المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌693 - (7) باب في سدله وفرقه شعره وقده وصفة شعره وفمه وعينيه وعقبيه ولونه وشيبه صلى الله عليه وسلم - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌687 - (1) باب كونه صلى الله عليه وسلم مختارًا من خيار الناس، وتسليم الحجر عليه وتفضيله على جميع الخلق، وبعض معجزاته، وتوكله

- ‌ كتاب فضائل النبي صلى الله عليه وسلم وفواضله عليه الصلاة والسلام

- ‌688 - (2) باب بيان مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم وشفقته على أمته وذكر كونه خاتم النبيين وذكر إذا أراد الله رحمة أمة قبض نبيها قبلها

- ‌689 - (3) باب إثبات حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبيان قدره وصفته وكيزانه

- ‌690 - (4) - باب قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته، وكونه أجود الناس، وكونه أحسنهم خلقًا، وما سُئل شيئًا وقال: "لا" قط، وكثرة عطائه

- ‌691 - (5) باب رحمته صلى الله عليه وسلم للصبيان والعيال، وكثرة حيائه، وتبسمه، وأمر سواق مطايا النساء بالرفق بهن، وتبرك الناس به صلى الله عليه وسلم

- ‌692 - (6) باب بعداه صلى الله عليه وسلم من الإثم واختياره أيسر الأمور وانتقامه لله تعالى وطيب رائحته ولين مسه وطيب عرقه والتبرك به وعرقه حين يأتيه الوحي وبيان كيفية إتيانه

- ‌693 - (7) باب في سدله وفرقه شعره وقده وصفة شعره وفمه وعينيه وعقبيه ولونه وشيبه صلى الله عليه وسلم

- ‌694 - (8) باب إثبات خاتم النبوة وصفة النبي صلى الله عليه وسلم ومبعثه وكم سنه حين قُبض وكم أقام بمكة وبالمدينة وفي أسمائه وكونه أشد الناس علمًا بالله وخشية له تعالى ووجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم

- ‌695 - (9) باب ترك الإكثار من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم توقيرًا له ووجوب امتثال ما فعله شرعًا في الدين دون ما ذكره رأيًا من معايش الدنيا وفضل النظر إليه وتمنيه

- ‌ كتاب فضائل بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفضائل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين

- ‌696 - (10) باب في فضائل عيسى وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام

- ‌697 - (11) باب فضائل موسى، وفضائل يونس، وفضائل يوسف، وفضائل زكريا عليهم الصلاة والسلام

- ‌698 - (12) باب فضائل الخضر عليه السلام

- ‌ أبواب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌699 - (13) الأول منها باب فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌700 - (14) والثاني منها باب فضل عمر رضي الله عنه

- ‌701 - (15) والثالث منها باب فضل عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه وأرضاه

- ‌702 - (16) والرابع منها باب فضائل علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه

- ‌703 - (17) الباب الخامس منها باب فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌704 - (18) والباب السادس منها باب فضائل طلحة والزبير وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌705 - (19) باب فضائل الحسن والحسين وفضائل أهل البيت وفضائل زيد بن حارثة وابنه أسامة وفضائل عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌706 - (20) والباب الثامن منها باب فضائل خديجة الكبرى رضي الله تعالى عنها وأرضاها

- ‌707 - (21) والباب التاسع منها باب فضل عائشة رضي الله تعالى عنها

- ‌708 - (22) والباب العاشر منها باب فضائل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء العالمين رضي الله تعالى عنها وأرضاها

- ‌709 - (23) والحادي عشر منها باب من فضائل أم سلمة وزينب وأم أيمن وأم سليم رضي الله تعالى عنهن

- ‌زينب أم المؤمنين

- ‌أم أيمن

- ‌أم سليم

- ‌710 - (24) والباب الثاني عشر منها باب فضائل أبي طلحة الأنصاري وبلال وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌فضائل بلال

- ‌فضائل ابن مسعود

- ‌711 - (25) والثالث عشر منها باب‌‌ فضائل أُبي بن كعبوزيد بن ثابت وسعد بن معاذ وأبي دجانة وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌ فضائل أُبي بن كعب

- ‌فضائل زيد بن ثابت

- ‌فضائل سعد رضي الله عنه

- ‌فضائل أبو دجانة

- ‌فضائل أبي جابر

الفصل: ‌693 - (7) باب في سدله وفرقه شعره وقده وصفة شعره وفمه وعينيه وعقبيه ولونه وشيبه صلى الله عليه وسلم

‌693 - (7) باب في سدله وفرقه شعره وقده وصفة شعره وفمه وعينيه وعقبيه ولونه وشيبه صلى الله عليه وسلم

5909 -

(2312)(67) حدَّثنا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ. (قَال مَنْصُورٌ: حَدَّثَنَا. وَقَال ابْنُ جَعْفَرٍ: أَخْبَرَنَا) إِبْرَاهِيمُ، (يَعْنِيَانِ ابْنَ سَعْدٍ)، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَال: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ، وَكَانَ الْمُشرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُؤُوسَهُمْ. وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى

ــ

693 -

(7) باب في سدله وفرقه شعره وقده وصفة شعره وفمه وعينيه وعقبيه ولونه وشيبه صلى الله عليه وسلم

5909 -

(2312)(67)(حدثنا منصور بن أبي مزاحم) بشير التركي البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (ومحمد بن جعفر بن زياد) الوركاني البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (قال منصور: حدثنا وقال ابن جعفر: أخبرنا إبراهيم يعنيان ابن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن) محمد بن مسلم (بن شهاب) الزهري المدني، ثقة، من (4) روى عنه في (23) بابا (عن عبيد الله بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود الهذلي المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (9) أبواب (عن ابن عباس) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) ابن عباس:(كان أهل الكتاب) اليهود والنصارى (يسدلون) أي يرسلون (أشعارهم) من كل الجوانب يعني على الجبين والقرنين والقفا، ولكن المراد بالسدل هنا أن يتركوا شعر ناصيتهم على جبهتهم، قال النووي: قال العلماء: المراد بالسدل إرساله على الجبين واتخاذه كالقُصّة والقُصّة بالضم شعر الناصية يقال: سدل شعره من بابي نصر وضرب إذا أرسله على الناصية وجعله قُصّة أي مجموعة على الناصية، ويقال: سدل شعره وثوبه إذا أرسله ولم يضم جوانبه (وكان المشركون) أي مشركو العرب (يفرقون رؤوسهم) أي يقسمون شعورهم على جوانب رؤوسهم أي على القرنين، وقوله:(يفرقون) يقال: فرق شعره من بابي نصر وضرب إذا قسمه على الجانبين وجعل له مفرقًا من الفرق وهو جعل شعر الرأس فرقتين على الجانبين وبينهما مفرق، قال العلماء: والفرق سنة لأنه هو الذي رجع إليه النبي صلى الله عليه وسلم بعدما تركه أولًا (وكان رسول الله صلى

ص: 177

اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ. فَسَدَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَاصِيَتَهُ، ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ.

5910 -

(00)(00) وحدّثني أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ

ــ

الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما) أي في أمر (لم يؤمر به) أي لم يؤمر فيه بشيء من الفعل أو الترك أي فيما لا يخالف شرعه لأن أهل الكتاب كانوا في زمانه صلى الله عليه وسلم متمسكين ببقايا من شرائع الرسل فكانت موافقتهم أحب إليه من موافقة عبّاد الأوثان (فسدل) أي أرسل (رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته) أي شعر ناصيته على الجبين والجبهة موافقة لأهل الكتاب لما ذُكر فلما أسلم غالب عبّاد الأوثان ولم يُسلم أهل الكتاب عنادًا له أحب صلى الله عليه وسلم حينئذٍ مخالفة أهل الكتاب فيما وافقهم فيه أولًا من سدل الشعر على الناصية (ثم فرق) شعره أي جعله فرقتين على الجانبين (بعد) أي بعدما سدله أولًا موافقة لهم، وقيل: إنه فعل ذلك السدل أولًا لاستئلافهم فلما ظهر الدين واستغنى عن استئلافهم أمر بمخالفتهم والتعليل الأول أولى وأوفق، قوله:(ثم فرق بعد) ومن ثم ذهب جماعة من العلماء إلى كونه سنة، وقال آخرون: السدل والفرق كلاهما جائز والفرق أفضل لكونه آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجحه النووي.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 287]، والبخاري في مواضع منها في المناقب باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم [3558]، وأبو داود [4188]، وابن ماجه في اللباس باب اتخاذ الجمة والذوائب [3676].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:

5910 -

(00)(00)(وحدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو الأموي المصري (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) القرشي المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب بهذا الإسناد) يعني عن عبيد الله عن ابن عباس، غرضه بيان متابعة يونس لإبراهيم بن سعد، وساق يونس (نحوه) أي نحو حديث إبراهيم بن سعد.

ص: 178

5911 -

(2313)(68) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ. قَال: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مَرْبُوعًا

ــ

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث البراء رضي الله عنه فقال:

5911 -

(2313)(68)(حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري المعروف بغندر (حدثنا شعبة قال) شعبة: (سمعت أبا إسحاق) السبيعي عمرو بن عبد الله الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (11) بابا (قال) أبو إسحاق:(سمعت البراء) بن عازب بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي، أبا عمارة الكوفي، الصحابي المشهور رضي الله عنه، روى عنه في (6) أبواب. وهذا السند من خماسياته حالة كون البراء (يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا) بضم الجيم في الروايات المعتمدة، وقد ضبطه بعضهم بكسر الجيم يعني: كان رجل الشعر وهو الذي بين الجعودة والسبوطة ورجح بعض العلماء كسر الجيم زعمًا منهم بأنه لا يتصور من أحد من الصحابة أن يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكونه (رجلًا بضم الجيم) ولم يُنقل مثل ذلك عن أحد من الصحابة في غير هذا الحديث لكن تعقبه الشيخ علي القاري في شرح الشمائل [1/ 17] بأنه لا يستبعد من الصحابة فإن مثل هذا الإطلاق كثير في العرف يقال: رجل كريم ورجل صالح، واستظهر بعضهم أنه زيادة من أحد الرواة ولذلك لم يوجد لفظ رجلًا في بعض الروايات والله أعلم اهـ منه، وقال الدهني: ووقع في الروايات المعتمدة بضم الجيم فيحتمل أن يكون المراد به المعنى المتبادر المتعارف الذي يراد بلفظ الرجل وهو المقابل للمرأة، ومعناه واضح وهو حينئذٍ توطئة للخبر لأن الخبر في الحقيقة هو قوله:(مربوعًا) إذ هو الذي يفيد الفائدة المعتد بها والمراد به أنه صلى الله عليه وسلم كان لا طويلًا ولا قصيرًا أي وسطًا بينهما، وورد في بعض الأحاديث (ربعة) وهو بمعنى مربوعًا، ويحتمل أن يراد بالرجل شعره صلى الله عليه وسلم إذ الرجل بكسر الجيم وتحها وضمها وسكونها بمعنى واحد وهو الذي في شعره تكسر يسير ويؤيده ما صح في بعض النسخ بكسر الجيم وسكونها وحينئذٍ لا يحتاج إلى جعله توطئة الخبر وكان هذا المعنى أصوب إذ لا يليق بحال الصحابة أن يصف

ص: 179

بَعِيدَ مَا بَينَ الْمَنْكِبَينِ. عَظِيمَ الْجُمَّةِ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيهِ، عَلَيهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ

ــ

المصطفى صلى الله عليه وسلم بكونه رجلًا بالمعنى المتبادر منه ولم يُسمع في غير هذا الخبر ذكر أحد من الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعنوان (كان رجلًا كذا) بل الظاهر أنه من زيادة بعض الرواة ممن دون الصحابة لكن الطعن في الرواة مستبعد لأن زيادة الثقة مقبولة إجماعًا والأحسن أن يُحمل على المعنى المرادف أو على المتعارف ويُراد به كامل الرجولية أو توطئة للخبر وهو كثير في العرف يقال: فلان رجل كريم فقوله: مربوعًا على هذا المعنى صفة لرجلًا وخبر آخر لكان على ذلك المعنى، وكذا إعراب قوله:(بعيد ما بين المنكبين) اهـ جمع الوسائل على الشمائل باختصار أي عريض ما بين المنكبين واسعه والمنكب مجمع عظم العضد والكتف ومعناه عريض أعلى الظهر وهو مستلزم لعرض الصدر، قال العسقلاني: وأراد ببعيد ما بينهما السعة إذ هي علامة النجابة، وقيل: بُعد ما بينهما كناية عن سعة الصدر وشرحه الدالِّ على الجود والوقار وهو من صفات الجمال في الرجل، ووقع في بعض النسخ بُعيد بضم الباء مصغرًا وهو تصغير ترخيم، والقياس أن يكون تصغيره بعيد بتشديد الياء وكسرها، ووجه بعض العلماء هذه النسخة بأن التصغير إشارة إلى اعتدال البعد المذكور والمراد أن طول ما بين منكبيه الشريفين لم يكن مفرطًا وإنما كان معتدلًا وهذا الوجه صحيح من حيث المعنى غير أن نسخة التصغير لا تساعدها رواية (عظيم الجمة) بضم الجيم وتشديد الميم أي كثيفها، وقال الحافظ: إن الجمة هي مجتمع الشعر إذا تدلى من الرأس إلى شحمة الأذن وإلى المنكبين وإلى أكثر من ذلك، وأما الذي لا يجاوز الأذنين فهو الوفرة ويعضده قوله:(إلى شحمة أذنيه) أي كان عظيم الجمة وكثيفها حالة كونها واصلة إلى شحمة أذنيه وجلدتها، فالجمة عامة تطلق على الوفرة وهي الواصلة إلى شحمة الأذن ولم تجاوزها، وعلى اللمة وهي التي ألمّت بالمنكبين ووصلت إليهما والذي جاوز المنكبين يسمى جمة لا غير، قال النووي: قال أهل اللغة: الجمة أكثر من الوفرة واللمة، فالجمة: الشعر الذي نزل على المنكبين والوفرة ما نزل إلى شحمة الأذنين واللمة التي ألّمت بالمنكبين، وأما شحمة الأذن فهو اللين منها في أسفلها وهو معلق القرط منها. ورأيته صلى الله عليه وسلم (عليه حلة حمراء) والحلة بضم الحاء إزار ورداء ولا يسمى حلة حتى يكون ثوبين، قال في شرح الشمائل: والمراد بالحلة الحمراء بردان يمنيان منسوجان بخطوط حمراء مع سود كسائر البرد اليمنية وهي معروفة بهذا الاسم باعتبار ما فيها من المخطوط الحمر،

ص: 180

مَا رَأَيتُ شَيئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم.

5912 -

(00)(00) حدَّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ. قَال: مَا رَأَيتُ مِن ذِي لِمَّةٍ أَحْسَنَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، شَعْرُهُ يَضْرِبُ مَنْكِبَيهِ، بَعِيدَ

ــ

وفيه دليل على جواز لبس الأحمر من الثياب وقد أخطأ من كره لبسه مطلقًا غير أنه قد يختص بلبسه في بعض الأوقات أهل الفسق والبطالة والمجون فحينئذٍ يكره لأنه إذ ذاك تشبه بهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أبو داود [4031] لكن ليس هذا مخصوصًا بالحمرة بل هو جار في كل الألوان والأحوال حتى لو اختص أهل الظلم والفسق بشيء مما أصله سنة كالخاتم والخضاب والفَرْقِ لكان ينبغي لأهل الدين أن لا يتشبهوا بهم مخافة الوقوع فيما كرهه الشرع من التشه بأهل الفسق ولأنه قد يظن به من لا يعرفه أنه منهم فيعتقد فيه ذلك وينسبه إليهم فيظن به ظن السوء فيأثم الظان بذلك والمظنون به بسبب المعونة عليه اهـ من المفهم (مما رأيت شيئًا قط أحسن) وأجمل، وقط ظرف مستغرق لما مضى من الزمان متعلق بالنفي أي ما رأيت فيما مضى من عمري شيئًا أحسن وأجمل (منه صلى الله عليه وسلم خلقًا وخُلقًا وصفة وحلية.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 290]، والبخاري في مواضع منها في كتاب الأنبياء باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم [3551]، وأبو داود في الترجل باب ما جاء في الشعر [4183، 4184]، والترمذي في المناقب باب في صفة النبي صلى الله عليه وسلم [3635]، والنسائي في الزينة باب اتخاذ الجمة [5232 و 5233]، وابن ماجه [3599].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

5912 -

(00)(00)(حدثنا عمرو) بن محمد (الناقد) البغدادي (وأبو كريب قالا: حدثنا وكيع عن سفيان) الثوري (عن أبي إسحاق) السبيعي (عن البراء) بن عازب الأنصاري الأوسي رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سفيان لشعبة (قال) البراء:(ما رأيت من ذي لمة) بكسر اللام وتشديد الميم أي صاحبها (أحسن في حلة حمراء من رسول الله صلى الله عليه وسلم شعره يضرب) أي يصل (منكبيه بعيد

ص: 181

مَا بَينَ الْمَنْكِبَينِ، لَيسَ بِالطَّويلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ.

قَال أَبُو كُرَيبٍ: لَهُ شَعَرٌ.

(5913)

- (00)(00) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَال: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا. وَأَحْسَنَهُ خَلْقًا،

ــ

ما بين المنكبين ليس بالطويل ولا بالقصير) بل وسط بينهما (قال أبو كريب) في روايته: (له شعر) يضرب منكبيه بدل قول عمرو (شعره) واختلف الروايات في شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي رواية عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه، وفي رواية ما رأيت من ذي لمة أحسن، وفي رواية كان يضرب شعره منكبيه، وفي رواية إلى أنصاف أذنيه، وفي رواية بين أذنيه وعاتقه فبينها معارضة. (قلت): لا معارضة لأن اختلافها بالنظر إلى اختلاف الأوقات والأحوال فإنه إذا غفل عن تقصيرها بلغت المنكب أو جاوزته وإذا قصرها كانت إلى أنصاف أذنيه أو فوقها أو تحتها فكان صلى الله عليه وسلم يقصّر أحيانًا ويطوّل أحيانًا فبحسب ذلك اختلفت الروايات والله سبحانه وتعالى أعلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث البراء رضي الله عنه فقال:

(5913)

- (00)(00)(حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا إسحاق بن منصور) السلولي بفتح السين وضم اللام نسبة إلى بني سلول مولاهم أبو عبد الرحمن الكوفي، صدوق، من (9) روى عنه في (5) أبواب (عن إبراهيم بن يوسف) بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي، صدوق، من (7) روى عنه في (3) أبواب (عن أبيه) يوسف بن إسحاق السبيعي الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (3) أبواب (عن أبي إسحاق) السبيعي عمرو بن عبد الله الكوفي، ثقة، من (3) (قال) أبو إسحاق:(سمعت البراء) بن عازب (يقول): وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يوسف بن إسحاق لشعبة بن الحجاج وسفيان الثوري (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس) أي أجمل الناس (وجهًا وأحسنه) أي أحسن الناس (خلقًا) بفتح الخاء وسكون اللام أي ذاتًا لأن مراده صفات جسمه، وأما في حديث أنس فرويناه بالضم لأنه إنما أخبر عن حسن معاشرته اهـ نووي، وأما قوله:(وأحسنه) بالإفراد فقال أبو حاتم وغيره: هكذا تقوله

ص: 182

لَيسَ بِالطَّويلِ الذَّاهِبِ وَلَا بِالْقَصِيرِ.

(5914)

- (2314)(69) حدَّثنا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ. قَال: قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: كَيفَ كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَال: كَانَ شَعَرًا رَجِلًا، لَيسَ بِالْجَعْدِ وَلَا السَّبْطِ، بَينَ أُذُنَيهِ وَعَاتِقِهِ

ــ

العرب (وأحسنه) يريدون وأحسنهم ولكن لا يتكلمون به وإنما يقولون أجمل الناس وأحسنه، ومنه الحديث:"خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أشفقه على ولد وأعطفه على زوج" وحديث أبي سفيان: "عندي أحسن العرب وأجمله"(ليس) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بالطويل الذاهب) أي البائن البالغ النهاية، والبائن هو الذي يباين الناس بزيادة طوله اهـ مفهم (ولا بالقصير) الفاحش بل هو وسط مقتصد بينهما، وفي الشفاء (كان ربعة القدّ ليس بالطويل البائن ولا بالقصير المتردد) وهو الذي تداخل بعضه في بعض اهـ مفهم ومع ذلك فلم يكن يماشيه أحد ينسب إلى الطول إلا طاله عليه السلام اهـ.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث أنس رضي الله عنه فقال:

(5914)

- (2314)(69)(حدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي الأيلي، صدوق، من (9)(حدثنا جرير بن حازم) بن زيد بن عبد الله الأزدي البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (19) بابا (حدثنا قتادة) بن دعامة بن قتادة السدوسي البصري، ثقة، من (4) روى عنه في (25) بابا (قال) قتادة:(قلت لأنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (كيف كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم أي على أي صفة كان؟ هل له جعودة أو سبوطة؟ (قال) أنس: (كان) شعره صلى الله عليه وسلم (شعرًا رجلًا) بفتح الراء وكسر الجيم أي وسطًا بين الجعد والسبط (ليس) شعره (بالجعد) التام بفتح الجيم وسكون العين من الجعودة، والجعودة في الشعر أن يكون فيه تعقد والتواء وتلفف كما يُشاهد في بعض الأفارقة والمراد من نفي الجعودة هنا نفي شدة الجعودة (ولا) بـ (السبط) بفتح السين وسكون الباء وربما تُكسر الباء وتفتح أيضًا من السبوطة وهي ضد الجعودة وهو الامتداد والاسترسال ليس فيه تعقد ولا نتوء ولا التواء ولا تلفف أصلًا كما في شعر الأفارج والمراد أن شعره صلى الله عليه وسلم كان متوسطًا بين الجعودة والسبوطة كشعر الأعراب كان شعره جمة (بين أذنيه وعاتقه) والعاتق ما بين المنكب والعنق.

ص: 183

5915 -

(00)(00) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلالٍ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ. قَالا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَضْرِبُ شَعَرُهُ مَنْكِبَيهِ.

5916 -

(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حُمَيدٍ، عَنْ أَنَسٍ. قَال: كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيهِ

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 118]، والبخاري في مواضع منها في اللباس باب الجعد [5900]، وأبو داود في الترجل باب ما جاء في الشعر [4185 - 4186]، والترمذي في اللباس باب ما جاء في الجمة واتخاذ الشعر [1754]، والنسائي في الزينة باب اتخاذ الجمة [5234 و 5235]، وابن ماجه في اللباس باب اتخاذ الجمة والذوائب [3678].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5915 -

(00)(00)(حدثني زهير بن حرب حدثنا حبان) بفتح المهملة وتشديد الموحدة (بن هلال) الباهلي أبو حبيب البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (8) أبواب (ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الصمد) بن عبد الوارث العنبري البصري، صدوق، من (9) روى عنه في (16) بابا (قالا): أي قال حبان وعبد الصمد (حدثنا همام) بن يحيى بن دينار الأزدي البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (12) بابا (حدثنا قتادة عن أنس) رضي الله عنه. وهذان السندان من خماسياته، غرضه بيان متابعة قتادة لجرير بن حازم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب) ويصل (شعره منكبيه).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5916 -

(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (وأبو كريب قالا: حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم (ابن علية) الأسدي البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (15) بابا (عن حميد) بن أبي الحميد الطويل مولى طلحة الطلحات البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (14) بابا (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة حميد لقتادة (قال) أنس:(كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصل (إلى أنصاف أذنيه) جمع نصف بمعنى الوسط، وقد تقدم آنفًا الجمع بين هذه الروايات

ص: 184

5917 -

(2315)(70) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، (وَاللَّفْظُ لابْنِ الْمُثَنَّى)، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَلِيعَ الْفَمِ، أَشْكَلَ الْعَينِ. مَنْهُوسَ الْعَقِبَينِ، قَال: قُلْتُ لِسِمَاكٍ: مَا ضَلِيعُ الْفَمِ؟ قَال:

ــ

المختلفة بأحسن جمع، وقال القاضي: والجمع بين هذه الروايات أن ما يلي الأذن هو الذي يبلغ شحمة أذنيه وهو الذي بين أذنيه وعاتقه وما خلفه هو الذي يضرب منكبيه اهـ.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الرابع من الترجمة بحديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما فقال:

5917 -

(2315)(70)(حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي الملقب بغندر (حدثنا شعبة عن سماك بن حرب) بن أوس الذهلي الكوفي، صدوق، من (4) روى عنه في (14) بابا (قال) سماك:(سمعت جابر بن سمرة) بن جنادة السوائي الكوفي رضي الله تعالى عنهما (قال): وهذا السند من خماسياته، أي سمعته حالة كونه قائلًا (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم) أي واسع الفم، والعرب تمدح بذلك، وتذم بصغر الفم، وفسره سماك في آخر الحديث بعظيم الفم أي واسعه وهو تفسير صحيح اختاره الأكثر والضليع في الأصل هو الذي عظمت أضلاعه ووفرت فاتسع جنباه ثم استعمل في موضع العظيم وإن لم يكن ثمة أضلاع، وفيه إيماء إلى قوة فصاحته وسعة بلاغته، وقال شمر: أراد عظيم الأسنان وقيل: معناه شدة الأسنان وكونها تامة كذا في جمع الوسائل على الشمائل [1/ 37](أشكل العين) فسره سماك بن حرب بطويل شق العين ولكن غلّطه القاضي عياض وقال: إنه وهم من سماك باتفاق العلماء، والصواب ما اتفق عليه العلماء وجميع أصحاب الغريب من أن الشُّكلة بضم الشين كما في القاموس حُمرة في بياض العين وهو محمود عند العرب جدًّا، (والشهلة) بضم الشين وبالهاء حمرة في سوادها ويؤيده ما أخرجه البيهقي عن علي رضي الله عنه (كان صلى الله عليه وسلم عظيم العينين أهدب الأشفار مشرب العين بحمرة) اهـ جمع الوسائل (منهوس العقبين) أي قليل لحم العقبين، وفي القاموس: المنهوس من الرجال قليل اللحم منهم فقيد العقب يفيد نفي ما عدا العقب (قال) شعبة: (قلت لسماك) بن حرب: (ما) معنى (ضليع الفم؟ قال) سماك: معناه

ص: 185

عَظِيمُ الْفَمِ. قَال: قُلْتُ: مَا أَشْكَلُ العَينِ؟ قَال: طَويلُ شَقِّ العَينِ. قَال: قُلْتُ: مَا مَنْهُوسُ الْعَقِبِ؟ قَال: قَلِيلُ لَحْمِ الْعَقِبِ.

5918 -

(2316)(71) حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الْجُرَيرِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيلِ. قَال: قُلْتُ لَهُ: أَرَأَيتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَال: نَعَمْ، كَانَ أَبْيَضَ، مَلِيحَ الْوَجْهِ

ــ

(عظيم الفم) قال الأبي: والمعنى أنه ليس بالصغير الحقير ولا أنه كان من الكبر بحيث يخرج من الحسن اهـ (قال) شعبة: (قلت ما) معنى (أشكل العين؟ قال) سماك معناه (طويل شق) لحاظ (العين) وموقها، وهذا خطأ من سماك، والصواب ما قلناه أولًا كما مر آنفًا (قال) شعبة:(قلت) لسماك: (ما) معنى (منهوس العقب؟ قال) سماك معناه (قليل لحم العقب).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي في المناقب باب في صفته صلى الله عليه وسلم [3547 و 3548].

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الخامس من الترجمة بحديث أبي الطفيل رضي الله عنه فقال:

5918 -

(2316)(71)(حدثنا سعيد بن منصور) بن شعبة الخراساني نزيل مكة، ثقة، من (10) روى عنه في (15) بابا (حدثنا خالد بن عبد الله) بن عبد الرحمن المزني مولاهم أبو الهيثم الواسطي الطحان، ثقة، من (8) روى عنه في (7) أبواب (عن) سعيد بن إياس (الجريري) مصغرًا نسبة إلى أحد أجداده أبي مسعود البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (10) أبواب (عن أبي الطفيل) عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش الليثي المكي، ولد عام أحد، وأثبت مسلم وابن عدي صحبته ورؤيته النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (قال) الجريري:(قلت له) أي لأبي الطفيل: (أرأيت) أي هل رأيت (رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) أبو الطفيل: (نعم) رأيته صلى الله عليه وسلم (كان) صلى الله عليه وسلم (أبيض) اللون (مليح الوجه) أي جميله يعني كان أبيض في صفاء كما جاء أنه صلى الله عليه وسلم كان أزهر وكما قال ليس بالأبيض الأمهق والملاحة أصلها في العينين كما تقدم اهـ من المفهم.

ص: 186

قَال مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ: مَاتَ أَبُو الطفَيلِ سَنَةَ مِائَةٍ وَكَانَ آخِرَ مَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

5919 -

(00)(00) حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنِ الْجُرَيرِيِّ، عَن أَبِي الطُّفَيلِ، قَال: رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ رَجُلٌ رَآهُ غَيرِي. قَال: فَقُلْتُ لَهُ: فَكَيفَ رَأَيتَهُ؟ قَال: كَانَ أَبْيَضَ مَلِيحًا مُقَصَّدًا

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [5/ 454]، وأبو داود في الأدب باب في هدي الرجل [4864].

قال أبو إسحاق إبراهيم بن محمد راوي المؤلف (قال) لنا (مسلم بن الحجاج مات أبو الطفيل سنة مائة) وقال غيره: مات اثنتين ومائة، وقيل سنة سبع ومائة اهـ من الإصابة [4/ 113](وكان) أبو الطفيل (آخر من مات) على الإطلاق (من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

5919 -

(00)(00)(حدثنا عبيد الله بن عمر) بن ميسرة الجمشي مولاهم أبو شعيب (القواريري) البصري، ثقة، من (10) روى عنه في (10) أبواب (حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى) السامي بالمهملة أبو محمد البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (11) بابا (عن) سعيد بن إياس (الجريري) البصري (عن أبي الطفيل) وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة عبد الأعلى لخالد بن عبد الله الطحان (قال) أبو الطفيل:(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما على وجه الأرض) وظاهرها الآن (رجل رآه) صلى الله عليه وسلم (غيري) لأن كل أصحابه قد ماتوا (قال) الجريري (فقلت له) أي لأبي الطفيل (فكيف رأيته؟ ) أي فعلى أي حال وأي صفة رأيته (قال) أبو الطفيل رأيته وقد (كان أبيض) صافيًا (مليحًا) أي جميلًا (مقصدًا) بصيغة اسم المفعول من قصد الرباعي المضعف أي وسطًا بين جسيم ونحيف وطويل وقصير يعني أنه لم يكن ضئيل الجسم ولا ضخمه ولا طويلًا ولا قصيرًا مترددًا بل كان وسطًا فيهما.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أنس رضي الله عنه فقال:

ص: 187

5920 -

(2317)(72) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَابْنُ نُمَيرٍ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ. قَال عَمْرٌو: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَال: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: هَلْ خَضَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَال: إِنَّهُ لَم يَكُنْ رَأَى مِنَ الشَّيبِ إِلَّا - (قَال ابْنُ إِدْرِيسَ: كَأَنَّهُ يُقَلَّلُهُ) - وَقَدْ خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ

ــ

5920 -

(2317)(72)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و) محمد بن عبد الله (بن نمير وعمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) البغدادي (جميعًا) أي كل من الثلاثة رووا (عن) عبد الله (بن إدريس قال عمرو) الناقد (حدثنا عبد الله بن إدريس) بن يزيد بن عبد الرحمن (الأودي) بسكون الواو أبو محمد الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (17) بابا (عن هشام) بن حسان الأزدي القردوسي أبي عبد الله البصري، ثقة، من (6) روى عنه في (7) أبواب (عن) محمد (بن سيرين) الأنصاري مولاهم مولى أنس أبي بكر البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (16) بابا (قال) ابن سيرين:(سئل أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (هل خضب رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا؟ والسائل هو ابن سيرين كما هو مصرح في الرواية التالية اهـ تنبيه المعلم (قال) أنس في جواب السائل: (إنه) صلى الله عليه وسلم (لم يكن رأى من الشيب إلا) قليلًا أي إلا شعرات قليلة فأي شيء يخضب (قال ابن إدريس) في روايته أي زاد على غيره لفظة (كأنه) أي كأن أنسًا (يقلله) أي يقلل شيبه صلى الله عليه وسلم أي يعده قليلًا بحيث لا يحتاج إلى خضاب، ومراد أنس نفيه خضاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيبه لكونه قليلًا لا يظهر إلا للمتأمل في نظره (و) سئل أنس عن خضاب أبي بكر وعمر كما تدل على هذا التقدير الرواية التالية فقال:(قد خضب أبو بكر وعمر بالحناء والكتم) مخلوطين ليميل الخضاب إلى السواد وخضابها يصدق على مرة أو مرتين فلا يدل تعبيره على المواظبة لأنه لم يُعبّر بكان الدالة على الدوام والمواظبة والحناء شجر معروف خضابه أحمر، والكتم شجر معروف خضابه أسود في الأرميا (كُنْتُم) يرعاه الإبل كثيرًا، وقال بعض الشراح: والكتم نبت يُصبغ به الشعر يكسر بياضه أو حمرته إلى الدهمة أي السواد وقيل: هو الوسمة وقيل: غيرها كما في الشّراح والله أعلم اهـ دهني.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 227]، والبخاري في المناقب

ص: 188

921 -

(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بن الرَّيَّانِ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عَاصِمٍ الأحْوَلِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ. قَال: سَأَلتُ أنَسَ بْنَ مَالِكٍ:

ــ

باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم [3550] وفي اللباس باب ما يُذكر في الشيب [5894 و 5895]، وأبو داود الترجل باب في الخضاب [4209]، والنسائي في الزينة باب الخضاب بالصفرة [5086 و 5087]، وابن ماجه في اللباس باب من ترك الخضاب [3673].

[تتمة] قول أنس (لم يكن رأى من الشيب إلا قليلًا) والمراد أنه صلى الله عليه وسلم لم يشب رأسه أو لحيته شيبة يحتاج من أجلها إلى الخضاب وقد ذكر ذلك صريحًا في الرواية الآتية (لم يبلغ الخضاب) وفيه نفي ظاهر لخضاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعارضه في الظاهر ما رواه أصحاب السنن والحاكم من حديث أبي رمثة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه بردان أخضران وله شعر قد علاه الشيب وشيبه أحمر مخضوب بالحناء، وقد روي عن ابن عمر أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخضب بالصفرة أخرجه الشيخان، وقد أخرج البخاري في اللباس عن عبد الله بن موهب أن أم سلمة رضي الله تعالى عنها أخرجت له شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فرأيت شعرات حُمرًا"، والجمع بينه وبين حديث أنس أن يُحمل نفي أنس على غلبة الشيب حتى يحتاج إلى خضابه ولم يتفق له أن يرى شعره صلى الله عليه وسلم مخضوبًا، ويحمل حديث من أثبت الخضاب على أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك أحيانًا ولم يواظب عليه والله سبحانه وتعالى أعلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5921 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن بكار بن الريان) الهاشمي مولاهم أبو عبد الله البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا إسماعيل بن زكرياء) بن مرة الخلقاني -بضم المعجمة وفتح القاف بعد اللام الساكنة آخره نون- نسبة إلى بيع الخلقان جمع خلق من الثياب وغيرها كما في اللباب الأسدي، أبو زياد الكوفي، لقبه شقوصًا -بفتح المعجمة وضم القاف الخفيفة وبالمهملة- صدوق، من (8) روى عنه في (7) أبواب (عن عاصم) بن سليمان (الأحول) التميمي أبي عبد الرحمن البصري، ثقة، من (4) روى عنه في (17) بابا (عن) محمد (بن سيرين قال) محمد:(سألت أنس بن مالك)

ص: 189

هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَضَبَ؟ فَقَال: لَمْ يَبْلُغِ الْخِضَابَ. كَانَ فِي لِحْيَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ. قَال: قُلْتُ لَهُ: أَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَخْضِبُ؟ قَال: فَقَال: نَعَمْ، بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.

5922 -

(00)(00) وحدّثني حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ. حَدَّثَنَا وُهَيبُ ابْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَال: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: أَخَضَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَال: إِنَّهُ لَمْ يَرَ مِنَ الشَّيبِ إِلَّا قَلِيلًا

ــ

رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عاصم لهشام بن حسان (هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خضب) شعره (فقال) أنس:(لم يبلغ) النبي صلى الله عليه وسلم أوان (الخضاب) لأنه (كان في لحيته شعرات بيض) جمع بيضاء قليلة نحو عشرين كما هو مصرح في بعض الروايات (قال) ابن سيرين: (قلت له) أي لأنس (أكان أبو بكر يخضب) شيبه (قال) ابن سيرين: (فقال) لي أنس: (نعم) يخضب أبو بكر (بالحناء والكتم) مخلوطين ليميل الخضاب من الحمرة إلى السواد، أما الحناء فشجر معروف يخضب بورقه فيحمر الشعر، وأما الكتم بفتح الكاف والتاء المخففة وقد تشدد فنبت يخضب به الشعر ليتكسر بياضه أو حمرته إلى الدهمة ولا يُصبغ به الشعر الأسود بل يزيد سواده.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا فقال:

5922 -

(00)(00)(وحدثني حجاج) بن يوسف بن الحجاج الثقفي أبو محمد البغدادي المعروف بـ (ابن الشاعر) ثقة حافظ، من (11) روى عنه في (13) بابا (حدثنا معلي بن أسد) العمي بفتح المهملة وتشديد الميم أبو الهيثم البصري، ثقة، من كبار (10) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا وهيب بن خالد) بن عجلان الباهلي مولاهم أبو بكر البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (13) بابا (عن أيوب) السختياني العنزي البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (17) بابا (عن محمد بن سيرين قال) محمد:(سألت أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أيوب لهشام وعاصم الأحول (أخضب رسول الله صلى الله عليه وسلم شعره (قال) أنس:(إنه) صلى الله عليه وسلم (لم ير من الشيب إلا قليلًا) فلم يحتج إلى الخضاب.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

ص: 190

5923 -

(00)(00) حدّثني أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ. قَال: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ خِضَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَال: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتٍ كُنَّ فِي رَأْسِهِ فَعَلْتُ. وَقَال: لَم يَختَضِبْ. وَقَدِ اخْتَضَبَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، وَاخْتَضَبَ عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ بَحْتًا.

924 -

(00)(00) حدَّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ

ــ

5923 -

(00)(00)(حدثني أبو الربيع العتكي) الزهراني سليمان بن داود البصري (حدثنا حماد) بن زيد بن درهم الأزدي البصري، ثقة، من (8) لأنه هو الذي روى عنه أبو الربيع الزهراني (حدثنا ثابت) بن أسلم البناني (قال) ثابت:(سئل أنس بن مالك) رضي الله عنه (عن خضاب النبي صلى الله عليه وسلم والسائل هو ابن سيرين كما مر آنفًا. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة ثابت لمحمد بن سيرين (فقال) أنس: (لو شئت) أيها السائل (أن أعدّ) لك (شمطات) أي شعرات بيضًا (كن في رأسه) صلى الله عليه وسلم أي لو شئت أن أبيّن لك عدد شعرات بيض كن في رأسه (فعلت) بيان عددها لك لقلتهن وإمكان حصرهن، قال في النهاية: الشمطات جمع شمط بالتحريك والشمط الشيب والشمطات الشعرات البيض التي كانت في شعر رأسه صلى الله عليه وسلم يعني لقلتها اهـ، وقال القرطبي: الشمطات جمع شمطة ويعني بها الشعرات البيض المخالطة للشعر الأسود، قال الأصمعي: إذا رأى الرجل البياض فهو أشمط اهـ من المفهم (وقال) أنس: ولذلك أي ولأجل قتلها (لم يختضب) رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعره (وقد اختضب) واختضب هنا لمبالغة معنى الثلاثي أي قد خضب (أبو بكر) شيبه (بالحناء والكتم) مختلطين ليضرب لون الخضاب إلى السواد (واختضب عمر) أي خضب عمر شيبه (بالحناء بحتًا) أي خالصًا غير مخلوط بشيء بكتم ولا بغيره ليكون خضابه حمرة خالصة والبحت بالموحدة والحاء المهملة هو الخالص من الشيء المنفرد عن غيره، والكتم نبت يخلط بالوسمة يختضب به قاله في الصحاح، وقال أبو حنيفة اللغوي: الوسمة الحضر والعظلم والشبلج والتنومة وكله يُصبغ به والحناء ممدودة قال أبو علي جمع حناءة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا فقال:

5924 -

(00)(00)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان الأزدي البصري (الجهضمي) الصغير نسبة إلى الجهاضمة حارة في البصرة، ثقة ثبت، من (10)

ص: 191

حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: يُكْرَهُ أَنْ يَنْتِفَ الرَّجُلُ الشَّعْرَةَ الْبَيضَاءَ مِنْ رَأْسِهِ وَلحْيَتِهِ. قَال: وَلَمْ يَخْتَضِبْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. إِنَّما كَانَ الْبَيَاضُ فِي عَنْفَقَتِهِ وَفِي الصُّدْغَينِ وَفِي الرَّأْسِ نَبْذٌ.

925 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ

ــ

روى عنه في (16) بابا (حدثنا أبي) علي بن نصر بن علي الأزدي الجهضمي الكبير أبو الحسن البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (11) بابا (حدثنا المثنى بن سعيد) الضبعي أبو سعيد البصري القصير، ثقة، من (6) روى عنه في (5) أبواب (عن قتادة عن أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة قتادة لمن روى عن أنس (قال) أنس:(يُكره) كراهة تنزيه (أن ينتف) ويقلع (الرجل) وكذا المرأة (الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته) كراهية للشيب، قال النووي: هذا متفق عليه، قال أصحابنا وأصحاب مالك: يُكره ولا يحرم اهـ (قال) أنس: (ولم يختضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه (إنما كان البياض في عنفقته) بفتح العين وسكون النون وفتح الفاء والقاف، ورُوي بفتح الفاء وهي الشعرات التي تنبت تحت الشفة السفلى بينها وبين الذقن، وأصل العنفقة خفة الشيء وقلته (وفي الصدغين) تثنية صدغ، والصدغ بضم الصاد وسكون الدال هو ما بين الأذن والعين ويقال ذلك أيضًا للشعر المتدلي من الرأس فيي ذلك الموضع (وفي الرأس) أي وفي رأسه صلى الله عليه وسلم (نبذ) بفتح النون وسكون الباء أي قليل متفرق من الشعرات البيض، وضبطه بعضهم بضم النون وفتح الباء جمع نبذة ومعناهما متقارب أي شعرات بيض قليلة، قال الحافظ في الفتح [6/ 572] بعد نقل الروايات في شيب النبي صلى الله عليه وسلم وعُرف من مجموع ذلك أن الذي شاب من عنفقته أكثر مما شاب من غيرها اهـ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

5925 -

(00)(00)(وحدثنيه محمد بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا عبد الصمد) بن عبد الوارث بن سعيد العنبري البصري، صدوق، من (9) روى عنه في

ص: 192

حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، بِهَذَا الإِسْنَادِ.

5926 -

(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي دَاوُدَ. قَال ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُلَيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، سَمِعَ أَبَا إِيَاسٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَيبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَال: مَا شَانَهُ اللهُ بِبَيضَاءَ

ــ

(16)

بابا (حدثنا المثنى) بن سعيد الضبعي البصري (بهذا الإسناد) يعني عن قتادة عن أنس، غرضه بيان متابعة عبد الصمد لعلي بن نصر.

ثم ذكر رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا فقال:

5926 -

(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار وأحمد بن إبراهيم) بن كثير بن زيد البغدادي (الدروقي) نسبة إلى دورق بلدة من بلاد فارس، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (وهارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي البزار المعروف بالحمال، ثقة، من (10) روى عنه في (9) أبواب (جميعًا) أي كل من الأربعة رووا (عن أبي داود) الطيالسي سليمان بن داود بن الجارود البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (14) بابا (قال) محمد (بن المثنى حدثنا سليمان بن داود) بصريح اسمه وبصيغة السماع (حدثنا شعبة) بن الحجاج (عن خُليد) بضم أوله مصغرًا (بن جعفر) بن طريف الحنفي أبو سليمان البصري، صدوق، من (6) روى عنه في (4) أبواب (سمع أبا إياس) معاوية بن قرة بن إياس المزني البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (6) أبواب (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة أبي إياس لمن روى عن أنس (أنه سئل عن شيب النبي صلى الله عليه وسلم هل خضبه أم لا؟ (قال): ما خضبه لأنه (ما شانه الله) أي ما عابه الله تعالى ونقص جماله (بـ) شعرة (بيضاء) أي بشعرة ذات بياض يعني أن الشعرات البيض اليسيرة لم تغير من حسنه شيئًا ولم تنقصه، قوله:(ما شانه الله ببيضاء) قال القرطبي: معناه لم يكن شيبه كثيرًا بينًا حتى تزول عنه بهجة الشباب ورونقه ويلحق بالشيوخ الذين كان الشيب لهم عيبًا فإنه يدل على ضعفهم ومفارقة قوة الشباب ونشاطه، ويحتمل أن يريد أن ما ظهر عليه من الشيب اليسير زاده ذلك في عين الناظر إليه أبهة وتوقيرًا وتعظيمًا و (الشين) العيب اهـ من المفهم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أنس بحديث أبي جحيفة رضي الله تعالى عنهما فقال:

ص: 193

5927 -

(2318)(73) حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيرٌ. حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيى. أَخْبَرَنَا أَبُو خَيثَمَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جُحَيفَةَ قَال: رَأيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، هَذهِ مِنْهُ بَيضَاءَ، وَوَضَعَ زُهَيرٌ بَعْضَ أَصَابِعِهِ عَلَى عَنْفَقَتِهِ، قِيلَ لَهُ: مِثْلُ مَنْ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ؟ قَال: أَبْرِي النَّبْلَ وَأَرِيشُهَا

ــ

5927 -

(2318)(73)(حدثنا أحمد) بن عبد الله (بن يونس) بن عبد الله بن قيس التميمي الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا زهير) بن معاوية بن حديج الجعفي الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (10) أبواب (حدثنا أبو إسحاق) السبيعي عمرو بن عبد الله الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (11) بابا (ح وحدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير التميمي النيسابوري (أخبرنا أبو خيثمة) زهير بن معاوية (عن أبي إسحاق) السبيعي (عن أبي جحيفة) مصغرًا السوائي وهب بن عبد الله الكوفي مشهور بكنيته، ويقال له وهب الخير، معروف من صغار الصحابة رضي الله عنه. وهذان السندان من رباعياته (قال) أبو جحيفة:(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه) العنفقة بدل بعض من كل من الرسول، والضمير في قوله:(منه) أي من الرسول هو الرابط المشترط في بدل البعض من الكل، وقوله:(بيضاء) حال من المفعول لأن رأى هنا بصرية أي حالة كون عنفقته ذات شعرات بيض، قال أحمد بن يونس أو يحيى بن يحيى:(ووضع زهير) بن معاوية عندما روى لنا هذا الحديث (بعض أصابعه) أي بعض أصابع زهير (على عنفقته) أي على عنفقة زهير بيانًا للمشار إليه باللسان بالإشارة الحسية (قيل له) أي لأبي جحيفة: لم أر من بين اسم هذا القائل من الشراح (مثل من) خبر مقدم وجوبًا لإضافته إلى ما يلزم الصدارة وهو الاستفهام (أنت) مبتدأ مؤخر أي أنت مثل من من هؤلاء الحاضرين (يومئذٍ) أي يوم إذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والظرف متعلق بالنسبة الكائنة بين المبتدأ والخبر أي أنت تكون مثل من، وإنما سئل عن قدره ومثله لأنه كان من صغار الصحابة ولم يبلغ الحلم في عهده صلى الله عليه وسلم (فقال) أبو جحيفة في جواب سؤاله: أنا غلام مميز لأني (أبري) من باب رمى أي أنحت (النبل) أي السهام (وأريشها) من باب باع أي أريش السهام وأجعل لها ريشًا يعني كنت صبيًّا مميزًا أستطيع أن أباشر مثل هذه الأفعال.

ص: 194

5928 -

(2319)(74) حدَّثنا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيلٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي جُحَيفَةَ قَال: رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبْيَضَ قَدْ شَابَ. كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يُشْبِهُهُ.

5929 -

(00)(00) وحدّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 308]، والبخاري في المناقب باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم [3543 و 3544]، والترمذي في المناقب باب مناقب الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما [3777] وفي الأدب باب ما جاء في العدة [2826].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أنس بحديث آخر لأبي جحيفة رضي الله تعالى عنهما فقال:

5928 -

(2319)(74)(حدثنا واصل بن عبد الأعلى) بن هلال الأسدي الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا محمد بن فضيل) بن غزوان الكوفي، صدوق، من (9) روى عنه في (20) بابا (عن إسماعيل بن أبي خالد) سعيد البجلي الأحمسي الكوفي، ثقة، من (4) روى عنه في (8) أبواب (عن أبي جحيفة) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته (قال) أبو جحيفة:(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه (أبيض) اللون و (قد شاب) وابيضَّ شعره (كان الحسن بن علي) بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما (يشبهه) أي يشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم قدًا وجمالًا.

وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

5929 -

(00)(00)(وحدثنا سعيد بن منصور) بن شعبة الخراساني المكي، ثقة، من (10) روى عنه في (15) بابا (حدثنا سفيان) بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي مولاهم أبو محمد الأعور المكي، ثقة، من (8) روى عنه في (25) بابا (وخالد بن عبد الله) بن عبد الرحمن المزني الواسطي الطحان، ثقة، من (8) روى عنه في (7) أبواب (ح وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير حدثنا محمد بن بشر) بن الفرافصة الكوفي

ص: 195

كُلُّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي جُحَيفَةَ، بِهَذَا. وَلَمْ يَقُولُوا: أَبْيَضَ قَدْ شَابَ.

5930 -

(2320)(75) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، سُلَيمَانُ بْنُ دَاوُدَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ. قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ سُئِلَ عَنْ شَيبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَال: كَانَ إِذَا دَهَنَ رَأْسَهُ لَمْ يُرَ مِنْهُ شَيءٌ. وَإذَا لَمْ يَدْهُنْ رُئيَ مِنْهُ.

5931 -

(00)(00) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ،

ــ

(كلهم) أي كل من الثلاثة المذكورين من سفيان وخالد ومحمد بن بشر رووا (عن إسماعيل) بن أبي خالد (عن أبي جحيفة) رضي الله عنه. وهذان السندان من رباعياته أي كلهم رووا عن إسماعيل عن أبي جحيفة (بهذا) الحديث المذكور (و) لكن (لم يقولوا) أي لم يذكروا في روايتهم لفظة (أبيض قد شاب).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أنس بحديث جابر بن سمرة رضي الله عنهم فقال:

5930 -

(2320)(75)(وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا أبو داود) الطيالسي (سليمان بن داود) بن الجارود البصري (حدثنا شعبة عن سماك بن حرب) بن أوس الذهلي الكوفي، صدوق، من (4) (قال) سماك:(سمعت جابر بن سمرة) السوائي الكوفي رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته، وقد (سئل) جابر (عن شيب النبي صلى الله عليه وسلم فقال) جابر:(كان) النبي صلى الله عليه وسلم (إذا دهن) ومسح (رأسه) بالدهن (لم ير منه شيء) من الشيب أي لم ير من شعره عليه السلام شيء من البياض اهـ دهني (وإذا لم يدهن) بفتح الياء وسكون الدال وضم الهاء من باب نصر أي لم يمسح رأسه بالدهن (رُئي) بصيغة المجهول أي رئي الشيب (منه) صلى الله عليه وسلم للناظر إليه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [5/ 90 و 102]، والترمذي في الشمائل [38 و 43]، والنسائي في الزينة باب الدهن [5114].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

5931 -

(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبيد الله) بن موسى

ص: 196

عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ شَمِطَ مُقَدَّمُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ. وَكَانَ إِذَا ادَّهَنَ لَمْ يَتَبَيَّنْ، وَإِذَا شَعِثَ رَأْسُهُ تَبَيَّنَ، وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ. فَقَال رَجُلٌ: وَجْهُهُ مِثْلُ السَّيفِ؟

ــ

العبسي الكوفي، ثقة، من (9) روى عنه في (7) أبواب (عن إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (8) أبواب (عن سماك) بن حرب الهذلي الكوفي (أنه) أي أن سماكًا (سمع جابر بن سمرة) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة إسرائيل لشعبة حالة كون جابر (يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شمط) بكسر الميم من باب سمع أي قد ابيض (مقدم رأسه و) مقدم (لحيته) بالشيب وبدأ فيهما الشيب يعني خالط الشيب ذينك الموضعين و (مقدم رأسه) يعني به الصدغين كما قال أنس: (إنما كان البياض في عنفقته وصدغيه) و (مقدم اللحية) يعني العنفقة كما قال أبو جحيفة: رأيت هذه منه بيضاء يعني عنفقته وهذا يدل على أن قول أنس في الرواية الأخرى إنه كان في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه عشرون شعرة بيضاء إنما كان ذلك منه تقديرًا وتخمينًا على جهة التقريب والتقليل لا التحقيق اهـ من المفهم، وقال في القاموس: الشمط بفتحتين اختلاط بياض الشعر بسواده يقال: شمط الرجل شمطًا من الباب الرابع إذا خالط البياض سواد رأسه (وكان) الشأن (إذا ادهن) من باب افتعل الخماسي أصله ادتهن قلبت تاء الافتعال دالًا فأدغمت الدال في الدال فصار ادهن بتشديد الدال أي إذا مسح رأسه ولحيته بالدهن (لم يتبين) أي لم يظهر الشيب لقلته (وإذا شعث) من باب تعب أي انتفش ويبس (رأسه) لعدم تعهده بالدهن والطيب (تبين) وظهر شيبه يعني أنه كان إذا تطيب بطيب يكون فيه دهن فيه صفرة خفي شيبه وهذه هي الصفرة التي رأى عليه ابن عمر وأبو رمثة والله أعلم، وشعث الرأس انتفاش شعره واختلاطه لعدم تسريحه وتعهده وأراد به هنا إذا لم يتطيب اهـ من المفهم (وكان) صلى الله عليه وسلم (كثير شعر اللحية) لا يُفهم من هذا أنه كان طويلها فإنه قد صح أنه كان كث اللحية أي كثير شعرها غير طويلة وكان يخلل لحيته اهـ من المفهم (فقال) لجابر:(رجل) من الحاضرين عنده ولم أر من ذكر اسم هذا الرجل من الشراح (وجهه) صلى الله عليه وسلم (مثل السيف) في الطول واللمعان وهذا سؤال سُئل بمثله البراء بن عازب فيما أخرجه البخاري في المناقب، ولعل منشأ السؤال ما عُرف من

ص: 197

قَال: لَا، بَلْ كَانَ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَكَانَ مُسْتَدِيرًا. وَرَأَيتُ الْخَاتَمَ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثلَ بَيضَةِ الْحَمَامَةِ، يُشْبِهُ جَسَدَهُ

ــ

كونه صلى الله عليه وسلم أزهر اللون فسأله هل كان مثل السيف في البريق واللمعان؟ ويحتمل أن يكون منشأ السؤال ما ورد في بعض روايات أبي هريرة من أنه صلى الله عليه وسلم كان أسيل الخدين أي طويلهما فسأل السائل: هل كان وجهه يشابه السيف؟ (فقال) له جابر: (لا) أي ما كان وجهه مثل السيف (بل كان) وجهه صلى الله عليه وسلم (مثل الشمس والقمر وكان) وجهه (مستديرًا) أي مدورًا مثل الشمس والقمر يعني ما كان يشابه السيف في البريق واللمعان وإنما كان فوق ذلك كالشمس والقمر ولأجل كون التشبيه بالشمس إنما يراد به غالبًا الإشراق والتشبيه بالقمر إنما يراد به الملاحة دون غيرهما أعقبه بقوله: وكان مستديرًا إشارة إلى أنه أراد التشبيه في الصفتين معًا الحسن والاستدارة وهو جواب في غاية البلاغة اهـ من التكملة، قوله:(وكان وجهه مثل السيف) قال القرطبي: يحتمل هذا التشبيه وجهين: أحدهما: أن السيوف كانت عندهم مستحسنة محبوبة يتجملون بها ولا يفارقونها فشبه وجه النبي صلى الله عليه وسلم به لأنه مستحسن محبوب يتجمل به حين المجالسة ولا يُسْتَغْنَى عنه، وثانيهما: أنه كان صلى الله عليه وسلم أزهر صافي البياض يبرق وجهه، وقد رُوي أنه كان يتلألأ وجهه في الجدر ذكره ابن الأثير في النهاية [4/ 55] فشبه وجهه بالسيف في صفاء بياضه وبروقه والله أعلم، وقوله:(لا بل كان مثل الشمس والقمر) هذا نفي لتشبيه وجهه بالسيف لما في السيف من الطول فقد يحتمل أن وجهه كان طويلًا وإنما كان مستديرًا في تمام الخلق ولأنه تقصير في التشبيه فأضرب عن ذلك وذكر من التشبيه ما هو أوقع وأبلغ فقال: بل مثل الشمس والقمر وهذا التشبيه هو الغاية في الحسن إذ ليس فيما نشاهده من هذا الوجود أحسن ولا أرفع ولا أنفع منهما وهما اللذان جرت عادات الشعراء والبلغاء بأن يُشبهوا بهما ما يستحسنونه اهـ من المفهم (و) سمعت جابرًا يقول أيضًا: (رأيت الخاتم) أي خاتم النبوة (عند كتفه) صلى الله عليه وسلم حالة كون ذلك الخاتم (مثل بيضة الحمامة) أي قدرها حالة كونه (يشبه جسده) الشريف صلى الله عليه وسلم في اللون.

قال القرطبي: قوله: (ورأيت الخاتم) .. إلخ الألف واللام في الخاتم لتعريف العهد أي خاتم النبوة الذي من علاماته المعروفة له في الكتب السابقة وفي صدور علماء

ص: 198

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الملل السالفة ولذلك لما حصل عند سلمان الفارسي رضي الله عنه العلم بصفاته وأحواله وعلاماته وموضع مبعثه ودار هجرته جدَّ في الطلب حتى ظفر بما طلب ولما لقيه جعل يتأمل ظهره فعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنه يريد أن يقف على ما يعرفه من خاتم النبوة فنزع ردائه من على ظهره فلما رأى سلمان الخاتم أكب عليه يقلبه وهو يقول: أشهد أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم فمعنى خاتم النبوة أي علامة نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث تسعة: الأول: حديث ابن عباس ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني: حديث البراء ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثالث: حديث أنس ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث وذكر فيه متابعتين، والرابع: حديث جابر بن سمرة ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة، والخامس: حديث أبي الطفيل ذكره للاستدلال به على الجزء الخامس من الترجمة، والسادس: حديث أنس الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء السادس من الترجمة وذكر فيه ست متابعات، والسابع: حديث أبي جحيفة الأول ذكره للاستشهاد، والثامن: حديث أبي جحيفة الثاني ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه متابعة واحدة، والتاسع: حديث جابر بن سمرة الأخير ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 199