المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌706 - (20) والباب الثامن منها باب فضائل خديجة الكبرى رضي الله تعالى عنها وأرضاها - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌687 - (1) باب كونه صلى الله عليه وسلم مختارًا من خيار الناس، وتسليم الحجر عليه وتفضيله على جميع الخلق، وبعض معجزاته، وتوكله

- ‌ كتاب فضائل النبي صلى الله عليه وسلم وفواضله عليه الصلاة والسلام

- ‌688 - (2) باب بيان مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم وشفقته على أمته وذكر كونه خاتم النبيين وذكر إذا أراد الله رحمة أمة قبض نبيها قبلها

- ‌689 - (3) باب إثبات حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبيان قدره وصفته وكيزانه

- ‌690 - (4) - باب قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته، وكونه أجود الناس، وكونه أحسنهم خلقًا، وما سُئل شيئًا وقال: "لا" قط، وكثرة عطائه

- ‌691 - (5) باب رحمته صلى الله عليه وسلم للصبيان والعيال، وكثرة حيائه، وتبسمه، وأمر سواق مطايا النساء بالرفق بهن، وتبرك الناس به صلى الله عليه وسلم

- ‌692 - (6) باب بعداه صلى الله عليه وسلم من الإثم واختياره أيسر الأمور وانتقامه لله تعالى وطيب رائحته ولين مسه وطيب عرقه والتبرك به وعرقه حين يأتيه الوحي وبيان كيفية إتيانه

- ‌693 - (7) باب في سدله وفرقه شعره وقده وصفة شعره وفمه وعينيه وعقبيه ولونه وشيبه صلى الله عليه وسلم

- ‌694 - (8) باب إثبات خاتم النبوة وصفة النبي صلى الله عليه وسلم ومبعثه وكم سنه حين قُبض وكم أقام بمكة وبالمدينة وفي أسمائه وكونه أشد الناس علمًا بالله وخشية له تعالى ووجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم

- ‌695 - (9) باب ترك الإكثار من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم توقيرًا له ووجوب امتثال ما فعله شرعًا في الدين دون ما ذكره رأيًا من معايش الدنيا وفضل النظر إليه وتمنيه

- ‌ كتاب فضائل بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفضائل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين

- ‌696 - (10) باب في فضائل عيسى وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام

- ‌697 - (11) باب فضائل موسى، وفضائل يونس، وفضائل يوسف، وفضائل زكريا عليهم الصلاة والسلام

- ‌698 - (12) باب فضائل الخضر عليه السلام

- ‌ أبواب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌699 - (13) الأول منها باب فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌700 - (14) والثاني منها باب فضل عمر رضي الله عنه

- ‌701 - (15) والثالث منها باب فضل عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه وأرضاه

- ‌702 - (16) والرابع منها باب فضائل علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه

- ‌703 - (17) الباب الخامس منها باب فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌704 - (18) والباب السادس منها باب فضائل طلحة والزبير وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌705 - (19) باب فضائل الحسن والحسين وفضائل أهل البيت وفضائل زيد بن حارثة وابنه أسامة وفضائل عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌706 - (20) والباب الثامن منها باب فضائل خديجة الكبرى رضي الله تعالى عنها وأرضاها

- ‌707 - (21) والباب التاسع منها باب فضل عائشة رضي الله تعالى عنها

- ‌708 - (22) والباب العاشر منها باب فضائل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء العالمين رضي الله تعالى عنها وأرضاها

- ‌709 - (23) والحادي عشر منها باب من فضائل أم سلمة وزينب وأم أيمن وأم سليم رضي الله تعالى عنهن

- ‌زينب أم المؤمنين

- ‌أم أيمن

- ‌أم سليم

- ‌710 - (24) والباب الثاني عشر منها باب فضائل أبي طلحة الأنصاري وبلال وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌فضائل بلال

- ‌فضائل ابن مسعود

- ‌711 - (25) والثالث عشر منها باب‌‌ فضائل أُبي بن كعبوزيد بن ثابت وسعد بن معاذ وأبي دجانة وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌ فضائل أُبي بن كعب

- ‌فضائل زيد بن ثابت

- ‌فضائل سعد رضي الله عنه

- ‌فضائل أبو دجانة

- ‌فضائل أبي جابر

الفصل: ‌706 - (20) والباب الثامن منها باب فضائل خديجة الكبرى رضي الله تعالى عنها وأرضاها

‌706 - (20) والباب الثامن منها باب فضائل خديجة الكبرى رضي الله تعالى عنها وأرضاها

ــ

706 -

(20) والباب الثامن منها باب فضائل خديجة الكبرى رضي الله تعالى عنها وأرضاها

قال القرطبي: هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية رضي الله تعالى عنها، وفي قصي تجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تدعى في الجاهلية الطاهرة، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة ثيبًا بعد زوجين أبي هالة هند بن النباش التميمي، وولدلت له هندًا، وعتيق بن عائذ المخزومي، ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت أربعين سنة وأقامت معه أربعًا وعشرين سنة، وتوفيت وهي بنت أربع وستين سنة وستة أشهر، وكان سن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج خديجة إحدى وعشرين سنة، وقيل: خمسًا وعشرين سنة وهو الأكثر، وقيل: ثلاثين سنة، وأجمع أهل النقل أنها ولدت له أربع بنات كلهن أدركن الإسلام وأسلمن وهاجرن؛ زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم، وأجمعوا على أنها ولدت له ابنًا يُسمى القاسم وبه كان يُكنى، واختلفوا "هل ولدت له ذكرًا غير القاسم فقيل: لم تلد له ولدًا ذكرًا غيره، وقيل: ولدت له ثلاثة ذكور عبد الله والطيب والطاهر، وقيل: بل ولدت له عبد الله، والطيب والطاهر لقبان له، والخلاف في ذلك كثير والله تعالى أعلم، ومات القاسم بمكة صغيرًا، قيل: إنه بلغ إلى أن مشى، وقيل: لم يعش إلا أيامًا يسيرة ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وُلد له من غير خديجة إلا إبراهيم ولدته مارية القبطية بالمدينة، وبها توفي، وهو رضيع ومات بنات النبي صلى الله عليه وسلم كلهن قبل موته إلا فاطمة فإنها توفيت بعده بستة أشهر، وكانت خديجة رضي الله تعالى عنها امرأة شريفة عاقلة فاضلة حازمة ذات مال. وقد تقدم أنها أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنه صلى الله عليه وسلم نُبئ يوم الإثنين فصلت آخر ذلك اليوم، وكانت عونًا للنبي صلى الله عليه وسلم على حاله كله وردءًا له تثبته على أمره وتصدقه فيما يقوله وتصبّره على ما يلقى من قومه من الأذى والتكذيب، وسلم عليها جبريل عليه السلام وبشرها بالجنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"رُزقت حبها" ولم يتزوج عليها إلى أن ماتت قيل: كان وفاتها قبل مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بسبع سنين،

ص: 525

6116 -

(2410)(165) حدَّثنا أَبُو بَكرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيرٍ وَوَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاويةَ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيمَانَ، كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، (وَاللَّفْظُ حَدِيثُ أَبِي أُسَامَةَ). ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أبِيهِ، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا بِالْكُوفَةِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "خَيرُ نِسَائهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ. وَخَيرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيلِدٍ"

ــ

وقيل: بخمس سنين، وقيل: بأربع سنين، وقيل: بثلاث وهو أصحها وأشهرها إن شاء الله تعالى، وتوفيت هي وأبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة واحدة قيل: كان بينهما ثلاثة أيام، وتوفيت في رمضان، ودُفنت بالحجون رضي الله تعالى عنها وأرضاها.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الترجمة بحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال:

6116 -

(2410)(165)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة ح وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة و) عبد الله (بن نمير ووكيع وأبو معاوية ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبدة بن سليمان) الكلابي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (12) بابا (كلهم) أي كل من عبد الله بن نمير وأبي أسامة وأبي معاوية ووكيع وعبدة بن سليمان رووا (عن هشام بن عروة واللفظ) الآتي (حديث أبي أسامة) أي لفظ حديثه وأما غيره فروى معنى الحديث الآتي لا لفظه (ح وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة عن هشام) بن عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير (قال) عروة:(سمعت عبد الله بن جعفر) بن أبي طالب الهاشمي المدني رضي الله عنه (يقول: سمعت عليًّا) بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه (بالكوفة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول): وهذه الأسانيد كلها من خماسياته (خير نسائها) أي خير نساء الدنيا في عصرها (مريم بنت عمران وخير نسائها) أي خير نساء الدنيا في عصرها (خديجة بنت خويلد) رضي الله

ص: 526

قَال أَبُو كُرَيبٍ: وَأَشَارَ وَكِيعٌ إِلَى السَّمَاءِ وَالأَرْضِ

ــ

تعالى عنها وجزاها الله تعالى عنا خير الجزاء (قال أبو كريب: وأشار وكيع) بن الجراح عند قوله خير نساءها (إلى السماء والأرض) قال النووي: أراد وكيع بهذه الإشارة تفسير الضمير في نساءها وأن المراد جميع نساء الأرض أي كل من بين السماء والأرض من النساء، والأظهر أن معناه أن كل واحدة منهما خير نساء الأرض في عصرها اهـ.

قال القرطبي: قوله: (خير نساءها مريم بنت عمران) هذا الضمير عائد على غير مذكور لكنه تفسره الحال والمشاهدة يعني به الدنيا، وفي رواية:(وأشار وكيع إلى السماء والأرض) يريد الدنيا كأنه يفسر ذلك الضمير فكأنه قال: خير نساء الدنيا مريم بنت عمران وهذا نحو حديث ابن عباس المتقدم الذي قال فيه: (خير نساء العالمين مريم) ويشهد لهذه الأحاديث في تفضيل مريم قول الله تعالى حكاية من قول الملائكة لها: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالمِينَ} [آل عمران / 42] فظاهر القرآن والأحاديث يقتضي أن مريم أفضل من جميع نساء العالم من حواء إلى آخر امرأة تقوم عليها الساعة ويعتضد هذا الظاهر بأنها صدّيقة ونبية بلغتها الملائكة الوحي عن الله تعالى بالتكليف والإخبار والبشارة وغير ذلك كما بلغته سائر الأنبياء فهي إذًا نبية، وهذا أولى من قول من قال إنها غير نبية، وإذا ثبت ذلك ولم يُسمع في الصحيح أن في النساء نبية غيرها فهي أفضل من كل نساء الأولين والاخرين، إذ النبي أفضل من الولي بالإجماع، وعلى هذا فهي أفضل مطلقًا، ثم بعدها في الفضيلة فاطمة، ثم خديجة، ثم آسية، وكذلك رواه موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيدة نساء العالمين مريم وفاطمة ثم خديجة ثم آسية" رواه الطبراني في الأوسط والكبير بنحوه، وهذا الحديث حسن رافع لاشكال هذه الأحاديث، فأما من يرى أن مريم صدّيقة وليست نبية فلهم في تأويل هذه الأحاديث طريقان: أحدهما أن معناها أن كل واحدة من أولئك الأربع خير نساء عالم زمانها وسيدة وقتها، وثانيهما أن هؤلاء النساء الأربع من أفضل نساء العالم وإن كن في أنفسهن على مزايا متفاوتة ورتب متفاضلة وما ذكرناه أوضح وأسلم اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في الفضائل باب تزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها [3815]، والترمذي في المناقب [3877].

ص: 527

وحدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. جَمِيعًا عَنْ شُعْبَةَ. ح وَحَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، (وَاللَّفْظُ لَهُ)، حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ. وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ غَيرُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَان، وَآسِيَةَ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطعَامِ".

6117 -

(2411)(166) حدَّثنا أَبُو بَكرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبِ وَابْنُ نُمَيرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيرَةَ

ــ

[تنبيه مهم]: قد ذكر في أغلب نسخ مسلم بعد حديث علي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما، وليس هذا الباب محله لأنه ليس فيه ذكر خديجة بل محله باب فضل عائشة لأنها ذكرت فيه كما ذكره القرطبي في تلخيصه في باب فضل عائشة، وكذا ذكره البخاري في باب فضل عائشة في صحيحه ولذلك أخرنا شرحه إلى باب فضل عائشة لأن ذكره هنا يوقع المدرسين والطلبة في الإشكال لأنه لا يوافق ترجمة خديجة ولذلك أخرناه إلى باب فضل عائشة تحرزًا من إيقاعهم في الإشكال فانتظره هناك كما هو هناك في النسخ المخطوطة المنقولة عن نسخة المؤلف ولم ينبه لهذه الدقيقة جميع شراح مسلم فنذكر الآن حديث أبي هريرة بعد حديث علي كما هو على هذا الترتيب في نسخة القرطبي والله الموفق فنقول:

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث علي بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:

6117 -

(2411)(166)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب و) محمد بن عبد الله (بن نمير قالوا: حدثنا) محمد (بن فضيل) بن غزوان الضبي الكوفي، صدوق، من (9)(عن عمارة) بن القعقاع بن غزية الضبي الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (5) أبواب (عن أبي زرعة) هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (3) (قال) أبو زرعة:(سمعت أبا هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من

ص: 528

قَال: أَتَى جِبْرِيلُ النبِي صلى الله عليه وسلم. فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ، مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ، أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقرَأْ عليها السلام مِنْ رَبِّهَا عز وجل، وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ

ــ

خماسياته (قال) أبو هريرة: (أتى جبريل) الأمين عليه السلام (النبي صلى الله عليه وسلم ووقع في رواية سعيد بن كثير عند الطبراني أن ذلك كان وهو بحراء ذكره الحافظ في الفتح [7/ 138 و 139]، (فقال) جبريل: (هذه) المرأة المتوجهة إليك والقاصدة لك في هذا المكان لخدمتك بالطعام هي (خديجة قد أتتك) وجاءت إليك من بيتها في هذا المكان يعني غار حراء، والحال أنه كان (معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب) وأو هنا بمعنى الواو (فإذا هي أتتك) أي وصلت إليك في هذا المكان (فاقرأ عليها السلام من ربها عز وجل أي سلم عليها سلامًا كائنًا من ربها (و) سلامًا كائنًا (مني) عليها بأن يقول: السلام عليك من ربك ومن جبريل الأمين (وبشرها) بشارة صادرة لها من ربها بالجنة (ببيت) أي بقصر مدخر لها (في الجنة) كائن (من قصب) أي من لؤلؤ مجوف كالقصب المنبت (لا صخب) موجود (فيه) والصخب الصوت المرتفع المختلط (ولا نصب) أي لا تعب ولا مشقة ولا حزن ولا خوف فيه.

قوله: (هذه خديجة قد أتتك) .. إلخ وكانت خديجة رضي الله تعالى عنها تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام وشراب من بيتها وهو معتكف بحراء فقال جبريل عليه السلام ذلك لما رآها تأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرج النسائي من حديث أنس قال:(قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم إن الله يقرئ خديجة السلام يعني فأخبرها فقالت: إن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته) وزاد ابن السني من وجه آخر: وعلى من سمع السلام إلا الشيطان، قال العلماء: في هذه القصة دليل على وفور فقه خديجة لأنها لم تقل وعليه السلام كما وقع لبعض الصحابة حيث كانوا يقولون في التشهد السلام على الله فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "إن الله هو السلام فقولوا التحيات لله" فعرفت خديجة لصحة فهمها أن الله لا يُرَدُّ عليه السلام كما يرد على المخلوقين، لأن السلام اسم من أسماء الله تعالى وهو أيضًا دعاء بالسلامة وكلاهما لا يصلح أن يرد به على الله إلا الثناء

ص: 529

قَال أَبُو بَكرٍ فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَلَمْ يَقُلْ: سَمِعْتُ. وَلَمْ يَقُلْ فِي الْحَدِيثِ: وَمِنِّي

ــ

عليه فجعلت مكان رد السلام عليه الثناء عليه اهـ فتح الباري.

(قال أبو بكر في روايته) لفظة (عن أبي هريرة) بالعنعنة (ولم يقل) أبو بكر كغيره لفظة (سمعت) أبا هريرة بصيغة السماع بدل العنعنة (ولم يقل في الحديث) أبو بكر أيضًا لفظة (ومني) بل اقتصر على قوله: (فاقرأ عليها السلام من ربها عز وجل ولم يقل معه لفظة ومني وقوله في هذه الرواية عن أبي هريرة، قال النووي: أبو هريرة لم يدرك أيام خديجة ولم يذكره سماعًا من النبي صلى الله عليه وسلم فيحتمل أنه سمعه منه أو من صحابي فيكون مرسلًا لكنه مرسل صحابي، والصحيح أنه حجة اهـ من الأبي.

قال القرطبي: وقوله: (بشر خديجة ببيت في الجنة) .. إلخ قال الهروي: وغيره القصب هنا اللؤلؤ المجوف المستطيل، والبيت القصر. [قلت]: وهذا نحو قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: "إن في الجنة لخيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلًا" متفق عليه، وفي لفظ آخر:"من درة بيضاء طولها ستون ميلًا" سيأتي إن شاء الله تعالى، والصخب بالصاد والسين اختلاط الأصوات وارتفاعها والنصب التعب والمشقة، ويقال نصب ونُصب كحزن وحُزن أي لا يصيبها ذلك لأن الجنة منزهة عن ذلك كما قال تعالى:{لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر / 48] وقيل: معناه أن هذا البيت خالص لها لا تنازع فيه فيُصخب عليها فيه، والمعنى هذا البيت خاص بها لا شريك لها فيه فيفضي إلى الصخب اهـ دهني. وذلك من فضل الله تعالى عليها لا بنصبها في العبادة ولا باجتهادها في ذلك، وإبلاغ الملك لها أن الله يقرأ عليها السلام فضيلة عظيمة وخصوصية شريفة لم يُسمع بمثلها لمن ليس بنبي إلا لعائشة رضي الله تعالى عنها على ما سيأتي في فضائلها.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الفضائل باب فضل خديجة [3820] وفي التوحيد باب يريدون أن يبدلوا كلام الله [7497].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيا لحديث عبد الله بن جعفر بحديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهم فقال:

ص: 530

6118 -

(2412)(167) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ. قَال: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى: أكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَشَّرَ خَدِيجَةَ بِبَيتٍ فِي الْجَنَّةِ؟ قَال: نَعَمْ، بَشَّرَهَا بِبَيتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ. لا صَخَبَ فِيهِ وَلا نَصَبَ.

6119 -

(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوَيةَ. ح وَحَدَّثَنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيمَانَ وَجَرِيرٌ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. كُلُّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى،

ــ

6118 -

(2412)(167)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير (ومحمد بن بشر) بن الفرافصة (العبدي) الكوفي كلاهما رويا (عن إسماعيل) بن أبي خالد سعيد البجلي الأحمسي الكوفي، ثقة، من (4) روى عنه في (8) أبواب (قال) إسماعيل:(قلت لعبد الله بن أبي أوفى) علقمة بن خالد الأسلمي أبي إبراهيم الكوفي الصحابي المشهور رضي الله عنه روى عنه في (5) أبواب. وهذا السند من رباعياته (أكان) بهمزة الاستفهام التقريري أي هل كان (رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر خديجة ببيت في الجنة؟ قال) لي ابن أبي أوفى: (نعم بشرها) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الفضائل باب تزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها [3819].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه فقال:

6119 -

(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (أخبرنا أبو معاوية ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا المعتمر بن سليمان) بن طرخان التيمي البصري (وجرير) بن عبد الحميد (ح وحدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر حدثنا سفيان) بن عيينة (كلهم) أي كل من هؤلاء الخمسة أبي معاوية ووكيع والمعتمر بن سليمان وجرير وسفيان رووا (عن إسماعيل بن أبي خالد عن ابن أبي أوفى

ص: 531

عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ.

6120 -

(2413)(168) حدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالتْ: بَشرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيلدٍ، بِبَيتٍ فِي الْجَنَّةِ.

6121 -

(2414)(169) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ. حَدَّثَنَا أبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: مَا غِرْتُ عَلَى

ــ

عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الأسانيد كلها من رباعياته، غرضه بيان متابعة هؤلاء الخمسة لعبد الله بن نمير ومحمد بن بشر، وقوله: وساق هؤلاء الخمسة (بمثله) بإفراد الضمير تحريف من النساخ لأن المتابع اثنان لا واحد، والصواب أن يقال: وساقوا (بمثلهما) بالتثنية أي ساقوا بمثل حديث عبد الله بن نمير ومحمد بن بشر.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث عبد الله بن جعفر بحديث عالة رضي الله تعالى عنهما فقال:

6120 -

(2413)(168)(حدثنا عثمان بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا عبدة) بن سليمان الكلابي الكوفي (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته (قالت) عائشة: (بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد) القرشية الأسدية رضي الله تعالى عنها (ببيت في الجنة).

وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم كما في تحفة الأشراف.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعا لحديث عبد الله بن جعفر بحديث اخر لعائشة رضي الله عنهم فقال:

6121 -

(2414)(169)(حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام) بن عروة (عن أبيه عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته (قالت) عائشة: (ما) نافية (غرت) من الغيرة وهي الحمية والأنفة، يقال: رجل غيور وامرأة غيور بلا هاء لأن فعولًا يشترك فيه المذكر والمؤنث نظير صبور أي ما أنفت (على

ص: 532

امْرأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَلَقَدْ هَلَكَت قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي بِثَلاثِ سِنِينَ، لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذكُرُهَا وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ عز وجل أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيتِ مِنْ قَصَبٍ فِي الْجَنَّةِ، وإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثُمَّ يُهْدِيهَا إِلَى خَلائِلهَا

ــ

امرأة) من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (ما غرت) وما مصدرية، أو موصولة؛ أي ما غرت على امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم غيرة مثل غيرتي (على خديجة) أو غيرة مثل الغيرة التي غرتها على خديجة فإن غيرتي على خديجة أشد وأزيد من غيرتي على غيرها منهن (و) الحال أنها (لقد هلكت) فاللام زائدة، والجملة حالية أي والحال أن خديجة قد هلكت وماتت (قبل أن يتزوجني) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بـ) مقدار مدة (ثلاث سنين) أشارت بهذه الجملة إلى أنها لو كانت موجودة في زمانها لكانت غيرتها منها أشد قاله الحافظ في الفتح وإنما كانت غيرتي عليها أشد (لما كنت أسمعه) صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يذكرها) ويثني عليها لمحبته إياها، واللام في لما تعليلة، وما مصدرية أي وإنما كانت أشد لسماعي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها كثيرًا وثنائه عليها، وفيه إثبات الغيرة الطبيعية وأنها غير مستنكر وقوعها من فاضلات النساء عمن دونهن ما لم يحدث بسببها محرم شرعًا من الحسد وغيره اهـ من القسطلاني.

وقوله: (لما كنت أسمعه يذكرها) أي يمدحها ويثني عليها ويذكر فضائلها وذلك لفرط محبته إياها، ولما اتصل له من الخير بسببها وفي بيتها، ومن أحب شيئًا أكثر من ذكره، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إني رزقت حبها" وكونه صلى الله عليه وسلم يهدي لخلائل خديجة دليل على كرم خلقه وحسن عهده، ولذلك كان يرتاح لهالة بنت خويلد إذا رآها وينهض أي يهش إكرامًا لها وسرورًا بها اهـ من المفهم.

(ولقد أمره) صلى الله عليه وسلم (ربه عز وجل أن يبشرها ببيت من قصب في الجنة وإن كان) وإن مخففة من الثقيلة أي وإنه كان صلى الله عليه وسلم (ليذبح الشاة) أي شاة الأكل لأهله (ثم يهديها) أي يهدي بعض لحم تلك الشاة (إلى خلائلها) أي إلى خلائل خديجة وأصدقائها، والخلائل جمع خليلة بمعنى صديقة، وفيه أن من حقوق الميت الإحسان إلى أصدقائه، وفي رواية للبخاري:"وربما ذبح الشاة ثم بقطعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائق خديجة".

ص: 533

6122 -

(00)(00) حدَّثنا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالتْ: مَا غِرْتُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا عَلَى خَدِيجَةَ. وإِنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا.

قَالتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ فَيَقُولُ: "أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ" قَالتْ: فَأغْضَبْتُهُ يَوْما فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ؟ فَقَال

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 279]، والبخاري في مواضع منها في الفضائل باب تزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضائلها [3816 و 3886] والترمذي في المناقب باب مناقب خديجة رضي الله تعالى عنها [3885 و 3886]، وابن ماجه [1997].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة هذا رضي الله تعالى عنها فقال:

6122 -

(00)(00)(حدثنا سهل بن عثمان) بن فارس الكندي أبو مسعود العسكري نزيل الري، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا حفص بن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة حفص بن غياث لأبي أسامة (قالت) عائشة:(ما غرت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه (إلا على خديجة و) الحال (إني لم أدركها) أي لم أدرك زمن كونها مع النبي صلى الله عليه وسلم ولو أدركت زمن كونها مع النبي صلى الله عليه وسلم لكانت غيرتها عليها أشد (قالت) عائشة: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة) لأكل أهله، والفاء في قوله:(فيقول) صلى الله عليه وسلم: زائدة في جواب إذا، والمعنى قالت عائشة: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة حبه لخديجة إذا ذبح شاة لحم وأكل يقول لمن عنده من الخدم (أرسلوها بها) أي منها أي من بعض لحمها فالباء بمعنى من التبعيضية (إلى أصدفاء خدبجة) وخلائلها و (قالت) عائشة أيضًا: (فأغضبته) صلى الله عليه وسلم (يومًا) من الأيام (فقلت) له في إغضابه تذكر (خديجة) وتقول خديجة خديجة كل وقت كأنه ليس في الدنيا امرأة إلا خديجة (فقال) لي

ص: 534

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي قَدْ رُزِقتُ حُبَّهَا".

6123 -

(00)(00) حدَّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو كُرَيبٍ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاويةَ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. نَحْوَ حَدِيثِ أبِي أُسَامَةَ. إِلَى قِصَّةِ الشَّاةِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الزِّيَادَةَ بَعْدَهَا.

6124 -

(00)(00) حدَّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا

ــ

(رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتذارًا عن إكثار ذكره إياها (إني قد رزقت حبها) والجملة علة لمحذوف تقديره وإنما أكثرت من ذكرها لأني قد أعطيت حبها وطُبعت عليها لأنها واست لي في مالها ونفسها وأولادها، قال النووي: فيه إشارة إلى أن حبها فضيلة حصلت له.

قال الحافظ: ولعل ما هنا اختصارًا لما جاء في صحيح البخاري من حديثها: (فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول: إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد) ووقع عند أحمد من حديث مسروق عن عائشة: "آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء" اهـ من فتح الباري [7/ 37].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيا في حديث عائشة هذا رضي الله تعالى عنها فقال:

6123 -

(00)(00)(حدثنا زهير بن حرب وأبو كريب جميعًا عن أبي معاوية حدثنا هشام) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي معاوية لأبي أسامة، وساق أبو معاوية (بهذا الإسناد) يعني عن عروة عن عائشة (نحو حديث أبي أسامة إلى) أن وصل (قصة) ذبح (الشاة) ولكن لم يذكر قصة الشاة (ولم يذكر) أيضًا أبو معاوية (الزيادة) التي زادها حفص بن غياث (بعدها) أي بعد قصة الشاة من قولها فأغضبته يومًا .. إلخ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

6124 -

(00)(00)(حدثنا عبد بن حميد) الكسي (اخبرنا عبد الرزاق أخبرنا

ص: 535

مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالتْ: مَا غِرْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ، مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ. لِكَثْرَةِ ذِكْرِهِ إِيَّاهَا وَمَا رَأَيتُهَا قَطُّ.

6125 -

(2415)(170) حدَّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخبَرَنَا عَبدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالت: لَمْ يَتَزَوَّجِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى خَدِيجَةَ حَتَّى مَاتَتْ.

6126 -

(2416)(170) حدَّثنا سُوَيدُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ،

ــ

معمر) بن راشد (عن الزهري عن عروة عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة الزهري لهشام بن عروة (قالت) عائشة:(ما غرت للنبي صلى الله عليه وسلم أي لأجله أو بسببه (على امرأة من نسائه) أي أزواجه (ما غرت) أي غيرة مثل غيرتي (على خديجة) فغيرتي عليها أشد من غيرتي على غيرها، دهانما كانت أشد (لكثرة ذكره) صلى الله عليه وسلم (إياها) أي خديجة فكثرة ذكره إياها يدل على شدة محبته إياها فيشتد غيرتي عليها من ذكرها (و) الحال أني (ما رأيتها قط) أي في زمن من الأزمنة الماضية من عمري.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث عبد الله بن جعفر بحديث آخر لعائشة رضي الله عنهم فقال:

6125 -

(2415)(170)(حدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته (قالت) عائشة: (لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم امرأة (على خديجة) رضي الله تعالى عنها في حياتها (حين ماتت) خديجة.

وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى سادسًا لحديث عبد الله بن جعفر بحديث آخر لعائشة رضي الله عنهم فقال:

6126 -

(2416)(170)(حدثنا سويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل أبو محمد الحدثاني، صدوق، من (10) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا علي بن مسهر)

ص: 536

عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالت: اسْتأذَنَتْ هَالةُ بِنْتُ خُوَيلِدٍ، أخْتُ خَدِيجَةَ، عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَعَرفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاحَ لِذَلِكَ. فَقَال:"اللَّهُمَّ هَالةُ بِنْتُ خُوَيلِدٍ" فَغِرْتُ فَقُلْتُ: وَمَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ

ــ

القرشي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن هشام) بن عروة (عن أبيه) عروة (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته (قالت) عائشة:(استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة) رضي الله تعالى عنهما؛ أي طلبت الإذن في الدخول (على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهالة هي أخت خديجة وزوجة الربيع بن عبد العزى والد أبي العاص زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكروها في الصحابة وهو ظاهر هذا الحديث، وقد هاجرت إلى المدينة لأن دخولها عليه صلى الله عليه وسلم كان بها أي بالمدينة، ويحتمل أن تكون دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة حيث كانت معه عائشة في بعض أحيانه والله أعلم (فعرف) النبي صلى الله عليه وسلم من استئذانها أي تذكر (استئذان خديجة) في حياتها أي صفة استئذان خديجة لشبه صوتها أي صوت هالة بصوت أختها خديجة فتذكر بذلك خديجة.

قال القرطبي: (قوله فعرف استئذان خديجة) أي تذكر عند استئذان هالة أخت خديجة وكأن نغمة هالة كانت تشبه نغمة خديجة، وأصل هذا كله أن من أحب محبوبًا أحب محبوباته وما يتعلق به وما يشبهه اهـ مفهم.

(فارتاح) النبي صلى الله عليه وسلم أي فرح واهتز سرورًا (لذلك) أي لمجيئها لتذكره بها خديجة وأيامها وفي هذا كله دليل لحسن العهد وحفظ الود ورعاية حرمة الصاحب والعشير في حياته ووفاته وإكرام أهل ذلك الصاحب اهـ نووي، وفي البخاري (فارتاع) بالعين المهملة أي فزع وتغير لونه تذكرا لخديجة وأيام حياتها (فقال) صلى الله عليه وسلم (اللهم) هذه (هالة بنت خويلد) لا خديجة، يجوز في هالة الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي هذه هالة فاكرمها وأحسن إليها يا إلهي، والنصب على إضمار فعل أي أكرم هالة واحفظها وما أشبه ذلك من التقدير الذي يليق بالمقام اهـ من المفهم، قالت عائشة:(فغرت) أي أخذتني الغيرة لذكره خديجة (فقلت) له صلى الله عليه وسلم: (وما تذكر) ما استفهامية في محل الرفع مبتدأ وجملة تذكر خبره (من عجوز) مفعول

ص: 537

مِنْ عَجَائِزِ قُرَيشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَينِ، هَلَكَت فِي الدَّهْرِ، فَأَبْدلَكَ اللهُ خَيرًا مِنْهَا!

ــ

تذكر، ومن زائدة و (من عجائز قريش) صفة لعجوز (حمراء الشدقين) صفة ثانية لعجوز أي وأي سبب تذكر لأجله عجوزًا من عجائز قريش حمراء الشدقين أي حمراء شقي الفم وجانبه تعني عجوزة كبيرة جدًّا حتى قد سقطت أسنانها من الكبر ولم يبق لشدقيها بياض شيء من الأسنان إنما بقي فيهما حمرة لثاتها اهـ نووي، وقوله:(هلكت) أي ماتت تلك العجوز (في الدهر) أي في الزمن القديم صفة ثالثة لعجوز، وقوله:(فأبدلك الله) تعالى معطوف على هلكت أي جعل الله لك (خيرًا منها) أي أشب وأجمل منها بدلًا عنها.

قال القرطبي: (وقول عائشة رضي الله تعالى عنها وما تذكر من عجوز من عجائز قريش .. الحديث) قول أخرجه من عائشة فرط الغيرة وخفة الشباب والدلال لم ينكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا مما قالت، وقد أخذ بعض العلماء من هذا الحديث أن الغيرى لا تؤاخذ بما يصدر عنها في حال غيرتها، وليس ذلك أخذًا صحيحًا لأن الغيرة هنا جزء السبب لا كل السبب وذلك أن عائشة رضي الله تعالى عنها اجتمع فيها تلك الأمور الثلاثة الغيرة والشباب ولعل ذلك كان قبل بلوغها والدلال وذلك أنها كانت أحب نسائه إليه بعد خديجة فإحالة الصفح عنها على بعض هذه الأمور تحكم لا يقال، إنما يصح إسناد الصفح إلى الغيرة لأنها هي التي نصت عليها عائشة فقالت: فغرت لأنا نقول لو سلمنا أن غيرتها وحدها أخرجت منها ذلك القول لما لزم أن تكون غيرتها وحدها هي الموجبة للصفح عنها بل يحتمل أن تكون الغيرة وحدها ويحتمل أن تعتبر باقي الأوصاف لا سيما ولم ينص النبي صلى الله عليه وسلم على المسقط ما هو فبقي الأمر محتملًا للأمرين فلا تكون فيه حجة على ذلك والله أعلم.

وقوله: (حمراء الشدقين) بكسر الشين وسكون الدال قيل: معناه أنها بيضاء الشدقين، والعرب تسمي الأبيض أحمر كراهة في اسم البياض لأنه يشبه البرص وهذا كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة:"يا حميراء لا تأكلي الطين فإنه يذهب بهاء الوجه" يعني يا بيضاء ذكره ابن الجوزي في الموضوعات [3/ 33] وفيه يحيى بن هاشم، قال يحيى: هو دجال هذه الأمة، وقال ابن عدي: كان يضع الحديث، قال العقيلي: ليس لهذا الحديث أصل ولا يحفظ من وجه يثبت.

[قلت]: وهذا فيه بُعد في هذا الموضع فلو كان الأمر كذلك لقالت عائشة بدل

ص: 538

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حمراء الشدقين بيضاء الشدقين فإنه كان يكون أبلغ في التقبيح، وعائشة إنما ذكرت هذا الكلام تقبيحًا لمحاسن خديجة وتزهيدًا فيها وإنما معنى هذا عندي والله أعلم أنها نسبتها إلى حمراء الشدقين من الكبر وذلك أن من جاوز سن الكهولة ولحق سن الشيخوخة وكان قويًّا في بدنه صحيحًا غلب على لونه الحمرة المائلة إلى السمرة والله تعالى أعلم.

وقولها: (قد أبدلك الله خيرًا منها) تعني بخير أجمل وأشب تعني نفسها لا أنها خير منها عند الله وعند رسوله لما تقدم من الأحاديث التي ذكرناها في صدر الكلام وكونه صلى الله عليه وسلم لم يتزوج على خديجة إلى أن ماتت يدل على عظيم قدرها عنده ومحبته لها وعلى فضل خديجة أيضًا لأنها اختصت برسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشاركها فيه أحد صيانة لقلبها من التغيير والغيرة ومن مكابدة الضرة اهـ من المفهم.

قوله: (فأبدلك الله خيرًا منها) تمسك به بعض العلماء في إثبات فضل عائشة على خديجة رضي الله تعالى عنهما لأن النبي صلى الله عليه وسلم سكت على قولها فكأنه أقره، ولكن هذا الاستدلال ليس بصحيح لأنه ثبت في رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على قول عائشة هذا، وذلك فيما رواه أحمد والطبراني من طريق أبي نجيح عن عائشة فقلت:(أبدلك الله بكبيرة السن حديثة السن فغضب، حتى قلت: والذي بعثك بالحق لا أذكرها بعد هذا إلا بخير) وبهذا الحديث تبين أن عائشة لم تقصد فضيلة نفسها على خديجة في الدين وفي أحكام الآخرة، وإنما أرادت خيريتها من جهة حداثة السن وحسن الصورة.

وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث سبعة: الأول: حديث عبد الله بن جعفر ذكره للاستدلال به على الترجمة، والثاني: حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد، والثالث: حديث عبد الله بن أبي أوفى ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع: حديث عائشة ذكره للاستشهاد، والخامس: حديث عائشة الثاني ذكر فيه ثلاث متابعات، والسادس: حديث عائشة الثالث ذكره للاستشهاد، والسابع: حديث عائشة الأخير ذكره للاستشهاد والله سبحانه وتعالى أعلم.

وصلنا إلى هذا المحل قبيل صلاة العشاء في ليلة الثلاثاء تاريخ 7/ 5 / 1427 هـ.

***

ص: 539