المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌701 - (15) والثالث منها باب فضل عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه وأرضاه - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌687 - (1) باب كونه صلى الله عليه وسلم مختارًا من خيار الناس، وتسليم الحجر عليه وتفضيله على جميع الخلق، وبعض معجزاته، وتوكله

- ‌ كتاب فضائل النبي صلى الله عليه وسلم وفواضله عليه الصلاة والسلام

- ‌688 - (2) باب بيان مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم وشفقته على أمته وذكر كونه خاتم النبيين وذكر إذا أراد الله رحمة أمة قبض نبيها قبلها

- ‌689 - (3) باب إثبات حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبيان قدره وصفته وكيزانه

- ‌690 - (4) - باب قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته، وكونه أجود الناس، وكونه أحسنهم خلقًا، وما سُئل شيئًا وقال: "لا" قط، وكثرة عطائه

- ‌691 - (5) باب رحمته صلى الله عليه وسلم للصبيان والعيال، وكثرة حيائه، وتبسمه، وأمر سواق مطايا النساء بالرفق بهن، وتبرك الناس به صلى الله عليه وسلم

- ‌692 - (6) باب بعداه صلى الله عليه وسلم من الإثم واختياره أيسر الأمور وانتقامه لله تعالى وطيب رائحته ولين مسه وطيب عرقه والتبرك به وعرقه حين يأتيه الوحي وبيان كيفية إتيانه

- ‌693 - (7) باب في سدله وفرقه شعره وقده وصفة شعره وفمه وعينيه وعقبيه ولونه وشيبه صلى الله عليه وسلم

- ‌694 - (8) باب إثبات خاتم النبوة وصفة النبي صلى الله عليه وسلم ومبعثه وكم سنه حين قُبض وكم أقام بمكة وبالمدينة وفي أسمائه وكونه أشد الناس علمًا بالله وخشية له تعالى ووجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم

- ‌695 - (9) باب ترك الإكثار من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم توقيرًا له ووجوب امتثال ما فعله شرعًا في الدين دون ما ذكره رأيًا من معايش الدنيا وفضل النظر إليه وتمنيه

- ‌ كتاب فضائل بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفضائل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين

- ‌696 - (10) باب في فضائل عيسى وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام

- ‌697 - (11) باب فضائل موسى، وفضائل يونس، وفضائل يوسف، وفضائل زكريا عليهم الصلاة والسلام

- ‌698 - (12) باب فضائل الخضر عليه السلام

- ‌ أبواب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌699 - (13) الأول منها باب فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌700 - (14) والثاني منها باب فضل عمر رضي الله عنه

- ‌701 - (15) والثالث منها باب فضل عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه وأرضاه

- ‌702 - (16) والرابع منها باب فضائل علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه

- ‌703 - (17) الباب الخامس منها باب فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌704 - (18) والباب السادس منها باب فضائل طلحة والزبير وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌705 - (19) باب فضائل الحسن والحسين وفضائل أهل البيت وفضائل زيد بن حارثة وابنه أسامة وفضائل عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌706 - (20) والباب الثامن منها باب فضائل خديجة الكبرى رضي الله تعالى عنها وأرضاها

- ‌707 - (21) والباب التاسع منها باب فضل عائشة رضي الله تعالى عنها

- ‌708 - (22) والباب العاشر منها باب فضائل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء العالمين رضي الله تعالى عنها وأرضاها

- ‌709 - (23) والحادي عشر منها باب من فضائل أم سلمة وزينب وأم أيمن وأم سليم رضي الله تعالى عنهن

- ‌زينب أم المؤمنين

- ‌أم أيمن

- ‌أم سليم

- ‌710 - (24) والباب الثاني عشر منها باب فضائل أبي طلحة الأنصاري وبلال وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌فضائل بلال

- ‌فضائل ابن مسعود

- ‌711 - (25) والثالث عشر منها باب‌‌ فضائل أُبي بن كعبوزيد بن ثابت وسعد بن معاذ وأبي دجانة وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌ فضائل أُبي بن كعب

- ‌فضائل زيد بن ثابت

- ‌فضائل سعد رضي الله عنه

- ‌فضائل أبو دجانة

- ‌فضائل أبي جابر

الفصل: ‌701 - (15) والثالث منها باب فضل عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه وأرضاه

‌701 - (15) والثالث منها باب فضل عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه وأرضاه

6054 -

(2380)(135) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ. (قَال يَحْيَى بن يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا) إِسْمَاعِيلُ، يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ، عَنْ

ــ

701 -

(15) والثالث منها باب فضل عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وأرضاه

وهو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، وفي عبد مناف يجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنى أبا عمرو، وأبا عبد الله، وأبا ليل بأولاد ولدوا له، وأشهر كناه أبو عمرو، ولقب بذي النورين لأن النبي صلى الله عليه وسلم زوجه ابنتيه رقية وأم كلثوم واحدة بعد أخرى، وقال صلى الله عليه وسلم:"لو كانت عندي أخرى لزوجتها له" رواه ابن سعد في طبقاته [8/ 38] وابن عبد الهادي في الشجرة النبوية [ص 56] أسلم قديمًا قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وهاجر الهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة، ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر خلفه على ابنته رقية وضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره فكان كمن شهد بدرًا، وقيل: كان هو في نفسه مريضًا بالجدري وغاب عن بيعة الرضوان فبايع عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده في يده، وقال:"هذه لعثمان" رواه أحمد [2/ 101 و 120] والبخاري [3698] وسبب غيبته عن بيعة الرضوان أن النبي صلى الله عليه وسلم قد وجهه إلى أهل مكة ليكلمهم في أن يخلوا بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين العمرة فأرجف بأن قريشًا قتلته فبايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بسبب ذلك.

وقد استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الترجمة بحديث عائشة رضي الله عنها فقال:

6054 -

(2380)(135)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (ويحيى بن أيوب) المقابري البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (8) أبواب (وقتيبة) بن سعيد الثقفي البلخي (و) علي (بن حجر) السعدي المروزي، ثقة، من (9) روى عنه في (11) بابا (قال يحيى بن يحيى: أخبرنا وقال الآخرون: حدثنا إسماعيل يعنون ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي مولاهم أبو إسحاق المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (12) بابا (عن

ص: 419

مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَن عَطَاءَ وَسُلَيمَانَ ابْنَي يَسَارٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُضطَجِعًا فِي بَيتِي، كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيهِ. أوْ سَاقَيهِ. فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ. فَأَذِنَ لَهُ. وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ. فَتَحَدَّثَ. ثُم اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ. وَهُوَ كَذَلِكَ. فَتَحَدَّثَ. ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ. فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَسَوَّى ثِيَابَهُ-

ــ

محمد بن أبي حرملة) القرشي مولاهم أبي عبد الله المدني، ثقة، من (6) روى عنه في (6) أبواب (عن عطاء وسليمان ابني يسار) الهلاليين المدنيين موليين لميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها، كلاهما ثقتان، من (3) روى عن سليمان في (14) بابا، وعن عطاء في (9) أبواب (وأبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف كل من الثلاثة رووا (أن عائشة) رضي الله عنها. وهذا السند من خماسياته (قالت) عائشة:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعًا في بيتي كاشفًا عن فخذيه أو) قالت عائشة أو من دونها كاشفًا عن (ساقيه) والشك من الراوي عن عائشة، قال القرطبي: وفي بقاء النبي صلى الله عليه وسلم منكشف الفخذ حتى اطلع عليه أبو بكر وعمر دليل على أن الفخذ ليس بعورة، وقد تقدم الكلام فيه اهـ مفهم. وقال النووي: هذا الحديث مما يحتج به المالكية وغيرهم ممن يقول ليست الفخذ عورة، ولا حجة فيه لأنه مشكوك (أي شك الراوي) في المكشوف هل الساقان أم الفخذان فلا يلزم منه الجزم بجواز كشف الفخذ اهـ. وفي المرقاة: قلت: ويجوز أن يكون المراد بكشف الفخذ كشفه عما عليه من القميص لا من المئزر كما سيأتي ما يشعر إليه من كلام عائشة وهو الظاهر من أحواله صلى الله عليه وسلم مع آله وصحبه اهـ.

(فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو) صلى الله عليه وسلم (على تلك الحال) أي على حالة كشف الفخذ أو الساق (فتحدث) صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر ما شاء الله (ثم استأذن عمر) في الدخول (فأذن) صلى الله عليه وسلم (له) أي لعمر في الدخول (وهو) صلى الله عليه وسلم (كذلك) أي على تلك الحال من كشف الفخذ أو الساق (فتحدث) صلى الله عليه وسلم مع عمر ما شاء الله (ثم استأذن عثمان) في الدخول عليه (فأذن) صلى الله عليه وسلم لعثمان في الدخول عليه (فـ) لما دخل عثمان (جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم أي قعد وترك الاضطجاع (وسوى) صلى الله عليه وسلم أي رجع (ثيابه)

ص: 420

قَال مُحَمَّدٌ: وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَومٍ وَاحِدٍ- فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ. فَلَمَّا خَرَجَ قَالت عَائشَةُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ. ثُم دَخَلَ عُمَرُ فَلَم تَهتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ

ــ

المكشوفة عنه على فخذيه أو على ساقيه أي بعد عدم تسويته عند دخول الشيخين، وفي هذا إيماء إلى أنه لم يكن كاشفًا عن نفس أحد العضوين بل عن الثياب الموضوعة عليهما، ولذا لم تقل عائشة وستر فخذه فارتفع به الإشكال واندفع به الاستدلال والله أعلم اهـ من المرقاة، قال إسماعيل بن جعفر:(قال) لنا (محمد) بن أبي حرملة عندما روى لنا هذا الحديث (ولا أقول) لكم كان (ذلك) أي دخول الشيخين ودخول عثمان (في يوم واحد) بل أيام دخولهم على النبي صلى الله عليه وسلم مختلفة وهذا قول محمد بن أبي حرملة لا من الحديث، والظاهر أن مراده أن الرواية ليست صريحة في أن مجيء عثمان كان في نفس اليوم الذي جاء فيه أبو بكر وعمر بل يحتمل أن يكون عثمان جاء في غير ذلك اليوم والله أعلم (فدخل) معطوف على قوله ثم استأذن عثمان أي فأذن له فدخل عثمان (فتحدث) عثمان معه صلى الله عليه وسلم ما شاء الله، قوله:(فلما خرج قالت عائشة) .. إلخ فيه تقديم وتأخير ومقتضى السياق أن يقال: (قالت عائشة) بالسند السابق: (فلما خرج) عثمان قلت له صلى الله عليه وسلم: (دخل) عليك (أبو بكر فلم تهتش) أي لم تتحرك عن مضجعك (له) أي لأجل دخول أبي بكر ولم تسو عليك ثيابك. قال النووي: هكذا هو في جميع نسخ بلادنا (تهتش) من باب افتعل، وفي بعض النسخ الجديدة (تهش) من الثلاثي المضعف، وكذا ذكره القاضي وعلى هذا الأخير فالهاء مفتوحة يقال فيه هش يهش كشم يشم، وأما الهش الذي هو خبط الورق من الشجر فيقال فيه هش يهش بضمها من باب شد قال تعالى:{وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} كما بسطنا الكلام عليه في كتابنا مناهل الرجال على لامية الأفعال، قال أهل اللغة: الهشاشة والبشاشة بمعنى طلاقه الوجه وحسن اللقاء اهـ النووي، وعبارة القرطبي: قوله: (ولم تهتش له) يروى تهتش بالتاء المثناة فوق، ويروى بحذفها وهو من الهشاشة وهي الخفة والاهتزاز والنشاط عند لقاء من يفرح بلقائه يقال: هش وبش وتبشبش كلها بمعنى، والمعنى دخل أبو بكر فلم تتحرك به ولم تهتز ولم تفرح بلقائه ولم تنشط لدخوله. (ولم تباله) أي لم تكثرت بدخوله ولم تعتن بأمره، وأصله من البال وهو الاحتفال بالشيء والاعتناء به

ص: 421

ثُم دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيتَ ثِيَابَكَ، فَقَال:"أَلا أَسْتَحِي مِن رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلائكَةُ".

6055 -

(2381)(136) حدثنا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيبِ بْنِ اللَّيثِ بْنِ سَعْدٍ

ــ

والفكر فيه يقال: جعلته من بالي وفكري وهو المعبر عنه في الرواية الأخرى بقولها: "لم أرك فزعت له" أي لم تقبل عليه ولم تتفرغ له اهـ من المفهم (قلت): والصواب أنه من المبالاة لأنه من باب فاعل المعتل بالياء كوالي يوالي موالاة وهو مجزوم بحذف الياء، والمبالاة: الاهتمام والاعتناء بالشيء وعدم المبالاة به عدم الاعتناء والاهتمام والاكتراث به (ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله ثم دخل عثمان فجلست) لدخوله (وسويت) أي رجعت عليك (ثيابك) فلم فعلت ذلك فيهم من عدم الاهتمام بدخول الشيخين والاعتناء بدخول عثمان (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالي عن ذلك لأن عثمان حيي أستحيي منه (إلا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة) الكرام؛ أي حياء التوقير والإجلال وتلك منقبة عظيمة وخصوصية شريفة لعثمان ليست لغيره أعرض قتلة عثمان عنها ولم يعرجوا عليها.

وفي الحديث دليل على جواز معاشرة كل واحد من الأصحاب بحسب حاله ألا ترى انبساطه واسترساله مع العمرين على الحالة التي كان عليها مع أهله لم يغير منها شيئًا ثم إنه لما دخل عثمان غير تلك الحال التي كان عليها أولًا فغطى فخذيه وتهيأ له، ثم لما سئل عن ذلك قال: إن عثمان رجل حيي وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إلى حاجته اهـ من المفهم.

وهذا الحديث انفرد به المؤلف عن أصحاب الأمهات ولكنه شاركه أحمد [6/ 155 و 167].

قوله: (إلا أستحي من رجل تستحي) هكذا هو في الرواية أستحي بياء واحدة في كل واحد منهما، قال أهل اللغة: يقال: استحيا يستحيي بيائين واستحى يستحي بياء واحدة لغتان الأول أفصح وأشهر وبها جاء القرآن اهـ نووي.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث آخر لها ولعثمان بن عفان رضي الله عنهما فقال:

6055 -

(2381)(136)(حدثنا عبد الملك بن شعيب بن اللبث بن سعد) الفهمي

ص: 422

حَدَّثَنِي أَبِي، عَن جَدَّي. حَدَّثَنِي عُقَيلُ بن خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَن يَحْيَى بنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ؛ أَن سَعِيدَ بنَ الْعَاصِ أَخبَرَهُ؛ أَن عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَعُثْمَانَ حَدَّثَاهُ؛ أَن أَبَا بَكْرٍ اسْتَأذَنَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُضطَجِعٌ عَلَي فِرَاشِهِ، لابِسٌ مِرْطَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لأَبِي بَكرٍ

ــ

المصري، ثقة، من (11) روى عنه في (8) أبواب (حدثني أبي) شعيب بن الليث، ثقة، من (10) روى عنه في (3) أبواب (عن جدي) ليث بن سعد، ثقة إمام، من (7)(حدثني عقيل بن خالد) المصري، ثقة، من (6)(عن ابن شهاب) الزهري (عن يحيى بن سعيد بن العاص) بن سعيد بن العاص القرشي الأموي أبي عمر الأشدق الكوفي، روى عن أبيه سعيد بن العاص في فضل عثمان وعمر ومعاوية وعائشة، ويروي عنه (م) والزهري والربيع بن سبرة، وثقه النسائي ويعقوب بن عثمان، له عنده حديثان، وعده ابن معين في تابعي أهل المدينة ومحدثيهم، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة، مات في حدود الثمانين (أن) أباه (سعيد بن العاص) بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي وهو سعيد بن العاص بن أبي أجيجة، وأبو أجيجة اسمه سعيد بن العاص القرشي صحابي صغير ولد قبل بدر وقتل أبوه ببدر وكان لسعيد هذا عند موت النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين، روى عن عائشة وعثمان في فضل عثمان، وعن عمر، ويروي عنه (م س) وابنه يحيى وعمرو وعروة، أقيمت عربية القرآن على لسانه وكان شريفًا سخيًّا فصيحًا، وقال في التقريب: مات سنة (58) ثمان وخمسين، وقيل سبع، وقيل تسع رضي الله عنه.

(أخبره) أي أخبر لابنه يحيي (أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان) بن عفان رضي الله عنهما (حدثاه) أي حدثا لسعيد بن العاص. وهذا السند من ثمانياته، وفيه رواية صحابي عن صحابيين (أن أبا بكر) الصديق (استأذن) أي طلب الإذن في الدخول (على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو) صلى الله عليه وسلم (مضطجع على فراشه) أي على فراش نومه (لابس مرط عائشة) ولحافها وهو بكسر الميم وسكون الراء كساء من صوف، وقال الخليل: كساء من صوف أو كتان أو غيره، وقال ابن الأعرابي وأبو زيد: هو الإزار اهـ نووي (فأذن) صلى الله عليه وسلم (لأبي بكر) في الدخول عليه

ص: 423

وَهُوَ كَذَلِكَ. فَقَضَى إِلَيهِ حَاجَتَهُ ثُم انْصَرَفَ. ثُم استَأْذَنَ عُمَرُ. فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَقَضَى إِلَيهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ انصَرَفَ. قَال عُثْمَانُ: ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ عَلَيهِ فَجَلَس. وَقَال لِعَائِشَةَ: "اجْمَعِي عَلَيكِ ثِيَابَكِ" فَقَضيتُ إِلَيهِ حَاجَتِي ثُم انْصَرَفْتُ. فَقَالتْ عَائشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لِي لَمْ أَرَكَ فَزِعْتَ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما كَمَا فَزِعْتَ لِعُثْمَانَ؟ قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ. وَإنِّي خَشِيتُ، إِنْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، أَنْ لَا يَبْلُغَ إِليَّ فِي حَاجَتِهِ"

ــ

(وهو) صلى الله عليه وسلم كائن (كذلك) أي مضطجع على فراشه لم يجلس (فقضى) أبو بكر أي أخبر وأوصل (إليه) صلى الله عليه وسلم (حاجته) التي جاء لها (ثم انصرف) أبو بكر أي رجع وذهب (ثم استأذن عمر فأذن له وهو) صلى الله عليه وسلم كائن (على تلك الحال) التي دخل عليه أبو بكر وهو بها من الاضطجاع على فراشه (فقضى) عمر أن أخبر عمر (إليه) صلى الله عليه وسلم (حاجته ثم انصرف) وذهب عمر (قال عثمان) بالسند السابق (ثم) بعدما ذهب عمر (استأذنت) أنا في الدخول (عليه) صلى الله عليه وسلم فأذن لي فدخلت عليه (فجلس وقال لعائشة: اجمعي عليك ثيابك) وغطي رأسك وجميع جسدك، قال عثمان:(فقضيت) أي أبلغت وأخبرت (إليه) صلى الله عليه وسلم (حاجتي ثم انصرفت) ورجعت (فقالت عائشة) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله مالي) أي أي شيء ثبت ورؤي لي من حالك (لم أرك) يا رسول الله صلى الله عليه وسلم (فزعت) واهتممت واعتنيت وتهيأت (لأبي بكر وعمر) أي لدخولهما عليك رضي الله عنهما كما فزعت) وتهيات وجلست (لعثمان) أي لدخوله فـ (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب استفهام عائشة: (أن عثمان رجل حيي) أي شديد الحياء كثيره لا يقرر بسبب حيائه حاجته إلي، فهو فعيل بمعنى فاعل إما صفة مشبهة أو صيغة مبالغة (وإني خشيت) أي خفت منه (إن أذنت له) وأنا (على تلك الحال) التي كنت عليها أولًا من الاضطجاع في مرطك أي خشيت عليه (أن لا يبلغ) ولا يوصل ولا يخبر (إلي) مراده (في حاجته) ولا يبينها لي استحياء مني وأنا على تلك الحالة.

وهذا الحديث أيضًا مما انفرد به المؤلف عن أصحاب الأمهات، غرضه بسوقه الاستشهاد بالنظر إلى كونه من مسند عثمان، وبيان المتابعة بالنظر إلى كونه من مسند عائشة.

ص: 424

6056 -

(00)(00) حدّثناه عَمْرٌو النَّاقِدُ وَالحَسَنُ بْنُ عَلِي الْحُلْوَانِي وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. كُلُّهُمْ عَن يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ سَعْدٍ. حَدَّثَنَا أَبِي عَن صَالِحِ بنِ كَيسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. قَال: أَخبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ؛ أن سَعِيدَ بنَ الْعَاصِ أَخْبَرَهُ؛ أَن عُثمَانَ وَعَائِشَةَ حَدَّثَاهُ؛ أَن أَبَا بَكرٍ الصِّدِّيقَ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ بِمِثلِ حَدِيثِ عُقَيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.

6057 -

(2382)(137) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ عُثمَانَ بْنِ غِيَاثٍ،

ــ

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة وعثمان رضي الله عنهما فقال:

6056 -

(00)(00)(حدثناه عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (والحسن بن علي) الهذلي (الحلواني) المكي، ثقة، من (11) روى عنه في (8) أبواب (وعبد بن حميد) الكسي، ثقة، من (11)(كلهم) أي كل من الثلاثة رووا (عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد) الزهري المدني، ثقة، من (9)(حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن صالح بن كيسان) الغفاري المدني، ثقة، من (4) روى عنه في (10) أبواب (عن ابن شهاب قال: أخبرني يحيى بن سعيد بن العاص) القرشي الأموي الكوفي (أن) أباه (سعيد بن العاص أخبره) أي أخبر ليحيى (أن عثمان وعائشة) رضي الله عنهما (حدثاه) أي حدثا لسعيد بن العاص. وهذا السند من ثمانياته، غرضه بيان متابعة صالح بن كيسان لعقيل بن خالد (أن أبا بكر الصديق استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدكر) صالح بن كيسان (بمثل حديث عقيل) بن خالد (عن الزهري).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث عائشة رضي الله عنها بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال:

6057 -

(2382)(137)(حدثنا محمد بن المثنى العنزي) البصري (حدثنا ابن أبي عدي) محمد بن إبراهيم السلمي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (7) أبواب (عن عثمان بن غياث) بمعجمة ومثلثة الراسبي البصري، روى عن عبد الله بن بريدة في

ص: 425

عَن أَبِي عُثمَانَ النَّهْدِيِّ، عَن أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّ. قَال: بَينَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَائِطٍ مِن حَائِطِ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ يرْكُزُ بِعُودٍ مَعَهُ بَينَ الْمَاءِ وَالطِّينِ، إِذا اسْتَفتَحَ رَجُلٌ. فَقَال:"افتَحْ. وَبَشِّرْهُ بالْجَنَّةِ" قَال: فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ. فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشرْتُهُ بِالْجَنَّةِ. قَال: ثُم اسْتَفتَحَ رَجُلٌ آخَرُ. فَقَال: "افْتَحْ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ" قَال: فَذَهَبْتُ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ. فَفَتَحْتُ لَهُ

ــ

ــ

الأيمان، وأبي عثمان النهدي في فضل عثمان والدعاء، ويروي عنه (خ م دس) ويحيى بن سعيد القطان وابن أبي عدي والنضر بن شميل، قال ابن المديني: له نحو عشرة أحاديث، وقال أحمد: ثقة، يرى الإرجاء، وقال ابن معين والنسائي: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال العجلي: بصري ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة (عن أبي عثمان النهدي) عبد الرحمن بن مل بتثليث الميم وتشديد اللام الكوفي مشهور بكنيته، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (11) بابا (عن أبي موسى الأشعري) عبد الله بن قيس الكوفي رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أبو موسى:(بينما رسول الله صلى الله عليه رسلم في حائط) أي في بستان (من حائط المدينة) أي من بساتين المدينة، وسيأتي في رواية سعيد بن المسيب أنه حائط عند بئر أريس بقباء (وهو) صلى الله عليه وسلم (متكئ) أي مستند على مخصرته، حالة كونه (يركز) بضم الكاف من باب نصر أي يضرب (بعود معه بين الماء والطين) أي يغرز بأسفله ليثبته في الأرض، وفي رواية للبخاري في الأدب "وفي يد النبي صلى الله عليه وسلم عود يضرب -أي ينكت- به بين الماء والطين" ليثبته على الأرض ويتوكأ بيده عليه وكأن المراد بالعود هنا المخصرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوكأ عليها وليس مصرحًا به في الحديث، وفيه أنه ليس من العبث المذموم لان ذلك إنما يقع من العاقل عند التفكر في شيء، ولذلك ترجم عليه البخاري في الأدب باب نكت العود في الماء والطين اهـ من الفتح [10/ 597].

و(إذا) في قوله: (إذا استفتح) فجائية رابطة لجواب بينما؛ والمعنى بينما أوقات كون النبي صلى الله عليه وسلم في حائط من حيطان المدينة وأنا معه فاجأنا استفتاح (رجل) باب الحائط (فقال) لي النبي صلى الله عليه وسلم: (افتح) الباب منه (وبشره بالجنة قال) أبو موسى وهو من كلام الراوي عنه فإذا الرجل (أبو بكر) الصديق (ففتحت له) أي ففتحت

ص: 426

وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنةِ. ثُم اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ. قَال: فَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: "افْتَحْ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تَكُونُ" قَال: فَذَهَبْتُ فَإِذَا هُوَ عُثمَانُ بْنُ عَفَّانَ. قَال: فَفَتَحْتُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ. قَال: وَقُلْتُ الذِي قَال. فَقَال: اللَّهُمَّ صَبْرًا، أَو اللهُ الْمُسْتَعَانُ

ــ

عنه الباب (وبشرته بالجنة) كما أمرني النبي صلى الله غليه وسلم بذلك (قال) أبو موسى: (ثم استفتح رجل آخر فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (افتح) عنه (وبشره بالجنة قال) أبو موسى: (فدهبت) إلى الباب (فإذا هو) أي الرجل المستفتح (عمر) بن الخطاب (ففتحت له) الباب (وبشرته بالجنة) قال أبو موسى: (ثم استفتح رجل آخر) أي رجل ثالث للأولين (قال) أبو موسى: (فجلس النبي صلى الله عليه وسلم على قف البئر وكان قبل ذلك قائمًا متكئًا على مخصرته التي ركزها بين الماء والطين (فقال) لي: (افتح) الباب عنه (وبشره بالجنة على بلوى تكون) له أي على مصيبة تصيبه وهو قتله في الدار (قال) أبو موسى: (فذهبت) إليه أي إلى الرجل الثالث المستفتح للباب (فإذا هو عثمان بن عفان قال) أبو موسى: (ففتحت) له الباب (وبشرته بالجنة قال) أبو موسى: (وقلت) لعثمان مع التبشير له بالجنة الكلام (الذي قال) فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعني قوله: "على بلوى تكون" له (فقال) عثمان حين أخبرته الكلام الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (اللهم) أصبر (صبرًا) على ما قال لي رسولك (أو) قال عثمان: (الله المستعان) على تحمل تلك البلوى، والشك من الراوي أو ممن دونه.

قوله: (اللهم صبرًا) قيل معناه أي يا الله أعطني صبرًا على مرارة تلك البلية (أو) قال: (الله المستعان) أي المطلوب منه المعونة على جميع المؤنة والمشقة والله أعلم اهـ دهني. قال النووي: فيه استحباب قول الله المستعان عند مثل هذا الحال. وفي الأبي: هو تسليم لقضاء الله تعالى، ولعله الذي منعه من الدفاع عن نفسه لإعلام رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ذلك سبق به القدر وهو من معجزاته صلى الله عليه وسلم اهـ وقيل: المعنى اللهم صبرني صبرًا جميلًا وأعني على ما قدرت علي اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 393 و 406 - 407] والبخاري في مواضع منها في باب مناقب عمر [3693] وباب مناقب عثمان [3695] وأخرجه الترمذي في المناقب باب مناقب عثمان [3710].

ص: 427

6058 -

(00)(00) حدثنا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَن أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النهْدِيِّ، عَن أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ حائطًا وَأَمَرَنِي أَنْ أَحْفَظَ الْبَابَ، بِمَعْنَى حَدِيثِ عُثْمَانَ بنِ غِيَاثٍ.

6059 -

(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ الْيَمَامِيُّ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ، (وَهُوَ ابْنُ بِلالٍ)، عَنْ شَرِيكِ بنِ أَبِي نَمِرٍ،

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال:

6058 -

(00)(00)(حدثنا أبو الربيع العتكي) سليمان بن داود البصري (حدثنا حماد) بن زيد بن درهم الأزدي البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن أيوب) بن أبي تميمة كيسان السختياني العنزي أبي بكر البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (17) بابا (عن أبي عثمان النهدي) الكوفي (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل حائطًا وأمرني أن أحفظ الباب) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أيوب السختياني لعثمان بن غياث، وساق أيوب (بمعنى حديث عثمان بن غياث).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال:

6059 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن مسكين) بن نميلة بضم النون مصغرًا (اليمامي) نزيل بغداد أبو الحسن، روى عنه يحيى بن حسان في فضل عثمان ووهب بن جرير وبشر بن بكير وعبد الله بن يوسف التنيسي والفريابي وغيرهم، ويروي عنه (خ م د س) ومحمد بن أبي عتاب الأعين وابن أبي عاصم وأحمد بن عمر والبزار وابن خزيمة وآخرون، وثقه البخاري وأبو داود والحاكم، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الحادية عشرة (حدثنا يحيى بن حسان) بن حيان بتحتانية التنيسي -بكسر المثناة فوق والنون المشددة المكسورة وسكون التحتية ثم سين مهملة- البكري، سكن تنيس، أبو زكريا البصري، ثقة، من (9)(حدثنا سليمان وهو ابن بلال) التيمي مولاهم أبو محمد المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (13) بابا (عن شريك) بن عبد الله (بن أبي نمر) أبي عبد الله المدني، صدوق، من (5) روى عنه في (7) أبواب

ص: 428

عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَخْبَرَنِي أَبُو مُوسَى الأشَعَرِيُّ؛ أَنهُ تَوَضَّأ فِي بَيتِهِ ثُمَّ خَرَجَ. فَقَال: لأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا. قَال: فَجَاءَ الْمَسْجِدَ. فَسَأَلَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: خَرَجَ. وَجَّهَ ههُنَا. قَال: فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ. حَتى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ. قَال: فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ، وَبَابُهَا

ــ

(عن سعيد بن المسيب) بن حزن المخزومي المدني، ثقة، من سادات التابعين، من (2) روى عنه في (17) بابا قال:(أخبرني أبو موسى الأشعري) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سعيد بن المسيب لأبي عثمان النهدي (أنه) أي أن أبا موسى (توضأ) يومًا من الأيام (في بيته) أي في منزله الذي نزل فيه حين جاء من اليمن، أو من مبيته وإلا فليس له دار في المدينة (ثم خرج) من بيته (فقال) لنفسه: والله (لألزمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأكونن معه) في (يومي هذا) ولا أفارقه (قال) سعيد بن المسيب: (فجاء) أبو موسى (المسجد) النبوي (فسأل) الناس الذين كانوا في المسجد (عن) مكان (النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا) له: (خرج) من المسجد حالة كونه (وجه) بفتح الواو وتشديد الجيم بصيغة الماضي أي توجه بوجهه أو أقبل بنفسه (ها هنا) أي إلى هذه الجهة، هذا هو المشهور عند الجمهور، وضبطه بعضهم بسكون الجيم لوجود خرج أي خرج وذهب وجه ها هنا أي إلى جهة هي ها هنا أي إلى هذه الجهة القريبة، وفي البخاري:"خرج ووجه ها هنا" بفتح الواو والجيم المشددة بصيغة الماضي أي توجه أي وجه نفسه ها هنا اهـ قسطلاني، والمعنى على رواية مسلم (خرج) و (وجه ها هنا) أي ذهب ها هنا بتقدير الواو العاطفة، أو الجملة حال من فاعل خرج كما قررناه في حلنا.

(قال) أبو موسى: (فخرجت) من المسجد (على أثره) أي على أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ووراءه متتبعًا آثاره، حالة كوني (أسأل) الناس (عنه) أي عن جهة توجهه فذهب (حتى دخل) حائط (بئر أريس) بفتح الهمزة وكسر الراء مصروف اهـ نووي. وهو بستان بالمدينة معروف قريب من قباء وفي هذا البئر سقط خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من إصبع عثمان رضي الله عنه وهو مصروف إن كان اسمًا لمكان وإن جعلته اسمًا لتلك البقعة يكون غير مصروف للعلمية والتأنيث المعنوي اهـ عيني (قال) أبو موسى:(فجلست عند الباب) أي عند باب الحائط (وبابها) أي باب الحائط، وأنث الضمير نظرًا إلى كونه

ص: 429

مِنْ جَرِيدٍ. حَتى قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَاجَتَهُ وَتَوَضَّأَ. فَقُمْتُ إِلَيهِ. فَإِذَا هُوَ قَدْ جَلَسَ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ. وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا، وَكَشَفَ عَن سَاقَيهِ، وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ. قَال: فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ. ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ. فَقُلْتُ: لأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ. فَجَاءَ أَبُو بَكرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَال: أَبُو بَكرٍ. فَقُلْتُ: عَلَى رَسْلِكَ. قَال: ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا أَبُو بَكرٍ يَسْتَأْذِنُ. فَقَال: "ائْذَن لَهُ، وَبَشِّرْهُ

ــ

بمعنى الحديقة (من جريد) النخل أي من أغصان النخل المجردة من الخوص والورق، وقوله:(حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته) غاية لقوله: فجلست عند الباب؛ والمراد بالحاجة حاجة الإنسان من الخلاء. وقوله: (وتوضأ) معطوف على قضى (فـ) لما فرغ من وضوئه (قمت إليه) صلى الله عليه وسلم والفاء في قوله: (فإذا هو) صلى الله عليه وسلم (قد جلس على) قف (بئر أريس) عاطفة على قوله فقمت، وإذا فجائية، والتقدير فلما فرغ من وضوئه قمت إليه ففاجأني جلوسه على قف بئر أريس (وتوسط قفها) أي جلس على وسط قف البئر، والقف بضم القاف وتشديد الفاء حافة البئر ودكتها التي أحاطت بها وأصله الغليظ المرتفع من الأرض قاله ابن دريد وغيره، وهنا القف هو المكان الذي يمكن الجماعة أن يجلسوا عليه ويدلوا أرجلهم في البئر وهو جانبها المرتفع من الأرض ويجمع على قفاف، وكل ما قيل فيه خلاف هذا فيه بعد، ولا يناسب مساق الحديث اهـ من المفهم. (وكشف) صلى الله عليه وسلم (عن ساقيه ودلاهما) أي دلى الرجلين وأنزلهما (في البئر) أي إلى جهة قعر البئر جالسًا على القف والدكة (قال) أبو موسى:(فسلمت عليه) صلى الله عليه وسلم بعدما جلس على القف (ثم انصرفت) وذهبت من عنده (فجلست عند الباب) أي باب الحائط (فقلت) لنفسي: والله (لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم فجاء أبو بكر فدفع الباب) أي دق باب الحائط (فقلت) له: (من هذا) الذي يدق ويدفع الباب (فقال) أبو بكر: أنا (أبو بكر فقلت) له: كن (على رسلك) ومهلك بكسر الراء وفتحها لغتان، والكسر أشهر ومعناه تمهل وتأن وامكث قليلًا حتى أرجع إليك (قال) أبو موسى (ثم ذهبت) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقلت) له:(يا رسول الله هذا) الواقف على الباب هو (أبو بكر يستأذن) منك الدخول عليك (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ائذن له وبشره

ص: 430

بِالْجَنَّةِ" قَال: فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لأَبِي بَكرٍ: ادْخُل. وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ. قَال: فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ. فَجَلَسَ عَن يَمِينِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ فِي القُفِّ. وَدَلَّى رِجْلَيهِ فِي الْبِئْرِ. كَمَا صَنَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيهِ. ثُم رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ. وَقَدْ تَرَكتُ أَخِي يَتَوَضَّأ وَيَلْحَقُنِي

ــ

بالجنة قال) أبو موسى: (فأقبلت) أي رجعت إلى أبي بكر (حتى قلت لأبي بكر) أي فقلت له وحتى بمعنى الفاء العاطفة (ادخل) يا أبا بكر (ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة قال) أبو موسى: (فدخل أبو بكر فجلس) أي أبو بكر (عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في القف) أي على قف البئر ودكته (ودلى) أبو بكر (رجليه في البئر) أي مد وبسط رجليه من أعلى القف إلى جهة قعر البئر، وضع في الجلوس والتدلية (كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم وكشف عن ساقيه) موافقة في جميع ما ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليكون أبلغ في بقاء النبي صلى الله عليه وسلم على راحته بخلاف ما إذا لم يفعل ذلك كما فعل فربما يستحي النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فيرفع الرجلين ويستر الساقين فيفقد راحته، وهذا الحديث يعارض ما وقع في حديث زيد بن أرقم عند البيهقي في دلائل النبوة قال زيد: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "انطلق حتى تأتي أبا بكر فقل له إن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول لك: أبشر بالجنة، ثم انطلق إلى عمر كذلك ثم انطلق إلى عثمان كذلك .. الحديث، فهذا الحديث يدل على أن المبشر لهم هو زيد بن أرقم وحديث الباب يدل على أن المبشر هو أبو موسى فبينهما معارضة، قال الحافظ في الفتح [9/ 37] إن هذا الحديث ضعيف لا يصلح للمعارضة فإن كان محفوظًا احتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أوسل زيد بن أرقم قبل أن يجيء أبو موسى فلما جاؤوا كان أبو موسى قد قعد على الباب فراسلهم على لسانه بنحو ما أرسل به إليهم زيد بن أرقم والله أعلم.

قال أبو موسى: (ثم رجعت) إلى الباب (فجلست) عند الباب (وقد تركت أخي) في منزلنا، حالة كونه (يتوضأ و) يريد أن (يلحقني) إلى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم وكان له أخوان أبو بردة عامر بن قيس وأبو رهم، وقيل: كان له أخ آخر اسمه لم يُعرف وأشهرهم أبو بردة فلما رأى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر الداخلين عليه اليوم

ص: 431

فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ اللهُ بِفْلانٍ -يُرِيدُ أَخَاهُ- خَيرًا يَأْتِ بِهِ. فَإِذَا إِنْسَانْ يُحَرِّكُ الْبَابَ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَال: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَقُلْتُ: عَلَي رَسْلِكَ، ثُمَّ جِئتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ وَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ يَسْتَأذِنُ. فَقَال: "ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ" فَجِئتُ عُمَرَ فَقُلْتُ: أَذِنَ ويبَشِّرُكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالجَنةِ. قَال: فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقُفِّ، عَن يَسَارِهِ. وَدَلَّى رِجْلَيهِ فِي الْبِئرِ. ثُم رَجَعتُ فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ اللهُ بِفُلانٍ خَيرًا -يَعْنِي أخَاهُ- يَأتِ بِهِ. فَجَاءَ إِنْسَانٌ فَحَرَّكَ البَابَ. فَقُلْتُ: مَنْ هذَا؟ فَقَال: عُثْمَانُ بْنُ عَفانَ. فَقُلْتُ: عَلَى رَسْلِكَ. قَال: وَجِئتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَال: "ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرهُ بِالْجَنَّةِ. مَعَ بَلوَى تُصِيبُهُ"

ــ

بالجنة تمنى أن يأتي أخوه فيحظى بمثل هذه البشارة (فقلت) لنفسي: (أن يرد الله بفلان يريد) بقوله بفلان (أخاه خيرًا) مفعول يرد أي إن يرد الله بفلان خيرًا (يأت به فإذا إنسان يحرك الباب) أي باب الحائط (فقلت) له: (من هذا) المحرك للباب (فقال) أنا (عمر بن الخطاب فقلت) له: كن (على رسلك) ومهلك وحالك حتى أستأذن لك (ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وقلت) له: (هذا) الحاضر عند الباب هو (عمر) بن الخطاب (يستأذن) في الدخول عليك (فقال) لي: (ائذن له وبشره بالجنة فجئت) إلى الباب وكلمت (عمر فقلت) له قد (أذن) لك في الدخول عليه (ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة قال) أبو موسى: (فدخل) عمر (فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القف) أي على قف البئر ودكته (عن يساره) صلى الله جمليه وسلم (ودلى) عمر أي نزل عمر (رجليه في البئر) قال أبو موسى: (ثم رجعت) إلى الباب (فجلست) عنده (فقلت) لنفسي: (أن يرد الله بفلان خيرًا يعني) أبو موسى بقوله بفلان (أخاه) الذي تركه في البيت ليتوضأ (يأت به فجاء إنسان فحرك الباب فقلت: من هذا) المحرك للباب (فقال) ذلك المحرك: أنا (عثمان بن عفان فقلت) له (على رسلك) ومهلك حتى أستأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) أبو موسى: (وجئت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته) بمجيء عثمان (فقال) لي: (ائذن له وبشره بالجنة مع) الإخبار له بـ (بلوى تصيبه) أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما قدر لعثمان

ص: 432

قَال: فَجِئْتُ فَقُلْتُ: ادْخُلْ. ويبَشرُكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْجَنةِ. مَعَ بَلْوَى تُصِيبُكَ. قَال: فَدَخَلَ فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ. فَجَلَسَ وُجَاهَهُمْ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ.

قَال شَرِيك: فَقَال سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ: فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ

ــ

رضي الله عنه من إصابة المحن له في آخر خلافته وكونه شهيدًا مظلومًا، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم ما هو أصرح من هذا فروى أحمد من طريق كليب بن وائل عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فمر عليه رجل فقال: يقتل هذا فيها يومئذٍ ظلمًا، قال: فنظرت فإذا هو عثمان. ذكره الحافظ في الفتح [9/ 38] وصححه (قال) أبو موسى: (فجئت) عثمان عند الباب (فقلت) له: (ادخل وببشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة مع) الأمر لك بالصبر على (بلوى تصيبك) هي البلية التي صار بها شهيد الدار من أذى المحاصرة والقتل وغيره اهـ قسطلاني (قال) أبو موسى: (فدخل) عثمان: (فوجد) عثمان (القف قد ملئ) من الجانب الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالعمرين (فجلس) عثمان (وجاههم) بكسر الواو وضمها أي مقابلهم وقدام وجوههم (من الشق الآخر) أي من الجانب الآخر، قال سليمان بن بلال:(قال) لنا (شريك) بن أبي نمر: فقلت لسعيد بن المسيب بما أولت هذه الجمعية أي جمعية العمرين مع النبي صلى الله عليه وسلم في شق وانفرد عثمان في الشق الآخر (فقال سعيد بن المسيب فأولتها) أي أولت هذه الجمعية على القف (قبورهم) أي بجمعيتهم في قبورهم يعني اجتماع الشيخين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدفن في حجرته الشريفة وانفراد عثمان عنهم في البقيع، وفيه وقوع التأويل في اليقظة وهو الذي يسمى الفراسة الصادقة.

[تتمة]: وفي حديث أبي موسى معارضية بين رواية أبي عثمان النهدي حيث قال فيها أبو موسى وأمرني أن أحفظ الباب، وكذا وقع في رواية أبي عثمان عند البخاري في مناقب عثمان أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطًا وأمره بحفظ باب الحائط، وبين رواية سعيد بن المسيب حيث قال أبو موسى فيها:"فجلست عند الباب فقلت: لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم" لأن ظاهره أنه اختار ذلك وفعله من تلقاء نفسه، وقد وقع التصريح بذلك في رواية محمد بن جعفر عند البخاري في الأدب فزاد

ص: 433

6060 -

(00)(00) حَدَّثَنِيهِ أَبُو بَكرِ بْنُ إِسحَاقَ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيرٍ. حَدَّثَنِي سُلَيمَانُ بْنُ بِلالٍ. حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ. سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِي ههُنَا - (وَأشَارَ لِي سُلَيمَانُ إِلَى مَجْلِس سَعِيدٍ، نَاحِيَةَ المَقصُورَةِ) - قَال أَبُو مُوسَى: خَرَجْتُ أُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَوَجَدتُهُ قَدْ سَلَكَ فِي الأَموَالِ،

ــ

فيه "ولم يأمرني"[قلت]: لا تعارض بينهما لأنه يمكن الجمع بينها بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بحفظ الباب أولًا ليقضي حاجته في خلوة فلما قضى حاجته وجلس على البئر لم يأمره بأن يستمر بوابًا وحينئذٍ اختار أبو موسى أن يكون بوابه من تلقاء نفسه بدون أن يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك والله سبحانه وتعالى أعلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال:

6060 -

(00)(00)(حدثنيه أبو بكر) محمد (بن إسحاق) الصاغاني البغدادي، ثقة ثبت، من (11) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا سعيد) بن كثير (بن عفير) مصغرًا الأنصاري مولاهم المصري، صدوق، من (10) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا سليمان بن بلال) التيمي المدني (حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر سمعت سعيد بن المسيب يقول: حدثني أبو موسى الأشعري ها هنا) أي في هذا المكان القريب ظرف متعلق بحدثني وهو من كلام سعيد بن المسيب، قال سعيد بن عفير:(وأشار لي سليمان) بن بلال في تفسير اسم الإشارة (إلى مجلس سعيد) بن المسيب الكائن ذلك المجلس (ناحية) أي جانب (المقصورة) الكائنة في ناحية المسجد النبوي وهي موضع محوط في المسجد النبوي يعتكف فيها الأمراء، قيل: أول من اتخذها معاوية بن أبي سفيان. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سعيد بن عفير ليحيى بن حسان (قال أبو موسى: خرجت) من بيتي (أريد) ملازمة (رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم (فوجدته) صلى الله عليه وسلم (قد سلك) أي دخل (في الأموال) أي الحيطان أي في بعض حيطان المدينة وهو حائط بئر أريس، قال في النهاية: المال في الأصل ما يملك من الذهب والفضة، ثم أطلق على كل ما يقتنى ويملك من الأعيان كالعقار والمواشي، وأكثر ما يطلق المال عند العرب الإبل لأنها كانت أكثر أموالهم اهـ والمراد

ص: 434

فَتَبِعتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ دَخَلَ مَالًا. فَجَلَسَ فِي القُفِّ. وَكَشَفَ عَن سَاقَيهِ وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ، وَسَاقَ الحَدِيثَ بِمَعنَى حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ. وَلَمْ يَذكُرْ قَوْلَ سَعِيدٍ: فَأَوَّلتُهَا قُبُورَهُمْ.

6061 -

(00)(00) حدثنا حَسَنُ بْنُ عَلِي الْحُلوَانِي وَأَبُو بَكرِ بْنُ إِسْحَاقَ قَالا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. أَخْبَرَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّ قَال: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَومًا إِلَى حَائِطِ بِالْمَدِينَةِ لِحَاجَتِهِ. فَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ. وَاقْتَصَّ

ــ

بها ها هنا البساتين لأنها تنبت الثمار التي هي الأموال (فتبعته) أي لحقته (فوجدته قد دخل مالًا) أي بستانًا وحائطًا (فجلس في القف) أي على قف البئر ودكته التي بنيت حولها (وكشف عن ساقيه ودلاهما) أي دلى الساقين ونزلهما (في البئر وساق) سعيد بن عفير (الحديث) السابق (بمعنى حديث يحيى بن حسان و) لكن (لم يذكر) سعيد بن عفير (قول سعيد) بن المسيب (فأولتها قبورهم).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فقال:

6061 -

(00)(00)(حدثنا حسن بن علي الحلواني) أبو علي الخلال الهذلي المكي، ثقة، من (11) روى عنه في (8) أبواب (وأبو بكر) محمد (بن إسحاق) الصاغاني، ثقة، من (11) (قالا: حدثنا سعيد) بن الحكم بن محمد بن سالم (بن أبي مريم) الجمحي مولاهم أبو محمد المصري، ثقة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير) الأنصاري الزرقي مولاهم المدني، ثقة، من (7) روى عنه في (7) أبواب (أخبرني شريك ابن عبد الله بن أبي نمر عن سعيد بن المسيب عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة محمد بن جعفر لسليمان بن بلال (قال) أبو موسى:(خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد (يومًا) من الأيام (إلى حائط) أي إلى بستان (بالمدينة لـ) قضاء (حاجته) حاجة الإنسان (فخرجت) أنا (في إثره) أي في عقبه ووراءه (واقتص) محمد بن

ص: 435

الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ سُلَيمَانَ بنِ بِلالٍ، وَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ: قَال ابنُ المُسَيَّبِ: فَتَأَوَّلْتُ ذلِكَ قُبُورَهُمُ اجْتَمَعَتْ ههُنَا. وَانفَرَدَ عُثْمَانُ

ــ

جعفر (الحديث) السابق (بمعنى حديث سليمان بن بلال وذكر) محمد بن جعفر (في الحديث) لفظة (قال) سعيد (بن المسيب: فتأولت ذلك) أي جمعيتهم على القف (قبورهم) أي بقبورهم لأنه (اجتمعت) قبورهم الثلاثة (ها هنا) أي في الحجرة الشريفة (وانفرد) عنهم قبر (عثمان) في البقيع رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

قال القرطبي: وهذا التأويل من سعيد من باب الفراسة، ومن باب ما يقع في قلوب المحدثين الذين قدمناهم في فضائل عمر، لا من باب تأويل الرؤيا إذ كان ذلك في اليقظة وذلك أنه لما حدث بكيفية جلوس الثلاثة في جهة واحدة من القف وعثمان في مقابلتهم وقع في قلبه أن ذلك كان إشعارًا بكيفية دفنهم كما كان والله سبحانه وتعالى أعلم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث ثلاثة: الأول: حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الترجمة، والثاني: حديث عثمان وعائشة ذكره للاستشهاد والمتابعة كما مر وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث: حديث أبي موسى ذكره للاستشهاد وذكر فيه أربع متابعات والله أعلم.

***

ص: 436