الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أم أيمن
ــ
عليه وسلم لأزواجه: "أسرعكن لحوقًا بي أطولكن يدًا" قالت عائشة: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم نمد أيدينا في الجدار نتطاول فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة قصيرة ولم تكن أطولنا فعرفنا حينئذٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد بطول اليد الصدقة، قال: وكانت زينب امرأة صناعة اليد فكانت تدبغ وتخرز وتصدّق في سبيل الله عز وجل. وذكر الحاكم أن هذا الحديث صحيح على شرط مسلم وأقره عليه الذهبي.
قال القرطبي: وقوله صلى الله عليه وسلم: (أسرعكن لحاقًا بي أطولكن يدًا) هذا خطاب منه لزوجاته خاصة. ألا ترى أنه قال لفاطمة رضي الله تعالى عنه: "أنت أول أهل بيتي لحوقًا بي" وكانت زينب أول أزواجه وفاة بعده وفاطمة أول أهل بيته وفاة ولم يرد باللحاق به الموت فقط بل الموت والكون معه في الجنة والكرامة، وتطاول أزواجه بأيديهن مقايسة أيديهن بعضها ببعض لأنهن حملن الطول على أصله وحقيقته ولم يكن مقصود النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وإنما كان مقصوده طول اليد بإعطاء الصدقات وفعل المعروف وبين ذلك أنه لما كانت زينب أكثر أزواجه فعلًا بالمعروف والصدقات كانت أولهن موتًا فظهر صدقه وصح قوله صلى الله عليه وسلم اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 121]، والبخاري في الزكاة باب فضل صدقة الشحيح الصحيح [1420]، والنسائي في الزكاة باب فضل الصدقة [2541].
أم أيمن
وأما أم أيمن فهي مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وحاضنته كانت جارية لعبد الله بن عبد المطلب والد النبي صلى الله عليه وسلم ثم كانت لآمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موت أبيه وكانت من الحبشة فلما ولدت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما توفي أبوه كانت أم أيمن تحضنه حتى كبر ثم بعد موت آمنة صارت له بالميراث فلما تزوج خديجة زوَّجها زيدَ بن حارثة فولدت له أسامة وشهدت أم أيمن بدرًا وكانت تسقي العطشى وتداوي الجرحى، واسمها بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصين بن مالك بن
6162 -
(2435)(189) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُمِّ أَيمَنَ. فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ. فَنَاوَلَتْهُ إِنَاءً فِيهِ شَرَابٌ. قَال: فَلَا أَدْرِي أَصَادَفَتْهُ
ــ
سلمة بن عمرو بن النعمان كُنيت بابنها أيمن بن عبيد الحبشي وتزوجت بعد عبيد زيد بن حارثة كما ذكرنا آنفًا وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "أم أيمن أمي بعد أمي" ذكره ابن الأثير في الاستيعاب [7/ 303] وكان صلى الله عليه وسلم يكرمها ويبرها مبرة الأم ويكثر زيارتها، وكان صلى الله عليه وسلم عندها كالولد ولذلك كانت تصخب عليه أي ترفع صوتها عليه وتذمر أي تغضب وتضجر فعل الوالدة بولدها، قال ابن الأثير: تذمر الرجل إذا تغضب وتكلم أثناء ذلك، وقال غيره: تذمر الرجل إذا لام نفسه وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما لها دليل على فضلها ومعرفتهم حقها، وفيه دليل على زيارة النساء في جماعة اهـ من المفهم.
ومن غريب ما يُروى عنها ما أخرجه ابن سعد أنها لما هاجرت أمست بالنصر ودون الروحاء فعطشت وليس معها ماء وهي صائمة فأجهدها العطش فدُلي عليها من السماء دلو من ماء برشاء أبيض فأخذته فشربته حتى رويت فكانت تقول: ما أصابني بعد ذلك عطش ولقد تعرضت بالصوم في الهواجر فما عطشت وأخرجه ابن السكن بنحوه اهـ من الإصابة [4/ 415].
واستدل المؤلف رحمه الله تعالى على فضل أم أيمن بحديث أنس بن مالك رضي الله عنهما فقال:
6162 -
(2435)(189)(حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء) الهمداني الكوفي (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي (عن سليمان بن المنيرة) القيسي مولاهم أبو سعيد البصري، ثقة، من (7) ويروي عنه في (9) أبواب (عن ثابت) بن أسلم البناني (عن أنس) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أنس:(انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ذهب (إلى أم أيمن) لزيارتها (فانطلقت معه) صلى الله عليه وسلم إلى بيتها (فناولته) أي فأعطت أم أيمن النبي صلى الله عليه وسلم (إناء فيه شراب، قال) أنس: (فلا أدري) ولا أعلم (أصادفته) أي هل وافقته صلى الله عليه وسلم
صَائِمًا أَوْ لَمْ يُرِدْهُ. فَجَعَلَتْ تَصْخَبُ عَلَيهِ وَتَذَمَّرُ عَلَيهِ.
6163 -
(2436)(190) حدَّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ قَال: قَال أَبُو بَكرٍ رضي الله عنه، بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لِعُمَرَ: انْطَلِق بِنَا إِلَى أُمِّ أَيمَنَ نَزُورُهَا. كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَزُورُهَا. فَلَمَّا انْتَهَينَا إِلَيهَا
ــ
في وقت إعطاء الشراب له، حالة كونه (صائمًا أو لم يرده) أي أو لم يرض النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الشراب ولم يوافق طبيعته يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع من الشرب ولا أدري هل امتنع بسبب صومه أو كان لا يشتهي ذلك الشراب وقتئذٍ (فجعلت) أي شرعت أم أيمن (تصخب) بفتح التاء وسكون الصاد وفتح الخاء المعجمة من باب ذهب أي تصيح وترفع صوتها (عليه) إنكارًا لإمساكه عن شرب الشراب (وتذمّر) أي تتكلم كلام الغضب (عليه) صلى الله عليه وسلم هو بفتح التاء وسكون الذال المعجمة وضم الميم من باب نصر ويقال: تذمر بفتح التاء والذال والميم مع تشديد الميم بحذف إحدى التاءين أصله تتذمر من باب تفعل الخماسي أي تتكلم بكلام الغضب عليه مع رفع صوتها لامتناعه من الشراب، وكانت أم أيمن من جهة كونها حاضنة له صلى الله عليه وسلم ربما تدل وتغضب عليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلها ويُحسن إليها فكان هذا الغضب دلالًا برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معفو عنه.
وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أنس الأول بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:
6163 -
(2436)(190)(حدثنا زهير بن حرب أخبرني عمرو بن عاصم) بن عبيد الله بن الوازع (الكلابي) أبو عثمان القيسي -بقاف- البصري، صدوق، من (9) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا سليمان بن المغيرة) القيسي (عن ثابت عن أنس) بن مالك رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أنس:(قال أبو بكر) الصديق رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر) بن الخطاب رضي الله عنه (انطلق) واذهب (بنا) يا عمر (إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها) في حياته، قال أنس:(فلما انتهينا) ووصلنا (إلى) بيتـ (ـها) ودخلنا عليها