المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌705 - (19) باب فضائل الحسن والحسين وفضائل أهل البيت وفضائل زيد بن حارثة وابنه أسامة وفضائل عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهم أجمعين - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌687 - (1) باب كونه صلى الله عليه وسلم مختارًا من خيار الناس، وتسليم الحجر عليه وتفضيله على جميع الخلق، وبعض معجزاته، وتوكله

- ‌ كتاب فضائل النبي صلى الله عليه وسلم وفواضله عليه الصلاة والسلام

- ‌688 - (2) باب بيان مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم وشفقته على أمته وذكر كونه خاتم النبيين وذكر إذا أراد الله رحمة أمة قبض نبيها قبلها

- ‌689 - (3) باب إثبات حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبيان قدره وصفته وكيزانه

- ‌690 - (4) - باب قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته، وكونه أجود الناس، وكونه أحسنهم خلقًا، وما سُئل شيئًا وقال: "لا" قط، وكثرة عطائه

- ‌691 - (5) باب رحمته صلى الله عليه وسلم للصبيان والعيال، وكثرة حيائه، وتبسمه، وأمر سواق مطايا النساء بالرفق بهن، وتبرك الناس به صلى الله عليه وسلم

- ‌692 - (6) باب بعداه صلى الله عليه وسلم من الإثم واختياره أيسر الأمور وانتقامه لله تعالى وطيب رائحته ولين مسه وطيب عرقه والتبرك به وعرقه حين يأتيه الوحي وبيان كيفية إتيانه

- ‌693 - (7) باب في سدله وفرقه شعره وقده وصفة شعره وفمه وعينيه وعقبيه ولونه وشيبه صلى الله عليه وسلم

- ‌694 - (8) باب إثبات خاتم النبوة وصفة النبي صلى الله عليه وسلم ومبعثه وكم سنه حين قُبض وكم أقام بمكة وبالمدينة وفي أسمائه وكونه أشد الناس علمًا بالله وخشية له تعالى ووجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم

- ‌695 - (9) باب ترك الإكثار من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم توقيرًا له ووجوب امتثال ما فعله شرعًا في الدين دون ما ذكره رأيًا من معايش الدنيا وفضل النظر إليه وتمنيه

- ‌ كتاب فضائل بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفضائل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين

- ‌696 - (10) باب في فضائل عيسى وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام

- ‌697 - (11) باب فضائل موسى، وفضائل يونس، وفضائل يوسف، وفضائل زكريا عليهم الصلاة والسلام

- ‌698 - (12) باب فضائل الخضر عليه السلام

- ‌ أبواب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌699 - (13) الأول منها باب فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌700 - (14) والثاني منها باب فضل عمر رضي الله عنه

- ‌701 - (15) والثالث منها باب فضل عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه وأرضاه

- ‌702 - (16) والرابع منها باب فضائل علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه

- ‌703 - (17) الباب الخامس منها باب فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌704 - (18) والباب السادس منها باب فضائل طلحة والزبير وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌705 - (19) باب فضائل الحسن والحسين وفضائل أهل البيت وفضائل زيد بن حارثة وابنه أسامة وفضائل عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌706 - (20) والباب الثامن منها باب فضائل خديجة الكبرى رضي الله تعالى عنها وأرضاها

- ‌707 - (21) والباب التاسع منها باب فضل عائشة رضي الله تعالى عنها

- ‌708 - (22) والباب العاشر منها باب فضائل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء العالمين رضي الله تعالى عنها وأرضاها

- ‌709 - (23) والحادي عشر منها باب من فضائل أم سلمة وزينب وأم أيمن وأم سليم رضي الله تعالى عنهن

- ‌زينب أم المؤمنين

- ‌أم أيمن

- ‌أم سليم

- ‌710 - (24) والباب الثاني عشر منها باب فضائل أبي طلحة الأنصاري وبلال وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌فضائل بلال

- ‌فضائل ابن مسعود

- ‌711 - (25) والثالث عشر منها باب‌‌ فضائل أُبي بن كعبوزيد بن ثابت وسعد بن معاذ وأبي دجانة وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌ فضائل أُبي بن كعب

- ‌فضائل زيد بن ثابت

- ‌فضائل سعد رضي الله عنه

- ‌فضائل أبو دجانة

- ‌فضائل أبي جابر

الفصل: ‌705 - (19) باب فضائل الحسن والحسين وفضائل أهل البيت وفضائل زيد بن حارثة وابنه أسامة وفضائل عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهم أجمعين

‌705 - (19) باب فضائل الحسن والحسين وفضائل أهل البيت وفضائل زيد بن حارثة وابنه أسامة وفضائل عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهم أجمعين

6101 -

(2401)(156) حدَّثني أحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ. حَدَّثَنِي عُبَيدُ اللهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ نَافِعِ بن جُبَيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَال لِحَسَنٍ:"اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ، فَأَحِبَّهُ وَأَحْبِبْ مَنْ يُحِبُّهُ"

ــ

705 -

(19) باب فضائل الحسن والحسين وفضائل أهل البيت وفضائل زيد بن حارثة وابنه أسامة وفضائل عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهم أجمعين

ثم استدل المؤلف على الجزء الأول من الترجمة وهو فضائل الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب رضي الله عنهم فقال:

6101 -

(2401)(156)(حدثني أحمد) بن محمد (بن حنبل) بن هلال بن أسد الشيباني المروزي، ثقة حجة، من (10) روى عنه في (10) أبواب، وحنبل بالحاء والنون والباء هو القصير الذي تداخل بعضه في بعض، وأقصر منه حنتل بالحاء والنون والتاء المثناة فوق وكلاهما مستقبح اهـ من المفهم [6/ 139](حدثنا سفيان بن عيينة حدثني عبيد الله بن أبي يزيد) المكي مولى آل قارظ بن شيبة، ثقة، من (4) روى عنه في (5) أبواب (عن نانع بن جبير) بن مطعم النوفل أبي محمد المدني، ثقة، من (2) روى عنه في (10) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته (أنه) صلى الله عليه وسلم (قال لحسن) بن علي أي قال في شأنه:(اللهم إني أحبه) أي أحب هذا الولد، فعل مضارع مسند إلى المتكلم (فأحبه) يا رب فعل أمر دعاء للمخاطب (وأحبب) يا رب، أمر مسند إلى المخاطب مع فك الإدغام؛ فرارًا من التقاء الساكنين (من يحبه) مضارع مسند إلى الغائب.

قال: (ط): أصح ما قيل في الحسن أنه وُلد سنة ثلاث من الهجرة والحسين سنة أربع، قال الواقدي: حملت به فاطمة بعد وضع الحسن بخمسين ليلة، ومات الحسن مسمومًا رضي الله عنه وأرضاه في شهر ربيع الأول سنة خمسين بعدما مضى من خلافة

ص: 503

6207 -

(57) حدَّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا

ــ

معاوية عشر سنين، ودُفن بالبقيع إلى جنب قبر أمه، وصلى عليه سعيد بن العاص وكان أمير المدينة، قدمه الحسين وقال: لولا أنها السنة ما قدمتك، وكان أوصى أن يُدفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أذنت عائشة، فأذنت عائشة فمنع ذلك مروان وبنو أمية، وكان الحسن أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين الصدر والرأس، والحسين أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أسفل من ذلك.

وأما الحسين فكان فاضلًا كثير الصوم والصلاة والحج، حج خمسًا وعشرين حجة ماشيًا، وقال صلى الله عليه وسلم فيه وفي الحسن:"سيدا شباب أهل الجنة" وقال أيضًا: "هما ريحانتاي من الدنيا" وفي أبي داود أنهما دخلا عليه وهو يخطب، فقطع الخطبة ونزل، فأخذهما وصعد بهما المنبر، وقال:"رأيت هذين فلم أصبر عنهما" وقُتل الحسين رضي الله عنه وأرضاه مشة إحدى وستين بموضع من العراق يقال له كربلاء، قرب الكوفة، وكانت قصتهما طويلة فأعرضنا خوفًا من الإطالة لأن كتابنا من المختصرات الضرورية فليس محلها اهـ من المرشد.

قوله: (أنه قال لحسن): وفي رواية قال للحسن أي قال في شأن الحسن، واللام بمعنى في (اللهم إني أحبه) بضم الهمزة وكسر الحاء المهملة من أحب الرباعي أي يا إلهي إني أحب الحسن سبطي (فأحبه) أنت معي، دعاء من أحب الرباعي (وأحب) أيضًا (من يحبه) أي من يحب الحسن، وعبارة السندي على ابن ماجه قوله:(للحسن) أي فيه أو لأجل الدعاء له (أحبه) أي طبعا فتقضي الأوامر الإلهية بوصل ذوي القربى له صلى الله عليه وسلم عمومًا وخصوصًا لقوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ أَجْرًا إلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (فأحبه) أي فأطلب منك لذلك أن تحبه اهـ منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 249]، والبخاري في البيوع باب ما ذكر في الأسواق [2122] وفي اللباس باب السخاب للصبيان [5884]، وابن ماجه في المقدمة باب فضائل الحسن والحسين [142].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6102 -

(00)(00)(حدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا

ص: 504

سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي طَائِفَةٍ مِنَ النهَارِ، لَا يُكَلِّمُنِي وَلَا أكَلِّمُهُ. حَتَّى جَاءَ سُوقَ بَنِي قَينُقَاعَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، حَتَّى أَتَى خِبَاءَ فَاطِمَةَ فَقَال: "أَثَمَّ لُكَعُ؟ أَثَمَّ

ــ

سفيان) بن عيينة (عن عبيد الله بن أبي يزيد) المكي (عن نافع بن جبير) المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة ابن أبي عمر لأحمد بن حنبل (قال) أبو هريرة:(خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد (في طائفة من النهار) أي في قطعة منه، وحكى الكرماني أن في بعض الروايات (في صائفة) بالصاد المهملة بدل طائفة أي في حر النهار يقال يوم صائف أي حار، حالة كونه صلى الله عليه وسلم (لا يكلمني) هو (و) حالة كوني (لا أكلمه) ومشى (حتى جاء سوق بني قينقاع) وفي نون قينقاع الحركات الثلاث وهي سوق معروفة بالمدينة، أضيفت إلى بني قينقاع وهم قبيلة من اليهود، وأما عدم تكليم النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة فلعله كان مشغولًا بذكر أو فكر، وأما عدم تكليم أبي هريرة إياه فللتوقير وللتأدب معه صلى الله عليه وسلم وكان ذلك من دأب الصحابة معه صلى الله عليه وسلم إذا لم يروا منه نشاطًا، وفيه أن ملازمة الشيخ وصحبته لا تخلو من فائدة وإن لم يكن بينه وبين تلميذه كلام (ثم انصرف) ورجع من السوق (حتى أتى خباء فاطمة) وبيتها رضي الله تعالى عنها، والخباء بكسر الخاء وبالمد حجرتها وهي في الأصل الخيمة وهي بيت من بيوت الأعراب ثم استعمل في غيره، وفي رواية البخاري (فجلس بفناء بيت فاطمة) (فقال) لفاطمة:(أَثَمَّ لُكع) بفتح المثلثة والميم المشددة اسم إشارة للمكان البعيد بمعنى هناك ولكن هنا بمعنى ها هنا للقريب أي أههنا الصغير، قال القاضي: واللكع بضم اللام وفتح الكاف بمعنى الغلام الصغير وهو المراد هنا، وقد يستعمل للتحقير وللتجهيل، واللكع أيضًا العبد والوغد من الرجال القليل العقل، ويحتمل أن يريد صلى الله عليه وسلم هذا المعنى على وجه الممازحة لمافي الصغار من قلة الإدراك كأنه قال: يا أحمق، لا على وجه السب بل تقليلًا وقد يكون على القلب أي يا سيدًا كما يقال للجميلة يا قبيحة، وقالوا للغراب: أعور لحدة بصره [قلت]: وقيل يقال: يا لكع لما يدل عليه من الاستصغار استصغار الشفقة والرحمة كالتصغير في يا حميراء اهـ من الأبي، وقوله: (أثم

ص: 505

لُكَعُ؟ " يَعْنِي حَسَنًا. فَظَنَنَّا أَنَّهُ إِنَّمَا تَحْبِسُهُ أُمُّهُ لأَنْ تُغَسِّلَهُ وَتُلْبِسَهُ سِخَابًا، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ يَسْعَى. حَتَّى اعْتَنَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ، فَأَحِبَّهُ وَأَحْبِبْ مَنْ يُحِبُّهُ"

ــ

لكع) مرة ثانية تأكيد للأولى (يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (أثم لكع)(حسنًا) بن علي رضي الله عنهما، والعناية وما بعدها من كلام أبي هريرة (فظننا) أي ظننت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم (أنه) أي أن الشأن والحال (إنما تحبسه) وتؤخره عن الخروج إلينا (أمه) فاطمة رضي الله تعالى عنها (لـ) أجل (أن تغسله) وتنظفه بغسل جسده (و) لأجل أن (تلبسه سخابًا) أي خرزًا، والسخاب بكسر السين وبالصاد أيضًا خيط ينظم فيه خرز ويجعل في عنق الصبيان ويُسمى سخابًا لصوت خرزه عند حركتها واحتكاك بعضها بعضًا من السخب وهو اختلاط الأصوات وارتفاعها ولهذا يُلبس للصغار ليشغلهم صوته وللعب به، وقيل: السخاب من القلائد ما اتخذ من القرنفل والمسك والعود، وشبهه دون الجواهر من الذهب والفضة وغيرهما، وقال النووي: والسخاب بكسر السين المهملة والخاء المعجمة جمعه سخب وهو قلادة من القرنفل والمسك والعود ونحوها من أخلاط الطيب يعمل على هيئة المسبحة ويجعل قلادة للصبيان والجواري اهـ منه. وفيه من الفقه استحباب المحافظة على النظافة وعلى تحسين الصغار وتزيينهم وخصوصًا عند لقاء من يعظم ويُحترم (فـ) بعدما غسلته وألبسته السخاب (لم يلبث) الحسن ولم يتأخر من (أن جاء) إلينا حالة كونه (يسعى) ويجري ويعدو إلينا (حتى اعتنق كل واحد منهما) أي حتى يضع كل واحد من النبي صلى الله عليه وسلم والحسن عنقه على عنق (صاحبه) قال القرطبي: وفي هذا ما يدل على تواضع النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته بالصغار وإكرامه ومحبته للحسن ولا خلاف فيما أحبه في جواز معانقة الصغار كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما الخلاف في معانقة الكبير في حالة السلام وكرهه مالك وأجازه سفيان بن عيينة وغيره، واحتج سفيان على مالك في ذلك بمعانقة النبي صلى الله عليه وسلم جعفرًا لما قدم عليه، فقال مالك: ذلك مخصوص بجعفر، وقال سفيان: ما يخص جعفرًا بل يعمنا، فسكت مالك، ويدل سكوت مالك على أنه ظهر له ما قاله سفيان من جواز ذلك، قال القاضي عياض: وهو الحق حتى يدل دليل على تخصيص جعفر بذلك.

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أحبه فأحبه وأحبب من يحبه) قال

ص: 506

6103 -

(2402)(157) حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَّدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ، (وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ)، حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبِ قَال: رَأَيتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى عَاتِقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَقُولُ:"اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبَّهُ فَأَحِبَّهُ"

ــ

المازري: محبة أهل البيت واجبة من حيث الجملة وخصوصًا من خص صلى الله عليه وسلم على محبته بالتعيين وطلب من الله تعالى أن يحب من يحبه وتلك درجة جعلها الله سبحانه لمن يحبه حقيقة ويلعن باغضهما، وقد ظهرت بركة هذا الدعاء وقبوله بحقن دماء الأمة بسببه وتنزيهه من عرض الدنيا وتسليمه الملك خوف الفتنة وحرصًا على الأمة ونظرًا لدينه اهـ من الأبي.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث البراء رضي الله عنهما فقال:

6103 -

(2402)(157)(حدثنا عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري البصري (حدثنا شعبة عن عدي وهو ابن ثابت) الأنصاري الكوفي، ثقة، من (4) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا البراء بن عازب) الأنصاري الأوسي رضي الله عنه روى عنه في (6) أبواب. وهذا السند من خماسياته (قال) البراء:(رأيت الحسن بن علي) رضي الله عنهما (على عاتق النبي صلى الله عليه وسلم والعاتق ما بين المنكب والعنق، وقيل: هو موضع الرداء من المنكب وهما بمعنى (وهو) صلى الله عليه وسلم (يقول: اللهم إني أحبه فأحبه) قال القرطبي: وفيه حمل الأطفال على الطهارة حتى تتحقق النجاسة فقد يعرق ويصيب جسده وثيابه من بصاقه ورطوبات وجهه ما يبل، ولم يأت عن السلف التحفظ من التحفظ ولا الوسوسة فيه واستحب مالك لأمه أن تصلي في ثوب غير ثوب التربية فإن لم تجد غيره صلت فيه وتغسل ما تحقق اهـ من المفهم، وقال النووي: كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يعملون على مقتضى الحنيفية السمحة فيمشون حفاة في الطين، ويجلسون في الأرض، ويلبسون الثياب الوسخة، ولا يتوسدون، وكل ذلك على غير ما عليه غلاة المتصوفة الآن فإنهم يبالغون في نظافة الظواهر، والبواطن وسخة خراب اهـ.

ص: 507

6104 -

(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَبُو بَكرِ بنُ نَافِعٍ. قَال ابْنُ نَافِعٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ، (وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ)، عَنِ الْبَرَاءِ، قَال: رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعًا الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى عَاتِقِهِ. وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبَّهُ فَأَحِبَّهُ".

6105 -

(2403)(158) حدَّثني عَبْدُ اللهِ بْنُ الرُّومِيُّ، الْيَمَامِيُّ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ. قَالا: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، (وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ)، حَدَّثَنَا إِيَاسٌ،

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 283 - 284]، والبخاري [3749]، والترمذي [3783] في مناقب الحسن والحسين.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث البراء رضي الله عنه فقال:

6104 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن بشار وأبو بكر) محمد بن أحمد (بن نافع) العبدي البصري، صدوق، من (10) روى عنه في (9) أبواب (قال ابن نافع: حدثنا غندر) محمد بن جعفر (حدثنا شعبة عن عدي وهو ابن ثابت عن البراء) بن عازب رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة غندر لمعاذ بن معاذ (قال) البراء:(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه (واضعًا الحسن بن علي على عاتقه وهو) أي والحال أنه صلى الله عليه وسلم (يقول: اللهم إني أحبه فأحبه).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنهما فقال:

6105 -

(2403)(158)(حدثني عبد الله) بن محمد المعروف بـ (ابن الرومي) أبو محمد (اليمامي) نزيل بغداد، صدوق، من (10) روى عنه في (3) أبواب (وعباس بن عبد العظيم) بن إسماعيل بن توبة (العنبري) أبو الفضل المروزي البصري، ثقة حافظ، من (11) روى عنه في (4) أبواب (قالا: حدثنا النضر بن محمد) بن موسى الجرشي -بالجيم المضمومة والشين المعجمة- الأموي مولاهم أبو محمد اليمامي، ثقة، من (9) روى عنه في (8)(حدثنا عكرمة وهو ابن عمار) العجلي الحنفي أبو عمار اليمامي، صدوق، من (5) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا إياس) بن سلمة بن عمر بن الأكوع

ص: 508

عَنْ أَبِيهِ. قَال: لَقَدْ قُدْتُ بِنَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالْحَسَنِ وَالحُسَينٍ، بَغلَتَهُ الشَّهْبَاءَ، حَتَّى أَدْخَلْتُهُمْ حُجْرَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. هَذَا قُدَّامَهُ وَهَذَا خَلْفَهُ.

6106 -

(2404)(159) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيرٍ، (وَاللَّفْظُ لأبَي بَكْرٍ)، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيبَةَ،

ــ

الأسلمي أبو سلمة المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (4) أبواب (عن أبيه) سلمة بن عمر بن الأكوع الأسلمي المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) سلمة: والله (لقد قُدت) من قاد يقود قيادة من باب قال والقيادة إمساك حبل الجمل مثلًا والمشي قدامه سواء كان عليه راكب أو لا، والسوق المشي وراءها أي لقد جررت (بنبي الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين بغلته) صلى الله عليه وسلم (الشهباء) أي البيضاء (حتى أدخلتهم) أي أدخلت الثلاثة وأوصلتهم (حجرة النبي صلى الله عليه وسلم وبيته حالة كون الولدين راكبين معه صلى الله عليه وسلم حالة كون (هذا) أي الحسين مثلًا راكبًا (قدامه) صلى الله عليه وسلم (و) كون (هذا) يعني الحسن مثلًا راكبًا (خلفه) صلى الله عليه وسلم، قال القرطبي: هذا يدل على جواز ركوب ثلاثة على دابة لكن إذا لم يثقلوها، وقد رُوي عن علي وغيره كراهة ذلك، ورُوي في ذلك نهي عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن محله والله تعالى أعلم إذا أثقلوها وأتعبوها فلا معارضة بين الركوب والنهي عنه، ومقصود الراوي بيان حب رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما حيث أجلس كليهما معه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي في الأدب باب ما جاء في ركوب ثلاثة على دابة [2775].

ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة وهو فضل أهل بيته صلى الله عليه وسلم بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

6106 -

(2404)(159)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير واللفظ لأبي بكر قالا: حدثنا محمد بن بشر) بن الفرافصة العبدي الكوفي، ثقة، من (9) روى عنه في (11) بابا (عن زكرياء) بن أبي زائدة بن خالد بن ميمون الهمداني أبي يحيى الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (13) بابا (عن مصعب بن شيبة) بن جبير بن شيبة بن

ص: 509

عَنْ صَفِيَّة بنْتِ شَيبَةَ. قَالتْ: قَالتْ عَائِشَةُ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةً وَعَلَيهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ، مِنْ شَعَرٍ أَسْوَدَ. فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ. ثُمَّ جَاءَ الْحُسَينُ فَدَخَلَ مَعَهُ. ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا. ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ. ثُمَّ قَال:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]

ــ

عثمان بن طلحة الحجي المكي، ثقة، من (5) روى عنه في (3) أبواب (عن) عمة أبيه (صفية بنت شيبة) بن عثمان بن أبي طلحة العبدرية المدنية، لها رؤية، روى عنها في (5) أبواب (قالت) صفية:(قالت عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته (خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيتي يومًا من الأيام (غداة) أي بكرة وهي أولى النهار إلى بيت فاطمة (وعليه) صلى الله عليه وسلم أي خرج والحال أن عليه (مرط) أي كساء (مرحل) أي منقوش بصورة الرحل، والرحل ما يوضع على البعير للركوب. قوله:(مرط) المرط بكسر الميم وسكون الراء الكساء (مرحل) على صيغة اسم المفعول يروى بالحاء المهملة أي فيه صور الرحال، ويُروى بالجيم أي فيه صور الرجال، أوفيه صور المراجل وهي القدور يقال: ثوب مراجل أو ثوب مرجل، وفي المرقاة: المرحل بفتح الحاء المشددة ضرب من برود اليمن وُصف بذلك لما عليه من تصاوير الرحل اهـ، وبالجيم عليه تصاوير الرجال وهذا قول الشارحين ويظهر لي أن المرجل بالجيم ممشوط خمله بالأمشاط من الترجيل وهو تسريح الشعر بالمشط، ولا يصح أن يفسر بأنه هو الذي عليه تصاوير الرجال لأنه صلى الله عليه وسلم كيف يلبس ما فيه تصاوير الحيوان، وقد نهي عن ذلك، وهتك الستر الذي هي فيه وغضب عند رؤيته ذلك كما تقدم في كتاب اللباس اهـ من المفهم. منسوج ذلك الكساء (من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله) أي أدخل الحسن تحت المرط بالأمر أو بالفعل اهـ دهني (ثم جاء الحسين فأدخل معه) أي مع الحسن تحت المرط أي بإدخال أو بغيره لصغره وفي رواية فأدخله اهـ مرقاة (ثم جاءت فاطمة فأدخلها) تحته (ثم جاء على فأدخله) تحته (ثم قال) صلى الله عليه وسلم أي قرأ قوله تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب / 33] قال القرطبي: وقراءة النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية في ذلك الوقت دليل على أن أهل البيت المعنيين في الآية هم المغطون بذلك المرط في ذلك الوقت (والرجس) اسم لكل ما يستقذر قاله الأزهري؛ والمراد بالرجس الذي أذهب

ص: 510

6212 -

(62) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ

ــ

عن أهل البيت هو مستخبث الخلق المذمومة والأحوال الركيكة، وطهارتهم هي عبارة عن تجنبهم ذلك واتصافهم بالأخلاق الكريمة والأحوال الشريفة اهـ مفهم، وفي المرقاة: قوله تعالى: {أَهْلَ الْبَيتِ}

إلخ بنصب على النداء أو المدح، وفيه دليل على أن نساء النبي عليه السلام من أهل بيته أيضًا لأنه مسبوق بقوله:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} وملحوق بقوله: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ} فضمير الجمع في قوله: {وَيُطَهِّرَكُمْ} إما للتعظيم أو لتغليب ذكور أهل البيت على ما يستفاد من الحديث اهـ منه، قال الأبي: قال ابن عطية: اختلف في المراد بأهل البيت في الآية فقال ابن عباس وعكرمة وغيرهما: هم زوجاته لا ذكر معهن بناءً على أن المراد بالبيت المسكن، وقال الجمهور: المراد من أدخلهم صلى الله عليه وسلم معه في المرط لا غير لأحاديث وردت. وقوله تعالى: {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} بضمير جمع الذكور ولو أراد الزوجات لقال ويطهركن ولحديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نزلت هذه الآية فيّ وفي علي وفاطمة والحسن والحسين" وقال بعض الشافعية: أهل الرجل من يجمعهم وإياه مسكن، ثم تجوّز فيه فاستعمل فيمن يجمعهم وإياه نسب ثم نص في الحديث على ما ذكر اهـ أبي.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في اللباس باب في لبس الصوف والأسود [032 4]، والترمذي في الأدب باب ما جاء في الثوب الأسود [4 281] والحديث مشتمل على واقعة الكساء وآية التطهير، وقد مر الكلام عليهما في باب فضائل علي رضي الله عنه في مبحث حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه.

ثم استدل المؤلف على الجزء الثالث من الترجمة وهو فضل زيد بن حارثة وابنه أسامة بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال:

6107 -

(2405)(160)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن) بن محمد بن عبد الله (القاري) بتشديد الياء وتخفيف الراء نسبة إلى قارة قبيلة من العرب المدني حليف بني زهرة، ثقة، من (8) روى عنه في (8) أبواب (عن موسى بن عقبة) بن أبي عياش الأسدي مولاهم المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (10) أبواب (عن

ص: 511

سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِيهِ؛ أنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا كُنَّا نَدْعُو زَيدَ بْنَ حَارِثَةَ إِلَّا زَيدَ بْنَ مُحَمَّدٍ. حَتَّى نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5].

قَال الشَّيخُ أَبُو أَحْمَدَ، مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى: أَخْبَرَنَا أبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُوسُفَ الدُّوَيرِيُّ. قَالا: حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ.

6108 -

(00)(00) حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ،

ــ

سالم بن عبد الله) بن عمر بن الخطاب العدوي أبي عمر المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (7) أبواب (عن أبيه) عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (أنه) أي أن ابن عمر (كان يقول: ما كنا) في الجاهلية (ندعو) ونسمي (زيد بن حارثة إلا) بقولنا (زيد بن محمد) صلى الله عليه وسلم (حتى نزل في القرآن) قوله تعالى في سورة [الأحزاب / 5]({ادْعُوهُمْ}) في أي ادعوا الأدعياء ({لِآبَائِهِمْ}) في الحقيقة وانسبوهم إليهم، ولذلك عداه باللام ولو كان الدعاء بمعنى النداء لعداه بالباء ({هُوَ}) أي دعاؤهم بآياتهم ونسبتهم إليهم ({أَقْسَطُ}) وأعدل ({عِنْدَ اللَّهِ}) سبحانه وتعالى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 77]، والبخاري في تفسير سورة الأحزاب باب ادعوهم لآبائهم [4782]، والترمذي في تفسير سورة الأحزاب [3209].

(قال الشيخ أبو أحمد محمد بن عيسى) النيسابوري الجلودي الراوي غالبًا لهذا الجامع عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري الراوي عن المؤلف (أخيرنا أبو العباس السرّاج) بتشديد الراء (ومحمد بن عبد الله بن يوسف الدويري قالا: حدثنا قتيبة بن سعيد بهذا الحديث) الذي رواه عمر وهو من كلام الجرودي، غرضه بيان أنه سمع هذا الحديث من غير واسطة مسلم، وجملة القول من كلام الجلودي على سبيل التجريد البياني.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

6108 -

(00)(00)(حدثني أحمد بن سعيد) بن صخر (الدارمي) النيسابوري،

ص: 512

حَدَّثَنَا حَبَّانُ. حَدَّثَنَا وُهَيبٌ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقبَةَ. حَدَّثَنِي سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، بِمِثْلِهِ

ــ

ثقة، من (11) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا حبان) بن هلال الباهلي أبو حبيب البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا وهيب) بن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (13) بابا (حدثنا موسى بن عقبة حدثني سالم عن عبد الله) بن عمر وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة وهيب ليعقوب بن عبد الرحمن، وساق وهيب (بمثله) أي بمثل حديث يعقوب بن عبد الرحمن.

قال القرطبي: أما زيد فهو زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي أصابه سبي في الجاهلية، وسبب ذلك على ما رواه ابن سعد وغيره أن أم زيد بن حارثة -وهي سعدى- زارت قومها ومعها زيد فأغارت خيل لبني القين في الجاهلية على أبيات بني معن فاحتملوا زيدًا وهو غلام يفعة فأتوا به في سوق عكاظ فعرضوه للبيع فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بأربعمائة درهم فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته له قبل أن يوحى إليه وزيد حينئذٍ ابن ثمان سنين فأعتقه صلى الله عليه وسلم وتبناه، وكان يطوف به على حلق قريش ويقول:"هذا ابني وارثًا وموروثًا" وقال الزهري: لا أعلم أحدًا أسلم قبله، وعند الضياء أسلم قبل خديجة، وكان أبوه حارثة بن شراحيل حين فقده قال:

بكيت على زيد ولم أدر ما فعل

أحي يُرجى أم دونه الأجل

فحج ناس من كلب فرأوا زيدًا فعرفهم وعرفوه فقال: أبلغوا أهلي هذه الأبيات:

أحن إلى قومي وإن كنت نائيًا

بأني قطين البيت عند المشاعر

فانطلقوا فأعلموا أباه ووصفوا له موضعًا فخرج حارثة وأخوه كعب بفدائه فقدما مكة فسألا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقيل هو في المسجد، فدخلا عليه، فقالا: يا ابن عبد المطلب، يا ابن سيد قومه، أنتم أهل حرم الله تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ولدنا عبدك، فامنن علينا، وأحسن في فداءه فإنا سنرفع، قال:"وما ذاك "قالوا: زيد بن حارثة، فقال:"فهلا غير ذلك " قالا: ما هو إلا ذاك، قال:"ادعوه فخيِّروه فإن اختاركم فهو لكم بغير فداء، وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي اختار على من اختارني فداء" قالوا: قد رددتنا على النصف وأحسنت، فدعاه فقال:"هل تعرف هؤلاء"

ص: 513

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال: نعم هذا أبي وهذا عمي، قال:"فأنا من قد علمت، وقد رأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما" فقال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدًا أنت مني بمكان الأب والعم، فقالا: ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك؟ قال: نعم إني قد رأيت من هذا الرجل شيئًا ما أنا بالذي أختار عليه أحدًا، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر فقال:"اشهدوا أن زيدًا ابني يرثني وأرثه" فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت أنفسهما، وانصرفا فدُعي زيد بن محمد حتى جاء الله بالإسلام اهـ من الإصابة [1/ 245 و 246] وكان زيد يُكنى أبا أسامة بابنه أسامة بن زيد.

قوله: (ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد) فكان التبني معمولًا به في الجاهلية والإسلام يتوارث به ويتناصر إلى أن نسخ الله ذلك كله بقوله: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} أي أعدل فرفع الله تعالى حكم التبني ومنع من إطلاق لفظه وأرشد بقوله أعدل إلى أن الأولى أن ينسب الرجل إلى أبيه نسبًا، ولو نُسب إلى أبيه من التبني فإن كان على جهة الخطأ وهو أن يسبق اللسان إلى ذلك من غير قصد فلا إثم ولا مؤاخذة لقوله تعالى:{وَلَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} [الأحزاب / 5] أي لا إثم فيه عليكم ولا يجرى هذا المجرى إطلاق ما غلب عليه اسم التبني كالحال في المقداد بن عمرو فإنه غلب عليه نسب التبني فلا يكاد يُعرف إلا بالمقداد بن الأسود، فإن الأسود بن عبد يغوث كان قد تبناه في الجاهلية فعرف به فلما نزلت الآية قال المقداد: أنا ابن عمرو، ومع ذلك فبقي ذلك الإطلاق عليه ولم يسمع فيمن مضى من عصى أي اعتبره عاصيًا لله، مطلق عليه دهان كان متعمدًا وليس كذلك الحال في زيد بن حارثة فإنه لا يجوز أن يقال فيه زيد بن محمد فإن قاله أحد متعمدًا عصى لقوله تعالى:{وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب / 5] أي فعليكم فيه الجناح والله تعالى أعلم، ولذلك قال بعده:{وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} . وقوله: {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} أي فانسبوهم إليكم نسبة الأخوة الدينية التي قال الله تعالى فيها: "إنَّمَا المُؤمِنُونَ إِخْوَةٌ"[الحجرات / 10] والمولوية التي قال فيها: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] وقد تقدم أنه يطلق لفظ مولى على المعتِق والمعتَق وابن العم والناصر، وكان زيد قُتل بمؤتة من أرض الشام رضي الله عنه ورحمه سنة ثمان من الهجرة، وكان النبي صلى الله

ص: 514

6109 -

(2406)(161) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ. (قَال يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا) إِسْمَاعِيلُ، (يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْثًا. وَأَمَّرَ عَلَيهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زيدٍ. فَطَعَنَ النَّاسُ فِي إِمْرَتِهِ

ــ

عليه وسلم أمّره في تلك الغزوة وقال: "إن قُتل زيد فجعفر، فإن قُتل جعفر فعبد الله بن رواحة" رواه أبو داود [2627] فقُتل الثلاثة في تلك الغزاة، ولما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعي زيد وجعفر بكى وقال:"أخواي ومؤنساي ومحدثاي" ذكره ابن الأثير في الاستيعاب [2/ 284].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عبد الله بن عمر هذا بحديث آخر له رضي الله عنهما فقال:

6109 -

(2406)(161)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (ويحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة) بن سعيد (و) علي (بن حجر) السعدي المروزي (قال يحيى بن يحيى: أخبرنا وقال الأخرون: حدثنا إسماعيل يعنون ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (12) بابا (عن عبد الله بن دينار) العدوي مولاهم المدني (أنه سمع ابن عمر) رضي الله عنهما (يقول): وهذا السند من رباعياته (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثًا) أي جيشًا (وأمّر عليهم أسامة بن زيد) رضي الله عنهما، وهذا البعث والله أعلم هو الذي أمر بتجهيزه في مرض موته، فأنفذه أبو بكر رضي الله عنه وأمّر عليهم أسامة، وأمره أن يخرج إلى أطراف الروم ويغزو أُبنى وهي القرية التي هي عند مؤتة الموضع الذي قُتل فيه زيد أبو أسامة فأمره أن يأخذ بثأر أبيه، وكان في الجيش كبار الصحابة حتى عدَّ بعضهم منهم أبا بكر وعمر، وطعن من في قلبه ريب في إمارته من حيث إنه من الموالي، ومن حيث إنه كان صغير السن لأنه كان إذ ذاك ابن ثماني عشرة سنة، وممن طعن في إمرة أسامة عياش بن أبي ربيعة المخزومي فمات النبي صلى الله عليه وسلم وقد برز هذا البعث عن المدينة ولم ينفصل بعد عنها، فنفذه أبو بكر رضي الله عنه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم (فطعن الناس) أي بعضهم ممن في قلبه ريب (في إمرته) أي في إمرة أسامة وولايته، قال القاضي عياض: والإمرة

ص: 515

فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: "إِنْ تَطعَنُوا فِي إِمْرَتِهِ، فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمْرَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ. وَايمُ اللهِ، إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلأمْرَةِ، وإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدهُ"

ــ

بكسر الهمزة الولاية وبفتحها المرة الواحدة من الأمر يقال له علي إمرة مطاعة (فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر كما هو مصرح في الرواية الثانية خطيبًا (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن تطعنوا) بفتح العين من باب فتح، قال النووي: يقال: طعن في الإمرة والعرض والنسب ونحوها يطعن بفتح العين، وطعن بالرمح وبإصبعه يطعن بالضم هذا هو المشهور، وقيل: لغتان فيهما اهـ، أي إن تعتّروا (في إمرته) أي في إمرة أسامة وولايته (فـ) لا غرابة لأنكم (قد كنتم تطعنون في إمرة أبيه) زيد بن حارثة (من قبل) أي من قبل إمرة أسامة، وذكر الحافظ في الفتح [7/ 498] أن زيد بن حارثة تأمر على سبع سرايا ثم على غزوة مؤتة، قال القرطبي: وهذا خطاب منه صلى الله عليه وسلم لمن وقع له ذلك الطعن لكنه على كريم خلقه لم يعينهم سترًا لهم إذ معتبة كانت كذلك، وكان الطعن في إمارة زيد من حيث إنه كان مولى فشهد النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة وأبيه رضي الله عنهما بأنهما صالحان للإمارة لما يعلم من أهليتهما لها وأن كونهما موليين لا يغض من مناصبهما ولا يقدح في أهليتهما للإمارة حيث قال صلى الله عليه وسلم:(وايم الله) أي اسم الله تعالى قسمي (إن) مخففة من الثقيلة بدليل ذكر اللام الفارقة بعدها أي إنه أي إن الشأن والحال (كان) أبوه زيد بن حارثة (لخليقًا للإمرة) أي لمستحقًا لها لائقًا بها (وإن) أي دهانه (كان) أبوه زيد (لمن أحب الناس اليّ) أي عندي فكان حقيقًا لها فلا يقدح في إمارته كونه من الموالي (وإن هذا) الولد يعني أسامة بن زيد (لمن أحب الناس اليّ) أي عندي (بعده) أي بعد والده زيد بن حارثة أي بعد وفاته فليست حداثة السن قادحة في الأمر مانعة إن كان الأمير متصفًا بأوصاف الإمرة، قال النووي: ففيه جواز إمارة العتيق، وجواز تقديمه على العرب، وجواز تولية الصغير على الكبار، وقد كان أسامة صغيرًا جدًّا، توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة، وقيل عشرين، وجواز تولية المفضول على الفاضل للمصلحة، وفي هذه الأحاديث فضائل ظاهرة لزيد وأسامة رضي الله تعالى عنهما اهـ منه.

قال القرطبي: ولا خلاف أعلم في جواز إمارة المولى والمفضول، وقد تقدم

ص: 516

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الكلام في استخلاف المفضول. قوله: (إن كان لخليقًا للإمرة) رويناها بكسر الهمزة بمعنى الولاية، وقال أبو عبيد: يقال لك عليَّ أمرة مطاعة بفتح الهمزة، وكذلك حكاه القتيبي وهي واحدة الأمر. [قلت]: وهذا على قياس جَلسة وجِلسة بالفتح للمصدر والكسر للهيئة، والخليق والحري والقمن والحقيق كلها بمعنى واحد. قوله:(وإن كان لمن أحب الناس إليّ) إن عند البصريين مخففة من الثقيلة، واللام الداخلة بعدها هي المفرقة بين (إن) المخففة وبين (إن) النافية، وعند الكوفيين (إن) نافية واللام بمعنى إلا وهذا نحو قول عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل القرشية العدوية ترثي زوجها الزبير بين العوام رضي الله عنه وتدعو على عمرو بن جرموز قائلة:

شلت يمينك إن قتلت لمسلمًا. .

حلت عليك عقوبة المتعمد

تقديرها عند البصريين إنك قتلت مسلمًا، وعند الكوفيين ما قتلت إلا مسلمًا. وهذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إخبار عن محبته لزيد رضي الله عنه ثم أخبر عن محبته لأسامة فقال:"وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده" وكان أسامة الحب ابن الحب وبذلك كان يدعى ورضي الله عن عمر بن الخطاب لقد قام بالحق وعرفه لأهله، وذلك أنه فرض لأسامة في العطاء خمسة آلاف ولابنه عبد الله بن عمر ألفين، فقال له عبد الله: فضلت عليّ أسامة وقد شهدت ما لم يشهد؟ فقال عمر رضي الله عنه: إن أسامة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك، ففضل محبوب رسول الله صلى الله عليه وسلم على محبوبه وهكذا يجب أن يحب ما أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبغض ما أبغض، وقد قابل مروان هذا الحب الواجب بنقيضه وذلك أنه مر بأسامة بن زيد وهو يصلي عند باب بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له مروان: إنما أردت أن يُرى مكانك فقد رأينا مكانك فعل الله بك وفعل قولًا قبيحًا فقال له أسامة: إنك آذيتني وإنك فاحش متفحش وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يبغض الفاحش المتفحش" رواه أحمد [5/ 1252]، وابن حبان [15694] في الإحسان، فانظر ما بين الفعلين وقس ما بين الرجلين، فلقد آذى بنو أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحبابه وناقضوه في محابه اهـ من المفهم.

ص: 517

6110 -

(00)(00) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ. مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُمَرَ، (يَعْنِي ابْنَ حَمْزَةَ)، عَنْ سَالمٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ:"إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ -يُرِيدُ أُسَامَةَ بْنَ زَيدٍ- فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ. وَايمُ اللهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لَهَا. وَايمُ اللهِ، إِنْ كَانَ لأَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَايمُ اللهِ، إِنَّ هَذَا لَهَا لَخَلِيقٌ -يُرِيدُ أُسَامَةَ بْنَ زَيدٍ-. وَايمُ اللهِ، إِنْ كَانَ لأحَبَّهُمْ إِلَيَّ مِنْ بَعْدِهِ، فَأُوصِيكُمْ بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ صَالِحِيكُمْ"

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 110]، والبخاري في مواضع منها في مناقب زيد بن حارثة [3730] وفي باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد في مرضه [4468 و 4469]، والترمذي في مناقب أسامة بن زيد [3819].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر هذا رضي الله عنهما فقال:

6110 -

(00)(00)(حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة عن عمر يعني ابن حمزة) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العمري المدني، ضعيف، من (6) روى عنه (م) متابعة في (4) أبواب (عن) عمه (سالم) بن عبد الله بن عمر (عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سالم لعبد الله بن دينار (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر) خطيبًا (إن تطعنوا في إمارته يريد) النبي صلى الله عليه وسلم بمرجع الضمير في إمارته (أسامة بن زيد) وهذا تفسير مدرج من الرواي (فقد طعنتم في إمارة أبيه) زيد بن حارثة (من قبله) أي من قبل الطعن في إمارة أسامة (وايم الله) أي اسم الله قسمي، وقد مر البحث عن لفظ ايم الله في هذا الكتاب فراجعه (إن) أي إن الشأن والحال (كان) أبوه زيد بن حارثة (لخليقًا لها) أي للإمارة (وايم الله إن كان لأحب الناس إليّ وايم الله إن هذا) الولد (لها) أي للإمارة (لخليق) أي لحقيق (يريد) النبي صلى الله عليه وسلم بمرجع اسم الإشارة (أسامة بن زيد وايم الله إن كان) هذا الولد (لأحبهم) أي لأحب الناس (إليّ من بعده) أي من بعد أبيه زيد بن حارثة (فاوصيكم) أيتها الأمة (به) أي بأسامة خيرًا أي باحترامه ورعاية حقوقه فإنه أفضل الناس وأجلهم، ثم أكد الوصية بقوله:(فإنه) أي فإن أسامة (من صالحيكم) أي من صالحي المؤمنين، قال القرطبي: فأكد الوصية به ونبه على

ص: 518

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الموجب لذلك وهو ما يعلمه من صلاحه وفضله، وقد ظهر ذلك عليه فإنه لم يدخل في شيء من الفتن فسلمه الله تعالى من تلك المحن إلى أن تُوفي في خلافة معاوية سنة سبع وخمسين، وقيل سنة أربع وخمسين رضي الله عنه اهـ من المفهم.

[تنبيه]: لما روى موسى بن عقبة، عن سالم، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أحب الناس إليّ أسامة" فما حاشا فاطمة ولا غيرها وهذا يعارضه ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أحب الناس إليّ عائشة ومن الرجال أبوها" ويرتفع التعارض من وجهين أحدهما أن الأحاديث الصحيحة المشهورة إنما جاءت في حبه لأسامة ب (من) التي للتبعيض كما قد نص عليه بقوله هنا: "إنه لمن أحب الناس إليّ" وقد رواه هشام بن عروة، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن أسامة بن زيد أحب الناس إليّ أو من أحب الناس إليّ" فعلى هذا يحمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أحب الناس إليّ أسامة" فأسقطها بعض الرواة. والوجه الثاني على تسليم أن صحيح الرواية بغير من فيرتفع التعارض بأن كل واحد من هؤلاء أحب بالنسبة إلى عالمه وبيان ذلك أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يحب هؤلاء من حيث الصورة الظاهرة فإن أسامة كان أسود أفطس وإنما كان يحبهم من حيث المعاني والخصائص التي كانوا موصوفين بها فكان أبو بكر رضي الله عنه أحب إليه من حيث إنه كان من أهلية النيابة عنه والخلافة في أمته ما لم يكن لغيره، وكانت عائشة رضي الله تعالى عنها أحب النساء إليه من حيث أن لها من العلم والفضيلة ما استحقت به أن تفضل على سائر النساء كما فُضل الثريد على سائر الطعام، وكان أسامة رضي الله عنه أيضًا أحب إليه من حيث إنه كان قد خص بفضائل ومناقب استحق بها أن يكون أحب الموالي إليه فإنه أفضلهم وأجلهم اهـ من المفهم.

ثم استدل المؤلف على الجزء الرابع من الترجمة وهو فضل عبد الله بن جعفر بحديثه رضي الله عنه ويُكنى أبا جعفر، وأمه أسماء بنت عميس، ولدته بأرض الحبشة وهو أول مولود من المسلمين وُلد بها، وتوفي بالمدينة سنة ثمانين وهو ابن تسعين سنة، وكان عبد الله كريمًا جوادًا طريفا حليمًا عفيفًا سخيًّا، يُسمى ببحر الجود يقال: إنه لم يكن في الإسلام أسخى منه، وعوتب في ذلك فقال: إن الله عوّدني عادة وعوّدت الناس

ص: 519

6111 -

(2407)(162) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بن أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيكَةَ. قَال عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ لابْنِ الزُّبَيرِ: أَتَذْكُرُ إِذْ تَلَقَّينَا رَسْولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَا وَأَنْتَ وَابْن عَبَّاسٍ؟ قَال: نَعَمْ. فَحَمَلَنَا، وَتَرَكَكَ.

6112 -

(00)(00) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا أَبُو أسَامَةَ، عَنْ

ــ

وأنا أخاف إن قطعتها قُطعت عني، وأخباره في الجود شهيرة وفضائله كثيرة. وجملة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وعشرون حديثًا أخرج له منها في الصحيحين حديثان فقال:

6111 -

(2407)(162)) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل ابن علية عن حبيب بن الشهيد) الأزدي البصري، ثقة ثبت، سن (5) روى عنه في (4) أبواب (عن عبد الله) بن عبيد الله (بن أبي مليكة) بالتصغير زهير بن عبد الله بن جدعان التيمي المكي، ثقة، سن (3) روى عنه في (20) بابا، قال ابن أبي ملسكة:(قال عبد الله بن جعفر) بن أبي طالب (لـ) عبد الله (بن الزبير) رضي الله عنهم أجمعين. وهذا السند من خماسياته (أتذكر) أي هل تتذكر (إذ تلقينا) واستقبلنا (رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا) تأكيد لضمير الفاعل ليعطف عليه قوله: (وأنت وابن عباس، قال) ابن الزبير: (نعم) أتذكره ولم أنس، وقوله:(فحملنا وتركك) معطوف على تلقينا، وجملة الجواب معترضة، وأصل الكلام أتذكر يا ابن الزبير إذ تلقينا أنا وأنت وابن عباس رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدومه من السفر فحملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على دابته وتركك يا ابن الزبير على الأرض لضيق الدابة عنك (قال) ابن الزبير في جواب استفهام ابن جعفر (نعم) أتذكر ذلك ولم أنس، والحاصل أن المحمول ابن جعفر وابن عباس والمتروك ابن الزبير اهـ دهني. وفيه فضيلة ظاهرة لابن جعفر رضي الله عنه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجهاد باب استقبال الغزاة رقم [3082] وأبو داود في الجهاد باب في ركوب ثلاثة على دابة [2366] وابن ماجه في الآداب باب ركوب ثلاثة على دابة [3818].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن جعفر رضي الله عنه فقال:

6112 -

(00)(00)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (أخبرنا أبو أسامة عن

ص: 520

حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ وإسْنَادِهِ.

6113 -

(2408)(163) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ -وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى- (قَال أَبُو بَكرٍ: حَدَّثَنَا. وَقَال يَحْيَى: أَخبَرَنَا) أَبُو مُعَاويةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ مُوَرِّقٍ العِجْلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ. قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تُلُقِّيَ بِصِبْيَانِ أَهْلِ بَيتِهِ. قَال: وإِنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَسُبِقَ بِي إِلَيهِ، فَحَمَلَنِي بَينَ يَدَيهِ،

ــ

حبيب بن الشهيد) غرضه بيان متابعة أبي أسامة لإسماعيل ابن عليّة، وساق أبو أسامة (بمثل حديث ابن علية) لفظًا ومعنى (و) أسنده بـ (إسناده) أي بإسناد ابن علية يعني عن ابن أبي مليكة عن ابن جعفر.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن جعفر هذا بحديث آخر له رضي الله عنهما فقال:

6113 -

(2408)(163)(حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة واللفظ ليحيى قال أبو بكر) بن أبي شيبة: (حدثنا وقال يحيى: أخبرنا أبو معاوية) الضرير التميمي الكوفي (عن عاصم) بن سليمان (الأحول) أبي عبد الرحمن البصري، ثقة، من (4) روى عنه في (17) بابا (عن مورق) بصيغة اسم الفاعل بن مشمرج بوزن مدحرج بن عبد الله (العجلي) نسبة إلى بني عجلة اسم قبيلة أبي المعتمر البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (2) الصوم والفضائل (عن عبد الله بن جعفر) بن أبي طالب رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (قال) عبد الله بن جعفر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم) وحضر (من سفر تلقّى) أي استقبل (بصبيان أهل بيته) وأقاربه، إنما كانوا يتلقونه بصبيان أهل بيته لما يعلمونه من محبته لهم ومن تعلق قلبه بهم ولفرط فرح الصغار برؤيته ولتنالهم بوادر بركته صلى الله عليه وسلم (قال) عبد الله بن جعفر:(وانه) صلى الله عليه وسلم (قدم) وجاء يومًا (من سفر) من أسفاره (فسُبق) بالبناء للمجهول (بي) نائب فاعل أي سبق بي سابق من أهلي (إليه) أي إلى استقباله صلى الله عليه وسلم قبل أحد من الصبيان (فحملني) رسول الله صلى الله عليه وسلم على دابته (بين يديه) أي قدامه. وهذا يدل على أن عبد الله بن جعفر من أهل البيت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا،

ص: 521

ثُمَّ جِيءَ بِأَحَدِ ابْنَي فَاطِمَةَ. فَأَرْدَفَهُ خَلْفَهُ. قَال: فَأُدْخِلْنَا الْمَدِينَةَ، ثَلاثَةً عَلَى دَابَّةٍ.

6114 -

(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيمَانَ، عَنْ عَاصِمٍ. حَدَّثَنِي مُوَرِّقٌ. حَدَّثَنِي عَبدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ. قَال: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تُلُقِّيَ بِنَا. قَال: فَتُلُقِّيَ بِي وَبِالحَسَنِ أَو

ــ

ويدل أيضًا على محبة النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن جعفر وعلى شدة تهممه به وإكرامه له، وكان صلى الله عليه وسلم يخص ولد جعفر بزيادة احترام وإكرام جبرًا لهم وشفقة عليهم إذ كان أبوهم جعفر قُتل بمؤتة شهيدًا رضي الله عنه. وقد تقدم القول على ركوب ثلاثة على دابة، (ثم جيء بأحد ابني فاطمة) رضي الله عنهم إما الحسن أبو الحسين أي أتى آت بأحدهما استقبالًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم (فأردفه) أي أركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الأحد على دابته (خلفه) أي خلف ظهره (قال) عبد الله بن جعفر (فأدخلنا) بالبناء للمفعول (المدينة) أي أدخلنا قائد الدابة المدينة، ونحن (ثلاثة) راكبون (على دابة) واحدة أنا والنبي صلى الله عليه وسلم وأحد ابني فاطمة رضي الله عنهم، ففيه جواز ركوب ثلاثة على دابة واحدة إذا كانت مطيقة، وفيه أيضًا إذا تلقى الصبيان المسافر فالمستحب أن يركبهم وأن يردفهم ويلاطفهم والله أعلم اهـ دهني.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 5]، وابن ماجه في الطهارة باب الارتياد للغائط والبول [346] وفي الجهاد باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم [2549]، وسبق للمؤلف في الحيض باب التستر عند البول.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

6114 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الرحيم بن سليمان) الكناني أو الطائي أبو علي الأشل المروزي نزيل الكوفة، ثقة، من (8) روى عنه في (6) أبواب (عن عاصم) الأحول (حدثني مورق) بن مشمرج العجلي (حدثني عبد الله بن جعفر) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبد الرحيم لأبي معاوية (قال) ابن جعفر:(كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تلقي) أي استقبل النبي صلى الله عليه وسلم (بنا) معاشر صبيان أهل بيته (قال) عبد الله بن جعفر (فتُلقي بي) أي استقبل النبي صلى الله عليه وسلم بي (وبالحسن) بن علي (أو) قال

ص: 522

بِالْحُسَينِ. قَال: فَحَمَلَ أَحَدَنَا بَينَ يَدَيهِ وَالآخَرَ خَلْفَهُ. حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ.

6115 -

(2409)(164) حدَّثنا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيمُونٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَال: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ. فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا، لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ

ــ

الراوي أو من دونه تُلقّى بي و (بالحسين، قال) ابن جعفر: (فحمل أحدنا) أي أحد الولدين (بين يديه) أي قدامه (والآخر خلفه) أي ورائه فمشينا ونحن ثلاثة على دابة واحدة (حتى دخلنا المدينة).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن جعفر الأول بحديث آخر له أيضًا رضي الله عنه فقال:

6115 -

(2409)(164)(حدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي الأبلي، صدوق، من (9)(حدثنا مهدي بن ميمون) الأزدي أبو يحيى البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب) التميمي الضبي البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (3) أبواب (عن الحسن بن سعد) بن معبد الهاشمي مولاهم (مولى الحسن بن علي) بن أبي طالب الكوفي، ثقة، من (4) روى عنه في (2) بابين (عن عبد الله بن جعفر) بن أبي طالب رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (قال) عبد الله بن جعفر (أردفني) أي أركبني (رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه) على دابته (فاسر) أي أخبر (إليّ حديثًا) سرًّا أي بلا إسماع أحد غيري، وجملة قوله إلا أُحدّث به) أي بذلك الحديث (أحدًا من الناس) أبدًا صفة لحديثًا أو معطوفة على أسر بتقدير الفاء العاطفة أي فأسر إلي حديثًا فلا أحدّث به أحدًا لأنه أمرني بكتمانه والله أعلم بذلك الحديث، وزاد المؤلف في الطهارة بعده (وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل) وفيه دليل على علو مكانته عند النبي صلى الله عليه وسلم وكمال فضله وأهليته لأن يتخذه النبي صلى الله عليه وسلم موضع سره وهذه أهلية شريفة وفضيلة منيفة اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [2529].

ص: 523

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب تسعة أحاديث: الأول منها حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني: حديث البراء بن عازب ذكره للاستشهاد به وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث: حديث سلمة بن الأكوع ذكره للاستشهاد، والرابع: حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والخامس: حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والسادس: حديث ابن عمر الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والسابع: حديث عبد الله بن جعفر ذكره للاستدلال على الجزء الرابع من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثامن: حديث عبد الله بن جعفر الثاني ذكره للاستشهاد به وذكر فيه متابعة واحدة، والتاسع: حديث عبد الله بن جعفر الثالث ذكره للاستشهاد.

***

ص: 524