الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
613 - (6) باب الأمر بالمواساة بفضول الأموال واستحباب خلط الأزواد إذا قلت
4383 -
(1674)(20) حدَّثنا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَب، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَال: بَينَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ. قَال: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ "مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ. وَمَنْ كَانَ لَهُ
ــ
613 -
(6) باب الأمر بالمواساة بفضول الأموال واستحباب خلط الأزواد إذا قلت
4383 -
(1674)(20)(حدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي الأيلي صدوق من (9)(حدثنا أبو الأشهب) جعفر بن حيان التميمي السعدي البصري الحذاء الأعمى ثقة، من (6) روى عنه في (6) أبواب (عن أبي نضرة) المنذر بن مالك بن قطعة العبدي البصري ثقة، من (3) روى عنه في (11) بابا (عن أبي سعيد) الأنصاري (الخدري) سعد بن مالك المدني رضي الله عنه وهذا السند من رباعياته (قال) أبو سعيد:(بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم) لم أر من عين هذه السفرة من الشراح (إذ جاء رجل على راحلة له) لم أر أحدًا من شراح الكتاب عين اسم هذا الرجل ولم يقع مسمى في أبي داود ولا في مسند أحمد وفي دلائل النبوة في رقم (38) ما يفيد أنَّه أبو قتادة الأنصاري وفيه أيضًا رقم (38) ما يدل على أنَّه زياد بن الحارث الصدائي وهذا الأخير أقرب إلى قصتنا من الأول والله أعلم اهـ تنبيه المعلم (قال) أبو سعيد: (فجعل) الرجل (يصرف بصره) أي يقلب بصره (يمينًا وشمالًا) ويلتفت إليهما ببصره أي فشرع في الالتفات إلى جانبيه متعرضًا لشيء يدفع به حاجته وكانت راحلته ضعيفة كما في المرقاة (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان معه فضل ظهر) أي زيادة ما يركب على ظهره من الدواب يعني مركوبًا فاضلًا عن الحاجة وخصه اللغويون بالإبل (فليعد) أي فليحسن (به) أي بذلك الفاضل وليجد به من عاد علينا بمعروف أي رفق بنا وأحسن إلينا بمعروف كما في المرقاة عن أساس البلاغة (على من لا ظهر) ولا مركوب (له) يعني أن من له زيادة مركوب عن نفسه يلزم أن يواسي الراجل ويعينه بإركابه على دابته (ومن كان له
فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ".
قَال: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ، حَتَّى رَأَينَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ
ــ
فضل من زاد فليعد) أي فليجد (به) أي بذلك الفاضل (على من لا زاد له قال) أبو سعيد: (نذكر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا) وظننًا وفهمنا من كلامه (أنَّه) أي أن الشأن والحال (لا حق لأحد منا في فضل) أي في مال فاضل عن حاجته قوله (فيصرف بصره) وفي رواية موسى بن إسماعيل عند أبي داود (فجعل يصرفها) يعني الناقة كذا رواه العذري فقال: (يصرف) بالصاد المهملة والفاء من الصرف ولم يذكر المصروف ما هو وقد رواه السمرقندي والصدفي كذلك وبينوا المصروف فقالوا: (يصرف بصره يمينًا وشمالًا) يعني كان يقلب طرفه فيمن يعطيه ما يدفع عنه ضرورته ورواه ابن ماهان (يضرب يمينًا وشمالًا) بالضاد المعجمة وبالباء الموحدة من تحتها من الضرب في الأرض الذي يراد به الاضطراب والحركة فكأنه كان يجيء بناقته ويذهب بها فعل المجهود الطالب وفي كتاب أبي داود (يضرب راحلته يمينًا وشمالًا) ولا تباعد بين هذه الروايات إذ قد صدر من الرجل كل ذلك ولما رآه النبي صلى الله عليه وسلم على تلك الحال أمر كل من كان عنده زيادة على قدر كفايته أن يبذله ولا يمسكه وكان ذلك الأمر على جهة الوجوب لعموم الحاجة وشدة الفاقة ولذلك قال الصحابي: (حتى رأينا أنَّه لا حق لأحد منا في فضل) أي في زيادة على قدر الحاجة وهكذا الحكم إلى يوم القيامة مهما نزلت حاجة أو مجاعة في السفر أو في الحضر وجبت المواساة بما زاد على كفاية تلك الحال وحرم إمساك مال الفضل اهـ من المفهم قال في فتح الودود قوله (يمينًا وشمالًا) الأقرب أن الناقة أعجزها السير فأراد أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فيعطيه غيرها اهـ وذكر في البذل عن الدهلوي أن قوله (فجعل يصرفها يمينًا وشمالًا) أي فخرًا ولعل مراده أن الرجل كان يفخر ويتبختر بناقته مما يدل على غناه أنَّه يملك نياقًا أخرى فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفضل هبة الفضل ليراه ويسمعه ويهب المحتاجين ما فضل من حاجته اهـ وقوله (فليعد به) أمر من العود بمعنى الرجوع أي فليرجع بالإحسان به على المحتاج إليه قال في المصباح عاد بمعروفه عودًا من باب قال أفضل اهـ يعني تفضل به على غيره وشارك المؤلف في رواية
4384 -
(1675)(21) حدّثني أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْدِيُّ. حَدَّثَنَا النَّضْرُ (يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الْيَمَامِيَّ). حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ (وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ). حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ. فَأَصَابَنَا جَهْدٌ. حَتَّى هَمَمْنَا أَنْ نَنْحَرَ بَعْضَ ظَهْرِنَا. فأَمَرَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَمَعْنَا مَزَاودَنَا. فَبَسَطْنَا لَهُ
ــ
هذا الحديث أحمد [3/ 34] وأبو داود [1663] ثمَّ استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه فقال.
4384 -
(1675)(21)(حدثني أحمد بن يوسف) بن خالد بن سالم (الأزدي) السلمي النيسابوري ثقة، من (11)(حدثنا النضر يعني ابن محمَّد) بن موسى الأموي (اليمامي) ثقة، من (9)(حدثنا عكرمة وهو ابن عمار) العجلي اليمامي صدوق من (5)(حدثنا إياس بن سلمة) بن الأكوع الأسلمي المدني ثقة، من (3) (عن أبيه) سلمة بن عمرو بن الأكوع السلمي المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان يمانيان وواحد نيسابوري (قال) سلمة (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة) لعلها غزوة تبوك فقد مر عند المصنف في الإيمان (باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة) مثل هذه القصة من رواية أبي هريرة وقد صح فيها بأنها وقعت في غزوة تبوك والله أعلم (فأصابنا جهد) بفتح الجيم أي مشقة أي مجاعة كما هو في رواية ويدل عليه سياق الحديث واشتد بنا الجهد (حتى هممنا) أي قصدنا لشدة المجاعة (أن ننحر) ونذكي (بعض ظهرنا) أي بعض إبلنا وفي رواية البخاري أنَّه صلى الله عليه وسلم أذن لهم بذلك حتى لما اطلع عليه عمر دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما بقاؤهم بعد إبلهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناد في الناس يأتون بفضل أزوادهم (فأمر نبي الله) بجمع أزوادنا (فجمعنا مزاودنا) أي الأزواد التي فيها ففيه مجاز مرسل من ذكر المحل وإرادة الحال فإن المزاود جمع مزود كمنبر وهو الوعاء الذي يجعل فيه الزاد والزاد هو ما يتزوده المسافر لسفره من الطعام وفي رواية (أزوادنا) وهي الواضحة المحفوظة وقد وقع لبعضهم (تزوادنا) بالتاء الفوقانية بفتح التاء وكسرها وهو اسم من الزاد كالتيار والتمثال ومعناه كما في النهاية ما تزودناه والثاني أوجه وأصح كما قلنا آنفًا اهـ مفهم (فبسطنا) أي فرشنا (له) أي للمجموع
نِطَعًا. فَاجْتَمَعَ زَادُ الْقَوْمِ عَلَى النِّطَعِ. قَال: فَتَطَاوَلْتُ لأَحْزُرَهُ كَمْ هُوَ؟ فَحَزَرْتُهُ كَرَبْضَةِ الْعَنْزِ. وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قَال: فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا جَمِيعًا. ثُمَّ حَشَوْنَا جُرُبَنَا. فَقَال نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَهَلْ مِنْ وَضُوءٍ؟ " قَال: فَجَاءَ رَجُلٌ بِإِدَاوَةٍ لَهُ، فِيهَا نُطْفَةٌ. فَأَفْرَغَهَا فِي قَدَحٍ. فَتَوَضَّأْنَا كُلُّنَا. نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقَةً. أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً
ــ
مما في مزاودنا (نطعًا) أي سفرة من الأديم أو بساطًا يجوز فيه كسر النون وفتحها وسكون الطاء وفتحها والأفصح على ما ذكره النووي كسر النون وفتح الطاء وهو بساط من الأديم كما في تاج العروس (فاجتمع زاد القوم على النطع قال) سلمة: (فتطاولت) أي علوت وترفعت أو أظهرت طولي (لأحزره) بتقديم الزاي على الراء من باب نصر أي لأقدره وأخمنه وأعرف (كم هو) أي كم هذا المجموع على النطع (فحزرته) أي قدرته (كربضة العنز) أي فجاء تخميني أنَّه قدر جثة عنز إذا ربضت أي قعدت واضطجعت والعنز الأنثى من المعز إذا أتى عليها حول وذكر الشارح رواية كسر الراء في لفظة ربضة أي قدرته قدر العنز الرابضة أي المضطجعة أي قدر جثتها قال القرطبي قوله: (فحزرته كربضة العنز) أي قدرته مثل جثة العنز فحقه على هذا أن يكون مضموم الراء لأنه اسم وكذلك حفظي عمن أثق به فيكون كظلمة وغرفة وقد رُوي بكسر الراء ذهب فيه مذهب الهيئات كالجلسة والمشية وقد رُوي بفتح الراء وهي أبعدها لأنه حينئذٍ يكون مصدرًا ولا يحزر المصدر ولا يقدر اهـ من المفهم (ونحن) معاشر الحاضرين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (أربع عشرة مائة) أي ألف وأربعمائة نفس (قال): سلمة (فأكلنا) من ذلك المجموع (حتى شبعنا جميعًا ثمَّ حشونا) أي ملأنا منه (جربنا) أي مزاودنا الجرب بضمتين جمع جراب نظير كتاب وكتب وهو الوعاء من الجلد يجعل فيه الزاد أي ملأنا أوعيتنا بما فضل منه بعد أكلنا (فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم فهل) عندكم (من وضوء) بفتح الواو أي ماء نتوضأ به (فجاء رجل) لم أر من ذكر اسمه أي جاء رجل من المسلمين (بإداوة) أي بمطهرة (له فيها نطفة) أي قليل من الماء فأفرغها أي أفرغ الرجل تلك النطفة وصبها (في قدح) أي في إناء واسع الفم قريب القعر (فتوضأنا كلنا) من القدح حالة كوننا (ندغفقه) أي نصب الماء (دغفقة) أي صبًا كثيرًا واسعًا يقال: فلان في عيش دغفق أي واسع كما في النهاية أي نأخذ منه ونصب على أيدينا صبًا شديدًا ونحن (أربع عشرة مائة
قَال: ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذلِكَ ثَمَانِيَةٌ فَقَالُوا: هَلْ مِنْ طَهُورٍ؟ فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَرِغَ الْوَضُوءُ"
ــ
قال) سلمة: (ثمَّ جاء بعد ذلك) أي بعد ما توضأنا (ثمانية) أنفار (فقالوا: هل من طهور) أي ماء نتوضأ به (فقال) لهم (رسول الله صلى الله عليه وسلم: فرغ الوضوء) أي انتهى الماء الذي يتوضأ به وفرغ بكسر الراء بمعنى انتهى وانغلق من باب تعب قال النووي: وفي هذا الحديث معجزتان ظاهرتان للنبي صلى الله عليه وسلم وهما تكثير الطعام وتكثير الماء هذه الكثرة الظاهرة قال المازري في تحقيق المعجزة في هذا أنَّه كلما أكل منه جزء أو شرب جزء خلق الله تعالى جزءًا آخر يخلفه وفي هذا الحديث استحباب المواساة في الزاد وجمعه عند قلته وجواز أكل بعضهم مع بعض في هذه الحالة وليس هذا من الربا في شيء وإنما هو من نحو الإباحة وكل واحد مبيح لرفقته الأكل من طعامه وسواء تحقق الإنسان أنَّه أكل أكثر من حصته أو دونها أو مثلها فلا بأس بهذا لكن يستحب له الإيثار والتقلل لا سيما إن كان في الطعام قلة وقال ابن بطال: واستنبط منه بعض الفقهاء أنَّه يجوز للإمام في الغلاء إلزام من عنده ما يفضل عن قوته أن يخرجه للبيع لما في ذلك من صلاح الناس اهـ فتح الباري [6/ 130] وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين الأول: حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة والثاني: حديث سلمة بن الأكوع ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة.
***