المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌632 - (25) باب عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وغزوة ذات الرقاع وكراهة الاستعانة بالكافر في الغزو - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب: الأقضية

- ‌608 - (1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد والحكم بالظاهر واللحن بالحجة

- ‌609 - (2) باب الحكم على الغائب والاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌610 - (3) باب لا يقضي الفاضي وهو على حال يشوش فكره ورد المحدثات ومن خير الشهود واختلاف المجتهدين وإصلاح الحاكم بين الخصمين

- ‌ أبواب اللقطة

- ‌611 - (4) باب أحكام اللقطة والضوال والاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربها

- ‌612 - (5) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه والأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌613 - (6) باب الأمر بالمواساة بفضول الأموال واستحباب خلط الأزواد إذا قلت

- ‌ كتاب: الجهاد والسير

- ‌(614) (7) باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة وتأمير الإمام الأمراء على البعوث والوصية لهم

- ‌615 - (8) باب الأمر بالتيسير وتحريم الغدر

- ‌616 - (9) باب جواز الخداع في الحرب وكراهة تمني لقاء العدو واستحباب دعاء النصر عند لقاء العدو

- ‌617 - (10) باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب وجواز قتلهن في البيات وجواز قطع أشجارهم وتحريقها

- ‌618 - (11) باب تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة وحكم الأنفال واستحقاق القاتل السلب

- ‌619 - (12) باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى وحكم الفيء وقوله صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا فهو صدقة

- ‌620 - (13) باب بيان كيفية قسم الغنيمة بين الحاضرين والإمداد بالملائكة وجواز ربط الأسير والمن عليه

- ‌621 - (14) باب إجلاء اليهود من الحجاز وإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب وجواز قتل من نقض العهد وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل

- ‌مسألة القيام للقادم

- ‌622 - (15) باب المبادرة بالغزو وتقديم أهم الأمرين ورد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم وجواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب

- ‌623 - (16) باب كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام وكتابه إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله عز وجل

- ‌624 - (17) باب في غزوة حنين وغزوة الطائف وغزوة بدر

- ‌625 - (18) باب فتح مكة وإزالة الأصنام من حول الكعبة وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يقتل قرشي صبرًا بعد الفتح

- ‌626 - (19) باب صلح الحديبية والوفاء بالعهد

- ‌627 - (20) باب غزوة الأحزاب وغزوة أحد واشتداد غضب الله على من قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌628 - (21) باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين وصبره على ذلك ودعائهم للتوحيد

- ‌629 - (22) باب قتل أبي جهل وقتل كعب بن الأشرف وغزوة خيبر وغزوة الأحزاب

- ‌630 - (23) باب غزوة ذي قرد وصلح الحديبية وقوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ} الآية

- ‌631 - (24) باب غزوة النساء مع الرجال والرضخ للنساء الغازيات والنهي عن قتل صبيان أهل الحرب

- ‌632 - (25) باب عدد غزوات النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وغزوة ذات الرقاع وكراهة الاستعانة بالكافر في الغزو

- ‌ كتاب الإمارة

- ‌633 - (26) باب اشتراط نسب قريش في الخلافة وجواز ترك الاستخلاف

الفصل: ‌632 - (25) باب عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وغزوة ذات الرقاع وكراهة الاستعانة بالكافر في الغزو

‌632 - (25) باب عدد غزوات النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وغزوة ذات الرقاع وكراهة الاستعانة بالكافر في الغزو

4559 -

(1762)(106) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لابْنِ الْمُثَنَّى) قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ؛ أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ يَزِيدَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي بِالنَّاسِ. فَصَلَّى رَكْعَتَينِ ثُمَّ اسْتَسْقَى. قَال: فَلَقِيتُ يَوْمَئِذٍ زيدَ بْنَ أَرْقَمَ. وَقَال: لَيسَ بَينِي وَبَينَهُ غَيرُ رَجُلٍ، أَوْ بَينِي وَبَينَهُ رَجُلٌ. قَال: فَقُلْتُ لَهُ: كَمْ غَزَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَال: تِسْعَ عَشْرَةَ. فَقُلْتُ: كَمْ غَزَوْتَ أَنْتَ مَعَهُ؟ قَال: سَبْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً

ــ

632 -

(25) باب عدد غزوات النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وغزوة ذات الرقاع وكراهة الاستعانة بالكافر في الغزو

4559 -

(1762)(106)(حدَّثنا محمَّد بن المثني وابن بشار واللفظ لابن المثنى قالا: حدَّثنا محمَّد بن جعفر حدَّثنا شعبة عن أبي إسحاق) السبيعي عمرو بن عبد الله الكوفيّ (أن عبد الله بن يزيد خرج) إلى المصلى حالة كونه (يستسقي) أي يطلب سقيًا المطر (بالنَّاس) أي مع النَّاس والظاهر أن المراد منه عبد الله بن يزيد بن حصين وكان أميرًا على الكوفة أيَّام ابن الزُّبير رضي الله عنه وقد اختلف في صحبته شهد الجمل وصفين مع علي وكان الشعبي كاتبه أيَّام إمرته على الكوفة راجع التهذيب [6/ 78] اهـ من التكملة (فصلَّى) عبد الله بن يزيد صلاة الاستقساء (ركعتين) ثم بعد صلاة ركعتين (استسقى) أي طلب سقيًا المطر في الخطبة (قال) أبو إسحاق: (فلقيت يومئذٍ) أي يوم إذ خرج عبد الله بن يزيد (زيد بن أرقم) الصحابي الجليل الأنصاري الخزرجي الكوفيّ غزا سبع عشرة غزوة رضي الله عنه مفعول لقيت (وقال) أبو إسحاق: (ليس بيني وبينه) أي وبين زيد بن أرقم (غير رجل) واحد (أو) قال أبو إسحاق: (بيني وبينه) أي وبين زيد (رجل) واحد ولم أر من ذكر اسمه والشك من شعبة (قال) أبو إسحاق (فقلت له) أي لزيد بن أرقم وهذا السند من خماسياته (كم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي قال أبو إسحاق لزيد بن أرقم: (كم) مرات (غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) زيد بن أرقم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم (تسع عشرة غزوة) ومراده الغزوات التي خرج النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فيها بنفسه سواء قاتل أو لم يقاتل ويعارضه ما رواه أبو يعلى

ص: 420

قَال: فَقُلْتُ: فَمَا أَوَّلُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا؟ قَال: ذَاتُ العُسَيرِ أَو العُشَيرِ

ــ

من طريق أبي الزُّبير عن جابر أن عدد الغزوات إحدى وعشرون غزوة وإسناده صحيح كما في فتح الباري [7/ 280] وأصله في الحديث الآتي عند مسلم ولعل زيد بن أرقم فاته ذكر ثنتين منها وهي غزوتا الأبواء وبواط لأنَّه جعل العشيرة أول الغزوات مع أنَّها ثالثها وكان الغزوتين الأوليين خفيتا عليه لصغره ويحتمل أن أول غزوة غزاها وأنا معه العشيرة وذكر النووي عن ابن سعد أن عدد غزواته صلى الله عليه وسلم سبع وعشرون قاتل في تسع منها (قال) أبو إسحاق: (فقلت) له: (كم غزوت أنت معه) صلى الله عليه وسلم يا زيد (قال) زيد: غزوت معه (سبع عشرة غزوة قال) أبو إسحاق: (فقلت) لزيد: (فما أول غزوة غزاها) رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) زيد أول غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم (العسير) بصيغة التصغير أي غزوة ذات العسير (أو) قال زيد غزوة ذات (العشير) بالتصغير أيضًا والشك عن أبي إسحاق وكانت هذه الغزوة في جمادى الأولى سنة (1 هـ) ورجع عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمادى الآخرة وذكر ابن سعد في طبقات [2/ 9 و 10] أن المطلوب في هذه الغزوة هي عير قريش التي صدرت من مكّة إلى الشَّام بالتجارة ففاتتهم وكانوا يترقبون رجوعها فخرج النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يتلقاها ليغنمها فبسبب ذلك كانت وقعة بدر.

وقوله (ذات العسير أو العشير) ووقع في رواية البُخاريّ العشير أو العسيرة وفي رواية التِّرمذيِّ أو العشير أو العسير بلا هاء فيهما وزاد البُخاريّ فذكرت لقتادة فقال العشيرة وقول قتادة هو الذي اتفق عليه أهل السير وهو الصواب وأمَّا غزوة العسير فهي غزوة تبوك كذا في الفتح.

قال ابن سعد ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات العشيرة في جمادى الأخيرة على رأس ستة عشر شهرًا من مهاجره وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب وكان لواء أبيض واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي وخرج في خمس ومائة ويقال في مائتين من المهاجرين ممن انتدب ولم يكره أحدًا على الخروج وخرجوا على ثلاثين بعيرًا يعتقبونها خرج يعترض لعير قريش حين أبدأت إلى الشَّام وكان قد جاء به الخبر بفصولها من مكّة فيها أموال قريش فبلغ ذا العشيرة وهي لبني مدلج بناحية ينبع وبين ينبع والمدينة تسعة برد فوجد العير التي خرج لها قد مضت قبل ذلك بأيام وفي هذه الغزوة وادع بني مدلج وحلفائهم من بني ضمرة ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدًا اهـ.

ص: 421

4560 -

(00)(00) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بن آدمَ. حَدَّثَنَا زُهَيرٌ، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زيدِ بْنِ أرْقَمَ، سَمِعَهُ مِنْهُ؛ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةَ. وَحَجَّ بَعْدَ مَا هَاجَرَ حَجَّةَ لَمْ يَحُجَّ غَيرَهَا. حَجَّةَ الْوَدَاعِ.

4561 -

(1763)(107) حدَّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْب. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ. أخْبَرَنَا أبُو الزُّبَيرِ؛ أنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بنَ عَبدِ اللهِ يَقُولُ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةَ

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخاريّ في أول المغازي باب غزوة العشيرة [3949]، وفي أبواب آخر وأخرجه التِّرمذيُّ في الجهاد باب ما جاء في غزوات النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وكم غزا [1676] وأخرجه المؤلف أيضًا في كتاب الحج باب بيان عدد عمر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وزمانهن ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال.

4560 -

(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدَّثنا يَحْيَى بن آم) بن سليمان الأموي الكوفيّ ثقة، من (9)(حدَّثنا زهير) بن معاوية الجعفي الكوفيّ ثقة، من (7)(عن أبي إسحاق) السبيعي (عن زيد بن أرقم) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة زهير بن معاوية لشعبة بن الحجاج (سمعه) أي سمع هذا الحديث أبو إسحاق (منه) أي من زيد بن أرقم وقوله (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ بدل من مفعول سمعه (غزا تسع عشرة غزوة وحج بعدما هاجر حجة لم يحج بعدها) وقوله (حجة الوداع) بدل من حجة بدل كل من كل ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث زيد بن أرقم بحديث جابر رضي الله تعالى عنهما فقال.

4561 -

(1763)(107)(حدَّثنا زهير بن حرب حدَّثنا روح بن عبادة) بن العلاء بن حسَّان القيسي البصري ثقة، من (9)(حدَّثنا زكرياء) بن إسحاق المكيِّ ثقة، من (6) روى عنه في (6)(أخبرنا أبو الزُّبير) المكيِّ محمَّد بن مسلم بن تدرس الأسدي (أنَّه سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنه (يقول) وهذا السند من خماسياته (غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة) وهذا صريح في أن غزواته صَلَّى الله

ص: 422

قَال جَابرٌ: لَمْ أَشهَد بَدرًا وَلَا أُحُدًا. مَنَعَنِي أَبِي. فَلَمَّا قُتِلَ عَبْدُ الله يَوْمَ أُحُدٍ، لَمْ أَتَخَلَّف عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزوَةٍ قَطُّ.

4562 -

(1764)(108) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا زَيدُ بْنُ الْحُبَابِ. ح وَحَدَّثنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْميُّ. حَدَّثنَا أبُو تُمَيلَةَ. قَالا جَمِيعًا:

ــ

عليه وسلم ليست مختصرة في تسع عشرة بل زائدة عليها وإنَّما مراد زيد بن أرقم وبريدة بقولهما تسع عشرة غزوة أن منها تسع عشرة غزوة أفاده النووي (قال جابر) رضي الله عنه (لم أشهد) معه (بدرًا) أي غزوته قال الحافظ في الإصابة [1/ 214] وروى البُخاريّ في تاريخه بإسناد صحيح عن أبي سفيان عن جابر قال: كنت أمسح أصحابي الماء يوم بدر وأنكر الواقدي رواية أبي سفيان عن جابر المذكورة وقد أيد الذهبي في تاريخه الواقدي في إنكاره لرواية أبي سفيان ورجح رواية مسلم رحمه الله تعالى كما في حاشية سير أعلام النبلاء [3/ 191](ولا أحدًا) أي ولم أشهد معه أحدًا (منعني أبي) عبد الله بن عمرو من حضور غزوة أحد ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء [3/ 190] أنَّه منعه لأجل أخواته (فلما قتل) والدي (عبد الله) بن عمرو (يوم أحد لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة) غزاها (قط) أي عوض أي في زمن من الأزمنة المستقبلة لأنَّ قط هنا بمعنى عوض وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث زيد بن أرقم بحديث بريدة بن الخصيب رضي الله عنه فقال.

4562 -

(1764)(108)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدَّثنا زيد بن الحباب) بضم أوله المهمل وبموحدتين أبو الحسين العكلي بضم المهملة وسكون الكاف الكوفيّ صدوق من (9)(ح وحدثنا سعيد بن محمَّد) الجرمي بفتح الجيم وسكون الراء نسبة إلى جرم بن ريان بن ثعلبة الكوفيّ صدوق من (11) روى عنه في (3) أبواب (حدَّثنا أبو تميلة) بضم التاء مصغرًا يَحْيَى بن واضح الأنصاري مولاهم المروزي روى عن الحسين بن واقد في الجهاد وفليح بن سليمان والأوزاعي ويروي عنه (عم) وسعيد بن محمَّد الجرمي وأحمد وإسحاق وأبو بكر بن أبي شيبة وغيرهم قال أحمد وابن معين والنَّسائيُّ لا بأس به وقال ابن سعد وابن معين في رواية ثقة وقال أبو حاتم ثقة وقال في التقريب ثقة من كبار التاسعة مشهور بكنيته (قالا: جميعًا) أي قال زيد بن الحباب وأبو

ص: 423

حَدَّثَنَا حُسَينُ بن وَاقِدٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُرَيدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: غَزَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم تِسْعَ عَشْرَةَ غَزوَةَ. قَاتَلَ فِي ثَمَانٍ مِنهُنَّ.

وَلَمْ يَقُل أَبُو بَكرٍ: مِنْهُنَّ. وَقَال فِي حَدِيثِهِ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ بُرَيدَةَ.

4563 -

(00)(00) وحدّثني أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيمَانَ،

ــ

تميلة (حدَّثنا حسين بن واقد) القرشي مولاهم أبو عبد الله المروزي قاضي مرو روى عن عبد الله بن بريدة في الجهاد ومطر الورَّاق في صفة أهل الجنَّة وأهل النَّار ويروي عنه (م عم) يزيد بن الحباب وأبو قميلة والفضل بن موسى وابن المبارك وخلق قال أبو داود والنَّسائيُّ لا بأس به ووثقه ابن معين وقال في التقريب ثقة له أوهام من السابعة مات سنة (159) تسع وخمسين ومائة (عن عبد الله بن بريدة) بن الخصيب الأسلمي المروزي قاضيها ثقة من (3)(عن أبيه) بريدة بن الحصيب الأسلمي المروزي رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) بريدة بن الحصيب: (غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع عشرة غزوة قاتل) بنفسه (في ثمان منهن) أي من تلك الغزوات التسع عشرة (ولم يقل أبو بكر) في روايته لفظة منهن وقال أبو بكر (في حديثه) أي في روايته (حدثني عبد الله بن بريدة) بصيغة السماع قال ابن حجر وقال النووي قد اختلف أهل المغازي في عدد غزواته صلى الله عليه وسلم وسراياه فذكر ابن سعد وغيره عدد من مفضلات على ترتيبهن فبلغت سبعًا وعشرين غزوة وستًا وخمسين سرية قالوا: قاتل في تسع منها وهي بدر وأحد والمريسيع والخندق وقريظة وخيبر والفتح وحنين والطائف فعدوا الفتح فيها وهذا على قول من يقول فتحت مكّة عنوة اهـ فلا ينافي حديث بريدة (قاتل في ثمان منهن) ولعلّه أسقط غزوة الفتح لاعتقاده أنَّها فتحت صلحًا قاله الأبي وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخاريّ في المغازي باب كم غزا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم [4473]، ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال.

4563 -

(00)(00)(وحدثني أحمد) بن محمَّد (بن حنبل) الشيباني المروزي نزيل بغداد الإمام الأعظم في الحديث والفقه الحجة فيهما من (10) وهذا أحد الأحاديث الأربعة التي أخرجها مسلم من شيوخ أخرجها البُخاريّ من أنفسهم بواسطة فأخرج البُخاريّ هذا الحديث عن أحمد بن حنبل بواسطة أحمد بن الحسن فحصل لمسلم العلو بدرجة على البُخاريّ (حدَّثنا معتمر بن سليمان) بن طرخان التَّيميُّ البصري ثقة، من (9)

ص: 424

عَنْ كَهْمَسٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيدَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أنَّهُ قَال: غَزَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةَ.

4564 -

(1765)(109) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا حَاتِمٌ (يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ) عَنْ يَزِيدَ (وَهُوَ ابْنُ أَبِي عُبَيدٍ) قَال: سَمِعْتُ سَلَمَةَ يَقُولُ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَوَاتٍ. وَخَرَجْتُ، فِيمَا يَبْعَثُ مِنَ الْبُعُوثِ، تِسْعَ غَزَوَاتٍ. مَرَّةَ عَلَينَا أبُو بَكْرٍ. وَمَرَّةَ عَلَينَا أسَامَةُ بْنُ زَيدٍ.

4565 -

(00)(00) وحدّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثنَا

ــ

(عن كهمس) بن الحسن التميمي أبي الحسن البصري ثقة، من (5) (عن) عبد الله (بن بريدة عن أبيه) بريدة بن الحصيب رضي الله عنه غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة كهمس بن الحسن لحسين بن واقد فائدتها تقوية السند الأوَّل (أنَّه) أي أن بريدة (قال: غزا) هو أي بريدة (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة) وهذا لا يعارض ما تقدم لأنَّه ذكر هنا عدد الغزوات التي شهدها هو بنفسه ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث زيد بن أرقم بحديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه فقال.

4564 -

(1765)(109)(حدَّثنا محمَّد بن عباد) بن الزبرقان المكيِّ نزيل بغداد صدوق من (10) روى عنه في (4) أبواب (حدَّثنا حاتم يعني ابن إسماعيل) العبدري أبو إسماعيل المدني صدوق من (8)(عن يزيد وهو ابن أبي عبيد) الحجازي أبي خالد الأسلمي مولاهم سلمة بن الأكوع (قال) يزيد: (سمعت سلمة) بن الأكوع الأسلمي المدني (يقول) وهذا السند من رباعياته (غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات وخرجت فيما يبعث) أي فيما يرسله (من) السرايا و (البعوث) أي الجيوش إلى العدو (تسع غزوات مرَّة) أمَّر (عليها أبو بكر) الصِّديق ومرَّة أمَّر (علينا أسامة بن زيد) بن حارثة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخاريّ أخرجه في المغازي باب بعث النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة [4270 و 4127 و 4273]، ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث سلمة رضي الله عنه فقال.

4565 -

(00)(00)(وحدثنا قتيبة بن سعيد) بن جميل الثَّقفيّ البلخي (حدَّثنا

ص: 425

حَاتِمٌ، بِهذَا الإِسنَادِ، غَيرَ أنَّهُ قَال، فِي كِلتَيهِمَا: سَبْعَ غَزَوَاتٍ.

4566 -

(1766)(110) حدَّثنا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الله بْنُ بَرَّادٍ الأشْعَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ الْهَمْدَانِيُّ (وَاللَّفْظُ لأبِي عَامِرٍ). قَالا: حَدَّثَنَا أبُو أسَامَةَ عَنْ بُرَيدِ بْنِ أبِي بُرْدَةَ، عَنْ أبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ. وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ. بَينَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ. قَال: فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا. فَنَقِبَتْ قَدَمَايَ وَسَقَطَتْ أظْفَارِي. فُكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الْخِرَقَ. فَسُمِّيَتْ غَزْوَة ذَاتِ الرِّقَاعِ،

ــ

حاتم) بن إسماعيل (بهذا الإسناد) يعني عن يزيد عن سلمة غرضه بيان متابعة قتيبة لمحمد بن عباد (غير أنَّه) أي لكن أن قتيبة (قال في كلتيهما) أي في كل من غزوة النبي صلى الله عليه وسلم وبعث البعوث (سبع غزوات) وأمَّا محمَّد بن عباد قال في البعوث تسع غزوات بتقديم التاء على السِّين ثم استدل المؤلف على الجزء الثَّاني من الترجمة بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال.

4566 -

(1766)(110)(حدَّثنا أبو عامر عبد الله بن براد) بن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى (الأشعري) الكوفيّ (ومحمد بن العلاء) بن كريب أبو كريب الهمداني الكوفيّ (واللفظ) الآتي (لأبي عامر قالا: حدَّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة القرشي الكوفيّ ثقة، من (9) (عن بريد) بن عبد الله (بن أبي بردة) عامر بن أبي موسى (عن) جده أبي بردة عامر بن أبي موسى (عن أبي موسى) الأشعري عبد الله بن قيس رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (قال) أبو موسى:(خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة) أي في غزوة وهي غزوة ذات الرقاع (ونحن ستة نفر) أي أنفار (بيننا بعير) واحد (نعتقبه) أي نتعاقب عليها في الركوب واحدًا بعد واحد أي نتناوب في ركوبه فيركبه أحدنا لمدة ثم ينزل فيركب الآخر من العقبة كغرفة وهي النوبة يقال اعتقبوا على الراحلة ويتعاقبوا إذا ركب كل واحد عقبة أي نوبة (قال) أبو موسى: (فنقبت أقدامنا) بفتح النون وكسر القاف من باب فرح يقال نقب خف البعير أي تخرق أو رقت أخفافه كما في القاموس أي رقت جلودها وتخرقت من المشي وقرحت من الحفاء (فنقبت) أي قرحت (قدماي وسقطت أظفاري فكنا نلف على أرجلنا) أي على أقدامنا (الخرق) جمع خرقة (فـ) ـبسبب ذلك (سميت) تلك الغزوة (غزوة ذات الرقاع) هذا هو القول الصَّحيح في سبب

ص: 426

لِمَا كُنَّا نُعَصِّبُ عَلَى أَرْجُلِنَا مِنَ الخِرَقِ.

قَال أَبُو بُرْدَةَ: فَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بهذَا الْحَدِيثِ. ثُمَّ كَرِهَ ذلِكَ. قَال: كَأنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَيئًا مِنْ عَمَلِهِ أَفْشَاهُ.

قَال أَبُو أُسَامَةَ: وَزَادَنِي غَيرُ بُرَيدٍ: وَاللهُ يُجْزِي بِهِ

ــ

تسميتها وقيل: سميت بذلك بجبل هناك فيه بياض وسواد وحمرة وقيل باسم شجرة هناك وقيل لأنَّه كانت في ألويتهم رقاع ويحتمل أنَّها سميت بالمجموع اهـ نووي أي فسميت بذلك (لما كُنَّا نعصب) بفتح النون وكسر الصاد المخففة كذا ضبطه الحافظ في الفتح [7/ 421] أي لأجل ما نربطه على أرجلنا (من الخرق) جمع خرقة وهو الثوب البالي (قال أبو بردة: فحدث أبو موسى) الأشعري رضي الله عنه (بهذا الحديث ثم كره) أبو موسى (ذلك) لما فيه من تزكية النَّفس أي إفشاء ما حصل لهم فيها من المشاق والمتاعب من الاعتقاب كل بعير ولف الخرق على الأقدام أي كره أن يكون فيه إفشاء حسناته فيلزم منه رياء وفيه بيان ما كانت الصّحابة عليه رضوان الله تعالى عليهم من الإشراف على أنفسهم والخوف عليها من الرذائل الباطنة الكامنة في الصدور فيعالجونها أحسن علاج وإنَّما حدث بهذا الحديث مع أنَّه كان يكرهه خشية الرياء لئلا يلزم كتمان العلم والله أعلم.

(قال) أبو بردة (كأنه) أي كأن أبا موسى (كره أن يكون) ذلك الحديث (شيئًا من عمله أفشاه) أي شيئًا أفشاه من عمله فيكون رياء وسمعة (قال أبو أسامة) بالسند السابق (وزادني غير بريد) ممن سمعت منه هذا الحديث لفظة (والله يجزي به) أي والحال أن الله يجزي به أي بذلك العمل وقوله (أن يكون شيئًا) إلخ هكذا هو في جميع النسخ التي بأيدينا شيئًا بالنصب على أنَّه خبر كان واسمها محذوف أي كره أن يكون مدلول هذا الحديث شيئًا أفشاه وقد جاء بالرَّفع في كل ما وقفنا عليه من نسخ البُخاريّ ووجهه ظاهر وإنما كره الإفشاء لأنَّ كتم عمل البر وما أصيب به الإنسان في ذات الله أفضل وأدنى أن لا يداخله العجب الذي يحبط العمل قال النووي فيه استحباب إخفاء الأعمال الصالحة وأن لا يظهر شيئًا من ذلك إلَّا لمصلحة مثل بيان حكم ذلك الشيء أو التَّنبيه على الاقتداء به ونحو ذلك وعلى هذا يحمل ما وجد من السلف من الأخبار بذلك قوله (والله يجزي) روي بفتح الياء وضمها وهما لغتان صحيحتان قال في المصباح ونقلهما الأخفش بمعنى

ص: 427

4567 -

(1767)(112) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مالِكٍ. ح وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو الطَّاهِرِ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الْفُضَيلِ بْنِ أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ نِيَارٍ الأسْلَمِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم؛

ــ

واحد فقال الثلاثي بغير همز لغة الحجاز والرباعي المهمز لغة تميم.

واختلف أهل السير في تاريخ هذه الغزوة فقيل إنَّها وقعت في سنة (4) هـ وهو قول ابن إسحاق وقيل: وقعت في محرم سنة (5) هـ وهو قول ابن سعد ورجح البُخاريّ في صحيحه أنَّها وقعت بعد غزوة خيبر لأنَّ أبا موسى رضي الله عنه شهدها وإنه جاء من الحبشة بغير خيبر.

وكان سبب هذه الغزوة أنَّه قد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني محارب وبني ثعلبة من غطفان يجمعون كتائب لمحاربته صلى الله عليه وسلم فتوجه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ومعه أربعمائة من الصّحابة فلقي جمعًا عظيمًا من غطفان ولم يكن بينهم حرب وقد أخاف النَّاس بعضهم بعضًا حتَّى صَلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنَّاس صلاة الخوف ثم انصرف بالنَّاس راجع سيرة ابن هشام والزرقاني وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخاريّ في المغازي باب غزوة ذات الرقاع [4128] ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث عائشة رضي الله عنها فقال.

4567 -

(1767)(112)(حدثني زهير بن حرب حدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسَّان الأزدي البصري ثقة، من (9) (ح وحدثنيه أبو الطَّاهر) أحمد بن عمرو بن سرح الأموي البصري (واللفظ له حدثني عبد الله بن وهب) القرشي المصري (عن مالك بن أنس) الأصبحي المدني الإمام الأعظم في الفروع والحديث (عن الفضيل بن أبي عبد الله) مولى المهري بفتح فسكون المدني روى عن عبد الله بن نيار في الجهاد والقاسم بن محمَّد ويروي عنه (م د ت س) ومالك بن أنس وبكير بن الأشج قال أبو حاتم: لا بأس به وذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب ثقة من السادسة (عن عبد الله بن نيار) بالنون المكسورة وبالتحتانية بن مكرم الأسلمي المدني روى عن عروة بن الزُّبير في الجهاد وأبي هريرة وسلمان بن ربيعة ويروي عنه (م عم) وفضيل بن أبي عبد الله (عن عروة بن الزُّبير) الأسدي المدني (عن عائشة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهذا السند

ص: 428

أنَّهَا قَالتْ: خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قِبَلَ بَدْر. فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ. قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأةٌ وَنَجْدَةٌ. فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم حِينَ رَأَوْهُ. فَلَمَّا أَدرَكَهُ قَال لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: جِئتُ لأتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ. قَال لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تُؤمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؟ " قَال: لَا. قَال: "فَارْجِعْ. فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشرِكٍ".

قَالتْ: ثُمَّ مَضَى. حَتّى إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ

ــ

من سباعياته (أنَّها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر فلما كان بحرة الوبرة) وهو موضع على أربعة أميال من المدينة قال القاضي عياض: ضبطناه عن شيوخنا بفتح الباء وضبطه بعضهم بإسكانها (أدركه) صلى الله عليه وسلم رجل أي لحقه في الطَّريق رجل اسمه حبيب بن يساف قاله الواقدي في مغازيه عن مشايخه وذكره ابن بشكوال وقد أسلم هذا الرجل (قد كان يذكر منه جرأة) أي شجاعة وهي شدة الإقدام على العدو (ونجده) أي شدة وقوة وهي بمعنى ما قبله إلَّا أن الأولى في القلب والثانية في الجسم أي يذكره النَّاس بالجرأة والنجدة ويصفونه بهما (فـ) ـلما رأوه (فرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فلما أدركه) ذلك الرجل (قال) الرجل (لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت لأتبعك وأصيب معك) ما تصيب من الغنيمة أي آخذ معك ما تأخذه من الكفارف فـ (ـقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل (تؤمن بالله ورسوله قال) الرجل: (لا) أؤمن بهما (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم إذًا: (فارجع فلن أستعين بمشرك) قال النووي: قد جاء في الحديث الآخر أنَّه استعان بصفوان بن أميَّة قبل إسلامه وقد أخذت طائفة من العلماء بالحديث على إطلاقه أي لم يجيزوا الاستعانة بمشرك على أي حال وقال آخرون: إن كان الكافر حسن الرأي في المسلمين ودعت الحاجة إلى الاستعانة به استعين به وحملوا الحديثين على هذين الحالين ثم إذا حضر المشرك القتال مع المسلمين بالإذن هل يضرب له بسهم كسهم المقاتلين الجمهور على أنَّه لا يضرب له بسهم المقاتلين بل يرضخ له أي يعطى الرضخ وهو عطاء دون السهم وقال الزُّهريّ والأوزاعي بل يسهم له كذا استفيد من النووي والله أعلم (قالت) عائشة: (ثم مضى) الرجل وذهب (حتَّى إذا كُنَّا بالشجرة) أي عند الشجرة التي في ذي الحليفة قال النووي: هكذا هو في النسخ (حتَّى إذا كنا) فيحتمل أن

ص: 429

أَدرَكَهُ الرَّجُلُ. فَقَال لَهُ كَمَا قَال أَوَّلَ مَرَّةٍ. فَقَال لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَمَا قَال أَولَ مَرَّةٍ. قَال: "فَارْجِعْ فَلَنْ أَستَعِينَ بِمُشرِكٍ". قَال: ثُمَّ رَجَعَ فَأدْرَكَهُ بِالبَيدَاءِ. فَقَال لَهُ كَمَا قَال أَولَ مَرَّةٍ: "تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولهِ؟ " قَال: نَعَم. فَقَال لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "فَانْطَلِقْ"

ــ

عائشة كانت مع المودعين فرأت ذلك ويحتمل أنَّها أرادت بقولها: (كنا) حتَّى إذا كان المسلمون والله أعلم (أدركه) صلى الله عليه وسلم (الرجل) ثانيًا (فقال) الرجل (له) صلى الله عليه وسلم (كما قال) له (أول مرَّة) يعني قوله جئت لأتبعك وأصيب معك (فقال) له (النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم كما قال) له (أول مرَّة) يعني قوله تؤمن بالله ورسوله قال لا (قال فارجع فلن أستعين بمشرك قال) الراوي يعني عائشة (ثم رجع) الرجل (فأدركه) صلى الله عليه وسلم ثالثًا بعدما رجع (بالبيداء) التي بعد ذي الحليفة (فقال) النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم (له) أي للرجل (كما قال أول مرَّة) يعني قوله (تؤمن بالله ورسوله قال) الرجل: (نعم) آمنت بالله ورسوله (فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إذًا (فانطلق) معنا والحاصل من مجموع الأحاديث أن الأمر في الاستعانة بالمشركين موكول إلى مصلحة الإسلام والمسلمين فإن كان يؤمن عليهم من الفساد وكان في الاستعانة بهم مصلحة فلا بأس بذلك إن شاء الله تعالى إذا كان حكم الإسلام هو الظاهر ويكون الكفار تبعًا للمسلمين عنهم غنى أو كانوا هم القادة والمسلمون تبعًا لهم أو يخاف منهم الفساد فلا يجوز الاستعانة بهم وأمَّا حديث الباب فقد اعتذر عنه من قال بالجواز بأن غزوة بدر كانت أول غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت هي الفرقان بين الحق والباطل فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستعين فيها بمشرك وأراد أن تقع هذه الغزوة الأولى بأيدي المسلمين خالصة لهم وذكر الحافظ في الفتح [6/ 180] عن بعض العلماء أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم تفرس في الذي قال له لن أستعين بمشرك الرغبة في الإسلام فرده رجاء أن يسلم فصدق ظنه والله سبحانه وتعالى أعلم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الجهاد باب في المشرك يسهم له [2732]، والترمذي في السير باب ما جاء في أهل الذمة يغزون مع المسلمين هل يسهم لهم [1558].

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث الأوَّل: حديث زيد بن أرقم ذكره للاستدلال به على الجزء الأوَّل من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والثَّاني: حديث

ص: 430

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جابر ذكره للاستشهاد والثالث: حديث بريدة ذكره للاستشهاد به ثانيًا وذكر فيه متابعة واحدة والرابع: حديث سلمة بن الأكوع ذكره للاستشهاد به ثالثًا والخامس: حديث أبي موسى الأشعري ذكره للاستدلال به على الجزء الثَّاني من الترجمة والسادس: حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة والله سبحانه وتعالى أعلم.

وصلت إلى هنا في هذا الشَّرح في تاريخ يوم الخميس وقت الضحوة في اليوم الثَّاني من شهر ذي الحجة من سنة 2/ 12 / 1425 من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصَّلاة وأزكى التحية وعلى آله وصحابته ذوي المقامات السنية فقلت.

* * *

ص: 431