الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
710 - (24) والباب الثاني عشر منها باب فضائل أبي طلحة الأنصاري وبلال وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم أجمعين
6167 -
(2440)(194) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيمُونٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنسٍ
ــ
710 -
(24) والباب الثاني عشر منها باب فضائل أبي طلحة الأنصاري وبلال وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم أجمعين
وأما أبو طلحة الأنصاري فاسمه زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بمهملة بن عمرو النجاري المدني شهد بدرأ والمشاهد كلها، وكان أحد الرماة المذكورين من الصحابة رضي الله عنهم وكان من الأبطال قتل يوم حنين عشرين رجلًا من المشركين وأخذ أسلابهم، وكان أبو طلحة يتطاول بصدره يوم أحد يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبل ويقول: صدري دون صدرك- ونفسي لنفسك الفداء ووجهي لوجهك الوقاء، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لصوت أبي طلحة في الجيش خير من مائة رجل" رواه أحمد [3/ 111].
واختلف في وقت وفاته فقيل سنة إحدى وثلاثين، وقيل سنة أربع وثلاثين، وصلى عليه عثمان بن عفان، وروى حماد بن سلمة عن ثابت البناني وعلي بن زيد عن أنس أن أبا طلحة سرد الصوم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أوبعين سنة وأنه ركب البحر فمات فدفن في جزيرة، وقال المدائني: مات أبو طلحة سنة إحدى وخمسين والله تعالى أعلم بحقيقة الحال. روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة وعشرين حديثًا أخرج له منها في الصحيحين أربعة أحاديث اهـ من المفهم.
واستدل المؤلف رحمه الله تعالى على فضائل أبي طلحة بحديث أنس بن مالك رضي الله عنهما فقال:
6167 -
(2440)(194)(حدثني محمد بن حاتم بن ميمون) السمين البغدادي، صدوق، من (10) روى عنه في (11)(حدثنا بهز) بن أسد العمي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (13) بابا (حدثنا سليمان بن المغيرة) القيسي البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (9) أبواب (عن ثابت) بن أسلم البناني، ثقة، من (4)(عن أنس) بن مالك
قَال: مَاتَ ابْنٌ لأَبِي طَلْحَةَ مِنْ أُمِّ سُلَيمٍ. فَقَالت لأَهْلِهَا: لَا تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بِابْنِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ. قَال: فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِلَيهِ عَشَاءً. فَأَكَلَ وَشَرِبَ. فَقَال: ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذلِكَ. فَوَقَعَ بِهَا. فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبعَ وَأَصَابَ مِنْهَا، قَالتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، أَرَأَيتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا أَعَارُوا عَارِيتَهُمْ أَهْلَ بَيتٍ، فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ، أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُنم؟ قَال: لَا. قَالتْ: فَاحْتَسِبِ ابْنَكَ
ــ
رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أنس: (مات ابن لأبي طلحة) ولد له (من أم سليم) اسمه حفص كنيته أبو عمير، وأبو طلحة غائب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم طول النهار، وجهزته أم سليم ودسته في داخل البيت (فقالت) أم سليم (لأهلها) أي لأقاربها وجيرانها:(لا تحدّثوا) أي لا تخبروا (أبا طلحة بـ) موت (ابنه حتى أكون أنا أحدّثه) أي أحدّث أبا طلحة خبر موته (قال) أنس (فجاء) أبو طلحة من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما صلى العشاء معه صلى الله عليه وسلم (فقرّبت) أم سليم أي قدمت (إليه) أي إلى أبي طلحة (عشاء) بفتح العين وبالمد؛ وهو ما يؤكل أوائل الليل (فأكل) أبو طلحة العشاء (وشرب) عليه الشراب (فقال) أنس (ثم) بعدما أكل أبو طلحة العشاء وشرب الشراب (تصنعت) أي تزينت (له) أي لأبي طلحة أم سليم (أحسن ما كان) من اللباس (تصنع) به أي تتزين به في عادتها (قبل ذلك) اليوم (فوقع بها) أي واقع أبو طلحة عليها وجامعها (فلما رأت) أم سليم وعلمت (أنه) أي أن أبا طلحة (قد شبع) من العشاء (وأصاب) أي قضى (منها) حاجته من الجماع (قالت) لأبي طلحة: (يا أبا طلحة أرأيت) أي أخبرني (لو أن قومًا أعاروا عاريتهم) أي مواعينهم (أهل بيت) من جيرانهم (فطلبوا) أي طلب المعيرون من المستعيرين (عاريتهم) أي طلبوا ردها إليهم (ألهم) أي هل للمستعيرين (أن يمنعوهم) أي أن يمنعوا المعيرين عاريتهم أي أن يمتنعوا من ردها إليهم (قال) أبو طلحة: (لا) أي ليس لهم أن يمنعوهم عاريتهم بل يجب عليهم ردها فورًا (قالت) أم سليم له إذًا: (فاحتسب ابنك) أي فاحتسب على الله أجر مصيبة ابنك فإنه قد مات.
قوله: (مات ابن لأبي طلحة) وهو أبو عمير الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يمازحه ويقول له: "يا أبا عمير ما فعل النغير" بيَّن ذلك ابن حبان في روايته من طريق عمارة بن زاذان عن ثابت كما في فتح الباري [3/ 170].
قَال: فَغَضِبَ وَقَال: تَرَكْتِنِي حَتَّى تَلَطَّخْتُ ثُمَّ أَخْبَرْتِنِي بِابْنِي! فَانْطَلَقَ حَتى أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"بَارَكَ اللهُ لَكُمَا فِي غَابِرِ لَيلَتِكُمَا" قَال: فَحَمَلَتْ. قَال: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ وَهِيَ مَعَهُ. وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم،
ــ
قوله: (فقالت لأهلها) وفي رواية للبخاري في الجنائز (اشتكى ابن لأبي طلحة قال: فمات وأبو طلحة خارج فلما رأت امرأته أنه قد مات هيأت شيئًا ونحّته في جانب البيت فلما جاء أبو طلحة قال: كيف الغلام؟ قالت: قد هدأت نفسه وأرجو أن يكون قد استراح، وظن أبو طلحة أنها صادقة) وفيه جواز التورية لغرض صالح لأنها أرادت بهدوء نفسه واستراحته أنه استراح من آلام الدنيا وإنما فعلت ذلك لئلا تتنكد الليلة على زوجها، وفيه كمال صبرها وتحملها وحكمتها ونصيحتها لزوجها رضي الله عنهما.
قولها: (فاحتسب ابنك) أي اطلب الثواب من الله تعالى بالصبر عليه وهو كناية عن موته.
(قال) أنس: (فغضب) أبو طلحة من تأخيرها الإخبار بموت الولد له (وقال) لها أبو طلحة: (تركتني) عن الإخبار بموت الولد أول ما رجعت إلى البيت (حتى تلطخت) واستقذرت بحدث الجنابة (ثم أخبرتني بـ) موت (ابني فانطلق) أبو طلحة من البيت أي ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان) وجرى بينه وبين زوجته في تلك الليلة (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة: (بارك الله لكما في غابر ليلتكما) أي في ماضيها، وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف أي فيما وقع منكما في الليلة الغابرة أي الماضية يعني البارحة، وقد تقدم أن غبر من الأضداد يقال: غبر الشيء إذا ذهب وغبر إذا بقي، وصنيع أم سليم ووعظها له يدل على كمال عقلها وفضلها وعلمها وملازمة أبي طلحة للكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره وحضره ومدخله ومخرجه دليل على كمال محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق رغبته في الجهاد والخير وتحصيل العلم والله أعلم اهـ من المفهم (قال) أنس:(فحملت) أم سليم من جماع تلك الليلة ولدًا (قال) أنس: (فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا من الأيام (في سفر وهي) أي والحال أن أم سليم (معه) صلى الله عليه وسلم مع أبي طلحة (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في
إِذَا أَتَى الْمَدِينَةَ مِنْ سَفَرٍ، لَا يَطرُقُهَا طُرُوقًا. فَدَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ. فَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ. فَاحْتُبِسَ عَلَيهَا أَبُو طَلْحَةَ. وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: يَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: إِنَّكَ لَتَعْلَمُ، يَا رَبِّ، إِنَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ أَخْرُجَ مَعَ رَسُولِكَ إِذَا خَرَجَ، وَأَدْخُلَ مَعَهُ إِذَا دَخَلَ. وَقَدِ احْتُبِسْتُ بِمَا تَرَى. قَال: تَقُولُ أمُّ سُلَيمٍ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، مَا أَجِدُ الَّذِي كُنْتُ أَجِدُ. انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا. قَال: وَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ حِينَ قَدِمَا. فَوَلَدَت غُلامًا. فَقَالتْ لِي أُمِّي: يَا أَنَسُ، لَا يُرْضِعُهُ أَحَدٌ
ــ
عادته (إذا أتى المدينة من سفر) أي قاربها (لا يطرقها طروقًا) أي لا يدخلها دخولًا في الليل (فدنوا) أي قاربوا (من المدينة) فنزلوا حتى يصبح (فضربها) أي ضرب أم سليم وأخذها (المخاض) أي وجع الولادة للولد الذي حملته تلك الليلة المباركة لهما (فاحتبس) بالبناء للمفعول وافتعل هنا بمعنى الثلاثي أي حبس (عليها) أي لأجلها (أبو طلحة) عن المسير مع النبي صلى الله عليه وسلم (وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم مستعجلًا إلى المدينة (قال) أنس (يقول أبو طلحة) حين حُبس لأجل مخاض أم سليم وتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في دخول المدينة أي يقول في دعائه: (إنك لتعلم يا رب إنه) أي إن الشأن والحال (يعجبني) أي يحبني ويسرني (أن أخرج) من المدينة (مع رسولك إذا خرج) منها للجهاد أو لغيره (وأدخل معه) المدينة (إذا دخل) رسولك المدينة (وقد احتبست) أي حُبست من دخول المدينة مع رسولك (بما ترى) أي بسبب ما ترى من مخاض أم سليم (قال) أنس (تقول أم سليم) لأبي طلحة (يا أبا طلحة ما أجد) من نفسي الوجع (الذي كنت أجد) هـ في العادة عند الولادة؛ تريد أن الطلق انجلى عنها وتأخرت الولادة، وفيه استجابة لدعاء أبي طلحة رضي الله عنه حتى يتمكن من دخول المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (انطلق) أي اذهب بنا إلى المدينة كي ندخلها، قال أنس:(فانطلقنا) أي ذهبنا إلى المدينة (قال) أنس: (وضربها) أي أخذها (المخاض) أي وجع الولادة (حين قدما) ووصلا المدينة، قال القرطبي: ورفع وجع الولادة عن أم سليم عند دعاء أبي طلحة دليل على كرامات الأولياء وإجابة دعواتهم وأن أبا طلحة وأم سليم منهم (غـ) لما قدما المدينة (ولدت غلامًا) وهو عبد الله بن أبي طلحة رضي الله عنهم (فـ) لما ولدت (قالت لي أمي) أم سليم: (يا أنس لا يرضعه) ولا يحنكه بالجزم على أنه لا ناهية، وبالرفع على أن لا نافية أي لا يرضع هذا الولد (أحد)
حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا أَصْبَحَ احْتَمَلْتُهُ. فَانْطَلَقتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: فَصَادَفْتُهُ وَمَعَهُ مِيسَمٌ. فَلَمَّا رَآنِي قَال: "لَعَل أُمَّ سُلَيمٍ وَلَدَتْ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ. فَوَضَعَ الْمِيسَمَ. قَال: وَجِئْتُ بِهِ فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ. وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعَجْوَةِ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ. فَلاكَهَا فِي فِيهِ حَتَّى ذَابَتْ. ثُمَّ قَذَفَهَا فِي فِي الصَّبِيِّ. فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهَا. قَال: فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "انْظُرُوا إِلَى حُبِّ الأَنْصَارِ التَّمْرَ" قَال: فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ
ــ
من الناس (حتى تغدو) وتبكر (به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحنكه، قال أنس: (فلما أصبح) الولد ودخل في الصباح (احتملته) أي حملته فافتعل هنا لمبالغة الثلاثي (فانطلقت به) أي بالولد (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) أنس: (فصادفته) أي وافقت رسول الله صلى الله عليه وسلم (و) الحال أنه معه ميسم بكسر الميم وهو المكوى الذي يكوى ويوسم أي يعلم به الحيوان من الإبل وغيرها، من الوسم وهو العلامة ومنه قوله تعالى:{سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16)} أي سنجعل على أنفه سوادًا يُعرف به يوم القيامة والخرطوم من الإنسان رأس الأنف (فلما رآني) رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) لي: (لعل أم سليم ولدت؟ قلت) له: (نعم) ولدت يا رسول الله (فوضع الميسم) الذي كان بيده على الأرض (قال) أنس (وجئت به) أي بالولد (فوضعته في حجره) أي على مقدم بدنه (ودعا) أي طلب (رسول الله صلى الله عليه وسلم بعجوة) أي بتمرة (من عجوة المدينة) أي من تمورها وهو أجود تمورها (فلاكها) أي مضغ رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك العجوة (في فيه) أي في فمه (حتى ذابت) تلك العجوة وانماعت في فمه صلى الله عليه وسلم (ثم) بعد مضغها في فيه (قذفها) أي قذف تلك العجوة المذابة (في في الصبي) أي في فم الولد (فجعل الصبي) أي شرع (يتلمظها) أي يمتصها ويتتبع بلسانه بقيتها ويمسح به شفتيه (قال) أنس: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انظروا إلى حب الأنصار التمر) حتى هذا الولد يحبه (قال) أنس: (فمسح) رسول الله صلى الله عليه وسلم (وجهه) أي وجه الولد ورأسه (وسماه) أي سمى الولد (عبد الله) أي باسم عبد الله لأنه أفضل الأسماء.