الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
699 - (13) الأول منها باب فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه
ــ
699 -
(13) الأول منها باب فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه
واسمه عبد الله بن عثمان أبي قحافة بن عامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي يجتمع نسبه مع نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب، وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصديق، رواه عنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسماه بذلك لكثرة تصديقه، ويسمى بالعتيق وفي تسميته بذلك ثلاث أقوال: أحدها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أراد أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى أبي بكر" روته عائشة، رواه الطبراني في الكبير (10) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 41] رواه أبو يعلى، وفيه صالح بن موسى الطلحي وهو ضعيف. والثاني: أنه سمته به أمه قاله موسى بن طلحة. والثالث: أنه سمي به لجمال وجهه قاله الليث بن سعد، وقال ابن قتيبة: لقبه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك لجمال وجهه. وهو أول من أسلم من الرجال، وقد أسلم على يديه من العشرة المشهود لهم بالجنة خمسة عثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
رفيق سيد المرسلين في هجرته وخليفته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم شهد المشاهد، وكان من أفضل الصحابة، قال الإمام الحافظ أبو الفرج الجوزي: جملة ما حفظ له من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة واثنان وأربعون حديثًا، أخرج له منها في الصحيحين ثمانية عشر (18) حديثًا، اتفقا على ستة، وانفرد (خ) بأحد عشر، و (م) بحديث، وكان أبيض أشقر لطيفًا مسترق الوركين، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"سدوا كل خوخة إلا خوخة أبي بكر" وقال عمر: أبو بكر خيرنا وسيدنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة لثمان خلون منها (13) وله ثلاث وستون سنة (63) ودفن بالحجرة النبوية، روى عنه أبو هريرة في الإيمان والحج، وعائشة في الجهاد، والبراء بن عازب في الأشربة، وابنه عبد الرحمن في الأطعمة، وأنس بن مالك في الفضائل، وعائذ بن عمرو وعبد الله بن عمر وعمر وعلي و (ع) وخلق، وترجمته في تاريخ الشام في مجلد ونصف فلتراجعه إن شئت.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال القرطبي: ومن المعلوم القطعي واليقين الضروري أنه حفظ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يحفظ أحد من الصحابة وحصل له من العلم ما لم يحصل لأحد منهم لأنه كان الخليل المباطن، والصفي الملازم، لم يفارقه سفرًا ولا حضرًا ولا ليلًا ولا نهارًا ولا شدة ولا رخاء، وإنما لم يتفرغ للحديث ولا للراوية لأنه اشتغل بالأهم فالأهم، ولأن غيره قد قام عنه في الرواية بالمهم.
وإذا تقرر ذلك فاعلم أن الفضائل جمع فضيلة كرغائب جمع رغيبة وكبائر جمع كبيرة مثلًا، وأصلها الخصلة الجميلة التي بها يحصل للإنسان شرف وعلو قدر ومنزلة، ثم ذلك الشرف وذلك الفضل إما عند الخلق وإما عند الخالق، فأما الأول فلا يلتفت إليه إن لم يوصل إلى الشرف المعتبر عند الخالق، فإذًا الشرف المعتبر والفضل المطلوب على التحقيق إنما هو الذي هو شرف عند الله تعالى.
وإذا تقرر هذا فإذا قلنا إن أحدًا من الصحابة رضي الله عنهم فاضل فمعناه أن له منزلة شريفة عند الله تعالى وهذا لا يتوصل إليه بالعقل قطعًا، ولا بد أن يرجع ذلك إلى النقل، والنقل إنما يتلقى من الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بشيء من ذلك تلقيناه بالقبول، فإن وإن قطعيًّا حصل لنا العلم بذلك، وإن لم يكن قطعيًّا كان ذلك كسبيل المجتهدات، وإذا لم يكن لنا طريق إلى معرفة ذلك إلا بالخبر فلا يقطع أحد بأن من صدرت منه أفعال دينية أو خصال محمودة بأن ذلك قد بلغه عند الله منزلة الفضل والشرف فإن ذلك أمر غيب والأعمال بالخواتيم والخاتمة مجهولة والوقوف على المجهول مجهول، لكنا إذا رأينا من أعانه الله تعالى على الخير ويسر له أسباب الخير رجونا له حصول تلك المنزلة عند الله تعالى تمسكًا بقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا أراد الله بعبد خيرًا استعمله في الخير ووفقه لعمل صالح" رواه أحمد [4/ 135] والترمذي [2142].
وبما جاء في الشريعة من ذلك ومن كان كذلك فالظن أنه لا يخيب ولا يقطع على المغيب، وإذا تقرر هذا فالمقطوع بفضله وأفضليته بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة وهو الذي يقطع به من الكتاب والسنة أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ولم يختلف في ذلك أحد من أئمة السلف ولا الخلف ولا مبالاة بأقوال أهل الشيع ولا
6014 -
(2360)(115) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْب وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. (قَال عَبْدُ اللهِ: أَخبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا) حَبَّانُ بْنُ هِلالٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا ثَابِت. حَدَّثَنَا أَنسُ بْنُ مَالِكٍ؛ أَن أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ
ــ
أهل البدع فإنهم بين مكفر تضرب رقبته وبين مفسق لا تقبل كلمته وتدحض حجته.
وقد اختلف أئمة أهل السنة في علي وعثمان رضي الله تعالى عنهما فالجمهور منهم على تقديم عثمان، وقد روي عن مالك أنه توقف في ذلك، وروي عنه أنه رجع إلى ما عليه الجمهور وهو الأصح إن شاء الله تعالى، وهذه المسألة اجتهادية لا قطعية ومستندها الكلي أن هؤلاء الأربعة هم الذين اختارهم الله تعالى لخلافة نبيه ولإقامة دينه فمراتبهم عنده تعالى بحسب ترتيبهم في الخلافة إلى ما ينضاف إلى ذلك بما يشهد لكل واحد منهم من شهادات النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك تأصيلًا وتفصيلًا على ما يأتي إن شاء الله تعالى، وهذا الباب بحر لا يدرك قعره ولا ينزف غمره، وفيما ذكرناه كفاية والله الموفق للهداية اهـ من المفهم.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الترجمة بحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقال:
6014 -
(2360)(115)(حدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي أبو خيثمة النسائي، ثقة، من (10) روى عنه في (20) بابا (وعبد بن حميد) بن نصر الكسي، نسبة إلى كس مدينة فيما وراء النهر، ثقة، من (11) روى عنه في (12) بابا (وعبد الله بن عبد الرحمن) بن الفضل بن مهران (الدارمي) أبو محمد السمرقندي، ثقة متقن، من (11) روى عنه في (14) بابا (قال عبد الله) بن عبد الرحمن:(أخبرنا وقال الآخران: حدثنا حبان بن هلال) الباهلي أبو حبيب البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا همام) بن يحيى بن دينار الأزدي العوذي أبو عبد الله البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (12) بابا (حدثنا ثابت) بن أسلم بن موسى البناني مولاهم أبو محمد البصري، ثقة، من (4) روى عنه في (13) بابا (حدثنا أنس بن مالك) الأنصاري الخزري أبو حمزة البصري رضي الله عنه (أن أبا بكر الصديق) العتيق عبد الله بن أبي قحافة عثمان التيمي المدني رضي الله عنه، وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن فيه رواية صحابي عن
حَدَّثَهُ قَال: نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشرِكِينَ عَلَى رُؤُوسِنَا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ. فَقُلتُ:
ــ
صحابي (حدثه) أي حدث أبو بكر لأنس (قال) أبو بكر: (نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن) أي أنا والنبي صلى الله عليه وسلم (في الغار) أي في غار ثور، والألف واللام في الغار للعهد الذهني كما هو مقرر في علم النحو، وضابط هذه اللام ما عهد مصحوبها ذهنًا لا ذكرًا أي في غار جبل الثور عند هجرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وهذا الغار صخرة على رأس الجبل وهي مجوفة خاوية ليس لها منفذ إلى الداخل إلا في أسفلها بحيث يمكن للرجل أن يدخلها مضطجعًا على بطنه فلما دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه وجاء بعض أهل مكة في طلبهما أبصر أبو بكر رضي الله عنه أقدامهم من ذلك المنفذ الذي هو في أسفل الصخرة فلم يستطع أن يبصر غير الأقدام لكون المنفذ في أسفل الصخرة.
وحاصل هذه القصة أن المشركين اجتمعوا لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فبيتوه في داره فأمر عليًّا فرقد على فراشه وقال له: لن يضروك فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم على بابه فأخذ الله أبصارهم عنه، ولم يروه ووضع على رأس كل واحد منهم ترابا وانصرف عنهم خارجا إلى غار ثور، فاختفى فيه فاقاموا كذلك حتى أخبرهم مخبر أنه قد خرج عليهم وأنه وضع على رؤوسهم التراب فمدوا أيديهم إلى رؤوسهم فوجدوا التراب فدخلوا الدار فوجدوا عليًّا على الفراش فلم يتعرضوا له، ثم خرجوا في كل وجه يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم ويقتصون أثره بقائف (والقائف من يعرف الآثار ويتتبعها، ومن يعرف النسب بفراسته ونظره إلى أعضاء المولود) كان معروفًا عندهم إلى أن وصلوا إلى الغار فوجدوه قد نسجت عليه العنكبوت من حينه وفرخت فيه الحمام بقدرة الله تعالى، فلما رأوا ذلك قالوا: إن هذا الغار ما دخله أحد، ثم إنهم صعدوا على أعلى الغار فحينئذٍ رأى أبو بكر أقدامهم فقال بلسان مقاله مفصحًا عن ضعف حاله لو نظر أحدهم إلى قدميه أبصرنا فأجابه من تدلى فدنا بما يذهب عنه الخوف والضنى بقوله:{لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة / 40] أي بالحفظ والسلامة والصون والكرامة، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أقام في الغار ثلاثة أيام حتى تجهز، ومنه هاجر إلى المدينة، وكل ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ثقة بوعد الله تعالى وتوكل، ودليل على خصوصية أبي بكر من الخلة وملازمة الصحبة في أوقات الشدة بما يسبق
يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَن أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيهِ. فَقَال:"يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَينِ اللهُ ثَالِثُهُمَا"
ــ
إليه اهـ من المفهم. قال أبو بكر: (فقلت: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما) قال الحافظ في الفتح [7/ 11](قوله لو أن أحدهم نظر) إلخ فيه مجيء الشرطية للاستقبال خلافًا للأكثر واستدل من جوزه بمجيء الفعل المضارع بعدها في نحو قوله تعالى: {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} وعلى هذا يكون قاله حالة وقوفهم على الغار، وعلى قول الأكثر يكون قاله بعد مضيهم شكرًا لله تعالى على صيانتهما منهم. [قلت]: ويؤيد الاحتمال الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر تسلية لخاطره: لا تحزن إن الله معنا. وهذا يدل على أن أبا بكر رضي الله عنه كان في حالة الخوف حينئذٍ، ولو كان قاله بعد زوال الخوف لم يكن لهذا الجواب معنى. قوله:(ما ظنك باثنين الله ثالثهما) قال النووي: معنى ثالثهما أي بالنصر والمعونة والحفظ والتسديد؛ فالمراد ناصرهما ومعينهما وإلا فالله ثالث كل اثنين بعلمه، وفيه عظيم توكل النبي صلى الله عليه وسلم حتى في هذا المقام، وفيه فضيلة لأبي بكر رضي الله عنه وهي من أجل مناقبه، والفضيلة من أوجه منها هذا اللفظ، ومنها بذله نفسه ومفارقته أهله وماله إلخ اهـ نووي. قال الحافظ: وفي الحديث منقبة ظاهرة لأبي بكر، وفيه أن باب الغار كان ضيقًا فقد جاء في السير للواقدي: أن رجلًا كشف عن فرجه وجلس يبول فقال أبو بكر: قد رآنا يا رسول الله، فقال:"لو رآنا لم يكشف عن فرجه" اهـ[قلت]: والمذهب الصحيح أن يقال في تفسير معية الله مع عباده هي صفة ثابتة لله تعالى نثبتها ونعتقدها لا نكفيها ولا نمثلها ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 4] والبخاري في مواضع كثيرة منها في فضائل الصحابة باب مناقب المهاجرين وفضلهم [3653] والترمذي في التفسير سورة التوبة [3096].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي بكر بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
6015 -
(2361)(116) حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بنِ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا مَعْنٌ. حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضرِ، عَنْ عُبَيدِ بْنِ حُنَينٍ، عَن أَبِي سَعِيدٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَال:"عَبْدٌ خَيَّرَهُ اللهُ بَينَ أَنْ يُؤتِيَهُ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَبَينَ مَا عِنْدَهُ. فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ". فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ. وبَكَى. فَقَال: فَدَينَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. قَال: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْمُخَيَّرُ. وَكَانَ أَبُو بَكرِ أَعْلَمَنَا بِهِ
ــ
6015 -
(2361)(116)(حدثنا عبد الله بن جعفر بن يحيى بن خالد) بن برمك البرمكي أبو محمد البصري ثم البغدادي، ثقة، من (11) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا معن) بن عيسى بن يحيى الأشجعي مولاهم أبو يحيى المدني القزاز، ثقة، من (10) روى عنه في (10) أبواب (حدثنا مالك) بن أنس الأصبحي المدني (عن أبي النضر) سالم بن أبي أمية التيمي مولاهم المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (9) أبواب (عن عبيد بن حنين) بالتصغير فيهما أبي عبد الله المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (2) الطلاق والفضائل (عن أبي سعيد) سعد بن مالك الأنصاري الخدري رضي الله عنه، وهذا السند من سداسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر) في مرض موته (فقال عبد) من عباد الله تعالى (خيره الله) سبحانه (بين أن يؤتيه) ويعطيه (زهرة الدنيا) ونعيمها وأعراضها وزخارفها، شبهها بزهر الروض بجامع الحسن في كل (وبين ما عنده) تعالى من نعيم الآخرة (فاختار) ذلك العبد (ما عنده) تعالى من نعيم الآخرة، وإنما قال صلى الله عليه وسلم: إن عبدًا وأبهمه ليختبر فهم أهل المعرفة ونباهة أصحاب الحذق (فبكى أبو بكر) رضي الله عنه (وبكى) كرر الفعل لإفادة كثرة البكاء وطول مدته، . والمعنى بكى كثيرًا، ثم بكى، وزاد في رواية سالم أبي النضر عند البخاري في فضائل الصحابة (فعجب لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير) وفي رواية عبيد بن حنين عنده في الصلاة فقلت في نفسي: ما يبكي هذا الشيخ إن يكن الله خير عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله (فقال) أبو بكر: (فديناك) من كل مكروه (بآبائنا وأمهاتنا) أي جعلناهم فداء لك من كل مكروه (قال) أبو سعيد الخدري: (فكان رسول الله صلى: الله عليه وسلم) هو العبد (المخير) بين ما ذكر (وكان أبو بكر أعلمنا به) أي بالعبد المخير، وعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو العبد المخير فبكى
وَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِن أَمَنَّ النَّاسِ عَلَي فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكرٍ،
ــ
حزنًا على فراقه وانقطاع الوحي وغيره من الخير دائمًا.
(وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمن الناس) وزاد البخاري في رواية عبيد بن حنين قبله (يا أبا بكر لا تبك) وأمن اسم تفضيل من المن بمعنى العطاء لا من المنة التي تحبط العمل (علي) بمعنى لأجل، وفي قوله:(في ماله وصحبته) بمعنى اللام أي إن أكثر الناس بذلًا لنفسه وماله لأجلي (أبو بكر) حيث فارق أهله وماله وجعل نفسه وقاية لي اهـ من المرقاة.
قال القرطبي: (قوله صلى الله عليه وسلم عبد خيره الله تعالى) إلخ هذا قول فيه إبهام قصد به النبي صلى الله عليه وسلم اختبار أفهام أصحابه وكيفية تعلق قلوبهم به فظهر أن أبا بكر كان عنده من ذلك ما لم يكن عند أحد منهم، ولما فهم من ذلك ما لم يفهموا بادر بقوله: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، ولذلك قالوا: فكان أبو بكر أعلمنا، وهذا يدل من أبي بكر رضي الله عنه على أن قلبه ممتلئ من محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومستغرق عنه وشديد الاعتناء بأموره كلها من أقواله وأحواله بحيث لا يشاركه أحد منهم في ذلك، ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه وصدر منه في ذلك الوقت الفهم عنه اختص بالخصوصية العظمى التي لم يظفر بمثلها بَشَرِيٌّ في الأولى ولا في الآخرة فقال:"إن من أمنِّ الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا" فقد تضمن هذا الكلام أن لأبي بكر من الفضائل والحقوق ما لا يشاركه فيها مخلوق، ووزن أفعل تفضيل من المنة بمعنى الامتنان أي أن أكثر الناس منة علي، ومعناه أن أبا بكر رضي الله عنه له من الحقوق ما لو كانت لغيره لامتنَّ بها وذلك أنه رضي الله عنه بادر النبي صلى الله عليه وسلم بالتصديق والناس كلهم مكذبون، وبنفقة الأموال العظيمة والناس يبخلون، وبالملازمة والمصاحبة والناس ينفرون، وهو مع ذلك بانشراح صدره ورسوخ علمه يعلم أن لله ولرسوله الفضل والإحسان والمنة والامتنان، لكن النبي صلى الله عليه وسلم بكرم خلقه وجميل معاشرته اعترف بالفضل لمن صدر عنه وشكر الصنيعة لمن وجدت منه عملًا بشكر المنعم ليسن وليعلم، وهذا مثل ما جرى له يوم حنين مع الأنصار جث جمعهم فذكرهم بما له عليهم من المنن، ثم اعترف لهم بما
وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لاتَّخَذْتُ أَبا بَكْرٍ خَلِيلًا. وَلكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلامِ. لَا تُبْقَيَن فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ"
ــ
لهم من الفضل الجميل الحسن، وقد تقدم ذلك في الزكاة، وقد ذكر الترمذي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه عليها ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدًا يكافئه الله تعالى بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد كما نفعني مال أبي بكر" رواه الترمذي [3661] وذكر الحديث وقال: هو حسن غريب اهـ من المفهم.
(ولو كنت متخذًا) من الناس (خليلًا لاتخدت) منهم (أبا بكر خليلًا) وقوله: (متخذًا) اسم فاعل من اتخذ الخماسي من باب افتعل وهو فعل يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف الجر، ويكون بمعنى اختار واصطفى كقوله تعالى:{وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا} إلخ وقد سكت هنا عن أحد مفعوليها وهو الذي دخل عليه حرف الجر كما قدرناه في حلنا ومحل بسط الكلام في علم النحو قال ابن فرشته: الأوجه هنا أن يقال إنه من الخلة وهي الصداقة المتخللة في قلب المحب الداعية إلى إطلاع المحبوب على سره؛ يعني لو جاز لي أن أتخذ صديقًا من الخلق يقف على سري لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن لا يطلع على سري إلا الله، ووجه تخصيصه بذلك أن أبا بكر كان أقرب سرًّا من سر رسول الله صلى الله عليه وسلم لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال:"إن أبا بكر لم يفضل عليكم بصوم ولا صلاة ولكن بشيء كتب في قلبه"(ولكن أخوة الإسلام) والدين باقية مستمرة بيننا فهي كافية فالخبر محذوف كما قدرناه (لا تبقين) بصيغة المبني للمجهول نهيًا مؤكدًا مشددًا، وفي نسخة بفتح أوله، والمعنى لا تتركن (في) هذا (المسجد خوخة) إلا سدت (إلا خوخة أبي بكر) الصديق رضي الله عنه، والخوخة بفتح الخاء وهو الباب الصغير بين البيتين أو الدارين ونحوه، وكان الناس قد فتحوا من بيوتهم خوخات إلى المسجد النبوي ليسهل عليهم دخول المسجد كلما شاؤوا فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسد هذه الخوخات كلها إلا خوخة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقد ذكر الحافظ في الفتح أن ذلك كان في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم وذكر جماعة من العلماء أن ذلك كان إشارة لاستخلاف أبي بكر رضي الله عنه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقد أشكل على بعض الناس أن دار أبي بكر الصديق كانت بسنح كما جاء في قصه وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث يدل على أن داره كانت ملاصقة للمسجد النبوي.
والجواب عنه أنه كان له منزلان ومنزلة بالسنح كان لأصهاره من الأنصار، وقد ذكر عمر بن شبة في أخبار المدينة أن دار أبي بكر الملاصقة للمسجد لم تزل بيد أبي بكر حتى احتاج إلى شيء يعطيه لبعض من وفد عليه فباعها فاشترتها منه حفصة أم المؤمنين بأربعة آلاف درهم فلم تزل بيدها إلى أن أرادوا توسيع المسجد في خلافة عثمان رضي الله عنه فطلبوها منها ليوسعوا بها المسجد فامتنعت وقالت: كيف بطريقي إلى المسجد؟ فقيل لها: نعطيك دارًا أوسع منها، ونجعل لك طريقًا مثلها فسلمت ورضيت اهـ فتح الباري [7/ 14].
قال القرطبي: ومعنى هذا الحديث أن أبا بكر رضي الله عنه كان قد تأهل لأن يتخذه النبي صلى الله عليه وسلم خليلًا لولا المانع الذي منع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنه لما امتلأ قلبه بما تخلله من معرفة الله تعالى ومحبته ومراقبته حتى كأنه مزجت أجزاء قلبه بذلك لم يتسع قلبه لخليل آخر يكون كذلك فيه، وعلى هذا فلا يكون الخليل إلا واحدًا ومن لم ينته إلى ذلك ممن تعلق القلب به فهو حبيب، ولذلك أثبت لأبي بكر وعائشة رضي الله عنهما أنهما أحب الناس إليه ونفى عنهما الخلة، وعلى هذا فالخلة فوق المحبة، وقد اختلف أرباب القلوب في ذلك فذهب الجمهور إلى أن الخلة أعلى تمسكًا بما ذكرناه وهو متمسك قوي ظاهر، وذهب أبو بكر بن فورك- وهو محمد بن الحسن بن فورك الشافعي الواعظ- إلى أن المحبة أعلى، واستدل على ذلك بأن الاسم الخاص بمحمد صلى الله عليه وسلم الحبيب، وبإبراهيم الخليل، ودرجة نبينا صلى الله عليه وسلم أوفع، فالمحبة أرفع اهـ من المفهم.
قوله: (ولكن أخوة الإسلام) وفي رواية (لكنه أخي وصاحبي وقد اتخذ الله صاحبكم -يعني نفسه- خليلًا) والخلة في اللغة المودة البالغة، وقيل أصل الخلة انقطاع إلى خليله بحيث لا يسع قلبه غيره، ومعنى الحديث أن حب الله تعالى لم يدع في قلبه موضعًا لخلة غيره، ولو كان هناك مجال لأن يكون أحد خليله صلى الله عليه وسلم لكان
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبا بكر رضي الله عنه، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يتخذ خليلًا، فسمى أبا بكر أخًا له وصاحبًا.
وقد يعارض هذا الحديث ما روي عن أبي بن كعب قال: إن أحدث عهدي بنبيكم قبل موته بخمس دخلت عليه وهو يقول: "إنه لم يكن نبي إلا وقد اتخذ من أمته خليلًا، وإن خليلي أبو بكر، ألا وإن الله قد اتخذني خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا". أخرجه أبو الحسن الحربي في فوائده، وذكره الحافظ في الفتح [7/ 23] ثم قال: وهذا يعارضه ما في رواية جندب عند مسلم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بخمس: "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل" وسيأتي مثله من طريق أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود أيضًا فإن ثبت حديث أبي أمكن أن يجمع بينهما بأنه لما برئ من ذلك تواضعًا لربه وإعظامًا له أذن الله تعالى له فيه من ذلك اليوم لما رأى تشوفه إليه وإكرامًا لأبي بكر بذلك فلا يتنافى الخبران، وأشار إلى ذلك المحب الطبري، وقد روي من حديث أبي أمامة نحو حديث أبي بن كعب دون التقيد بالخمس أخرجه الواحدي في تفسيره، والخبران واهيان.
وأما ما روي عن أبي هريرة وأبي ذر رضي الله عنهما عند رواية عدة أحاديث "أخبرني خليلي" و"أوصاني خليلي" فإما أنهما أطلقا لفظ الخليل بمعنى الحبيب، هاما أنهما أرادا أن النبي صلى الله عليه وسلم خليل لهما دون أن يكونا خليلين له صلى الله عليه وسلم لأن كل مسلم يجوز له أن يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خليلًا له بحيث لا يدع في قلبه مجالًا لخلة غيره وذلك لأن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم عين محبة الله تبارك وتعالى، ولا يقال مثل ذلك إذا اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خليلًا غير الله والله أعلم.
قال القرطبي: (قوله: لا تبقين في المسجد خوخة) إلخ الخوخة بفتح المعجمتين بينهما واو ساكنة باب صغير بين مسكنين، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فتحوا بين مساكنهم وبين المسجد خوخات اغتنامًا لملازمة المسجد وللكون فيه مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان فيه غالبًا إلا أنه لما كان ذلك يؤدي إلى اتخاذ المسجد طريقًا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بسد كل خوخة كانت هنالك واستثنى خوخة أبي بكر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رضي الله عنه إكرامًا له وخصوصية له لأنهما كانا لا يفترقان غالبًا، وقد استدل بهذا الحديث على صحة إمامته واستخلافه للصلاة وعلى خلافته بعده.
وقد وردت عدة أحاديث في الأمر بسد الأبواب كلها إلا باب علي رضي الله عنه منها حديث سعد بن أبي وقاص قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي. أخرجه أحمد والنسائي بإسناد قوي، ومنها حديث زيد بن أرقم: كان لنفر من الصحابة أبواب شارعة في المسجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سدوا هذه الأبواب إلا باب علي" أخرجه أحمد والنسائي والحاكم ورجاله ثقات، وأخرج أحمد والنسائي مثله عن ابن عباس، والطبراني عن جابر بن سمرة، وأحمد عن ابن عمر، والنسائي عن العلاء بن عرار، عن ابن عمر، وسرد الحافظ هذه الأحاديث في الفتح [7/ 15] ثم قال: وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضًا، وكل طريق منها صالح للاحتجاج به فضلًا عن مجموعها فتعارض هذه الأحاديث حديث الباب إلا أنه يمكن الجمع بينهما، وقد أشار البزار في مسنده إلى الجمع بين القصتين بأن باب علي كان إلى جهة المسجد ولم يكن لبيته باب غيره فلذلك لم يؤمر بسده ويؤيد ذلك ما أخرجه إسماعيل القاضي في أحكام القرآن من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لأحد أن يمر في المسجد وهو جنب إلا لعلي بن أبي طالب لأن بيته كان في المسجد، ومحصل الجمع أن الأمر بسد الأبواب وقع مرتين ففي الأول استثنى علي بن أبي طالب لما ذكر، وفي الأخرى استثنى أبو بكر ولكن لا يتم ذلك إلا بأن يحمل ما في قصة علي على الباب الحقيقي، وما في قصة أبي بكر على الباب المجازي، والمراد به الخوخة كما صرح به في بعض طرقه وكأنهم لما أمروا بسد الأبواب سدوها وأحدثوا خوخًا يستقربون الدخول إلى المسجد منها فأمروا بعد ذلك بسدها، فهذه طريقة لا بأس بها في الجمع بين الحديثين، وبها جمع بين الحديثين المذكورين أبو جعفر الطحاوي في مشكل الآثار.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 18] والبخاري في الصلاة باب الخوخة والممر في المسجد [466] وفي مواضع أخر، والترمذي في المناقب باب مناقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه [3695].
6016 -
(00)(00) حدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا فُلَيحُ بْنُ سُلَيمَانَ، عَن سَالِمٍ، أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيدِ بْنِ حُنَينٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَال: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ يَوْمًا، بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ.
6017 -
(2362)(117) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشارٍ الْعَبدِيُّ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ. قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي الْهُذَيلِ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد رضي الله عنه فقال:
6516 -
(00)(00)(حدثنا سعيد بن منصور) بن شعبة الخراساني، نزيل مكة، ثقة، من (15) روى عنه في (15) بابا (حدثنا فليح) مصغرًا (بن سليمان) بن أبي المغيرة الخزاعي المدني، صدوق، من (7) روى عنه في (4) أبواب (عن سالم) بن أبي أمية (أبي النضر) التيمي المدني، ثقة، من (5)(عن عبيد بن حنين) المدني، ثقة، من (3)(وبسر بن سعيد) مولى ابن الحضرمي المدني، ثقة، من (2) روى عنه في (8) أبواب كلاهما رويا عن (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة فليح لمالك بن أنس (قال) أبو سعيد:(خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يومًا) أي ذكرهم ووعظهم، وساق فليح بن سليمان (بمثل حديثه) أي بمثل حديث مالك بن أنس.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي بكر الصديق بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما فقال:
6017 -
(2362)(117)(حدثنا محمد بن بشار العبدي) البصري (حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي البصري (عن إسماعيل بن رجاء) بن ربيعة الزبيدي مصغرًا مولاهم أبي إسحاق الكوفي، ثقة، من (5) روى عنه في (3) أبواب (قال) إسماعيل:(سمعت عبد الله بن أبي الهذيل) العبدي أبا المغيرة الكوفي، روى عن أبي الأحوص في الفضائل وعمر وعلي وأبي بن كعب، ويروي عنه (م ت س) وإسماعيل بن رجاء وواصل بن حبان وأشعث بن أبي الشعثاء سليم، قال العجلي: تابعي ثقة وكان عثمانيًّا، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في
يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي الأَحْوَص، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُود يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَال:"لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لاتخَذْتُ أَبا بَكْرٍ خَلِيلًا. وَلَكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي. وَقَدِ اتَّخَذَ اللهُ، عز وجل، صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا".
6018 -
(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّي وَابْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لابْنِ الْمُثَنَّى). قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ أنَّهُ قَال:"لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي أَحَدًا خَلِيلًا لاتَّخَذْتُ أَبا بَكْرٍ"
ــ
الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الثانية، مات في ولاية خالد القسري على العراق (يحدث عن أبي الأحوص) عوف بن مالك بن نضلة الجشمي الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (قال) أبو الأحوص:(سمعت عبد الله بن مسعود) الهذلي الكوفي الصحابي المشهور رضي الله عنه، وهذا السند من سباعياته (يحدث) عن عبد الله (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لو كنت متخذًا خليلًا) من الناس (لاتخذت أبا بكر خليلًا ولكنه) أي لكن أبا بكر (أخي) في الإسلام (وصاحبي) في الغار (وقد اتخذ الله) تعالى عز وجل صاحبكم) يريد نفسه (خليلًا) فلا تجتمع خلة الخالق وخلة المخلوق.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 377] والترمذي [3655] وابن ماجه [93].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن مسعود رضي الله عنه فقال:
6018 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى و) محمد (بن بشار واللفظ لابن المثنى، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق) السبيعي عمرو بن عبد الله الكوفي (عن أبي الأحوص) عوف بن مالك الكوفي (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي إسحاق لعبد الله بن أبي الهذيل (أنه) صلى الله عليه وسلم (قال: لو كنت متخذًا من أمتي أحدًا خليلًا لاتخذت أبا بكر) خليلًا.
قال القاضي عياض: الخليل هو الصاحب الواد الذي يفتقر إليه ويعتمد في الأمور
6019 -
(00)(00) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، عَن أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ. ح وَحَدثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ. أَخْبَرَنَا أبُو عُمَيسٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كُنْتُ
ــ
عليه، مأخوذ من الخلة وهي الحاجة؛ والمعنى لو كنت متخذًا من الخلق خليلًا أرجع إليه في الحاجات وأعتمد عليه في المهمات لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن الذي ألجأ إليه وأعتمد عليه في جملة الأمور ومجامع الأحوال هو الله تعالى، وإنما سمي إبراهيم عليه السلام خليلًا من الخلة بالفتح التي هي الخصلة فإنه تخلق بخلال حسنة اختصت به أو من التخلل فإن الحب تخلل شفاف قلبه واستولى عليه أو من الخلة من حيث إنه عليه السلام ما كان يفتقر حال الافتقار إلا إليه، وما كان يتوكل إلا عليه فيكون فعيلًا بمعنى فاعل، وفي الحديث بمعنى مفعول اهـ مرقاة. والأوجه الأحسن ما نقلناه سابقًا عن ابن فرشته.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عبد الله رضي الله عنه فقال:
6019 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا عبد الرحمن) بن مهدي بن حسان الأزدي البصري (حدثني سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي (عن أبي إسحاق) السبيعي (عن أبي الأحوص عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سفيان لشعبة بن الحجاج (ح وحدثنا عبد بن حميد) بن نصر الكسي (أخبرنا جعفر بن عون) بن جعفر بن عمرو بن حريث أبو عون الكوفي المخزومي العمري، صدوق، من (9) روى عنه في (7) أبواب (أخبرنا أبو عميس) الهذلي المسعودي عتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (7) أبواب (عن) عبد الله بن عبيد الله (بن أبي مليكة) زهير بن عبد الله بن جدعان التيمي المكي، ثقة، من (3) روى عنه في (20) بابا (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة ابن أبي مليكة لأبي الأحوص (قال) عبد الله: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت
مُتَّخِذًا خَلِيلًا لاتَّخَذتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ خَلِيلًا".
6020 -
(00)(00) حدثنا عُثمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. (قَال إِشحَاقُ: أَخبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا) جَرِيرٌ، عَن مُغِيرَةَ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَن عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي الْهُذَيلِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَوْ كُتتُ مُتَّخِذًا مِن أَهْلِ الأَرْضِ خَلِيلًا، لاتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ خَلِيلًا، وَلكِنْ صَاحِبُكُمْ خَلِيلُ اللهِ".
6021 -
(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويةَ وَوَكِيعٌ
ــ
متخدًا خليلًا) من أمتي (لاتخذت) عبد الله بن عثمان أبي بكر (ابن أبي قحافة خليلًا).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال:
6020 -
(00)(00)(حدثنا عثمان بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (وزهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (وإسحاق بن إبراهيم) بن راهويه الحنظلي المروزي (قال إسحاق: أخبرنا وقال الآخران: حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي، ثقة، من (8)(عن مغيرة) بن مقسم الضبي الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (8) أبواب (عن واصل بن حيان) بفتح المهملة والياء المشددة الأسدي الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (5) أبواب (عن عبد الله بن أبي الهديل) العبدي الكوفي، ثقة، من (2) روى عنه في (1) باب واحد (عن أبي الأحوص عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة واصل بن حيان لإسماعيل بن رجاء (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلًا لاتخذت) أبا بكر (بن أبي قحافة خليلًا ولكن صاحبكم) يعني نفسه الشريفة (خليل الله) سبحانه وتعالى فلا يقبل خلة غيره تعالى لأنه سبحانه وتعالى لا يحب الشركة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال:
6021 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي، ثقة، من (9)(ووكيع) بن الجراح بن مليح الرؤاسي
ح وَحَدثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخبَرَنَا جَرِيرٌ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. كُلُّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ. ح وَحَدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، (وَاللَّفْظُ لَهُمَا)، قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلا إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُل خِلٍّ مِنْ خِلِّهِ. وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا
ــ
الكوفي، ثقة، من (9)(ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير) بن عبد الحميد (ح وحدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا سفيان) بن عيينة الكوفي المكي (كلهم) أي كل من هؤلاء الأربعة المذكورين يعني أبا معاوية ووكيعًا وجريرًا وسفيان رووا (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي (ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي (وأبو سعيد الأشج) عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (واللفظ) الآتي (لهما) أي لابن نمير وأبي سعيد (قالا: حدثنا وكيع) بن الجراح (حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة) الهمداني الخارفي بمعحمة ثم مهملة مكسورة بعد الألف فاء نسبة إلى خارف بطن من همدان وهو خارف بن عبد الله -كما في اللباب- الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (عن أبي الأحوص) عوف بن مالك (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه. وهذه الأسانيد كلها من سداسياته، غرضه بسوقها بيان متابعة عبد الله بن مرة لعبد الله بن أبي الهذيل وأبي إسحاق السبيعي (قال) عبيد الله:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا) حرف استفتاح وتنبيه أي انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم (إني أبرأ) مضارع برئ من باب فرح أي ألا إني أظهر وأعلن (إلى كل خل) أي إلى كل من يزعم أني اتخذته خليلًا أي أظهر وأعلن وأخبر له براءتي (من خله) وصداقته، والخل الأول بكسر الخاء باتفاق الرواة لأنه بمعنى الخليل، والخل الثاني أيضًا بكسرها عند أكثرهم، وذكر ابن الأثير أنه روي بكسر الخاء وفتحها فهو على الوجهين بمعنى الخلة بضم الخاء التي هي الصداقة.
قال القرطبي: والخلة بكسر الخاء لا غير كما قال القاضي والخل بفتحها وكسرها، والمخاللة والمخالة والخلالة والخلولة الإخاء والصداقة اهـ مفهم. قال في المرشد: والمعنى أي أتبرؤ من صداقة كل من يزعم أني اتخذته خليلًا وصديقًا.
(ولو كنت متخذًا خليلًا) أي لو جاز لي أن أتخذ صديقًا من الخلق تتخلل محبته في
لاتَّخَذْتُ أَبا بَكرٍ خَلِيلًا. إِن صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ".
6022 -
(2363)(118) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عُثمَانَ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ
ــ
باطني وقلبي ويكون مطلعًا على سري (لاتخذت أبا بكر خليلًا) لكن محبوبي بهذه الصفة هو الله تعالى لا غير، وقد يكون الخليل بمعنى المحتاج إليه من الخلة بمعنى الحاجة والمعنى عليه، ولو جاز لي أن أتخذ خليلًا أي محتاجًا إليه أرجع إليه في حوائجي، وأعتمد عليه من مهماتي لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن اعتمادي في جميع الأمور على الله سبحانه وهو سبحانه ملجئي وملاذي. والمراد بقوله:(إن صاحبكم خليل الله) يريد نفسه؛ أن صاحبكم قد اتخذ الله خليلًا فليس له أن يتخذ غيره خليلًا احترازًا عن الشركة، لكن المتبادر إلى الأفهام أن الله اتخذ صاحبكم خليلًا فيجب عليه أن ينقطع إليه فكيف يتخذ غيره خليلًا، وعلى الثاني يفهم من الحديث أن الله تعالى قد اتخذ نبينا صلى الله عليه وسلم خليلًا كما اتخذه حبيبًا، والخلة ليست مخصوصة بإبراهيم عليه السلام بل حاصلة لنبينا صلى الله عليه وسلم بأكمل وجه وأتم مقام، ولا يخفى ما في هذا الحديث من الدلالة على فضل أبي بكر الصديق وأنه يصلح أن يكون خليلًا له صلى الله عليه وسلم لو جاز له أن يتخذ خليلًا سوى الله تعالى، وهل يعقل في العقل ويتصور في النقل درجة فوق هذا اهـ من مرشد ذوي الحاجة على ابن ماجه.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أنس بن مالك بحديث عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما فقال:
6022 -
(2363)(118)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير التميمي النيسابوري (أخبرنا خالد بن عبد الله) بن عبد الرحمن الطحان المزني مولاهم أبو الهيثم الواسطي، ثقة، من (8) روى عنه في (7) أبواب (عن خالد) بن مهران المجاشعي مولاهم أبي المنازل البصري الحذاء، ثقة، من (5) روى عنه في (14) بابا (عن أبي عثمان) النهدي عبد الرحمن بن مل -بتثليث الميم- بن عمرو بن عدي الكوفي، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (11) بابا (أخبرني عمرو بن العاص) بن وائل السهمي الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه) أي
عَلَي جَيشِ ذَاتِ السَّلاسِلِ. فَأَتَيتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيكَ؟ قَال: "عَائِشَةُ" قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَال: "أَبُوهَا" قُلتُ: ثُم مَنْ؟ قَال: "عُمَرُ" فَعَدَّ رِجَالًا
ــ
أمره (على جيش) غزوة (ذات السلاسل) هو ماء لبني جذام بناحية الشام (فأتيته) صلى الله عليه وسلم (فقلت) له (أي الناس أحب إليك) أي أشد محبوبية عندك (قال) أحبهم إلي (عائشة قلت: من الرجال قال): أحبهم إلي (أبوها، قلت: ثم من) أحبهم إليك (قال عمر): فسألته غيرهم (فعد) لي (رجالًا) غير هؤلاء المذكورين فتركته مخافة أن يجعلني أخيرًا.
قوله: (ذات السلاسل) بفتح السين جمع سلسلة، قيل: سميت بذلك لأن المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض مخافة أن يفروا، وقيل: لأن بها ماء يقال له السلسل وذكر ابن سعد أنها وراء وادي القرى وبينها وبين المدينة عشرة أيام، وقيل: سمي المكان بذلك لأنه كان به رمل بعضه على بعض كالسلسلة وكانت هذه الغزوة سنة سبع، ونقل ابن عساكر الاتفاق على أنها كانت بعد غزوة مؤتة وحورب فيها بنو لحم وحذام. قوله:(أي الناس أحب إليك) ووقع عند ابن سعد بسبب هذا السؤال أنه وقع في نفس عمرولما أمَّره النبي صلى الله عليه وسلم على الجيش وفيهم أبو بكر وعمر أنه مقدم عنده في المنزلة عليهم فسأله لذلك اهـ. وفي القرطبي: سبب هذا السؤال أنه أخرجه الحرص على معرفة الأحب إليه ليقتدي به صلى الله عليه وسلم في ذلك فيحب من أحبه فإن المرء يكون مع من أحب اهـ من المفهم. قوله في الجواب: (عائشة) يدل على جواز ذكر مثل ذلك وأنه لا يعاب على من ذكره إذا كان المقول من أهل الخير والدين ويقصد بذلك مقاصد الصالحين، وإنما بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بذكر محبة عائشة أولًا لأنها محبة جبلية ودينية وغيرها دينية لا جبلية فقدم الأصل على الطارئ. قوله:(أبوها ثم عمر) يدل على تفاوت ما بينهما في الرتبة والفضيلة وهو يدل على صحة ما ذهب إليه أهل السنة اهـ من المفهم. قوله: (فعد رجالًا) زاد البخاري في المغازي: فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم. والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 203] والبخاري في فضائل الصحابة باب قوله: لو كنت متخذًا خليلًا [3662] وفي المغازي باب غزوة ذات السلاسل [4358] والترمذي في المناقب باب فضل عائشة رضي الله عنها [3885].
6023 -
(2364)(119) وحدثني الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلوَانِي. حَدَّثَنَا جَعفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَن أَبِي عُمَيسٍ. ح وَحَدثَنَا عَبدُ بْنُ حُمَيدٍ، (وَاللفظُ لَهُ)، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَونٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيسٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكَةَ. سَمِعْتُ عَائِشَةَ، وَسُئِلَتْ: مَنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَخْلِفًا لَو استَخلَفَهُ؟ قَالتْ: أَبُو بَكْرٍ. فَقِيلَ لَهَا: ثُم مَنْ بَعْدَ أَبِي بَكر؟ قَالتْ: عُمَرُ. ثُم قِيلَ لَهَا: مَنْ بَعْدَ عُمَرَ؟ قَالتْ: أَبُو عُبَيدَةَ بْنُ الجَراحِ. ثُم انْتَهَت إِلَى هَذَا
ــ
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث أنس بحديث عائشة رضي الله عنهما فقال:
6023 -
(2364)(119)(وحدثني الحسن بن علي) بن محمد بن علي الهذلي أبو علي الخلال (الحلواني) المكي، ثقة، من (11) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا جعفر بن عون) بن جعفر المخزومي الكوفي، صدوق، من (9) روى عنه في (7) أبواب (عن أبي عميس) عتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (7) أبواب (ح وحدثنا عبد بن حميد) بن نصر الكسي (واللفظ له أخبرنا جعفر بن عون أخبرنا أبو عميس عن) عبد الله بن عبيد الله (بن أبي مليكة) زهير بن جدعان التيمي أبي بكر المكي، ثقة، من (3) روى عنه في (20) بابا، قال:(سمعت عائشة) رضي الله عنها. وهذا السند من خماسياته (و) الحال أنها (سئلت) ولم أر من ذكر اسم هذا السائل لها (من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفًا) عنه (لو استخلفه قالت) هو (أبو بكر، فقيل لها ثم من) يستخلفه (بعد أبي بكر قالت) هو (عمر، ثم قيل لها من) يستخلفه (بعد عمر، قالت) هو (أبو عبيدة) عامر بن عبد الله (بن الجراح) الفهري المدني (ثم انتهت) عائشة (إلى هذا) أي وقفت على هذا؛ يعني أبا عبيدة ولم تجاوزه، وفيه دليل لأهل السنة في تقديم أبي بكر، ثم عمر للخلافة مع إجماع الصحابة اهـ نووي.
قال القرطبي: وقول عائشة رضي الله عنها في جواب السائل (أبو بكر ثم عمر ثم أبو عبيدة) قالته عن نظرها وظنها لا أن ذلك كان بنص عندها عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولعلها استندت في عمر وأبي عبيدة لقول أبي بكر يوم السقيفة: رضيت لكم أحد هذين الرجلين عمر وأبي عبيدة. وفي حق أبي عبيدة شهادة النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أمين هذه الأمة، ولذلك قال عمر رضي الله عنه حين جعل الأمر شورى: لو أن أبا
6024 -
(2365)(120) حدثني عَبَّادُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنَا إِبرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. أَخبَرَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمدِ بْنِ جُبَيرِ بنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أبِيهِ؛ أَنَّ امرَأَةً سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيئًا. فَأَمَرَهَا أَنْ تَرجِعَ إِلَيهِ. فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أرَأَيتَ إِنْ جِئْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ؟ -قَال أَبِي: كَأَنهَا تَعْنِي الْمَوْتَ- قَال:
ــ
عبيدة حي لما تخالجني فيه شك، فلو سألني ربي عنه قلت: سمعت نبيك يقول: لكل أمة أمين وأميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح متفق عليه، ويفهم من قول عمر وعائشة جواز انعقاد الخلافة للفاضل مع وجود الأفضل فإن عثمان وعليًّا رضي الله عنهما أفضل من أبي عبيدة رضي الله عنه بالاتفاق ومع ذلك فقد حكما بصحة إمامته عليهما أن لو كان حيًّا اهـ من المفهم.
وانفرد المؤلف بهذا الحديث عن أصحاب الأمهات.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث أنس بحديث جبير بن مطعم رضي الله عنهما فقال:
6024 -
(2365)(120)(حدثني عباد بن موسى) الختلي -بضم المعجمة وفتح المثناة المشددة- نسبة إلى ختل كورة خلف جيحون، أبو محمد البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (أخبرني أبي) سعد بن إبراهيم، ثقة، من (5) روى عنه في (13) بابا (عن محمد بن جبير بن مطعم) بن عدي بن نوفل القرشي النوفلي أبي سعيد المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (عن أبيه) جبير بن مطعم الصحابي المشهور رضي الله عنه، روى عنه في (3) أبواب. وهذا السند من خماسياته (أن امرأة) قال الحافظ في الفتح [7/ 24] برقم (3659) لم أقف على اسمها ولم يعينها النووي ولا الأبي (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا) من حاجتها (فأمرها) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن ترجع إليه) صلى الله عليه وسلم مرة ثانية ليقضي حاجتها (فقالت) المرأة:(يا رسول الله أرأيت) أي أخبرني ماذا أفعل (أن جئت) إليك (فلم أجدك) يا رسول الله قال محمد بن جبير (قال) لنا (أبي) جبير بن مطعم (كأنها) أي كان المرأة (تعني) وتريد في سبب عدم وجدان النبي صلى الله عليه وسلم (الموت) أي موته صلى الله عليه وسلم عندما رجعت فـ (قال) لها رسول الله صلى الله عليه
"فَإِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأتِي؟ أبا بَكْرٍ".
6025 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ حَجاجُ بْنُ الشاعِرِ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
ــ
وسلم: (فإن) رجعت و (لم تجديني فأتي أبا بكر) الصديق فإنه يقضي حاجتك. قوله: (قال أبي كأنها تعني الموت) قائله محمد بن جبير بن مطعم، والمراد أن أبي وهو جبير بن مطعم فسر قول المرأة فإن لم أجدك بأنها أرادت أنها إن أتت بعد وفاته صلى الله عليه وسلم إلى من ترجع حينئذٍ. قوله:(فأتي أبا بكر) وهذا الحديث كأنه صريح في أن أبا بكر رضي الله عنه هو الذي يتولى الخلافة بعده صلى الله عليه وسلم، وفيه رد على زعم الشيعة في أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف عليًّا رضي الله عنه، وروى الطبري من حديث عصمة بن مالك قال: قلنا يا رسول الله إلى من ندفع صدقات أموالنا بعدك؟ قال: "إلى أبي بكر" ولكن إسناده ضعيف، وروى الإسماعيلي في معجمه من حديث سهل بن أبي حثمة قال: بايع النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيًّا فسأله إن أتى عليه أجله من يقضيه دينه، فقال: أبو بكر، ثم سأل من يقضيه بعده، قال: عمر. وأخرجه الطبراني في الأوسط كذا في فتح الباري [7/ 24].
قال القرطبي: (قوله صلى الله عليه وسلم للمرأة إن لم تجديني فأتي أبا بكر) زعم من لا تحقيق عنده من المتاخرين أن هذا نص على خلافة أبي بكر رضي الله عنه وليس كذلك، وإنما يتضمن الخبر بأنه يكون هو الخليفة بعده لكن بأي طريق تنعقد له هل بالنص عليه أو بالاجتهاد هذا هو المطلوب ولم ينص عليه في الحديث.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 82] والبخاري في مواضع منها باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذًا خليلًا [3659] والترمذي في المناقب باب مناقب أبي بكر [3676].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه فقال:
6025 -
(00)(00)(وحدثنيه حجاج) بن يوسف بن حجاج الثقفي أبو محمد البغدادي المعروف بـ (ابن الشاعر) ثقة، من (11) روى عنه في (13) بابا (حدثنا يعقوب بن إبراهيم) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري المدني، ثقة، من (9) روى عنه في (5) أبواب،
حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ. أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيرِ بْنِ مُطْعِمٍ؛ أن أبَاهُ جُبَيرَ بْنَ مُطعِم أَخبَرَهُ؛ أَنَّ امرَأَةَ أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيءٍ. فَأَمَرَهَا بِأَمْرٍ، بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى.
6026 -
(2366)(121) حدثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيسَانَ، عَنِ الزُّهْرِي، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: قَال لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فِي مَرَضِهِ: "ادْعِي لِي أبا بَكْرٍ وَأَخَاكِ،
ــ
قال: (حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد، ثقة، من (8)(عن أبيه) سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (13) بابا، قال سعد بن إبراهيم (أخبرني محمد بن جبير بن مطعم) بن عدي القرشي المدني، ثقة، من (3)(أن أباه جبير بن مطعم) بن عدي القرشي النوفلي رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يعقوب بن إبراهيم لعباد بن موسى (أخبره) أي أخبر لمحمد بن جبير (أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته) صلى الله عليه وسلم (في شيء) من حوائجها (فأمرها) النبي صلى الله عليه وسلم (بأمر) أي بأن ترجع إليه مرة ثانية لقضاء حاجتها، وساق يعقوب بن إبراهيم (بمثل حديث عباد بن موسى).
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى سادسًا لحديث أنس بحديث آخر لعائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
6026 -
(2366)(121)(حدثنا عبيد الله بن سعيد) بن يحيى اليشكري النيسابوري، ثقة، من (10) روى عنه في (8)(حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي، ثقة، من (9) روى عنه في (19) بابا (أخبرنا إبراهيم بن سعد) الزهري المدني، ثقة، من (8)(حدثنا صالح بن كيسان) الغفاري أبو محمد المدني، ثقة، من (4) روى عنه في (5) أبواب (عن) محمد بن مسلم (الزهري) المدني، ثقة حجة إمام، من (4) روى عنه في (23) بابا (عن عروة) بن الزبير الأسدي المدني (عن عائشة) رضي الله عنها. وهذا السند من سباعياته (قالت) عائشة:(قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه) الذي توفي فيه (ادعي لي أبا بكر أباك وأخاك) عبد الرحمن بن
حَتى أَكْتُبَ كِتَابًا. فَإِنِّي أَخَافُ أَن يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولُ قَائِلٌ: أنا أَوْلَى. ويأبى اللهُ وَالمُؤْمِنُونَ إِلا أَبا بَكْرٍ"
ــ
أبي بكر (حتى أكتب كتابًا) أي لكي أكتب كتابًا في وصية الاستخلاف (فإني أخاف أن يتمنى) ويطمع في الخلافة (متمن) من الناس أي طامع لا يستحقها (و) أن (يقول قائل) منهم (أنا أولى) وأحق بالخلافة من غيري لكوني أقرب الناس إلى الرسول صلى الله عليه وسلم نسبًا (و) لكن (يأبى الله) سبحانه وتعالى (والمؤمنون) من خلافة ذلك المتمني والقائل أنا أولى بها (إلا أبا بكر) أي إلا خلافته، قال النووي: في هذا الحديث دلالة ظاهرة على فضل أبي بكر، وفيه إخبار منه صلى الله عليه وسلم بما سيقع في المستقبل بعد وفاته، وأن المسلمين يأبون عقد الخلافة لغيره، وفيه إشارة إلى أنه سيقع نزاع فيها، ووقع كل ذلك كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم وأشار إليه. قوله:(ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر) دليل صريح على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يود استخلاف أبي بكر الصديق رضي الله عنه ثم ترك التصريح بذلك ليقيم سنة الشورى بين المسلمين، وكان يعرف أن المسلمين لا يتفقون إلا على أبي بكر رضي الله عنه.
قال القرطبي: وهذا الحديث ليس نصا في استخلافه، وإنما يدل على إرادة استخلافه ولم ينص عليه ألا ترى أنه لم يكتب ولم ينص، والحاصل أن هذه الأحاديث ليست نصوصًا في استخلافه لكنها ظواهر قوية إذا انضاف إليها استقراء ما في الشريعة مما يدل على ذلك المعنى من علم استحقاقه للخلافة وأن انعقادها له ضرورة شرعية والقادح في خلافته مقطوع بخطئه وتفسيقه وهل يكفر أم لا؟ مختلف فيه، والأظهر تكفيره لمن استقرأ ما في الشريعة مما يدل على استحقاقه لها وأنه أحق وأولى بها سيما وقد انعقد إجماع الصحابة على ذلك، ولم يبق مخالف في شيء مما جرى هنالك.
وكانت وفاة أبي بكر رضي الله عنه على ما قاله ابن إسحاق يوم الجمعة لسبع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، وقال غيره: إنه مات عشية يوم الإثنين، وقيل: عشية يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الأخيرة، وهذا قول أكثرهم، قال ابن إسحاق: وتوفي على رأس سنتين وثلاثة أشهر واثنتي عشرة ليلة من متوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال غيره: وعشرة أيام، وقيل: وعشرين يومًا، ومكث في خلافته سنتين وثلاثة أشهر إلا خمس ليال، وقيل: وثلاثة أشهر وسبع ليال، واختلف في سبب
6027 -
(2367)(122) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ المَكِّي. حَدَّثنَا مَروَانُ بْنُ مُعَاوَيةَ الفَزَارِيُّ، عَنْ يَزِيدَ، (وَهُوَ ابنُ كَيْسَانَ)، عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشجَعِي، عَن أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟ " قَال أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَال: "فَمَنْ تَبعَ مِنكُمُ اليَوْمَ جَنَازَةً؟ " قَال أَبُو بَكرٍ: أَنا. قَال: "فَمَن أَطعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ " قَال أَبُو بَكرٍ: أَنا. قَال: "فَمَنْ عَادَ مِنكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟ " قَال أَبُو بَكرٍ: أَنَا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا اجْتَمَعْنَ فِي امرِئ إِلا دَخَلَ الْجَنةَ"
ــ
موته، فقال الواقدي: إنه اغتسل في يوم بارد فحم ومرض خمسة عشر يومًا، وقال الزبير بن بكار: كان به طرف من السل، وروى عن سلام بن أبي مطيع أنه سم والله أعلم، وقد تقدم أنه مات وهو ابن ثلاث وستين سنة اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 144] والبخاري في المرض برقم [5666] وفي الأحكام برقم [7217].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى سابعًا لحديث أنس بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما فقال:
6027 -
(2367)(122)(حدثنا محمد) بن يحيى (بن أبي عمر) العدني (المكي حدثنا مروان بن معاوية) بن الحارث بن أسماء (الفزاري) الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (13) بابا (عن يريد وهو ابن كيسان) اليشكري الكوفي، صدوق، من (6) روى عنه في (6) أبواب (عن أبي حازم) سلمان (الأشجعي) مولى عزة الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أبو هريرة:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصبح منكم اليوم صائمًا، قال أبو بكر: أنا) الصائم (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟ قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعت) هذه الأمور الأربعة (في امرئ) وامرأة (إلا دخل الجنة) ظاهره أن من اجتمع له فعل هذه الأبواب في يوم واحد دخل الجنة فإنه قال فيها كلها اليوم اليوم، ولما أخبره
6028 -
(2368)(123) حدثني أَبُو الطاهِرِ أَحمَدُ بْنُ عَمرِو بْنِ سَرْحٍ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. قَالا: أَخبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بَينَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً لَهُ، قَدْ حَمَلَ عَلَيهَا،
ــ
أبو بكر أنه فعل تلك الأمور كلها في ذلك اليوم بشره بأنه من أهل الجنة لأجل تلك الأمور، والمرجو من كرم الله تعالى أن من اجتمعت له تلك الأعمال في عمره وإن لم تجتمع له في يوم واحد أن يدخله الله الجنة بفضله ووعده الصادق، والمراد أنه دخل الجنة بلا محاسبة والا فمجرد الإيمان يكفي في دخولها أو المعنى دخل الجنة من أي أبواب الجنة شاء. والحديث يدل على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من التفقد لأحوال أصحابه وإرشادهم إلى فعل الخير على اختلاف أنواعه وعلى ما كان عليه أبو بكر من الحرص على فعل جميع أنواع الطاعات وتتبعه أبوابها واغتنام أوقاتها وكأنه ما كان له هم إلا في طلب ذلك والسعي في تحصيل ثوابه اهـ من المفهم.
والحديث قد سبق تخريجه للمؤلف أيضًا في كتاب الزكاة باب من جمع الصدقة وأعمال البر وقد مر شرحه هنالك. وهو مما انفرد به الإمام مسلم كما مر هناك.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثامنًا لحديث أنس بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما فقال:
6028 -
(2368)(123)(حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح) الأموي المصري (وحرملة بن يحيى) بن عبد الله التجيبي (قالا: أخبرنا) عبد الله (بن وهب) القرشي المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري، قال:(حدثني سعيد بن المسيب) بن حزن القرشي المخزومي أبو محمد المدني، ثقة، من (2) روى عنه في (17) بابا (وأبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (14) بابا (أنهما سمعا أبا هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينما رجل) ممن كان قبلكم (يسوق) قدامه (بقرة) كائنة (له) والحال أنه (قد حمل عليها) حمولة استظهر البخاري أن هذه القصة وقعت لرجل من بني إسرائيل بدليل ذكرها في (باب ما ذكر عن بني إسرائيل)
الْتَفَتَتْ إِلَيهِ الْبَقَرَةُ فَقَالتْ: إِني لَم أُخلَق لِهذَا. وَلَكِني إِنمَا خُلِقتُ لِلحَرثِ". فَقَال الناسُ: سُبْحَانَ اللهِ، تَعَجُّبًا وَفَزَعًا. أَبَقَرَةٌ تَكَلَّمُ؟ فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَإِني أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكرٍ وَعُمَرُ".
قَال أَبُو هُرَيرَةَ:
ــ
ولم أر من سمى ذلك الرجل اهـ قسطلاني (فالتفتت إليه البقرة فقالت) البقرة للرجل: (إني لم أخلق لهذا) أي للحمل، والظاهر أنها تكلمت على طريق خرق العادة (ولكني إنما خلقت للحرث) أي لحرث الأرض (فقال الناس) الحاضرون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (سبحان الله) أي تنزيهًا لله الذي كلم البقرة من كل النقائص (تعجبًا) من كلام البقرة (وفزعًا) أي خوفًا من عذاب الله الذي كلم البقرة (أبقرة تكلم) أي هل بقرة تتكلم، مضارع تفعل الخماسي بحذف إحدى التائين لتوالي الأمثال، والهمزة للاستفهام التعجبي، وبقرة مبتدأ سوغ الابتداء بالنكرة كونه خرقًا للعادة وتقدم الاستفهام عليه، وجملة تكلم خبر المبتدأ قالوا ذلك تعجبًا واستغرابًا لا شكًّا وارتيابًا فيما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والعياذ بالله من ذلك (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قالوا ذلك (فإني أومن) وأصدق (به) أي بكلام البقرة (و) يصدق أيضًا (أبو بكر وعمر) رضي الله تعالى عنهما، والفاء في قوله فإني أومن واقعة في جواب شرط محذوف تقديره أي فإن كان الناس يستغربون فإني لا أستغربه وأومن به وأبو بكر وعمر اهـ من المرقاة.
قال الحافظ في الفتح [6/ 518] وهذا محمول على أنه كان أخبرهما فصدقاه أو أطلق ذلك لما اطلع عليه من أنهما يصدقان بذلك إذا سمعاه ولا يترددان فيه. (قلت): والظاهر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك ثقة بهما لما كان يعرف من قوة إيمانهما، وأنهما لا يستغربان ذلك إذا سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بذلك، وفيه فضيلة ظاهرة لهما اهـ.
وقال القرطبي: وفي الحديث دليل على أن البقرة لا يحمل عليها ولا تركب وإنما هي للحرث وللأكل والنسل والرِّسْلِ (اللبن) وفيه ما يدل على وقوع خرق العوائد على جهة الكرامة أو على جهة التنبيه لمن أراد الله به الاستقامة، وفيه ما يدل على علم النبي صلى الله عليه وسلم بصحة إيمان أبي بكر وعمر ويقينهما وأنه كان ينزلهما منزلة نفسه ويقطع على يقينهما، وهذه خصوصية عظيمة ومنزلة رفيعة لهما، و (قال أبو هريرة) أيضًا:
قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بَينَا رَاعٍ فِي غنَمِهِ، عَدَا عَلَيهِ الذئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً. فَطَلَبَهُ الرَّاعيِ حَتى اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ. فَالتَفَتَ إِلَيهِ الذِّئْبُ فَقَال لَهُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَيسَ لَهَا رَاعٍ غَيرِي"؟ فَقَال الناسُ: سُبْحَانَ اللهِ! فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَإِني أُومِنُ بِذَلِكَ. أَنا وَأَبو بَكرٍ وَعُمَرُ"
ــ
(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينا) ظرف كبين زيدت فيه الألف تلازم الإضافة إلى الجمل (راع) مبتدأ سوغ الابتداء بالنكرة قصد الجنس وأعل كقاض (في غنمه) خبر له، وجملة (عدا عليه الذنب) جواب بينا أي وثب الذئب وتعدى عليه أي على الراعي (فأخذ منها) أي من غنمه (شاة) والمعنى بينا وجود الراعي في غنمه تعدى عليه الذئب فأخذ من غنمه شاة (فطلبه) أي فطلب (الراعي) الذئب وأجرى وراءه (حتى استنقذها منه) أي حتى استنقذ الشاة وأخرجها من يد الذئب وخلصها منه (فالتفت إليه) أي إلى الراعي (الذئب فقال) الذئب (له) أي للراعي:(من لها يوم السبع) أي من يتكفل بحفظها ويمنعني عنها يوم يطردك السبع الكبار عنها كالأسد والنمر وتفر منه وبقيت أنا فيها لا راعي لها غيري لفرارك من السبع فأفعل فيها ما أشاء اهـ نووي. وأكثر المحدثين أن السبع بضم الباء، والمراد من يوم السبع يوم تغلب فيه السباع على الغنم، وقال الداودي: المراد من السبع هنا الأسد، والمعنى إذا طرق الأسد على غنمك فتفر أنت منه وأتخلف أنا فيها لا راعي لها غيري وضبطه ابن العربي وغيره بسكون الباء، وهو اسم ليوم العيد كان لهم في الجاهلية يشتغلون باللعب واللهو فيغفل الراعي عن غنمه فيتمكن الذئب من الغنم، وأشبه ما قيل في السبع ما حكاه الحربي أن سكون الباء لغة فيه اهـ مفهم.
وقوله: (يوم ليس لها راع غيري) بدل من يوم السبع قاله مبالغة في تمكنه منها، وكأنه قال: من يستنقذ هذه الشاة يوم ينفرد السبع بها ولا يكون معها راع ولا يمنعها منه أحد اهـ مفهم. وقال الحافظ في الفتح [7/ 27] ولم أقف على اسم هذا الراعي، وقد أورد البخاري الحديث في ذكر بني إسرائيل وهو مشعر بأنه عنده ممن كان قبل الإسلام.
(فقال الناس: سبحان الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإني أومن) أي أصدق (بذلك) أي بكلام الذئب (أنا وأبو بكر وعمر) رضي الله تعالى عنهما، وقد وقع كلام الذئب لبعض الصحابة في نحو هذه القصة فروى أبو نعيم في الدلائل من طريق ربيعة بن أوس، عن أنس بن عمرو، عن أهبان بن أوس قال: كنت في غنم لي فشد
6029 -
(00)(00) وحدثني عَبْدُ المَلِك بْنُ شُعَيبِ بْنِ اللَّيثِ. حَدَّثَنِي أبِي، عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيلُ بنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، قِصَّةَ الشاةِ وَالذئْبِ. وَلَمْ يَذْكُرْ قِصةَ الْبَقَرَةِ
ــ
الذئب على شاة منها فصحت عليه فأقمى الذئب على ذنبه يخاطبني وقال: من لها يوم تشتغل عنها تمنعني رزقًا رزقنيه الله تعالى فصفقت بيدي وقلت: والله ما رأيت شيئًا أعجب من هذا! فقال: أعجب من هذا، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين هذه النخلات يدعو إلى الله تعالى، قال: فأتى أهبان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره وأسلم، فيحتمل أن يكون أهبان لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كان أبو بكر وعمر حاضرين، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وأبو بكر وعمر غائبان فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:"فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر" وقد تقدمت هذه الزيادة في هذه القصة من وجه آخر عن أبي سلمة في المزارعة، وفيه قال أبو سلمة: وما هما يومئذٍ في القوم أي عند حكاية النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لما أطلع عليه من غلبة صدق إيمانهما وقوة يقينهما وهذا أليق بدخوله في مناقبهما اهـ منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 245 - 246] والبخاري في مواضع كثيرة منها في الأنبياء باب ما ذكر في بني إسرائيل [3471] والترمذي في المناقب باب مناقب أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما [7677] وباب مناقب عمر بن الخطاب [3695].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
6029 -
(00)(00)(وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث) بن سعد الفهمي المصري، ثقة، من (11) روى عنه في (8) أبواب (حدثني أبي) شعيب بن الليث الفهمي المصري، ثقة، من (10) روى عنه في (3) أبواب (عن جدي) ليث بن سعد، ثقة إمام ثبت إمام ثبت فقيه، قرين مالك، روى عنه في (15) بابا (حدثني عقيل بن خالد) الأموي المصري، ثقة، من (6)(عن ابن شهاب بهذا الإسناد) يعني عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة، غرضه بيان متابعة عقيل ليونس، وساق عقيل (قصة الشاة والذئب و) لكن (لم يذكر) عقيل (قصة البقرة).
6030 -
(00)(00) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الحَفَرِي، عَنْ سُفْيَانَ. كِلاهُمَا عَن أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأعرَجِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِي. وَفِي حَدِيثِهِمَا ذِكْرُ الْبَقَرَةِ وَالشاةِ مَعًا، وَقَالا فِي حَدِيثِهِمَا:"فَإِني أُومِنُ بِهِ أَنا وَأَبو بَكْرٍ وَعُمَرُ" وَمَا هُمَا ثَمَّ.
6031 -
(00)(00) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6030 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن عباد) بن الزبرقان المكي، صدوق، من (10)(حدثنا سفيان بن عيينة ح وحدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري، ثقة، من (11) روى عنه في (11) بابا (حدثنا أبو داود) عمر بن سعد بن عبيد (الحفري) بفتحتين نسبة إلى الحفر موضع بالكوفة الكوفي، ثقة، من (9) روى عنه في (4) أبواب (عن سفيان) بن سعيد الثوري (كلاهما) أي كل من السفيانين رويا (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز المدني (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني (عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذان السندان الأول منهما من سداسياته، والثاني من سباعياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة أبي الزناد ليونس بن يزيد كما أشار إليه بقوله، وساق أبو الزناد (بمعنى حديث يونس عن الزهري) ولكنها متابعة ناقصة بمرتبتين (وفي حديثهما) أي وفي حديث السفيانين (ذكر) قصة (البقرة والشاة معًا) أي جميعًا (وقالا) أي وقال السفيانان (في حديثهما) أي في روايتهما (فإني أومن به أنا وأبو بكر وعمر) مع زيادة لفظة (وما هما) أي العمران (ثم) أي في ذلك المجلس أي قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، والحال أن العمرين غير حاضرين تنبيهًا على ثقة الرسول صلى الله عليه وسلم بهما حتى في غيبتهما.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
6031 -
(00)(00) (وحدثناه محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعبَةُ. ح وَحَدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ. كِلاهُمَا عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَن أبِي سَلَمَةَ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم
ــ
محمد بن جعفر حدثنا شعبة ح وحدثنا محمد بن عباد) بن الزبرقان المكي (حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر) بن كدام بن زهير الهلالي الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (9) أبواب كلاهما) أي كل من شعبة ومسعر رويا (عن سعد بن إبراهيم) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (13) بابا (عن) عمه (أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذان السندان من سداسياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة سعد بن إبراهيم لابن شهاب.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث تسعة: الأول: حديث أنس بن مالك ذكره للاستدلال به على الترجمة، والثاني: حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث: حديث ابن مسعود ذكره للاستشهاد وذكر فيه أربع متابعات، والرابع: حديث عمرو بن العاص ذكره للاستشهاد، والخامس: حديث عائشة ذكره للاستشهاد، والسادس: حديث جبير بن مطعم ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والسابع: حديث عائشة الثاني ذكره للاستشهاد، والثامن: حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد، والتاسع: حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات.
* * *