المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فضائل ابن مسعود - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌687 - (1) باب كونه صلى الله عليه وسلم مختارًا من خيار الناس، وتسليم الحجر عليه وتفضيله على جميع الخلق، وبعض معجزاته، وتوكله

- ‌ كتاب فضائل النبي صلى الله عليه وسلم وفواضله عليه الصلاة والسلام

- ‌688 - (2) باب بيان مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم وشفقته على أمته وذكر كونه خاتم النبيين وذكر إذا أراد الله رحمة أمة قبض نبيها قبلها

- ‌689 - (3) باب إثبات حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبيان قدره وصفته وكيزانه

- ‌690 - (4) - باب قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته، وكونه أجود الناس، وكونه أحسنهم خلقًا، وما سُئل شيئًا وقال: "لا" قط، وكثرة عطائه

- ‌691 - (5) باب رحمته صلى الله عليه وسلم للصبيان والعيال، وكثرة حيائه، وتبسمه، وأمر سواق مطايا النساء بالرفق بهن، وتبرك الناس به صلى الله عليه وسلم

- ‌692 - (6) باب بعداه صلى الله عليه وسلم من الإثم واختياره أيسر الأمور وانتقامه لله تعالى وطيب رائحته ولين مسه وطيب عرقه والتبرك به وعرقه حين يأتيه الوحي وبيان كيفية إتيانه

- ‌693 - (7) باب في سدله وفرقه شعره وقده وصفة شعره وفمه وعينيه وعقبيه ولونه وشيبه صلى الله عليه وسلم

- ‌694 - (8) باب إثبات خاتم النبوة وصفة النبي صلى الله عليه وسلم ومبعثه وكم سنه حين قُبض وكم أقام بمكة وبالمدينة وفي أسمائه وكونه أشد الناس علمًا بالله وخشية له تعالى ووجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم

- ‌695 - (9) باب ترك الإكثار من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم توقيرًا له ووجوب امتثال ما فعله شرعًا في الدين دون ما ذكره رأيًا من معايش الدنيا وفضل النظر إليه وتمنيه

- ‌ كتاب فضائل بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفضائل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين

- ‌696 - (10) باب في فضائل عيسى وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام

- ‌697 - (11) باب فضائل موسى، وفضائل يونس، وفضائل يوسف، وفضائل زكريا عليهم الصلاة والسلام

- ‌698 - (12) باب فضائل الخضر عليه السلام

- ‌ أبواب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌699 - (13) الأول منها باب فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌700 - (14) والثاني منها باب فضل عمر رضي الله عنه

- ‌701 - (15) والثالث منها باب فضل عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه وأرضاه

- ‌702 - (16) والرابع منها باب فضائل علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه

- ‌703 - (17) الباب الخامس منها باب فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌704 - (18) والباب السادس منها باب فضائل طلحة والزبير وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌705 - (19) باب فضائل الحسن والحسين وفضائل أهل البيت وفضائل زيد بن حارثة وابنه أسامة وفضائل عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌706 - (20) والباب الثامن منها باب فضائل خديجة الكبرى رضي الله تعالى عنها وأرضاها

- ‌707 - (21) والباب التاسع منها باب فضل عائشة رضي الله تعالى عنها

- ‌708 - (22) والباب العاشر منها باب فضائل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء العالمين رضي الله تعالى عنها وأرضاها

- ‌709 - (23) والحادي عشر منها باب من فضائل أم سلمة وزينب وأم أيمن وأم سليم رضي الله تعالى عنهن

- ‌زينب أم المؤمنين

- ‌أم أيمن

- ‌أم سليم

- ‌710 - (24) والباب الثاني عشر منها باب فضائل أبي طلحة الأنصاري وبلال وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌فضائل بلال

- ‌فضائل ابن مسعود

- ‌711 - (25) والثالث عشر منها باب‌‌ فضائل أُبي بن كعبوزيد بن ثابت وسعد بن معاذ وأبي دجانة وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌ فضائل أُبي بن كعب

- ‌فضائل زيد بن ثابت

- ‌فضائل سعد رضي الله عنه

- ‌فضائل أبو دجانة

- ‌فضائل أبي جابر

الفصل: ‌فضائل ابن مسعود

‌فضائل ابن مسعود

6170 -

(2442)(196) حدَّثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 333]، والبخاري في التهجد باب فضل الطهور بالليل والنهار [1149].

فضائل ابن مسعود

وأما ابن مسعود فهو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن مازن بن مخزوم الهذلي أبو عبد الرحمن الكوفي، وأمه أم عبد بنت عبد ود الهذلية أيضًا، أسلم قديمًا، وكان سبب إسلامه أنه كان يرعى غنمًا لعقبة بن أبي معيط فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"يا غلام هل من لبن؟ " قال: نعم، ولكني مؤتمن، قال:"فهل من شاة حائل" لم ينز عليها الفحل فأتيته بشاة شصوص -لا لبن لها - فمسح ضرعها فنزل اللبن فحلب في إناء وشرب وسقى أبا بكر ثم قال للضرع: "اقلص" فقلص، فقلت: يا رسول الله علمني من هذا القول فقال: رحمك الله إنك غليّم معلم. رواه أحمد [1/ 379] فأسلم وضمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فكان يلج عليه ويلبسه نعله ويمشي أمامه ومعه ويستره إذا اغتسل ويوقظه إذا نام وقال له: "إذنك عليّ أن يُرفع الحجاب وأن تسمع سوادي حتى أنهاك " رواه أحمد [1/ 404]، ومسلم [2169] وكان يعرف في الصحابة بصاحب السرار والسواد والسواك، هاجر هجرتين إلى أرض الحبشة ثم من مكة إلى المدينة قاله الجوزي، وصلى القبلتين، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مشاهده كلها، وكان يُشبه في هديه وسمته برسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، وشهد له كبراء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه من أعلمهم بكتاب الله قراءة وعلمًا، وفضائله كثيرة، توفي بالمدينة سنة ثننين وثلاثين ودُفن بالبقيع، وصلى عليه عثمان، وقيل صلى عليه عمار، وقيل بل صلى عليه الزبير ليلًا بوصيته ولم يعلم عثمان بذلك فعاتب الزبير على ذلك والله أعلم، روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة حديث وثمانية وأربعين حديثًا، أخرج له في الصحيحين مائة وعشرون حديثًا.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على فضله بحديث ابن مسعود نفسه رضي الله عنه فقال:

6170 -

(2442)(196)(حدثنا منجاب بن الحارث) بن عبد الرحمن (التميمي)

ص: 632

وَسَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بنِ زُرَارَةَ الْحَضْرَمِيُّ وَسُوَيدُ بْنُ سَعِيدٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ. (قَال سَهْل وَمِنْجَابٌ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا) عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ. قَال: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لَيسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} [المائدة: 93] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قَال لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قِيلَ لِي: أَنْتَ مِنْهُمْ"

ــ

أبو محمد الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (3) أبواب (وسهل بن عثمان) بن فارس الكندي أبو مسعود العسكري، نزيل الري، ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (وعبد الله بن عامر بن زرارة الحضرمي) مولاهم أبو محمد الكوفي، صدوق، من (10) روى عنه في (2) بابين (وسويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل أبو محمد الحدثاني، صدوق، من (10) روى عنه في (10) أبواب (والوليد بن شجاع) بن الوليد بن قيس الكندي الكوفي، ثقة، من (10) روى عنه في (8) أبواب (قال سهل ومنجاب: أخبرنا وقال الآخرون: حدثنا علي بن مسهر) القرشي الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، من (5) روى عنه في (13) بابا (عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (11) بابا (عن علقمة) بن قيس بن عبد الله النخعي الكوفي، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (8) أبواب (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) ابن مسعود (لما نزلت هذه الآية:{لَيسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} [المائدة: 93](إلى آخر الآية، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل لي) من جهة الوحي (أنت) يا عبد الله (منهم) أي من هؤلاء الذين لا جناح عليهم.

قال القرطبي: وقوله صلى الله عليه وسلم: (قيل لي أنت منهم) الخطاب لابن مسعود أي أوحي إليّ إنك يا ابن مسعود من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وهذه تزكية عظيمة ودرجة رفيعة قلَّ من ظفر بمثلها اهـ من المفهم.

وعبد الله بن مسعود كان من أفقه الصحابة وأعلمهم بالسنة مات أبوه في الجاهلية وأسلمت أمه وصحبت فلذلك نُسب إليها أحيانًا، وقد روى ابن حبان أنه كان سادس ستة في الإسلام وهاجر الهجرتين وشهد بدرًا وولي بيت المال في الكوفة لعمر وعثمان وقدم

ص: 633

6171 -

(2443)(197) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ -وَاللَّفْظُ لابْنِ رَافِعٍ- (قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا) يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا ابْنُ أبِي زَائدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ

ــ

في أواخر عمره المدينة ومات في خلافة عثمان سنة اثنتين وثلاثين وقد جاوز الستين.

قوله: (لما نزلت هذه الآية) وقد ذكر المفسرون قولين في سبب نزول هذه الآية: الأول: أنه لما نزل تحريم الخمر والميسر قال الصحابة رضي الله عنهم: كيف بمن شربها من إخواننا الذين ماتوا وهم قد شربوا الخمر وأكلوا الميسر فأنزل الله تعالى هذه الآية، والقول الثاني إنها نزلت في القوم الذين حزموا على نفوسهم اللحوم وسلكوا طريق الترهب كعثمان بن مظعون وغيره، والقول الأول هو المختار، ورُوي ذلك عن ابن عباس وأنس بن مالك والبراء بن عازب ومجاهد وقتادة والضحاك وخلق آخرين قاله الألوسي في روح المعاني [7/ 18].

وقوله: (أنت منهم) معناه على القول الأول المختار أنك ممن كان يتقي الله حتى في حالة تعاطي الخمر لأنك إنما تعاطيت الخمر والميسر لعدم تحريمهما إذ ذاك ولو حُرما في ذلك العصر لاتقيتهما بالمرة، ويحتمل أن يكون المراد دخول ابن مسعود رضي الله عنه فيمن اتقوا مع قطع النظر عن الملابسات الأخرى والله أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي في التفسير سورة المائدة [3056].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن مسعود بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما فقال:

6171 -

(2443)(197)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) المروزي (ومحمد بن رافع) القشيري النيسابوري (واللفظ لابن رافع قال إسحاق: أخبرنا وقال ابن رافع: حدثنا يحيى بن آدم) بن سليمان الأموي الكوفي، ثقة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا) يحيى بن زكريا (بن أبي زائدة) خالد بن ميمون الهمداني الكوفي، ثقة، من (9) روى عنه في (12) بابا (عن أبيه) زكرياء بن أبي زائدة، ثقة، من (6) روى عنه في (13) بابا (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي الكوفي، ثقة، من (3) (عن

ص: 634

الأَسوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَال: قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ الْيَمَنِ. فَكُنَّا حِينًا وَمَا نُرَى ابْنَ مَسْعُودٍ وَأُمَّهُ إلا مِنْ أَهْلِ بَيتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِهِمْ وَلُزُومِهِمْ لَهُ

ــ

الأسود بن يزيد) بن قيس النخعي الكوفي، ثقة مخضرم، من (2)(عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري الكوفي، وهذا السند من سباعياته (قال) أبو موسى:(قدمت أنا وأخي) هو أبو رهم أو أبو بردة (من اليمن) المدينة (فكنا) أي مكثنا في المدينة (حينًا) أي زمانًا طويلًا (وما نُرى) أي ما نظن أي والحال أنا ما نظن أن (ابن مسعود وأمه إلا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسم من كثرة دخولهم ولزومهم له) صلى الله عليه وسلم جمعهما وهما اثنان هو وأمه لأن الاثنين يجوز جمعهما بالاتفاق ولكن الجمهور يقولون أقل الجمع ثلاثة فجمع الاثنين مجاز، وقالت طائفة أقله اثنان فجمعهما حقيقة اهـ نووي، وعبارة الدهني جمع الضمير مع أن المرجع اثنان إشارة إلى جواز التعبير عن الاثنين بالجمع والله أعلم اهـ.

قال القرطبي: وقول أبي موسى مكثنا حينًا وما نُرى

إلخ هذا يدل على صحة ما ذكرنا من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمه إليه واختصه بخدمته وملازمته وذلك لما رأى من صلاحيته لقبول العلم وتحصيله له ولذلك قال له أول ما لقيه (إنك غليم معلم) وفي رواية أخرى: (لقن مفهم) رواه أحمد [1/ 462] أي أنت صالح لأن تعلّم فتعلم وتلقّن فتفهم ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ضمه لنفسه وجعله في عداد أهل بيته فلازمه حضرًا وسفرًا ليلًا ونهارًا ليتعلم منه وينقل عنه اهـ من المفهم.

وقول أبي موسى: (قدمت أنا وأخي من اليمن) وذلك أنه هاجر أبو موسى مع نفر من قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغهم بعثته صلى الله عليه وسلم ولكنهم ألقتهم السفينة إلى الحبشة وكان بها جعفر بن أبي طالب فمكثوا معه حتى قدموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة سبع فوافقوه في غزوة خيبر، وقد أخرج البخاري قصتهم في المغازي باب غزوة خيبر، وقد ذكر فيها أنه كان معه أخوان له وذكر أصحاب السير أن أحدهما أبو بردة والآخر أبو رهم. قوله:(وما نرى ابن مسعود وأمه) هي أم عبد بنت عبد ود بن سواء بن قريم بن صاهلة بن كاهل الهذلية، وأمها هي زهرية اسمها قيلة بنت الحارث بن زهرة قاله ابن

ص: 635

6172 -

(00)(00) حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ الأسوَدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى يَقُولُ: لَقَدْ قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ الْيَمَنِ فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ.

6173 -

(00)(00) حدَّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشارٍ

ــ

عبد البر اهـ من تنبيه المعلم، يعني مر علينا زمان طويل ونحن نظن أن عبد الله بن مسعود وأمه من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لكثرة ما نرى من ملازمتهما له صلى الله عليه وسلم والمقصود بيان فضيلة ابن مسعود رضي الله عنه وقربه من النبي صلى الله عليه وسلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في فضائل الصحابة باب مناقب عبد الله بن مسعود [3763] وفي المغازي باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن [4384]، والترمذي في مناقب عبد الله بن مسعود [3808].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي موسى رضي الله عنه فقال:

6172 -

(00)(00)(حدثنيه محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (حدثنا إسحاق بن منصور) السلولي نسبة إلى بني سلول اسم قبيلة مولاهم الكوفي، صدوق، من (9) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا إبراهيم بن يوسف) بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني الكوفي، صدوق، من (7) روى عنه في (4) أبواب (عن أبيه) يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي، ثقة، من (7) روى عنه في (3) أبواب (عن) جده (أبي إسحاق) السبيعي عمرو بن عبد الله الكوفي، ثقة، من (3) روى عنه في (11) بابا (أنه) أي أن أبا إسحاق (سمع الأسود) بن يزيد (يقول: سمعت أبا موسى) الأشعري (يقول: لقد قدمت أنا وأخي) إما أبو رهم أو أبو بردة كما مر (من اليمن) على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بعدما ألقتهم السفينة إلى الحبشة. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة يوسف بن إسحاق لزكرياء بن أبي زائدة (فذكر) يوسف بن إسحاق (بمثله) أي بمثل حديث زكرياء بن أبي زائدة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال:

6173 -

(00)(00)(حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى و) محمد (بن بشار

ص: 636

قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَال: أَتَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أُرَى أَنَّ عَبْدَ اللهِ مِنْ أَهْلِ الْبَيتِ. أَوْ مَا ذَكَرَ مِنْ نَحْو هَذَا.

6174 -

(2444)(197) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشارٍ، (وَاللَّفْظُ لابنِ الْمُثَنَّى)، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحاقَ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا الأَحْوَصِ قَال: شَهِدْتُ أَبَا مُوسَى وَأَبَا مَسْعُودٍ، حِينَ مَاتَ ابْنُ مسْعُودٍ. فَقَال أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَتُرَاهُ تَرَكَ

ــ

قالوا: حدثنا عبد الرحمن) بن مهدي بن حسان الأزدي البصري (عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي (عن أبي إسحاق) السبيعي (عن الأسود) بن يزيد النخعي (عن أبي موسى) الأشعري. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سفيان لزكرياء بن أبي زائدة (قال) أبو موسى:(أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا) أي والحال أني (أُرى) وأظن (أن عبد الله) بن مسعود (من أهل البيت) أي من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله:(أو) قال أبو إسحاق لي: (ما بهر) لي (من نحو هذا) أي من لفظ قريب إلى هذا المذكور من قوله: (وأنا أرى أن عبد الله من أهل البيت) وذلك النحو كقوله مثلًا وما نُرى ابن مسعود وأمه إلا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كرواية زكرياء بن أبي زائدة شك من سفيان فيما قاله أبو إسحاق له.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن مسعود بأثر أبي موسى وأبي مسعود رضي الله عنهما فقال:

6174 -

(2444)(197)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار واللفظ لابن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي إسحاق) السبيعي (قال) أبو إسحاق: (سمعت أبا الأحوص) عوف بن مالك بن نضلة -بفتح النون وسكون المعجمة الجشميم بضم الجيم وفتح المعجمة- نسبة إلى جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة، من (3) روى عنه في (5) أبواب (قال) أبو الأحوص:(شهدت أبا موسى) عبد الله بن قيس الأشعري (وأبا مسعود) الأنصاري عقبة بن عمرو بن ثعلبة البدري الكوفي الصحابيين رضي الله تعالى عنهما أي حضرت مجلسهما وقت ما اجتمعا (حين مات) عبد الله (بن مسعود فقال أحدهما لصاحبه: أتراه) أي هل تظن ابن مسعود (ترك

ص: 637

بَعْدَهُ مِثْلَهُ؟ فَقَال: إِنْ قُلْتَ ذَاكَ. إِنْ كَانَ لَيُؤْذَنُ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا. وًيشْهَدُ إِذَا غِبْنَا.

6175 -

(00)(00) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا قُطْبَةُ، (هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ)،

ــ

بعده) أي بعد وفاته (مثله) أي نظيره في الدنيا (فقال) الآخر منهما لصاحبه (أن قلت ذاك) أي ما ترك بعده مثله فكلام حق (أن) مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن وجملتها علة لمحذوف تقديره وإنما قلت ذاك كلام حق لأنه (كان) ابن مسعود (ليؤذن له) في الدخول على النبي صلى الله عليه وسلم (إذا حُجبنا) أي مُنعنا نحن معاشر الصحابة من الدخول عليه صلى الله عليه وسلم يعني أنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يأذن له في الوقت الذي يحجب عنه الناس وذلك في الوقت الذي كان فيه مشتغلًا بخاصته (و) إن كان (يشهد) أي يحضر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا غبنا) نحن عنه صلى الله عليه وسلم، قال القسطلاني: وكان ابن مسعود رضي الله عنه يلج على النبي صلى الله عليه وسلم ويُلبسه نعليه ويمشي أمامه ومعه وششره إذا اغتسل، وقال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذنك عليّ أن يُرفع الحجاب وأن تسمع سوادي حتى أنهاك" أخرجه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم:"من أحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أُنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد" وقال فيه عمر: كنيف مليء علمًا اهـ منه.

وقوله: (إن قلت ذاك) يعني إن قلت إنه لم يترك بعده مثله فليس ذلك ببعيد فإنه كان يأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين لا يأذن لغيره وكان ابن مسعود رضي الله عنه يلازم النبي صلى الله عليه وسلم ويحضر مجالسه حين كنا غائبين عنها فلا جرم أنه كان أعلمنا بالسنة.

وهذا الأثر مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الأثر فقال:

6175 -

(00)(00)(حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا يحيى بن آدم) بن سليمان الأموي الكوفي، ثقة، من (9)(حدثنا قطبة هو ابن عبد العزيز) بضم أوله وسكون ثانيه ابن سياه بكسر المهملة بعدها تحتانية خفيفة وبهاء منونة بالصرف، وتركه الأسدي، الحمّال الكوفي، روى عن الأعمش في الفضائل والتوبة، وليث، ويروي عنه (م عم) ويحيى بن آدم وأبو معاوية، وثقه معين وأحمد، وقال الترمذي: هو ثقة عند أهل

ص: 638

عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأحوَصِ قَال: كُنَّا فِي دَارِ أبِي مُوسَى مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ. وَهُمْ يَنْظُرُونَ فِي مُصْحَفٍ. فَقَامَ عَبْدُ اللهِ. فَقَال أَبُو مَسْعُودٍ: مَا أَعْلَمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ بَعْدَهُ أَعْلَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ هَذَا الْقَائِمِ. فَقَال أَبُو مُوسَى: أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ. لَقَدْ كَانَ يَشْهَدُ إِذَا غِبْنَا. ويؤْذَنُ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا

ــ

الحديث، وقال في التقريب: صدوق، من الثامنة (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (عن مالك بن الحارث) السلمي الكوفي، روى عن أبي الأحوص في الفضائل والتوبة وعبيد الله بن ربيعة وعلقمة وأبي سعيد، ويروي عنه (م دس) والأعمش وإبراهيم النخعي ومنصور وطلحة بن مصرف، وثقه ابن معين وقال العجلي: تابعي كوفي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة، مات سنة أربع وتسعين (94)(عن أبي الأحوص) عوف بن مالك الجشمي الكوفي، ثقة، من (3) عن أبي موسى وأبي مسعود رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة مالك بن الحارث لأبي إسحاق السبيعي (قال) أبو الأحوص: كنا في دار أبي موسى) الأشعري (مع نفر) أي مع جماعة (من أصحاب عبد الله) بن مسعود (وهم) أي والحال أن أولئك النفر (ينظرون في مصحف) لعبد الله (فقام عبد الله) بن مسعود من بين الناس ليذهب (فقال أبو مسعود) الأنصاري لأبي موسى الأشعري (ما أعلم) أنا (رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك بعده) أي بعد وفاته صلى الله عليه وسلم رجلًا (أعلم بما أنزل الله) تعالى يعني به القرآن (من هذا) الرجل (القائم) من بيننا يعني ابن مسعود، قال القاضي عياض: خصه بما أنزل الله كما قال وبعلم القرآن ولا يقال إنه أعلم من الخلفاء لأن أحد الرجلين قد يكون أعلم بباب والأقل علما أعلم بباب آخر، ألا تراه كيف قال: أعلم بكتاب الله، قال القرطبي: وقد فُكر ذلك بكونه أعلم حيث أنزلت وفيما نزلت يعني بأسباب نزوله ومواقع أحكامه، وأما القراءة فأُبيّ أقرأ منه لحديث "أقرؤكم أُبيّ" والخطاب للجميع اهـ (فقال أبو موسى) لأبي مسعود (أما) حرف استفتاح أي انتبه واستمع والله (لئن قلت ذاك) أي قولك ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده أعلم .. إلخ فليس ببعيد، والله (لقد كان) هذا القائم (يشهد) أي يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا غبنا) أي إذا كنا غائبين عنه صلى الله عليه وسلم (ويؤذن له) في الدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا حُجبنا) نحن أي مُنعنا نحن من الدخول عليه صلى الله عليه وسلم.

ص: 639

6176 -

(00)(00) وحدَّثني الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ، (هُوَ ابْنُ مُوسَى)، عَنْ شَيبَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ. قَال: أَتَيتُ أَبَا مُوسَى فَوَجَدْتُ عَبْدَ اللهِ وَأَبَا مُوسَى. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أبِي عُبَيدَةَ. حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زيدِ بنِ وَهْبٍ

ــ

وقوله في هذه الرواية: (فقام عبد الله) يدل على أن ابن مسعود رضي الله عنه كان حيًّا موجودًا حين أثنى عليه أبو مسعود رضي الله عنه، وقد دلت الرواية السابقة على أنه قال هذا الكلام بعد وفاة ابن مسعود فبينهما معارضة، قلنا لا تعارض بينهما فإنه لا مانع من أن يكون قال ذلك مرة في حياته وأخرى بعد وفاته والله أعلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في هذا الأثر فقال:

6176 -

(00)(00)(وحدثني القاسم بن زكرياء) بن دينار القرشي الكوفي، ثقة، من (11) روى عنه في (5) أبواب (حدثنا عبيد الله هو ابن موسى) العبسي بموحدة مولاهم أبو محمد الكوفي، ثقة، من (9) روى عنه في (7) أبواب (عن شيبان) بن عبد الرحمن التميمي مولاهم أبي معاوية البصري ثم الكوفي ثم البغدادي، ثقة، من (7) روى عنه في (9) أبواب (عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن أبي الأحوص) وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة شيبان لقطبة بن عبد العزيز (قال) أبو الأحوص:(أتيت أبا موسى) في داره (فوجدت عبد الله) بن مسعود (وأبا موسى) جالسين مع نفر من أصحاب عبد الله

الحديث السابق (ح وحدثنا أبو كريب حدثنا محمد بن أبي عبيدة) مصغرًا بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي الكوفي، واسم أبي عبيدة عبد الملك، روى عن أبيه أبي عبيدة بن معن المسعودي في الفضائل والدعاء، ويروي عنه (م دس ق) وأبو كريب وابنا أبي شيبة وابنه إبراهيم وحفيده يحيى بن إبراهيم وغيرهم، ثقة، من (10) مات سنة (150) خمسين ومائة (حدثنا أبي) أبو عبيدة عبد الملك بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الكوفي الهذلي المسعودي، روى عن الأعمش في الفضائل، وأبي إسحاق الشيباني، ويروي عنه (م دس ق) وابنه محمد وجماعة، وثقه ابن معين، وقال في التقريب: ثقة، من السابعة (عن الأعمش عن زيد بن وهب) الجهني أبي سليمان الكوفي، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (8)

ص: 640

قَال: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ حُذَيفَةَ وَأَبِي مُوسَى، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَحَدِيثُ قُطْبَةَ أَتَمُّ وَأَكْثَرُ.

6177 -

(2445)(198) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيمَانَ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّهُ قَال:{وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161]

ــ

أبواب (قال) زيد: (كنت جالسًا مع حذيفة) بن اليمان (وأبي موسى) في دار أبي موسى مع نفر من أصحاب عبد الله .. إلخ. وهذا السند من سداسياته، والغرض منه الاستشهاد لحديث أبي الأحوص (وساق) شيبان بن عبد الرحمن (الحديث) السابق في رواية قطبة بن عبد العزيز (و) لكن (حديث قطبة) بن عبد العزيز (أتم) أي أقوى سندًا (وأكثر) متنًا.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث عبد الله بن مسعود بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:

6177 -

(2445)(198)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي) المروزي (حدثنا عبدة بن سليمان) الكلابي أبو محمد الكوفي، ثقة، من (8) روى عنه في (12) بابا (حدثنا الأعمش عن شقيق) بن سلمة الأسدي أبي وائل الكوفي، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (10) أبواب (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (أنه) أي أن عبد الله (قال) لأصحابه: غُلوا مصاحفكم أي اكتموها ولا تعطوها لمن يحرقها كما حرقوا مصاحف الناس، وكانت مصاحف أصحابه كمصحفه فأبى هو أن يعطي مصحفه لمن يحرقه وأمر أصحابه بموافقته في الإباء، وقال لهم:(ومن يغلل) منكم أي ومن يكتم مصحفه ممن يحرقه (يأت بما غل) وكتم من مصحفه (يوم القيامة) يعني فإذا غللتموها جئتم بها يوم القيامة كما يأتي، من غل من الغنيمة شيئًا قبل القسمة يأت بما غل به وكفى لكم بذلك شرفًا.

وسبب قول ابن مسعود لهذا الكلام الذي أخذه من القرآن أن مصحفه يخالف مصحف الجمهور وكانت مصاحف أصحابه كمصحفه فأنكر عليه الناس وأمروه بترك مصحفه وبموافقة مصحف الجمهور وطلبوا مصحفه ليحرقوه كما فعلوا بغيره فامتنع، وقال لأصحابه: غُلوا مصاحفكم أي اكتموها ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة يعني

ص: 641

ثُمَّ قَال: عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ تَأْمُرُونِي أَنْ أَقْرَأَ؟ فَلَقَدْ قَرَأتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِضعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً

ــ

فإذا غللتموها جئتم بها يوم القيامة وكفى لكم بذلك شرفًا عند الله تعالى.

(ثم قال) ابن مسعود لعثمان ومن معه (على قراءة من تأمروني أن أقرأ) القرآن إذا تركت قراءتي (فـ) والله (لقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيه إلى فمه (بضعًا وسبعين سورة) أي ثم قال لهم على سبيل الإنكار ومن هو الذي تأمرونني أن آخذ بقراءته وأترك مصحفي الذي أخذته من في رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله لقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أو تسعة أو ما بينهما وسبعين سورة اهـ نووي.

قال القاضي عياض: هذا الحديث وقع في مسلم مبتورًا على وجه لا يشرح مقصود الحديث وذكره ابن أبي خيثمة من رواية أبي وائل وهو شقيق راويه في مسلم بطريق يُفهم منها معناه قال: لما رأى عثمان حرق المصاحف ما عدا المصحف الذي بعث نسخته إلى الآفاق ووافقه على ذلك الصحابة لما رأوا من أن بقاءها يُدخل اللبس والاختلاف في القرآن ذكر ابن مسعود الغلول وتلا الآية ثم قال: إني غال مصحفي فقال: لأصحابه من استطاع منكم أن يغل مصحفه فليفعل فإن الله يقول: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] على قراءة من تأمروني أن أقرأ، أأقرأ على قراءة زيد؟ لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعًا وسبعين سورة، وزيد له ذؤابتان يلعب مع الصبيان.

قال القرطبي: معنى قوله غلوا مصاحفكم أي اكتموها إلى أن تلقوا الله بها كما يفعل من غل شيئًا فإنه يأتي به يوم القيامة ويحمله وكان هذا رأيًا منه انفرد به عن الصحابة رضي الله عنهم ولم يوافقه أحد منهم عليه فإنه كتم مصحفه ولم يظهره ولم يقدر عثمان ولا غيره عليه أن يظهره، وانتشرت المصاحف التي كتبها عثمان واجتمع عليها الصحابة في الآفاق وقرأ المسلمون عليها وتُرك مصحف عبد الله وخفي إلى أن وُجد في خزائن بني عبيد بمصر عند انقراض دولتهم وابتداء دولة المعز فأمر بإحراقه بها صدر الدين قاضي القضاة على ما سمعناه من بعض مشايخنا فأُحرق.

وقوله: (على قراءة من تأمروني أن أقرأ) إنكار منه على من يأمره بترك قراءته ورجوعه إلى قراءة زيد بن ثابت مع أنه سابق له إلى حفظ القرآن وإلى أخذه عن رسول اللهْ

ص: 642

وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ. وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا اعْلَمُ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيهِ

ــ

صلى الله عليه وسلم فصعُب عليه أن يترك قراءة قرأها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقرأ بما قرأه زيد أو غيره فتمسك بمصحفه وقراءته وخفي عليه الوجه الذي ظهر لجميع الصحابة رضي الله عنهم من المصلحة التي هي من أعظم ما حفظ الله بها القرآن عن الاختلاف المخل به والتغيير بالزيادة والنقصان، وكان من أعظم الأمور على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن الصحابة رضي الله عنهم لما عزموا على كتب المصحف بلغة قريش عينوا لذلك أربعة لم يكن منهم ابن مسعود فكتبوه على لغة قريش ولم يُعرّجوا على ابن مسعود مع أنه أسبقهم لحفظ القرآن ومن أعلمهم به كما شهدوا له بذلك غير أنه رضي الله عنه كان هذليًا كما تقدم وكانت قراءته على لغتهم وبينها وبين لغة قريش تباين عظيم فلذلك لم يدخلوه معهم والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.

قوله: (بضعًا وسبعين) قال المازري: البضع والبضعة من العدد، قال ابن السكيت: هما بفتح الباء وكسرها واختلف مدلولهما، قال الهروي: والعرب تستعملها فيما بين الثلاثة إلى التسعة، وقال قتادة: هما من الثلاثة إلى التسعة والعشرة، وقال أبو عبيد: هما من الواحد إلى الأربعة، وقال الأخفش: من الواحد إلى العشرة، وقال الفزاء: هو ما دون العشرة، وقال ابن عباس: من الثلاث إلى العشرة، قال ابن الأنباري: يقال في عدد المؤنث بضع وفي عدد المذكر بضعة مجرى خمس وخمسة وست وستة، وأما البضعة من اللحم وهي القطعة منه فبفتح الباء لا غير وجمعها بضع، والجميع مشتق من البضع وهو القطع.

ثم قال ابن مسعود: (و) الله (لقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أعلمهم بكتاب الله) تعالى يعني أعلمهم بأسباب نزوله ومواقع أحكامه بدليل الرواية الأخرى ما من كتاب الله سورة إلا وأنا أعلم حيث نزلت وما من آية إلا وأعلم فيما أنزلت، وسبب ذلك ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم ومباطنته إياه سفرًا وحضرًا كما قدمنا، وأما في القراءة فأُبيّ منه بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:"أقرؤكم أُبيّ" والخطاب للصحابة كلهم رواه أحمد [3/ 184](ولو أعلم أن أحدًا أعلم مني لرحلت إليه) قال القاضي عياض: فيه ذكر الرجل حال نفسه ومنزلته من العلم وشبهه من الفضائل

ص: 643

قَال شَقِيقٌ: فَجَلَسْتُ فِي حَلَقِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرُدُّ ذلِكَ عَلَيهِ، وَلَا يَعِيبُهُ

ــ

إذا دعت إلى ذلك ضرورة وليس من مدح الرجل نفسه والإعجاب بها (قال شقيق) بن سلمة بالسند السابق: (فجلست في حلق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومجتمعهم وفيهم ابن مسعود يقول ذلك الكلام (فما سمعت أحدًا) منهم (يرد ذلك) الكلام (عليه) أي على ابن مسعود وينكره (ولا يعيبه) عليه، من عاب الشيء من باب باع إذا عده معيبًا أي عيبًا. قوله:(حلق) بفتح الحاء واللام ويقال: بكسر الحاء وفتح اللام، وقال الحربي: بفتح الحاء وإسكان اللام جمع حلقة كتمر وتمرة اهـ نووي، وقال القرطبي: والحلق بفتح الحاء واللام جمع حلقة بفتحهما على ما حكاه يونس عن أبي عمرو بن العلاء، وقال أبو عمرو الشيباني: ليس في الكلام حلقة بالتحريك إلا في قولهم هؤلاء قوم حلقة للذين يحلقون الشعر جمع حالق، وقال الجوهري: الحلقة للدروع بالسكون وكذلك حلقة الباب وحلقة القوم والجمع الحلق على غير قياس اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في فضائل القرآن باب القراءة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم [5000]، والنسائي في الزينة باب الذؤابة [5063 و 5064].

والحاصل أن سبب قول ابن مسعود (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) أن عثمان رضي الله عنه أمر بكتابة المصاحف على طريقة زيد وأمر بجمع المصاحف كلها وإحراقها إلا ما وافق هذه الطريقة الواحدة وكان ابن مسعود رضي الله عنه خالفه في ذلك وأبي أن يدفع مصحفه إليه بعذر أنه كتبه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم موافقًا لما سمعه منه صلى الله عليه وسلم فزعم أنه أمانة عنده وتغييره إلى الرسم العثماني لا يجوز، ولو أخفى أحد مصحفه عن عثمان رضي الله عنه وهو أمير المؤمنين فإن غايته أن يكون غلولًا وقد قال الله تبارك وتعالى:{وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ومقتضى هذه الآية أن من غل مصحفه أي أخفاه عن الإمام جاء به يوم القيامة ولا ملامة على من يأتي يوم القيامة بمصحفه الذي كتبه بعد السماع من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وقع هذا السبب صريحًا فيما أخرجه أحمد ابن أبي داود من طريق خُمير بن مالك عن ابن مسعود رضي الله عنه ولفظه (لما أمر بالمصاحف أن تُغيّر ساء ذلك عبد الله بن مسعود فقال: من

ص: 644

6178 -

(2446)(199) حدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا قُطْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسلِمٍ، عَنْ مَسرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ. قَال: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيرُهُ، مَا مِنْ كِتَابِ اللهِ سُورَةٌ إلا أَنَا أَعْلَمُ حَيثُ نَزَلَتْ، وَمَا مِنْ آيَةٍ إلا أَنَا أَعْلَمُ فِيمَا أُنْزِلَت. وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا هُوَ أَعْلَمُ بِكِتَابٍ

ــ

استطاع أن يغل مصحفه فليفعل) وفي رواية له: (إني غال مصحفي فمن استطاع أن يغل مصحفه فليفعل) وفي رواية النسائي وأبي عوانة عن شقيق: (خطبنا ابن مسعود على المنبر فقال: ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة غلوا مصاحفكم .. الخ).

قوله: (وعلى قراءة من تأمروني أن أقرأ) وفي رواية النسائي وأبي عوانة: (وكيف تأمرونني أن أقرأ؟ على قراءة زيد بن ثابت وقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله) ولعل ابن مسعود رضي الله عنه زعم أن عثمان رضي الله عنه يريد أن يجمع الناس على قراءة زيد بن ثابت وينسخ القراءات الأخرى ولهذا رد على هذه الفكرة مع أن عثمان رضي الله عنه لم يفعل إلا توحيد الرسم وترتيب السور ولم يمنع أحدًا من قراءة القرآن على ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق صحيح متواتر اهـ من التكملة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث عبد الله الأول بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:

6178 -

(2446)(199)(حدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء (حدثنا يحيى بن آدم) بن سليمان الأموي الكوفي، ثقة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا قطبة) بن عبد العزيز الأسدي الكوفي، صدوق، من (8) روى عنه في (2) بابين هنا وفي التوبة (عن الأعمش عن) أبي الضحى (مسلم) بن صبيح مصغرًا الهمداني الكوفي، ثقة، من (4)(عن مسروق) بن الأجدع بن مالك الهمداني أبي عائشة الكوفي، ثقة مخضرم فقيه، من (2) روى عنه في (11) بابا (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته (قال) عبد الله:(والذي) أي أقسمت بالإله الذي (لا إله إلا غيره من كتاب الله) العظيم وقرآنه الكريم (سورة) من السور (إلا أنا أعلم حيث نزلت) تلك السورة وأي مكان مكي أو مدني أو غيرهما نزلت فيه (وما من آية) من آي القرآن (إلا أنا أعلم فيما) أي في أي سبب (أنزلت) فيه تلك الآية (ولو أعلم أحدًا) من الصحابة (هو أعلم بكتاب

ص: 645

اللهِ مِنِّي، تَبْلُغُهُ الإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيهِ.

6179 -

(2447)(200) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ. قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ،

ــ

الله) تعالى من حيث سببها أو مكانها أو زمانها (تبلغه) أي تبلغ ذلك الأعلم (الإبل) الراحلة أي توصلني إليه الراحلة (لركبت) تلك الراحلة لتوصلني (إليه) لآخذ منه علم القرآن.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في فضائل القرآن باب القراء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم [5002].

وفي هذا الحديث جواز ذكر الإنسان نفسه بالفضيلة والعلم ونحوه للحاجة إليه وأما النهي عن تزكية النفس فإنما هولمن زكاها ومدحها لغير حاجة بل للفخر والإعجاب، وقد كثرت تزكية النفس من الأماثل والأفاضل عند الحاجة كدفع شر عنه بذلك أو تحصيل مصلحة للناس أو ترغيب في أخذ العلم عنه أو نحو ذلك فمن المصلحة قول يوسف عليه السلام {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} ومن دفع الشر قول عثمان رضي الله عنه في وقت حصاره أنه جهز جيش العسرة وحفر بئر رومة، ومن الترغيب قول ابن مسعود هذا اهـ نووي. ومنه أيضًا قول سهل بن سعد: ما بقي أحد أعلم بذلك مني، وقول غيره: على الخبير سقطت وأشباهه، وفيه استحباب الرحلة في طلب العلم والذهاب إلى الفضلاء حيث كانوا، وفيه أن الصحابة لم ينكروا قول ابن مسعود أنه أعلمهم والمراد أعلمهم بكتاب الله كما صرح به فلا يلزم منه أن يكون أعلم من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم بالسنة ولا يلزم من ذلك أيضًا أن يكون أفضل منهم عند الله تعالى فقد يكون واحد أعلم من آخر وذاك أفضل عند الله بزيادة تقواه وخشيته وروعه وزهده وطهارة قلبه وغير ذلك، ولا شك أن الخلفاء الراشدين الأربعة كل واحد منهم أفضل من ابن مسعود رضي الله عنهم اهـ نووي أيضًا.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث ابن مسعود الأول بحديث عبد الله بن عمررو بن العاص رضي الله عنهم فقال:

6179 -

(2447)(200)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير قالا: حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي (حدثنا الأعمش عن شقيق) بن سلمة

ص: 646

عَنْ مَسْرُوقٍ. قَال: كُنَّا نَأْتِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو فَنَتَحَدَّثُ إِلَيهِ -وَقَال ابْنُ نُمَيرٍ: عِنْدَهُ- فَذَكَرْنَا يَوْمًا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ. فَقَال: لَقَدْ ذَكَرْتُمْ رَجُلًا لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ شَيءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ -فَبَدَأَ بِهِ- وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَسَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيفَةَ"

ــ

الأسدي الكوفي (عن مسروق) بن الأجدع الكوفي (قال) مسروق: (كنا) معاشر زملائي (نأتي عبد الله بن عمرو) بن العاص بن وائل بن سهم السهمي المدني رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (فنتحدث إليه) أي عنده (وقال) محمد (بن نمير) في روايته نتحدث (عنده) في أمور الدين والدنيا (فذكرنا يومًا) في مجلس عبد الله بن عمرو (عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه (فقال) عبد الله بن عمرو لمن عنده والله (لقد ذكرتم رجلًا لا أزال) ولا أبرح (أحبه بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ابن مسعود حالة كون النبي صلى الله عليه وسلم (يقول: خذوا القرآن) يا أصحابي وفي رواية: (استقرئوا القرآن) وفي الرواية الآتية (اقرؤوا) أي تعلموا (من أربعة) أنفار، قال النووي: سبب ذلك أن هؤلاء أكثر ضبطًا لألفاظه وأتقن لأدائه وإن كان غيرهم أفقه من معانيه منهم أو لأن هؤلاء الأربعة تفرغوا لأخذه منه صلى الله عليه وسلم مشافهة وغيرهم اقتصروا على أخذ بعضهم من بعض أو لأن هؤلاء تفرغوا لأن يؤخذ منهم أو أنه أراد الإعلام بما يكون بعد وفاته صلى الله عليه وسلم من تقدم هؤلاء الأربعة وتمكنهم منه وأنهم أقعد من غيرهم في ذلك فليؤخذ منهم اهـ منه؛ أي خذوا (من ابن أم عبد) بنت عبد ود الهذلية يعني عبد الله بن مسعود سماه بذلك لشهرته بهذه الكنية (فبدأ به) وهذه الجملة من كلام الراوي (ومعاذ بن جبل) بن أوس الأنصاري الخزرجي (وأُبيّ بن كعب) بن قيس بن عبيد الأنصاري الخزرجي المدني سيد القراء كاتب الوحي (وسالم) بن معقل (مولى أبي حذيفة) بن عتبة بن ربيعة يُكنى سالم أبا عبد الله، وكان من أهل فارس من اصطخر رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

قال القرطبي: وقوله صلى الله عليه وسلم: (خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد فبدأ به) فيه أن البداءة بالشيء تفيد الاهتمام به وترجيح المتقدم علي غيره في غالب الأحيان ولكن ليس فيه دليل على أنه أقرأ من أُبيّ فإنه صلى الله عليه وسلم قد بيّن بالنص

ص: 647

6180 -

(00)(00) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُثمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. قَالُوا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ. قَال: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو. فَذَكَرْنَا حَدِيثًا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ. فَقَال:

ــ

الجلي أن أُبيًّا أقرأ منه ومن غيره فيحتمل أن يقال إن الموجب للابتداء به اختصاصه به وملازمته إياه وحضوره في ذهنه لا أنه أقرأ الأربعة والله تعالى أعلم. وهذا كله بناء على أن المقدم من المعطوفات له مزية على المتأخر وفيه نظر قد تقدم في الطهارة وفي الحج.

وتخصيص هؤلاء الأربعة بالذكر دون غيرهم ممن حفظ القرآن من الصحابة رضي الله عنهم وهم عدد كثير لأن هؤلاء الأربعة هم الذين تفرغوا لإقراء القرآن وتعليمه دون غيرهم ممن اشتغل بغير ذلك من العلوم أو العبادات أو الجهاد أو غير ذلك ويحتمل أن يكون ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم لأنه علم أنهم هم الذين ينتصبون لتعليم الناس القرآن بعده وليؤخذ عنهم فأحال عليهم لما علم من مآل أمرهم كما قد أظهر الموجود من حالهم إذ هم أئمة القراء وإليهم تنتهي في الغالب أسانيد الفضلاء والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري أخرجه في مواضع في كتاب فضائل الصحابة باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة [3758] وباب مناقب ابن مسعود [3759 و 3760] وفي كتاب مناقب الأنصار باب مناقب معاذ بن جبل [3806] وباب مناقب أُبي بن كعب [3808] وفي كتاب فضائل القرآن باب القراء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم [4999] وأخرجه الترمذي في مناقب عبد الله بن مسعود [3810].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما فقال:

6180 -

(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد وزهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة قالوا: حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي، ثقة، من (8) (عن الأعمش عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي (عن مسروق) بن الأجدع (قال) مسروق:(كنا عند عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة جرير بن عبد الحميد لوكيع بن الجراح (فذكرنا) معاشر المجتمعين عنده (حديثًا) يبحث (عن) مآثر (عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه (فقال) عبد الله بن

ص: 648

إِنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ شَيءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ. سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "اقْرَؤُا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ -فَبَدَأَ بِهِ- وَمِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمِنْ سَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيفَةَ، وَمِنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ".

وَحَرْفٌ لَمْ يَذْكُرْهُ زُهَيرٌ. قَوْلُهُ: يَقُولُهُ

ــ

عمرو: (إن ذاك الرجل) الذي ذكرتم مآثره (لا أزال أحبه بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله) أي يقول ذلك الشيء النبي صلى الله عليه وسلم في خصاله الحميدة ثم بيّن ذلك الشيء المقول فيه بقوله: (سمعته) صلى الله عليه وسلم (يقول: اقرءوا القرآن) أي خذوه (من أربعة نفر) أي أنفار، خذوه (من ابن أم عبد) يعني عبد الله بن مسعود (فبدأ به) أي بعبد الله بن مسعود في عدّته الأربعة (و) خذوه (من أُبيّ بن كعب) الأنصاري الخزرجي (و) خذوه (من سالم مولى أبي حذيفة) وكان من فضلاء الموالي ومن خيار الصحابة وكبرائهم وهو معدود في المهاجرين لأنه لما أعتقته مولاته زوج أبي حذيفة وهي عمرة بنت يعار وقيل سلمى وقيل غير ذلك تولى أبا حذيفة فتبناه أبو حذيفة وهو أيضًا معدود في الأنصار لعتق مولاته المذكورة له وهي أنصارية وهو معدود في القراء قيل إنه هاجر مع عمر بن الخطاب ونفر من الصحابة من مكة رضي الله عنهم فكان يؤمهم لأنه كان أكثرهم قرآنًا وكان يؤم المهاجرين بقباء فيهم عمر بن الخطاب شهد سالم بدرًا وقُتل يوم اليمامة ومولاه أبو حذيفة فوُجد رأس أحدهما عند رجل الآخر وذلك سنة اثنتي عشرة اهـ من المفهم (و) خذوه (من معاذ بن جبل) الأنصاري، وقوله:(وحرف) خبر مقدم، وجملة (لم يذكره زهير) صفة لحرف ولفظة (قوله) مبتدأ مؤخر ولفظة (يقوله) مقول للمبتدأ والمعنى وقوله أي قول الراوي يقوله حرف لم يذكره زهير في روايته وإنما ذكره قتيبة وعثمان.

ومعاذ المذكور هو معاذ بن جبل بن أوس الأنصاري الخزرجي يكنى أبا عبد الرحمن قيل بولد كان له كبر إلى أن قاتل مع أبيه في اليرموك، ومات بالطاعون قبل أبيه بأيام على ما ذكر محمد بن عبد الله الأزدي البصري في (فتوح الشام) وغيره، وقال الواقدي: إنه لم يُولد لمعاذ قط وقاله المدائني أسلم معاذ وهو ابن ثماني عشرة سنة وشهد العقبة مع السبعين وشهد بدرًا وجميع المشاهد وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمل من أعمال اليمن وخرج معه النبي صلى الله عليه وسلم مودِّعًا ماشيًا

ص: 649

6181 -

(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوَيةَ، عَنِ الأَعْمَشِ. بِإسْنَادِ جَرِيرٍ وَوَكِيعٍ، فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاويَةَ، قَدَّمَ مُعَاذًا قَبْلَ أُبَيٍّ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيبٍ: أُبَيٌّ قَبْلَ مُعَاذٍ.

6182 -

(00)(00) حدَّثنا ابْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا

ــ

ومعاذ راكبًا منعه من أن ينزل، وقال فيه صلى الله عليه وسلم:"أعلمكم بالحلال والحرام معاذ" وقال: "إنه يسبق العلماء يوم القيامة رتوة بحجر" الرتوة الرمية، وقال فيه ابن مسعود: إنه كان أمة قانتًا لله، وقال: والأمة هو الذي يُعلّم الناس الخير، والقانت هو المطيع لله عز وجل وكان عابدًا مجتهدًا ورعًا محققًا كان له امرأتان فإذا كان يوم إحداهما لم يشرب من بيت الأخرى وماتتا بالطاعون في وقت واحد فحفر لهما حفرة فأسهم بينهما أيتهما يُقدّم في القبر، وكان مجاب الدعوة، ولما كان طاعون عمواس، وعمواس قرية من قرى الشام وكأنها إنما نُسب الطاعون إليها لأنه أول ما نزل فيها فقال بعض الناس: هذا عذاب فبلغ ذلك معاذًا فأنكر ذلك وخطب فقال: أيها الناس إن هذا الوجع رحمة بكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم اللهم آت آل معاذ من هذه الرحمة النصيب الأوفى، فما أمسى حتى طُعن ابنه عبد الرحمن وماتت زوجتاه ثم طُعن من الغد من دفن ولده فاشتد وجعه فمات منه وذلك في سنة سبع عشرة وقيل سنة ثماني عشرة وسنه ثمان وثلاثون مشة، وقيل ثلاث وثلاثون سنة، رُوي عنه من الحديث مائة حديث وسبعة وخمسون حديثًا أخرج له منها في الصحيحين ستة أحاديث والله أعلم اهـ من المفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما فقال:

6181 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش بإسناد جرير ووكيع) يعني عن شقيق عن مسروق عن عبد الله بن عمرو لكن (في رواية أبي بكر عن أبي معاوية قدّم معاذًا قبل أُبيّ) بن كعب (وفي رواية أبي كريب أُبيّ) ذكر (قبل معاذ).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه ثالثًا فقال:

6182 -

(00)(00)(حدثنا ابن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا) محمد بن إبراهيم

ص: 650

ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ. ح وحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ)، كِلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ. بِإِسْنَادِهِمْ. وَاختَلَفَا عَنْ شُعْبَةَ فِي تَنْسِيقِ الأَرْبَعَةِ.

6183 -

(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَال: ذَكَرُوا ابْنَ مَسْعُودٍ عِبْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو. فَقَال: ذَاكَ رَجُلٌ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ. بَعْدَمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيفَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ"

ــ

(بن أبي عدي) وقيل: هو إبراهيم السلمي البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (7) أبواب (ح وحدثني بشر بن خالد) الفرائضي أبو محمد البصري، ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (أخبرنا محمد يعني ابن جعفر) الهذلي البصري (كلاهما) أي كل من ابن أبي عدي ومحمد بن جعفر رويا (عن شعبة عن الأعمش بإسنادهم) أي بإسناد جرير ووكيع وأبي معاوية (و) لكن (اختلفا) أي اختلف ابن أبي عدي ومحمد بن جعفر في روايتهما (عن شعبة في تنسيق) أي في ترتيب سوق القراء (الأربعة) يعني ابن مسعود وأُبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما فقال:

6183 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة) بن عبد الله بن طارق الهمداني المرادي الكوفي، ثقة، من (5) روى عنه في (13) بابا (عن إبراهيم) بن يزيد النخعي الكوفي (عن مسروق قال) مسروق:(ذكروا) أي ذكر الحاضرون عند عبد الله بن عمرو (ابن مسعود) أي ذكروا فيما بينهم خصاله الحميدة (عند عبد الله بن عمرو، فقال) عبد الله بن عمرو: (ذاك) الصحابي الذي أثنيتم عليه (لا أزال أحبه بعدما سمعت من رسول الله قال الله عليه وسلم يقول) أي قوله صلى الله عليه وسلم فيه، ولو أسقط من لكان المعنى أوضح ولا يحتاج إلى تأويل القول، ويحتمل كونها زائدة (استقرؤوا القرآن من أربعة) أنفار (من ابن مسعود وسالم) بن معقل (مولى أبي حذيفة وأُبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل) وهذا السند من

ص: 651

6184 -

(00)(00) حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَزَادَ: قَال شُعْبَةُ: بَدَأَ بِهَذَينِ، لَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا بَدَأَ

ــ

سباعياته، غرضه بيان متابعة إبراهيم النخعي لشقيق أبي وائل.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا فقال:

6184 -

(00)(00)(حدثنا عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ (حدثنا شعبة بهذا الإسناد) يعني عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن مسروق عن عبد الله بن عمرو، غرضه بيان متابعة معاذ بن معاذ لمحمد بن جعفر (و) لكن (زاد) معاذ بن معاذ لفظة (قال) لنا شعبة:(بدأ) شيخي عمرو بن مرة (بهدين) أي بابن مسعود وسالم ولكن (لا أدري) ولا أعلم (بأيهما) أي بأي هذين (بدأ) به عمرو بن مرة هل بدأ بابن مسعود أم سالم والله أعلم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث ثمانية: الأول: حديث أنس ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والثالث: حديث عبد الله بن مسعود ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة، والرابع: حديث أبي موسى الأشعري ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والخامس: حديث أبي موسى وأبي مسعود الأنصاري ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والسادس: حديث عبد الله بن مسعود ذكره للاستشهاد، والسابع: حديث ابن مسعود أيضًا ذكره للاستشهاد، والثامن: حديث عبد الله بن عمرو ذكره للاستشهاد وذكر فيه خمس متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 652