المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌700 - (14) والثاني منها باب فضل عمر رضي الله عنه - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌687 - (1) باب كونه صلى الله عليه وسلم مختارًا من خيار الناس، وتسليم الحجر عليه وتفضيله على جميع الخلق، وبعض معجزاته، وتوكله

- ‌ كتاب فضائل النبي صلى الله عليه وسلم وفواضله عليه الصلاة والسلام

- ‌688 - (2) باب بيان مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم وشفقته على أمته وذكر كونه خاتم النبيين وذكر إذا أراد الله رحمة أمة قبض نبيها قبلها

- ‌689 - (3) باب إثبات حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبيان قدره وصفته وكيزانه

- ‌690 - (4) - باب قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته، وكونه أجود الناس، وكونه أحسنهم خلقًا، وما سُئل شيئًا وقال: "لا" قط، وكثرة عطائه

- ‌691 - (5) باب رحمته صلى الله عليه وسلم للصبيان والعيال، وكثرة حيائه، وتبسمه، وأمر سواق مطايا النساء بالرفق بهن، وتبرك الناس به صلى الله عليه وسلم

- ‌692 - (6) باب بعداه صلى الله عليه وسلم من الإثم واختياره أيسر الأمور وانتقامه لله تعالى وطيب رائحته ولين مسه وطيب عرقه والتبرك به وعرقه حين يأتيه الوحي وبيان كيفية إتيانه

- ‌693 - (7) باب في سدله وفرقه شعره وقده وصفة شعره وفمه وعينيه وعقبيه ولونه وشيبه صلى الله عليه وسلم

- ‌694 - (8) باب إثبات خاتم النبوة وصفة النبي صلى الله عليه وسلم ومبعثه وكم سنه حين قُبض وكم أقام بمكة وبالمدينة وفي أسمائه وكونه أشد الناس علمًا بالله وخشية له تعالى ووجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم

- ‌695 - (9) باب ترك الإكثار من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم توقيرًا له ووجوب امتثال ما فعله شرعًا في الدين دون ما ذكره رأيًا من معايش الدنيا وفضل النظر إليه وتمنيه

- ‌ كتاب فضائل بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفضائل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين

- ‌696 - (10) باب في فضائل عيسى وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام

- ‌697 - (11) باب فضائل موسى، وفضائل يونس، وفضائل يوسف، وفضائل زكريا عليهم الصلاة والسلام

- ‌698 - (12) باب فضائل الخضر عليه السلام

- ‌ أبواب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌699 - (13) الأول منها باب فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌700 - (14) والثاني منها باب فضل عمر رضي الله عنه

- ‌701 - (15) والثالث منها باب فضل عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه وأرضاه

- ‌702 - (16) والرابع منها باب فضائل علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه

- ‌703 - (17) الباب الخامس منها باب فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌704 - (18) والباب السادس منها باب فضائل طلحة والزبير وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌705 - (19) باب فضائل الحسن والحسين وفضائل أهل البيت وفضائل زيد بن حارثة وابنه أسامة وفضائل عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌706 - (20) والباب الثامن منها باب فضائل خديجة الكبرى رضي الله تعالى عنها وأرضاها

- ‌707 - (21) والباب التاسع منها باب فضل عائشة رضي الله تعالى عنها

- ‌708 - (22) والباب العاشر منها باب فضائل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء العالمين رضي الله تعالى عنها وأرضاها

- ‌709 - (23) والحادي عشر منها باب من فضائل أم سلمة وزينب وأم أيمن وأم سليم رضي الله تعالى عنهن

- ‌زينب أم المؤمنين

- ‌أم أيمن

- ‌أم سليم

- ‌710 - (24) والباب الثاني عشر منها باب فضائل أبي طلحة الأنصاري وبلال وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌فضائل بلال

- ‌فضائل ابن مسعود

- ‌711 - (25) والثالث عشر منها باب‌‌ فضائل أُبي بن كعبوزيد بن ثابت وسعد بن معاذ وأبي دجانة وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌ فضائل أُبي بن كعب

- ‌فضائل زيد بن ثابت

- ‌فضائل سعد رضي الله عنه

- ‌فضائل أبو دجانة

- ‌فضائل أبي جابر

الفصل: ‌700 - (14) والثاني منها باب فضل عمر رضي الله عنه

‌700 - (14) والثاني منها باب فضل عمر رضي الله عنه

6032 -

(2369)(124) حدثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرو الأَشْعَثِي وَأَبُو الرَّبِيعِ العَتَكِي وَأَبُو كُرَيبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ -وَاللَّفْظُ لأبِي كُرَيبٍ- (قَال أبُو الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا) ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُمَرَ بنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَينٍ،

ــ

700 -

(14) والثاني منها باب فضل عمر رضي الله عنه

ويكنى أبا حفص وهو ابن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي يجتمع نسبه مع نسب النبي صلى الله عليه وسلم في كعب، أسلم سنة ست من النبوة، وقيل سنة خمس بعد أربعين رجلًا وإحدى عشرة امرأة، وقيل بعد ثلاث وثلاثين رجلًا، وقيل: إنه تمام الأربعين، وسمي الفاروق لأنه فرق بإظهار إسلامه بين الحق والباطل وقتال الكفار عليه يوم أسلم، ونزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد استبشر أهل السماء بإسلام عمر. حفظ له من الحديث خمسمائة وتسعة وثلاثون حديثًا أخرج له منها في الصحيحين أحد وثمانون حديثًا، توفي رضي الله عنه مقتولًا قتله أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين طعنه العلج بسكين في يده ذات طرفين وطعن فيه اثني عشر رجلًا مات منهم تسعة، ثم رمى على العلج رجل من أهل العراق برنسا (كل ثوب يكون غطاء الرأس جزءا منه متصلًا به) فحبسه فوجأ نفسه، وكانت خلافة عمر رضي الله عنه عشر سنين وستة أشهر، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة كما تقدم.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الترجمة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:

6032 -

(2369)(124)(حدثنا سعيد بن عمرو) بن سهل الكندي (الأشعثي) أبو عثمان الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (5) أبواب (وأبو الربيع العتكي) الزهراني سليمان بن داود البصري (وأبو كريب محمد بن العلاء) الهمداني الكوفي (واللفظ لأبي كريب قال أبو الربيع: حدثنا وقال الآخران: أخبرنا) عبد الله (بن المبارك) بن واضح الحنظلي المروزي، ثقة، من (8) روى عنه في (10) أبواب (عن عمر بن سعيد بن أبي حسين) القرشي النوفلي المكي، روى عن ابن أبي مليكة في فضائل عمر وطاوس

ص: 387

عَنِ ابْنِ أبِي مُلَيكَةَ. قَال: سَمِعتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: وُضِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطابِ عَلَي سَرِيرِهِ. فَتَكَنَّفَهُ الناسُ يَدْعُونَ ويثنُونَ ويصَلُّونَ عَلَيهِ. قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ. وَأَنَا فِيهِم. قَال: فَلَم يَرُعْنِي إِلا بِرَجُلٍ قَدْ أخَذَ بِمَنْكِبِي مِن وَرَائي. فَالتَفَتْ إِلَيهِ فَإِذَا هُوَ عَلِيٌّ. فَتَرَحَّمَ عَلَلا عُمَرَ وَقَال:

ــ

والقاسم بن محمد وعطاء، ويروي عنه (خ م ت س ق) وابن المبارك ويحيى القطان، وثقه أحمد وابن معين والنسائي، وقال أبو حاتم: صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة (عن) عبد الله بن عبيد الله (بن أبي مليكة) زهير بن جدعان التيمي المكي، ثقة، من (3) روى عنه في (20) بابا (قال: سمعت ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته (يقول وضع عمر بن الخطاب) رضي الله عنه بعد موته (على سريره) أي على نعشه يعني سرير الميت المسمى بالنعش (فتكنفه الناس) أي أحاط بعمر أو بسريره الناس أي قاموا في أكنافه وجوانبه، حالة كونهم (يدعون) الله له بالرحمة والغفران (ويثنون) عليه بالخير والأعمال التي قدمها.

قال القرطبي: (فتكنفه الناس) يعني بعد موته وتجهيزه للدفن، والسرير هنا هو النعش لا سرير النوم، وتكنفه الناس أي صاروا بكنفيه أي جانبيه، والكنف والكنيف الجانب.

(و) حالة كونهم (يصلون عليه) أي يترحمون عليه، وذكره بعد الدعاء من ذكر الخاص بعد العام اهـ من المفهم. أو يصلون عليه صلاة الجنازة (قبل أن يرفع) ويحمل إلى محل الدفن، قال ابن عباس:(وأنا) أي والحال أني (فيهم) أي في الناس الذين أحاطوا به (فلم يرعني) بفتح الياء وضم الراء، أي فلم يفزعني ولم يفاجئني، وأصل الروع الفزع والمراد أنه رآه بغتة أي لم يفزعني أمر من الأمور ولم ينبهني عما أنا فيه من الحزن (إلا برجل) الباء فيه زائدة في الفاعل، وفي رواية البخاري إلا رجل بدون الباء وهي أظهر وأوضح؛ أي إلا أخذ رجل (قد أخذ) وأمسك (بـ) يده (منكبي) بالإفراد اهـ قسطلاني (من ورائي) وخلفي، وفي رواية للبخاري إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي (فالتفت إليه) أي إلى ذلك الرجل (فإذا هو) أي ذلك الرجل (علي) بن أبي طالب رضي الله عنه، والفاء عاطفة، وإذا فجائية؛ والمعنى فالتفت ففاجأني علي بن أبي طالب (فترحم على عمر) أي دعا بإنزال الله تعالى الرحمة على عمر (وقال) علي بعد

ص: 388

مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ، أَنْ أَلْقَى اللهَ بِمِثلِ عَمَلِهِ مِنكَ، وَايمُ اللهِ، إِن كُنتُ لأَظُنُّ أَنْ يَجعَلَكَ اللهُ مَعَ صَاحِبَيكَ. وَذَاكَ أَنِّي كُنتُ أُكَثِّرُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "جِئْتُ أَنا وأبو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَدَخَلْتُ أَنا وَأَبو بَكرٍ وَعُمَرُ. وَخَرَجْتُ أنا

ــ

الترحم عليه (ما خلفت) بتاء الخطاب لعمر أي ما تركت لنا يا عمر في الدنيا (أحدًا أحب إلي) في (أن ألقى الله بمثل عمله منك) أي ما تركت في الدنيا أحدًا أحب إلي منك في لقائي ربي بمثل عمله، وفي هذا الحديث رد من علي رضي الله عنه على الشيعة فيما يتقولونه عليه من بغضه للشيخين ونسبته إياهما إلى الجور في الإمامة وأنهما غصباه وهذا كله كذب وافتراء، علي رضي الله عنه منه براء، بل المعلوم من حاله معهما تعظيمه ومحبته لهما واعترافه بالفضل لهما عليه وعلى غيره، وحديثه هذا ينص على هذا المعنى، وقد تقدم ثناء علي على أبي بكر رضي الله تعالى عنهما واعتذاره عن تخلفه عن بيعته وصحة مبايعته له وانقياده له مختارًا طائعًا سرًّا وجهرًا وكذلك فعل مع عمر رضي الله عنه أجمعين، وكل ذلك يكذب الشيعة والروافض في دعواهم لكن الأهواء والتعصب أعماهم وطمس بصيرتهم.

وقول علي رضي الله عنه (أن ألقى الله بمثل عمله) فيه أنه كان لا يعتقد أن لأحد عملًا في ذلك الوقت أفضل من عمل عمر رضي الله عنه اهـ قسطلاني، والمعنى ما تركت بعدك رجلًا أغبطه في عمله أكثر منك وأحب أن ألقى الله بمثل عمله.

(وايم الله) أي واسم الله قسمي (أن) مخففة من الثقيلة بدليل ذكر اللام الفارقة بعدها أي إن الشأن والحال (كنت) أنا (لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك) يعني بصاحبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر الصديق رضي الله عنه، ويحتمل أن يكون أراد بكونه مع صاحبيه دفنه بقرب منهما، ووقع ذلك كما ظن، ويحتمل أن يريد بالمعية ما يؤول إليه الأمر بعد الموت من دخول الجنة ونحو ذلك.

(وذاك) أي ظني جعلك معهما بسبب (أني كنت) أنا (كثر) بضم الهمزة وتشديد الثاء المكسورة من التكثير (أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) أي كنت أسمع كثيرًا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض أحواله (جئت أنا وأبو بكر وعمر و) في بعض أحواله يقول: (دخلت أنا وأبا بكر وعمر و) في بعض أحواله يقول: (خرجت أنا

ص: 389

وَأَبو بَكرٍ وَعُمَرُ". فَإِنْ كُنتُ لأَرجُو، أَو لأَظُنُّ، أَن يَجعَلَكَ اللهُ مَعَهُمَا.

6033 -

(00)(00) وحدثنا إِسحَاقُ بْنُ إِبرَاهِيمَ. أَخبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَن عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، فِي هَذا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ.

6034 -

(2370)(125) حدثنا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ

ــ

وأبو بكر وعمر فإن) مخففة من الثقيلة أيضًا، والفاء تفريعية عاطفة ما بعدها على جملة قوله:"كنت أكثر" أي فإن الشأن والحال (كنت لأرجو أو) قال علي أو الراوي أو من دونه (لأظن) والشك من الراوي أو ممن دونه (أن يجعلك الله معهما) أي مع صاحبيك في المدفن أو الجنة، وفي هذا الحديث فضيلة ظاهرة لأبي بكر وعمر، وشهادة علي لهما وحسن ثنائه عليهما وصدق ما كان يظنه بعمر قبل وفاته رضي الله عنهم أجمعين اهـ نووي.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 112] والبخاري في مناقب عمر [3677].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

6033 -

(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (17) بابا (عن عمر بن سعيد في هذا الإسناد) أي بهذا الإسناد يعني عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس ولفظة في بمعنى الباء إنما أتى بها بدل الباء فرارًا من كراهة توالي حرفي جر بمعنى واحد متعلقين بعامل واحد، غرضه بيان متابعة عيسى بن يونس لعبد الله بن المبارك، وساق عيسى (بمثله) أي بمثل حديث عبد الله بن المبارك لفظًا ومعنى.

ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عباس بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم فقال:

6034 -

(2370)(125)(حدثنا منصور بن أبي مزاحم) بشير التركي أبو نصر البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن صالح بن

ص: 390

كَيسَانَ. ح وَحَدثَنَا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلوَانِي وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ، (وَاللَّفظُ لَهُمْ)، قَالُوا: حَدَّثَنَا يَعقُوبُ بْنُ إِبراهِيمَ. حَدَّثَنَا أَبِي، عَن صَالِحٍ، عَنِ ابنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ؛ أَنهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدرِي يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بَينَا أَنا نَائِمٌ، رَأَيتُ النَّاسَ يُعرَضُونَ وَعَلَيهِم قُمُصٌ. مِنهَا مَا يَبْلُغُ الثْدِي، وَمِنهَا مَا يَبلُغُ دُونَ ذلِكَ

ــ

كيسان) الغفاري مولاهم أبي محمد المدني، ثقة، من (4) روى عنه في (10) أبواب (ح وحدثنا زهير بن حرب والحسن بن علي) بن محمد بن علي الهذلي أبو علي الخلال (الحلواني) ثقة، من (11) روى عنه في (8) أبواب (وعبد بن حميد) الكسي، ثقة، من (11) (واللفظ لهم قالوا: حدثنا يعقوب بن إبراهيم) بن سعد بن إبراهيم الزهري المدني، ثقة، من (9) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا أبي) سعد بن إبراهيم الزهري المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (13) بابا (عن صالح) بن كيسان (عن ابن شهاب حدثني أبو أمامة) أسعد (بن سهل) بن حنيف الأنصاري، معدود من الصحابة له رؤية لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم مشهور بكنيته رضي الله عنه (أنه) أي أن أبا أمامة (سمع أبا سعيد الخدري) رضي الله عنه (يقول): وهذان السندان الأول منهما من سداسياته، والثاني من سباعياته، وفيهما رواية صحابي عن صحابي، وفيهما ثلاثة من التابعين (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينا أنا نائم) أي بينا أوقات نومي (رأيت الناس يعرضون) ويقفون علي ويظهرون لي (وعليهم قمص) بضمتين جمع قميص أي قمص مختلفات القد والطول، قال القرطبي: هؤلاء الناس المعروضون على رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم هم من دون عمر في الفضيلة فلم يدخل فيهم أبو بكر، ولو عرض أبو بكر رضي الله عنه عليه في هذه الرواية لكان قميصه أطول فإن فضله أعظم ومقامه أكبر على ما تقدم (منها) أي من تلك القمص (ما يبلغ الثدي) أي قميص يبلغ ويصل في طوله الثدي، والثدي بضم المثلثة وكسر الدال وتشديد الياء جمع ثدي، وفي بعض النسخ بالفتح والسكون والتخفيف على الأفراد فهو مفرد أريد به الجنس اهـ مرقاة، والثدي مخزن لبن المرأة بمنزلة الضرع للبهائم، وأصل الثدي ثدوي فأعل إعلال مرمي فصار ثديًا؛ والمعنى أن القميص قصير جدًّا بحيث لا يصل من الحلق إلى نحو السرة بل فوقها (ومنها ما يبلغ دون ذلك) يحتمل أن يريد دونه من جهة السفل وهو الظاهر فيكون

ص: 391

وَمَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ". قَالُوا: مَاذَا أوَّلتَ ذلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: "الدِّينَ"

ــ

أطول، ويحتمل أن يريد دونه من جهة العلو فيكون أقصر، ويؤيد الاحتمال الأول ما رواه الحكيم الترمذي عن ابن المبارك عن يونس عن الزهري في هذا الحديث قال:"فمنهم من كان قميصه إلى سرته، ومنهم من كان قميصه إلى ركبته، ومنهم من كان قميصه إلى أنصاف ساقيه" ذكره الحافظ في فتح الباري [12/ 395](ومر عمر بن الخطاب) علي مع أولئك الناس (و) الحال أنه (عليه قميص يجره) لطوله على الأرض يعني قميصه كان طويلًا يبلغ إلى أسفل من كعبيه، وهذا من أمثلة ما يمدح في المنام ويذم في اليقظة شرعًا لأن جر القميص إلى أسفل من الكعبين ثبت الوعيد عليه في الحديث (قالوا): أي قال الحاضرون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (ماذا أولت ذلك) المنام، أي بأي شيء أولت وفسرت ذلك المنام الذي رأيته في عمر وفي الناس (يا رسول الله قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولته (الدين) أي جعلت تأويله الدين أي فسرت ذلك القميص طوله بالقوة في الدين وقصره بالضعف فيه، وقد ورد في رواية الحكيم الترمذي أن السائل هو أبو بكر الصديق، قال القرطبي: وتأويل القميص بالدين مأخوذ من قوله تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيرٌ} [الأعراف / 26] والعرب تكني عن الفضل والعفاف بالثياب كما قالامرؤ القيس:

ثياب بني عوف طهارى نقية

وأوجههم بيض المسافر غران

كذا في اللسان، وفي الديوان:

وأوجههم عند المشاهد غران

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه: "إن الله سيلبسك قميصًا فإن أرادوك أن تخلعه فلا تخلعه" رواه أحمد والترمذي وابن ماجه [112] فعبر عن الخلافة بالقميص وهي استعارة حسنة معروفة اهـ من المفهم. قال العلماء: وجه تعبير القميص بالدين أن القميص يستر العورة في الدنيا، والدين يسترها في الآخرة ويحجبها عن كل مكروه، قال أهل تعبير الرؤيا: القميص في النوم معناه الدين، وجره يدل على بقاء آثاره الجميلة وسننه الحسنة في المسلمين بعد وفاته ليقتدى به اهـ نووي. وفي الحديث أن أهل الدين يتفاضلون في أعمال الدين بالقلة والكثرة وبالقوة والضعف، قال ابن العربي: وأما غير عمر فالذي كان يبلغ الثدي هو الذي يستر قلبه عن الكفر وإن كان

ص: 392

6035 -

(2371)(126) حدثني حَرمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ؛ أَن ابْنَ شِهَابٍ أَخبَرَهُ، عَن حَمزَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "بَينَا أَنا نَائِمٌ. إِذ رَأَيتُ قَدَحًا أُتيتُ بِهِ، فِيهِ لَبَنٌ. فَشَرِبْتُ مِنهُ حَتى إِني لأَرَى الرِّيَّ

ــ

يتعاطى المعاصي، والذي يبلغ أسفل من ذلك وفرجه باد هو الذي لم يستر رجليه عن المشي إلى المعصية، والذي يستر رجليه هو الذي احتجب بالتقوى من جميع الوجوه، والذي يجر قميصه هو الذي كان زائدًا على ذلك بالعمل الصالح الخالص اهـ فتح الباري [12/ 396].

وقال الحافظ في المناقب [7/ 51] وقد استشكل هذا الحديث بأنه يلزم منه أن عمر أفضل من أبي بكر. والجواب عنه تخصيص أبي بكر من عموم قوله: عرض علي الناس، فلعل ذلك الذين عرضوا إذ ذاك لم يكن فيهم أبو بكر، وإن كون عمر عليه قميص يجره لا يستلزم أن لا يكون على أبي بكر قميص أطول منه وأسبغ فلعله كان كذلك إلا أن المراد كان حينئذٍ بيان فضيلة عمر فاقتصر عليها اهـ منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 86] والبخاري في مواضع منها في الإيمان [23] وفي مناقب عمر [3691] وفي باب جر القميص في المنام [7009] والترمذي في الرؤيا [2286] والنسائي في الإيمان باب زيادة الإيمان [5011].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عباس بحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم فقال:

6035 -

(2371)(126)(حدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (أخبرنا ابن وهب عن يونس أن ابن شهاب أخبره عن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب) العدوي أبي عمارة المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (7) أبواب (عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(بينا أنا نائم إذ رأيت) إذ فجائية رابطة لجواب بين؛ أي بينا أوقات نومي إذ رأيت (قدحًا) أي كأسًا (أتيت به) أي أعطيت بذلك القدح (فيه) أي في ذلك القدح (لبن فشربت منه) أي من ذلك اللبن أبي بينا أوقات نومي فاجأني رؤية قدح فيه لبن أعطيت به فشربت منه فشبعت من شربه (حتى إني لأرى الري) والشبع

ص: 393

يَجْرِي فِي أَظفَارِي. ثُم أَعطَيتُ فَضلِي عُمَرَ بنَ الخَطابِ". قَالُوا: فَمَا أَوَّلتَ ذلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: "العِلمَ"

ــ

(يجري) أثره (في أظفاري ثم أعطيت فضلي) أي ما فضل مني من اللبن (عمر بن الخطاب قالوا: فما أولت) به (ذلك) المنام (يا رسول الله قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولته (العلم).

قوله: (حتى إني لأرى الري) يجوز فتح همزة إني على أن حتى جارة وكسرها على أنها ابتدائية، والري بكسر الراء وتشديد الياء مصدر روي يروي من باب رضي بمعنى السقي وضد العطش، ورؤية الري على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية كأنه لما جعل الري جسمًا أضاف إليه ما هو من خواص الجسم؛ وهو كونه مرئيًا، وعبر بالرأي بصيغة المضارع مع كونه حكاية لواقعة ماضية لاستحضار صورتها في الحال (قوله: العلم) ووجه التعبير بذلك نظرًا لاشتراك اللبن والعلم في كثرة النفع وكونهما سببًا للصلاح فاللبن للغذاء البدني، والعلم للغذاء الروحاني، قال الحافظ في الفتح [7/ 46] والمراد بالعلم هنا العلم بسياسة الناس بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واختص عمر بذلك لطول مدة خلافته بالنسبة إلى أبي بكر، وباتفاق الناس على طاعته بالنسبة إلى عثمان اهـ.

قال القرطبي: وتأويله صلى الله عليه وسلم اللبن بالعلم تأويل حسن ظاهر المناسبة، وذلك أن اللبن غذاء مستطاب به صلاح الأبدان ونموها من أول فطرتها ونشؤها خال عن الأضرار والمفاسد، والعلم كذلك يحصل به صلاح الأديان والأبدان ومنافع الدنيا والآخرة مع استطابته في نفسه، وقد يدل في التعبير على دوام الحياة إذ به كانت، وقد يدل على الثواب لأنه مذكور في أنهار الجنة الأربعة اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 83] والبخاري في مواضع كثيرة منها في مناقب عمر [3681] والترمذي في الرؤيا باب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم اللبن والقمص [2284].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

ص: 394

6036 -

(00)(00) وحدثناه قُتَيبَةُ بن سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيث، عَن عُقَيلٍ. ح وحَدثَنَا الحُلوَانِي وَعَبدُ بن حُمَيدٍ. كِلاهُمَا عَن يَعْقُوبَ بنِ إِبرَاهِيمَ بنِ سَعدِ. حَدَّثَنَا أبِي، عَنْ صَالِح. بِإِسنَادِ يُونُسَ، نَحوَ حَدِيثِهِ.

6037 -

(2372)(127) حدثنا حَرمَلَةُ بن يَحيَى. أخبَرَنَا ابنُ وَهبٍ. أَخبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابنِ شِهَابٍ؛ أن سَعِيدَ بنَ المُسَيَّبِ أَخبَرَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "بَينَا أنا نَائِم رَأَيتُنِي عَلَي قَلِيبٍ، عَلَيهَا دَلوٌ، فَنَزَعتُ مِنهَا مَا شَاءَ اللهُ. ثُم أَخَذَهَا ابنُ

ــ

6036 -

(00)(00)(وحدثناه قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث) بن سعد المصري (عن عقيل) بن خالد المصري، عن ابن شهاب (ح وحدثنا) الحسن بن علي (الحلواني) المكي (وعبد بن حميد) الكسي كلاهما) أي كل من الحلواني وعبد بن حميد رويا (عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد) الزهري المدني، ثقة، من (9)(حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد الزهري المدني، ثقة، من (8)(عن صالح) بن كيسان الغفاري المدني، ثقة، من (4) عن ابن شهاب (كلاهما) أي كل من عقيل وصالح بن كيسان رويا (بإسناد يونس) بن يزيد الأيلي؛ عن ابن شهاب، عن حمزة، عن ابن عمر (نحو حديثه) أي نحو حديث يونس، غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعة عقيل وصالح ليونس بن يزيد.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث ابن عباس بحديث أبي هريرة رضي الله عنهم فقال:

6037 -

(2372)(127)(حدثنا حرملة) بن يحيى (أخبرنا ابن وهب: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أن سعيد بن المسيب) بن حزن المخزومي المدني (أخبره) أي أخبر لابن شهاب (أنه) أي أن سعيدًا (سمع أبا هريرة يقول) رضي الله عنه: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول): وهذا السند من سداسياته (بينا أنا نائم) أي بينا أوقات نومي (رأيتني) أي رأيت نفسي واقفة (على قليب) أي على بئر غير مطوية بالآجر والحجارة (عليها) أي على تلك القليب (دلو) معلقة "على بكرة" أي على خشبة معروضة على فم القليب (فنزعت) أي نزحت واستقيت وجذبت (منها) أي من القليب للناس (ما شاء الله) نزعي إياه من الماء (ثم أخدها) أي أخذ الدلو مني لسقي الناس أبو بكر (بن

ص: 395

أَبِي قُحَافَةَ فَنَزَعَ بِهَا ذَنُوبًا أَو ذَنُوبَينِ. وَفِي نَزعِهِ، وَاللهُ يَغفِرُ لَهُ، ضَعْفٌ. ثُم اسْتَحَالتْ غَرْبًا. فَأَخَذَهَا ابْنُ الْخَطابِ. فَلَمْ أَرَ عَبقَرِيًّا مِنَ الناسِ يَنزعُ نَزع عُمَرَ بْنِ الْخطَابِ، حَتى ضَرَبَ الناسُ بِعَطَن"

ــ

أبي قحافة فنزع) أي فاستقى ابن أبي قحافة الماء (بها) أي بتلك الدلو، والدلو يذكر ويؤنث (ذنوبًا أو ذنوبين) والذنوب بفتح الذال الدلو المملوء بالماء أي أخذ من الماء دلوًا مملوءة أو دلوين مملوءتين، وأو هنا للشك من الراوي، والمراد ذنوبان كما صرح به في الرواية الأخرى كما في النووي والقرطبي.

(وفي نزعه) أي وفي نزع بن أبي قحافة (والله يغفر له ضعف ثم استحالت) أي تحولت الدلو الصغيرة من الصغر إلى الكبر فصارت (غربًا) أي دلوًا عظيمة (فأخذها) أي فأخذ تلك الدلو العظيمة عمر (بن الخطاب فلم أر) أنا (عبقريًا) أي سيدًا قويًّا (من الناس ينزع) الماء وينزحه ويستقيه من الآبار (نزع عمر بن الخطاب) أي ينزع نزعًا مثل نزع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فنزع الماء من تلك القليب (حتى ضرب الناس بعطن) أي فنزع الماء من تلك القليب حتى سقى الناس واستقوا مواشيهم وضربوا لها بعطن أي حتى أرووا إبلهم ثم أووها إلى عطنها وهو الموضع الذي تساق إليه بعد السقي لتستريح من تعب الازدحام على الشرب، قال القرطبي: وهذه الرؤيا هي مثال لما فتح الله تعالى على يدي النبي صلى الله عليه وسلم ويدي الخليفتين بعده من الإسلام والبلاد والفيء، فالنبي هو مبدأ الأمر وممكن منه، وأبو بكر رضي الله عنه بعده غير أن مقدار ما فتح الله على يديه من بلاد الكفر قليل لأن مدة خلافته سنتان وثلاثة أشهر اشتغل في معظمها بقتال أهل الردة، ثم لما فرغ منها أخذ في قتال الكفر ففتح في تلك المدة بعض العراق وبعض الشام، ثم مات رضي الله عنه ففتح الله على يدي عمر رضي الله عنه سائر البلاد واتسعت خطة الإسلام شرقًا وغربًا وعراقًا وشامًا وعظمت الفتوحات وكثرت الخيرات والبركات التي نحن فيها حتى اليوم، فعبر عن سنتي خلافة أبي بكر رضي الله عنه بالذنوبين، وعن قلة الفتوحات فيها بالضعف وليس ذلك وهنًا في عزيمته ولا نقصًا في فضله على ما هو المعروف من همته والموصوف من حالته. وقوله:(والله يغفر له) لا يظن جاهل بحال أبي بكر رضي الله عنه أن هذا الاستغفار لأبي بكر كان لذنب صدر عنه أو لتقصير حصل

ص: 396

6038 -

(00)(00) وحدثني عَبدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيبِ بنِ اللَّيثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيلُ بْنُ خَالِدٍ. ح وَحَدثَنَا عَمْرو الناقِدُ وَالْحُلوَانِي وَعَبْدُ بن حُمَيدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعدٍ. حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ

ــ

منه إذ ليس في المنام ما يدل على شيء من ذلك، وإنما هذا دعام للكلام وسناد وصلة، وقد تقدم في الحديث أنها كانت كلمة يقولها المسلمون إذا فعل كذا والله يغفر لك وهذا نحو قولهم:"تربت يمينك، وألت، وقاتله الله" ونحو ذلك مما تستعمله العرب في أضعاف كلامها. وقوله: (فاستحالت) أي صارت وعادت الدلو الصغيرة (في يده) أي في يدس عمر "غربًا" أي دلوًا كبيرة اهـ من المفهم. وقوله: (فلم أر عبقريًا من الناس يفري فريه) أي لم أر رجلًا قويًّا يعمل مثل عمله، قال الأصمعي: سألت أبا عمرو بن العلاء عن العبقري فقال: يقال هذا عبقري قومه كقولهم سيد قومه وكبيرهم وقويهم، قال أبو عبيد: وأصله أنه نسبة إلى أرض تسكنها الجن فصارت مثلًا لكل منسوب لشيء رفيع، ويقال بل هي أرض يعمل فيها الوشى والبرود ينسب إليها الوشى العبقري، ومنه قوله تعالى:{وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} [الرحمن / 76] وقال أبو عبيد: العبقري الرجل الذي لا شيء يفوقه، وكذلك يقال للفاخر من الحيوان والجوهر والبساط المنقوش، وقيل: هو منسوب إلى عبقر موضع بالبادية، وقيل: قرية يعمل فيها الثياب البالغة في الحسن والبسط، قال ابن الأثير: فصاروا كلما رأوا شيئًا غريبًا مما يصعب عمله ويدق أو شيئًا عظيمًا في نفسه نسبوه إليها، فقالوا: عبقري، ثم اتسع فيه حتى سمي به السيد الكبير، وقيل: عبقر أرض بالحجاز اهـ فتح الباري [7/ 46].

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 368] والبخاري في مواضع منها باب فضائل الأصحاب، باب نزع الذنوب والذنوبين [7020 - 7021].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6038 -

(00)(00)(وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث، حدثني أبي، عن جدي، حدثني عقيل بن خالد (ح) وحدثنا عمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) البغدادي (و) الحسن بن علي (الحلواني) الهذلي المكي (وعبد بن حميد) الكسي كل من الثلاثة (عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد) الزهري المدني (حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد (عن

ص: 397

صَالِحٍ. بإسنَادِ يُونُسَ، نَحْوَ حَدِيثِهِ.

6039 -

(00)(00) حدثنا الْحُلوَانِي وَعَبدُ بنُ حُمَيدٍ. قَالا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ. حَدَّثَنَا أبِي، عَنْ صَالِحٍ. قَال: قَال الأعْرَجُ وَغَيرُهُ: إِن أَبَا هُرَيرَةَ قَال: إِن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "رَأَيتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ يَنزِعُ"، بِنَحْو حَدِيثِ الزهري

ــ

صالح) بن كيسان (كلاهما) أي كل من عقيل وصالح رويا عن ابن شهاب (بإسناد يونس) بن يزيد يعني عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وساقا (نحو حديثه) أي نحو حديث يونس، غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعة عقيل وخالد ليونس بن يزيد.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6039 -

(00)(00)(حدثنا) الحسن بن علي (الحلواني) المكي (وعبد بن حميد) الكسي (قالا: حدثنا يعقوب) بن إبراهيم بن سعد (حدثنا أبو) إبراهيم بن سعد (عن صالح) بن كيسان (قال) صالح: (قال) لنا (الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (و) حدثنا (غيره) أي غير الأعرج، والجهالة في المقارن لا تضر السند لأنه ليس مقصودًا في نفسه بل إنما يؤتى به لبيان كثرة الطرق (إن أبا هريرة) رضي الله عنه (قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت ابن أبي قحافة ينزع) أي يستقي الماء من القليب ذنوبًا أو ذنوبين، وساق صالح بن كيسان عن الأعرج (بنحو حديث الزهري) عن سعيد بن المسيب، غرضه بيان متابعة صالح للزهري في رواية هذا الحديث، عن أبي هريرة ولكنها متابعة ناقصة لأن صالحًا روى عن أبي هريرة بواسطة الأعرج والزهري بواسطة سعيد بن المسيب، ولو قال:(بنحو حديث سعيد بن المسيب) لكان كلامه أوضح وأوفق باصطلاحه.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

ص: 398

6040 -

(00)(00) حدثني أَحمَدُ بن عَبدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهبٍ. حَدَّثَنَا عَمِّي، عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ. أخْبَرَنِي عَمرُو بْنُ الحَارِثِ؛ أن أبَا يُونُسَ، مَولَى أَبِي هُرَيرَةَ، حَدَّثَهُ عَنْ أبِي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"بَينَا أَنا نَائِمٌ أُرِيتُ أنِّي أَنْزِعُ عَلَى حَوْضِي أَسْقِي النَّاسَ. فَجَاءَنِي أَبُو بَكْرِ فَأخَذَ الدَّلْوَ مِنْ يَدِي لِيُرَوِّحَنِي. فَنَزَعَ دَلْوَينِ. وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ. وَاللهُ يَغْفِرُ لَهُ. فَجَاءَ ابْنُ الخَطَّاب فَأخَذَ مِنْهُ. فَلَمْ أَرَ نَزْعَ رَجُلٍ قَط أَقْوَى مِنهُ. حَتى تَوَلَّى الناسُ، وَالحَوْضُ مَلآنُ يَتَفَجَّرُ"

ــ

6040 -

(00)(00)(حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب) بن مسلم المصري، صدوق، من (11) روى عنه في (4) أبواب (حدثنا عمي عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث) بن يعقوب الأنصاري مولاهم المصري، ثقة، من (7) روى عنه في (13) بابا (أن أبا يونس) الدوسي (مولى أبي هريرة) سليم بن جبير المصري، ثقة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (حدثه) أي حدث لعمرو بن الحارث (عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال): وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي يونس لسعيد بن المسيب (بينا أنا نائم أريت) بصيغة المبني للمجهول أي أراني ربي في المنام (أني أنزع) وأستقي الماء (على حوضي) أي من حوضي وهو القليب المذكور سابقا، حالة كوني (أسقي) الماء (الناس) وفي الرواية السابقة على القليب، وفي بعضها (على بئر) ومعنى الثلاثة واحد لأنه يستعمل بعضها بمعنى البعض الآخر، والحوض مجتمع الماء (فجاءني أبو بكر فأخذ الدلو من يدي ليروحني) أي ليعطيني الراحة من تعب الاستقاء، قال العلماء: فيه إشارة إلى نيابة أبي بكر عنه وخلافته بعده وراحته صلى الله عليه وسلم بوفاته من نصب الدنيا ومشاقها كما قال صلى الله عليه وسلم: "مستريح ومستراح منه" الحديث و"الدنيا سجن المؤمن" و"لا كرب على أبيك بعد اليوم" اهـ نووي (فنزع) أبو بكر (دلوين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له فجاء ابن الخطاب فأخذ منه) أي من أبي بكر (فلم أر نزع رجل قط) أي في زمن من الأزمنة الماضية (أقوى) صفة نزع أي نزعا أشد (منه) أي من نزع عمر أو صفة رجل أي لم أر رجلًا أقوى نزعه من نزع عمر أي فنزع الماء (حتى تولى الناس) أي حتى أروى الناس وتولوا عن الشرب (والحوض ملآن) أي مملوء (يتفجر) ويسيل ماءً لشدة ملئه، وفي هذه الرواية من الزيادة ما يدل على

ص: 399

6041 -

(2373)(128) حدثنا أبُو بَكْرِ بن أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ، (وَاللفْظُ لأَبِي بَكْرٍ)، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْر. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "أُرِيتُ كَأنِّي أَنْزِعُ بِدَلْو بَكْرَةٍ عَلَي قَلِيبٍ. فَجَاءَ أبو بَكْرٍ

ــ

أن عمر رضي الله عنه يتوفى ويبقى النصر والفتح بعده متصلًا وكذلك كان رضي الله عنه.

وشارك المؤلف في هذه الرواية البخاري [7022].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث ابن عباس بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهم فقال:

6041 -

(2373)(128)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير واللفظ لأبي بكر قالا: حدثنا محمد بن بشر) بن الفرافصة العبدي الكوفي (حدثنا عبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم العدوي المدني (حدثني أبو بكر بن سالم) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي المدني، روى عن أبيه سالم في فضائل عمر، ويروي عنه (خ م) وعبيد الله بن عمر العمري، قال أبو حاتم: لا أعرف اسمه، وقال في التقريب: ثقة، من الخامسة، له عندهما حديث واحد في مناقب عمر بن الخطاب (عن) أبيه (سالم بن عبد الله) بن عمر بن الخطاب، ثقة، من (3) روى عنه في (7) أبواب (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما، وهذا السند من سداسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أريت) بضم الهمزة على صيغة المجهول أي أراني الله عز وجل في المنام (كأني أنزع) وأستقي الماء (بدلو بكرة) بإضافة دلو إلى بكرة لأدنى ملابسة أي بدلو معلقة على بكرة أي على خشبة مستديرة موضوعة (على) رأس (قليب) وبئر عميق يحركها الساقي تارة تنزل الدلو إلى البئر لتأخذ الماء وتارة تخرج مملوءة بالماء، ومعنى نزع استقى وأصل النزع الجذب، والدلو إناء صغير يستقى به معلق بحبل البكرة، والبكرة بفتحتين الخشبة المستديرة التي يعلق بها الدلو، ويجوز إسكان الكاف بمعنى الشابة من الإبل، والمراد حينئذٍ الدلو التي يسقي بها البكرة، والقليب: البئر غير المطوية وهي التي عبر عنها في الرواية السابقة بالحوض، والحوض مجتمع الماء كما مر (فجاء أبو بكر)

ص: 400

فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَينِ. فَنَزَعَ نَزْعًا ضَعِيفًا. واللَّهُ، تبارك وتعالى، يَغْفِرُ لَهُ. ثُم جَاءَ عُمَرُ فَاسْتَقَى. فَاسْتَحَالتْ غَرْبًا. فَلَم أَرَ عَبْقَرِيًّا، مِنَ الناسِ يَفْرِي فَرْيَهُ، حَتى رَويَ الناسُ وَضَرَبُوا الْعَطَنَ"

ــ

الصديق (فنزع) الماء أي استقى الماء من القليب (ذنوبًا) أي دلوًا مملوءة واحدة (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم فنزع (ذنوبين) أي دلوين بالشك من الراوي أو ممن دونه، وقد جاء بغير شك "ذنوبين" كما في الرواية السابقة وهي أحسن كما مر (فنزع) أبو بكر (نزعًا ضعيفًا والله تبارك وتعالى يغفر له) وهذه الكلمة جرت على ألسنة المسلمين في المحاورات لا تقتضي سبق ذنب أوتقصير ممن تقال فيه (ثم جاء عمر فاستقى) الماء من القليب بتلك الدلو الصغيرة (فاستحالت) الدلو الصغيرة وصارت في يد عمر (فربًا) أي دلوًا عظيمة (فلم أر) أنا (عبقريًا) أي رجلًا قويًّا (في الناس يفري فريه) أي ينزع نزعًا مثل نزعه ويقطع قطعه، والمراد يحمل عمله ويقوى قوته، قال القاضي عياض: فرية ضبطناه بفتح الفاء وسكون الراء بوزن يرمي رميه، وبكسرها مع تشديد الياء بوزن رميه، وأنكر الخليل التشديد وغلط قائله، والمعنى يعمل عمله ويقوى قوته، وأصل الفري القطع يقال فلان يفري الفري أي يعمل العمل البالغ الغاية في الجودة، ومنه قوله تعالى:{لَقَدْ جِئْتِ شَيئًا فَرِيًّا} أي عظيمًا يقال: فريت الشيء إذا قطعته على وجه الإصلاح وأفريته إذا قطعته على وجه الإفساد اهـ من الأبي. وقوله: (حتى روي الناس) غاية لمحذوف تقديره فاستقى عمر الماء للناس حتى روي الناس الماء وشبعوا في أنفسهم وأسقوا إبلهم (وضربوا العطن) لها حول الماء، قوله:(حتى روي الناس) قال القرطبي: روي بكسر الواو وفتح الياء فعل ماض ومضارعه يروى بفتح الواو على وزن رضي يرضى من الري بكسر الراء وهو الامتلاء والشبع من الماء والشراب، والمعنى أنهم رووا في أنفسهم وضربوا العطن أي رووا إبلهم وأصله أنهم يسقون الإبل ثم يعطنونها أي يتركونها حول الحياض لتستريح ثم يعيدون شربها يقال منه عطنت الإبل فهي عاطنة وعواطن، والعطن والمعطن واحد الأعطان والمعاطن وهي مبارك الإبل عند الماء لتشرب عللًا بعد نهل اهـ من المفهم باختصار.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في الفضل في مناقب عمر [3682] والترمذي في الرؤيا باب ما جاء في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم [2289].

ص: 401

6042 -

(00)(00) حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ. حَدَّثَنَا زُهَيرٌ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَن سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَن أَبِيهِ، عَنْ رُؤيا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فِي أَبِي بَكْرِ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطابِ رضي الله عنهما، بِنَحْو حَدِيثِهِمْ.

6043 -

(2374)(129) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعَا جَابِرًا يُخْبِرُ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. ح وَحَدثَنَا زُهَيرُ بن حَرْبٍ، (وَاللَّفْظُ لَهُ)، حَدَّثَنَا سُفيَانُ بن عُيَينَةَ، عَنِ

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه فقال:

6042 -

(00)(00)(حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس) بن عبد الله التميمي الكوفي، ثقة، من (10)(حدثنا زهير) بن معاوية بن حديج الجعفي الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (10) أبواب (حدثني موسى بن عقبة) بن أبي عياش الأسدي المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (10) أبواب (عن سالم بن عبد الله عن أبيه) عبد الله بن عمر (عن رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أبي بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة موسى بن عقبة لأبي بكر بن سالم، وساق موسى بن عقبة (بنحو حديثه) أي بنحو حديث أبي بكر بن سالم، وفي أغلب النسخ "بنحو حديثهم" بضمير الجمع وهو تحريف من النساخ والله أعلم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث ابن عباس بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم فقال:

6043 -

(2374)(129)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) وفي بعض النسخ هنا (حدثنا أبي) فإسقاطه أولى لأنه تحريف من النساخ لأن عبد الله بن نمير لا يروي عن سفيان بن عيينة وأيضًا فالثوري لا يروي عنه عمرو بن دينار ومحمد بن المنكدر (حدثنا سفيان) بن عيينة الأعور (عن عمرو) بن دينار الجمحي المكي (و) عن محمد (بن المنكدر) بن عبد الله بن الهدير القرشي التيمي المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (11) بابا، كلاهما (سمعا جابر) بن عبد الله الأنصاري (يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من رباعياته (ح وحدثنا زهير بن حرب واللفظ له حدثنا سفيان بن عيينة، عن

ص: 402

ابنِ الْمُنْكَدِرِ وَعَمْرو، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَال:"دَخَلتُ الْجنَّةَ فَرَأَيتُ فِيهَا دَارًا أَو قَصرًا. فَقُلتُ: لِمَن هَذَا؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ بنِ الخَطابِ. فَأَرَدتُ أَنْ أَدْخُلَ. فَذَكَرتُ غيرَتَكَ" فَبَكَى عُمَرُ وَقَال: أي رَسُولَ اللهِ، أَوَ عَلَيكَ يُغَارُ؟

ــ

ابن المنكدر وعمرو) بن دينار (عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند أيضًا من رباعياته (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (دخلت الجنة) وفي رواية البخاري (رأيتني دخلت الجنة) قال القسطلاني: أي رأيت نفسي في المنام دخلت الجنة (فرأيت فيها) أي في الجنة (دارًا أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو الراوي رأيت (قصرًا) أي عمارة والفرق بينهما أن الدار ما ليس لها أدوار كبيوت الشعب، والقصر ما لها أدوار، وفي رواية ابن عقيل عند البخاري في التعبير "أن القصر كان من ذهب" وفي رواية ابن الماجشون عند البخاري في المناقب "ورأيت قصرًا بفنائه جارية" وسيأتي في حديث أبي هريرة" فإذا امرأة تتوضأ في جانب قصر" (فقلت) لمن كان ثم (لمن هذا) القصر أو لمن هذه الدار (فقالوا): أي فقال الحاضرون: ثم هذا القصر (لعمر بن الخطاب) وفي رواية البخاري (فقال) أي الملك، وفي رواية أخرى له (فقالوا) أي الملائكة، وفي أخرى له أيضًا (فقالت) أي الجارية اهـ قسطلاني (فأردت) أي قصدت (أن أدخله) لأنظره كما في رواية البخاري أي أن أدخل القصر (فدكرت) أي تذكرت (غيرتك) يا عمر أي تذكرت شدتها، والغيرة بفتح المعجمة وسكون الياء مصدر قولك غار الرجل على أهله غيرة من باب باع إذا أخذته الحمية، قال جابر:(فبكى عمر) سرورًا أو تشوقًا أو خشوعًا، ووقع في رواية أبي بكر بن عياش عن حميد من الزيادة (فقال عمر: وهل رفعني الله إلا بك، وهل هداني الله إلا بك" رواه عبد العزيز الحربي في فوائده كما في فتح الباري (وقال عمر رضي الله عنه:(أي رسول الله) أي يا رسول الله (أوعليك ينار) أي أتقول ذلك وعليك يغار أي لا يغار عليها منك، الأصل أعليها يغار منك فهو من باب القلب، وفي رواية البخاري "أعليك أغار" فالأصل "أعليها أغار منك" فهو معدود من القلب أيضًا كما قاله الحافظ، قال ابن بطال: فيه الحكم على كل رجل بما يعلم من حاله اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 309] والبخاري في مواضع منها في مناقب عمر [3679] وفي التعبير باب القصر في المنام [7024].

ص: 403

6044 -

(00)(00) وحدّثناه إِسحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخبَرَنَا سُفيَانُ عَنْ عَمْرٍو وَابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ.

ح وَحَدثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَن عَمْرِو، سَمِعَ جَابِرًا. ح وَحَدَّثَنَاهُ عَمْرو النّاقِدُ. حَدَّثَنَا لسُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ. سَمِعْتُ جَابِرًا، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيرٍ وَزُهَيرٍ.

6045 -

(2375)(130) حدثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أخْبَرَنِي يُونُسُ؛ أَن ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَال: "بَينَا أنا نَائِمٌ إِذْ رَأَيتُنِي فِي الْجَنَّةِ. فَإِذَا

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:

6044 -

(00)(00)(وحدثناه إسحاق بن إبراهيم أخبرنا سفيان) بن عيينة (عن عمرو) بن دينار (و) محمد (بن المنكدر عن جابر) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة إسحاق بن إبراهيم لمحمد بن نمير وزهير بن حرب (ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان) بن عيينة (عن عمرو) بن دينار (سمع جابرًا) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته، أيضًا، غرضه بيان متابعة أبي بكر لابن نمير وزهير (ح وحدثناه عمرو) بن محمد (الناقد حدثنا سفيان) بن عيينة (عن) محمد (بن المنكدر سمعت جابرًا) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند أيضًا من رباعياته، غرضه بيان متابعة عمرو الناقد لابن نمير وزهير، وساقوا أي ساق كل من إسحاق بن إبراهيم وأبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد (بمثل حديث) محمد (بن نمير وزهير) بن حرب.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى سادسًا لحديث ابن عباس بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6045 -

(2375)(130)(حدثنا حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس أن ابن شهاب أخبره عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته (أنه) صلى الله عليه وسلم (قال: بينا أنا نائم إذ رأيتني في الجنة) بضمير المتكلم وهو من خصائص أفعال القلوب أي رأيت نفسي في المنام في الجنة (فإذا

ص: 404

امرَأَةٌ تَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ. فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ بنِ الخَطابِ. فَذَكَرْتُ غَيرَةَ عُمَرَ. فَوَلَّيتُ مُدْبِرًا".

قَال أَبُو هُرَيرَةَ: فَبَكَى عُمَرُ، وَنَحنُ جَمِيعًا فِي ذلِكَ الْمَجْلِسِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. ثُم قَال عُمَرُ: بِأَبِي أَنْتَ، يَا رَسُولَ اللهِ، أَعَلَيكَ أَغَارُ؟

6046 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ عَمْرٌو الناقِدُ وَحَسَنٌ الْحُلْوَانِي وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ

ــ

امرأة توضأ) بحذف إحدى التاءين أي تتوضأ (إلى جانب قصر) أي عند جانب قصر وضوءًا شرعيًّا ولا يلزم أن يكون على جهة التكليف، أو يؤول بأنها كانت محافظة في الدنيا على العبادة، أو لغويًّا لتزداد وضاءة وحسنًا وهذه المرأة هي أم سليم وكانت حينئذٍ في قيد الحياة اهـ قسطلاني (فقلت) للملائكة:(لمن هذا) القصر (فقالوا) أي قالت الملائكة القصر (لعمر بن الخطاب فذكرت) أي تذكرت (غيرة عمر فوليت) أي ذهبت (مدبرًا) أي جاعلًا دبري إلى جهة القصر فمدبرًا حال مؤكدة لعاملها، وفيه فضيلة الغيرة وإنها من خلق الفضلاء المحمودة، وفي الحديث الآخر أنها كانت رؤيا منام ورؤيا الأنبياء عليهم السلام وحي اهـ من الأبي (قال أبو هريرة) بالسند السابق (فبكى عمر) سرورًا وشوقًا (ونحن) معاشر الحاضرين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كوننا (جميعًا) أي مجتمعين عنده صلى الله عليه وسلم كائنون (في ذلك المجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم) بعدما بكى (قال) عمر مفدي (بأبي أنت يا رسول الله أعليك أغار) الأصل أعليها أغار منك فهو من باب القلب اهـ قسطلاني.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 339] والبخاري في مواضع منها في باب مناقب عمر [3680] وابن ماجه [107].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

6046 -

(00)(00)(وحدثنيه عمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) البغدادي (وحسن) بن علي (الحلواني) المكي، ثقة، من (11)(وعبد بن حميد) ثقة، من (11) (قالوا: حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد الزهري المدني (عن

ص: 405

صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الإِسنَادِ، مِثْلَهُ.

6047 -

(2376)(131) حدثنا مَنْصُورُ بن أَبِي مُزَاحِمٍ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، (يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ)، ح وَحَدثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِي وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ، (قَال عَبدٌ: أَخْبَرَنِي. وَقَال حَسَنٌ: حَدَّثَنَا) يَعْقُوبُ -وَهُوَ ابنُ إِبرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ- حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابنِ شِهَابٍ. أَخبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بن عَبْدِ الرَّحمَنِ بنِ زَيدٍ؛ أَن مُحَمدَ بنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَخبَرَهُ؛ أَن أَبَاهُ سَعْدًا قَال: اسْتَأذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِن قُرَيشٍ

ــ

صالح) بن كيسان (عن ابن شهاب بهذا الإسناد) يعني عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، غرضه بيان متابعة صالح بن كيسان ليونس بن يزيد، وساق صالح (مثله) أي مثل حديث يونس.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى سادسًا لحديث ابن عباس بحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال:

6047 -

(2376)(131)(حدثنا منصور بن أبي مزاحم) بشير التركي البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا إبراهيم يعني ابن سعد) الزهري المدني (ح وحدثنا حسن) بن علي (الحلواني) الهذلي المكي (وعبد بن حميد) الكسي (قال عبد: أخبرني وقال حسن: حدثنا يعقوب وهو ابن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد (عن صالح) بن كيسان (عن ابن شهاب أخبرني عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد) بن الخطاب العدوي الأعرج المدني، ثقة، من (4) روى عنه في (2)(أن محمد بن سعد بن أبي وقاص) الزهري أبا القاسم المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (4) أبواب (أخبره أن أباه سعدًا) بن أبي وقاص رضي الله عنه وهذان السندان الأول منهما من سباعياته، والثاني من ثمانياته (قال: استأذن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه أي طلب الإذن في الدخول (على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا من الأيام (و) الحال أنه (عنده) صلى الله عليه وسلم (نساء من قريش) رجح الحافظ في الفتح: أن المراد بهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولكن تعبير الراوي بقوله: "نساء من قريش" لا يتبادر منه أن المراد أزواجه صلى الله عليه وسلم وكذلك مخاطبة عمر رضي الله عنه إياهن بقوله: أي عدوات

ص: 406

يُكَلِّمْنَهُ ويستَكثِرْنَهُ. عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ. فَلَمَّا اسْتَأذَنَ عُمَرُ قُمنَ يَبتَدِرنَ الحِجَابَ. فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ. فَقَال عُمَرُ: أَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

ــ

أنفسهن لا يناسب أمهات المؤمنين، حالة كونهم (يكلمنه) صلى الله عليه وسلم (ويستكثرنه) أي يطلبن كثيرًا من كلامه وجوابه بحوائجهن وفتاويهن، قال النووي: معنى يستكثرنه يطلبن منه النفقة الكثيرة، حالة كونهن (عالية أصواتهن) قال القاضي عياض: يحتمل أن هذا قبل النهي عن رفع الصوت فوق صوته صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن علو أصواتهن لاجتماع كلامهن وكثرتهن لا أن كلام كل واحدة منهن بانفرادها أعلى من صوته صلى الله عليه وسلم قال القرطبي: ويحتمل أن يكون فيهن من كن جهوريات الأصوات لا يقدرن على خفضها كما كان ثابت بن قيس بن شماس والله أعلم اهـ.

(فلما استأذن عمر قمن) من عنده صلى الله عليه وسلم حالة كونهن (يبتدرن الحجاب) أي يبادرن ويسارعن إلى الدخول في الحجاب والستارة في جانب البيت وابتدارهن إلى الحجاب إن كانت النساء من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كما ذهب إليه الحافظ فلا إشكال في كونهن عند النبي صلى الله عليه وسلم بغير حجاب وابتدارهن إلى الحجاب بعد قدوم عمر، أما إذا كانت النسوة غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقد يكون الإشكال في كونهن بغير حجاب عند النبي صلى الله عليه وسلم قبل قدوم عمر ويمكن الجواب عنه بوجهين؛ الأول: أن تكون النسوة مجموعة من أزواجه ومحارمه صلى الله عليه وسلم، والثاني: أن هذه القصة قبل نزول الحجاب حين عرف من عمر رضي الله عنه أنه يحب أن تؤمر النساء بالحجاب فلم تحتجب النساء من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الحجاب لم يكن فرضًا حينئذٍ ولكن ابتدرن الحجاب لما عرفن منه أنه يحب الحجاب أو لأنهن خفن من عمر لارتفاع أصواتهن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا قال عمر: فانت يا رسول الله أحق أن يهبن (فأذن له) أي لعمر (رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عمر (ورسول الله) أي والحال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك) أي يبتسم (فقال عمر) رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (أضحك الله سنك يا رسول الله) لم ضحكت حين دخلت وهذا دعاء بملازمة السرور له صلى الله عليه وسلم (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤال عمر: إنما

ص: 407

"عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاءِ اللَّاتي كُنَّ عِنْدِي. فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوتَكَ ابتَدَرْنَ الحِجَابَ" قَال عُمَرُ: فَأَنْتَ، يَا رَسُولَ اللهِ، أَحَقُّ أن يَهَبْنَ. ثُم قَال عُمَرُ: أَي عَدُوَّاتِ أَنفُسِهِنَّ! أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلنَ: نَعَم. أَنْتَ أَغْلَظُ وَأَفَظّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشيطَانُ قَط

ــ

ضحكت لأني (عجبت) أي تعجبت (من هولاء) النسوة (اللاتي كن عندي فـ) إنهن (لما سمعن صوتك) عند استئذانك (ابتدرن الحجاب) أي سارعن إلى الدخول في الحجاب والستارة فـ (قال عمر: فانت يا رسول الله أحق) وأحرى بـ (أن يهبن) ويخفن منك لا مني لأنك رسول الله يجب على كل الأمة توقيرك واحترامك، وقولك:(يهبن) هو من هاب يهاب مثل خاف يخاف وزنًا ومعنى، قال في المرقاة: يقال: هبت الرجل بكسر الهاء إذا وقرته وعظمته من الهيبة اهـ (ثم قال عمر) رضي الله عنه لتلك النسوة: (أي) حرف نداء لنداء القريب؛ أي يا (عدوات أنفسهن أتهبنني) أتوقرنني وتخفنني (ولا تهبن) أي والحال أنكن لا توقرن ولا تخفن (رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوقيره صلى الله عليه وسلم هو الواجب عليكن لا توقيري (قلن) تلك النسوة في جواب استفهام عمر (نعم) نهابك ولا نهاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنك (أنت أغلظ) القلب وأصلبه (وأفظ) اللسان وأشده (من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القاضي عياض: هما أي قولهن أغلظ وأفظ بمعنى واحد كناية عن شدة الخلق وخشونة الجانب، وقيل: الغلظة في القلب، والفظاظة في اللسان بخشونة الكلام كما أشرنا إليه في الحل، وليست أفعل هنا للمفاضلة بل معنى أنت فظ غليظ، وقد تكون للمفاضلة والذي في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك هو ما كان في ذات الله من إغلاظه على الكفار والمنافقين كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيهِمْ} ولذا كان يغضب عند انتهاك حرمات الله تعالى، قال الأبي: يعني أنهن لم يردن أن عند عمر مزيد فظاظة وغلظة على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يقتضيه أفعل بل كان صلى الله عليه وسلم رحيمًا رؤوفًا، قال القاضي: وفي الحديث أن لين الجانب أفضل لأنه خلقه صلى الله عليه وسلم اهـ من الأبي. فـ (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: (والذي نفسي بيده) المقدسة (ما لقيك الشيطان قط) أي في زمن من الأزمنة الماضية، حالة كونك

ص: 408

سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غيرَ فَجِّكَ"

ــ

(سالكًا) أي داخلًا (فجًّا) من الفجاج أي طريقًا من الطرق (إلا سلك) الشيطان (فجًّا غير فجك) أي طريقًا غير طريقك الذي سلكت فيه هيبة منك وخوفًا. (قوله: أنت أغلظ وأفظ) هو أفعل تفضيل من الغلظة والفظاظة وهو يقتضي الشركة في أصل الفعل ويعارضه قوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} فإنه يقتضي أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن فظًا ولا غليظًا (والجواب) أن الذي في الآية يقتضي نفي وجود ذلك له صفة لازمة فلا يستلزم ما في الحديث ذلك بل مجرد وجود الصفة له في بعض الأحوال وهو عند إنكار المنكر مثلًا، وجوز بعضهم أن الأفظ ها هنا بمعنى الفظ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يواجه أحدًا بما يكره إلا في حق من حقوق الله، وكان عمر يبالغ في الزجر عن المكروهات مطلقًا وطلب المندوبات فلهذا قال النسوة له ذلك.

(وقوله: إلا سلك فجًّا غير فجك) الفج الطريق الواسع، وفيه فضيلة عظيمة لعمر الفاروق رضي الله عنه وحمله النووي على ظاهره أن الشيطان متى رأى عمر سالكًا فجًّا هرب منه هيبة عمر وذهب إلى فج آخر، ولم يذكر في الروايات مثل ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه ثابت له بالطريق الأولى بدلالة هذا النص، قال الحافظ في الفتح [7/ 47] إن ذلك لا يقتضي وجود العصمة لعمر، إذ ليس فيه إلا فرار الشيطان منه أن يشاركه في طريق يسلكها ولا يمنع ذلك من وسوسته له بحسب ما تصل إليه قدرته، فإن قيل عدم تسليطه عليه بالوسوسة يؤخذ بطريق مفهوم الموافقة لأنه إذا منع من السلوك في طريق عمر فأولى أن لا يلابسه بحيث يتمكن من وسوسته له فيمكن أن يكون حفظ من الشيطان، ولا يلزم من ذلك ثبوت العصمة له لأنها في حق النبي واجبة وفي غيره ممكنة، وقال القاضي عياض: ويحتمل أنه ضرب مثلًا لبعد الشيطان وإغوائه منه، وإن عمر في جميع أموره سالك طريق السداد خلاف ما يأمر به الشيطان، وحاصله أن الشيطان لا يتمكن من إغوائه ولا إغواء غيره بمحضر من عمر رضي الله عنه، وهذا التفسير هو الذي يظهر أنه الأولى بهذا المقام والله أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 171] والبخاري في مواضع منها باب مناقب عمر بن الخطاب [3683].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في الشاهد لحديث سعد وهو حديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال:

ص: 409

6048 -

(00)(00) حدثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ. حَدَّثَنَا بِهِ عَبدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنِي سُهَيلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، أن عُمَرَ بْنَ الْخَطابِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ قَدْ رَفَعنَ أَصوَاتَهُن عَلَي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا اسْتَأذَنَ عُمَرُ ابتَدَرْنَ الْحِجَابَ، فَذَكَرَ نَحوَ حَدِيثِ الزُّهرِي.

6049 -

(2377)(132) حدثني أَبُو الطاهِرِ، أَحْمَدُ بْنُ عَمرِو بنِ سَرْحٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ،

ــ

6048 -

(00)(00)(حدثنا هارون بن معروف) المروزي الضرير نزيل بغداد، ثقة، من (10) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا به) أي بحديث سعد السابق، أتى به إشارة إلى أن الآتي شاهد لحديث سعد لأن الراوي له أبو هريرة، وفي بعض النسخ إسقاطه وهو أولى لعدم الحاجة إليه أي حدثنا به (عبد العزيز بن محمد) بن عبيد الدراوردي الجهني المدني، صدوق، من (8) روى عنه في (9) أبواب (أخبرني سهيل) ابن أبي صالح السمان القيسي المدني، صدوق، من (6) روى عنه في (13) بابا (عن أبيه) أبي صالح السمان ذكوان الزيات القيسي مولاهم المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (8) أبواب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سهيل لابن شهاب متابعة ناقصة في الشاهد (أن عمر بن الخطاب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزله (وعنده) صلى الله عليه وسلم (نسوة قد رفعن أصواتهن على) صوت (رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما استأذن عمر ابتدرن الحجاب فذكر) سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة (نحو حديث الزهري) عن سعد بن أبي وقاص والله أعلم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثامنًا لحديث ابن عباس بحديث عائشة رضي الله عنهما فقال:

6049 -

(2377)(132)(حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح) الأموي المصري (حدثنا عبد الله وهب) بن مسلم المصري (عن إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم الزهري المدني (عن أبيه سعد بن إبراهيم) بن عبد الرحمن بن عوف (عن) عمه (أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني (عن عائشة) رضي الله عنها. وهذا

ص: 410

عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ أنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "قَد كَانَ يَكُونُ فِي الأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدَّثُونَ. فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ،

ــ

السند من سداسياته، وهذا الحديث أخرجه الترمذي في مناقب عمر برقم [3693] وكذلك البخاري في مناقب عمر برقم [3689] كلاهما من طريق إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وكذلك أخرجه البخاري في الأنبياء باب ما ذكر عن بني إسرائيل [3469] عن أبي هريرة ورواه أكثر الرواة عن إبراهيم بن سعد مثل ما رواه البخاري عن أبي هريرة، وتفرد عبد الله بن وهب فجعله من مسندات عائشة ولذلك استدرك الدارقطني على مسلم في إخراج هذا الحديث عن عائشة ولكن ذكر الحافظ في الفتح أنه تابعه محمد بن عجلان فكان أبا سلمة سمعه من أبي هريرة عائشة جميعًا، وله أصل من حديث عائشة أخرجه ابن سعد من طريق ابن أبي عتيق عنها، وأخرجه من حديث خفاف بن إنماء أنه كان يصلي مع عبد الرحمن بن عوف فإذا خطب عمر سمعه يقول: أشهد أنك مكلم (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه) أي أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يقول: قد كان) الشأن والحال (يكون في الأمم) التي (قبلكم محدثون) أي ملهمون من جهة الله تعالى بالأمر الصواب الموافق لما في الواقع أي يلهمون في قلوبهم فيتكلمون به قبل وقوعه فيقع كما تكلموا، قال القرطبي: كان الأولى شأنيه أي كان الأمر والشأن، والثانية ناقصة ومحدثون اسمها، والجار والمجرور في قوله:(في الأمم) خبرها مقدم على اسمها، وجملة الثانية في محل النصب خبر كان الأولى، والتقدير كان الشأن والحال يكون محدثون كائنين في الأمم قبلكم، وجملة كان الأولى في محل النصب مقول يقول، ويحتمل أن تكون الثانية تامة ومحدثون فاعلها، والجار والمجرور حال من الضمير المستكن في فاعلها والمعنى حينئذٍ كان الشأن يوجد محدثون، حالة كونهم في الأمم قبلكم ومحدثون بفتح الدال المشددة اسم مفعول من التحديث وهو من يحدثه ويكلمه غيره، قال العيني نقلًا عن الخطابي في عمدة القاري [7/ 468] المحدث الملهم يلقى الشيء في روعه فكأنه قد حدث به يظن فيصيب ويخطر الشيء بباله فيكون وهي منزلة جليلة من منازل الأولياء، وقيل: المحدث من يجري الصواب على لسانه، وقيل من يكلمه الملائكة، وقال ابن التين: يعني متفرسون، وقال النووي: حاكيًا عن البخاري يجري الصواب على ألسنتهم وهذه متقاربة متفقة على أن المحدث ليس نبيًّا وأن ما يتحدث به لا يسمى وحيًا فلا يكون حجة في الشرع فبطل ما تأول القادياني في هذا الحديث وما تدرج به إلى دعوى النبوة والعياذ بالله من ذلك (فإن يكن في أمتي منهم أحد

ص: 411

فَإِن عُمَرَ بْنَ الْخَطابِ مِنهُم".

قَال ابْنُ وَهْبٍ: تَفْسِيرُ مُحَدَّثُونَ مُلهَمُونَ

ــ

فإن عمر بن الخطاب منهم) أي فهو عمر بن الخطاب (قال ابن وهب) بالسند السابق: (تفسير محدثون) ومعناه أي (ملهمون) من الله تعالى الصواب والحق في روعهم فيتكلمون به قبل وقوعه فيقع كما قالوا.

وقوله: (فإن يكن في أمتي أحد منهم فعمر) دليل على قلة وقوع هذا وندوره، وعلى أنه ليس المراد بالمحدثين المصيبين فيما يظنون لأن هذا كثير في العلماء والأئمة الفضلاء بل وفي عوام الخلق كثير ممن يقوى حديثه فتصح إصابته فترتفع خصوصية الخبر وخصوصية عمر رضي الله عنه بذلك، ومعنى هذا الخبر قد تحقق ووجد في عمر قطعًا هان كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يجزم فيه بالوقوع ولا صرح فيه بالإخبار لأنه إنما ذكره بصيغة الشرط، وقد دل على وقوع ذلك لعمر حكايات كثيرة عنه كقصة "الجبل يا سارية" ذكر هذه القصة ابن حجر في الإصابة [3/ 53] وعزاها للواقدي وسيف بن عمر وغيرهما، وأصح ما يدل على ذلك شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك كما رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه" وقال ابن عمر رضي الله عنهما: ما نزل بالناس أمر قط قالوا فيه وقال فيه عمر إلا نزل القرآن على نحو ما قال فيه عمر. رواه الترمذي [3682] وقال: هذا حديث حسن صحيح، ومن ذلك قول عمر رضي الله عنه: وافقت ربي في ثلاث .. الحديث، وقد ادعى هذا الحال كثير من أهل المحال -الكيد والمكر- لكن تشهد بالفضيحة شواهد صحيحة.

وقد فسر ابن وهب المحدثين بالملهمين أي يحدثون في ضمائرهم بأحاديث صحيحة هي من نوع الغيب فيظهر على نحو ما وقع لهم، وهذه كرامة يكرم الله تعالى بها من يشاء من صالحي عباده، ومن هذا النوع ما يقال عليه فراسة وتوسم كما قد رواه الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله" ثم قرأ قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75)} [الحجر: 75] رواه الترمذي [3127] اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 55] والترمذي [3693] والنسائي في الكبرى [8120].

ص: 412

6050 -

(00)(00) حدثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيث. ح وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَينَةَ. كِلاهُمَا عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، عَن سَعْدِ بْنِ إِبرَاهِيمَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

6051 -

(2378)(133) حدثنا عُقبَةُ بْنُ مُكْرَم الْعَمِّيُّ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ. قَال: جُوَيرِيَةُ بْنُ أسْمَاءَ أَخْبَرَنَا، عَنْ نَافِع، عَنِ ابنِ عُمَرَ. قَال: قَال عُمَرُ: وَافَقْتُ رَبي فِي ثَلاث:

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله عنها فقال:

6050 -

(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد) الثقفي البلخي (حدثنا ليث) بن سعد الفهمي المصري (ح وحدثنا عمرو الناقد وزهير بن حرب قالا: حدثنا ابن عيينة كلاهما) أي كل من ليث وابن عيينة رويا (عن) محمد (بن عجلان) القرشي مولاهم أبي عبد الله المدني، صدوق، من (5) روى عنه في (9) أبواب (عن سعد بن إبراهيم بهذا الإسناد) يعني عن أبي سلمة عن عائشة، وهذان السندان من سداسياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة محمد بن عجلان لإبراهيم بن سعد، وساق محمد بن عجلان (مثله) أي مثل ما روى إبراهيم بن سعد عن أبيه.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى تاسعًا لحديث ابن عباس بحديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

6051 -

(2378)(133)(حدثنا عقبة بن مكرم) بصيغة اسم المفعول (العمي) بفتح العين وتشديد الميم نسبة إلى بني العم قبيلة مشهورة أبو عبد الملك البصري، ثقة، من (11) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا سعيد بن عامر) الضبعي أبو محمد البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (4) أبواب (قال) سعيد:(جويرية بن أسماء) مبتدأ خبره جملة (أخبرنا عن نافع) هو جويرية بن أسماء بن عبيد الضبعي البصري، صدوق، من (7) روى عنه في (9) أبواب (عن نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر) وهذا السند من خماسياته (قال) ابن عمر (قال عمر) بن الخطاب:(وافقت ربي في ثلاث) من الأمور، يعني أنه وقع لي في قلبه حديث عن تلك الأمور فأنزل الله تعالى القرآن على نحو ما وقع اهـ من المفهم. قال الطيبي: ما أحسن هذه العبارة وما ألطفها حيث راعى الأدب الحسن ولم يقل وافقني ربي مع أن الآيات إنما نزلت موافقة لرأيه واجتهاده [أقول]: ولعله رضي الله

ص: 413

فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، وَفِي الْحِجَابِ، وَفِي أُسَارَى بَدْرٍ

ــ

عنه أشار بقول هذا أن فعله حادث لاحق وقضاء ربه قديم سابق اهـ مرقاة. قال الحافظ العسقلاني: ليس في تخصيص الثلاث ما ينفي الزيادة لأنه حصلت له الموافقة في أشياء؛ من مشهورها قصة أسارى بدر، وقصة الصلاة على المنافقين وهما في الصحيح، وأكثر ما وقفنا عليها منها بالتعيين خمسة عشر قال صاحب الرياض: منها تسع لفظيات، وأربع معنويات، واثنتان في التورية، فإن أردت تفصيلها فراجعها اهـ.

وقوله: (في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر) بدل من ثلاث، بدل تفصيل من مجمل وموافقته لربه في الأول من الثلاث أن وقع في قلبه أن مقام إبراهيم عليه السلام محل شرفه الله تعالى وكرمه بأن قام فيه إبراهيم للدعاء والصلوات وجعل فيه آيات بينات وغفر لمن قام فيه الخطيئات وأجاب فيه الدعوات، فقال: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} وموافقته في الثاني منها أنه وقع في قلبه شرف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعلو مناصبهن وعظيم حرمتهن وأن الذي يناسب حالهن أن يحتجبن عن الأجانب فإن اطلاعهم عليهن ابتذال لهن ونقص من حرمة النبي صلى الله عليه وسلم وحرمتهن فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: احجب نساءك فإنهن يراهن البر والفاجر. فنزلت آية الحجاب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} وقد استوفينا الكلام على هذا في النكاح، وموافقته في الثالث منها أنه وقع في قلبه قتل أسارى بدر وأشار على النبي صلى الله عليه وسلم به وأشار عليه أبو بكر بالإبقاء والفداء فمال النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما قال أبو بكر رضي الله عنه فأنزل الله تعالى القرآن على نحو ما وقع لعمر رضي الله عنه يعني في قوله تعالى:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} الآية، فوافق القرآن ما وقع لعمر في الأمور الثلاثة فكان ذلك دليلًا قاطعًا على أنه محدث بالحق ملهم لوجه الصواب.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في التفسير باب قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [4483].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى عاشرًا لحديث ابن عباس بحديث آخر لابن عمر رضي الله تعالى عنهم أجمعين فقال:

ص: 414

6052 -

23791) (134) حدثنا أَبُو بَكْرِ بن أبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أبُو أسَامَةَ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَال: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبدُ اللهِ بن أُبَيٍّ، ابْنُ سَلُولَ، جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ أَن يُكَفِّنَ فِيهِ أبَاهُ

ــ

6052 -

(2379)(134)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي (حدثنا عبيد الله) بن عمر بن حفص العمري المدني (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (قال) ابن عمر: (لما توفي) ومات (عبد الله بن أبي ابن سلول) هكذا صوابه أن يكتب ابن سلول بالألف ويعرب بإعراب عبد الله لأنه وصف ثان له لأنه عبد الله بن أبي وهو أيضًا عبد الله بن سلول فأبي أبوه، وسلول أمه فنسب إلى أبويه جميعًا ووصف بهما. وقوله: (جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواب لما الشرطية وكان رأس المنافقين، وذكر الواقدي أنه مات بعد منصرفهم من تبوك في ذي القعدة سنة تسع، واستمر مرضه إلى عشرين يومًا، وكان قد تخلف من غزوة تبوك كذا في عمدة القاري [8/ 649] وكان ابنه عبد الله بن عبد الله من فضلاء الصحابة، وقد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه من الحباب إلى عبد الله شهد بدرًا وما بعدها، واستشهد يوم اليمامة في خلافة أبي بكر رضي الله عنهما، ومن مناقبه أنه بلغه بعض مقالات أبيه فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في قتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بل أحسن صحبته" أخرجه ابن منده من حديث أبي هريرة بإسناد حسن كذا في الفتح [8/ 334].

(فسأله) أي فسأل ابنه النبي صلى الله عليه وسلم (أن يعطيه قميصه) أي أن يعطي النبي صلى الله عليه وسلم قميصه لذلك الابن لأجل (أن يكفن) ذلك الابن (فيه) أي في قميص النبي صلى الله عليه وسلم (أباه) عبد الله بن أبي لتناله بركة جسده صلى الله عليه وسلم قال الحافظ: وكأنه كان يحمل أمر أبيه على ظاهر الإسلام فلذلك التمس من النبي صلى الله عليه وسلم أن يحضر عنده ويصلي عليه ولا مميما وقد ورد ما يدل على أنه فعل ذلك بعهد من أبيه، ويؤيده ما أخرجه الطبراني من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما مرض عبد الله بن أبي جاءه النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه، فقال: قد فهمت ما تقول فامنن علي فكفني في قميصك وصل علي ففعل. فكان عبد الله بن أبي أراد بذلك دفع العار عن ولده وعشيرته بعد موته فأظهر الرغبة في

ص: 415

فَأَعْطَاهُ. ثُم سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيهِ. فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ عَلَيهِ. فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُصَلي عَلَيهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللهُ أَنْ تُصَلي عَلَيهِ؟ فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنمَا خَيَّرَنِيَ اللهُ فَقَال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة: 80، وَسَأَزِيدُ عَلَي

ــ

صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ووقعت إجابته إلى سؤاله بحسب ما ظهر من حاله إلى أن كشف الغطاء عن ذلك (فأعطاه) أي فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم قميصه لابنه ليكفن فيه أباه المنافق، قيل: إنما أعطاه قميصه وكفنه فيه تطييبًا لقلب ابنه فإبه كان صحابيًّا صالحًا كذا في النووي (ثم سأله) أي ثم سأل ولده النبي صلى الله عليه وسلم (أن يصلي عليه) أي على أبيه (فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه) أي على عبد الله بن أبي (فقام عمر) بن الخطاب (فأخذ) عمر (بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليمنعه من الصلاة عليه، وفي رواية الترمذي عن ابن عباس عن عمر "فقام إليه فلما وقف عليه يريد الصلاة عليه وثبت إليه، فقلت: يا رسول الله أتصلي على ابن أبي وقد قال يوم كذا وكذا .. أعدد عليه" قوله: يشير بذلك إلى مثل قوله: {لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} وغيره (فقال) عمر: (يا رسول الله أتصلي عليه) أي على ابن أبي (وقد نهاك الله أن تصلي عليه) وتستغفر له في ضمن النهي عن الاستغفار للمنافقين. وقوله: (وقد نهاك الله) إلخ قد يشكل عليه بأن النهي عن الصلاة على المنافقين إنما نزل بعد هذه القصة فما هو النهي الذي أحال عليه عمر فأجاب عنه بعضهم بأن هذا النهي وهم من بعض رواته، وأجاب غيره بأن هذا النهي نهي خاص اطلع عليه عمر في ذلك، وقال القرطبي: لعل ذلك النهي وقع في خاطر عمر فيكون من قبيل الإلهام، ويحتمل أن يكون عمر فهم ذلك النهي من قوله تعالى:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} الآية، وهذا الأخير أقرب إلى الصواب وأحرى بالقبول لأن الصلاة على الميت مشتملة على الاستغفار له، ويدل عليه ما أخرجه البخاري [4672] عن ابن عمر، وفيه من قول عمر:"تصلي عليه وهو منافق، وقد نهاك الله أن تستغفر لهم" ويدل عليه أيضًا جواب النبي صلى الله عليه وسلم لعمر في هذا الحديث إنما خيرني الله .. إلخ كما ذكره مسلم بقوله: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما خيرني الله فقال") لي: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} وسأزيد على

ص: 416

سَبْعِينَ" قَال: إِنهُ مُنَافِق.

فَصَلَّى عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84]

ــ

سبعين) فـ (قال) عمر: (إنه منافق) ووقع عند ابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس فقال عمر: أتصلي عليه، وقد نهاك الله أن تصلي عليه؟ قال:"أين" قال: قال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ} الآية ذكره الحافظ في الفتح.

قوله: (إنما خيرني الله، فقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ}) الآية يحتمل معنيين؛ الأول: أن يكون للتخيير، والثاني: أن يكون للتسوية في الحكم أي إن الاستغفار وعدمه في حقهم سواء فحمله عمر رضي الله عنه على الثاني جريًا على محاورات العرب وحمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأول لفرط شفقته على الأمة فأراد أن يجري عليه ما دام محتملًا في كلام الله تعالى وما لم يرد نهي صريح في ذلك.

قوله: (وسأزيد على سبعين) الظاهر في قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} أن عدد السبعين إنما ورد لبيان الكثرة، وأنه لا مفهوم له، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بذلك من غيره ولكنه صلى الله عليه وسلم لفرط شفقته على أمته أراد أن لا يدع احتمالًا ولو ضعيفًا للسعي في مغفرة من هو في أمته فأراد أن يزيد على السبعين في الاستغفار له، وروى الطبري عن طريق مغيرة عن الشعبي قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قال الله: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} فأنا أستغفر لهم سبعين وسبعين وسبعين" وذكر الواقدي أن مجمع بن جارية قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أطال على جنازة قط ما أطال على جنازة عبد الله بن أبي من الوقوف ذكره الحافظ في الفتح.

(فصلى عليه) أي على ابن أبي (رسول الله صلى الله عليه وسلم معرضًا عن قول عمر (وأنزل الله عز وجل على وفق قول عمر {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة / 84] سدًا لباب الاستغفار والدعاء للمنافقين.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في مواضع منها في تفسير سورة براءة باب ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا [4672] والترمذي في تفسير سورة التوبة [3098].

ص: 417

6052 -

(00)(00) وحدّثناه مُحَمَّدُ بن الْمُثَنَّى وَعُبَيدُ اللهِ بن سَعِيدٍ. قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى، (وَهُوَ الْقَطَّانُ)، عَنْ عُبَيدِ اللهِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، فِي مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ، وَزَادَ: قَال: فَتَرَكَ الصَّلاةَ عَلَيهِمْ

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

6052 -

(00)(00)(وحدثناه محمد بن المثنى وعبيد الله بن سعيد) بن يحيى اليشكري مولاهم أبو قدامة النيسابوري، ثقة، من (10) روى عنه في (8) أبواب (قالا: حدثنا يحيى) بن سعيد بن فروخ التميمي البصري (وهو القطان عن عبيد الله) بن عمر بن حفص العمري (بهذا الإسناد) يعني عن نافع عن ابن عمر، غرضه بيان متابعة يحيى القطان لأبي أسامة، وساق يحيى بن سعيد (في معنى) أي بمعنى (حديث أبي أسامة و) لكن (زاد) يحيى على أبي أسامة لفظة (قال) ابن عمر:(فترك) النبي صلى الله عليه وسلم (الصلاة عليهم) أي على المنافقين بعدما نزلت هذه الآية لكونها نهيًا صريحًا عن الصلاة عليهم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث أحد عشر؛ الأول: حديث ابن عباس ذكره للاستدلال على الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني: حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستشهاد به، والثالث: حديث ابن عمر ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع: حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد وذكر فيه ثلاث متابعات، والخامس: حديث ابن عمر الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والسادس: حديث جابر بن عبد الله ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والسابع: حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثامن: حديث سعد بن أبي وقاص ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والتاسع: حديث عائشة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والعاشر: حديث ابن عمر الثالث ذكره للاستشهاد، والحادي عشر: حديث ابن عمر الأخير ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة.

***

ص: 418