثالث من الترجمة بحديث أبي شريح العدوي رضي الله عنه فقال.
4379 -
(1672)(18)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد) كيسان المقبري أبي سعد المدني ثقة، من (3) عن أبي شريح العدوي الكعبي رضي الله عنه المدني اسمه خويلد بن عمرو على الأشهر أسلم قبل الفتح وكان معه لواء خزاعة يوم الفتح روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث وروى أيضًا عن ابن مسعود مات بالمدينة سنة (68) ثمان وستين اهـ كذا في الإصابة [4/ 102] وهذا السند من رباعياته (أنَّه) أي أن أبا شريح (قال: سمعت أذناي) صوت النبي صلى الله عليه وسلم (وأبصرت عيناي) ذات النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذا تأكيدًا لسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم (حين تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم) الحديث الآتي (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) إيمانًا كاملًا منجيًا له من عذابه
فَلْيُكْرِمْ ضَيفَهُ جَائِزَتَهُ". قَالُوا: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: "يَوْمُهُ وَلَيلَتُهُ. وَالضِّيَافَةُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ
ــ
(فليكرم ضيفه) الغني والفقير والمسلم والكافر بطلاقه الوجه وتعجيل قراه وإكرام نزله ورفع منزلته والقيام بنفسه في خدمته وقوله (جائزته) بدل اشتمال مما قبله أو مفعول به لمحذوف تقديره وليعط له جائزته أي ما يجوز به من منهل إلى منهل إن كان مارًا عليه أي فليزوده عند توديعه ما يكفي له يومًا وليلة وتسمى الجيزة لأنَّ المسافر يجوز به من منزل إلى منزل قال القرطبي قوله (جائزته) الجائزة العطية يقال: أجزته كما يقال: أعطيته وهي منصوبة على إسقاط حرف الجر أي فليكرم ضيفه بجائزته أو منصوب بيكرم على التضمين فيضمن معنى يعطي فيكون مفعولًا ثانيًا اهـ قال الأبي: الأظهر أنَّه بدل اشتمال من ضيفه نحو أعجبني عبد الله علمه أي أعجبني علم عبد الله أي فليكرم جائزة ضيفه اهـ قال القرطبي: والأمر بها على جهة الندب لأنها من مكارم الأخلاق إلا أن تتعين في بعض الأوقات بحسب ضرورة أو حاجة فتجب حينئذٍ وقد أفاد هذا الحديث أنها من أخلاق المؤمنين ومما لا ينبغي لهم أن يتخلفوا عنها لما يحصل عليها من الثواب في الآخرة ولما يترتب عليها في الدنيا من إظهار العمل بمكارم الأخلاق وحسن الأحدوثة الطيبة وطيب الثناء وحصول الراحة للضيف المتعوب بمشقات السفر المحتاج إلى ما يخفف عليه ما هو فيه من المشقة والحاجة ولم تزل الضيافة معمولًا بها في العرب من لدن إبراهيم عليه السلام لأنه أول من ضيف الضيف وعادة مستمرة فيهم حتى إن من تركها يذم عرفًا ويبخل ويقبح عليه عادة فنحن وإن لم نقل إنها واجبة شرعًا فهي متعينة لما يحصل منها من المصالح ويندفع بها من المضار عادة وعرفًا (قالوا) أي قال الأصحاب: (وما جائزته) أي جائزة الضيف (يا رسول الله) استفهام عن قدر الجائزة لا عن حقيقتها ولذلك أجابهم بقوله أي (قال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالهم الجاثزة (يومه وليلته) أي القيام بكرامته في يومه وليلته أي أقل ما يكون من الضيافة هذا القدر فإنَّه إذا فعل هذا حصلت له تلك الفوائد وقوله بعد ذلك (والضيافة ثلاثة أيام) يعني بها الكاملة أي والضيافة الكاملة التي إذا فعلها المضيف وصل إلى غاية الكمال وإذا أقام الضيف إليها لم يلحقه ذم بالمقام فيها هي ثلاثة أيام وأما بعد ذلك فخارج عن هذا كله وداخل في إدخال المشقات والكلف على المضيف فإنَّه بتأذى بذلك من أوجه متعددة وهو المعني بقوله صلى الله عليه وسلم: (ولا يحل له أن يقيم عنده حتى يؤثمه) أي حتى
فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيهِ"، وَقَال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"
ــ
يشق عليه ويثقل لا سيما مع رقة الحال وكثرة الكلف اهـ من المفهم.
وقيل معنى (جائزته يوم وليلة) أي جائزة الضيف أي حق الضيف المجتاز المار على المضيف يوم وليلة أي قدر ما يجوز ويمر به مسافة يوم وليلة أي قدر ما يكفيه من الزاد في تلك المسافة وجائزته مبتدأ ويوم وليلة خبره (والضيافة) أي وقدر الضيافة في حق المقيم الذي يريد الإقامة لا السفر (ثلاثة أيام) وقيل: الجائزة غير الضيافة يعني يضيفه ثلاثة أيام ثمَّ يعطيه ما يجوز به مسافة يوم وليلة (فما كان) من الضيافة (وراء ذلك) أي وراء ثلاثة أيام (فهو صدقة عليه) أي على الضيف أي فما زاد على ذلك فهو صدقة عليه فالمضيف مخير فيه إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل سماه صدقة تنفيرًا للضيف عن الإقامة أكثر منها قال القاضي عياض قوله (فما كان وراء ذلك) أي ما كان وراء الثلاثة الأيام فهو صدقة لأنها خرجت عن حد الضيافة والمكارمة المستحبة إلى حد التعرض للعطاء والسؤال والصدقة المكروهة إلا للمحتاج المحرم أخذها للغني من غير طيب نفس صاحبها اهـ.
قال الخطابي: سئل مالك بن أنس عنه فقال: يكرمه ويتحفه ويحفظه يومًا وليلة وثلاثة أيام ضيافة قال الخطابي: يريد مالك أنَّه يتكلف له في اليوم الأول بما اتسع له من بر وألطاف ويقدم له في اليوم الثاني ما كان بحضرته ولا يزيد على عادته فإذا جاوز الثلاث فما كان بعد ذلك صدقة ومعروف إن شاء فعل وإن شاء ترك وربما كره له المقام بعد ذلك لئلا يضيق صدره بمقامه فتكون الصدقة على وجه المن والأذى كذا في جامع الأصول لابن الأثير [7/ 60](وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) أي بيوم البعث وتوصيفه بالآخر لتأخره عن الدنيا والمراد من كان يصدق بالمبدأ والمعاد (فليقل خيرًا) أي كلامًا يثاب عليه (أو ليصمت) إن لم يظهر له ذلك فيندب الصمت حتى عن المباح لأدائه إلى محرم أو مكروه وبفرض خلوه عن ذلك فهو ضياع للوقت فيما لا يعني اهـ مناوي قال القرطبي قوله: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت) يعني أن المصدق بالثواب والعقاب المترتبين على الكلام في الدار الآخرة لا يخلو من إحدى الحالتين إما أن يتكلم بما يحصل له ثوابًا
4380 -
(. .)(. .) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيحٍ الْخُزَاعِيِّ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الضِّيَافَةُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ. وَجَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيلَةٌ. وَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أَخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ"
ــ
وخيرًا فيغنم أو يسكت عن شيء يجلب له عقابًا وشرًّا فيسلم وعلى هذا فتكون (أو) للتنويع والتقسيم وقد أكثر بعضهم في تفصيل آفات الكلام وهي أكثر من أن تدخل تحت حصر ونظام وحاصل ذلك أن آفات اللسان أسرع الآفات للإنسان وأعظمها في الهلاك والخسران فالأصل ملازمة الصمت إلى أن تتحقق السلامة من الآفات والحصول على الخيرات فحينئذٍ تخرج تلك الكلمة مخطومة وبأزمة التقوى مزمومة والله الموفق بكل ما يحب ويرضى اهـ من المفهم.
وقال القاضي: أي ليصمت عن الشر وما لا يعني من فضول الكلام وأو للتنويع أي فليقل الخير فإن لم يفعل فليصمت عن الشر وقد تكون بمعنى الواو أي يقول الخير ويصمت عن الشر اهـ وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 31] و [6/ 385]، والبخاري [6019 و 6476]، وأبو داود [3748]، والترمذي [1967]، وابن ماجه [3675]، ثمَّ ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي شريح رضي الله عنه فقال.
4380 -
(. .)(. .)(حدثنا أبو كريب محمَّد بن العلاء) بن كريب الهمداني الكوفي (حدثنا وكيع حدثنا عبد الحميد بن جعفر) بن عبد الله بن الحكم بن رافع الأنصاري أبو الفضل المدني صدوق من (6) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الخزاعي) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة عبد الحميد بن جعفر لليث بن سعد (قال) أبو شريح: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الضيافة) الكاملة (ثلاثة أيام وجائزته) أي تحفته وعطيته التي يتحفه ويعطيه إياها ويزوده بها عند توديعه (يوم وليلة) أي قدر ما يجوز به مسافة يوم وليلة ويكفيه فيهما أو المعنى (وجائزته) أي أقلها أي أقل ضيافة الضيف (يوم وليلة) كما مر آنفًا بسط الكلام فيها (ولا يحل لرجل مسلم أن يقيم) ويجلس (عند أخيه) المضيف له أكثر من ثلاثة أيام (حتى يؤثمه) أي يوقعه في الإثم بأن يغتابه بطول إقامته أو يحمله على إطعامه من الأطعمة المحرمة أو يكون كالمكره له على إطعامه كذا في شرح الأبي وفي
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيفَ يُؤْثِمُهُ؟ قَال:"يُقِيمُ عِنْدَهُ، وَلَا شَيءَ لَهُ يَقْرِيهِ بِهِ".
4381 -
(. .)(. .) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ (يَعْنِي الْحَنَفِيَّ). حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا شُرَيحٍ الْخُزَاعِيَّ يَقُولُ: سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَبَصُرَ عَينِي وَوَعَاهُ قَلْبِي حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيثِ. وَذَكَرَ فِيهِ: "وَلَا يَحِلُّ لأَحَدِكُمْ أَنْ
ــ
بعض الهوامش قوله (حتى يؤثمه) أي حتى يوقعه في الإثم بإقامته فوق ثلاث بلا طلب واستدعاء منه الزيادة على ذلك لأنه قد يغتابه لطول مقامه أو لضيق معاش مضيفه وهو معنى قوله (ولا شيء له يقريه به)(قالوا) أي قال الحاضرون من الأصحاب (يا رسول الله وكيف يؤثمه قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالهم (يقيم) الضيف (عنده) أي عند المضيف (ولا شيء له) من الطعام (يقريه) أي يقري الضيف ويضيفه (به) أي بذلك الشيء ويهيئه له ووقع في رواية مالك عند البخاري في الأدب (ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه) واستدل به الحافظ في الفتح [10/ 534] على أن هذا كله محمول على ما إذا لم تكن الإقامة باختيار صاحب المنزل بأن يطلب منه الزيادة في الإقامة أو يغلب على ظنه أنَّه لا يكره ذلك اهـ ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي شريح رضي الله عنه فقال.
4381 -
(. .)(. .)(وحدثناه محمَّد بن المثنى حدثنا أبو بكر يعني الحنفي) عبد الكبير بن عبد المجيد بن عبيد الله البصري ثقة، من (9) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا عبد الحميد بن جعفر) الأنصاري المدني صدوق من (6)(حدثنا سعيد) بن أبي سعيد (المقبري أنَّه سمع أبا شريح الخزاعي يقول) وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة أبي بكر الحنفي لوكيع بن الجراح (سمعت أذناي) صوت النبي صلى الله عليه وسلم (وبصر عيني) ذات رسول الله صلى الله عليه وسلم (ووعاه) أي ووعى وحفظ كلامه (قلبي حين تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر) أبو بكر الحنفي في روايته عن عبد الحميد (بمثل حديث الليث) المذكور أولًا من قوله (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) إلخ لا بمثل حديث وكيع عن عبد الحميد من قوله الضيافة ثلاثة أيام الخ (وذكر) أبو بكر الحنفي (فيه) أي في ذلك المثل أي عقبه لفظة (ولا يحل لأحدكم أن
يُقِيمَ عِنْدَ أَخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ" بِمِثْلِ مَا فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ.
4382 -
(1673)(19) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ؛ أَنَّهُ قَال: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلَا يَقْرُونَنَا. فَمَا تَرَى؟ فَقَال لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيفِ، فَاقْبَلُوا. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا، فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ"
ــ
يقيم عند أخيه) ضيفًا (حتى يؤثمه) أي يوقعه في الإثم وساق أبو بكر الحنفي فيما بعده (بمثل ما في حديث وكيع) عن عبد الحميد من قوله (قالوا: يا رسول الله وكيف يؤثمه قال: يقيم عنده ولا شيء له يقريه به) ثمَّ استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه فقال.
4382 -
(1673)(19)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث (ح) وحدثنا محمَّد بن رمح أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب) اسمه سويد الأزدي مولاهم أبي رجاء المصري عالمها ثقة، من (5)(عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله الحميري اليزني نسبة إلى ذي يزن بطن من حمير المصري ثقة، من (3) (عن عقبة بن عامر) الجهني المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مصريون إلا عقبة بن عامر وقتيبة (أنَّه) أي أن عقبة (قال: قلنا) معاشر المجاهدين (يا رسول الله إنك تبعثنا) أي ترسلنا في أقطار البلاد للغزو (فننزل) في سفرنا (بقوم) أي عند قوم من الأعراب مجتمعين في مكان (فلا يقرونا) من قرى الضيف يقري من باب رمى أي فلا يعطون القرى ولا يضيفون (فما ترى) أي فما تقول وتحكم في ذلك هل نأخذ منهم حق الضيافة بالقوة أو نتركهم ولا نتعرضهم (فقال لنا رسول الله) في جواب سؤالنا (إن نزلتم بقوم) أي صرتم في سفركم نازلين عند قوم ضيفًا (فأمروا لكم) أي جمعوا وأعطوا لكم (بما ينبغي) ويكفي (للضيف) ويليق بهم قلة وكثرة (فاقبلوا) أيها النازلون ذلك القرى الذي ينبغي ويليق بكم (فإن لم يفعلوا) الأمر لكم ولم يعطوا لكم القرى (فخذوا منهم) أي من أولئك القوم الذين نزلتم عندهم (حق الضيف الذي ينبغي) ويكفي (لهم) أي للضيف جمع ضمير الضيف لأنَّ الضيف اسم جمع يطلق على الواحد والمثنى والجمع بلفظه كما في الصحاح ذكر النوويّ أن الإمام أحمد عمل بظاهر الحديث وأوله الجمهور
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بأنه محمول على المضطرين لأنَّ ضيافتهم واجبة وقت الضرورة فإن امتنعوا فلهم أن يأخذوا منهم بقدر الحاجة اهـ قوله (فاقبلوا) هذا أمر على جهة الندب للضيف بالقبول فحقه أن لا يرد لما فيه مما يؤدي إلى أذى المضيف بالامتناع من إجابة دعوته وغم قلبه بترك أكل طعامه ولأنه ترك العمل بمكارم الأخلاق وقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب عرسًا كان أو غيره رواه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وقوله (فخذوا منهم حق الضيف) ظاهر هذا الحديث أن قرى الضيف واجب وأن المنزول عليه لو امتنع من الضيافة أخذت منه قهرًا وبه قال الليث بن سعد مطلقًا وهو ظاهر في ذلك غير أن هذا محمول على ما كان في أول الإِسلام من شدة الأمر وقلة الأزواد فقد كانت السرية يخرجها النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجد لها إلا مزودي تمر فكان أمير السرية يقوتهم إياه كما اتفق في جيش أبي عبيدة رضي الله عنه وسيأتي.
وإذا وجب التضييف كان للضيف طلب حقه شرعًا وإذا لم يكن الحال هكذا فيحتمل أن يكون هذا الحق المأمور بأخذه هو حق ما تقتضيه مكارم الأخلاق وعادات العرب فيكون هذا الأخذ على جهة الحض والترغيب بإبداء ما في الضيافة من الثواب والخير وحسن الأحدوثة ونفي الذم والبخل لا على جهة الجبر والقهر إذ الأصل أن لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب قلبه ويحتمل أن يكون المراد بالقوم الممرور بهم أهل الذمة فينزل بهم الضيف فيمنعونه ما قد جعل عليهم من التضييف فهؤلاء يؤخذ منهم ما جعل عليهم من الضيافة على جهة الجبر من غير ظلم ولا تعد وقد رأى مالك سقوط ما وجب عليهم من ذلك لما أحدث عليهم من الظلم والله تعالى أعلم اهـ من المفهم وخص أحمد هذا الحديث بأهل البوادي دون القرى لأنَّ في أسواق الأمصار والقرى ما يغني الضيوف عن طلب الطعام من البيوت وأما الجمهور فمذهبهم أن الضيافة سنة مؤكدة وليست بواجبة حتى يجوز للنازل أخذها كرهًا إلا إذا كان في حالة المخصمة والاضطرار وأول الجمهور حديث الباب بتأويلات مختلفة [1] منها أن حديث الباب محمول على المضطرين [2] ومنها ما أشار إليه الترمذي من أنَّه محمول على من طلب الشراء محتاجًا فامتنع صاحب الطعام فله أن يأخذه منه كرهًا [3] ومنها أنَّه مخصوص بالعمال المبعوثين لقبض الصدقات من جهة الإمام فكان على المبعوث إليهم إنزالهم في مقابلة عملهم الذي يتولونه لأنه لا قيام لهم إلا بذلك حكاه الخطابي قال: وكان هذا في ذلك الزمان إذ لم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يكن للمسلمين بيت مال فأما اليوم فأرزاق العمال من بيت المال قال: وإلى نحو هذا ذهب أبو يوسف في الضيافة على أهل نجران خاصة قال: ويدل له (إنك تبعثنا)[4] ومنها أن ذلك كان في أول الإِسلام حيث كانت المواساة واجبة فلما فتحت الفتوح نسخ ذلك ويدل على نسخه قوله في حديث أبي شريح وجائزته يوم وليلة والجائزة تفضلٌ لا واجبة [5] ومنها أن ذلك خاص بأهل الذمة وقد شرط عمر حين ضرب الجزية على نصارى الشام ضيافة من نزل بهم وضعف النوويّ هذا الوجه بأن ذلك إنما كان في عهد عمر بعد سؤال عقبة فلا يصلح سببًا لإجازته الأكل ولكن يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم -أيضًا صالح بعض أهل الذمة بمثل هذا الشرط ويكون عمر رضي الله عنه قد اقتدى به في ذلك [6] ومنها ما حكى المازري عن بعض المالكية أن المراد لكم أن تأخذوا من عرضهم بألسنتكم وتذكروا الناس عيبهم وتصفوهم بالبخل والشح وهذا عندي أضعف التأويلات وأقواها الثاني والثالث هذا ملخص ما في فتح الباري في كتاب المظالم [5/ 108 و 109] والله سبحانه وتعالى أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 149]، والبخاري [2461]، وأبو داود [3752]، والترمذي [1985]، وابن ماجه [3676]، وجملة ما ذكره المؤلف في هذه الترجمة خمسة أحاديث الأول: حديث عبد الرحمن بن عثمان ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة والثاني: حديث زيد بن خالد الجهني ذكره للاستشهاد والثالث: حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والرابع: حديث أبي شريح العدوي ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة والله أعلم.
***